قائمة

تخطى إلى المحتوى

مولفات سماحة مرج​ع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4

جلد

4

قائمة

قائمة

الصفحة الرئيسية مكتبة تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 صفحة 5

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 401)


البلد من ناحية المسافر.

[مسألة 63:يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان ذلك البلد و لو منارة غير خارجة عن المتعارف في العلوّ]

[2294]مسألة 63:يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان ذلك البلد و لو منارة غير خارجة عن المتعارف في العلوّ.

[مسألة 64:المدار في عين الرائي و أذن السامع على المتوسط في الرؤية و السماع في الهواء الخالي عن الغبار و الريح و نحوهما]

[2295]مسألة 64:المدار في عين الرائي و أذن السامع على المتوسط في الرؤية و السماع(1)في الهواء الخالي عن الغبار و الريح و نحوهما من الموانع عن الرؤية أو السماع،فغير المتوسط يرجع إليه،كما أن الصوت الخارق في العلوّ يردّ إلى المعتاد المتوسط.

[مسألة 65:الأقوى عدم اختصاص اعتبار حد الترخص بالوطن]

[2296]مسألة 65:الأقوى عدم اختصاص اعتبار حد الترخص بالوطن فيجري في محل الاقامة أيضا(2)،بل و في المكان الذي بقي فيه ثلاثين
تقدم ان المعيار انما هو بأدنى فرد المتوسط و المتعارف دون الجامع بين أفراده لأن التحديد بالجامع لا يمكن باعتبار أنه تحديد بين الأقل و الأكثر، و على هذا فالروايات التي تؤكد على ذلك روايات مجملة في مرحلة التطبيق فمن أجل ذلك لا معارضة بينهما لاحتمال تساوي حصة كل من العنوانين مع حصة الآخر في الصدق،و لا فرق فيه بين كون الفرد الأدنى من المتوسط و المتعارف عنوانا مشيرا إلى موضوع الحكم في الواقع أو دخيلا فيه.

في الجريان إشكال بل منع،و الأظهر ان حكم القصر يبدأ على المسافر من حين خروجه عن محل الاقامة أو من البلد الذي بقي فيه ثلاثين يوما مترددا فلا يعتبر فيه ما يعتبر في خروج الانسان من وطنه فإن حكم القصر فيه يتأخر إلى أن يصل المسافر إلى حد الترخص.

و الوجه فيه هو أن الروايات التي تنص على هذا الحكم فلا إطلاق لها لأن عمدتها روايتان:

احداهما:صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة فإنه قد يدعى أنها مطلقة على

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 402)


……….

أساس أنه قد افترض فيها ان الرجل يريد السفر من دون تقييد ذلك بالسفر من وطنه أو محل اقامته أو من البلد الذي مكث فيه مترددا ثلاثين يوما.

و الجواب:انه لا اطلاق لها باعتبار أنها ليست في مقام البيان من هذه الناحية و إنما هي في مقام بيان ان حكم التقصير يتأخر قليلا عن وقت خروج المسافر من البلد،و أما كون البلد أعم من محل الاقامة و المكث فيه مترددا ثلاثين يوما فلا نظر لها فيه فإذن يؤخذ بالقدر المتيقن و هو خروجه من الوطن و ارادة الأعم غير معلومة،هذا اضافة إلى أن السؤال فيها عن الرجل يريد السفر و هو لا ينطبق الاّ على الرجل المتواجد في وطنه باعتبار أنه ما دام متواجدا فيه لا يكون مسافرا و إنما يصير مسافرا بخروجه من وطنه،و من المعلوم أن هذا السؤال لا ينطبق على الشخص المتواجد في مكان إقامته أو في المكان الذي مكث فيه ثلاثين يوما مترددا باعتبار أنه مسافر فيه.

و الأخرى:قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان:«إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتم،و إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه الأذان فقصر …». 1

بتقريب ان الموضع مطلق يشمل بلد الاقامة و بلد المكث ثلاثين يوما مترددا و قد تقدم ان قصد الاقامة قاطع لحكم السفر لا لموضوعه،و ما ورد في بعض الروايات من تنزيل المقيم في بلد بمنزلة أهله ناظر إلى التنزيل الحكمي دون الموضوعي.

و الجواب:ان الصحيحة ليست في مقام البيان من هذه الجهة و إنما هي في مقام بيان حكم التقصير و إنه يتأخر قليلا إلى موضع لا يسمع المسافر أذان البلد، و لا نظر لها إلى أن ذلك الموضع يعم بلد الاقامة و بلد المكث ثلاثين يوما مترددا.


 

1) <page number=”402″ />الوسائل ج 8 باب:6 من أبواب صلاة المسافر الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 403)


يوما مترددا،و كما لا فرق في الوطن بين ابتداء السفر و العود عنه في اعتبار حد الترخص(1)كذلك في محل الاقامة(2)،فلو وصل في سفره إلى حد الترخص من مكان عزم على الاقامة فيه ينقطع حكم السفر و يجب عليه أن يتم،و إن كان الأحوط التأخير إلى الوصول إلى المنزل كما في الوطن،نعم لا يعتبر حد الترخص في غير الثلاثة كما إذا ذهب لطلب الغريم أو الآبق بدون قصد المسافة ثم في الأثناء قصدها فإنه يكفي فيه الضرب في الأرض.

[مسألة 66:إذا شك في البلوغ إلى حد الترخص بنى على عدمه]

[2297]مسألة 66:إذا شك في البلوغ إلى حد الترخص بنى على عدمه فيبقى على التمام في الذهاب و على القصر في الاياب(3).

فمن أجل ذلك يؤخذ بالمقدار المتيقن منه و هو الوطن.هذا إضافة إلى أن ذيلها قرينة على ذلك فإنه ظاهر في القدوم إلى الوطن.

فالنتيجة:ان الأظهر هو اختصاص حد الترخص بالوطن دون بلد الاقامة و بلد المكث ثلاثين يوما مترددا،و عليه فيجب على المقيم أو المتردد ثلاثين يوما القصر إذا خرج عن بلد الاقامة أو التردد و بدأ بقطع المسافة و لو بخطوة واحدة.

تقدم ان الأظهر عدم اعتبار حد الترخص في العود عن السفر.

بل الأمر ليس كذلك إذ لا دليل على اعتبار حد الترخص في الرجوع إلى محل الاقامة،و أما ذيل صحيحة عبد اللّه بن سنان فهو ظاهر في الرجوع إلى الوطن،هذا مضافا إلى ما مر من ان الأظهر عدم اعتباره مطلقا حتى في الرجوع إلى الوطن.

في إطلاقه إشكال بل منع،و الصحيح هو التفصيل بين ما إذا اتفق ذلك في الوقت أو اتفق في خارجه.

أما في الفرض الأول،فلا يمكن البقاء على التمام في الذهاب و على القصر

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 404)


……….

في الاياب للعلم الإجمالي ببطلان إحدى الصلاتين فإن النقطة التي صلى المسافر فيها تماما في الذهاب و قصرا في الاياب بمقتضى استصحاب بقاء التمام في الأول و القصر في الثاني إن كانت حد الترخص في الواقع فصلاته تماما فيها باطلة،و إن كانت دونه فصلاته قصرا باطلة.

مثال ذلك:نجفي سافر إلى بلد و وصل أول الظهر في نقطة شك في أنها حد الترخص أو لا و صلى الظهر فيها تماما بمقتضى الاستصحاب و واصل سفره ثم في الرجوع حينما وصل إلى هذه النقطة صلى العصر فيها قصرا بمقتضى الاستصحاب،ثم تفطن بالحال و علم إجمالا ببطلان إحدى الصلاتين في الواقع على أساس إن تلك النقطة إن كانت حد الترخص فالظهر باطل،و إن كانت دونه فالعصر باطل،و يتولد من هذا العلم الإجمالي العلم التفصيلي ببطلان صلاة العصر أما بنفسها كما إذا كانت تلك النقطة دون حد الترخص،أو من جهة فوت الترتيب المعتبر بينها و بين صلاة الظهر إذا كانت تلك النقطة حد الترخص فإن أعاد في نفس تلك النقطة وجب أن يعيد الظهر قصرا ثم العصر مرة قصرا و أخرى تماما تطبيقا لقاعدة الاشتغال و إن أعاد فيما دون حد الترخص أو في بلدته وجب أن يعيد الظهر تماما ثم العصر كذلك تطبيقا لما تقدم.

و إن كان يتفطن بالحال من الأول و يعلم بأنه يبتلى بنفس هذا الشك بالاياب أيضا لم يجر شيء من الاستصحابين على أساس استلزام جريانهما مخالفة قطعية عملية فيسقطان معا،و قد ذكرنا في علم الأصول أنه لا فرق في تنجيز العلم الإجمالي بين الأمور الدفعية و التدريجية،و عليه فلا يجوز له أن يصلي في النقطة المشكوك كونها حد الترخص لا بالذهاب و لا بالاياب الاّ أن يجمع بين القصر و التمام فيها في كل من الذهاب و الاياب فعندئذ يعلم بالفراغ و الاّ فلا بد من الاعادة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 405)


[مسألة 67:إذا كان في السفينة أو العربة فشرع في الصلاة قبل حد الترخص بنية التمام ثم في الأثناء وصل إليه]

[2298]مسألة 67:إذا كان في السفينة أو العربة فشرع في الصلاة قبل حد الترخص بنية التمام ثم في الأثناء وصل إليه فإن كان قبل الدخول في قيام الركعة الثالثة أتمها قصرا و صحت،بل و كذا إذا دخل فيه قبل الدخول في الركوع،و إن كان بعده فيحتمل وجوب الاتمام لأن الصلاة على ما افتتحت، لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالإعادة(1)قصرا أيضا،و إذا شرع في
تطبيقا لقاعدة الاشتغال و إن كان حين الذهاب غافلا و صلى في النقطة المشكوكة تماما ثم بالاياب تفطن بالحال و علم إجمالا،و حينئذ فإن أراد أن يصلي في نفس تلك النقطة وجب عليه أن يعيد الظهر فيها قصرا ثم يأتي بالعصر مرة قصرا و أخرى تماما،و إن أراد أن يصلي دون حد الترخص وجب عليه أن يعيد الظهر تماما ثم يأتي بالعصر كذلك.

و أما في الفرض الثاني:و هو ما إذا تفطن بالحال بعد خروج الوقت كما إذا رجع عن السفر في اليوم الثاني و وصل إلى تلك النقطة و صلى فيها قصرا ثم تفطن بالحال و علم إجمالا إما ببطلان صلاته في الأمس أو في هذا اليوم و لكن لا أثر لهذا العلم الإجمالي فإن أحد طرفيه و هو وجوب القضاء مورد لأصالة البراءة،و الطرف الآخر و هو وجوب الاعادة في الوقت مورد لأصالة الاشتغال،و بذلك ينحل العلم الإجمالي،هذا على المشهور من اعتبار حد الترخص في الرجوع إلى الوطن.

و أما بناء على ما قويناه من عدم اعتبار حد الترخص في الرجوع إليه و أن وظيفته القصر ما لم يدخل فيه فلا يلزم محذور العلم الإجمالي إذا صلى قصرا في نفس النقطة التي صلى فيها تماما في الذهاب،و بذلك يظهر الحال في المسائل الآتية.

بل هي الأقوى،فإن المصلي إذا وصل إلى حد الترخص بعد دخوله في ركوع الركعة الثالثة فليس بإمكانه إتمامها تامة الاّ تشريعا،كما انه ليس بامكانه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 406)


الصلاة في حال العود قبل الوصول إلى الحد بنية القصر ثم في الأثناء وصل إليه أتمها تماما و صحت،و الأحوط-في وجه-إتمامها قصرا ثم إعادتها تماما(1).

[مسألة 68:إذا اعتقد الوصول إلى الحد فصلّى قصرا ثم بان أنه لم يصل إليه وجبت الاعادة أو القضاء تماما]

[2299]مسألة 68:إذا اعتقد الوصول إلى الحد فصلّى قصرا ثم بان أنه لم يصل إليه وجبت الاعادة أو القضاء تماما(2)،و كذا في العود إذا صلى تماما
إتمامها قصرا لزيادة الركوع،فإذن لا بد من الاعادة،نعم إذا وصل إلى حد الترخص قبل الدخول فيه أتمها قصرا لأنه مأمور فعلا بالقصر،و لا تضر نية التمام من الأول باعتبار أن عنواني القصر و التمام ليسا من العناوين المقومة للمأمور به كعنوان الظهر و العصر و المغرب و العشاء و الصبح و ما شاكل ذلك،فإذا نوى التمام من الأول باعتبار أنه قبل حد الترخص و بعد الوصول إلى التشهد أو قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة بلغ حد الترخص كان مأمورا حينئذ باتمامها قصرا يعني بالتسليم بعده إذ لا فرق بين القصر و التمام إلاّ في أن التسليم في الأول بعد الثانية و في الثاني بعد الرابعة.

و أما إذا كان بعد الدخول في ركوعها فلا بد من الاعادة،و لا يكون المقام مشمولا للروايات التي تنص على أن الصلاة على ما افتتحت،فإن موردها ما إذا نوى صلاة الصبح-مثلا-و في الأثناء غفل و نوى نافلة الصبح بقاء و أتمها نافلة فإنها تقع فريضة الصبح على أساس أن الصلاة على ما افتتحت.

و فيه:ان مقتضى الاحتياط اتمامها تامة ثم اعادتها كذلك لا إتمامها قصرا،فإنه لا يمكن الاّ تشريعا لفرض انه وصل إلى حد الترخص،فعلى المشهور يكون مأمورا بالتمام دون القصر،هذا إضافة إلى أن اتمامها تامة بما انه صحيح فلا يجوز قطعه في الاثناء لأنه من قطع الفريضة و هو غير جائز لدى الماتن قدّس سرّه.

هذا فيما إذا كان انكشاف الحال في الوقت و قبل الوصول إلى حد

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 407)


باعتقاد الوصول فبان عدمه وجبت الاعادة أو القضاء قصرا(1)،و في عكس الصورتين بأن اعتقد عدم الوصول فبان الخلاف ينعكس الحكم فيجب الاعادة قصرا في الاولى و تماما في الثانية.

[مسألة 69:إذا سافر من وطنه و جاز عن حد الترخص ثم في أثناء الطريق وصل إلى ما دونه]

[2300]مسألة 69:إذا سافر من وطنه و جاز عن حد الترخص ثم في أثناء الطريق وصل إلى ما دونه إما لاعوجاج الطريق أو لأمر آخر كما إذا رجع لقضاء حاجة أو نحو ذلك فما دام هناك يجب عليه التمام،و إذا جاز عنه بعد ذلك وجب عليه القصر إذا كان الباقي مسافة(2)،و أما إذا سافر من محل
الترخص،فإنه إذا أراد إعادتها في هذا المكان لا بد من التمام،و إذا كان الانكشاف في ذلك المكان بعد خروج الوقت وجب عليه قضاؤها تماما،و أما إذا انكشف الخلاف بعد الوصول إلى حدّ الترخص أو قبله و لم يعد إلى أن بلغ الحدّ فحينئذ إن كان الوقت باقيا وجبت الاعادة قصرا،و إن خرج الوقت بعد البلوغ وجب القضاء قصرا،و لكن لا يبعد أن يكون مراد الماتن قدّس سرّه من المسألة هو الفرض الأول دون الثاني بقرينة أن وجوب الاعادة أو القضاء في الفرض الثاني قصرا أمر واضح غير خفي،و بذلك يظهر حال ما بعده من الصورتين.

في وجوب القضاء في هذه الصورة إشكال بل منع لما مر،و سيأتي في ضمن المسائل الآتية أن من صلى تماما في موضع القصر جاهلا بالموضوع فإن انكشف الحال في الوقت أعاد و الاّ فلا قضاء بمقتضى اطلاق صحيحة العيص بن القاسم.

في التقييد إشكال بل منع و لا سيما إذا كان الوصول إلى ما دون حد الترخص من جهة اعوجاج الطريق كما قد يتفق ذلك في الطرق الجبلية،مثل ما إذا كانت هناك قرية في قمة جبل و قرية أخرى في سفحه و كان الطريق من الثانية إلى الأولى يتطلب الدوران حول الجبل عدة مرات،و حينئذ فإذا سافر شخص من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 408)


……….

الثانية إلى الأولى خرج منها و ابتعد إلى أن يصل إلى الطرف الآخر من الجبل ثم يرجع إلى الطرف الأول و وصل إلى موضع يكون دون حد الترخص بالنسبة إلى قريته و هكذا إلى أن يصل إلى قرية أخرى في قمة الجبل فإن هذا الطريق إذا كان بقدر المسافة الشرعية كان قطعه يوجب القصر مع أنه في أثناء الطريق يصل إلى ما دون حد الترخص باعتبار أن الوصول إلى ما دون الحد ليس من أحد قواطع السفر كقصد الاقامة في مكان،فإن المقيم إذا سافر من بلدة إقامته إلى بلدة أخرى إذا كان بقدر المسافة المحددة يقصر و الاّ يبقى على التمام،و هذا بخلاف ما دون حد الترخص من الطريق فإنه ليس من أحد القواطع و يحسب من المسافة،و قد مر أن المسافة الشرعية تحسب من آخر بيوت البلد غاية الأمر ان المسافر ما دام لم يصل إلى حد الترخص في الذهاب فوظيفته التمام،بل الأمر كذلك إذا كان الوصول إلى ما دون الحد من أجل غاية أخرى،كما إذا كان هناك طريقان إلى المقصد أحدهما يكون بخط مباشر،و الآخر بخط معوج.

مثال ذلك:نجفي أراد السفر إلى كربلاء فخرج من طريق الكوفة فإذا وصل إليها عرضت عليه حاجة فاضطر إلى أن يقطع المسافة إلى كربلاء من طريق ينتهى إلى حدود النجف و هي دون حد الترخص فبدأ في قطعها من هذا الطريق لقضاء حاجة له و واصل قطعها إلى أن يصل إلى كربلاء،فإن المسافة تحسب من مبدأ سفره و هو الخروج من النجف الأشرف و الابتعاد عنه باعتبار أن المجموع يعد سفرة واحدة و قد نواها من البداية إلى النهاية،نعم إذا رجع من الكوفة إلى ما دون حد الترخص للنجف لقضاء حاجة له ثم عاد إليها و واصل منها سفره إلى كربلاء لا يحسب مقدار الذهاب من الكوفة إلى ما دون الحد و الاياب إليها من المسافة المحددة باعتبار أن طي هذا المقدار من المسافة ذهابا و إيابا لا ينوي منها.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 409)


الاقامة و جاز عن الحد ثم وصل إلى ما دونه أو رجع في الأثناء لقضاء حاجة بقي على التقصير،و إذا صلى في الصورة الاولى بعد الخروج عن حد الترخص قصرا ثم وصل إلى ما دونه فإن كان بعد بلوغ المسافة فلا إشكال في صحة صلاته،و أما إن كان قبل ذلك فالأحوط وجوب الإعادة(1)،و إن كان يحتمل الاجزاء إلحاقا له بما لو صلى ثم بدا له في السفر قبل بلوغ المسافة.

[مسألة 70:في المسافة الدورية حول البلد دون حد الترخص في تمام الدور أو بعضه مما لم يكن الباقي قبله أو بعده مسافة يتم الصلاة]

[2301]مسألة 70:في المسافة الدورية حول البلد دون حد الترخص في تمام الدور أو بعضه مما لم يكن الباقي قبله أو بعده مسافة يتم الصلاة(2).

فالنتيجة:ان مقتضى إطلاق الروايات التي تنص على وجوب القصر على من طوى المسافة المحددة شرعا و هي ثمانية فراسخ عدم الفرق بين أن يكون طيها أفقيا كالماشي راجلا أو راكب الدابة أو السيارة أو نحوها،أو عموديا كراكب الطائرة.

و على كلا التقديرين لا فرق بين أن يكون طي المسافة بخط مستقيم أو بشكل دائري و على الأول لا فرق بين أن يكون السير على خط مستقيم معتدل أو يكون على خطوط منكسرة غير معتدلة سواء أ كان على نحو السير في أطراف الجبل إلى أن يصل إلى القمة أم كان من أجل الصخور و المياه الموجبة لاضطرار المسافر إلى السير في خطوط معوجة و منكسرة.

لكن الأقوى عدم وجوبها لما مر من أن حد الترخص إنما هو معتبر في الخروج من الوطن لا في الخروج عن محل الاقامة و محل المكث ثلاثين يوما مترددا،فإذا سافر المقيم عن محل إقامته أو محل مكثه ثلاثين يوما مترددا و بدأ بقطع المسافة و لو بخطوة واحدة فعليه أن يقصر.

فيه إشكال بل منع،فإن المسافة الشرعية تحسب من آخر بيوت البلد

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 410)


……….

لا من حد الترخص،و على هذا فإن بلغ مجموع ما كان دون الحد و ما بعده بقدر المسافة الشرعية كفى في وجوب القصر و إن وصل إلى حد الترخص في أثناء المسافة باعتبار أن الوصول إلى حد الترخص لا يكون قاطعا للسفر و ليس المرور عليه كالمرور على الوطن.

فالنتيجة:ان المسافة الدورية إذا كان ما دون حد الترخص منها مع ما بعده بقدر المسافة المحددة شرعا كفى و لا يعتبر أن يكون ما بعد الحد وحده بقدر المسافة،و لكن كل ذلك شريطة صدق السفر العرفي.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 411)


[فصل في قواطع السفر موضوعا أو حكما]

فصل في قواطع السفر موضوعا أو حكما و هي أمور:

[أحدها:الوطن]

أحدها:الوطن،فإن المرور عليه قاطع للسفر و موجب للتمام ما دام فيه أو فيما دون حد الترخص منه،و يحتاج في العود إلى القصر بعده إلى قصد مسافة جديدة و لو ملفقة مع التجاوز عن حد الترخص،و المراد به المكان الذي اتخذه مسكنا و مقرا له دائما(1)بلدا كان أو قرية أو غيرهما،
في اعتبار الدوام إشكال بل منع،و الظاهر عدم اعتباره لأن المكان الذي هو مأوى الانسان و منزله على وجه الكرة الأرضية على أنواع.

الأول:المكان الذي هو وطنه و مسقط رأسه و عائلته تاريخيا أي عن أب وجد سواء أ كان ذلك المكان في بلدة أم قرية و ينسب إليه عرفا و إن كان ساكنا فعلا في بلدة أو قرية أخرى،فإنه ما دام يحتمل العود إليه في وقت ما و لم يبن على عدم العود مدى الحياة يعتبر ذلك المكان وطنا له شرعا و عرفا،و حكمه فيه أن يصلي الظهرين و العشاء تماما،و إذا وصل من السفر إليه انتهى سفره،و إذا خرج منه فهو سفر جديد فإن كان بقدر المسافة وجب القصر و الاّ فالتمام،و إذا مر عليه أثناء السفر ينقطع سفره،و حينئذ فإن كان الباقي مسافة قصر و الا أتم،فكون المرور على الوطن من القواطع لا يحتاج إلى دليل،هذا مضافا إلى الروايات الكثيرة التي تؤكد على ذلك بمختلف الألسنة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 412)


……….

