مولفات سماحة مرجع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4
جلد
4
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4
جلد
4
فصل في صلاة ليلة الدفن و هي ركعتان يقرأ في الاولى بعد الحمد آية الكرسي إلى«هم فيها خالدون»و في الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات،و يقول بعد السلام:«اللهم صلّ على محمد و آل محمد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان» و يسمى الميت،ففي مرسلة الكفعمي و موجز ابن فهد(رحمهما اللّه)قال النبي صلّى اللّه عليه و آله:«لا يأتي على الميت أشدّ من أول ليلة،فارحموا موتاكم بالصدقة،فإن لم تجدوا فليصلّ أحدكم يقرأ في الاولى الحمد و آية الكرسي،و في الثانية الحمد و القدر عشرا،فإذا سلّم قال:اللهم صلّى على محمد و آل محمد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان،فإنه تعالى يبعث من ساعته ألف ملك إلى قبره مع كل ملك ثوب و حلّة»و مقتضى هذه الرواية أن الصلاة بعد عدم وجدان ما يتصدق به،فالأولى الجمع بين الأمرين مع الامكان،و ظاهرها أيضا كفاية صلاة واحدة،فينبغي أن لا يقصد الخصوصية في إتيان أربعين بل يؤتى بقصد الرجاء أو بقصد إهداء الثواب.
[2210]مسألة 1:لا بأس بالاستئجار لهذه الصلاة و إعطاء الأجرة،و إن كان الأولى للمستأجر الاعطاء بقصد التبرع أو الصدقة،و للمؤجر الاتيان تبرعا و بقصد الاحسان إلى الميت.
[2211]مسألة 2:لا بأس بإتيان شخص واحد أزيد من واحدة بقصد إهداء
الثواب إذا كان متبرعا أو إذا أذن له المستأجر،و أما إذا أعطى دراهم للأربعين فاللازم استئجار أربعين إلا إذا أذن المستأجر،و لا يلزم مع إعطاء الأجرة إجراء صيغة الإجارة بل يكفي إعطاؤه بقصد أن يصلي.
[2212]مسألة 3:إذا صلى و نسي آية الكرسي في الركعة الاولى أو القدر في الثانية أو قرأ القدر أقلّ من العشرة نسيانا فصلاته صحيحة لكن لا يجزئ عن هذه الصلاة،فإن كان أجيرا وجب عليه الاعادة.
[2213]مسألة 4:إذا أخذ الأجرة ليصلي ثم نسي فتركها في تلك الليلة يجب عليه ردّها إلى المعطي أو الاستئذان منه لأن يصلي فيما بعد ذلك بقصد إهداء الثواب،و لو لم يتمكن من ذلك فإن علم برضاه بأن يصلي هدية أو يعمل عملا آخر أتى بها،و إلا تصدق بها عن صاحب المال.
[2214]مسألة 5:إذا لم يدفن الميت إلا بعد مدة كما إذا نقل إلى أحد المشاهد فالظاهر أن الصلاة تؤخر إلى ليلة الدفن،و إن كان الأولى أن يؤتى بها في أول ليلة بعد الموت.
[2215]مسألة 6:عن الكفعمي رحمه اللّه أنه بعد أن ذكر في كيفية هذه الصلاة ما ذكر قال:«و في رواية أخرى بعد الحمد التوحيد مرتين في الاولى،و في الثانية بعد الحمد ألهيكم التكاثر عشرا،ثم الدعاء المذكور»و على هذا فلو جمع بين الصلاتين بأن يأتي اثنتين بالكيفيتين كان أولى.
[2216]مسألة 7:الظاهر جواز الإتيان بهذه الصلاة في أيّ وقت كان من الليل،لكن الأولى التعجيل بها بعد العشاءين،و الأقوى جواز الإتيان بها بينهما،بل قبلهما أيضا بناء على المختار من جواز التطوع لمن عليه فريضة،هذا إذا لم يجب عليه بالنذر أو الاجارة أو نحوهما،و إلا فلا إشكال.
فصل في صلاة جعفر و تسمى صلاة التسبيح و صلاة الحبوة،و هي من المستحبات الأكيدة، و مشهورة بين العامة و الخاصة،و الأخبار متواترة فيها،فعن أبي بصير عن الصادق عليه السّلام:أنه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لجعفر:ألا أمنحك ألا أعطيك أ لا أحبوك؟فقال له جعفر:بلى يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:فظن الناس أنه يعطيه ذهبا و فضة،فتشوّف الناس لذلك،فقال له:إني أعطيك شيئا إن أنت صنعته كل يوم كان خيرا لك من الدنيا و ما فيها،فإن صنعته بين يومين غفر لك ما بينهما،أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة غفر لك ما بينهما»،و في خبر آخر قال:«ألا أمنحك ألا أعطيك أ لا أحبوك ألا أعلّمك صلاة إذا أنت صليتها لو كنت فررت من الزحف و كان عليك مثل رمل عالج و زبد البحر ذنوبا غفرت لك؟قال.بلى يا رسول اللّه»و الظاهر أنه حباه إياها يوم قدومه من سفره و قد بشّر ذلك اليوم بفتح خيبر،فقال صلّى اللّه عليه و آله:و اللّه ما أدري بأيهما أنا أشد سرورا بقدوم جعفر أو بفتح خيبر،فلم يلبث أن جاء جعفر فوثب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فالتزمه و قبّل ما بين عينيه،ثم قال:ألا أمحنك(الخ).
و هي أربع ركعات بتسليمتين،يقرأ في كل منهما الحمد و سورة،ثم يقول:«سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر»خمس عشرة مرة، و كذا يقول في الركوع عشر مرات،و بعد رفع الرأس منه عشر مرات،و في
السجدة الاولى عشر مرات،و بعد الرفع منها عشر مرات،و كذا في السجدة الثانية عشر مرات،و بعد الرفع منها عشر مرات،ففي كل ركعة خمسة و سبعون مرة،و مجموعها ثلاثمائة تسبيحة.
[2217]مسألة 1:يجوز إتيان هذه الصلاة في كل من اليوم و الليلة،و لا فرق بين الحضر و السفر،و أفضل أوقاته يوم الجمعة حين ارتفاع الشمس، و يتأكد إتيانها في ليلة النصف من شعبان.
[2218]مسألة 2:لا يتعين فيها سورة مخصوصة،لكن الأفضل أن يقرأ في الركعة الاولى إذا زلزلت،و في الثانية و العاديات،و في الثالثة إذا جاء نصر اللّه،و في الرابعة قل هو اللّه أحد.
[2219]مسألة 3:يجوز تأخير التسبيحات إلى ما بعد الصلاة إذا كان مستعجلا،كما يجوز التفريق بين الصلاتين إذا كان له حاجة ضرورية بأن يأتي بركعتين ثم بعد قضاء تلك الحاجة يأتي بركعتين أخريين.
[2220]مسألة 4:يجوز احتساب هذه الصلاة من نوافل الليل أو النهار، أداء أو قضاء،فعن الصادق عليه السّلام:«صلّ صلاة جعفر أيّ وقت شئت من ليل أو نهار،و إن شئت حسبتها من نوافل الليل،و إن شئت حسبتها من نوافل النهار،حسب لك من نوافلك و تحسب لك صلاة جعفر»،و المراد من الاحتساب تداخلهما فينوي بالصلاة كونها نافلة و صلاة جعفر،و يحتمل أنه ينوي صلاة جعفر و يجتزئ بها عن النافلة،و يحتمل أنه ينوي النافلة و يأتي بها بكيفية صلاة جعفر فيثاب ثوابها أيضا،و هل يجوز إتيان الفريضة بهذه الكيفية أو لا؟قولان،لا يبعد الجواز على الاحتمال الأخير دون الأولين، و دعوى أنه تغيير لهيئة الفريضة و العبادات توقيفية مدفوعة بمنع ذلك بعد جواز كل ذكر و دعاء في الفريضة،و مع ذلك الأحوط الترك.
[2221]مسألة 5:يستحب القنوت فيها في الركعة الثانية من كل من الصلاتين للعمومات و خصوص بعض النصوص.
[2222]مسألة 6:لو سها عن بعض التسبيحات أو كلها في محل فتذكر في المحل الآخر يأتي به مضافا إلى وظيفته،و إن لم يتذكر إلا بعد الصلاة قضاه بعدها.
[2223]مسألة 7:الأحوط عدم الاكتفاء بالتسبيحات عن ذكر الركوع و السجود،بل يأتي به أيضا قبلها أو بعدها.
[2224]مسألة 8:يستحب أن يقول في السجدة الثانية من الركعة الرابعة بعد التسبيحات:«يا من لبس العزّ و الوقار،يا من تعطف بالمجد و تكرّم به، يا من لا ينبغي التسبيح إلا له،يا من أحصى كل شيء علمه،يا ذا النعمة و الطول،يا ذا المنّ و الفضل،يا ذا القدرة و الكرم،أسألك بمعاقد العز من عرشك،و بمنتهى الرحمة من كتابك،و باسمك الأعظم الأعلى،و بكلماتك التامات أن تصلي على محمد و آل محمد،و أن تفعل بي كذا و كذا»و يذكر حاجاته.
فصل في صلاة الغفيلة و هي ركعتان بين المغرب و العشاء،يقرأ في الاولى بعد الحمد: «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ،إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ، وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» و في الثانية بعد الحمد: «وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لاٰ يَعْلَمُهٰا إِلاّٰ هُوَ،وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّٰ يَعْلَمُهٰا وَ لاٰ حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لاٰ رَطْبٍ وَ لاٰ يٰابِسٍ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ» ثم يرفع يديه و يقول:«اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد،و أن تفعل بي كذا و كذا»و يذكر حاجاته ثم يقول:«اللهم أنت ولي نعمتي،و القادر على طلبتي،تعلم حاجتي،و أسألك بحق محمد و آله عليه و عليهم السلام لمّا قضيتها لي»و يسأل حاجاته، و الظاهر أنها غير نافلة المغرب،و لا يجب جعلها منها بناء على المختار من جواز النافلة لمن عليه فريضة.
فصل في صلاة أول الشهر يستحب في اليوم الأول من كل شهر أن يصلي ركعتين،يقرأ في الاولى بعد الحمد قل هو اللّه ثلاثين مرة،و في الثانية بعد الحمد إنا أنزلناه ثلاثين مرة،ثم يتصدق بما تيسر فيشتري سلامة تمام الشهر بهذا،و يستحب
أن يقرأ بعد الصلاة هذه الآيات:«بسم اللّه الرحمن الرحيم و ما من دابة في الأرض إلاّ على اللّه رزقها و يعلم مستقرها و مستودعها كل في كتاب مبين، بسم اللّه الرحمن الرحيم و إن يمسسك اللّه بضرّ فلا كاشف له إلاّ هو،و إن يردك بخير فلا رادّ لفضله يصيب به من يشاء من عباده و هو الغفور الرحيم، بسم اللّه الرحمن الرحيم سيجعل اللّه بعد عسر يسرا ما شاء اللّه لا قوة إلاّ باللّه، حسبنا اللّه و نعم الوكيل،و أفوّض أمري إلى اللّه إن اللّه بصير بالعباد،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين،ربّ إني لما أنزلت إليّ من خير فقير، رب لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين»و يجوز الاتيان بها في تمام اليوم و ليس لها وقت معين.
فصل في صلاة الوصية و هي ركعتان بين العشاءين يقرأ في الاولى الحمد و إذا زلزلت الأرض ثلاث عشرة مرة،و في الثانية الحمد و قل هو اللّه أحد خمس عشرة مرة،فعن الصادق(عليه السلام)عن رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله و سلم) قال:«أوصيكم بركعتين بين العشاءين-إلى أن قال-فإن فعل ذلك كل شهر كان من المؤمنين،فإن فعل في كل سنة كان من المحسنين،فإن فعل ذلك في كل جمعة كان من المخلصين،فإن فعل ذلك في كل ليلة زاحمني في الجنة و لم يحص ثوابه إلا اللّه تعالى».