الثاني:المكان الذي يتخذه وطنا له مدى الحياة كالمهاجر من بلدة إلى أخرى و يتخذ الثانية منزلا و وطنا له دائما و مدى الحياة و يبنى على عدم العود إلى البلدة الأولى و إن كانت وطنه التاريخي و مسقط رأسه،كما إذا كان بغداد وطنه الأصلي و لكن قرر الهجرة إلى النجف الأشرف و البقاء مدى الحياة فيه مجاورا لمرقد أمير المؤمنين عليه السّلام فان النجف يعتبر وطنا له فحكمه فيه التمام،و إذا وصل إليه من السفر انتهى سفره،و إذا مر عليه أثناء السفر انقطع سفره،و حينئذ فإن كان الباقي مسافة قصّر و الاّ فأتم.

الثالث:المكان الذي يتخذه مقرا و منزلا له مدة مؤقتة لا دائما على نحو لا يعتبر تواجده فيه سفرا كالطلاب المهاجرين من البلدان الأخرى إلى النجف الأشرف من أجل الدراسة،فإنهم يقررون البقاء فيه مدة طويلة نسبيا كأربع سنوات أو خمس أو أكثر فإن النجف حينئذ يعتبر بمثابة الوطن لهم و حكمهم التمام فيه، و إذا وصلوا إليه من السفر انتهى سفرهم،و إذا مروا عليه أثناء السفر انقطع سفرهم.

هذا إضافة إلى أن روايات الباب تشمل ذلك باطلاقها على أساس أن الوارد في لسان جملة منها عنوان المنزل الذي يستوطنه أو يسكنه و هذا العنوان ينطبق عليهم،و من هذا القبيل الطالب الجامعي الذي يتخذ بغداد-مثلا-مقرا له مدة مؤقتة طويلة كأربع سنوات أو أكثر من أجل اكمال دراسته،فإن بغداد تعتبر بمثابة الوطن له و حكمه فيه التمام،و إذا مر عليه أثناء السفر انقطع سفره.

الرابع:من كان بيته معه كأهل البادية فإنه ينتقل من مكان إلى آخر و يسكن فيه بقدر ما تفرض عليه متطلبات حياته اليومية و اشباعها فيه ثم ينتقل إلى مكان آخر و هكذا فهو ممن لا وطن له بالمعنى المتقدم من المعاني الثلاثة و لكن ليس بمسافر أيضا،بل هو في كل مكان يسكن فيه على أساس تحكم ظروفه الوقتية،

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 413)


سواء كان مسكنا لأبيه و أمه و مسقط رأسه أو غيره مما استجدّه،و لا يعتبر فيه بعد الاتخاذ المزبور حصول ملك له فيه،نعم يعتبر فيه الاقامة فيه بمقدار يصدق عليه عرفا أنه وطنه،و الظاهر أن الصدق المذكور يختلف بحسب الأشخاص و الخصوصيات،فربما يصدق بالاقامة فيه بعد القصد المزبور
فهذا المكان بمثابة وطن له،و نظير ذلك من أعرض عن بلدته الأصلية و لم يتخذ وطنا جديدا لسكناه مدى الحياة أو سنين عديدة،كما إذا فرضنا أن وظيفته في كل بلدة لا تتطلب أكثر من السكنى فيها سنة أو أقل كالموظف الحكومي الذي إذا افترض أنه قد أعرض عن السكنى في وطنه الأصلي مدى الحياة و لم يتخذ وطنا جديدا أيضا فيتبع وظيفته فهو بحكم وظيفته ينتقل من بلد إلى آخر و لم يقرر أي بلد وطنا له على أساس أنه يعلم بأن وظيفته تفرض عليه الانتقال إلى بلد آخر من جهة أنها لا تدوم أكثر من سنة فلا يستطيع أن يتحكم في ظروفه،فمن أجل ذلك يعتبر البلد الذي فيه بيته و سكناه بمثابة وطن له فلا يعتبر فيه مسافرا.

و هذه هي أنواع الوطن و أقسامه و تشترك هذه الانواع في الأحكام التالية:

أولا:حكم المتواجد فيها التمام و الصيام.

ثانيا:انتهاء السفر بالوصول إليها حقيقة.

ثالثا:انقطاع السفر موضوعا بالمرور عليها.

و لا فرق في ثبوت هذه الأحكام و ترتبها على المتواجد فيها بين أن يكون له ملك فيها من دار أو عقار أو بستان أو لا،لأن الملك غير دخيل فيما هو ملاك صدق الوطن و المنزل.

فالنتيجة:ان التواجد في الوطن بأحد هذه الأنحاء يوجب الحكم بالتمام، فإذا سافر و خرج منه و وصل إلى حدّ الترخص وجب القصر شريطة أن يكون بقدر المسافة و أن لا يكون معصية و لا عملا له.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 414)


شهرا أو أقل(1)،فلا يشترط الاقامة ستة أشهر و إن كان أحوط،فقبله يجمع بين القصر و التمام إذا لم ينو إقامة عشرة أيام.

[مسألة 1:إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجدّ و توطّن في غيره]

[2302]مسألة 1:إذا أعرض عن وطنه الأصلي أو المستجدّ(2)و توطّن في غيره(3)فإن لم يكن له فيه ملك أصلا أو كان و لم يكن قابلا للسكنى كما
بل الظاهر اناطة الصدق بنية التوطن بأحد الانحاء المتقدمة و الاستقرار فيه و لا يتوقف على الاقامة فيه مدة،فإذا نوى التوطن و استقر فيه بهذه النية صدق انه مستوطن و ليس بمسافر حيث ان الموجب لتحققه و صدقه انما هو استقراره فيه بالنية المذكورة بلا دخل للإقامة فيه مدة كشهر أو أقل،بل لا تكفى مدة كثيرة بدون نية التوطن كسنة أو أزيد فإنها لا تجدي في ترتيب أحكام الوطن عليه و انتهاء كونه مسافرا فيه ما لم ينو البقاء فيه مدى الحياة أو مدة طويلة كأربع سنين أو أكثر.

فاذن لا أثر للإقامة في بلد مدة بدون اتخاذه وطنا له و لو مؤقتا و معه لا حاجة إليها و مع ذلك كانت رعاية الاحتياط أولى و أجدر،و بذلك يظهر حال ما ذكره الماتن قدّس سرّه.

تقدم أنواع الوطن من الأصلي و المستجد بتمام أنحائه و لا يتوقف صدق شيء منها على الملك،كما أن الاعراض عنه نهائيا و عدم العود إليه مدى الحياة يؤدي إلى زوال صفة الوطن عنه بلا فرق بين الأصلي و المستجد.

لا يتوقف قصد التوطن على الاعراض عن الوطن الأصلي أو المستجد،و لا مانع من الجمع بين الأمرين كالنجفي إذا اتخذ بغداد وطنا ثانيا له بأن يقرر البقاء فيه مدة لا تقل عن أربع سنوات أو أكثر من أجل مهنة كالدراسة أو نحوها و بعد انتهائها يعود إلى بلده فإنه ذو وطنين أحدهما النجف و الآخر بغداد، أو يتخذ مقرا صيفيا له في بلد يبقى فيه ستة أشهر مثلا ثم يعود إلى بلده الشتوي و يبقى فيه أيضا كذلك ما دام في قيد الحياة،أو مدة طويلة،فإنه يعتبر كلا البلدين

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 415)


إذا كان له فيه نخلة أو نحوها،أو كان قابلا له و لكن لم يسكن فيه ستة أشهر بقصد التوطن الأبدي(1)يزول عنه حكم الوطنية،فلا يوجب المرور عليه
وطنا له،أو يكون عنده زوجتان في بلدين كالنجف و كربلاء مثلا و يبقى عند احداهما في أحد البلدين مدة ثم يعود إلى البلد الآخر و يبقى عند الأخرى مدة على التناوب بشكل دائمي أو مؤقت لا يقل عن أربع سنين أو أكثر،و حينئذ فيعتبر كلا البلدين بمثابة الوطن له.

بل و إن سكن فيه ستة أشهر لما مر من أن التوطن إنما يتحقق باتخاذ البلد وطنا له ما دام حيا،أو إلى أمد بعيد كأربع سنوات أو أكثر،و لا يكفي في صدق التوطن أن يسكن في بلد ستة أشهر بل و لا سنة أو أكثر.

نعم قد نسب إلى المشهور أن هنا قسما خامسا من الوطن و سموه بالوطن الشرعي حيث يمتاز عن الوطن العرفي بعدة أمور..

الأول:ان الوطن الشرعي يحصل بالسكنى في بلد أو قرية ستة أشهر دون الوطن العرفي كما مر.

الثاني:ان الوطن الشرعي منوط بوجود ملك يسكن فيه متواصلا في المدة المذكورة دون العرفي.

الثالث:ان حكم الوطن لا يزول عن الوطن الشرعي بالاعراض عنه دون العرفي،و من هنا اذا مر عليه المسافر أثناء سفره انقطع سفره و إن أعرض عنه هذا.

و لكن الكلام إنما هو في إثبات ذلك بالدليل،و عليه فحريّ بنا ان ننظر إلى الروايات الواردة في أطراف المسألة و هي متمثلة في ثلاث طوائف:

الأولى:تنص على وجوب التمام على من نزل أثناء سفره في ملكه من قرية أو أرض منها:قوله عليه السّلام في صحيحة إسماعيل بن الفضل:«إذا نزلت قراك و أرضك فاتم الصلاة و إذا كنت في غير أرضك فقصر…». 1


 

1) <page number=”415″ />الوسائل ج 8 باب:14 من أبواب صلاة المسافر الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 416)


……….

و منها:موثقة عمار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في الرجل يخرج في سفر فيمر بقرية له أو دار فينزل فيها؟قال:يتم الصلاة و لو لم يكن له الاّ نخلة واحدة،و ليصم إذا حضره الصوم و هو فيها…».


1

و منها:غيرهما من النصوص.

الثانية:تنص على وجوب التمام في ملكه شريطة الاستيطان و الاسكان فيه.

منها:قوله عليه السّلام في صحيحة على بن يقطين عن أبي الحسن الأول عليه السّلام انه قال:«كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير…».


2

و منها:قوله عليه السّلام في صحيحته الأخرى:«كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل و ليس لك أن تتم فيه».


3

و منها:قوله عليه السّلام في صحيحته الثالثة«ان كان مما سكنه أتم فيه الصلاة،و ان كان مما لم يسكنه فليقصر».


4

و منها:صحيحة حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في الرجل يسافر فيمر بالمنزل له في الطريق يتم الصلاة أم يقصر؟قال:يقصر إنما هو المنزل الذي توطنه…».


5

و منها:غيرها من الروايات.

الثالثة:تنص على وجوب التمام في ملكه شريطة الاستيطان فيه ستة أشهر متواصلة و هي متمثلة في صحيحة إسماعيل بن بزيع عن أبي الحسن عليه السّلام قال:

«سألته عن الرجل يقصر في ضيعته؟قال:لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام الاّ أن يكون له فيها منزل يستوطنه،فقلت:ما الاستيطان؟فقال:أن يكون منزل يقيم فيه ستة أشهر،فإذا كان كذلك يتم فيها متى دخلها…».


6

ثم ان الطائفة الأولى تصنف إلى صنفين يدل أحدهما كصحيحة إسماعيل


 

1) <page number=”416″ />الوسائل ج 8 باب:14 من أبواب صلاة المسافر الحديث:2.
2) الوسائل ج 8 باب:14 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.
3) الوسائل ج 8 باب:14 من أبواب صلاة المسافر الحديث:6.
4) الوسائل ج 8 باب:14 من أبواب صلاة المسافر الحديث:9.
5) الوسائل ج 8 باب:14 من أبواب صلاة المسافر الحديث:8.
6) الوسائل ج 8 باب:14 من أبواب صلاة المسافر الحديث:11.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 417)


……….

و موثقة عمار المتقدمتين بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أن الحكم بالتمام عليه في القرية و الأرض إنما هو بملاك الاضافة الوطنية لا الملكية،و تؤكد ذلك موثقة عمار،فإن جواب الامام عليه السّلام فيها ناص في أن المراد من القرية التي يمر عليها الرجل في أثناء سفره هو وطنه بقرينة قوله عليه السّلام:«يتم الصلاة و لو لم يكن له الاّ نخلة واحدة…»و أما استثناء نخلة واحدة فلعله من أجل التأكيد على أنه لم يعرض عنها بعد و الاّ لا يوجب المرور عليها التمام.

فالنتيجة:ان هاتين الروايتين لا تدلان على أن مجرد الملك في قرية أو بلد يوجب التمام و إن لم تكن تلك القرية أو ذلك البلد وطنا له،بل هما تؤكدان على أن المرور فيها مرور على أرض الوطن و دخول فيها.

و الآخر كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج و صحيحة عمران بن محمد فإنهما و إن كانتا تدلان على كفاية ملك الضيعة في وجوب التمام إذا وصل صاحبها إليها ما دام فيها الاّ أن مناسبة الحكم و الموضوع عرفا تقتضي أنها مقر له على أساس أنها ليست ضيعة متروكة،بل يظهر منهما أنها مورد لمتطلبات حياته اليومية،فمن أجل ذلك كان يمر عليها في طول السنة بشكل مستمر،فإذن وجوب التمام فيها ليس من جهة الملك فقط بل بسبب أنها مقر له فيكون حكمها حينئذ حكم الوطن.

لحد الآن قد تبين أن هذه الطائفة لا تعارض الطائفة الثانية لعدم التنافي بينهما.

و مع الاغماض عن ذلك فتكون نسبة هذه الطائفة إلى الثانية نسبة المطلق إلى المقيد على أساس أن الأولى تدل على كفاية وجود الملك في قرية أو بلد في وجوب التمام سواء استوطن فيه أم لا،و الثانية تدل على ذلك شريطة الاستيطان

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 418)


……….

فيه.

و دعوى:ان الطائفة الأولى بما أنها معارضة للطائفة الثانية فلا بد من طرحها أو حملها على التقية،أما الأول فمن أجل أنها مخالفة للسنة القطعية و هي الروايات الدالة على وجوب القصر البالغة حد التواتر إجمالا شريطة عدم تخلل سفره في الأثناء بأحد القواطع.و أما الثاني فلأنها موافقة للعامة…

مدفوعة:أما أولا:فلما مر من أنه لا معارضة بينهما،و على تقدير المعارضة فهي غير مستقره لإمكان الجمع الدلالي العرفي بحمل المطلق على المقيد.

و أما ثانيا:فلأن مخالفتها مع الروايات الدالة على وجوب القصر ليست على نحو التباين أو العموم من وجه،بل هي على نحو الاطلاق و التقييد،و من المعلوم ان هذه المخالفة لا توجب سقوط المقيد عن الاعتبار حتى فيما إذا كان مخالفا لإطلاق الآيات فضلا عن الروايات.نعم انها توجب الغائها في مقام المعارضة مع ما يكون موافقا لها،و الفرض أن الطائفة المعارضة أيضا تكون مخالفة لها بالاطلاق و التقييد.هذا كله في الشق الأول.

و أما الثاني:فلأنها موافقة لقول بعض العامة و مخالفة لقول الآخر،و حينئذ فلا مبرر للحمل على التقية،هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى:ان المتفاهم العرفي من الطائفة الثانية هو التوطن بأحد المعاني المتقدمة لوضوح أن مفهوم الوطن مفهوم عرفي و هو المتبادر منها دون معنى آخر في مقابله إذ ارادة معنى آخر من الاستيطان فيها دون المعنى العرفي المتبادر بحاجة إلى قرينة،و لا قرينة لا في نفس تلك الطائفة و لا في الخارج.

و أما الطائفة الثالثة التي هي متمثلة في صحيحة ابن بزيع فاستفادة الوطن الشرعي منها في مقابل الوطن العرفي في غاية الاشكال بل المنع،لأن تحديد

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 419)


……….

الامام عليه السّلام كلمة الاستيطان بقوله:«ألا أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر…» 1لا يدل على أنه عليه السّلام في مقام بيان تحديد معنى آخر لكلمة الاستيطان و هو المعنى الشرعي في مقابل المعنى العرفي.بل لا يبعد دعوى ظهور ذلك في الاستيطان العرفي بمناسبة أنه طبعا يتردد على ضيعته في طول السنة و إذا كان له فيها منزل فطبعا يبقى فيه بين وقت و آخر و فصل و آخر لا أن سفره فيها كان اتفاقيا و بما أن له وطنا أصليا و هو بلدته الساكن فيها فإذا ذهب إلى ضيعته يقصر شريطة أمرين..

أحدهما:أن لا يقصد إقامة عشرة أيام فيها.

و الآخر:أن لا يكون فيها منزل يستوطنه،ثم سأل عن الاستيطان أي ما يتحقق به،و أجاب عليه السّلام:«أن يكون منزل يقيم فيه ستة أشهر…»فإن الظاهر منه بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أن يقيم في منزلة فيها ستة أشهر في دورة كل سنة باعتبار أن تردده على ضيعته لا ينحصر بسنة واحدة لأن نسبة الحاجة التي تدعو إلى تردده عليها و هي متطلبات حياته إلى الستين المتتالية على حد سواء ما دامت ضيعته في قيد الحياة،فإذن حملها على ستة أشهر مرة واحدة متصلة خلاف هذه المناسبة الارتكازية،و إذا كان صاحب الضيعة بانيا على أن يعيش في منزله فيها ستة أشهر طول السنة كان ذا وطنين،و حينئذ متى دخل فيها يتم لأنها وطنه كما نص عليه ذيل الصحيحة.

و من هنا يظهر أن التحديد بستة أشهر مبني على الغالب و المتيقن إذ قد يحصل بأقل من ذلك باعتبار أن الامام عليه السّلام ليس في مقام التحديد الواقعي حيث أن المرجع فيه هو العرف العام دون الامام عليه السّلام،بل هو في مقام بيان حكم ذي الوطنين و انه إذا صنع ذلك صار ذا وطنين،و تؤكد ما ذكرناه اناطة وجوب التمام في الصحيحة على صاحب الضيعة بأمرين..


 

1) <page number=”419″ />الوسائل ج 8 باب:14 من أبواب صلاة المسافر الحديث:11.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 420)


قطع حكم السفر،و أما إذا كان له فيه ملك قد سكن فيه بعد اتخاذه وطنا له دائما ستة أشهر فالمشهور على أنه بحكم الوطن العرفي و إن أعرض عنه إلى غيره،و يسمونه بالوطن الشرعي و يوجبون عليه التمام إذا مرّ عليه ما دام بقاء ملكه فيه،لكن الأقوى عدم جريان حكم الوطن عليه بعد الاعراض،فالوطن الشرعي غير ثابت،و إن كان الأحوط الجمع بين إجراء حكم الوطن و غيره عليه،فيجمع فيه بين القصر و التمام إذا مر عليه و لم ينو إقامة عشرة أيام،بل الأحوط الجمع إذا كان له نخلة أو نحوها مما هو غير قابل للسكنى و بقي فيه بقصد التوطن ستة أشهر(1)،بل و كذا إذا لم يكن سكناه بقصد التوطن بل بقصد التجارة مثلا.

أحدهما:بالاقامة.

و الآخر:بالاستيطان،و لو لا سؤال ابن بزيع مرة ثانية عن الاستيطان لكان المتفاهم عرفا منه هو الوطن العرفي،و من المعلوم ان سؤاله ثانيا انما هو عما يتحقق به الوطن العرفي حيث ان الوطن الشرعي ليس أمرا معهودا،فإذن لا محالة يكون جواب الامام عليه السّلام جوابا عن السؤال لا بيانا لأمر آخر.

و من هنا لا يفهم من جوابه عليه السّلام الاّ بيان ما يتحقق به الوطن العرفي.

فالنتيجة:ان استفادة الوطن الشرعي في مقابل الوطن العرفي من الصحيحة في غاية الاشكال بل المنع لأنها لو لم تكن ظاهرة في بيان الوطن العرفي فلا شبهة في أنها غير ظاهرة في بيان الوطن الشرعي،بل هي مجملة فلا يمكن الاستدلال بها.

فيه إشكال بل منع فانه على تقدير القول بثبوت الوطن الشرعي و دلالة الصحيحة عليه فهي لا تدل على اعتبار قصد التوطن الأبدي فيه،بل ظاهرها كفاية قصد التوطن ستة أشهر فقط و إن لم يكن قاصدا له مدى الحياة أو مدة طويلة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 421)


[مسألة 2:قد عرفت عدم ثبوت الوطن الشرعي و أنه منحصر في العرفي]

[2303]مسألة 2:قد عرفت عدم ثبوت الوطن الشرعي و أنه منحصر في العرفي فنقول:يمكن تعدد الوطن العرفي بأن يكون له منزلان في بلدين أو قريتين من قصده السكنى فيهما أبدا(1)في كل منهما مقدارا من السنة بأن يكون له زوجتان مثلا كل واحدة في بلدة يكون عند كل واحدة ستة أشهر أو بالاختلاف،بل يمكن الثلاثة أيضا بل لا يبعد الأزيد أيضا.

[مسألة 3:لا يبعد أن يكون الولد تابعا لأبويه أو أحدهما في الوطن ما لم يعرض]

[2304]مسألة 3:لا يبعد أن يكون الولد تابعا لأبويه أو أحدهما في الوطن ما لم يعرض(2)
في اعتبار قصد السكنى أبدا إشكال بل منع لما مر من كفاية اتخاذ كل من البلدين وطنا و مقرا له مؤقتا كمدة أربع سنوات أو خمس،مثل ان يتخذ أحدهما مقرا و مسكنا صيفيا له و يسكنه خمسة أو أربعة أشهر في السنة و الآخر مقرا و مسكنا شتويا له يسكن فيه شتاء و إذا وصل إلى أي منهما انتهى سفره و يكون من المتواجد في الوطن،بل لا مانع من اتخاذ شخص أكثر من بلدين وطنا له،كما إذا كان عنده أربع زوجات في أربعة بلاد كالنجف و كربلاء و حلة و بغداد مثلا و يبقى لدى كل واحدة منها مدة على التناوب مدى الحياة أو إلى أمد طويل نسبيا.

الظاهر عدم كفاية ذلك على أساس أنه ما دام يكون تابعا لهما كالأطفال و الصبيان الذين يعيشون في كنف و الدهم فلا قصد و لا قرار لهم حتى تبعا لقصد والدهم و قراره باعتبار أن قرار الوالد هو قرار له بتمام متعلقاته و شئونه،و أما إذا بلغ التابع سن الرشد الذي يؤهله لاتخاذ مثل هذا القرار،و حينئذ فإن اتخذ قرارا مماثلا لقرار المتبوع بحكم تبعيته كالزوجة بالنسبة إلى زوجها فهو وطن و مقر له أيضا،و إن اتخذ قرارا مخالفا لقراره بأن اعرض عنه و اتخذ مكانا آخر وطنا له كالولد بعد سن الرشد اتخذ بلدا آخر وطنا له و اعرض عن بلد والده فعليه أن يعمل على طبق قراره،و أما إذا غفل بعد بلوغه سن الرشد عن التوطن في وطن والده فيكون حكمه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 422)


بعد بلوغه(1)عن مقرّهما و إن لم يلتفت بعد بلوغه إلى التوطن فيه أبدا(2)، فيعد وطنهما وطنا له أيضا إلا إذا قصد الاعراض عنه سواء كان وطنا أصليا لهما و محلا لتولده أو وطنا مستجدا لهما كما إذا أعرضا عن وطنهما الأصلي و اتخذا مكانا آخر وطنا لهما و هو معهما قبل بلوغه ثم صار بالغا،و أما إذا أتيا بلدة أو قرية و توطّنا فيها و هو معهما مع كونه بالغا فلا يصدق وطنا له إلا مع قصده بنفسه.