فصل في صلاة يوم الغدير و هو الثامن عشر من ذي الحجة،و هي ركعتان يقرأ في كل ركعة سورة الحمد و عشر مرات قل هو اللّه أحد،و عشر مرات آية الكرسي، و عشر مرات إنا أنزلناه،ففي خبر علي بن الحسين العبدي عن الصادق عليه السّلام:
«من صلى فيه-أي في يوم الغدير-ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل اللّه عز و جل يقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة،و عشر مرات قل هو اللّه أحد،و عشر مرات آية الكرسي،و عشر مرات إنا أنزلناه عدلت عند اللّه عز و جل مائة ألف حجة و مائة ألف عمرة، و ما سأل اللّه عز و جل حاجة من حوائج الدنيا و حوائج الآخرة إلا قضيت له كائنة ما كانت الحاجة،و إن فاتتك الركعتان قضيتها بعد ذلك»و ذكر بعض العلماء أنه يخرج إلى خارج المصر و أنه يأتي بها جماعة و أنه يخطب الامام خطبة مقصورة على حمد اللّه و الثناء و الصلاة على محمد و آله و التنبيه على عظم حرمة هذا اليوم،لكن لا دليل على ما ذكره،و قد مرّ الاشكال في إتيانها جماعة في باب صلاة الجماعة.
فصل في صلاة قضاء الحاجات و كشف المهمات و قد وردت بكيفيات:منها ما قيل إنه مجرّب مرارا،و هو ما رواه زياد القندي عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و صلّ ركعتين تهديهما إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قلت:ما أصنع؟قال:تغتسل و تصلي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة و تشهّد تشهّد الفريضة،فإذا فرغت من التشهد و سلّمت،قلت:اللهم أنت السلام و منك السلام و إليك يرجع السلام اللهم صل على محمد و آل محمد و بلّغ روح محمد مني السلام،و بلّغ أرواح الأئمة الصالحين سلامي،و اردد عليّ منهم السلام،و السلام عليهم و رحمة اللّه و بركاته،اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى رسول اللّه فأثبني عليهما ما أملت و رجوت فيك في رسولك يا ولي المؤمنين،ثم تخرّ ساجدا و تقول:يا حيّ يا قيوم يا حيا لا يموت يا حي لا إله إلا أنت يا ذا الجلال و الاكرام يا أرحم الراحمين،أربعين مرة،ثم ضع خدّك الأيمن فتقولها أربعين مرة،ثم ضع خدك الأيسر فتقولها أربعين مرة،ثم ترفع رأسك و تمدّ يدك فتقول أربعين مرة،ثم تردّ يدك إلى رقبتك و تلوذ بسبابتك و تقول ذلك أربعين مرة،ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى و ابك أو تباك،و قل:يا محمد يا رسول اللّه أشكو إلى اللّه و إليك حاجتي و إلى أهل بيتك الراشدين حاجتي،و بكم أتوجه إلى اللّه في حاجتي،ثم تسجد
و تقول:يا اللّه يا اللّه-حتى ينقطع نفسك-صلّ على محمد و آل محمد و افعل بي كذا و كذا،قال أبو عبد اللّه عليه السّلام فأنا الضامن على اللّه عز و جل أن لا يبرح حتى تقضى حاجته».
فصل في اقسام الصلوات المستحبة الصلوات المستحبة كثيرة و هي أقسام:
منها:نوافل الفرائض اليومية و مجموعها ثلاث و عشرون ركعة بناء على احتساب ركعتي الوتيرة بواحدة.
و منها:نافلة الليل إحدى عشرة ركعة.
و منها:الصلوات المستحبة في أوقات مخصوصة كنوافل شهر رمضان،و نوافل شهر رجب و شهر شعبان و نحوها،و كصلاة الغدير و الغفيلة و الوصية،و أمثالها.
و منها:الصلوات التي لها أسباب كصلاة الزيارة،و تحية المسجد، و صلاة الشكر و نحوها.
و منها:الصلوات المستحبة لغايات مخصوصة كصلاة الاستسقاء، و صلاة طلب قضاء الحاجة،و صلاة كشف المهمات،و صلاة طلب الرزق، و صلاة طلب الذكاء و جودة الذهن و نحوها.
و منها:الصلوات المعينة المخصوصة بدون سبب و غاية و وقت كصلاة جعفر و صلاة رسول اللّه،و صلاة أمير المؤمنين،و صلاة فاطمة، و صلاة سائر الأئمة عليهم السّلام.
و منها:النوافل المبتدأة،فإن كل وقت و زمان يسع صلاة ركعتين يستحب إتيانها.
و بعض المذكورات بل أغلبها لها كيفيات مخصوصة مذكورة في محلها.
فصل في احكام النوافل جميع الصلوات المندوبة يجوز إتيانها جالسا اختيارا و كذا ماشيا و راكبا و في المحمل و السفينة،لكن إتيانها قائما أفضل حتى الوتيرة و إن كان الأحوط الجلوس فيها،و في جواز إتيانها نائما مستلقيا أو مضطجعا في حال الاختيار إشكال.
[2225]مسألة 1:يجوز في النوافل إتيان ركعة قائما و ركعة جالسا،بل يجوز إتيان بعض الركعة جالسا و بعضها قائما.
[2226]مسألة 2:يستحب إذا أتى بالنافلة جالسا أن يحسب كل ركعتين بركعة،مثلا إذا جلس في نافلة الصبح يأتي بأربع ركعات بتسليمتين، و هكذا.
[2227]مسألة 3:إذا صلى جالسا و أبقى من السورة آية أو آيتين فقام و أتمّها و ركع عن قيام يحسب له صلاة القائم،و لا يحتاج حينئذ إلى احتساب ركعتين بركعة.
[2228]مسألة 4:لا فرق في الجلوس بين كيفياته،فهو مخير بين أنواعها حتى مدّ الرجلين،نعم الأولى أن يجلس متربعا و يثني رجليه حال الركوع و هو أن ينصب فخذيه و ساقيه من غير إقعاء إذ هو مكروه و هو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض و يجلس على عقبيه،و كذا يكره الجلوس بمثل إقعاء الكلب.
[2229]مسألة 5:إذا نذر النافلة مطلقا يجوز له الجلوس فيها،و إذا نذرها
جالسا فالظاهر انعقاد نذره و كون القيام أفضل لا يوجب فوات الرجحان في الصلاة جالسا،غايته أنها أقل ثوابا،لكنه لا يخلو عن إشكال.
[2230]مسألة 6:النوافل كلها ركعتان لا يجوز الزيادة عليها و لا النقيصة إلا في صلاة الأعرابي و الوتر.
[2231]مسألة 7:تختص النوافل بأحكام:
منها:جواز الجلوس و المشي فيها اختيارا كما مر.
و منها:عدم وجوب السورة فيها إلا بعض الصلوات المخصوصة بكيفيات مخصوصة.
و منها:جواز الاكتفاء ببعض السورة فيها.
و منها:جواز قراءة أزيد من سورة من غير إشكال.
و منها:جواز قراءة العزائم فيها.
و منها:جواز العدول فيها من سورة إلى أخرى مطلقا.
و منها:عدم بطلانها بزيادة الركن سهوا.
و منها:عدم بطلانها بالشك بين الركعات،بل يتخير بين البناء على الأقل أو على الأكثر.
و منها:أنه لا يجب لها سجود السهو،و لا قضاء السجدة و التشهد المنسيين،و لا صلاة الاحتياط.
و منها:لا إشكال في جواز إتيانها في جوف الكعبة أو سطحها.
و منها:أنه لا يشرع فيها الجماعة إلا في صلاة الاستسقاء،و على قول في صلاة الغدير.
و منها:جواز قطعها اختيارا.
و منها:أن إتيانها في البيت أفضل من إتيانها في المسجد إلا ما يختص به على ما هو المشهور،و إن كان في إطلاقه إشكال.
فصل في صلاة المسافر لا إشكال في وجوب القصر على المسافر مع اجتماع الشرائط الآتية بإسقاط الركعتين الأخيرتين من الرباعيات،و أما الصبح و المغرب فلا قصر فيهما.
و أما شروط القصر فأمور:
الأول:المسافة و هي ثمانية فراسخ امتدادية ذهابا أو إيابا أو ملفقة من الذهاب و الاياب إذا كان الذهاب أربعة أو أزيد،بل مطلقا على الأقوى(1)
هذا هو الأحوط لو لم يكن أظهر،و على أساس ذلك إذا كان الذهاب ثلاثة فراسخ أو أقل و الاياب خمسة أو أكثر بأن يكون المجموع الملفق منهما ثمانية فراسخ فالأحوط وجوبا فيه هو الجمع بين القصر و التمام و الصيام و القضاء، و هذا هو نتيجة الجمع بين روايات المسألة.
بيان ذلك:انه يمكن تصنيف الروايات في ضوء خصوصيات المسألة إلى ثلاث مجموعات بعد ما كانت متفقة في أن المسافة التي يترتب عليها قصر الصلاة و افطار الصوم في السفر لا تقل عن ثمانية فراسخ شرعية،و هي كما يلي:
المجموعة الأولى:الروايات التي تكون ظاهرة لدى العرف العام في أن المسافة التي يترتب عليها قصر الصلاة مسافة امتدادية تطوي كلها في اتجاه واحد، و تدل على ذلك بألسنة مختلفة،فتارة بلسان«مسيرة يوم» 1المفسرة بثمانية فراسخ،
……….
3
و منها:صحيحة زرارة بن أعين قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التقصير؟ فقال:بريد ذاهب و بريد جائي».
4
المجموعة الثالثة:الروايات التي يستظهر منها ان العبرة إنما هي ببلوغ المسافة ثمانية فراسخ سواء أ كان بالامتداد في خط واحد افقيا،أم كان في خطين و اتجاهين و لو كان أحدهما ذهابا من بلده مثلا و الآخر ايابا إليه بلا فرق بين أن يكون الخطان متساويين كما أم مختلفين.
……….
و إن كان الذهاب فرسخا و الاياب سبعة،و إن كان الأحوط في صورة كون الذهاب أقل من أربعة مع كون المجموع ثمانية الجمع،و الأقوى عدم اعتبار كون الذهاب و الاياب في يوم واحد أو ليلة واحدة،أو في الملفق منهما مع اتصال إيابه بذهابه و عدم قطعه بمبيت ليلة فصاعدا في الأثناء،بل إذا كان من قصده الذهاب و الإياب و لو بعد تسعة أيام يجب عليه القصر، فالثمانية الملفقة كالممتدة في إيجاب القصر إلا إذا كان قاصدا للإقامة عشرة أيام في المقصد أو غيره أو حصل أحد القواطع الاخر،فكما أنه إذا بات في أثناء الممتدة ليلة أو ليالي لا يضر في سفره فكذا في الملفقة فيقصّر و يفطر،و لكن مع ذلك الجمع بين القصر و التمام و الصوم و قضائه في صورة عدم الرجوع ليومه أو ليلته أحوط(1)،و لو كان من قصده
الاحتياط ضعيف جدا،فإن الروايات الكثيرة التي تنص و تؤكد على أن أهل مكة إذا خرجوا حجاجا إلى عرفة قصروا تدل بوضوح على عدم الفرق بين
الذهاب و الاياب و لكن كان مترددا في الاقامة في الأثناء عشرة أيام و عدمها لم يقصّر،كما أن الأمر في الامتدادية أيضا كذلك.
[2232]مسألة 1:الفرسخ ثلاثة أميال،و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد
الذي طوله أربع و عشرون إصبعا(1)،كل إصبع عرض سبع شعيرات،كل
فيه ان المراد من الذراع هو أدنى فرده المتعارف حيث ان افراده في الخارج مختلفة سعة و ضيقا لا مطلق المتعارف بمعنى الجامع بين افراده كما هو ظاهر المتن.
و النكتة في ذلك أن الذراع أو القدم أو الشبر أو الاصبع إذا أخذ في موضوع الحكم فتارة:يكون الحكم نسبيا بلحاظ افراد المكلفين بمعنى أن الملحوظ في الموضوع هو شبر كل فرد أو ذراع كل شخص كما في باب الوضوء إذا قيل:امسح من رجليك مقدار ثلاث أنامل من رءوس الأصابع إلى الكعبين،أو امسح من رأسك مقدار ثلاثة أصابع،فإن المتفاهم منه ان كل فرد مكلف بمسح رجليه بمقدار ثلاث أنامل من رءوس أصابعه و مسح رأسه بمقدار ثلاثة من أصابعه.