[مسألة 4:يزول حكم الوطنية بالاعراض و الخروج و إن لم يتخذ بعد وطنا آخر]

[2305]مسألة 4:يزول حكم الوطنية بالاعراض و الخروج و إن لم يتخذ بعد وطنا آخر،فيمكن أن يكون بلا وطن مدة مديدة.

[مسألة 5:لا يشترط في الوطن إباحة المكان الذي فيه]

[2306]مسألة 5:لا يشترط في الوطن إباحة المكان الذي فيه،فلو غصب دارا في بلد و أراد السكنى فيها أبدا يكون وطنا له،و كذا إذا كان بقاؤه في بلد حراما عليه من جهة كونه قاصدا لارتكاب حرام أو كان منهيا عنه من أحد والديه أو نحو ذلك.

[مسألة 6:إذا تردد بعد العزم على التوطن أبدا]

[2307]مسألة 6:إذا تردد بعد العزم على التوطن أبدا فإن كان قبل أن
التمام لعدم صدق المسافر عليه ما دام لم يعرض عنه و إن لم يصدق ان وطن الوالد وطنه على أساس أنه منوط بالقصد.

لا وجه للتقييد بالبلوغ حيث أنه لا دليل على أن التبعية مستمرة إلى زمان البلوغ في كنف والدهم شرعا،و عليه فبطبيعة الحال تكون مقيدة بما إذا بلغ سن الرشد فإنه حينئذ يكون مؤهلا لاتخاذ القرار المماثل أو المخالف دون من لم يبلغ ذلك السن فإنه ليس مؤهلا لذلك فيكون تابعا كالطفل الذي يعيش في كنف والده.

تقدم أن صدق الوطن لا يتوقف على التوطن دائما و أبدا فإنه كما يتحقق به كذلك يتحقق بقصد التوطن مؤقتا و إلى أمد بعيد.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 423)


يصدق عليه الوطن عرفا(1)بأن لم يبق في ذلك المكان بمقدار الصدق فلا
مر أن صدق الوطن الاتخاذي في بلد لا يتوقف على البقاء فيه مدة، بل يكفى العزم على جعله وطنا و مقرا له،فإن من يهاجر من وطنه الأصلي إلى بلد ناء طلبا للرزق و الكسب،أو من يهاجر من أجل العلم و طلبه كالذي يقصد النجف الأشرف فإن كلا من هذا أو ذاك إذا بنى على السكنى في مهجره أمدا طويلا كأربع سنوات أو أكثر و هيّأ متطلبات حياته الاعتيادية و بدأ فيها و استقر صدق انه وطنه و مستقره شريطة أن يواصل استيطانه،و أما إذا تردد في الاثناء بالاعراض عنه و عدم البقاء فيه،كما إذا تردد بعد أشهر أو سنة فيكشف عن عدم تحقق الوطن و المقر له،و إنما الكلام في أن حكمه التمام أو القصر،الظاهر هو الأول و ذلك للشك في أنه مسافر فيه أو لا،على أساس أنه إن كان عازما على عدم البقاء فيه فهو مسافر بعد و إن كان عازما على البقاء فيه فهو متواجد في وطنه و بما انه متردد في ذلك فبطبيعة الحال يكون صدق المسافر عليه مشكوكا فلا يمكن حينئذ التمسك باطلاق دليل وجوب القصر على المسافر لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية،فعندئذ يكون المرجع العام الفوقي و هو عموم دليل وجوب التمام على كل مكلف الا المسافر شريطة أن لا يكون سفره معصية،و أن لا يكون السفر عمله،و أن لا يقيم في بلد عشرة أيام،فإذن لا بد من إحراز عنوان المسافر،و بما أنه غير محرز فوظيفته التمام و إن كان التردد بعد تحقق الوطن بأحد الانحاء السابقة فلا أثر له و لا يخرج عن كونه وطنا له.

نعم إذا بنى على عدم البقاء فيه جزما في الاثناء،كما إذا بنى على الخروج منه بعد أشهر أو سنة فإنه يكشف عن انه مسافر لحد الآن فحكمه القصر،و أما بالنسبة إلى ما صلاّه تماما فإن كان في الوقت فعليه إعادتها قصرا و إن كان بعد الوقت لم يجب القضاء.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 424)


إشكال في زوال الحكم(1)و إن لم يتحقق الخروج و الاعراض،بل و كذا إن كان بعد الصدق في الوطن المستجد(2)،و أما في الوطن الاصلي إذا تردد في البقاء فيه و عدمه ففي زوال حكمه قبل الخروج و الإعراض إشكال(3) لاحتمال صدق الوطنية ما لم يعزم على العدم فالأحوط الجمع بين الحكمين.

[مسألة 7:ظاهر كلمات العلماء(رضوان اللّه عليهم)اعتبار قصد التوطن أبدا في صدق الوطن العرفي]

[2308]مسألة 7:ظاهر كلمات العلماء(رضوان اللّه عليهم)اعتبار قصد التوطن أبدا في صدق الوطن العرفي،فلا يكفي العزم على السكنى إلى مدة مديدة كثلاثين سنة أو أزيد،لكنه مشكل(4)فلا يبعد الصدق العرفي بمثل ذلك،و الأحوط في مثله إجراء الحكمين بمراعاة الاحتياط.

[الثاني من قواطع السفر:العزم على إقامة عشرة أيام متواليات]

الثاني من قواطع السفر:العزم على إقامة عشرة أيام متواليات(5)في
ظهر ان حكمه و هو وجوب التمام لم يزل بالتردد.

مر أن التردد و التفكير بعد تحقق الوطن بأحد الأوجه المتقدمة لا أثر له،بل لا أثر للعزم على عدم البقاء حينئذ فضلا عن التردد ما لم يخرج مسافرا إلى بلد آخر،و لا فرق من هذه الناحية بين الوطن الأصلي و الوطن المستجد الدائمي أو المؤقت.

بل لا إشكال في عدم الزوال حيث لا يخرج عن كونه وطنا بالتردد و التفكير،بل لا يخرج بالعزم على عدم البقاء ما دام فيه و لم يتلبس بالخروج فعلا.

تقدم انه لا يعتبر في صدق الوطن العرفي قصد التوطن دائما و أبدا، بل يكفى قصده مؤقتا إلى أمد بعيد كأربع سنوات أو أكثر.

مر أن قرار الاقامة في بلد أو قرية لا يكون قاطعا للسفر و إنما هو قاطع لحكمه فإن المقيم مسافر عرفا،و بما أن الاقامة تقطع حكمه فعليه أن يتم و لا يقصر الا إذا بدأ سفرا جديد.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 425)


……….

ثم ان الاقامة تنهى حكم السفر شريطة أمور..

الأول:أن يكون عالما و متأكدا من الاقامة عشرة أيام في مكان من بلدة أو قرية أو ضيعة و لا فرق بين أن يكون هذا العلم و الثقة ناشئا من اختياره و إرادته البقاء فيها،أو من اضطراره،أو ظروفه التي تحكم عليه فإنها لا تسمح بمغادرة المكان كالسجين مثلا.

فالنتيجة:أنه مهما توفر للمسافر اليقين أو الاطمئنان بالبقاء في مكان عشرة أيام سواء أ كان بالاختيار أم كان بالاضطرار أم بحكم ظروفه التي لا تسمح له بالمغادرة وجب عليه التمام و مع الشك في البقاء بل مع الظن به كما إذا كان راغبا في البقاء في مكان لجماله و طيب مناخه و لكنه يتوقع بعض الطوارئ في الاثناء يمنع عن مواصلة البقاء فيه فلا يعتبر مقيما إذ لا يقين له بأنه سيبقى،و هذا هو مقتضى إطلاق مجموعة من الروايات التي تنص على ذلك.

منها:قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:«إذا دخلت أرضا فأيقنت ان لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة،و إن لم تدر ما مقامك بها تقول غدا أخرج أو بعد غد فقصر ما بينك و بين أن يمضى شهر،فإذا تم لك شهر فاتم الصلاة…». 1فإنه يدل بوضوح على أنه مهما توفر له اليقين بالبقاء عشرة أيام في موضع فحكمه التمام فيه، و مقتضى اطلاقه عدم الفرق بين أن يكون ذلك اليقين بارادته و اختياره أم لا كالسجين مثلا.

الثاني:ان الوارد في روايات الباب عنوان المقيم عشرة أيام أو ما بمعناه، و المتبادر من عشرة أيام هو عشرة نهارات و تدخل في ضمنها لياليها،كما ان المتبادر منها في المقام بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أعم من النهارات التامة و الملفقة حيث أنها تقتضى ان المراد من اقامة عشرة أيام اقامة فترة زمنية


 

1) <page number=”425″ />الوسائل ج 8 باب:15 من أبواب صلاة المسافر الحديث:9.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 426)


……….

تساوي عشرة أيام غاية الأمر أنّ الايام العشرة ان كانت تامة كمن نوى الاقامة في بلد من طلوع الفجر من اليوم الاول من الشهر إلى الغروب من اليوم العاشر دخلت في ضمنها تسع ليال،و إن كانت ملفقة كما إذا نوى الاقامة من منتصف النهار من اليوم الأول من الشهر إلى منتصف النهار من اليوم الحادي عشر دخلت في ضمنها عشرة ليال.

و من هنا يظهر انه لا يعتبر قصد العشرة بعنوانها و بالخصوص،بل يكفى قصد البقاء في مكان فترة زمنية تساوي العشرة و إن لم يعلم بالتساوي،كما إذا قصد البقاء إلى آخر الشهر الشمسي و كان الباقي من الشهر عشرة أيام أو أزيد و إن لم يعلم بذلك القاصد فإن المعيار إنما هو بقصد البقاء مدة تساوي العشرة في الواقع سواء علم بالتساوي أم لا،و نقصد بتساوي المدة لعشرة أيام تساويها لعشرة نهارات تامة أو ملفقة مع لياليها،و من هنا لا يكفى أن ينوى الاقامة من بداية الليلة الأولى من الشهر إلى نهاية الليلة العاشرة لأن هذه الفترة التي نوى البقاء فيها لا تشتمل على عشرة نهارات.

الثالث:ان المراد من مكان الاقامة في بلد أو قرية هو محل مبيته و مأواه و مسكنه و محط رحله،فإن هذا المعنى هو المتفاهم عرفا من روايات الباب،و هذا لا ينافي خروجه من البلد إلى ضواحيه و بساتينه،بل إلى ما دون المسافة شريطة أن لا يبيت فيه،كما إذا نوى الاقامة في النجف الشرف و في الاثناء خرج إلى الكوفة للزيارة أو لغاية أخرى ساعة أو ساعتين أو أكثر ثم رجع إلى النجف،فإنه لا يمنع عن صدق ان محل إقامته هو النجف،بل لا يمنع عن ذلك الخروج إلى ما دون المسافة كما مر.

و من هنا يظهر انه لا مانع من أن ينوي الذهاب إلى الكوفة في كل يوم حين

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 427)


مكان واحد من بلد أو قرية أو مثل بيوت الأعراب أو فلاة من الأرض أو العلم بذلك و إن كان لا عن اختيار،و لا يكفي الظن بالبقاء فضلا عن الشك، و الليالي المتوسطة داخلة بخلاف الليلة الاولى و الأخيرة،فيكفي عشرة أيام و تسع ليال،و يكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم آخر على الأصح،فلو نوى المقام عند الزوال من اليوم الأول إلى الزوال من اليوم الحادي عشر كفى و يجب عليه الاتمام،و إن كان الأحوط الجمع،و يشترط وحدة محل الاقامة،فلو قصد الاقامة في أمكنة متعددة عشرة أيام لم ينقطع حكم السفر كأن عزم على الاقامة في النجف و الكوفة أو في الكاظمين و بغداد،أو عزم على الاقامة في رستاق من قرية إلى قرية من غير عزم على الاقامة في واحدة منها عشرة أيام،و لا يضر بوحدة المحل فصل مثل الشط بعد كون
ينوي الاقامة في النجف شريطة أن لا يبيت في الكوفة،إذ ما دام يكون مبيته و مأواه و محط رحله في النجف فلا تضر النية المذكورة،و لذا لو سأله سائل أين نزلت في سفرك هذا؟لقال نزلت في بيت فلان أو الفندق الفلاني في النجف الأشرف.

فالنتيجة:ان الخروج عن محل الاقامة بما دون المسافة في مدة محدودة كساعة أو ساعتين أو أكثر ثم الرجوع إليه لا يضر بعنوان المقيم عشرة أيام في بلدة أو قرية.

الرابع:ان قصد الاقامة لا بد أن يكون في بلدة أو قرية واحدة طيلة عشرة أيام كما هو الظاهر من روايات الباب،فلا يكفى أن يقصد الاقامة في بلدين أو قريتين بأن يعزم هنا خمسة أيام و هناك خمسة أخرى أو أقل أو أكثر،و لا فرق في ذلك بين البلاد الكبيرة و الصغيرة كما هو مقتضى اطلاق كلمة(بلدة)الواردة في روايات المسألة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 428)


المجموع بلدا واحدا كجانبي الحلة و بغداد و نحوهما،و لو كان البلد خارجا عن المتعارف في الكبر فاللازم قصد الاقامة في المحلة منه إذا كانت المحلات منفصلة(1)،بخلاف ما إذا كانت متصلة إلا إذا كان كبيرا

فيه إشكال بل منع لأن المحلات إذا كانت محلات لبلد اعتبرت امتدادا له،و إن كانت منفصلة عنه كالإحياء السكنية في ضواحي بغداد مثل الثورة و البياع و ما شاكلهما فإنهما يعتبران جزء من مدينة بغداد و إن كانت منفصلة عنها حين إنشائهما و اتصلت بها تدريجا،و يترتب على ذلك أن البغدادي إذا سافر إلى الحلة مثلا و رجع إلى البياع انقطع سفره بذلك لأنه وصل إلى بلدته و وطنه،و إذا أقام عشرة أيام في البياع و خرج منه إلى مدينة الثورة أو إلى مناطق أخرى لم يكن ذلك خروجا عن بلد الاقامة على أساس أن الاقامة بعشرة أيام في كل منطقة من مناطق بغداد اقامة فيه،و من هنا لا مانع من الاقامة في بغداد موزعة على محلاته و مناطقه و أحيائه.

فالنتيجة:أن ما يبنى حوالى بغداد و أطرافه من الأحياء السكنية الجديدة المتصلة به فعلا،أو تتصل به تدريجا تعتبر امتدادا و توسعة له و إن بلغ البلد من التوسعة و الكبر بما هو خارج عن المتعارف،و لكن مع ذلك يعتبر بلدا واحدا بتمام أحيائه و مناطقه،كما أنه لا عبرة باتصال البلاد على أثر توسعة العمران إذا كان لكل واحد منها استقلاله و وضعه الخاص به تاريخيا كالكاظمية و بغداد،و الكوفة و النجف،و مدينة ري و طهران،فإن عمران هذه البلاد متصلة بعضها ببعضها الآخر فمع ذلك لا يعتبر المجموع بلدا واحدا،و يترتب عليه انه إذا سافر نجفي إلى كربلاء و وصل إلى الكوفة ايابا لم ينقطع بذلك سفره،و إذا أراد أن يصلي في الكوفة صلى قصرا،نعم إذا أدى اتصال البلد الصغير بالكبير إلى اندماجه فيه عرفا و انصهاره على نحو قد زال استقلاله جغرافيا،ففي مثل ذلك يعتبر الكل بلدا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 429)


جدا(1)بحيث لا يصدق وحدة المحل و كان كنيّة الاقامة في رستاق مشتمل على القرى مثل قسطنطينية و نحوها.

[مسألة 8:لا يعتبر في نية الاقامة قصد عدم الخروج عن خطة سور البلد على الأصح]

[2309]مسألة 8:لا يعتبر في نية الاقامة قصد عدم الخروج عن خطة سور البلد على الأصح،بل لو قصد حال نيتها الخروج إلى بعض بساتينها و مزارعها و نحوها من حدودها مما لا ينافي صدق اسم الاقامة في البلد عرفا جرى عليه حكم المقيم حتى إذا كان من نيته الخروج عن حد الترخص بل إلى ما دون الأربعة إذا كان قاصدا للعود عن قريب بحيث لا يخرج عن صدق الاقامة في ذلك المكان عرفا،كما إذا كان من نيته الخروج نهارا و الرجوع قبل الليل(2).

واحدا.

مر أنه لا فرق بين البلدان الكبيرة و الصغيرة.

تقدم ان المعيار في صدق المقيم عشرة أيام في بلد هو أن يكون مبيته و مأواه و محط رحله فيه و لا يضر خروجه عنه إلى بلد آخر دون المسافة،كما إذا قصد الاقامة في النجف و خرج إلى الكوفة ساعتين أو أكثر،فإن هذا الخروج لا يضر ما دام يصدق عليه أن مبيته و مسكنه في النجف،بل لا يبعد أن لا يضر ذلك إذا كان تمام النهار في الكوفة و رجع إلى النجف قبل الغروب حيث يصدق أن محل اقامته الذي هو مأواه و محل مبيته في النجف في الفندق الفلاني أو البيت الفلان، و لا فرق فيه بين أن يكون ناويا ذلك من الأول،أو في الاثناء،لأن نيته ذلك إنما تضر إذا كان مردها إلى نية الاقامة في بلدين أو قريتين،و أما إذا لم يكن مردها إلى ذلك فلا تضر،و من المعلوم انه لا فرق في هذا بين أن تكون نية الخروج في نفس وقت نية الاقامة أو بعدها،و لكن مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام فيما إذا كان خروجه تمام النهار،أو في مقدار معتد به منه.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 430)


[مسألة 9:إذا كان محل الاقامة برية قفراء لا يجب التضييق في دائرة المقام]

[2310]مسألة 9:إذا كان محل الاقامة برية قفراء لا يجب التضييق في دائرة المقام،كما لا يجوز التوسيع كثيرا بحيث يخرج عن صدق وحدة المحل،فالمدار على صدق الوحدة عرفا،و بعد ذلك لا ينافي الخروج عن ذلك المحل إلى أطرافه بقصد العود إليه و إن كان إلى الخارج عن حد الترخص بل إلى ما دون الأربعة كما ذكرنا في البلد،فجواز نية الخروج إلى ما دون الأربعة لا يوجب جواز توسيع محل الاقامة كثيرا،فلا يجوز جعل محلها مجموع ما دون الأربعة،بل يؤخذ على المتعارف و إن كان يجوز التردد إلى ما دون الأربعة على وجه لا يضر بصدق الاقامة فيه.

[مسألة 10:إذا علق الاقامة على أمر مشكوك الحصول لا يكفي]

[2311]مسألة 10:إذا علق الاقامة على أمر مشكوك الحصول لا يكفي،بل و كذا لو كان مظنون الحصول فإنه ينافي العزم على البقاء المعتبر فيها،نعم لو كان عازما على البقاء لكن احتمل حدوث المانع لا يضر(1).

هذا إذا كان احتماله ضعيفا على نحو لا يكون مانعا عن الوثوق و الاطمينان بالبقاء،و أما إذا كان مانعا عنه فلا يتحقق معه العزم على الاقامة عشرة أيام،و قد تقدم أن المعتبر في تحقق الاقامة أن يكون المسافر واثقا و متأكدا بالبقاء في بلد عشرة أيام.

و قد دل على ذلك صريحا قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:«إذا دخلت أرضا فأيقنت أن لك بها مقام عشرة أيام فأتم الصلاة» 1فإذن العبرة في وجوب التمام إنما هي بحصول اليقين بالبقاء في بلد عشرة أيام،و يقوم مقامه الوثوق و الاطمئنان، هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى ان المعتبر في وجوب التمام إنما هو اليقين أو الاطمئنان بالبقاء إلى العشرة،و أما القصد و العزم زائدا على اليقين فهو غير معتبر،غاية الأمر


 

1) <page number=”430″ />الوسائل ج 8 باب:15 من أبواب صلاة المسافر الحديث:9.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 431)


[مسألة 11:المجبور على الاقامة عشرا و المكره عليها يجب عليه التمام]

[2312]مسألة 11:المجبور على الاقامة عشرا و المكره عليها يجب عليه التمام و إن كان من نيته الخروج على فرض رفع الجبر و الاكراه،لكن بشرط أن يكون عالما بعدم ارتفاعهما(1)و بقائه عشرة أيام كذلك.

[مسألة 12:لا تصح نية الاقامة في بيوت الأعراب و نحوهم ما لم يطمئن بعدم الرحيل عشرة أيام]

[2313]مسألة 12:لا تصح نية الاقامة في بيوت الأعراب و نحوهم ما لم يطمئن بعدم الرحيل عشرة أيام إلا إذا عزم على المكث بعد رحلتهم إلى تمام العشرة.

[مسألة 13:الزوجة و العبد إذا قصدا المقام بمقدار ما قصده الزوج و السيد و المفروض أنهما قصدا العشرة]

[2314]مسألة 13:الزوجة و العبد إذا قصدا المقام بمقدار ما قصده الزوج و السيد و المفروض أنهما قصدا العشرة لا يبعد كفايته في تحقق الاقامة بالنسبة إليهما(2)و إن لم يعلما حين القصد أن مقصد الزوج و السيد هو العشرة،نعم قبل العلم بذلك عليهما التقصير،و يجب عليهما التمام بعد الاطلاع و إن لم يبق إلا يومين أو ثلاثة فالظاهر وجوب الاعادة أو القضاء
إذا كانت الاقامة في بلد باختيار المسافر و ارادته لم ينفك يقينه بالبقاء عن قصده له،و أما إذا كان مجبورا،أو مكرها،أو محبوسا في بلد و يعلم بعدم ارتفاع ذلك قبل العشرة فلا يكون هناك شيء زائد على العلم أو الاطمئنان.

بل يكفى الوثوق و الاطمئنان به أيضا.

بل الظاهر عدم الكفاية.أما الزوجة فانها إذا لم تعلم ان زوجها قد قصد الاقامة في البلد النازل فيه لم تتمكن من قصدها جزما،باعتبار أنه يتوقف على اليقين بالبقاء فيه عشرة أيام،و مع جهلها بنية زوجها فلا يقين لها بذلك،و به يظهر حال العبد بالنسبة إلى سيده،فإنه إذا لم يعلم أن سيده قصد اقامة عشرة أيام في بلد فمعناه أنه لا يعلم بقاءه فيه عشرة أيام،و مع عدم العلم بالبقاء طيلة المدة فكيف يكون حكمه التمام فيه.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 432)


عليهما بالنسبة إلى ما مضى ممّا صلّيا قصرا،و كذا الحال إذا قصد المقام بمقدار ما قصده رفقاؤه(1)و كان مقصدهم العشرة،فالقصد الإجمالي كاف في تحقق الاقامة،لكن الأحوط الجمع في الصورتين بل لا يترك الاحتياط.

[مسألة 14:إذا قصد المقام إلى آخر الشهر مثلا و كان عشرة]

[2315]مسألة 14:إذا قصد المقام إلى آخر الشهر مثلا و كان عشرة كفى و إن لم يكن عالما به حين القصد(2)،بل و إن كان عالما بالخلاف،لكن الأحوط في هذه المسألة أيضا الجمع بين القصر و التمام بعد العلم بالحال لاحتمال اعتبار العلم حين القصد.

ظهر حاله مما سبق.

هذا من جهة انه قصد واقع المقام عشرة أيام لكن بعنوان آخر و هو موضوع لوجوب التمام،و لا يضر جهله بعنوان العشرة،لأنه غير دخيل في الموضوع،كما إذا قصد المسافر الوارد في بلد البقاء فيه إلى آخر الشهر الشمسي من تاريخ وروده فيه و كان الباقي من الشهر من هذا التاريخ عشرة أيام كاملا،فإنه حينئذ كان يقصد البقاء فيه مدة زمنية محددة تساوي عشرة أيام بالكامل في الواقع و إن كان جاهلا بالتساوي و لكن هذا الجهل لا يضر و لا يغير الواقع.

نعم إذا كان عدم النقص أمرا اتفاقيا كما إذا نوى الاقامة من اليوم الحادي و العشرين إلى آخر الشهر القمري و احتمل أن يكون الشهر ناقصا،ففي مثل ذلك لا يجب عليه التمام إذا صادف كون الشهر تاما.

و الفرق بين الصورتين هو أنه في الصورة الأولى قصد البقاء فترة زمنية تساوي عشرة أيام في الواقع و إن لم يعلم بالتساوي،و في الثانية قصد البقاء فترة زمنية مرددة بين أن تساوي العشرة في الواقع و أن لا تساويها كذلك،فيكون التساوي أمرا تصادقيا لا دائميا،فمن أجل ذلك لا يكون قاصدا البقاء فترة زمنية تساوي العشرة في الواقع،و لكنه لم يعلم بالتساوي.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 433)


[مسألة 15:إذا عزم على إقامة العشرة ثم عدل عن قصده]

[2316]مسألة 15:إذا عزم على إقامة العشرة ثم عدل عن قصده فإن كان صلى مع العزم المذكور رباعية بتمام بقي على التمام ما دام في ذلك المكان،و إن لم يصلّ أصلا أو صلى مثل الصبح و المغرب أو شرع في الرباعية لكن لم يتمها و إن دخل في ركوع الركعة الثالثة رجع إلى القصر(1)،و كذا لو أتى بغير الفريضة الرباعية مما لا يجوز فعله للمسافر كالنوافل و الصوم و نحوهما،فإنه يرجع إلى القصر مع العدول،نعم الأولى الاحتياط مع الصوم إذا كان العدول عن قصده بعد الزوال،و كذا لو كان العدول في أثناء الرباعية بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة بل بعد القيام إليها و إن لم يركع بعد.

[مسألة 16:إذا صلى رباعية بتمام بعد العزم على الاقامة لكن مع الغفلة عن إقامته ثم عدل]

[2317]مسألة 16:إذا صلى رباعية بتمام بعد العزم على الاقامة لكن مع الغفلة عن إقامته ثم عدل فالظاهر كفايته في البقاء على التمام(2)،و كذا لو
هذا له ثلاث صور..

الأولى:أن يعدل عن نية الاقامة و هو لا يزال في الركعتين الأوليين،فينتقل عند العدول إلى نية القصر و يتمها قصرا،و لا شيء عليه.

الثانية:أن يعدل عن نية الاقامة بعد أن قام إلى الركعة الثالثة و قبل أن يركع فحينئذ يلغي القيام و يجلس و يسلم و يختم صلاته قصرا و لا شيء عليه.

الثالثة:أن يعدل عن نية الاقامة بعد أن دخل في ركوع الركعة الثالثة و في هذه الحالة تبطل صلاته إذ لا يمكن إتمامها قصرا للركوع الزائد،و لا تماما للعدول عن نية الاقامة،فإذن لا بد من اعادة الصلاة قصرا.

بل الأظهر عدم الكفاية إذا لم تستند الصلاة تماما إلى قصد الاقامة،بل وقعت عن ذهول و غفلة،و تدل على ذلك صحيحة أبي ولاد الحناط قال:«قلت

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 434)


صلاها تماما لشرف البقعة كمواطن التخيير و لو مع الغفلة عن الاقامة(1)، و إن كان الأحوط الجمع بعد العدول حينئذ،و كذا في الصورة الاولى.

[مسألة 17:لا يشترط في تحقق الاقامة كونه مكلفا بالصلاة]

[2318]مسألة 17:لا يشترط في تحقق الاقامة كونه مكلفا بالصلاة فلو نوى الاقامة و هو غير بالغ ثم بلغ في أثناء العشرة وجب عليه التمام في بقية
لأبي عبد اللّه عليه السّلام:إني كنت نويت حين دخلت المدينة أن أقيم بها عشرة أيام و أتم الصلاة،ثم بدا لي أن لا أقيم بها،فما ترى لي أتم أم أقصر؟قال:إن كنت دخلت المدينة و حين صليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك أن تقصر حتى تخرج منها،و إن كنت حين دخلتها على نيتك التمام فلم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك أن لا تقيم،فأنت في تلك الحال بالخيار،إن شئت فانو المقام عشرا و أتم،و إن لم تنو المقام عشرا فقصر ما بينك و بين شهر،فإذا مضى لك شهر فأتم الصلاة…». 1

فإن المتفاهم العرفي منها سؤالا و جوابا بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو أن الصلاة تماما إذا كانت مستندة إلى نية الاقامة توجب لغوية العدول و تجعل وجوده كالعدم لا مطلقا و إن لم تكن مستندة إليها،بل صلى ذاهلا و غافلا عنها نهائيا،و عليه فلا إطلاق للصحيحة من هذه الناحية.

فالنتيجة:ان الظاهر منها عرفا ان العدول عن نية الاقامة بعد الصلاة تماما لا أثر له شريطة أن يكون التمام مستندا إليها،و أما إذا لم يكن مستندا إليها،كما إذا صلى تماما ذاهلا عنها،أو صلى تماما بدلا عن صلاة تامة فائتة في وقتها لسبب أو لآخر،أو في أماكن التخيير فلا يمنع عن تأثير العدول،و إن كانت رعاية الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام بعد العدول ما دام في المدينة أولى و أجدر.

ظهر أنها لا تمنع عن تأثير العدول إذا كانت مستندة إلى شرف البقعة لا إلى نية الاقامة سواء أ كان غافلا عنها أم لا،و إن كان الأجدر و الأولى هو الاحتياط.


 

1) <page number=”434″ />الوسائل ج 8 باب:18 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 435)


الأيام،و إذا أراد التطوع بالصلاة قبل البلوغ يصلي تماما،و كذا إذا نواها و هو مجنون إذا كان ممن يتحقق منه القصد أو نواها حال الافاقة ثم جنّ ثم أفاق،و كذا إذا كانت حائضا حال النية فإنها تصلي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماما بل إذا كانت حائضا تمام العشرة يجب عليها التمام ما لم تنشئ سفرا.

[مسألة 18:إذا فاتته الرباعية بعد العزم على الاقامة ثم عدل عنها بعد الوقت]

[2319]مسألة 18:إذا فاتته الرباعية بعد العزم على الاقامة ثم عدل عنها بعد الوقت فإن كانت مما يجب قضاؤها و أتى بالقضاء تماما ثم عدل فالظاهر كفايته في البقاء على التمام(1)،و أما إن عدل قبل إتيان قضائها أيضا فالظاهر العود إلى القصر و عدم كفاية استقرار القضاء عليه تماما،و إن كان الأحوط الجمع حينئذ ما دام لم يخرج،و إن كانت مما لا يجب قضاؤه كما إذا فاتت لأجل الحيض أو النفاس ثم عدلت عن النية قبل إتيان صلاة تامة رجعت إلى القصر،فلا يكفي مضي وقت الصلاة في البقاء على التمام.

[مسألة 19:العدول عن الاقامة قبل الصلاة تماما قاطع لها من حينه و ليس كاشفا عن عدم تحققها من الأول]

[2320]مسألة 19:العدول عن الاقامة قبل الصلاة تماما قاطع لها من حينه(2)و ليس كاشفا عن عدم تحققها من الأول،فلو فاتته حال العزم عليها
مر أن الأظهر عدم الكفاية على أساس ان الظاهر من الصحيحة عرفا أن يكون اتمام الصلاة مستندا إلى نية الاقامة لا إلى سبب آخر،و بما أنه مستند إلى سبب آخر و هو الوفاء عما في ذمته من الصلاة التامة الفائتة في وقتها فلا يكون مانعا عن تأثير العدول،و لكن مع ذلك لا بأس بالاحتياط.

هذا هو الصحيح و لكن لا من جهة ان ذلك هو مقتضى اطلاقات أدلة الاقامة في بلد أو قرية عشرة أيام،فإن قضية تلك الاطلاقات أن نية الاقامة انما هي موضوع لوجوب التمام شريطة استمرارها إلى تمام العشرة و لا نظر لها إلى أن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 436)


……….

موضوع وجوب التمام هو حدوث تلك النية مطلقا و إن لم تستمر إلى تمام العشرة، بل من جهة صحيحة أبي ولاّد المتقدمة،فإنها تنص على أن المسافر المقيم في بلد إذا صلى تماما صحت صلاته واقعا و إن عدل بعد ذلك عن نية الاقامة و عدم البقاء فيه عشرة أيام،فإن هذا يكشف عن أن نية الاقامة بحدوثها تمام الموضوع لوجوب التمام من دون أن تكون مشروطة بالاستمرار و البقاء إلى تمام العشرة.

و إن شئت قلت:ان الصحيحة تدل على أمرين:

أحدهما:ان المسافر إذا قرر الاقامة في بلد فحكمه التمام،و إذا صلى فيه صلاة تامة صحت و إن عدل عن نية الاقامة فيه بعد ذلك و خرج منه قبل اتمام العشرة،و هذا كاشف عن أن وجوب التمام يحدث بحدوث نية الاقامة فيه بدون كونه مشروطا ببقاء النية إلى تمام العشرة بنحو الشرط المتأخر.

و الآخر:انه إذا عدل عن نية الاقامة و أراد مواصلة سفره فمقتضى القاعدة وجوب القصر عليه و إن لم يخرج بعد عن بلد الاقامة لعدم صدق عنوان المقيم عليه فيه عشرة أيام،و لكن الصحيحة تدل على أن حكمه هو التمام ما دام لم يخرج من البلد شريطة أن يصلى تماما.

فالنتيجة:ان المستفاد منها عرفا أن العدول عن نية الاقامة قاطع لها من حينه لا كاشف عن عدم تحققها من الأول،فإن موضوع وجوب التمام في الواقع لا يخلو من أن يكون نية الاقامة مطلقا من دون اشتراطها بالبقاء و الدوام إلى العشرة،أو يكون حصة خاصة منها و هي الحصة المستمرة إلى تمام العشرة،فعلى الأول يكون العدول قاطعا لها من حينه،و على الثاني يكون كاشفا عن عدم تحققها من الأول، فلو كان الموضوع لوجوب التمام نية الاقامة على النحو الثاني لم يمكن الحكم بصحة الصلاة تماما إذا عدل عنها بعدها،فإن عدوله كاشف عن عدم تحقق

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 437)


صلاة أو صلوات أيام ثم عدل قبل أن يصلي صلاة واحدة بتمام يجب عليه قضاؤها تماما،و كذا إذا صام يوما أو أياما حال العزم عليها ثم عدل قبل أن يصلي صلاة واحدة بتمام فصيامه صحيح،نعم لا يجوز له الصوم بعد العدول لأن المفروض انقطاع الاقامة بعده.

[مسألة 20:لا فرق في العدول عن قصد الاقامة بين أن يعزم على عدمها أو يتردد فيها]

[2321]مسألة 20:لا فرق في العدول عن قصد الاقامة بين أن يعزم على عدمها أو يتردد فيها في أنه لو كان بعد الصلاة تماما بقي على التمام،و لو كان قبله رجع إلى القصر.

[مسألة 21:إذا عزم على الاقامة فنوى الصوم ثم عدل بعد الزوال قبل الصلاة تماما رجع إلى القصر في صلاته]

[2322]مسألة 21:إذا عزم على الاقامة فنوى الصوم ثم عدل بعد الزوال قبل الصلاة تماما رجع إلى القصر في صلاته،لكن صوم ذلك اليوم صحيح(1)لما عرفت من أن العدول قاطع من حينه لا كاشف،فهو كمن
الموضوع من الأول،و مع عدم الموضوع فلا يمكن الحكم بصحتها،و بما أن الصحيحة تنص على ان الموضوع لوجوب التمام هو نية الاقامة على النحو الأول فلا يبقى مجال للشك و التردد فيه.

و على هذا فإذا فاتت منه صلاة الظهر و العصر أو العشاء بعد نية الاقامة و قبل العدول ثم عدل بعد أن صلى تماما وجب قضاؤها تامة على أساس أن الصلاة المقضي بها لا بد أن تكون مماثلة للصلاة الفائتة بمقتضى قوله عليه السّلام:«اقض ما فات كما فات…». 1

في الصحة إشكال بل منع،لأن التعدي عن مورد الروايات الدالة على أن وظيفة المسافر في شهر رمضان إذا كان سفره بعد الزوال هو صيام ذلك اليوم و عدم جواز الافطار إلى المقام بحاجة إلى قرينة و لا قرينة في نفس تلك الروايات من تعليل أو نحوه،و لا من الخارج،و القطع بعدم الفرق بين المقام و مورد تلك الروايات مبني على احراز اشتراكهما في الملاك و الفرض انه لا طريق لنا إلى ذلك.


 

1) <page number=”437″ />الوسائل ج 8 باب:6 من أبواب قضاء الصّلوات الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 438)


صام ثم سافر بعد الزوال.

[مسألة 22:إذا تمت العشرة لا يحتاج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة]

[2323]مسألة 22:إذا تمت العشرة لا يحتاج في البقاء على التمام إلى إقامة جديدة،بل إذا تحققت بإتيان رباعية تامة كذلك فما دام لم ينشئ
و دعوى:ان الروايات المذكورة تدل على حكم المقام بالأولوية القطعية على أساس أنها تدل على أن السفر إذا كان بعد الزوال لا يوجب الافطار،فما ظنك بنيته المجردة من دون التلبس به فعلا كما في المقام،حيث انه قد عدل عن نية الاقامة بعد الزوال و نوى السفر،فإذا لم يكن السفر بعد الزوال المشتمل عليها موجبا للإفطار،فالنية المجردة بالأولوية القطعية…

مدفوعة:بأن مورد الروايات هو المسافر عن بلدته أو محل إقامته بعد الاتيان بالصلاة تماما فيه،فإن سفره حينئذ إن كان قبل الزوال وجب عليه الافطار، و إن كان بعده وجب عليه اتمام الصيام و هو غير المقام،فإن المفروض فيه ان المسافر قد عدل عن نية الاقامة قبل الاتيان بالصلاة تامة و هو يهدم الاقامة،فإذن الحكم بصحة صومه رغم كونه مسافرا و غير مقيم فعلا بحاجة إلى دليل،هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى ان الحكم في مورد الروايات بما أنه يكون على خلاف القاعدة فالتعدي عنه إلى المقام بحاجة إلى قرينة،و حيث لا قرينة فلا يمكن التعدي،و لا مجال حينئذ لدعوى الأولوية القطعية،فإنه إن أريد بها الأولوية العقلية،فيرد عليها أنها تبتني على احراز الملاك فيه جزما و هو لا يمكن لعدم الطريق إليه.

و إن اريد بها الأولوية العرفية،فيرد عليها أنها تبتني على أن يكون الحكم الثابت في مورد الروايات موافقا للقاعدة و الارتكاز العرفي حتى لا يرى العرف فرقا بين مورد الروايات و بين المقام.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 439)


سفرا جديدا يبقى على التمام.

[مسألة 23:كما أن الاقامة موجبة للصلاة تماما و لوجوب أو جواز الصوم كذلك موجبة لاستحباب النوافل الساقطة حال السفر]

[2324]مسألة 23:كما أن الاقامة موجبة للصلاة تماما و لوجوب أو جواز الصوم كذلك موجبة لاستحباب النوافل الساقطة حال السفر و لوجوب الجمعة(1)و نحو ذلك من أحكام الحاضر(2).

[مسألة 24:إذا تحققت الاقامة و تمت العشرة أولا و بدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة]

[2325]مسألة 24:إذا تحققت الاقامة و تمت العشرة أولا و بدا للمقيم الخروج إلى ما دون المسافة و لو ملفقة فللمسألة صور:

الأولى:أن يكون عازما على العود إلى محل الاقامة و استئناف إقامة عشرة أخرى(3)،و حكمه وجوب التمام في الذهاب و المقصد و الاياب
في الوجوب إشكال بل منع،و الأظهر عدم وجوبها على المسافر المقيم أيضا بناء على ما هو الصحيح من أن قصد الاقامة لا يكون قاطعا للسفر و إنما يقطع حكمه،و على هذا فمقتضى الروايات التي تنص على استثناء المسافر عمن تجب عليه الجمعة عدم الفرق بين غير المقيم من المسافر و المقيم منه.

بل المقيم أيضا،فإن مقتضى مجموعة من الروايات التي تنص على أن الصلاة في السفر ركعتان و ليس قبلهما و لا بعدهما شيء سقوط نوافل الظهرين و العشاء عن المسافر في السفر بسقوط ركعتين من هذه الصلوات فيه،و لا تدل على سقوطها عنه مطلقا حتى فيما إذا أقام في بلد عشرة أيام،على أساس أنها تنفي مشروعية النوافل عن المسافر الذي تكون وظيفته الاتيان بتلك الصلوات قصرا،و لا نظر لها إلى المسافر المقيم الذي تكون وظيفته الاتيان بها تماما لا نفيا و لا إثباتا،فمن أجل ذلك يرجع فيه إلى اطلاقات أدلة مشروعية النوافل.

و فيه:ان وجوب التمام لا يتوقف في كل حالات هذه الصورة من الذهاب و الاياب و المقصد و محل الاقامة على نية اقامة عشرة أيام جديدة فيه،بل يكفى في بقاء وجوب التمام ان لا يكون خروجه عن محل الاقامة بنية السفر

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 440)


……….

الشرعي و هو ثمانية فراسخ،لما مر من ان الخروج عن محل الاقامة إلى ما دون المسافة لا يضر إذا كان ساعة أو ساعتين،أو أكثر ما دام يكون مبيته و مأواه و محط رحله هناك،و على هذا فإذا خرج عن محل إقامته إلى ما دون المسافة عازما على العود إليه و البقاء فيه يوما أو يومين أو أكثر،ثم يخرج منه عازما السفر الشرعي فحكمه التمام في الذهاب و المقصد و العود و محل الاقامة على أساس انه غير قاصد السفر بقدر المسافة.

و دعوى:ان الاقامة لما لم تكن قاطعة للسفر كالدخول في الوطن،و انما هي قاطعة لحكمه و هو وجوب القصر،فالخروج عن مكانها ليس سفرا جديدا،و إنما هو استمرار للسفر الأول،و المفروض انه بقدر المسافة..

مدفوعة:بان الاقامة و إن كانت تنهي حكم السفر دون نفسه،الاّ أن هذا السفر بما انه منته حكما فلا أثر له،فإذن وجوب القصر عليه مرة أخرى يتوقف على سفر جديد منه بقدر المسافة،و لا فرق من هذه الناحية بين الخروج عن محل الاقامة و الخروج عن الوطن،هذا إذا لم يبت في المقصد ليلة أو ليلتين أو أكثر،و إما إذا بات فيه كذلك فحينئذ إن كان خروجه عن محل الاقامة بعد تمامية عشرة أيام لم يقدح المبيت فيه،فإنه سواء أ بات أم لم يبت فحكمه التمام ما لم يقصد السفر بقدر المسافة،و إن كان خروجه منه في أثناء العشرة فحكمه القصر لما مر من ان الاقامة لا بد أن تكون في مكان واحد طيلة عشرة أيام،فإذا بات في المقصد ليلة أو ليلتين أو أكثر فمعناه انه لم يقم في مكان واحد تمام العشرة،فإذن هو مسافر غير مقيم في الواقع فحكمه القصر،و عندئذ فإن كان جاهلا بالمسألة و صلى تماما صحت صلاته و لا شيء عليه،على أساس الروايات التي تنص على صحة التمام موضع القصر للجاهل بالحكم،و إن لم يكن جاهلا بها بل صلى تماما ذاهلا و غفلة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 441)


و محل الاقامة الاولى،و كذا إذا كان عازما على الاقامة في غير محل الاقامة الاولى(1)مع عدم كون ما بينهما مسافة.

فحينئذ إن انكشف الحال في الوقت وجبت اعادتها،و الاّ لم يجب القضاء.

نعم في هذا الفرض إذا قصد الاقامة في المحل الأول بعد عوده اليه فحكمه التمام فيه و لكن هذا الفرض خارج عن فرض المسألة.

فيه ان وجوب التمام في غير محل الاقامة الاولى لا يتوقف على نية الاقامة فيه في مفروض المسألة و هو خروج المقيم عن محل اقامته الاولى بعد تمامية عشرة أيام و عدم نية سفر جديد بقدر المسافة،و ذلك لما مر من أنه إذا خرج منه بعد تمامية العشرة و لم يكن ناويا للسفر الشرعي و هو ثمانية فراسخ، و إنما نوى الخروج إلى بلد كان دون المسافة فعليه أن يتم سواء أ بات فيه ليلة أو ليلتين أو أكثر أم لا،بل و إن كان يبقى فيه عشرة أيام،لأن وجوب التمام فيه مستند إلى بقائه في محل الاقامة الاولى طيلة عشرة أيام،و عدم إنشاء سفر جديد بقدر المسافة لا إلى قصده الاقامة في ذلك البلد الذي هو دون المسافة،فإنه سواء أ كان قاصدا الاقامة فيه أم لا فحكمه التمام ما دام لم ينشئ سفرا شرعيا جديدا آخر من محل اقامته الأول.

نعم إذا أنشأ ذلك و بدأ بقطع المسافة و لكن وصل في أثناء الطريق إلى مكان بنى على أن يبقى فيه عشرة أيام و هو كان دون المسافة،فعندئذ يكون وجوب التمام مستندا إلى قصده الاقامة فيه دون الأول،و لكن ذلك خارج عن محل الفرض في المسألة و هو الخروج إلى ما دون المسافة.

و أما إذا خرج عن محل الاقامة الاولى في أثناء العشرة و قبل تماميتها،كما إذا بقي فيه خمسة أيام ثم خرج منه إلى بلد آخر كان دون المسافة و قصد فيه الاقامة عشرة أيام ففي مثل هذه الحالة لم تتحقّق الاقامة في المحل الأول،و تكون

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 442)


الثانية:أن يكون عازما على عدم العود إلى محل الاقامة و حكمه وجوب القصر إذا كان ما بقي من محل إقامته إلى مقصده مسافة(1)أو كان مجموع ما بقي مع العود إلى بلده أو بلد آخر مسافة و لو كان ما بقي أقل من أربعة على الأقوى من كفاية التلفيق(2)و لو كان الذهاب أقل من أربعة.

الثالثة:أن يكون عازما على العود إلى محل الاقامة من دون قصد إقامة مستأنفة لكن من حيث إنه منزل من منازله في سفره الجديد،و حكمه وجوب القصر أيضا في الذهاب و المقصد و محل الاقامة(3).

وظيفته القصر فيه و في الذهاب إلى ذلك البلد الذي قصد اقامة العشرة فيه،غاية الأمر إن كان جاهلا بالمسألة صح ما صلاة فيه و في الذهاب تماما،و إن لم يكن جاهلا بها و لكنه أتى بالصلاة تماما ذاهلا و غافلا وجبت الاعادة في الوقت دون خارج الوقت على ما مر.و لكن هذا الفرض خارج عن محل كلام الماتن(قده)في المسألة.