و أخرى:لا يكون نسبيا بمعنى أن الحكم لا يكون مشتملا على نسبة إلى افراد المكلفين كالحكم بالكرية فيما إذا قيل:ان الماء إذا بلغ كذا شبرا كان كرا و لا ينفعل بالملاقاة،و الحكم بالقصر فيما لو قيل إذا طوى المسافر كذا ذراعا وجب عليه القصر و هكذا..فان الكرية متمثلة في مساحة محددة واقعية لا تختلف باختلاف افراد المكلفين و اشبارهم فلا معنى لإضافة الكرية إلى هذا الفرد من المكلف أو ذاك و المسافة التي تطوى في السفر المحددة شرعا بثمانية فراسخ أو أربعة و عشرين ميلا مسافة واقعية ذات بعد واحد محدد محفوظ في نفسه على مستوى واحد بالنسبة إلى آحاد المكلفين،و لا تختلف باختلاف قصر الذراع و طوله،و ما نحن فيه من هذا القبيل،فإن المسافة التي يكون السير فيها موضوعا لوجوب القصر و الافطار المحددة في الروايات بثمانية فراسخ تارة،و بأربعة و عشرين ميلا تارة أخرى مسافة واقعية محددة كما و لا تختلف باختلاف افراد المكلفين و أذرعهم،و تفسير هذه المسافة بأربعة آلاف ذراع فلا محالة يراد من
شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرذون.
[2233]مسألة 2:لو نقصت المسافة عن ثمانية فراسخ و لو يسيرا لا يجوز القصر،فهي مبنية على التحقيق لا المسامحة العرفية،نعم لا يضرّ إختلاف الأذرع المتوسطة في الجملة كما هو الحال في جميع التحديدات الشرعية(1).
مر أن العبر إنما هي بأقصر الأذرع المتوسطة المتعارفة و هو مرتبة خاصة منها لا بالجامع بين الافراد المتوسطة،إذ لا معنى للتحديد بالجامع بين الأقل و الأكثر،فما في المتن من أنه لا يضر إختلاف الأذرع المتوسطة في الجملة، ان أراد بذلك تحديد المسافة بالجامع،فيرد عليه أنه لا معنى للتحديد به لأن مرده إلى التحديد بين الأقل و الأكثر و هو غير معقول.و إن أراد به تحديدها بمرتبة خاصة منها و هي أقصر الأذرع و أدنى مرتبتها،فيرد عليه أنه لا اختلاف فيه.
[2234]مسألة 3:لو شك في كون مقصده مسافة شرعية أو لا بقي على التمام على الأقوى،بل و كذا لو ظن كونها مسافة.
[2235]مسألة 4:تثبت المسافة بالعلم الحاصل من الاختبار،و بالشياع المفيد للعلم،و بالبينة الشرعية،و في ثبوتها بالعدل الواحد إشكال(1)،فلا يترك الاحتياط بالجمع.
[2236]مسألة 5:الأقوى عند الشك وجوب الاختيار أو السؤال(2) لتحصيل البينة أو الشياع المفيد للعلم إلا إذا كان مستلزما للحرج.
الظاهر أنه لا إشكال في ثبوتها به بل بخبر ثقة واحدة على أساس ان عمدة الدليل على حجية إخبار الثقة إنما هي بناء العقلاء على العمل بها بلا فرق بين الشبهات الحكمية و الموضوعية،و قد ذكرنا في علم الأصول ان الأدلة اللفظية من الآيات و الروايات إنما هي في مقام التأكيد و التقرير لبناء العقلاء،لا في مقام التأسيس و الجعل.
بل الأقوى عدم الوجوب الا إذا كانت الشبهة حكمية،كما إذا شك المسافر في أن المسافة التي يكون قطعها موجبا للقصر هل هي ثمانية فراسخ أو أقل أو أكثر.أو شك هل أنه يعتبر أن يكون قطعها كلا في اتجاه واحد،أو لا يعتبر ذلك،و هكذا،ففي مثل هذه الحالة يجب عليه الفحص و البحث،فإن كان مجتهدا وجب عليه الرجوع إلى أدلة المسألة و إن كان مقلدا وجب عليه الرجوع إلى فتوى المجتهد فيها.
و أما إذا كانت الشبهة موضوعية فلا يجب على المسافر فيها الفحص و البحث عن المسافة التي طواها في سفره فعلا،بل متى اتفق له أن تأكد من طيّ المسافة الشرعية و هي ثمانية فراسخ باحدى الطرق الشرعية من العلم الوجداني أو الاطمئنان أو البينة أو خبر الثقة أخذ بذلك و قصر،و الاّ فعليه التمام.
[2237]مسألة 6:إذا تعارض البينتان فالأقوى سقوطهما و وجوب التمام، و إن كان الأحوط الجمع.
[2238]مسألة 7:إذا شك في مقدار المسافة شرعا وجب عليه الاحتياط بالجمع إلا إذا كان مجتهدا و كان ذلك بعد الفحص عن حكمه،فإن الأصل هو التمام.
[2239]مسألة 8:إذا كان شاكا في المسافة و مع ذلك قصّر لم يجزئ بل وجب عليه الاعادة تماما،نعم لو ظهر بعد ذلك كونه مسافة أجزأ إذا حصل منه قصد القربة مع الشك المفروض،و مع ذلك الأحوط الإعادة أيضا.
[2240]مسألة 9:لو اعتقد كونه مسافة فقصّر ثم ظهر عدمها وجبت الاعادة،و كذا لو اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة فإنه يجب عليه الاعادة(1).
[2241]مسألة 10:لو شك في كونه مسافة أو اعتقد العدم ثم بان في أثناء
هذا إذا انكشف في الوقت و علم أنه كان قد طوى المسافة المحددة شرعا،و أما إذا انكشف ذلك في خارج الوقت فلا تجب الاعادة،و تدل عليه صحيحة العيص بن القاسم.قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صلى و هو مسافر فأتم الصلاة؟قال:إن كان في الوقت فليعد،و إن كان الوقت قد مضى فلا…»، 1فإنها باطلاقها تشمل الجاهل بالموضوع أيضا،و من هذا القبيل ما إذا كان المسافر شاكا في ذلك و غير متأكد من عدم طيّ المسافة و أتم صلاته ثم بان العكس و علم أنه كان قد طوى المسافة،فإن كان في الوقت وجبت عليه الاعادة و الاّ فلا تطبيقا لإطلاق الصحيحة.
السير كونه مسافة يقصّر و إن لم يكن الباقي مسافة(1).
[2242]مسألة 11:إذا قصد الصبي مسافة ثم بلغ في الأثناء وجب عليه القصر و إن لم يكن الباقي مسافة،و كذا يقصّر إذا أراد التطوع بالصلاة مع عدم بلوغه،و المجنون الذي يحصل منه القصد إذا قصد مسافة ثم أفاق في الأثناء يقصّر،و أما إذا كان بحيث لا يحصل منه القصد فالمدار بلوغ المسافة من حين إفاقته.
[2243]مسألة 12:لو تردد في أقل من أربعة فراسخ ذاهبا و جائيا مرات حتى بلغ المجموع ثمانية لم يقصر،ففي التلفيق لا بد أن يكون المجموع من ذهاب واحد و إياب واحد ثمانية(2).
[2244]مسألة 13:لو كان للبلد طريقان و الأبعد منهما مسافة فإن سلك الأبعد قصّر،و إن سلك الأقرب لم يقصّر إلا إذا كان أربعة أو أقل و أراد الرجوع من الأبعد(3).
الأمر كما أفاده قدّس سرّه،فإن مبدأ المسافة إنما يحتسب من حين الابتداء بالسفر لا من حين علمه بالمسافة،فإذا سافر من النجف إلى الحلة مثلا معتقدا عدم المسافة بينهما،أو شاكا فيها،و علم في وسط الطريق أن بينهما مسافة وجب عليه القصر باعتبار انه جادّ في قصده طي المسافة واقعا من ابتداء سفره و هو موضوع وجوب القصر بمقتضى الأدلة و العلم طريق اليه فلا يكون دخيلا فيه.
هذا إذا كان الذهاب و الاياب متساويين بأن يكون كل منهما يمثل نصف المسافة و هو أربعة فراسخ،و أما إذا كان أحدهما يمثل ثلثي المسافة و الآخر ثلثها فالأحوط وجوبا هو الجمع بين القصر و التمام على ما مر.
فيه ان هذا ليس من جهة ان المجموع الملفق مسافة شرعية،بل من
[2245]مسألة 14:في المسافة المستديرة الذهاب فيها الوصول إلى المقصد و الاياب منه إلى البلد،و على المختار يكفي كون المجموع مسافة مطلقا و إن لم يكن إلى المقصد أربعة(1)،و على القول الآخر يعتبر أن يكون
تقدم ان الأحوط فيه هو الجمع بين القصر و التمام،و لا فرق في المسألة بين أن تكون المسافة بخط مستقيم و إن كان ذلك الخط في ضمن خطوط منحنية و منكسرة،كما إذا كان الطريق بين الصخور و الأودية أو الجبال أو الأنهار فإنه غالبا يكون معوجا و غير مستقيم،أو تكون بشكل دائري كما إذا كان بلد المسافر واقعا على محيط دائرة و محيطها عدا ما تشتغله بلدته من المساحة يساوي المسافة المحددة شرعا و هي ثمانية فراسخ و على هذا فإذا نوى قطع هذه المسافة ذهابا إلى مقصد في محيطها و ايابا إلى بلدته،فإن كان كل منهما يساوي نصف المسافة فلا إشكال في وجوب القصر بلا فرق بين أن يكون رجوعه إلى بلدته من
من مبدأ السير إليه أربعة مع كون المجموع بقدر المسافة.
[2246]مسألة 15:مبدأ حساب المسافة سور البلد أو آخر البيوت فيما لا سور فيه في البلدان الصغار و المتوسطات،و آخر المحلة في البلدان الكبار الخارقة للعادة(1)،و الأحوط مع عدم بلوغ المسافة من آخر البلدان الجمع
فيه إشكال بل منع،و الأظهر عدم الفرق بين البلدان الكبيرة و الصغيرة، فكما ان بلدة المسافر إذا كانت صغيرة فالعبرة إنما هي بخروجه عنها على أساس أنه لا يصدق على تحركاته في بلدته عنوان السفر عرفا،فكذلك إذا كانت بلدته كبيرة،فإنه ما دام يتحرك في وسط بلدته لا يعتبر ذلك سفرا منه عرفا،لأن السفر يتوقف على الخروج من البلدة و الابتعاد عنها،و من هنا لا تعتبر تحركات الساكنين
و إن كانت مسافة إذا لوحظ آخر المحلة.
الشرط الثاني:قصد قطع المسافة من حين الخروج فلو قصد أقل منها و بعد الوصول إلى المقصد قصد مقدارا آخر يكون مع الأول مسافة لم
يقصّر(1)،نعم لو كان ذلك المقدار مع ضم العود مسافة قصّر من ذلك
هذا باعتبار ان وجوب القصر منوط بطيّ المسافة بسفرة واحدة،و بما أنه لم يطو المسافة بكاملها كذلك لم يجب عليه القصر و انما طواها بسفرتين، و حيث ان المجموع لا يعد سفرة واحدة فلا أثر له،فإذا قصد المسافر من بلدته ما دون المسافة الشرعية فإذا وصل إليه تجدد له رأي بأن يسافر إلى بلد آخر فسافر إليه ففي مثل ذلك يعتبر مبدأ المسافة من مقصده لا من بلدته فيلغى من الحساب ما قطعه من المسافة قبل تجدد الرأى له بالسفر إلى بلدة أخرى.
مثال ذلك:نجفي ينوي السفر إلى الكوفة و إذا وصل إليها تجدد له رأى بعدم الرجوع إلى النجف و السفر من الكوفة إلى الشامية مثلا ثم يعود منها إلى النجف مارا بالكوفة و حينئذ تعتبر المسافة من الكوفة إلى الشامية و منها إلى النجف مارا بالكوفة،فإن كان المجموع بقدر المسافة الشرعية و هي ثمانية فراسخ ترتب عليه أحكامه و الاّ فلا،و أما ما قطعه أولا من النجف إلى الكوفة فهو يلغى من الحساب لأنه لم يكن قاصدا بذلك المسافة الشرعية بالكامل و لا يمكن الحاقه بما يتجدد له رأي في السفر إلى بلدة أخرى باعتبار أنه سفرة أخرى جديدة لا ترتبط بالأول و يحسب مبدؤها من الكوفة في المثال على أساس أن السفر يتعدد بتعدد المقصد و الغاية شريطة أن يتجدّد له رأي في السفر إلى بلدة أخرى بتجدد الغاية بعد الوصول إلى المقصد الأول،فإن من سافر من بلدة كالنجف..
فتارة يقصد الكوفة فحسب من أجل غاية،و بعد الوصول إلى الكوفة و حصول الغاية يتجدد له رأي في السفر إلى العباسية من اجل غاية و اذا وصل إليها و حصل الغاية المقصودة يتجدد له رأي بالسفر الى الكفل و هكذا،فهنا أسفار متعددة و لا يجب عليه القصر في شيء منها،و المفروض أن المجموع لا يعد سفرة واحدة عرفا.
……….
الوقت بشرط أن يكون عازما على العود،و كذا لا يقصّر من لا يدري أيّ مقدار يقطع كما لو طلب عبدا آبقا أو بعيرا شاردا أو قصد الصيد و لم يدر أنه يقطع مسافة أو لا،نعم يقصّر في العود إذا كان مسافة،بل في الذهاب إذا كان مع العود بقدر المسافة و إن لم يكن أربعة(1)كأن يقصد في الأثناء أن يذهب ثلاثة فراسخ و المفروض أن العود يكون خمسة أو أزيد،و كذا لا يقصّر لو خرج ينتظر رفقة إن تيسروا سافر معهم و إلا فلا،أو علّق سفره على حصول مطلب في الأثناء قبل بلوغ الأربعة إن حصل يسافر و إلا فلا، نعم لو اطمأن بتيسر الرفقة أو حصول المطلب بحيث يتحقق معه العزم على المسافة قصّر بخروجه عن محل الترخص.
[2247]مسألة 16:مع قصد المسافة لا يعتبر اتصال السير،فيقصّر و إن كان من قصده أن يقطع الثمانية في أيام و إن كان ذلك اختيارا لا لضرورة من عدوّ أو برد أو انتظار رفيق أو نحو ذلك،نعم لو كان بحيث لا يصدق عليه اسم السفر لم يقصّر كما إذا قطع في كل يوم شيئا يسيرا جدا للتنزه أو نحوه، و الأحوط في هذه الصورة أيضا الجمع(2).
[2248]مسألة 17:لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلا بل يكفي و لو كان من جهة التبعية للغير لوجوب الطاعة كالزوجة و العبد أو قهرا كالأسير و المكره و نحوهما أو اختيارا كالخادم و نحوه بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافة،فلو لم يعلم بذلك بقي على التمام،و يجب الاستخبار
مر أن الأحوط فيه هو الجمع بين القصر و التمام.
بل الأقوى هو القصر لمكان صدق المسافر عليه و عدم صدق انه مقيم و إن قطع في كل يوم شيئا يسيرا من المسافة كخمسمائة متر أو أكثر و يواصل قطعها كذلك إلى أن يقطعها بالكامل و التمام.
مع الامكان(1)،نعم في وجوب الاخبار على المتبوع إشكال و إن كان الظاهر عدم الوجوب.
في الوجوب إشكال بل منع حيث انه لا منشأ لوجوب الاستخبار على التابع بأن يفحص عن قصد المتبوع و التعرف عليه بالسؤال منه أو من غيره على أساس ما مرّ من أن وجوب القصر قد أنيط بقصد السفر في المسافة المحددة شرعا بالكامل،و بما أن التابع لا يعلم بالحال فلا يكون قاصدا للسفر بقدر المسافة،و عليه فوظيفته التمام واقعا و إن قطع المسافة و هو متردد و جاهل بالحال فلا يكون مكلفا بالقصر كذلك حتى على تقدير كون المتبوع في الواقع قاصدا للمسافة على أساس ما مر من أن موضوع وجوب القصر هو قصد طيّ المسافة الشرعية و بدونه فلا موضوع له حقيقة.
و عليه فلا مقتضي لوجوب الفحص عن قصد المتبوع و التعرف عليه بالسؤال.
و من هنا يظهر ان عدم وجوب الفحص هنا ليس مبنيا على عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية حيث ان وجوب القصر لما كان مترتبا على قصد قطع المسافة المحددة شرعا فلا يتصور فيه التردد و الشك بأن لا يعلم المسافر انه قاصد طيّ المسافة أو غير قاصد له و على هذا فالتابع حيث إنه لا يعلم قصد المتبوع فهو غير قاصد طيّ المسافة،و معه تكون وظيفته التمام واقعا لا ظاهرا و إن قطع المسافة و هو في هذه الحال.
فالنتيجة:انه ما دام كونه جاهلا بقصد المتبوع يظل باقيا على التمام واقعا و إن طال الأمد الاّ أن يعلم في الأثناء فحينئذ يعمل على طبق علمه،فإن كان الباقي مسافة قصر و الاّ فلا.
[2249]مسألة 18:إذا علم التابع بمفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة و لو ملفقة بقي على التمام،بل لو ظن ذلك فكذلك،نعم لو شك في ذلك فالظاهر القصر(1)خصوصا لو ظن العدم،لكن الأحوط في صورة الظن بالمفارقة و الشك فيها الجمع.
[2250]مسألة 19:إذا كان التابع عازما على المفارقة مهما أمكنه أو معلقا لها على حصول أمر كالعتق أو الطلاق و نحوهما فمع العلم بعدم الامكان و عدم حصول المعلق عليه يقصّر،و أما مع ظنه فالأحوط الجمع و إن كان الظاهر التمام،بل و كذا مع الاحتمال إلا إذا كان بعيدا غايته بحيث لا ينافي
بل الظاهر هو التمام لأنه مع الشك و التردد في مفارقة المتبوع لا يمكن أن يكون جادا في قصد السفر بقدر المسافة،فإنه يتنافى مع قصده السفر كذلك.
و عليه فتكون وظيفته التمام في جميع صور المسألة،بل الأمر كذلك مع الظن بعدم المفارقة فان احتمالها أيضا يتنافى مع قصد السفر عن جدّ،فما دام لا يكون واثقا و متأكدا من عدم المفارقة لا يتمكن من القصد و العزم عليه كذلك.
فالنتيجة:ان التابع إذا كان عالما بقصد المتبوع فإن كان عالما بعدم المفارقة عنه،أو على الأقل كان واثقا و مطمئنا به وجب عليه القصر باعتبار أنه قاصد للسفر حينئذ تبعا لقصد متبوعه،و الاّ فالتمام و إن كان ظانا بالعدم إذ لا أثر له الاّ أن يكون حجة.
و دعوى:ان التابع مع الظن بعدم المفارقة،بل مع الشك فيها يتمكن من قصد السفر الشرعي…خاطئة جدا،لأنها مبنية على الخلط بين القصد الفعلي و القصد التعليقي فإنه إنما يتمكن في هذه الحالة من القصد التعليقي و هو قصد السفر معلقا على عدم المفارقة دون القصد الفعلي الموجود في النفس حالا،فإنه لا يجتمع مع التردد و احتمال المفارقة و عدم مواصلة السفر إلى ثمانية فراسخ.
صدق قصد المسافة،و مع ذلك أيضا لا يترك الاحتياط(1).
[2251]مسألة 20:إذا اعتقد التابع أن متبوعه لم يقصد المسافة أو شك في ذلك و في الأثناء علم أنه قاصد لها فالظاهر وجوب القصر عليه و إن لم يكن الباقي مسافة(2)لأنّه إذا قصد ما قصده متبوعه فقد قصد المسافة
في الاحتياط إشكال بل منع،فإن التابع إن كان عازما على مفارقة المتبوع متى أتيحت له الفرصة و كانت اتاحتها أمرا محتملا و ليست صعبة المنال و الوصول إليها فهو يتنافى مع قصد السفر بقدر المسافة بالكامل،فاذن تكون وظيفته التمام دون الاحتياط و إن كان وصوله إلى الفرصة المتاحة التي كانت من أمنيته صعب المنال و الوقوع و كان احتماله ضعيفا جدا بدرجة يكون واثقا متأكدا بعدم الوصول إليها فوظيفته القصر لأن قصد المسافة حينئذ مفروض عليه بحكم الأمر الواقع فلا مجال للاحتياط.
بل الظاهر وجوب التمام عليه الاّ إذا كان الباقي مسافة و لو بضميمة الرجوع إلى بلدته،و أما إذا لم يكن الباقي مسافة لا بنفسه و لا بضميمة الرجوع فتكون وظيفته عندئذ التمام لأن ما طواه أولا من المسافة في زمان تردده و جهله بأن متبوعه قاصد لها أولا ملغى من الحساب باعتبار أنه كان غير قاصد لطيّ المسافة الشرعية في هذه الحالة،و أما ما ذكره الماتن قدّس سرّه من ان التابع إذا كان يقصد ما قصد متبوعه فقد قصد المسافة واقعا نظير ما إذا قصد شخص طي المسافة بين النجف و الحلة مثلا و لكن لا يعلم بأنها مسافة شرعية،و في الطريق أو في المقصد علم بالمسافة،فلا شبهة في أن وظيفته التمام لأنه قاصد طي المسافة الشرعية واقعا،و ما نحن فيه كذلك،فلا يمكن المساعدة عليه لأن قياس ما نحن فيه بذلك قياس مع الفارق،لأن التابع بما انه جاهل بقصد المتبوع و لا يدري انه كان يقصد طي المسافة أو لا فبطبيعة الحال يكون قصده طي المسافة حينئذ معلقا على تقدير
واقعا،فهو كما لو قصد بلدا معينا و اعتقد عدم بلوغه مسافة فبان في الأثناء أنّه مسافة،و مع ذلك فالأحوط الجمع.
[2252]مسألة 21:لا إشكال في وجوب القصر إذا كان مكرها على السفر أو مجبورا عليه،و أما إذا اركب على الدابة أو القي في السفينة من دون اختياره بأن لم يكن له حركة سيرية ففي وجوب القصر و لو مع العلم بالايصال إلى المسافة إشكال،و إن كان لا يخلو عن قوة(1).
هذا هو المتعين حيث أن المراد من قصد السفر هنا ليس بمعنى الاختيار الناشي من الشوق و الرغبة بل هو عبارة عن علم المسافر و إدراكه بأنه
الثالث:استمرار قصد المسافة فلو عدل عنه قبل بلوغ الأربعة أو
تردد أتم،و كذا إذا كان بعد بلوغ الأربعة لكن كان عازما على عدم العود أو كان مترددا في أصل العود و عدمه أو كان عازما على العود لكن بعد نية الاقامة هناك عشرة أيام،و أما إذا كان عازما على العود من غير نية الاقامة عشرة أيام فيبقى على القصر و إن لم يرجع ليومه،بل و إن بقي مترددا إلى ثلاثين يوما،نعم بعد الثلاثين مترددا يتم.
[2253]مسألة 22:يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع و إن عدل عن الشخص،كما لو قصد السفر إلى مكان مخصوص فعدل عنه إلى آخر يبلغ ما مضى و ما بقي إليه مسافة،فإنه يقصّر حينئذ على الأصح،كما أنه يقصّر لو كان من أول سفره قاصدا للنوع دون الشخص،فلو قصد أحد المكانين المشتركين في بعض الطريق و لم يعين من الأول أحدهما بل أو كل التعيين إلى ما بعد الوصول إلى آخر الحد المشترك كفى في وجوب القصر.