هذه الصورة خارجة عن صور مسألة الخروج إلى ما دون المسافة،لأنه كان فيها ناويا الخروج إلى مقدار المسافة و عازم عليه،و حكمه لا محالة القصر.

في كفايته إذا عاد إلى بلده إشكال إذا لم يكن كل من الذهاب من البلد و العود إليه مساويا كما تقدم.و الأحوط و الأجدر وجوبا حينئذ أن يجمع بين القصر و التمام في كل من الظهر و العصر و العشاء،فيصلي مرة قصرا و أخرى تماما.

و أما إذا عاد إلى بلد آخر و كان مجموع ما بقي و العود إليه بقدر المسافة فهو ليس من التلفيق،بل هو من السفر امتدادا في مقابل العود إلى الوطن.

هذا شريطة أحد أمرين..

الأول:كفاية التلفيق مطلقا و إن كان الذهاب أقل من أربعة فراسخ.

الثاني:أن يكون الرجوع من المقصد مارا على محل الاقامة إلى بلده بقدر

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 443)


الرابعة:أن يكون عازما على العود إليه من حيث إنه محل إقامته بأن لا يكون حين الخروج معرضا عنه بل أراد قضاء حاجة في خارجه و العود إليه ثم إنشاء السفر منه و لو بعد يومين أو يوم بل أو أقل،و الأقوى في هذه الصورة البقاء على التمام في الذهاب و المقصد و الإياب و محل الاقامة ما لم ينشئ سفرا(1)،و إن كان الأحوط الجمع في الجميع خصوصا في الاياب
المسافة المحددة شرعا،فإنه حينئذ يجب القصر في الذهاب عن محل الاقامة، و في المقصد و الرجوع إلى بلده لا على أساس كفاية التلفيق،بل على أساس ان الرجوع وحده كان بقدر المسافة المحددة.

و أما إذا لم يكن الرجوع وحده بقدر المسافة،بل مع ضم الذهاب من محل الاقامة إليه،فعندئذ يكون الحكم مبنيا على الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام في الذهاب و المقصد و الإياب.

هذا إذا كان خروجه عن محل الاقامة إلى بلد كان دون المسافة،و كان بعد انتهاء عشرة أيام،فإن حكمه التمام في كل الحالات المذكورة،سواء أ كان يمكث في ذلك البلد مدة أم لا.

نعم إذا كان خروجه عن محل الاقامة إلى ما دون المسافة قبل انتهاء عشرة أيام،فإن كان بمقدار ساعة أو ساعتين أو أكثر ثم رجع إلى محل إقامته فحكمه التمام و إن كان خروجه بيوم أو يومين أو أكثر فهو يهدم اقامته على أساس ما عرفت من أن الاقامة لا بد أن تكون في مكان واحد طيلة عشرة أيام،و الفرض أنه لم يبق فيه طيلة العشرة،فإذن هو غير مقيم و حكمه القصر،غاية الأمر ان ما صلاة تماما إن كان عن جهل بالمسألة صح،و إن كان عن غفلة و اعتقاد،فإن كان في الوقت وجبت الاعادة و الاّ فلا.

و دعوى:ان الاقامة قد استقرت بالاتيان بصلاة أربع ركعات،و حينئذ فما دام

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 444)


و محل الاقامة(1).

الخامسة:أن يكون عازما على العود إلى محل الاقامة لكن مع التردد في الاقامة بعد العود و عدمها،و حكمه أيضا وجوب التمام(2)،و الأحوط
هو في محل الاقامة كان حكمه التمام و إن عدل عن نية الاقامة بعد ذلك،و على هذا فبما أن خروجه عن محل الاقامة إلى ما دون المسافة بعد استقرارها بالاتيان بالصلاة تماما فلا محالة تكون وظيفته التمام ما لم ينشئ سفرا جديدا…

مدفوعة:بأن تلك المسألة لا ترتبط بمسألتنا هذه في محل الكلام،لأن الكلام في تلك المسألة إنما هو أن من نوى الاقامة في بلد ثم عدل عن نية الاقامة فيه فإن كان العدول بعد الاتيان بالصلاة تماما فلا أثر له ما دام لم يخرج منه قاصدا السفر الشرعي،و إن كان قبل الاتيان بها ظل على القصر.

و أما المسألة في محل الكلام فهي ان الاقامة في بلد لا تتحقق الا بالبقاء فيه طيلة عشرة أيام،فلو نوى الاقامة في بلد و في الاثناء و قبل تمامية العشرة ذهب إلى بلد كان دون المسافة و بقي فيه يومين أو أكثر لم تتحقق الاقامة سواء أعلم بذلك من الأول أم لا.

فالنتيجة:انه لا ارتباط بين المسألتين أصلا.

ظهر مما سبق أنه لا خصوصية فيهما،فإنه ما دام لم ينو السفر الشرعي و كان خروجه عن محل الاقامة بعد تمامية العشرة إلى ما دون المسافة فحكمه التمام في جميع الحالات على حد سواء كما إنه إذا نوى السفر الشرعي أو كان خروجه عن محل اقامته قبل تمامية العشرة،و بقى فيما دون المسافة يوما أو يومين،ثم رجع فإن حكمه القصر من حين خروجه و بدئه بقطع المسافة و لو بخطوة واحدة إلى انتهاء سفره.

يظهر حكمه مما مر في الصورة الرابعة،حيث انه لم ينو السفر الشرعي

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 445)


الجمع كالصورة الرابعة.

السادسة:أن يكون عازما على العود مع الذهول عن الاقامة و عدمها، و حكمه أيضا وجوب التمام،و الأحوط الجمع كالسابقة.

السابعة:أن يكون مترددا في العود و عدمه أو ذاهلا عنه،و لا يترك الاحتياط بالجمع فيه(1)في الذهاب و المقصد و الاياب و محل الاقامة إذا عاد إليه إلى أن يعزم على الاقامة أو ينشئ السفر،و لا فرق في الصور التي قلنا فيها بوجوب التمام بين أن يرجع إلى محل الاقامة في يومه أو ليلته أو بعد أيام،هذا كله إذا بدا له الخروج إلى ما دون المسافة بعد العشرة أو في أثنائها بعد تحقق الاقامة،و أما إذا كان من عزمه الخروج في حال نية الاقامة(2)فقد مرّ أنه إن كان من قصده الخروج و العود عما قريب و في
في كلتا الصورتين،و كان خروجه عن محل اقامته فيهما معا إلى ما دون المسافة و بعد تمامية العشرة،غاية الأمر انه في الصورة الرابعة عازم على أن لا ينوي الاقامة بعد العود،و في هذه الصورة متردد فيها،و لكن لا أثر لذلك و لا قيمة له بعد أن كان التردد مانعا عن العزم على السفر الشرعي.

و بما ذكرنا يظهر حال الصورة السادسة أيضا،فانها تشترك معهما في عدم إنشاء سفر جديد،غاية الأمر انه مستند إلى الذهول و الغفلة.

لكن الأقوى هو التمام في جميع الحالات،لأن القصر إنما يجب عليه شريطة أن يكون عازما على السفر الشرعي،و المفروض انه متردد فيه،أو غافل عنه و غير عازم عليه،و معه يكون حكمه التمام.

تقدم انه لا فرق بين أن تكون نية الخروج إلى بلد آخر كان دون المسافة في وقت نية الاقامة،أو تكون في أثناء العشرة،فإن كان الخروج إليه في زمن قليل كساعة أو ساعتين أو أكثر لم يضر بصدق الاقامة هناك،و أما إذا كان كثيرا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 446)


……….

كما إذا بات فيه ليلة أو ليلتين فهو يهدم الاقامة حيث يعتبر فيها أن تكون طيلة عشرة أيام في بلد واحد،و المفروض انه في هذه الحالة لم يبق فيه طيلة العشرة، و لا فرق فيه بين أن ينوي ذلك من الأول أو في الاثناء.كما إذا نوى الاقامة ثمانية أيام في النجف الاشرف و يومين في الكوفة مثلا أو نوى الاقامة عشرة ايام في النجف و لكن في الاثناء تغير رأيه و بنى على الاقامة يومين من العشرة في الكوفة، فإنّه على كلا التقديرين لم تتحقق الاقامة المحددة شرعا في النجف.

نعم إذا نوى الاقامة في مكان واحد و صلى فيه تماما يبقى على التمام و إن عدل بعد ذلك عن نية الاقامة ما دام لم يخرج عنه ناويا السفر الشرعي،و ذلك للنص الخاص و هو صحيحة أبي ولاد المتقدمة فإنه يكشف عن أن موضوع وجوب التمام نية اقامة عشرة أيام في بلد بحدوثها،فإذا نوى الاقامة فيه كان حكمه التمام،و إذا صلى فيه صلاة واحدة تماما ظل وجوب التمام باقيا و إن عدل عنها و تغير رأيه و قرر عدم البقاء فيه طيلة العشرة ما لم يخرج،فإذا خرج و بدأ بقطع المسافة و لو بخطوة واحدة وجب القصر.

فالنتيجة:ان وجوب التمام حدوثا و بقاء لا يدور مدار تحقق الاقامة المحددة من قبل الشرع و هي البقاء فيه طيلة العشرة،و ليس معنى النص ان الاقامة تحققت واقعا بذلك،بل معناه أن على المسافر الذي نوى الاقامة في مكان و صلى فيه تماما مرة واحدة أن يواصل في التمام و إن عدل بعد ذلك ما لم يخرج ناويا للسفر الشرعي،فإذن لا بد من الاقتصار على مورده،و لا يمكن التعدي عنه إلى ما نحن فيه و هو ما إذا قرر إقامة عشرة أيام في بلد كالنجف مثلا و في الاثناء و قبل تمامية العشرة تغير رأيه و بنى على أن يبقى يومين أو أكثر من العشرة في الكوفة، فإذا صنع ذلك فمعناه أن الاقامة لم تتحقق لا واقعيا و لا تفصيلا و كان حكمه القصر،

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 447)


ذلك اليوم من غير أن يبيت خارجا عن محل الاقامة فلا يضر بقصد إقامته و يتحقق معه،فيكون حاله بعد ذلك حال من بدا له،و أما إن كان من قصده الخروج إلى ما دون المسافة في ابتداء نيته مع البيتوتة هناك ليلة أو أزيد فيشكل معه تحقق الاقامة(1)،و الأحوط الجمع من الأول إلى الآخر إلا إذا نوى الاقامة بدون القصد المذكور جديدا أو يخرج مسافرا.

[مسألة 25:إذا بدا للمقيم السفر ثم بدا له العود إلى محل الاقامة و البقاء عشرة أيام]

[2326]مسألة 25:إذا بدا للمقيم السفر ثم بدا له العود إلى محل الاقامة و البقاء عشرة أيام فإن كان ذلك بعد بلوغ أربعة فراسخ قصّر في الذهاب و المقصد و العود،و إن كان قبله فيقصّر حال الخروج بعد التجاوز عن حد الترخص(2)،إلى حال العزم على العود و يتم عند العزم عليه،و لا يجب
و حينئذ ما صلاة تماما فإن كان جاهلا بالحكم صح و لا شيء عليه،و إن كان عن ذهول و غفلة،فإن كان في الوقت أعاد قصرا،و الاّ فلا شيء عليه.

و قد تحصل من ذلك أن عدم تحقق الاقامة مرة يكون على أساس ان المسافر الذي نوى الاقامة في بلد و صلى فيه تماما ثم عدل و بنى على الخروج منه ناويا السفر الشرعي،و أخرى يكون على أساس ان المسافر الذي نوى الاقامة في بلد ثم تغير رأيه و بنى على أن يبقى يومين أو أكثر من الأيام العشرة في بلد آخر يبعد عن البلد الأول أقلّ من المسافة كالمثال المذكور.فمورد النص هو الأول دون الثاني،فإذن لا بد من العمل في الثاني على طبق ما هو مقتضى القاعدة كما عرفت، كما أنه لو لا النص لكان مقتضى القاعدة في الأول أيضا وجوب القصر في الواقع.

مر ان الاقوى عدم تحقق الاقامة مطلقا حتى فيما إذا لم يكن ناويا الخروج إلى ما دون المسافة من الأول،و إنما نوى ذلك في الاثناء.

تقدم في المسألة(65)من فصل(صلاة المسافر)ان حد الترخص غير معتبر في السفر عن محل الاقامة،و لا من البلد الذي مكث فيه ثلاثين يوما مترددا.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 448)


عليه قضاء ما صلى قصرا(1)،و أما إذا بدا له العود بدون إقامة جديدة بقي على القصر حتى في محل الاقامة(2)لأن المفروض الإعراض عنه(3)،و كذا لو ردته الريح أو رجع لقضاء حاجة كما مر سابقا.

[مسألة 26:لو دخل في الصلاة بنية القصر ثم بدا له الاقامة في أثنائها أتمها و أجزأت]

[2327]مسألة 26:لو دخل في الصلاة بنية القصر ثم بدا له الاقامة في أثنائها أتمها و أجزأت،و لو نوى الاقامة و دخل في الصلاة بنية التمام فبدا له
بل الظاهر وجوب اتيانه تماما في الوقت و خارجه،و قد مر وجه ذلك في المسألة(24)من فصل(صلاة المسافر)موسعا.

هذا فيما إذا رجع مارا بمحل الاقامة،لأن معنى ذلك انه نوى السفر من حين خروجه عنه إلى المقصد،ثم العود إلى بلده مارا به،فحينئذ إن كان عوده من المقصد إلى بلده وحده مسافة وجب عليه القصر من حين خروجه عن محل إقامته،و إن كان بضم الذهاب إليه مسافة فالأجدر و الأحوط وجوبا هو الجمع بين القصر و التمام في الذهاب و العود و محل الاقامة،و إن رجع ناويا أن يبقى فيه يوما أو يومين أو أكثر من دون أن يقرر إقامة جديدة،ثم بدأ بالسفر كان حكمه التمام في الكل،أي في الذهاب و المقصد و الاياب إلى أن ينشئ سفرا جديدا شريطة أن يكون خروجه عن محل إقامته إلى ما دون المسافة بعد تمامية العشرة،أو كان قبلها لكن مشروطا بأن لا يبيت في المقصد و يرجع في نفس اليوم،و الاّ فحكمه القصر في الكل.

في التعليل إشكال بل منع،فان الاعراض عن محل الاقامة لا قيمة له، و لا يوجب سقوط حكمه إذا صلى فيه تماما ما لم يخرج عنه ناويا السفر الشرعي، فإذا خرج عنه كذلك سقط حكمه،و الاّ فلا لأن الغاية في صحيحة أبي ولاد لوجوب التمام هي الخروج السفري،و مقتضى اطلاقها انه ما لم يخرج منه ناويا السفر الشرعي كان حكمه التمام أعرض عنه أم لم يعرض.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 449)


السفر،فإن كان قبل الدخول في الركعة الثالثة أتمها قصرا و اجتزأ بها،و إن كان بعده بطلت و رجع إلى القصر(1)ما دام لم يخرج(2)،و إن كان الأحوط إتمامها تماما و إعادتها قصرا و الجمع بين القصر و الاتمام ما لم يسافر كما مر.

[مسألة 27:لا فرق في إيجاب الاقامة لقطع حكم السفر و إتمام الصلاة بين أن يكون محللة أو محرمة]

[2328]مسألة 27:لا فرق في إيجاب الاقامة لقطع حكم السفر و إتمام الصلاة بين أن يكون محللة أو محرمة كما إذا قصد الاقامة لغاية محرمة من قتل مؤمن أو سرقة ماله أو نحو ذلك كما إذا نهاه عنها والده أو سيده أو لم يرض بها زوجها.

[مسألة 28:إذا كان عليه صوم واجب معين غير رمضان كالنذر أو الاستئجار أو نحوهما وجب عليه الاقامة]

[2329]مسألة 28:إذا كان عليه صوم واجب معين غير رمضان كالنذر أو الاستئجار أو نحوهما وجب عليه الاقامة(3)مع الامكان.

فيه ان العبرة انما هي بالدخول في ركوع الركعة الثالثة لا في نفس الركعة،و عليه فإن كان العدول قبل الدخول في ركوعها و إن كان بعد القيام فيها و إكمال التسبيحات الغى القيام و ما بعده و أتمها قصرا،و إن كان بعد الدخول فيه بطلت.

الظاهر أن وقوع هذه الجملة في هذا المورد من سهو القلم و من باب الاشتباه في التطبيق.

في اطلاقه اشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل بين الصوم النذري المعين و ما يلحق به و بين الصوم الاستئجاري المعين،أما الصوم النذري فمرة ننظر إليه في ضوء مقتضى القاعدة،و أخرى ننظر إليه في ضوء الروايات.

أما الأول:فلأن مقتضى القاعدة وجوب قصد الاقامة مقدمة للوفاء بالنذر على أساس ان وجوب الصوم بعنوان الوفاء بالنذر فعلي و مطلق و ليس مشروطا بشيء كالحضور،فإذا كان مطلقا كان يحرك المكلف نحو إيجاد تمام مقدماته

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 450)


……….

الوجودية منها قصد الاقامة إذا كان مسافرا،و ترك السفر إذا كان حاضرا باعتبار ان الحضور شرط للواجب،و قد ذكرنا في علم الأصول ان ما كان من شروط الترتب في مرحلة الامتثال فيأخذه قيدا للواجب،و هو على نحوين..

أحدهما:أن يكون الشرط اختيارا.

و الآخر:أن يكون غير اختياري.

و على الثاني فلا بد من أخذه قيدا للوجوب أيضا،إذ لا يمكن الاقتصار على كونه قيدا للواجب مع كون الوجوب فعليا قبله لاستلزام ذلك التكليف بغير المقدور.و من هنا يظهر أن الضابط في جعل شيء قيدا للوجوب أحد أمرين..

الأول:أن يكون من شروط الاتصاف في مرحلة المبادئ.

الثاني:أن يكون من شروط الترتب مع عدم كونه مقدورا كالوقت،فمن أجل ذلك لا يكون محركا قبل وجوده باعتبار أنه لا وجوب و لا ملاك له قبله،و لا مسئولية للمكلف تجاه شروط الاتصاف المسماة بالمقدمات الوجوبية،و هذا بخلاف شروط الترتب،فإن الوجوب فعلي قبل وجودها فلذلك يكون محركا نحوها و مسئولا أمامها.

فالنتيجة:ان وجوب الوفاء بالصوم النذري فعلي و غير مشروط بالحضور في بلده أو بلد اقامته فمن أجل ذلك يكون المكلف مسئولا امام مقدماته الوجودية منها قصد الاقامة.

و أما الثاني:فلأن هناك روايات تنص على عدم وجوب قصد الاقامة مقدمة للوفاء بالصوم النذري و جواز السفر و الاتيان به في يوم آخر بدلا عنه.

منها:صحيحة زرارة قال:«ان أمي كانت جعلت عليها نذرا نذرت للّه في بعض ولدها في شيء كانت تخافه عليه أن تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه عليها،

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 451)


[مسألة 29:إذا بقي من الوقت أربع ركعات و عليه الظهران]

[2330]مسألة 29:إذا بقي من الوقت أربع ركعات و عليه الظهران ففي جواز الاقامة إذا كان مسافرا و عدمه من حيث استلزامه تفويت الظهر و صيرورتها قضاء إشكال،فالأحوط عدم نية الاقامة مع عدم الضرورة(1)،

فخرجت معنا إلى مكة،فاشكل علينا صيامها في السفر،فلم تدر تصوم أو تفطر، فسألت أبا جعفر عليه السّلام عن ذلك،فقال:لا تصوم في السفر،إن اللّه قد وضع عنها حقه في السفر و تصوم هي ما جعلت على نفسها».فانها تنص على عدم وجوب الاقامة عليه إذا كان مسافرا مقدمة للوفاء بالنذر،فإذن لا مناص من الأخذ بها،و العمل على طبقها و رفع اليد عما هو مقتضى القاعدة،ثم ان مورد الصحيحة و إن كان نذر الصوم الا أن الجواب فيها مطلق و هو يعم باطلاقه العهد و اليمين أيضا،على أساس أن وجوب الوفاء بالنذر،كما انه حق للّه تعالى و قد وضعه اللّه تعالى عنه في السفر، كذلك وجوب الوفاء بالعهد و اليمين.

و أما الثاني:و هو الصوم الاستئجاري في يوم معين،فالظاهر وجوب قصد الاقامة مقدمة للوفاء به و ذلك لأنه يختلف عن الصوم النذري و أخويه على أساس أنه حق المستأجر على الأجير دونه فانه حق اللّه على الناذر،و من الواضح انه لا يجوز له تفويت حقه،فمن أجل ذلك لا يعمه النص حيث انه يدل على أن اللّه تعالى قد وضع عنه حقه في السفر،و المفروض ان الصوم الاستئجاري ليس حقا له،بل هو حق المستأجر على الأجير،و على هذا الأساس فتجب عليه الاقامة للوفاء به إذا كان مسافرا و إذا كان حاضرا لم يجز له السفر و الاّ فقد فوت حقه.

بل هو الاقوى حيث ان التكليف فعلي في حقه بتمام مراحله لتمكنه من امتثاله في الوقت،فلا يجوز له تفويته باختياره،فلو نوى الاقامة في هذه الحالة لأدت إلى تفويته اختيارا و هو غير جائز،و هذا بخلاف العكس و هو ما إذا كان حاضرا و لم يبق من الوقت الاّ مقدار أربع ركعات،فإنه لا يجب عليه السفر حينئذ

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 452)


نعم لو كان حاضرا و كان الحال كذلك لا يجب عليه السفر لإدراك الصلاتين في الوقت.

[مسألة 30:اذا نوى الاقامة ثم عدل عنها و شك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماما حتى يبقى على التمام أم لا؟]

[2331]مسألة 30:اذا نوى الاقامة ثم عدل عنها و شك في أن عدوله كان بعد الصلاة تماما حتى يبقى على التمام أم لا؟بنى على عدمها فيرجع الى القصر.

[مسألة 31:إذا علم بعد نية الاقامة بصلاة أربع ركعات و العدول عن الاقامة و لكن شك في المتقدم منهما مع الجهل بتاريخهما رجع إلى القصر]

[2332]مسألة 31:إذا علم بعد نية الاقامة بصلاة أربع ركعات و العدول عن الاقامة و لكن شك في المتقدم منهما مع الجهل بتاريخهما رجع إلى القصر(1)مع البناء على صحة الصلاة لأن الشرط في البقاء على التمام
لإدراك كلتا الصلاتين معا في الوقت باعتبار أنه لا وجوب للظهر قبل السفر.

بل الأحوط وجوبا هو الجمع بين القصر و التمام في الظهر و العصر و العشاء،فيصلى مرة قصرا و أخرى تماما ما لم يخرج عن محل الاقامة ناويا السفر الشرعي،و ذلك لأنه كان يعلم بعد الاقامة بتحقق حادثين..

أحدهما:الصلاة تماما.

و الآخر:العدول عن نية الاقامة،و لكن لا يعلم المتقدم منهما عن المتأخر، و حينئذ فيكون الزمان الواقعي لكل منهما مرددا بين زمانين،فإذا افترضنا ان المسافر ورد في بلد أول الزوال و قرر على الاقامة فيه،ثم علم في الساعتين بعد الزوال بتحققهما معا و شك في المتقدم منهما،و لا يعلم انه صلى تماما في الساعة الأولى و عدل في الساعة الثانية،أو بالعكس،و معنى ذلك أنه يعلم وجدانا بعدم الاتيان بالصلاة في احداهما و عدم العدول في الأخرى.

و على هذا الأساس فلا يجري استصحاب عدم الاتيان بالصلاة تماما إلى واقع زمان العدول و بالعكس لأن استصحاب عدم الصلاة تماما إلى زمان وجود العدول ان لوحظ زمان وجود العدول بنحو الموضوعية الذي يكون مرجعه إلى

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 453)


……….

اثبات التقييد بين الجزءين فهو ممتنع،لأن عدم الصلاة المقيد بزمان العدول ليس له بما هو مقيد حالة سابقة لكي تستصحب،و أما بذاته فهو و إن كانت له حالة سابقة،الا ان استصحابه لا يثبت التقيد الا على القول بالأصل المثبت.

و إن لوحظ زمان وجود العدول بنحو المعرفية الصرفية إلى واقع زمانه بحيث يكون الثابت بالاستصحاب التعبد ببقاء عدم الصلاة في واقع زمان لا طريق لنا إلى الاشارة إليه الاّ بعنوان أنه زمان وجود العدول من دون أن يكون هذا العنوان مأخوذا في مورد و مصب التعبد الاستصحابي،فهو أيضا ممتنع لأن واقع ذلك الزمان مردد بين زمان يعلم بعدم الصلاة فيه،و زمان يعلم باتيانها فيه،و هذا من الاستصحاب في الفرد المردد،و هو لا يجري لعدم كون الشك فيه متمحضا في البقاء الذي هو من أركان الاستصحاب،و كذلك لا يجري استصحاب عدم العدول إلى واقع زمان وجود الصلاة.

فالنتيجة:ان الاستصحاب في المسألة لا يجري في نفسه،و على هذا فلا مانع من الرجوع إلى قاعدة الفراغ بالنسبة إلى الصلاة شريطة احتمال الالتفات و الأذكرية حال العمل،و لكن بما أن مثبتاتها لا تكون حجة،فلا تثبت ان العدول بعدها.

و أما بالنسبة إلى الصلوات الرباعية الآتية فبما أنه يعلم إجمالا أما بوجوب القصر في هذه الحالة أو التمام فيجب عليه الجمع بينهما ما دام في هذا البلد و لم يخرج منه ناويا السفر الشرعي.

و مع الاغماض عن ذلك و جريان كل من الاستصحابين في نفسه،فالصحيح انه يبقى على التمام،و لا يرجع إلى القصر لأن وجوب التمام مركب من العزم على الاقامة في مكان و الصلاة تماما فيه بدون أخذ شيء زائد على وجوديهما بمفاد

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 454)


……….

كان التامة،فإذا كان الموضوع محرزا بكلا جزأيه وجدانا أو تعبدا،أو أحدهما وجدانا و الآخر تعبدا ترتب عليه أثره،و في المقام بما ان الصلاة تماما محرزة بالوجدان و العزم على الاقامة و عدم العدول محرز بالاستصحاب فبضمه إلى الوجدان يتحقق الموضوع و يترتب عليه أثره و هو البقاء على التمام،و لا يعارض هذا الاستصحاب باستصحاب عدم الصلاة إلى زمان العدول.

و يمكن تقريب عدم المعارضة بوجهين..

أحدهما:انه إن أريد باستصحاب عدم الصلاة استصحاب عدم ذات الصلاة و وجودها بمفاد كان التامة.

ففيه:انه غير مشكوك للقطع بوجودها.

و إن أريد به استصحاب عدم وجودها المقيد بأن يكون في زمان العدول، فهذا ليس موضوعا للحكم الشرعي لأن موضوع الحكم الشرعي قد أخذ بنحو التركيب لا التقييد،و في ضوء ذلك يجري استصحاب بقاء العزم و عدم العدول إلى زمان وجود الصلاة بلا معارض.

و لكن هذا الوجه غير صحيح،فان المستصحب ليس عدم وجود الصلاة في نفسها لكي يقال ان وجودها كذلك معلوم وجدانا فلا موضوع لاستصحاب عدمه و لا وجودها المقيد بزمان العدول حتى يقال ان وجودها المقيد بما هو مقيد ليس موضوعا للحكم لينفي بنفيه،بل المستصحب حصة خاصة من وجود الصلاة و هي الحصة في زمان وجود العدول،و بما أنها مشكوكة فيستصحب عدمها إلى واقع زمان وجود العدول،فينتفي الحكم حينئذ بانتفاء موضوعه،إذ كما ان استصحاب بقاء العزم على الاقامة و عدم العدول إلى واقع زمان وجود الصلاة يثبت جزء الموضوع من دون أن يثبت الوجود المقيد بزمان وجودها بما هو مقيد،كذلك

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 455)


……….

استصحاب عدم الصلاة إلى واقع زمان وجود العدول ينفى جزء الموضوع دون أن ينفى المقيد بما هو مقيد ليقال انه لا حالة سابقة له.

و الآخر:ان موضوع وجوب البقاء على التمام هو عدم العدول عن نية الاقامة و الاتيان بالصلاة تماما،و هذا الموضوع متى تحقق و في أي زمان ترتب عليه أثره الشرعي و استصحاب عدم الاتيان بالصلاة إلى واقع زمان العدول إنما ينفى حصة من هذا الموضوع و هي الحصة الواقعة في زمان العدول،و لا يترتب على نفيها نفي الموضوع الاّ على القول بالأصل المثبت.

و إن شئت قلت:ان موضوع وجوب البقاء على التمام هو جامع الصلاة تماما مع عدم العدول على نحو صرف الوجود و نفي هذا الحكم يتوقف على أن لا يوجد هذا الموضوع المركب في أي زمان من الأزمنة التي مرت على المسافر، و على هذا فإذا شك المسافر الذي نوى الاقامة في بلد،ثم عدل عنها في أصل الاتيان بالصلاة تماما،فلا مانع من استصحاب عدم الاتيان بها إلى الوقت الحاضر، و معنى هذا نفي صرف وجود الموضوع المركب رأسا،لا فرد منه،و هذا بخلاف ما إذا علم بالاتيان بالصلاة تماما و لكن شك في أنه أتى بها قبل العدول عن نية الاقامة أو بعده،فإن المنفي حينئذ باستصحاب عدم الصلاة تماما حصة من الموضوع و فرد منه،و هي الحصة الواقعة في هذه القطعة من الزمن،و من المعلوم ان الحكم الشرعي إذا كان مترتبا على صرف وجود الموضوع القابل للانطباق على قطعات طويلة من الزمان لم يكف لنفي الحكم نفي حصة من وجود الموضوع،و هي وجوده في واحدة من تلك القطعات الاّ على القول بالأصل المثبت.

و دعوى:ان حصة من هذا الموضوع و هو الصلاة تماما مع عدم العدول منفية بالاستصحاب في إحدى القطعتين من الزمان،و الحصة الأخرى منه منفية

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 456)


وقوع الصلاة تماما حال العزم على الاقامة و هو مشكوك.

[مسألة 32:إذا صلى تماما ثم عدل و لكن تبين بطلان صلاته رجع إلى القصر]

[2333]مسألة 32:إذا صلى تماما ثم عدل و لكن تبين بطلان صلاته رجع إلى القصر و كان كمن لم يصلّ،نعم إذا صلى بنية التمام و بعد السلام شك
بالوجدان في القطعة الأخرى منه على أساس ان العدول قد تحقق في احداهما جزما،و بضم الوجدان إلى الاستصحاب ننفى الحكم.

مدفوعة:بأنها انما تتم لو كان الحكم انحلاليا بحيث يكون للصلاة تماما مع عدم العدول في الزمن الأول حكم،و في الزمن الثاني حكم آخر و هكذا لكي يقال ان حكم الحصة الأولى منفي بالأصل،و حكم الحصة الثانية منفي بالوجدان،بل هناك حكم واحد و هو وجوب البقاء على التمام مجعول للجامع على نحو صرف الوجود،فإذن يتوقف نفي الحكم على نفي صرف الوجود،و لا يمكن نفيه بضم انتفاء احدى حصتيه بالوجدان إلى انتفاء الحصة الاخرى بالتعبد الاّ بالالتزام بالأصل المثبت،ضرورة ان ترتب انتفاء صرف وجود الجامع على نفي الفرد و الحصة عقلى،فيكون المقام نظير القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلي،فإن الأثر الشرعي مترتب على الجامع بين الفرد الطويل و القصير،و لا يمكن نفي صرف وجود الجامع بينهما بضم انتفاء الفرد القصير وجدانا إلى نفي الفرد الطويل بالاستصحاب الاّ على القول بالأصل المثبت،و من المعلوم انه لا فرق في ذلك بين الافراد الطولية و الافراد العرضية كما انه لا فرق من هذه الناحية بين أن يكون الشك في الوقت أو في خارجه.

فالنتيجة لحد الآن أنه على القول بجريان الاستصحاب في كل من الحادثين في نفسه يجري استصحاب عدم العدول عن نية الاقامة إلى واقع زمان الحادث الآخر،و هو الاتيان بالصلاة تماما دون العكس،و يترتب عليه صحتها و البقاء على التمام بالنسبة إلى الصلوات الآتية ما دام فيه و لم يخرج.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 457)


في أنه سلّم على الأربع أو الاثنتين أو الثلاث بنى على أنه سلّم على الأربع، و يكفيه في البقاء على حكم التمام إذا عدل عن الاقامة بعدها.

[مسألة 33:إذا نوى الاقامة ثم عدل عنها بعد خروج وقت الصلاة و شك في أنه هل صلى في الوقت حال العزم على الاقامة أم لا]

[2334]مسألة 33:إذا نوى الاقامة ثم عدل عنها بعد خروج وقت الصلاة و شك في أنه هل صلى في الوقت حال العزم على الاقامة أم لا بنى على أنه صلى،لكن في كفايته في البقاء على حكم التمام إشكال و إن كان لا يخلو من قوة خصوصا إذا بنينا على أن قاعدة الشك بعد الفراغ أو بعد الوقت إنما هي من باب الأمارات لا الأصول العملية(1).

[مسألة 34:إذا عدل عن الاقامة بعد الاتيان بالسلام الواجب و قبل الاتيان بالسلام الأخير الذي هو مستحب]

[2335]مسألة 34:إذا عدل عن الاقامة بعد الاتيان بالسلام الواجب و قبل
لا وجه لهذه الخصوصية في المقام،فإن قاعدة الحيلولة روحا و حقيقة هي قاعدة التجاوز،غاية الأمر ان الشك في وجود المأمور به بعد التجاوز عن محله مرة يكون في الوقت و أخرى في خارج الوقت،و قد ذكرنا في علم الأصول ان قاعدة التجاوز بما أنها قاعدة عقلائية مبنية على نكتة تبرر بناء العقلاء عليها،و هي الأمارية و الكاشفية على أساس ما يكتنف بها من الخصوصيات،و هي ان المكلف بما أنه في مقام الامتثال و الاطاعة فاحتمال الترك العمدي خلاف الفرض و السهوي نادر مدفوع بالأصل العقلائي،فمن أجل هذه الخصوصيات تكون امارة روحا،و من أجل أن مثبتاتها لا تكون حجة تكون أصلا عمليا،و على هذا فلا فرق بين أن تسمى قاعدة الحيلولة أصلا عمليا أو امارة،فانها على كلا التقديرين تثبت مدلولها المطابقي و هو الاتيان بالمأمور به في الوقت دون لوازمه.

نعم ان أريد بالأصل العملي أن مفادها نفي القضاء فقط من دون دلالتها على الاتيان بالمأمور به في وقته و محله.

فيرد عليه أولا:ان الأمر ليس كذلك.

و ثانيا:ان لازم هذا عدم كفايته في البقاء على التمام.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 458)


الاتيان بالسلام الأخير الذي هو مستحب فالظاهر كفايته في البقاء على حكم التمام و في تحقق الاقامة،و كذا لو كان عدوله قبل الاتيان بسجدتي السهو إذا كانتا عليه،بل و كذا لو كان قبل الاتيان بقضاء الأجزاء المنسية كالسجدة و التشهد المنسيين(1)،بل و كذا لو كان قبل الاتيان بصلاة الاحتياط أو في أثنائها(2)إذا شك في الركعات،و إن كان الأحوط فيه الجمع بل و في الأجزاء المنسية.

[مسألة 35:إذا اعتقد أن رفقاءه قصدوا الاقامة فقصدها ثم تبين أنهم لم يقصدوا فهل يبقى على التمام أو لا]

[2336]مسألة 35:إذا اعتقد أن رفقاءه قصدوا الاقامة فقصدها ثم تبين أنهم لم يقصدوا فهل يبقى على التمام أو لا فيه صورتان:

في الكفاية اشكال بل منع على أساس ما مر في المسألة(1)من فصل (قضاء الاجزاء المنسية)من أنهما من أجزاء الصلاة لا أنهما واجبتان مستقلتان، و من هنا لو تركهما بعد الصلاة و لم يأت بهما عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي بطلت صلاته.و على هذا فاذا عدل عن نية الاقامة قبل الاتيان بهما كان عدوله في أثناء الصلاة،و معه يكون مؤثرا و موجبا لانقلاب حكمه من التمام إلى القصر،فإنه إنما لا يكون مؤثرا إذا كان بعد صلاة أربع ركعات بتمام كما هو مقتضى نص صحيحة أبي ولاد.

و الأظهر فيه القصر دون التمام لما مر من أن صلاة الاحتياط جزء من الصلاة الأصلية حقيقة على تقدير نقصانها،و على هذا فالمصلي قبل الاتيان بها شاك في تمامية صلاته و معه لا يمكن له الحكم بعدم تأثير عدوله،بل مقتضى صحيحة أبي ولاد أنه مؤثر في وجوب القصر باعتبار أن الصحيحة قد انيطت عدم التأثير و البقاء على التمام بالاتيان بفريضة واحدة بتمام،و بما أنه لم يحرز تمامية فريضته فلا يمكن له التمسك بالصحيحة لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 459)


احداهما:أن يكون قصده مقيدا بقصدهم(1).

الثانية:أن يكون اعتقاده داعيا له إلى القصد من غير أن يكون مقيدا بقصدهم،ففي الاولى يرجع إلى التقصير،و في الثانية يبقى على التمام، و الأحوط الجمع في الصورتين.

[الثالث من القواطع:التردد في البقاء و عدمه ثلاثين يوما]

الثالث من القواطع:التردد في البقاء و عدمه ثلاثين يوما(2)إذا كان
فيه انه لا يتصور التقييد بمعنى التضييق هنا على أساس أن قصد كل شخص جزئي حقيقي قائم بنفس هذا الشخص،فإنه اما موجود فيها أو غير موجود،و لا يتصور أن يوجد فيها تارة مطلقا و أخرى مقيدا،فإذن لا يكون علمه بقصدهم الاقامة في بلد الاّ داعيا له،فإذا تبين أنهم غير قاصدين لها كان من التخلف في الداعي،فلا فرق بين الصورتين و يكون حكمه في كلتيهما هو البقاء على التمام.

و إن شئت قلت:ان القصد بمعنى زائد على العلم و الشعور المؤكد بأنه سيبقى في هذا المكان عشرة أيام غير معتبر في تحقق الاقامة،فإن المعتبر في تحققها هو العلم و الثقة بالبقاء فيه عشرة أيام،غاية الأمر أن منشأ هذا العلم و الثقة قد يكون اختيار المسافر و ارادته للبقاء هذه المدة فيه،و قد يكون شعوره بالاضطرار إلى البقاء أو الاكراه به،أو ظروفه التي لا تسمح له بالمغادرة،كما إذا فرضت عليه الاقامة الجبرية كالسجين-مثلا-و على هذا الاساس فإذا كان واثقا و متأكدا بأن رفقائه قاصدون للإقامة فيه عشرة أيام،فمعناه أنه واثق و متأكد بأنه سيبقى فيه عشرة أيام،و هو يكفى في تحقق الاقامة و وجوب التمام عليه،و لا يعتبر فيه شيء زائد،و إذا تخلف كان من التخلف في الداعي،فلا يضر باقامته.

نقصد بقاطعيته للسفر حكما لا موضوعا،فإن حاله من هذه الناحية حال قصد الاقامة،إذ لا شبهة في أن المسافر المتردد ثلاثين يوما في مكان مسافر،

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 460)


بعد بلوغ المسافة،و أما إذا كان قبل بلوغها فحكمه التمام حين التردد لرجوعه إلى التردد في المسافرة و عدمها،ففي الصورة الاولى إذا بقي في مكان مترددا في البقاء و الذهاب أو في البقاء و العود إلى محله يقصّر إلى ثلاثين يوما ثم بعده يتمّ ما دام في ذلك المكان،و يكون بمنزلة من نوى الاقامة عشرة أيام سواء أقام فيه قليلا أو كثيرا حتى إذا كان بمقدار صلاة واحدة.

[مسألة 36:يلحق بالتردد ما إذا عزم على الخروج غدا أو بعد غد]

[2337]مسألة 36:يلحق بالتردد ما إذا عزم على الخروج غدا أو بعد غد ثم لم يخرج و هكذا إلى أن مضى ثلاثون يوما حتى إذا عزم على الاقامة تسعة أيام مثلا ثم بعدها عزم على إقامة تسعة أيام أخرى و هكذا،فيقصّر إلى ثلاثين يوما ثم يتم و لو لم يبق إلا مقدار صلاة واحدة.

[مسألة 37:في إلحاق الشهر الهلالي إذا كان ناقصا بثلاثين يوما إذا كان تردده في أول الشهر وجه لا يخلو عن قوة]

[2338]مسألة 37:في إلحاق الشهر الهلالي إذا كان ناقصا بثلاثين يوما إذا كان تردده في أول الشهر وجه لا يخلو عن قوة(1)،و إن كان الأحوط عدم
و لا يقدح بقاؤه هذه المدة في صدق عنوان المسافر عليه،غاية الأمر أنه يقطع حكم السفر و يجعله بلا أثر فوجوب القصر عليه مرة أخرى يتوقف على سفر جديد بقدر المسافة.

في القوة اشكال بل منع،فإن الوارد في جملة من الروايات عنوان الشهر،و هو في نفسه و إن كان ظاهرا في الشهر الهلالي،الاّ ان المراد منه في المسألة ثلاثون يوما،و ذلك للقرينة الداخلية و الخارجية.

أما الأولى:فلأن الشهر الهلالي عبارة عن فترة زمنية محددة بين هلالين، فيبدأ الشهر القمري الشرعي بخروج القمر من المحاق و تولد الهلال الذي هو عبارة عن مواجهة جزء من نصفه المضيء للأرض،و أن يكون هذا الجزء مما يمكن رؤيته

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 461)


……….

بالعين المجردة الاعتيادية،و ينتهى بخروج القمر من المحاق و تولد الهلال القادم كذلك.

و على هذا فلو أريد من الشهر فيها الشهر الهلالي،فلا بد من افتراض انطباق أول زمان التردد و التحير في الاقامة على أول آن تحرك القمر و خروجه عن المحاق و ظهور جزء من نصفه المضيء المواجه للأرض بنحو يمكن رؤيته بالعين الاعتيادية،و استمرار هذا التردد إلى اكمال الدورة الطبيعية للشهر القمري و انتهائها و ابتداء الشهر القادم.و من المعلوم أن هذا مجرد فرض لا واقع له في الخارج،و لو كان فهو نادر جدا،و لا يمكن حمل روايات الباب على ذلك،فاذن لا بد من حمل الشهر فيها على ثلاثين يوما.

و أما الثانية:فلأن قوله عليه السّلام في صحيحة أبي أيوب:«فان لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعد ثلاثين يوما ثم ليتم…» 1فإنه ناص في أن المعيار انما هو بالتردد و التحير الى ثلاثين يوما،ثم الاتمام،و على هذا فلو كان الشهر في سائر الروايات ظاهرا في الشهر القمري لا بد من رفع اليد عن ظهورها فيه بقرينة نص الصحيحة في اعتبار ثلاثين يوما،و مع امكان الجمع الدلالي العرفي بينهما لا تصل النوبة إلى الحمل على التخيير بين الشهر بمعنى ثلاثين يوما و بين الشهر القمري،فإنه إنما هو فيما إذا كان كل من الدليلين ظاهرا في جهة و نصا في جهة أخرى لكي يكون نص كل منهما قرينة على التصرف في ظاهر الآخر،فتكون النتيجة هي التخيير، و الفرض ان النسبة بين الصحيحة و سائر الروايات ليست كذلك،بل نسبة الصحيحة إليها نسبة النص إلى الظاهر،و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أن بينهما معارضة فحينئذ تسقطان معا من جهة المعارضة و يرجع إلى الأصل العملي في المسألة و هو استصحاب بقاء وجوب القصر عليه إلى ثلاثين يوما فيما إذا كان الشهر القمري


 

1) <page number=”461″ />الوسائل ج 8 باب:15 من أبواب صلاة المسافر الحديث:12.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 462)


الاكتفاء به.

[مسألة 38:يكفي في الثلاثين التلفيق إذا كان تردده في أثناء اليوم]

[2339]مسألة 38:يكفي في الثلاثين التلفيق إذا كان تردده في أثناء اليوم كما مر في إقامة العشرة،و إن كان الأحوط عدم الاكتفاء و مراعاة الاحتياط.

[مسألة 39:لا فرق في مكان التردد بين أن يكون بلدا أو قرية أو مفازة]

[2340]مسألة 39:لا فرق في مكان التردد بين أن يكون بلدا أو قرية أو مفازة.

[مسألة 40:يشترط اتحاد مكان التردد]

[2341]مسألة 40:يشترط اتحاد مكان التردد،فلو كان بعض الثلاثين في مكان و بعضه في مكان آخر لم يقطع حكم السفر،و كذا لو كان مشتغلا بالسير و هو متردد فإنه يبقى على القصر إذا قطع المسافة،و لا يضر بوحدة المكان إذا خرج عن محل تردده إلى مكان آخر و لو ما دون المسافة بقصد العود إليه عما قريب إذا كان بحيث يصدق عرفا أنه كان مترددا في ذلك المكان ثلاثين يوما،كما إذا كان مترددا في النجف و خرج منه إلى الكوفة لزيارة مسلم أو لصلاة ركعتين في مسجد الكوفة و العود إليه في ذلك اليوم أو في ليلته بل أو بعد ذلك اليوم(1).

[مسألة 41:حكم المتردد بعد الثلاثين كحكم المقيم في مسألة الخروج إلى ما دون المسافة]

[2342]مسألة 41:حكم المتردد بعد الثلاثين كحكم المقيم في مسألة الخروج إلى ما دون المسافة مع قصد العود إليه في أنه يتم ذهابا و في المقصد و الاياب و محل التردد إذا كان قاصدا للعود إليه من حيث إنه محل تردده،و في القصر بالخروج إذا أعرض عنه و كان العود إليه من حيث كونه
تسعة و عشرين يوما..

فيه انه إذا لم يرجع في ذلك اليوم و يبيت فيه و يرجع بعد ذلك اليوم لم يبق فيه الاّ تسعة و عشرين يوما مترددا،لا ثلاثين يوما مترددا.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 463)


منزلا له في سفره الجديد،و غير ذلك من الصور التي ذكرناها(1).