[2254]مسألة 23:لو تردد في الأثناء ثم عاد إلى الجزم فإما أن يكون قبل قطع شيء من الطريق أو بعده ففي الصورة الاولى يبقى على القصر إذا كان ما بقي مسافة و لو ملفقة،و كذا إن لم يكن مسافة في وجه،لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع(1)،و أما في الصورة الثانية فإن كان ما بقي مسافة
بل الأظهر فيه هو البقاء على القصر،فإن المسافر إذا لم يقطع شيئا من الطريق لدى الحيرة و التردد فمعناه أنه قطع المسافة المحددة بكاملها عن قصد و عزم بدون الحيرة و التردد في المضي على قصده أو العود إلى بلده،فإذا عاد إلى قصده الأول و عزم على مواصلة سفره فهو استمرار للسفر الأول و مواصلة له و ليس سفرا جديدا على أساس أن مجموع ما طواه سابقا و ما يطويه لاحقا يكون عن قصد
و لو ملفقة يقصّر أيضا و إلا فيبقى على التمام،نعم لو كان ما قطعه حال الجزم أولا مع ما بقي بعد العود إلى الجزم بعد إسقاط ما تخلل بينهما مما قطعه حال التردد مسافة ففي العود إلى التقصير وجه،لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع(1).
[2255]مسألة 24:ما صلاّه قصرا قبل العدول عن قصده لا يجب إعادته
مر أن الأظهر فيه هو التمام،لأن المسافر إذا قطع شيئا من المسافة المحددة عند الحيرة و التردد،أو العزم على العود ثم عاد إلى قصده الأول فهو مانع عن الاتصال،لأن ما يقطعه من المسافة بعد العود إلى الجزم بمواصلة السفر لا يكون بقاء و استمرارا لما قطعه أولا من مسافة مع العزم،لأن ما قطعه لدى الحيرة و التردد أو العزم على العود إلى مقره مانع عن الاتصال بينهما،فإذن بطبيعة الحال أن ما يقطعه من مسافة بعد أن عاد إلى الجزم فهو سفر جديد باعتبار تجدد الرأي له فيه فينظر حينئذ إليه،فإن كان يبلغ مسافة و لو بضم الاياب و الرجوع إليه قصر،و أما إذا لم يبلغ حتى بضم الاياب فيتم و إن كان الأحوط و الأجدر أن يجمع بين القصر و التمام.
في الوقت فضلا عن قضائه خارجه(1).
في عدم الوجوب إشكال بل منع،و الأظهر وجوب الاعادة في الوقت و القضاء خارج الوقت،و ذلك لأن صحيحة زرارة قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده فدخل عليه الوقت و قد خرج من القرية على فرسخين فصلوا و انصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟قال:تمت صلاته و لا يعيد…» 1و إن كانت تدل على تمامية صلاته قصرا و عدم وجوب إعادتها عليه بعد عدوله عن مواصلة السفر و العود إلى بلده،و من هنا لو كنا نحن و هذه الصحيحة لقلنا بان موضوع وجوب القصر هو التلبس بالسفر و إن لم يستمر إلى تمام المسافة بالكامل،كما هو الحال في قصد الاقامة،إلاّ أن هذه الصحيحة معارضة بقوله عليه السّلام في صحيحة أبي ولاّد:«و إن كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فإن عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام» 2فإنه ناص في وجوب إعادة ما صلاة قصرا بعد العدول عن مواصلة السفر و العود إلى بلده على أساس ان الأمر بالاعادة إرشاد إلى بطلانها،فمن أجل ذلك لا يمكن الجمع العرفي الدلالي بينهما بحمل الأمر بالقضاء في صحيحة أبي ولاّد على الاستحباب على أساس ان ذلك مبني على أن الأمر بالقضاء أمر مولوي،و أما إذا كان إرشاديا-كما هو كذلك-فلا مجال لهذا الحمل.
و دعوى ان المشهور بما أنهم قد عملوا بصحيحة زرارة و اعرضوا عن صحيحة أبي ولاّد فتسقط الصحيحة الثانية عن الحجية.
مدفوعة بما ذكرناه في علم الأصول من أنه لا يمكن تبرير هذه الدعوى صغرى و كبرى،فمن أجل ذلك لا أثر لها،فإذن تصلح أن تعارض صحيحة زرارة، و بما أنه لا ترجيح في البين فتسقطان معا فيرجع إلى العام الفوقي و هو الروايات
الرابع:أن لا يكون من قصده في أول السير أو في أثنائه إقامة عشرة أيام قبل بلوغ الثمانية،و أن لا يكون من قصده المرور على وطنه كذلك، و إلا أتم لأنّ الاقامة قاطعة لحكم السفر،و الوصول إلى الوطن قاطع لنفسه، فلو كان من قصده ذلك من حين الشروع أو بعده لم يكن قاصدا للمسافة، و كذا يتم لو كان مترددا في نية الاقامة(1)أو المرور على الوطن قبل بلوغ
بل الظاهر أنه يقصر للفرق بين أن يشك المسافر في أنه هل سيمر في أثناء قطع المسافة بوطنه و بين أن يشك في أنه هل سيقيم في بلد على الطريق قبل بلوغ المسافة على أساس أن المرور بالوطن أثناء السير قاطع للسفر،فإذا مر على وطنه و لو قاصدا اجتيازه منه لمواصلة سفره انتهى بذلك حكم القصر بانتهاء موضوعه و هو السفر و لا يعود حكمه إلاّ بخروجه من وطنه إذا تحقق منه سفر جديد بقدر المسافة،و أما قصد الاقامة في بلد فهو قاطع لحكم القصر دون موضوعه و هو السفر على أساس أن المقيم في بلد مسافر حقيقة و لا يعد من أهل ذلك البلد،غاية الأمر ان المسافر إذا قصد الاقامة في بلد عشرة أيام كان حكمه حكم أهل ذلك البلد لا أنه صار من أهله و خرج عن كونه مسافرا،و لا دليل على أن
الثمانية،نعم لو لم يكن ذلك من قصده و لا مترددا فيه إلا أنه يحتمل عروض مقتض لذلك في الأثناء لم يناف عزمه على المسافة فيقصّر(1)، نظير ما إذا كان عازما على المسافة إلا أنه لو عرض في الأثناء مانع من لص أو عدو أو مرض أو نحو ذلك يرجع،و يحتمل عروض ذلك،فإنه لا يضر بعزمه و قصده(2).
في اطلاق ذلك إشكال بل منع لأن المسافر إن احتمل في أثناء الطريق حدوث ما يدعوه على المرور بوطنه و بلدته قبل إكمال المسافة،فإن كان الاحتمال ضعيفا بدرجة يكون المسافر واثقا و متأكدا بعدم حدوثه في الاثناء فلا أثر له و هو يبقى على حكم القصر و إن كان الاحتمال بمرتبة لم يكن المسافر معه واثقا و مطمئنا بعدم حدوثه كان مانعا عن قصد السفر بقدر المسافة و معه تكون وظيفته التمام دون القصر،و أما إذا كان يحتمل في أثناء السير و قبل بلوغ المسافة حدوث ما يدعوه إلى الاقامة في مكان على الطريق فهو لا يضر لما مرّ من ان احتماله و إن كان عقلائيا الاّ أنه لا يتنافى مع كونه قاصدا للسفر الشرعي،بل قد مر أنه لو كان عازما عند ابتداء السفر على أن يقيم عشرة أيام في الطريق قبل بلوغ المسافة ثم انصرف عن ذلك و واصل سفره إلى أن أكمل المسافة لم يضر و كان حكمه القصر دون التمام.
هذا إذا كان احتمال المانع عن مواصلة السفر ضعيفا بدرجة يكون المسافر واثقا و متأكدا بعدم وجوده في الطريق،و أما إذا كان احتماله بمرتبة لا يكون معه واثقا و مطمئنا بالعدم فهو يتنافى مع عزمه على السفر بقدر المسافة فيكون حاله حال المرور بالوطن لا حال قصد الاقامة.
[2256]مسألة 25:لو كان حين الشروع في السفر أو في أثنائه قاصدا للإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية لكن عدل بعد ذلك عن قصده(1)أو كان مترددا في ذلك و عدل عن ترديده إلى الجزم بعدم الأمرين فإن كان ما بقي بعد العدول مسافة في نفسه أو مع التلفيق بضم الاياب قصّر،و إلا فلا،فلو كان ما بقي بعد العدول إلى المقصد أربع فراسخ و كان عازما على العود و لو لغير يومه قصّر في الذهاب و المقصد و الاياب، بل و كذا لو كان أقل من أربعة،بل و لو كان فرسخا فكذلك على الأقوى من
مر أنه لا بد من التفصيل بين المرور بالوطن و قصد الاقامة لأن المسافر إذا كان عازما على المرور بوطنه في أثناء طي المسافة المحددة شرعا فمعناه أنه لم يكن عازما من أول الأمر للسفر بقدر المسافة و إن لم يمر فعلا لمانع منعه عن ذلك و قطع المسافة كلها بدون المرور عليه،و كذلك الحال إذا كان شاكا في المرور على بلدته و وطنه،فإنه مع هذا الشك ليس بإمكانه أن يكون قاصدا للسفر بقدر المسافة من البداية و إن لم يمر به في أثناء السير،و طوى المسافة بكاملها.و هذا بخلاف قصد الاقامة فإنه قاطع لحكم القصر دون موضوعه كما مر.
نعم إذا لم ينصرف عن عزمه على الاقامة في نصف الطريق و أقام فيه عشرة أيام أصبح سفره إلى محل الاقامة بلا أثر شرعي حيث أنه لا يكون بقدر المسافة، و إذا خرج منه بعد الاقامة كان خروجه سفرا جديدا لأن السفر إلى محل الاقامة يلغى من الحساب لانتهائه حكما بالاقامة،و عليه فإن كان الباقي بقدر المسافة و لو بضميمة الاياب و الرجوع إلى وطنه أو مقره كان حكمه القصر،و الاّ فالتمام.
و من هنا كان على الماتن قدّس سرّه أن يفرق بين المرور بالوطن في أثناء السير و بين قصد الاقامة في منتصف الطريق.
وجوب القصر في كل تلفيق(1)من الذهاب و الاياب و عدم اعتبار كون الذهاب أربعة أو أزيد كما مر.
[2257]مسألة 26:لو لم يكن من نيته في أول السفر الاقامة أو المرور على الوطن و قطع مقدارا من المسافة ثم بدا له ذلك قبل بلوغ الثمانية ثم عدل عما بدا له(2)و عزم على عدم الأمرين فهل يضم ما مضى إلى ما بقي إذا لم يكن ما بقي بعد العدول عما بدا له مسافة فيقصّر إذا كان المجموع
تقدم ان التلفيق إذا كان من ذهاب المسافر من وطنه أو مقره إلى البلد و رجوعه منه إليه فإن كان متساويين فلا إشكال في وجوب القصر و إلاّ فالأحوط وجوبا هو الجمع بين القصر و التمام،و أما إذا سافر الانسان إلى بلد يكون دون المسافة ثم بدا له أن يسافر منه إلى بلد آخر و يرجع من ذلك البلد إلى وطنه فإن كانا مجموع الذهاب من البلد الأول إلى الثاني و الاياب منه إلى الوطن مسافة شرعية وجب القصر و إن لم يكن الذهاب مساويا للإياب،و الاّ فالتمام.
مثال ذلك:نجفي نوى السفر إلى أبي صخير-مثلا-فسافر إليه ثم بدا له أن يسافر إلى الشامية فسافر ثم رجع منها إلى النجف،فإن كان مجموع ذهابه من أبي صخير إلى الشامية و رجوعه منها إلى النجف بقدر المسافة كفى في وجوب القصر، و لا يكون هذا من موارد اعتبار التساوي بين الذهاب و الاياب لانصراف النصوص عن ذلك.
مر انه لا بد من الفرق بين قصد الاقامة في أثناء الطريق قبل إكمال المسافة و بين المرور على الوطن قبل إكمالها حيث ان العزم على قصد الاقامة في نصف الطريق سواء أ كان في ابتداء السفر أم كان في أثنائه إذا انصرف عنه بعد ذلك و عدل و واصل سفره إلى أن أكمل المسافة فلا يضر.
فمن أجل ذلك لا بد من تخصيص المسألة بالمرور على الوطن.
مسافة و لو بعد إسقاط ما تخلل بين العزم الأول و العزم الثاني إذا كان قطع بين العزمين شيئا إشكال خصوصا في صورة التخلل،فلا يترك الاحتياط(1) بالجمع نظير ما مر في الشرط الثالث.