[مسألة 42:إذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوما أو أقل ثم سار إلى مكان آخر و تردد فيه كذلك و هكذا]

[2343]مسألة 42:إذا تردد في مكان تسعة و عشرين يوما أو أقل ثم سار إلى مكان آخر و تردد فيه كذلك و هكذا بقي على القصر ما دام كذلك إلا إذا نوى الاقامة في مكان أو بقي مترددا ثلاثين يوما في مكان واحد.

[مسألة 43:المتردد ثلاثين يوما إذا أنشأ سفرا بقدر المسافة لا يقصّر إلا بعد الخروج عن حد الترخص]

[2344]مسألة 43:المتردد ثلاثين يوما إذا أنشأ سفرا بقدر المسافة لا يقصّر إلا بعد الخروج عن حد الترخص كالمقيم(2)كما عرفت سابقا.

تقدم الكلام في تمام هذه الصور بشكل موسع في مسألة المقيم عشرة أيام.

مر ان اعتبار حد الترخص لم يثبت للمقيم عشرة أيام في بلد لعدم الدليل عليه،و كذلك لا دليل على اعتباره في المتردد ثلاثين يوما،و عليه فحكمه القصر بمجرد الخروج عن محل التردد ثلاثين يوما و البدء بقطع المسافة و لو بخطوة واحدة،و لا يتوقف على الوصول إلى حد الترخص.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 464)


تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 465)


[فصل في أحكام صلاة المسافر]

فصل في أحكام صلاة المسافر مضافا إلى ما مرّ في طيّ المسائل السابقة،قد عرفت أنه يسقط بعد تحقق الشرائط المذكورة من الرباعيات ركعتان،كما أنه تسقط النوافل النهارية أي نافلة الظهرين بل و نافلة العشاء و هي الوتيرة أيضا على الأقوى، و كذا يسقط الصوم الواجب عزيمة،بل المستحب أيضا إلا في بعض المواضع المستثناة،فيجب عليه القصر في الرباعيات فيما عدا الأماكن الأربعة،و لا يجوز له الاتيان بالنوافل النهارية بل و لا الوتيرة إلا بعنوان الرجاء و احتمال المطلوبية لمكان الخلاف في سقوطها و عدمه،و لا تسقط نافلة الصبح و المغرب و لا صلاة الليل،كما لا إشكال في أنه يجوز الاتيان بغير الرواتب من الصلوات المستحبة.

[مسألة 1:إذا دخل عليه الوقت و هو حاضر ثم سافر قبل الاتيان بالظهرين]

[2345]مسألة 1:إذا دخل عليه الوقت و هو حاضر ثم سافر قبل الاتيان بالظهرين يجوز له الاتيان بنافلتهما سفرا و إن كان يصليهما قصرا(1)،و إن
هذا هو الأظهر.

بيان ذلك:ان صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما و لا بعدهما شيء» 1و إن كانت تنص على ثبوت الملازمة بين قصر الصلاة في السفر و سقوط نافلتها،و مثلها صحيحة حذيفة بن منصور.و لكن في مقابلهما موثقة عمار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سئل


 

1) <page number=”465″ />الوسائل ج 8 باب:16 من أبواب صلاة المسافر الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 466)


……….

عن الرجل إذا زالت الشمس و هو في منزله،ثم يخرج في السفر،فقال:يبدأ بالزوال فيصليها ثم يصلى الأولى بتقصير ركعتين،لأنه خرج من منزله قبل أن تحضره الأولى.و سأل:فإن خرج بعد ما حضرت الأولى.قال:يصلى الأولى أربع ركعات ثم يصلى بعد النوافل ثمان ركعات،لأنه خرج من منزله بعد ما حضرت الأولى،فإذا حضرت العصر صلى العصر بتقصير و هي ركعتان لأنه خرج في السفر قبل أن تحضر العصر».


1

و هي تنص على أمرين:

أحدهما:ان من خرج من منزله بعد زوال الشمس فله أن يأتي بالنوافل أولا ثم يأتى بالظهر ركعتين معللا بأنه خرج من منزله قبل أن يدخل وقتها.

و الآخر:ان من خرج من منزله بعد دخول الوقت فعليه أن يصلي تماما، و هذا يعني أن المعيار في وجوب القصر إنما هو بالخروج من البلد قاصدا السفر الشرعي قبل دخول الوقت،و أما إذا كان بعده فالحكم هو التمام،و ينبغي لنا أن ننظر في هذين الأمرين.

أما الأمر الأول:فانه و ان كان مخالفا للروايات الناطقة بدخول وقت الظهرين بمجرد زوال الشمس،و هذه الروايات تبلغ من الكثرة حد التواتر إجمالا،و على هذا فالموثقة من هذه الناحية و إن كانت مخالفة للسنة الاّ أن مخالفتها لها ليست على نحو التعارض و التنافي المستقر لكي لا تكون حجة في نفسها،بل مخالفتها لها من مخالفة الظاهر للنص باعتبار أن الموثقة ظاهرة في أن وقت الظهرين يدخل بعد الاتيان بالنوافل لا من الزوال،و لا تكون ناصة فيه،و تلك الروايات ناصة في دخول وقتهما بمجرد الزوال فاذن لا بد من رفع اليد عن ظهور الموثقة و حملها على وقت الفضيلة بقرينة نص تلك الروايات على تفصيل تقدم في باب الأوقات.و حيث ان


 

1) <page number=”466″ />الوسائل ج 4 باب:23 من أبواب أعداد الفرائض و نوافلها و ما يناسبها الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 467)


……….

نسبة الموثقة الى الصحيحتين المتقدمتين نسبة الخاص إلى العام و المقيد إلى المطلق باعتبار ان الموثقة تدل على أن من خرج من منزله ناويا السفر قبل وقت الفضيلة للظهرين يجوز له الاتيان بنافلتهما سفرا ثم الاتيان بهما قصرا.

و أما الصحيحتان فهما تدلان على عدم جواز الاتيان بنافلتهما مطلقا سواء خرج من منزله قبل وقت الفضيلة أو بعده بفترة أو فترات،فإذن لا مانع من تقييد اطلاقهما بها.

فالنتيجة:ان من خرج من بلده مسافرا،فإن كان في أول الزوال و قبل دخول وقت الفضيلة للظهرين جاز له الاتيان بنافلتهما،ثم الاتيان بهما قصرا،و إن كان بعد دخول وقت الفضيلة لم يجز له الاتيان بها،و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأولى الاتيان بنافلتهما فيه احتياطا و برجاء المطلوبية.

و أما الأمر الثاني:فلأن الموثقة كغيرها من الروايات معارضة للروايات التي تنص على ان العبرة بالقصر و التمام إنما هي بحال الأداء و الامتثال لا بحال تعلق التكليف و فعليته،منها:صحيحة محمد بن مسلم في حديث قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس؟فقال:إذا خرجت فصل ركعتين…». 1

و منها:صحيحة اسماعيل بن جابر قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:يدخل عليّ وقت الصلاة و أنا في السفر فلا أصلي حتى أدخل أهلي،فقال:صل و أتم الصلاة،قلت:فدخل عليّ وقت الصلاة و أنا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى أخرج،فقال:فصلّ و قصر فإن لم تفعل فقد خالفت و اللّه رسول اللّه». 2و منها:

غيرهما.

فاذن تقع المعارضة بينهما،فلا بد من الرجوع إلى مرجحات بابها،و بما أنه


 

1) <page number=”467″ />الوسائل ج 8 باب:21 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.
2) الوسائل ج 8 باب:21 من أبواب صلاة المسافر الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 468)


تركها في الوقت يجوز له قضاؤها.

[مسألة 2:لا يبعد جواز الاتيان بنافلة الظهر في حال السفر إذا دخل عليه الوقت]

[2346]مسألة 2:لا يبعد جواز الاتيان بنافلة الظهر في حال السفر إذا دخل عليه الوقت(1)و هو مسافر و ترك الاتيان بالظهر حتى يدخل المنزل من
لا ترجيح لإحداهما على الأخرى فتسقطان معا،و يرجع حينئذ إلى العام الفوقي و هو اطلاق أدلة وجوب القصر بالنسبة إلى المسافر،و أدلة وجوب التمام بالنسبة إلى الحاضر،فإن مقتضى اطلاق الأولى ان وظيفة المسافر هي الاتيان بالصلاة قصرا و إن كان حين تعلق الوجوب به حاضرا،و مقتضى اطلاق الثانية ان وظيفة الحاضر هي الاتيان بها تماما و إن كان حين تعلق الوجوب بها مسافرا.

و دعوى:ان الطائفة الثانية روايات مشهورة بين الأصحاب و قد عملوا بها دون الطائفة الأولى،و عليه فلا بد من ترجيح الطائفة الثانية على الأولى..

مدفوعة:بأن عمل الأصحاب برواية لا يكون من مرجحات باب المعارضة، و لا أثر لكونها مشهورة عملا.

نعم لو كانت رواية مشهورة بدرجة يكون الانسان واثقا و مطمئنا بصدورها عن المعصوم عليه السّلام لم تكن الرواية المعارضة لها حجة لأنها مخالفة للسنة.

في الجواز اشكال بل منع،و الأظهر عدم الجواز لإطلاق الصحيحتين المتقدمتين،و لا مقيد لإطلاقهما في المسألة.

و قد يقال كما قيل:ان رواية أبي يحيى الحناط قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن صلاة النافلة بالنهار في السفر،فقال:يا بنيّ لو صلحت النافلة في السفر تمت الفريضة» 1تدل على ذلك بدعوى أنها تنص على ثبوت الملازمة بين صلاحية النافلة في السفر و تمامية الفريضة،و بما أن فريضته تامة فتصلح النافلة له، و حينئذ تكون مقيدة لإطلاقهما.

و الجواب:ان الرواية ساقطة سندا و دلالة.أما سندا فلأن فيه أبي يحيى


 

1) <page number=”468″ />الوسائل ج 8 باب:21 من أبواب صلاة المسافر الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 469)


الوطن أو محل الاقامة،و كذا إذا صلى الظهر في السفر ركعتين و ترك العصر إلى أن يدخل المنزل لا يبعد جواز الاتيان بنافلتهما في حال السفر،و كذا لا يبعد جواز الاتيان بالوتيرة في حال السفر(1)إذا صلى العشاء أربعا في الحضر ثم سافر،فإنه إذا تمت الفريضة صلحت نافلتها.

[مسألة 3:لو صلى المسافر بعد تحقق شرائط القصر تماما]

[2347]مسألة 3:لو صلى المسافر بعد تحقق شرائط القصر تماما فإما أن يكون عالما بالحكم و الموضوع أو جاهلا بهما أو بأحدهما أو ناسيا فإن كان عالما بالحكم و الموضوع عامدا في غير الأماكن الأربعة بطلت صلاته و وجب عليه الاعادة في الوقت و القضاء في خارجه،و إن كان جاهلا بأصل الحكم و أن حكم المسافر التقصير لم يجب عليه الاعادة فضلا عن القضاء، و أما إن كان عالما بأصل الحكم و جاهلا ببعض الخصوصيات مثل أن السفر إلى أربعة فراسخ مع قصد الرجوع يوجب القصر أو أن المسافة ثمانية أو أن كثير السفر إذا أقام في بلده أو غيره عشرة أيام يقصّر في السفر الأول أو أن العاصي بسفره إذا رجع إلى الطاعة يقصّر و نحو ذلك و أتم وجب عليه
الحناط و لم يثبت توثيقه،و أما دلالة فلأن مفادها ثبوت الملازمة بين صلاحية النافلة في السفر و تمامية الفريضة فيه لإتماميتها مطلقا و لو في الحضر كما هو المفروض في المسألة،فالرواية على تقدير تماميتها سندا لا تدل على حكم المسألة،و بذلك يظهر حال ما بعده.

تقدم في أول كتاب الصلاة في(فصل اعداد الفرائض و نوافلها) سقوطها في السفر و لا دليل في المسألة على عدم السقوط و جواز الاتيان بها ما عدا رواية أبي يحيى الحناط و مر أنها ساقطة سندا و دلالة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 470)


الاعادة في الوقت و القضاء في خارجه(1)،و كذا إذا كان عالما بالحكم
فيه ان الأظهر عدم وجوب القضاء إذا انكشف الحال في خارج الوقت،بيان ذلك:

ان المكلف مرة يكون جاهلا بجعل وجوب القصر في الشريعة المقدسة على المسافر لدى توفر شروطه العامه فيه فصلى صلاة تامة.

و أخرى:يكون عالما بجعل وجوبه في الشريعة على المسافر،و لكنه جاهل ببعض شروطه و خصوصياته،كما إذا تخيل ان الشريعة ارادت بالسفر معنى لا يشمل طي المسافة تلفيقا،أو رجوع العاصي الى الطاعة إذا كان الباقي بقدر المسافة،أو نحو ذلك فصلى في هذه الحالات صلاة تامة.

و ثالثة:يكون جاهلا بالموضوع و عالما بالحكم،كما إذا قصد السفر إلى بلد معين و تخيل ان المسافة إليه قريبة و تقل عن المسافة المحددة شرعا،فيتم صلاته ثم يعلم بأنها بقدر المسافة الشرعية.

و رابعة:يكون غافلا عن سفره و تخيل انه في بلده فصلى صلاة تامة ثم تذكر أنه مسافر.

و خامسة:يكون عالما بسفره و لكنه غفل عن حكمه و هو وجوب القصر، فصلى صلاة تامة ثم تفطن بالحال،و هذه هي صور المسألة.

أما الصورة الأولى:فلا شبهة في صحة الصلاة تماما موضع القصر،و لا تجب عليه الاعادة في الوقت فضلا عن خارج الوقت،و ينص عليه ذيل صحيحة زرارة و محمد بن مسلم،قالا:قلنا لأبي جعفر عليه السّلام:«رجل صلى في السفر أربعا أ يعيد أم لا؟قال:إن كان قرئت عليه آية التقصير و فسرت له فصلى أربعا أعاد،و إن لم يكن قرئت عليه و لم يعلمها فلا إعادة عليه». 1

و أما الصورة الثانية:فمقتضى اطلاق صحيحة زرارة و محمد بن مسلم


 

1) <page number=”470″ />الوسائل ج 8 باب:17 من أبواب صلاة المسافر الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 471)


جاهلا بالموضوع كما إذا تخيل عدم كون مقصده مسافة مع كونه مسافة فإنه لو أتم وجب عليه الاعادة أو القضاء(1)،و أما إذا كان ناسيا لسفره أو أن
وجوب الاعادة مطلقا حتى في خارج الوقت على أساس أنه عالم بأصل الحكم في الشريعة المقدسة فيكون مشمولا لقوله عليه السّلام في الصحيحة:«إن كانت قرئت عليه آية التقصير و فسرت له…»،هذا،و لكن صحيحة العيص قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صلى و هو مسافر فأتم الصلاة؟قال:إن كان في وقت فليعد، و إن كان الوقت قد مضى فلا». 1تنص على عدم وجوب القضاء خارج الوقت،و على هذا فلا بد من تقييد اطلاق صحيحة زرارة و محمد بن مسلم بها.

فالنتيجة:ان العالم بأصل الحكم و الجاهل بخصوصياته و شروطه إذا أتم صلاته،فإن علم بالحال في الوقت وجبت اعادتها قصرا،و إن لم يعلم بالحال الاّ بعد خروج الوقت لم يجب القضاء و بذلك يظهر حكم الصورة الثالثة أيضا.

و أما الصورة الرابعة:فحكمها هو حكم الصورة الثانية حيث ان مقتضى اطلاق صحيحة زرارة و محمد بن مسلم وجوب الاعادة مطلقا و لو في خارج الوقت،و لكن صحيحة أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سألته عن الرجل ينسى فيصلي في السفر أربع ركعات؟قال:ان ذكر في ذلك اليوم فليعد،و إن لم يذكر حتى يمضى ذلك اليوم فلا اعادة عليه» 2تنص على التفصيل بين الوقت و خارجه،فإن كان التذكر في الوقت وجبت الاعادة قصرا،و إن كان في خارجه لم يجب القضاء.

و بها يقيد اطلاق صحيحة زرارة و محمد بن مسلم.و منه يظهر حكم الصورة الخامسة أيضا،باعتبار ان صحيحة أبي بصير مطلقة من هذه الناحية و تعم باطلاقها نسيان الحكم و الموضوع معا،فلا تختص بالثاني،بل تعمها صحيحة العيص أيضا باطلاقها.

ظهر مما مر عدم وجوبه.


 

1) <page number=”471″ />الوسائل ج 8 باب:17 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.
2) الوسائل ج 8 باب:17 من أبواب صلاة المسافر الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 472)


حكم السفر القصر فأتم فإن تذكر في الوقت وجب عليه الاعادة،و إن لم يعد وجب عليه القضاء في خارج الوقت،و إن تذكر بعد خروج الوقت لا يجب عليه القضاء،و أما إذا لم يكن ناسيا للسفر و لا لحكمه و مع ذلك أتم صلاته ناسيا(1)وجب عليه الاعادة و القضاء.

[مسألة 4:حكم الصوم فيما ذكر حكم الصلاة]

[2348]مسألة 4:حكم الصوم فيما ذكر حكم الصلاة،فيبطل مع العلم و العمد،و يصح مع الجهل بأصل الحكم دون الجهل بالخصوصيات و دون الجهل بالموضوع(2).

المراد بالنسيان هنا الغفلة و الخطأ في التطبيق،فإنه على الرغم من التفاته إلى انه مسافر و أنّ حكمه القصر،قد يغفل عن عدد ركعات صلاته و يخطئ فيزيد عليها ركعتين خطأ و سهوا،و بما أن الوارد في الصحيحة هو النسيان و لا نسيان في المقام لا حكما و لا موضوعا فلا تعم المقام،فإذن الحكم كما في المتن، و هو وجوب الاعادة إن تنبه في الوقت،و الاّ فالقضاء.

هذا هو الأظهر،و ذلك لأن الوارد في المسألة مجموعتان من الروايات.

احداهما:تؤكد و تنص على أن من صام في السفر،فإن كان ممن بلغه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن الصوم فيه لم يجز عنه،و إن كان ممن لم يبلغه ذلك أجزأه.

منها:صحيحة الحلبي،قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل صام في السفر، فقال:إن كان بلغه أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ذلك فعليه القضاء،و إن لم يكن بلغه فلا شيء عليه».


1

و منها:صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر،فقال:إن كان لم يبلغه ان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ذلك فليس عليه القضاء،و قد أجزأ عنه الصوم» 2حيث ان المتفاهم العرفي من هذه المجموعة هو أن المشار إليه بكلمة ذلك فيها هو طبيعي الصوم في


 

1) <page number=”472″ />الوسائل ج 10 باب:2 من أبواب من يصحّ منه الصّوم الحديث:3.
2) الوسائل ج 10 باب:2 من أبواب من يصحّ منه الصّوم الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 473)


……….

السفر دون الفرد،إذ لا يحتمل أن يكون النهي الصادر من النبي الاكرم صلّى اللّه عليه و آله عن الصوم في السفر خصوص الصوم المفروض في السؤال،بداهة ان الاشارة اليه باعتبار أنه مصداق للطبيعي لا بلحاظ حده الفردي،إذ لا خصوصية له،و على هذا فالجاهل ببعض الخصوصيات،أو الموضوع إذا كان عالما بأصل النهي كما إذا كان معتقدا بأن طيّ المسافة تلفيقا لم يضر بالصوم،حيث يصدق عليه أنه ممن بلغه أن النبي الاكرم صلّى اللّه عليه و آله نهى عن ذلك،فيكون مشمولا لها،فان المراد من البلوغ هو بلوغ النهي في الشريعة المقدسة.

و الأخرى:تؤكد و تنص على ان من صام في السفر بجهالة صح صومه.

منها:صحيحة عيص بن القاسم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«من صام في السفر بجهالة لم يقضه». 1

و منها:صحيحة ليث المرادي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا سافر الرجل في شهر رمضان أفطر،و إن صامه بجهالة لم يقضه». 2فإن المتفاهم العرفي من الجهالة فيها أعم من الجهل بأصل الحكم،أو ببعض الخصوصيات و شروطه،أو الموضوع، لأن من كان معتقدا بأن طيّ المسافة تلفيقا،أو رجوع العاصي إلى الطاعة إذا كان الباقي مسافة لا يضر بالصوم،فسافر كذلك و صام صدق أنه صام في السفر بجهالة، أو كان معتقدا بأن ما بين بلده و البلد الآخر يقل عن المسافة المحددة فسافر إليه صائما صدق أنه صام بجهالة.

و على هذا فالمجموعة الأولى بما أنها تدل على حكمين متباينين..

أحدهما:بطلان الصوم في السفر لمن بلغه نهي النبي صلّى اللّه عليه و آله عن ذلك.

و الآخر:صحته لمن لم يبلغه ذلك،فتكون معارضة للمجموعة الثانية من ناحية دلالتها على الحكم الأول و هو بطلان الصوم على نحو العموم من وجه،على


 

1) <page number=”473″ />الوسائل ج 10 باب:2 من أبواب من يصحّ منه الصّوم الحديث:5.
2) الوسائل ج 10 باب:2 من أبواب من يصحّ منه الصّوم الحديث:6.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 474)


[مسألة 5:إذا قصّر من وظيفته التمام بطلت صلاته]

[2349]مسألة 5:إذا قصّر من وظيفته التمام بطلت صلاته في جميع
أساس أنها تدل عليه و إن كان المسافر جاهلا ببعض الخصوصيات أو الموضوع و عالما ببلوغ النهي،و المجموعة الثانية تدل على صحته إذا كان جاهلا بذلك و إن كان عالما بأصل النهي في الشريعة المقدسة،فيكون مورد الالتقاء بينهما هو صوم المسافر الجاهل ببعض الخصوصيات و الشروط أو الموضوع و العالم بأصل النهي، فإن مقتضى اطلاق الأول بطلان صومه،و مقتضى اطلاق الثانية صحته،و حيث انه لا ترجيح في البين فيسقط كلا الاطلاقين معا و يرجع إلى العمومات الأولية، و مقتضاها البطلان،فإن إجزاء غير المأمور به عن المأمور به بحاجة إلى دليل، و مقتضى القاعدة عدم الاجزاء.

و إن شئت قلت:ان مقتضى العمومات الأولية عدم مشروعية الصوم في السفر،بلا فرق بين العالم و الجاهل،و قد استثنى منها الجاهل بالحكم،و أما الجاهل بالموضوع أو بعض الخصوصيات فقد مر أن دليله قد سقط من جهة المعارضة،فإذن ينحصر المستثنى في الجاهل بالحكم فقط،و بذلك يظهر الفرق بين الصوم و الصلاة،فإن المسافر الجاهل بالموضوع أو بعض الخصوصيات دون الحكم في باب الصلاة إذا صلى صحت صلاته شريطة انكشاف الحال بعد الوقت.

فالنتيجة:ان من صام في السفر عالما بالحكم و جاهلا بالموضوع أو ببعض الخصوصيات بطل صومه و وجب عليه قضاؤه دون صلاته،الاّ إذا انكشف الحال في الوقت،هذا كله في الجاهل.

و أما الناسي للسفر أو حكمه فإذا صام بطل صومه بلا فرق بين نسيان الموضوع أو الحكم لعدم الدليل على الصحة،و بذلك يمتاز الصوم عن الصلاة،فإن الناسي للسفر أو حكمه إذا صلى فإن تذكر في الوقت أعادها،و الاّ صحت صلاته و لا قضاء عليه.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 475)


الموارد إلا في المقيم المقصّر للجهل بأن حكمه التمام.