الخامس من الشروط:أن لا يكون السفر حراما،و إلا لم يقصّر سواء كان نفسه حراما كالفرار من الزحف و إباق العبد و سفر الزوجة بدون إذن الزوج في غير الواجب(2)و سفر الولد مع نهي الوالدين في غير
بل الأقوى هو التمام لما مر من أن ما طواه المسافر من الطريق عند الحيرة و التردد لا يحسب من المسافة المحددة لأنه فاقد لما هو المعتبر في وجوب القصر و هو قصد طي المسافة و قطعها بالكامل،و أما إذا عرض عليه التحير و التردد بعد أن طوى شيئا من المسافة فهو قاطع للاتصال بين ما طواه من المسافة أولا و ما يطويه منها لاحقا فلا يمكن الاتصال بينهما لا حقيقة فإنه غير معقول،و لا تنزيلا فإنه بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه،فإن مقتضى روايات الباب أن موضوع وجوب القصر هو عزم المسافر طي المسافة بكاملها فلا تشمل ما نحن فيه،فمن أجل ذلك تكون وظيفته التمام.
نعم،إذا لم يقطع شيئا من الطريق عند الحيرة و التردد فحكمه القصر كما مر.
في إطلاقه إشكال بل منع فإن سفرها إنما يكون محرما إذا كان موجبا لتفويت حق زوجها لا مطلقا،و أما إذا لم يكن موجبا لذلك فلا دليل على حرمته.
ثم ان السفر المحرم الموجب للتمام على أقسام:
الأول:أن يكون السفر بنفسه محرما كالفرار من الزحف،أو من أقسم أن لا يسافر في اليوم الفلاني،أو نهاه عنه من يجب عليه إطاعته كما إذا نهى المولى عبده عن السفر.
الثاني:أن يكون لغاية محرمة بأن يكون الغرض منه القيام بعمل محرم،كمن
الواجب(1)،و كما إذا كان السفر مضرا لبدنه(2)و كما إذا نذر عدم السفر مع رجحان تركه و نحو ذلك،أو كان غايته أمرا محرّما كما إذا سافر لقتل نفس محترمة أو للسرقة أو للزنا أو لإعانة ظالم أو لأخذ مال الناس ظلما و نحو ذلك،و أما إذا لم يكن لأجل المعصية لكن تتفق في أثنائه مثل الغيبة و شرب الخمر و الزنا و نحو ذلك مما ليس غاية للسفر فلا يجب التمام بل يجب معه القصر و الافطار.
[2258]مسألة 27:إذا كان السفر مستلزما لترك واجب كما إذا كان مديونا و سافر مع مطالبة الديّان و إمكان الأداء في الحضر دون السفر و نحو ذلك
في حرمته إشكال بل منع إذ لا دليل على أن نهي الوالدين بما هو نهي يوجب الحرمة.
نعم يجب عليه أن يعاشرهما معاشرة حسنة معروفة بمقتضى الكتاب و السنة،و لا تجب عليه تلك المعاشرة بالنسبة إلى غيرهما.
في إطلاقه إشكال بل منع إذ لا دليل على حرمة الاضرار بالنفس بتمام مراتبها،فإن المحرم إنما هو حصة خاصة منها و هي إلقاء النفس في التهلكة أو ما يتلو تلوها.
فهل يوجب التمام أم لا؟الأقوى التفصيل بين ما إذا كان لأجل التوصل إلى ترك الواجب أو لم يكن كذلك،ففي الأول يجب التمام دون الثاني،لكن الأحوط الجمع في الثاني(1).
[2259]مسألة 28:إذا كان السفر مباحا لكن ركب دابة غصبية أو كان المشي في أرض مغصوبة فالأقوى فيه القصر(2)،و إن كان الأحوط الجمع.
بل الأقوى هو القصر لأن الهدف من السفر و الباعث عليه ليس هو ترك الواجب كأداء الدين مع القدرة عليه ليكون السفر معصية،بل كان الهدف منه أمرا محللا و مشروعا كزيارة الحسين عليه السّلام أو زيارة الوالدين،أو عيادة مريض،أو إعانة مؤمن أو نحوها و لكن استلزم ذلك ترك واجب عليه و لا يصدق أن سفره بغاية المعصية ليكون مشمولا للنص.
هذا إذا كان السفر من أجل غاية مباحة و لكن ركب سيارة غصبية،أو مرّ في أرض مغصوبة فإنه و إن كان آثما الاّ أن سفره ليس سفر معصية فإن سفر المعصية متمثل في عنوانين..
أحدهما:أن يكون السفر بنفسه حراما و معصية.
و الآخر:أن تكون الغاية منه فعل الحرام،أو ترك الواجب،و الجامع فعل المعصية،و حيث أن شيئا من العنوانين لا ينطبق عليه فلا يكون من سفر المعصية لأن سفره و هو ابتعاده عن بلدته بنفسه لا يكون حراما و لا الغاية منه محرمة و إنما استخدم فيه وسيلة محرمة،أو طريقا محرما،فيكون الحرام هو التصرف في الوسيلة أو الطريق و هو مقارن لسفره خارجا لا أنه عنوان أو غاية له.
نعم إذا سرق الشخص سيارة أو دابة من أحد و ركبها و فرّ بها من يد صاحبها، فالظاهر أن سفره هذا سفر معصية على أساس أن الغاية الباعثة عليه إنما هي الاستيلاء على أموال الآخرين غصبا و عدوانا و تمكين نفسه من التصرف فيها
[2260]مسألة 29:التابع للجائر إذا كان مجبورا أو مكرها على ذلك أو كان قصده دفع مظلمة أو نحوها من الأغراض الصحيحة المباحة أو الراجحة قصّر،و أما إذا لم يكن كذلك بأن كان مختارا و كانت تبعيته إعانة للجائر في جوره وجب عليه التمام و إن كان سفر الجائر طاعة،فإن التابع حينئذ يتم مع أن المتبوع يقصّر.
[2261]مسألة 30:التابع للجائر المعد نفسه لامتثال أوامره لو أمره بالسفر فسافر امتثالا لأمره،فإن عدّ سفره إعانة للظالم في ظلمه كان حراما و وجب عليه التمام و إن كان من حيث هو مع قطع النظر عن كونه إعانة مباحا،و الأحوط الجمع(1)،و أما إذا لم يعد إعانة على الظلم فالواجب عليه القصر.
[2262]مسألة 31:إذا سافر للصيد فإن كان لقوته و قوت عياله قصّر،بل و كذا لو كان للتجارة،و إن كان الأحوط فيه الجمع،و إن كان لهوا كما يستعمله أبناء الدنيا وجب عليه التمام(2)،و لا فرق بين صيد البرّ و البحر،
بل الأظهر هو التمام لأن سفره لما كان اعانة للظالم في ظلمه كما هو المفروض في المسألة فهو حرام يوجب التمام،فإذن لم يظهر وجه للاحتياط في المقام.
لا شبهة في أصل وجوب التمام عليه و إنما الكلام في أن وجوبه هل هو بملاك أن سفره من أجل الصيد اللهوي و إن لم يكن محرما،أو من أجل أنه محرم و مبغوض،فعلى الأول لا تكون هذه المسألة من صغريات مسألة سفر المعصية،و على الثاني تكون من صغريات تلك المسألة؟فيه وجهان:
الظاهر هو الثاني و ذلك لا من جهة قوله عليه السّلام في موثقة عبيد بن زرارة:«يتم
……….
كما لا فرق بعد فرض كونه سفرا بين كونه دائرا حول البلد و بين التباعد عنه و بين استمراره ثلاثة أيام و عدمه على الأصح.
[2263]مسألة 32:الراجع من سفر المعصية إن كان بعد التوبة يقصّر،و إن كان مع عدم التوبة فلا يبعد وجوب التمام عليه(1)لكون العود جزءا من
بل هو بعيد،و الأظهر وجوب القصر إذا كان رجوعه وحده بقدر المسافة المحددة و لم يكن بنفسه محرما و لا من أجل غاية محرمة كما هو المفروض في المسألة،فعندئذ لا مقتضي لوجوب التمام.
و دعوى:ان الرجوع بما أنه جزء من الذهاب و ليس سفرا آخر جديدا فيكون محكوما بحكمه و هو التمام…
خاطئة:بأن موضوع وجوب التمام هو سفر معصية سواء أ كان بنفسه معصية أم كان من أجل معصية،فالحكم يدور مدار هذا العنوان حدوثا و بقاء،و بما أنه يصدق على الذهاب فيترتب عليه حكمه و هو التمام،و أما العود فإذا لم يكن حراما بنفسه و لا من أجل غاية محرمة لم يصدق عليه عنوان سفر المعصية، فيرجع فيه حينئذ إلى اطلاقات أدلة وجوب القصر.
فالنتيجة:ان الحكم يدور مدار هذا العنوان وجودا و عدما لا مدار كون الرجوع جزءا من الذهاب أو أنه سفر مستقل،فإنه لا معنى لكون الاياب جزءا من
سفر المعصية،لكن الأحوط الجمع حينئذ.
[2264]مسألة 33:إباحة السفر كما أنها شرط في الابتداء شرط في الاستدامة أيضا،فلو كان ابتداء سفره مباحا فقصد المعصية في الأثناء انقطع ترخصه و وجب عليه الاتمام و إن كان قد قطع مسافات(1)،و لو لم
في الوجوب إشكال و الأحوط و الأجدر لزوما أن يجمع بين القصر و التمام فيصلي كلا من الظهر و العصر و العشاء مرة قصرا و أخرى تماما شريطة أن يكون التحول إلى المعصية بعد قطع المسافة المحددة بكاملها.
مثال ذلك:نجفي سافر إلى بغداد بفرض شراء أشياء محلّلة و الاتجار بها و بعد طي المسافة بكاملها تبدل رأيه و بنى على شراء أشياء محرمة و الاتجار بها فيتحول سفره إلى سفر المعصية،و حينئذ فإن صلى في الطريق قصرا صح لأن السفر الشرعي قد تحقق منه و لا موجب لإعادته،و ما دام لم يبدأ بسفر المعصية
……….
يقطع بقدر المسافة صح ما صلاة قصرا،فهو كما لو عدل عن السفر و قد صلى قبل عدوله قصرا حيث ذكرنا سابقا أنه لا يجب إعادتها(1)،و أما لو كان ابتداء سفره معصية فعدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان الباقي مسافة فلا إشكال في القصر(2)و إن كانت ملفقة من الذهاب و الاياب،بل و إن لم
مر في المسألة(24)أن الأظهر وجوب إعادة الصلاة تامة في وقتها أن بقي و إن فات أتى بها تامة في خارج الوقت،و كذلك الحال في المقام فإن المسافر إذا كان سفره في بدايته مباحا ثم يتحول إلى سفر المعصية في أثناء المسافة و قبل إكمالها،فإن هذا التحول بما أنه قبل طي المسافة بكاملها يهدم السفر الشرعي و عليه فإن صلى قصرا قبل ذلك وجبت إعادتها تامة في الوقت،و إن فات وجب قضاؤها كذلك في خارج الوقت.
هذا شريطة أن يبدأ بالسفر المباح فعلا،و أما قبل أن يبدأ به فتكون وظيفته الاتمام،فإذا أراد أن يصلي صلى تماما.
مثال ذلك:من سافر سفر المعصية إلى بلد كبغداد-مثلا-و بعد وصوله إلى الحلة تحول قصده من الحرام إلى الحلال،فإنه ما لم يبدأ بالسفر المباح فعلا و أراد أن يصلي الظهر-مثلا-صلى تماما باعتبار أنه مسافر لحد الآن سفر الحرام و مجرد تبدل نيته من الحرام إلى الحلال لا يوجب زوال هذا العنوان عنه ما لم يتلبس خارجا بالسفر المباح،و إذا بدأ به قصّر و إن كان في داخل البلد و لم يخرج منه، و كذلك الحال إذا وصل إلى مقصده كبغداد ثم أراد أن يرجع إلى وطنه كالنجف مثلا فإنه ما دام لم يتلبس بالسفر المباح و لم يبدأ به فإذا أراد أن يصلى صلى تماما، و أما إذا بدأ بالسفر المباح صلى قصرا و لا يتوقف وجوب القصر على خروجه من
يكن الذهاب أربعة على الأقوى(1)،و أما إذا لم يكن مسافة و لو ملفقة فالأحوط الجمع بين القصر و التمام،و إن كان الأقوى القصر بعد كون مجموع ما نواه بقدر المسافة و لو ملفقة(2)،فإن المدار على حال العصيان
هذا هو المتعين و لا حاجة إلى استعمال كلمة(بل)لما مر من أن اعتبار كون الذهاب و الاياب متساويين إنما هو فيما إذا ذهب شخص من وطنه أو مقره ثم رجع إليه،فإنه في مثل ذلك اعتبر جماعة التساوي بينهما و إلاّ فلا قصر،و أما الماتن قدّس سرّه فقد قوى عدم اعتباره،و قد تقدم منا أن الأحوط وجوبا في فرض عدم التساوي بينهما أن يجمع بين القصر و التمام فيصلي كلا من الظهر و العصر و العشاء مرة قصرا و أخرى تماما.و أما إذا ذهب إلى بلد دون المسافة فإذا وصل إليه بدا له أن يسافر منه إلى بلد آخر و منه يرجع إلى بلده و حينئذ فإن كان الذهاب إلى ذلك البلد و الرجوع إلى بلده بقدر المسافة وجب القصر و إن كان الذهاب إلى البلد المذكور ثلاثة فراسخ أو أقل و الرجوع إلى وطنه أو مقره خمسة فراسخ أو أكثر و لا يعتبر في مثل ذلك التساوي،فإنه على تقدير اعتباره إنما يعتبر فيما إذا كان بلد الذهاب و الاياب واحدا،و أما إذا كان بلد الاياب غير بلد الذهاب فلا دليل على اعتباره.
بل الأظهر هو التمام لأن الروايات التي تنص على وجوب التمام على المسافر إذا كان سفره سفر المعصية تنص على أن المراد من السفر هو السفر الشرعي يعني ثمانية فراسخ،و الاّ فلا موضوع للبحث عن ان وظيفته التمام أو القصر،و لا حاجة إلى هذه الروايات في وجوب التمام عليه لأن الأدلة الأولية كافية لإثبات وجوبه،فإذن لا محالة تكون هذه الروايات مخصصة لإطلاقات روايات القصر،و استثناء سفر المعصية من السفر المطلق في صحيحة عمار بن مروان ناص في هذا التقييد،و على هذا فإذا سافر بنية المعصية و في أثناء الطريق و بعد قطع
و الطاعة فما دام عاصيا يتم،و ما دام مطيعا يقصّر من غير نظر إلى كون البقية مسافة أو لا.
[2265]مسألة 34:لو كانت غاية السفر ملفقة من الطاعة و المعصية فمع استقلال داعي المعصية لا إشكال في وجوب التمام سواء كان داعي الطاعة أيضا مستقلا أو تبعا،و أما إذا كان داعي الطاعة مستقلا و داعي المعصية تبعا أو كان بالاشتراك ففي المسألة وجوه،و الأحوط الجمع(1)،و إن كان لا يبعد
بل الظاهر هو التفصيل بين ما إذا كانت الغاية من السفر مجموع الطاعة و المعصية و ما إذا كانت الغاية له الطاعة فحسب و لكن المعصية كانت داعية في طول السفر لا مقدمة له فعلى الأول يكون حكمه التمام حيث يصدق عليه أن سفره هذا سفر معصية باعتبار أن ارتكاب المجموع غير جائز،و على الثاني يكون حكمه القصر.
مثال ذلك:نجفي سافر إلى بغداد-مثلا-من أجل غاية مباحة و لكنه يحدث نفسه بأنه إذا وصل إليه و حصلت الغاية المنشودة له شرب كأسا من الخمر فيكون
وجوب التمام خصوصا في صورة الاشتراك بحيث لو لا اجتماعهما لا يسافر.
[2266]مسألة 35:إذا شك في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الاباحة إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة أو كان هناك أصل موضوعي كما إذا كانت الحلية مشروطة بأمر وجودي كإذن المولى و كان مسبوقا بالعدم،أو كان الشك في الاباحة و العدم من جهة الشك في حرمة الغاية و عدمها و كان الأصل فيها الحرمة.
[2267]مسألة 36:هل المدار في الحلية و الحرمة على الواقع أو الاعتقاد أو الظاهر من جهة الأصول؟إشكال،فلو اعتقد كون السفر حراما بتخيل أن الغاية محرّمة فبان خلافه كما إذا سافر لقتل شخص بتخيل أنه محقون الدم فبان كونه مهدور الدم فهل يجب عليه إعادة ما صلاة تماما أو لا؟و لو لم يصلّ و صارت قضاء فهل يقضيها قصرا أو تماما؟وجهان،و الأحوط الجمع،و إن كان لا يبعد كون المدار على الواقع إذا لم نقل بحرمة التجري، و على الاعتقاد إن قلنا بها،و كذا لو كان مقتضى الأصل العملي الحرمة و كان الواقع خلافه أو العكس فهل المناط ما هو في الواقع أو مقتضى الأصل بعد كشف الخلاف؟وجهان،و الأحوط الجمع،و إن كان لا يبعد كون المناط هو الظاهر(1)الذي اقتضاه الأصل إباحة أو حرمة.
بل هو بعيد فإن الظاهر على ما يستفاد من نصوص الباب أن العبرة إنما هي بالواقع المنجز فإن قوله عليه السّلام في صحيحة عمار:«أو في معصية اللّه…» 1ظاهر في المعصية الواقعية المنجزة باعتبار أن الصحيحة تدل على أن المسافر جعلها غاية
[2268]مسألة 37:إذا كانت الغاية المحرّمة في أثناء الطريق لكن كان السفر إليه مستلزما لقطع مقدار آخر من المسافة فالظاهر أن المجموع يعد من سفر المعصية(1)بخلاف ما إذا لم يستلزم.
[2269]مسألة 38:السفر بقصد مجرد التنزه ليس بحرام و لا يوجب التمام.
[2270]مسألة 39:إذا نذر أن يتم الصلاة في يوم معين أو يصوم يوما معينا
في إطلاقه إشكال بل منع،و الصحيح هو التفصيل،فإن استلزام سفر المعصية لقطع مقدار آخر من المسافة إن كان بملاك توقف الوصول إلى الغاية المحرمة على قطع هذا المقدار من المسافة أيضا فلا إشكال في أنه جزء من سفر المعصية،و حكمه فيه التمام،و إن كان بملاك أن سفره إلى بلد كالحلة-مثلا-من أجل غاية محرمة يستلزم سفره منه إلى بلد آخر لسبب ما فهو ليس بسفر المعصية و حكمه فيه القصر إن كان بقدر المسافة و لو بضميمة الاياب.
وجب عليه الاقامة(1)،و لو سافر وجب عليه القصر على ما مر من أن السفر المستلزم لترك واجب لا يوجب التمام إلا إذا كان بقصد التوصل إلى ترك الواجب(2)،و الأحوط الجمع.
هذا إذا كان المنذور هو الصلاة تماما في يوم معين فإنه يجب بحكم العقل الاقامة في مكان للوفاء بالنذر،و أما إذا كان المنذور الصوم في يوم معين فلا تجب الاقامة و يجوز السفر و الإفطار في ذلك اليوم و يصوم بدله يوما آخر،و يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:«قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الأيام كلها و يصوم يوما بدل يوم إن شاء اللّه…». 1
قد يقال كما قيل:إن متعلق النذر إن كان الصلاة تماما بشروطها الشرعية و منها ترك السفر كان نذرها منحلا إلى نذر شرطها و هو ترك السفر،فإذن يكون السفر من سفر المعصية و يترتب عليه وجوب التمام،و لا يلزم المحذور المذكور، و إن كان متعلق النذر مطلق التمام و إن لم يكن واجدا لشروطه الشرعية كان النذر باطلا لأنه إذا لم يكن واجدا لها فهو غير مشروع.
و الجواب:ان متعلق النذر هو أجزاء الصلاة المقيدة بشروطها فالتقيد بها داخل في متعلقة دونها،و بما أن الوجوب المتعلق بها فعلي فيكون باعثا و محركا للمكلف نحو تحصيل شروطها و منها ترك السفر و الاقامة فيه كالوجوب الأصلي المتعلق بها في حال الحضر،فإنه يوجب انبعاث المكلف نحو تحصيل شروطها التي يتوقف الاتيان بالصلاة عليها،فإذن لا معنى للقول بأن نذرها يكون نذرا لترك السفر،أو أنه منحل إلى نذرين أحدهما متعلق بالصلاة تماما و الآخر بترك السفر.
فيه انه لا يمكن أن يكون الحكم فيه التمام حيث يلزم من فرض وجوب التمام عدم وجوبه باعتبار ان الهدف من هذا السفر بما انه الفرار من الواجب و هو الصلاة المنذورة تماما و ترك الاتيان به فهو من سفر المعصية و حكمه
[2271]مسألة 40:إذا كان سفره مباحا لكن يقصد الغاية المحرّمة في حواشي الجادة فيخرج عنها لمحرّم و يرجع إلى الجادة فإن كان السفر لهذا الغرض كان محرّما موجبا للتمام،و إن لم يكن كذلك و إنما يعرض له قصد ذلك في الأثناء فما دام خارجا عن الجادة يتم(1)و ما دام عليها يقصّر(2)، كما أنه إذا كان السفر لغاية محرّمة و في أثنائه يخرج عن الجادة و يقطع
في الاتمام إشكال بل منع إذا كان الخروج عن الجادة أقل من المسافة، فإنه غير مشمول لإطلاق ما دل على وجوب التمام في سفر المعصية،و أما إذا كان بقدر المسافة فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن يجمع بين القصر و التمام لما مر في التعليق الأول على المسألة(33)من المناقشة في شمول دليل سفر المعصية لهذه الحالة،و هي ما إذا كان السفر في بدايته مباحا و لكنه يتحول إلى المعصية في أثناء الطريق بعد إكمال طي المسافة.
هذا إذا كان الباقي بعد الرجوع إلى الجادة بقدر المسافة المحددة،و أما إذا كان الأقل فالأحوط وجوبا هو الجمع بين القصر و التمام على أساس احتمال أن سفر المعصية إذا لم يكن بقدر المسافة لم يهدم السفر الشرعي،بل هذا الاحتمال هو المستظهر من الدليل،و لكن مع ذلك فالأجدر و الأحوط وجوبا الجمع بين القصر و التمام.
المسافة أو أقل لغرض آخر صحيح يقصّر ما دام خارجا(1)،و الأحوط الجمع في الصورتين.
[2272]مسألة 41:إذا قصد مكانا لغاية محرّمة فبعد الوصول إلى المقصد قبل حصول الغرض يتم،و أما بعده فحاله حال العود عن سفر المعصية(2) في أنه لو تاب يقصّر،و لو لم يتب يمكن القول بوجوب التمام لعدّ المجموع سفرا واحدا(3)،و الأحوط الجمع هنا و إن قلنا بوجوب القصر في العود بدعوى عدم عدّه مسافرا قبل أن يشرع في العود.
[2273]مسألة 42:إذا كان السفر لغاية لكن عرض في أثناء الطريق قطع
مر عدم وجوب التقصير فيما إذا كان السفر المباح أقل من المسافة.
نعم إذا كان السفر الحرام أيضا أقل منها و لكن المجموع كان بقدر المسافة وجب الجمع بين القصر و التمام على الأحوط على أساس قصور دليل كل من السفر الحلال و الحرام لمثل المقام،فإذن مقتضى العلم الإجمالي بوجوب أحدهما في هذا الحال هو الجمع بينهما بأن يصلي مرة قصرا و أخرى تماما.
فيه إشكال بل منع لأن بقاءه في المقصد بعد تحقق الهدف و هو الغاية المحرمة ليس من السفر المباح لكي يترتب عليه حكمه و هو وجوب القصر ما لم يبدأ به فعلا على أساس أن موضوع وجوب القصر هو السفر الذي لا يكون بمعصية،و عليه فما دام هو في المقصد و لم يبدأ بالعود و الرجوع إلى وطنه فحكمه التمام لأنه من سفر الحرام،و هو لا ينتهي الاّ بالبدء بالسفر المباح،فإذا بدأ به يقصر منذ البداية،و لا يتوقف على الخروج من البلد،كما لا يتوقف على أن يتوب و يؤوب إلى اللّه تعالى،أو يبقى مصرا على معصيته.