[مسألة 6:إذا كان جاهلا بأصل الحكم و لكن لم يصلّ في الوقت]

[2350]مسألة 6:إذا كان جاهلا بأصل الحكم و لكن لم يصلّ في الوقت وجب عليه القصر في القضاء بعد العلم به(1)و إن كان لو أتم في الوقت كان صحيحا،فصحة التمام منه ليس لأجل أنه تكليفه بل من باب الاغتفار(2)،فلا ينافي ما ذكرناه قوله:«اقض ما فات كما فات» 1ففي الحقيقة الفائت منه هو القصر لا التمام،و كذا الكلام في الناسي للسفر أو لحكمه فإنه لو لم يصلّ أصلا عصيانا أو لعذر وجب عليه القضاء قصرا.

[مسألة 7:إذا تذكر الناسي للسفر أو لحكمه في أثناء الصلاة]

[2351]مسألة 7:إذا تذكر الناسي للسفر أو لحكمه في أثناء الصلاة فإن كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة أتم الصلاة قصرا و اجتزأ بها و لا يضر كونه ناويا من الأول للتمام لأنه من باب الداعي و الاشتباه في
فيه إشكال،و لا يبعد التخيير في القضاء أيضا،كما هو الحال في الأداء لما ذكرناه في علم الأصول من ان الواجب في المسألة هو الجامع بين القصر و التمام في حالة جهل المسافر بوجوب القصر،و عليه فإذا لم يأت بالتمام أيضا فقد فات منه الجامع،و مقتضى القاعدة فيه التخيير في قضائه كالأداء بمقتضى قوله عليه السّلام:«اقض ما فات كما فات»و إن كان الأحوط و الأجدر هو قضاؤه قصرا.

بل من باب انه أحد فردي الواجب التخييري كما مر،و لا يقاس ذلك بالناسي للسفر أو حكمه،فإن الواجب في حقه ليس هو الجامع بين القصر و التمام، و من هنا وجبت الاعادة إذا تذكر في الوقت،حيث ان الواجب فيه هو القصر،و إذا أتى بالصلاة تماما في الوقت ناسيا و تذكر في خارج الوقت كفى عن القضاء قصرا، و أما إذا لم يأت بها تماما في الوقت عامدا أو ناسيا فيجب القضاء في خارج الوقت قصرا باعتبار ان الفائت منه هو القصر دون الجامع.


 

1) <page number=”475″ />الوسائل ج 8 باب:6 من أبواب قضاء الصّلوات الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 476)


المصداق لا التقييد فيكفي قصد الصلاة و القربة بها،و إن تذكر بعد ذلك بطلت و وجب عليه الاعادة مع سعة الوقت و لو بإدراك ركعة من الوقت(1)، بل و كذا لو تذكر بعد الصلاة تماما و قد بقي من الوقت مقدار ركعة فإنه يجب عليه إعادتها قصرا،و كذا الحال في الجاهل بأن مقصده مسافة إذا شرع في الصلاة بنية التمام ثم علم بذلك،أو الجاهل بخصوصيات الحكم إذا نوى التمام ثم علم في الأثناء أن حكمه القصر،بل الظاهر أن حكم من كان وظيفته التمام إذا شرع في الصلاة بنية القصر جهلا ثم تذكر في الأثناء العدول إلى التمام،و لا يضره أنه نوى من الأول ركعتين مع أن الواجب عليه
على الأحوط في غير صلاة الغداة،لما تقدم من ان التعدي عن مورد حديث(من أدرك…)إلى سائر الصلوات لا يخلو عن إشكال،و على هذا فالناسي إذا أتى بالصلاة تماما ثم تفطن بالحال،فإن كان في الوقت أعادها قصرا،و إن كان في خارج الوقت لم يقض و حيث انه في المسألة لا يتمكن من ادراك الصلاة قصرا بتمامها في الوقت و إنما يتمكن من ادراك ركعة منها فيه و كفايته عن ادرك تمام الركعات في غير صلاة الغداة مورد للإشكال،فمن أجل ذلك يكون الاتيان بها قصرا بادراك ركعة منها في الوقت مبنيا على الاحتياط لاحتمال كفاية ما أتى به الناسي من الصلاة تماما عن القصر بعد عدم التمكن من اعادتها بكاملها في الوقت،هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى:ان هذه المسألة مبنية على أن عنواني التمام و القصر ليسا من العناوين المقومة للصلاة كعنوان الظهر و العصر و المغرب و العشاء و الصبح، فمن أجل ذلك إذا بدأ بالصلاة بعنوان القصر خطأ صح اتمامها تماما،و كذلك العكس شريطة أن يكون قبل دخوله في ركوع الركعة الثالثة و قد تقدم أن هذا هو الصحيح.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 477)


أربع ركعات لما ذكر من كفاية قصد الصلاة متقربا و إن تخيل أن الواجب هو القصر،لأنه من باب الاشتباه في التطبيق و المصداق لا التقييد،فالمقيم الجاهل بأن وظيفته التمام إذا قصد القصر ثم علم في الأثناء يعدل إلى التمام و يجتزئ به،لكن الأحوط الاتمام و الاعادة،بل الأحوط في الفرض الأول أيضا الاعادة قصرا بعد الاتمام قصرا.

[مسألة 8:لو قصّر المسافر اتفاقا لا عن قصد]

[2352]مسألة 8:لو قصّر المسافر اتفاقا لا عن قصد فالظاهر صحة صلاته، و إن كان الأحوط الاعادة،بل و كذا لو كان جاهلا بأن وظيفته القصر فنوى التمام لكنه قصّر سهوا،و الاحتياط بالاعادة في هذه الصورة آكد و أشد(1).

فيه أنه لا منشأ لذلك،بل لا منشأ لأصل الاحتياط لا هنا و لا فيما قبله، لأن ما يحتمل أن يكون منشأ له أحد أمور:

الأول:احتمال أن يكون عنوان القصر أو التمام من العناوين القصدية المقومة،و لكن قد مر أن هذا الاحتمال غير محتمل فقهيا،فلا يصلح أن يكون منشأ للاحتياط.

الثاني:احتمال أن تكون نية الخلاف مضرة حيث أن الواجب عليه في الواقع هو القصر و هو ينوي التمام،و لكن قصّر اتفاقا و غفلة،فمن أجل هذا الاحتمال لا بأس بالاحتياط.

و لكن لا أساس له أيضا،فإنه إذا أتى بالصلاة ذات ركعتين بنية القربة صحت باعتبار أن نية القصر غير معتبرة.

الثالث:احتمال أن جهل المسافر بوجوب القصر و الاعتقاد بوجوب التمام يوجب انقلاب الواقع و تحول الواجب من القصر إلى التمام،فتكون وظيفته الصلاة تماما واقعا،و على هذا فيحتمل أن يكون الاتيان بالقصر باطلا،فمن أجل ذلك لا بأس بالاحتياط.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 478)


[مسألة 9:إذا دخل عليه الوقت و هو حاضر متمكن من الصلاة و لم يصلّ ثم سافر وجب عليه القصر]

[2353]مسألة 9:إذا دخل عليه الوقت و هو حاضر متمكن من الصلاة و لم يصلّ ثم سافر وجب عليه القصر،و لو دخل عليه الوقت و هو مسافر فلم يصلّ حتى دخل المنزل من الوطن أو محل الاقامة أو حد الترخص منهما أتم(1)،فالمدار على حال الأداء لا حال الوجوب و التعلق لكن الأحوط في المقامين الجمع(2).

[مسألة 10:إذا فاتت منه الصلاة و كان في أول الوقت حاضرا و في آخره مسافرا أو بالعكس]

[2354]مسألة 10:إذا فاتت منه الصلاة و كان في أول الوقت حاضرا و في آخره مسافرا أو بالعكس فالأقوى أنه مخير بين القضاء قصرا أو تماما،لأنه فاتت منه الصلاة في مجموع الوقت و المفروض أنه كان مكلفا في بعضه بالقصر و في بعضه بالتمام،و لكن الأحوط مراعاة حال الفوت(3)و هو آخر
و لكن هذا الاحتمال أيضا غير محتمل،فإن الجهل في المسألة إما أن لا يوجب الانقلاب أصلا و أن الوظيفة الواقعية هي القصر،فالتمام إنما هو من باب الاغتفار،أي اغتفار زيادة الركعتين،و اما أن يوجب انقلاب التكليف من القصر تعيينا إلى الجامع تخييرا،و هذا هو الظاهر كما حققناه في الأصول،و أما احتمال أنه يوجب انقلاب التكليف من القصر تعيينا إلى التمام كذلك فهو غير محتمل.

فالنتيجة:انه لا منشأ للاحتياط لا في الجاهل و لا في الناسي فضلا عن كونه في الجاهل آكد و أشد.

مر أن اعتبار حد الترخص انما هو في الخروج عن الوطن دون محل الاقامة،فانّه يجب عليه القصر إذا خرج منه و بدأ بقطع المسافة و لو بخطوة واحدة.

فيه ان الاحتياط و إن كان استحبابيا،الاّ أن منشأه ضعيف جدا،و قد تقدم تفصيل ذلك في المسألة(1)من هذا الفصل.

بل هو الأقوى على أساس اناطة اشتغال ذمة المكلف بالصلاة حين فوتها،فان كان في هذا الحين مسافرا اشتغلت ذمته بها قصرا باعتبار أن الفائت منه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 479)


……….

في ذلك الحين هو القصر،و إن كان حاضرا اشتغلت ذمته بها تماما تطبيقا لما تقدم.

و إن شئت قلت:ان المعيار إنما هو بحال الفوت،فإن كان مسافرا في هذه الحال كان مأمورا بالصلاة قصرا دون الجامع بينها و بين الصلاة تماما،و إن كان حاضرا فيها كان مأمورا بالصلاة تماما دون الأعم،فإذا فاتت منه في هذه الحال بسبب من الأسباب فإن كان مسافرا فقد فاتت منه الصلاة قصرا دون الجامع،و إن كان حاضرا فقد فاتت منه الصلاة تماما دون الأعم،فإذن يجب عليه قضاء ما فات عنه بمقتضى قوله عليه السّلام:«اقض ما فات كما فات…»،فالنتيجة ان مقتضى القاعدة هو مراعاة حال الفوت.

و لكن في مقابل ذلك رواية تنص على أن المعيار في وجوب القضاء بحال التعلق لا بحال الفوت،و هي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام:«إنه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة و هو في السفر،فأخر الصلاة حتى قدم،و هو يريد يصليها إذا قدم إلى أهله فنسي حين قدم إلى أهله أن يصليها حتى ذهب وقتها؟قال:يصليها ركعتين صلاة المسافر،لأن الوقت دخل و هو مسافر،كان ينبغى له أن يصلي عند ذلك» 1.

و الجواب:أولا:ان الرواية ضعيفة سندا،فإن في سندها موسى بن بكر و هو لم يثبت توثيقه،و أما قول صفوان بأن كتاب موسى بن بكر مما لا يختلف فيه أصحابنا فلا يكون هذا شهادة منه على وثاقة الرجل،و إنما هو شهادة على ان كتابه مما لا يختلف فيه الاصحاب،و لا ملازمة بين الأمرين،لاحتمال أن يكون منشأ عدم اختلاف الاصحاب في كتابه شيئا آخر لا وثاقة الرجل.

فالنتيجة:أن هذه الجملة لا تكون ظاهرة في الشهادة على الوثاقة،و أما وقوعه في اسناد تفسير علي بن ابراهيم،فقد ذكرنا في غير مورد من بحوثنا الفقهية


 

1) <page number=”479″ />الوسائل ج 8 باب:6 من أبواب قضاء الصّلوات الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 480)


الوقت،و أحوط منه الجمع بين القصر و التمام.

[مسألة 11:الأقوى كون المسافر مخيرا بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة]

[2355]مسألة 11:الأقوى كون المسافر مخيرا بين القصر و التمام في الأماكن الأربعة،و هي مسجد الحرام،و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله،و مسجد الكوفة، و الحائر الحسيني عليه السّلام،بل التمام هو الأفضل،و إن كان الأحوط هو القصر، و ما ذكرنا هو القدر المتيقن،و إلا فلا يبعد كون المدار على البلدان الأربعة(1)و هي مكة و المدينة و الكوفة و كربلاء،لكن لا ينبغي ترك
أن مجرد وقوعه فيه لا يكفى للتوثيق.

و ثانيا:مع الاغماض عن سندها،ان المتفاهم العرفي من التعليل فيها كون العبرة في الاتيان بالصلاة كما و كيفا،انما هي بحال تعلق الوجوب بها بلا فرق بين حال الأداء و القضاء،على أساس أن القضاء بدل عما فات من المكلف،فإذا كان المعيار في القضاء بحال التعلق كشف عن انه المعيار في الأداء أيضا،باعتبار ان القضاء هو الاتيان بالفائت كما و كيفا،فإذن لا بد من افتراض ان الفائت عن المكلف في الوقت هو الصلاة حال التعلق لا حال الأداء،و الاّ فلا يمكن أن يكون قضاؤهما بلحاظ هذه الحال دون الأداء،فانه حينئذ ليس قضاء لما فات باعتبار ان القضاء لا بد أن يكون مماثلا للفائت كما و كيفا.

فالنتيجة:ان مورد التعليل و إن كان هو القضاء،الاّ أنه يدل على أن العبرة في الأداء و القضاء انما هي بحال تعلق الوجوب باعتبار أن القضاء هو الاتيان بما يماثل الفائت،فلا بد حينئذ من افتراض ان الفائت منه بلحاظ حال تعلقه،و عليه فتكون هذه الرواية من الروايات المعارضة،و قد مر الكلام في هذه المعارضة في المسألة(1)من هذا الفصل.

بل الثلاثة و هي مكة و المدينة و الكوفة دون كربلاء،حيث لم يرد فيه الأمر بالإتمام بعنوان كربلاء،و إنما ورد بعنوان حرم الحسين عليه السّلام،و القدر المتيقن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 481)


……….

منه نفس الحرم دون تمام البلد.ثم ينبغى أن نتكلم في هذه المسألة في ثلاث نقاط..

الأولى:حول الروايات و امكان الاستفادة التخيير منها في هذه الأماكن.

الثانية:في حدود هذه الاماكن سعة و ضيقا.

الثالثة:ان مرد التخيير بين القصر و التمام فيها إلى ايجاب الجامع،أو إلى وجوبين مشروطين.

أما الكلام في النقطة الأولى:فان الروايات الواردة في هذه المسألة تصنف إلى أربع طوائف..

الأولى:الروايات التي تنص على التمام مرة بلسان الأمر به،و أخرى بلسان أنه من مخزون علم اللّه.

الثانية:الروايات التي تنص على التخيير بين القصر و الاتمام.

الثالثة:الروايات التي تنص على الأمر بالقصر ما لم ينو مقام عشرة أيام.

الرابعة:الروايات التي تنص على أن الاتمام فيها محبوب.

و ننظر الآن إلى امكان الجمع العرفي بين هذه الطوائف و استفادة التخيير بين القصر و التمام في الأماكن المذكورة،فنقول:انه لا تنافي بين الطائفة الأولى و الطائفة الثانية على أساس أن الطائفة الثانية بما أنها ناصة في التخيير تصلح أن تكون قرينة على رفع اليد عن ظهور الأمر بالتمام في الطائفة الأولى في الوجوب التعييني،فالنتيجة:ان الأمر بالتمام فيها باعتبار أنه أحد فردي الواجب التخييري.

و لكن قد يقال كما قيل:ان الطائفة الثانية معارضة بالطائفة الثالثة التي تنص على وجوب القصر فيها تعيينا،كصحيحة ابن بزيغ و نحوها.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 482)


……….

و الجواب أولا:انه لا معارضة بينها و بين نصوص التخيير،على أساس أنها ظاهرة في وجوب القصر تعيينا بملاك ظهور الأمر فيه،و قد مر أن روايات التخيير ناصة فيه،فمن أجل ذلك تصلح أن تكون قرينة على رفع اليد عن ظهور الأمر في الطائفة الثالثة في وجوب القصر تعيينا و حمله على التخيير،و مع إمكان الجمع العرفي الدلالي بينهما لا تصل النوبة إلى المعارضة.

و ثانيا:ان الطائفة الرابعة كصحيحة علي بن مهزيار عن أبي جعفر الثاني عليه السّلام حاكمة في المسألة،و تبين المراد من الروايات الآمرة بالتمام و الروايات الآمرة بالقصر بقوله(ع):«…قد علمت يرحمك اللّه فضل الصلاة في الحرمين على غيرهما،فأنا أحب لك إذا دخلتهما أن لا تقصر و تكثر فيهما من الصلاة…» 1فانه صريح في عدم وجوب القصر فيهما تعيينا،بل التمام فيها أحب من القصر،و على هذا فلا موضوع للمعارضة.

و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أن بينهما معارضة،فقد يقال:انه لا بد من حمل روايات القصر على التقية باعتبار أنها موافقة للعامة عملا من جهة أنهم لا يفرقون بين الحرمين و غيرهما و إن كانوا مختلفين في الرأي.

و فيه:ان المرجح انما هو مخالفة إحدى الروايتين المتعارضتين لمذهب العامة،و موافقة الأخرى له،و لا أثر للالتزام العملي ما لم يكن موافقا للمذهب، فإذن تسقطان معا،و يرجع إلى العام الفوقي،و هو اطلاقات أدلة وجوب القصر على المسافر.

و أما صحيحة معاوية بن وهب قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التقصير في الحرمين و التمام،فقال:لا تتم حتى تجمع على مقام عشرة أيام،فقلت:ان أصحابنا رووا عنك انك أمرتهم بالتمام،فقال:ان أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلون


 

1) <page number=”482″ />الوسائل ج 8 باب:25 من أبواب صلاة المسافر الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 483)


……….

و يأخذون نعالهم و يخرجون و الناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة فأمرتهم بالتمام» 1فلا تدل على أن النهي عن التمام للتقية،إذ يحتمل أن يكون النهي عنه لرفع توهم الوجوب،هذا إضافة إلى أن الأمر بالتمام في ذيل الصحيحة قرينة على ذلك باعتبار ان التمام إنما يجب على المسافر تعيينا إذا نوى مقام عشرة أيام لا في المسألة.

و أما الكلام في النقطة الثانية:فقد فسر الحرمين في صحيحة علي بن مهزيار المتقدمة بمكة و المدينة،و في ضوء هذا التفسير يكون التخيير ثابتا في تمام البلدين و لا يختص بالمسجدين،و أما حرم أمير المؤمنين عليه السّلام فقد فسر في صحيحة حسان بن مهران بالكوفة،قال:«سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:مكة حرم اللّه،و المدينة حرم رسول اللّه،و الكوفة حرمي» 2و مقتضى هذا التفسير أن التخيير ثابت في تمام بلد الكوفة،و لا يختص بالمسجد،و إن كان الأجدر الاقتصار بالمسجد.

و أما حرم الحسين عليه السّلام،فقد ورد في صحيحة حماد بن عيسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أنه قال:«من مخزون علم اللّه الاتمام في أربعة مواطن:حرم اللّه و حرم رسوله(ص)و حرم أمير المؤمنين عليه السّلام و حرم الحسين بن علي عليه السّلام»، 3و أما بعنوان آخر كالحائر،أو عند قبر الحسين عليه السّلام،أو كربلاء،فلم يرد في شيء من الروايات المعتبرة،فإذن يدور التخيير مدار صدق الحرم سعة و ضيقا.

و أما الكلام في النقطة الثالثة:فقد حققنا في الأصول أن مرجع التخيير الشرعي إلى إيجاب الجامع،و على هذا فالواجب هو الجامع بين القصر و التمام، و خصوصية كل منهما خارجة عن الواجب،فإنها من خصوصية الفرد بحده الفردي،و يترتب على ذلك انه إذا نوى القصر جاز العدول منه إلى التمام و بالعكس


 

1) <page number=”483″ />الوسائل ج 8 باب:25 من أبواب صلاة المسافر الحديث:34.
2) الوسائل ج 14 باب:16 من أبواب المزار و ما يناسبه الحديث:1.
3) الوسائل ج 8 باب:25 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 484)


الاحتياط خصوصا في الأخيرتين،و لا يلحق بها سائر المشاهد،و الأحوط في المساجد الثلاثة الاقتصار على الأصلي منها دون الزيادات الحادثة في بعضها،نعم لا فرق فيها بين السطوح و الصحن و المواضع المنخفضة منها، كما أن الأحوط في الحائر الاقتصار على ما حول الضريح المبارك(1).

[مسألة 12:إذا كان بعض بدن المصلي داخلا في أماكن التخيير و بعضه خارجا لا يجوز له التمام]

[2356]مسألة 12:إذا كان بعض بدن المصلي داخلا في أماكن التخيير و بعضه خارجا لا يجوز له التمام.

نعم،لا بأس بالوقوف منتهى أحدها إذا كان يتأخر حال الركوع و السجود بحيث يكون تمام بدنه داخلا حالهما.

[مسألة 13:لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور]

[2357]مسألة 13:لا يلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور،فلا يصح له الصوم فيها إلا إذا نوى الاقامة أو بقي مترددا ثلاثين يوما.

إذا لم يتجاوز محل العدول باعتبار أنه عدول من فرد إلى فرد آخر،لا من واجب إلى واجب آخر،و من هنا يجوز الاتيان بالجامع بنية القربة بدون قصد شيء منهما، بأن ينوي الصلاة و يكبر و يقرأ و يركع و يواصل صلاته من دون أن ينوي القصر أو التمام،و إذا وصل إلى التشهد فله أن يسلم و ينتهى من الصلاة،و له أن يضيف ركعتين أخريين،ثم يسلم،بل لو نوى القصر فأتم غفلة،أو بالعكس صح و أتى بالواجب،بل قد تقدم انه لا يجب على المسافر نية القصر،و لا على الحاضر نية التمام لأنهما ليستا من العناوين القصدية فضلا عن اعتبارها في المقام،و بذلك يظهر حال المسائل الآتية.

مر أن التخيير ثابت بعنوان الحرم،فيدور الحكم مداره سعة و ضيقا، و لا موجب للاقتصار على ما حول الضريح المطهر.

إلى هنا قد تم تعليقنا على مسائل الصّلاة بعونه تعالى و توفيقه.

«و الحمد للّه رب العالمين».

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 485)


[مسألة 14:التخيير في هذه الأماكن استمراري]

[2358]مسألة 14:التخيير في هذه الأماكن استمراري فيجوز له التمام مع شروعه في الصلاة بقصد القصر و بالعكس ما لم يتجاوز محل العدول،بل لا بأس بأن ينوي الصلاة من غير تعيين أحد الأمرين من الأول،بل لو نوى القصر فأتم غفلة أو بالعكس فالظاهر الصحة.

[مسألة 15:يستحب أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة «سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر»]

[2359]مسألة 15:يستحب أن يقول عقيب كل صلاة مقصورة ثلاثين مرة:

«سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر»،و هذا و إن كان يستحب من حيث التعقيب عقيب كل فريضة حتى غير المقصورة إلا أنه يتأكد عقيب المقصورات،بل الأولى تكرارها مرتين مرة من باب التعقيب و مرة من حيث بدليتها عن الركعتين الساقطتين.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 486)


Page Is Empty

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 487)


Page Is Empty

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 488)


Page Is Empty

 

الصفحات: 1 2 3 4 5
Pages ( 5 of 5 ): «1 ... 4 5