بل لا شبهة فيه لأن البقاء في المقصد بعد تحقق الغاية المحرمة جزء من سفر الحرام و لا ينتهى الاّ بالبدء بالسفر المباح.
مقدار من المسافة لغرض محرّم منضما إلى الغرض الأول فالظاهر وجوب التمام في ذلك المقدار من المسافة(1)لكون الغاية في ذلك المقدار ملفقة من الطاعة و المعصية،و الأحوط الجمع خصوصا إذا لم يكن الباقي مسافة.
[2274]مسألة 43:إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان العدول قبل الزوال وجب الافطار(2)،و إن
هذا إذا كان بقدر المسافة الشرعية بشرط أن يكون ما قطعه أولا من الطريق قبل ذلك كان أقل منها،و إن لم يكن الأقل فالأحوط وجوبا أن يجمع في ذلك المقدار بين القصر و التمام،و أما إذا كان المقدار المذكور أقل من المسافة فحينئذ إن كان ما قطعه أولا من الطريق يحقق السفر الشرعي فلا قيمة لهذا المقدار لما مر من أنه لا يهدم السفر الشرعي،و من هنا لا فرق بين أن يكون الباقي مسافة أو لا،فإن وظيفته القصر على كلا التقديرين في هذه الصورة و إن لم يكن ما قطعه أولا بقدر المسافة و لكن مجموع ما طواه من السفر الحلال و الحرام بقدرها فعندئذ هل أن وظيفته الاحتياط بالجمع بين الاتيان بالقصر مرة و التمام مرة أخرى،أو الاتيان بالقصر فقط؟
قد يقال بالأول،بدعوى أن كلا من السفرين لما لم يحقق السفر الشرعي لم يكن شيء منهما مشمولا لإطلاق الدليل،فإذن مقتضى العلم الإجمالي بوجوب الصلاة عليه في هذه الحالة هو الاحتياط.
و لكن الأظهر هو الثاني،لأن سفر المعصية مستثنى من السفر الشرعي المحدد بثمانية فراسخ شريطة أن يكون بقدر المسافة الشرعية،و أما إذا كان أقل منها فلا دليل على استثنائه لقصور دليله عن شمول ذلك،فإذن يبقى تحت اطلاق الدليل العام.و لكن مع ذلك كان الاحتياط فيه هو الأولى و الأجدر.
في إطلاقه إشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل فإنه إن عدل إلى
كان بعده ففي صحة الصوم و وجوب إتمامه إذا كان في شهر رمضان مثلا وجهان،و الأحوط الاتمام و القضاء،و لو انعكس بأن كان طاعة في الابتداء و عدل إلى المعصية في الأثناء فإن لم يأت بالمفطر و كان قبل الزوال صح صومه(1)،و الأحوط قضاؤه أيضا(2)،و إن كان بعد الاتيان بالمفطر أو بعد
في الصحة إشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل في المسألة،فإن التحول إلى سفر المعصية إن كان قبل طي المسافة بالكامل فالأظهر هو صحة صومه باعتبار أن التحول إلى سفر المعصية إن كان قبل إكمال المسافة فهو يهدم السفر الشرعي و حكمه حينئذ أن يتم صومه بلا فرق بين أن يكون التحول قبل الزوال أو بعده و لا قضاء عليه شريطة عدم إتيانه بالمفطر،و إن كان بعد طي المسافة بكاملها لم يصح صومه لما استظهرناه في المسألة(33)من أن مثل هذه الصورة غير مشمول لإطلاق دليل سفر المعصية،فإنه حينئذ ليس مأمورا بالصوم بعد التحول في النية إذ لا دليل على أن التحول فيها بمثابة الوصول إلى الوطن أو المقر، فإذا تحول و كان قبل الزوال و لم يأت بالمفطر وجب أن ينوي الصوم لأن النص مورده المسافر الذي يصل إلى وطنه أو محل إقامته قبل الزوال من دون الاتيان بشيء من المفطرات و حيث أن الحكم يكون على خلاف القاعدة فالتعدي عن مورده إلى سائر الموارد بحاجة إلى قرينة و لا قرينة لا في نفس النص و لا من الخارج.
فالنتيجة:انه غير مأمور بالصوم في الصورة المذكورة،بل وظيفته فيها القضاء و إن كان الأجدر و الأولى أن يبقى على الصوم ثم يقضي.
بل هو الأقوى إذا كان العدول إلى سفر المعصية بعد طي المسافة
الزوال بطل(1)،و الأحوط إمساك بقية النهار تأدبا إن كان من شهر رمضان.
[2275]مسألة 44:يجوز في سفر المعصية الاتيان بالصوم الندبي،و لا يسقط عنه الجمعة و لا نوافل النهار و الوتيرة،فيجري عليه حكم الحاضر.
السادس من الشرائط:أن لا يكون ممن بيته معه،كأهل البوادي من العرب و العجم الذين لا مسكن لهم معينا بل يدورون في البراري و ينزلون في محل العشب و الكلأ و مواضع القطر و اجتماع الماء لعدم صدق المسافر عليهم،نعم لو سافروا لمقصد آخر من حج أو زيارة أو نحوهما قصّروا،و لو سافر أحدهم لاختبار منزل أو لطلب محل القطر أو العشب و كان مسافة ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال،فلا يترك الاحتياط بالجمع(2).
هذا فيما إذا كان العدول بعد طي المسافة بالكامل،و أما إذا كان قبل طيّها و لم يأت بالمفطر فالظاهر هو صحة صومه على أساس أن السفر الشرعي الموجب للإفطار لم يتحقق منه إلى حين العدول و العدول يهدم السفر الشرعي كما مر،و حينئذ يكون مأمورا بالصوم من جهة ما مر من أنه لا قصور في إطلاق دليل سفر المعصية لشمول مثل المقام،و قد أشرنا الآن أن التحول ليس كالوصول إلى الوطن حتى يختلف حكمه باختلاف كونه قبل الزوال أو بعده.
بل الظاهر وجوب القصر عليه لأنه ما دام في بيته و يدور معه من منزل إلى آخر و من مكان إلى ثان لا يصدق أنه مسافر عرفا لأن بيته بمثابة المقر و الوطن له حيث أن توطنه على وجه الأرض يكون كذلك،و عليه فإذا خرج من بيته الكذائي و ابتعد عنه إلى ما دون المسافة كان كمن خرج من بلده أو مقره إليه،فلا يصدق أنه مسافر،و إذا خرج منه إلى المسافة المحددة صدق أنه مسافر.
و إن شئت قلت:ان بيوت هؤلاء بيوت غير مستقرة فهي كالبيوت المستقرة
السابع:أن لا يكون ممن اتخذ السفر عملا و شغلا له،كالمكاري و الجمّال و الملاّح و الساعي و الراعي و نحوهم،فإن هؤلاء يتمون الصلاة و الصوم في سفرهم الذي هو عمل لهم(1)
الظاهر أنه قدّس سرّه أراد بذلك الأعم من أن يكون نفس السفر عملا لهم مباشرة كالسائق فإن عمله سياقة السيارة،و الطيار و الملاح و المكاري و الجمال و نحوهم،أو يكون السفر مقدمة لعملهم الذي اتخذوه مهنة لهم و لا يتاح لهم أن يمارسوا ذلك العمل أو المهنة الاّ بالسفر كالجابي و الراعي و الاشتقان و التاجر الذي يدور في تجارته و الأمير الذي يدور في امارته حيث ان سفر هؤلاء مقدمة لعملهم و مهنتهم.
فالنتيجة:ان المستثنى من إطلاقات وجوب القصر و الافطار على المسافر بالسفر الشرعي هو من اتخذ السفر عملا و شغلا له بنفسه و مباشرة،أو مقدمة لما هو عمل و شغل له،و أما من لم يكن السفر عملا له بأحد المعنيين فلا تكون وظيفته التمام و الصيام،كمن يقطع المسافة الشرعية كل يوم بغاية التنزه و قضاء الوقت،أو بغاية الزيارة للمشاهد المشرفة أو الأقرباء باستمرار و لو في طول السنة فإنه لا يعتبر
و إن استعملوه لأنفسهم كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى مكان آخر،و لا فرق بين من كان عنده بعض الدواب يكريها إلى الأماكن القريبة من بلاده فكراها إلى غير ذلك من البلدان البعيدة و غيره،و كذا لا فرق بين من جدّ في سفره بأن جعل المنزلين منزلا واحدا و بين من لم يكن كذلك(1)،و المدار على صدق اتخاذ السفر عملا له عرفا و لو كان في سفرة
هذا هو المشهور و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع،و الأظهر هو الفرق بينهما للروايات المقيدة التي تنص على ذلك.
و دعوى:ان المشهور قد اعرضوا عنها و هو يوجب سقوطها عن الاعتبار.
مدفوعة بما ذكرناه في علم الاصول من أن الاعراض إنما يوجب السقوط شريطة توفر أمرين..
الأول:أن يكون الاعراض من الفقهاء المتقدمين الذين يكون عصرهم في
واحدة لطولها و تكرر ذلك منه من مكان غير بلده إلى مكان آخر،فلا يعتبر
تحقق الكثرة بتعدد السفر ثلاث مرات أو مرتين،فمع الصدق في أثناء السفر الواحد أيضا يلحق الحكم و هو وجوب الاتمام،نعم إذا لم يتحقق الصدق إلا بالتعدد يعتبر ذلك.
[2276]مسألة 45:إذا سافر المكاري و نحوه ممن شغله السفر سفرا ليس من عمله كما إذا سافر للحج أو الزيارة يقصّر،نعم لو حج أو زار لكن من حيث إنه عمله كما إذا كرى دابته للحج أو الزيارة و حج أو زار بالتبع أتم.
[2277]مسألة 46:الظاهر وجوب القصر على الحملدارية(1)الذين يستعملون السفر في خصوص أشهر الحج،بخلاف من كان متخذا ذلك عملا له في تمام السنة كالذين يكرون دوابهم من الأمكنة البعيدة ذهابا و إيابا على وجه يستغرق ذلك تمام السنة أو معظمها فإنه يتم حينئذ.
[2278]مسألة 47:من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس الظاهر وجوب التمام عليه،و لكن الأحوط الجمع(2).
في الظهور إشكال بل منع،و الأظهر وجوب التمام لما مر من أن الحملدارية مهنة الحملدار و شغله و إن كانت السفرة واحدة و في زمن قصير طول السنة الاّ أنها من جهة أهميتها يصدق عليها عرفا أنها مهنة له فتكون وظيفته حينئذ التمام في الطريق ذهابا و إيابا و في المقصد،و بذلك يظهر حال ما ذكره الماتن (قده).
هذا الاحتياط و إن كان استحبابيا الاّ أنه لا منشأ له أصلا،إذ لا شبهة في صدق العناوين المأخوذة في روايات الباب على من يتلبس بمبادئها في بعض فصول السنة لا في تمامها،فمن يكون شغله المكاراة في الصيف فقط فلا شبهة في صدق عنوان المكاري عليه،و من يكون شغله الرعي فيه فلا ريب في صدق عنوان
[2279]مسألة 48:من كان التردد إلى ما دون المسافة عملا له كالحطّاب و نحوه قصّر إذا سافر و لو للاحتطاب،إلا إذا كان يصدق عليه المسافر عرفا و إن لم يكن بحد المسافة الشرعية فإنه يمكن أن يقال بوجوب التمام عليه إذا سافر بحدّ المسافة(1)خصوصا فيما هو شغله من الاحتطاب مثلا.
[2280]مسألة 49:يعتبر في استمرار من شغله السفر على التمام أن لا يقيم
بل هو بعيد جدا لوضوح أن روايات الباب بمختلف الالسنة تنص على أن السفر بقدر المسافة الشرعية و هي ثمانية فراسخ بكاملها يوجب القصر دون الأقل من ذلك و لو يسيرا و إن صدق على من سافر دون ذلك عنوان المسافر عرفا،لأن العبرة إنما هي بقطع هذه المسافة بالكامل دون صدق المسافر العرفي، و قد مر أن وجوب التمام إنما هو على من يكون السفر شغله و مهنته لا حالة اتفاقية له،و في ضوء ذلك إذا كان الشخص يمارس مهنته في داخل البلد و فيما دون المسافة و لكن قد يحدث اتفاقا ما يستدعي سفره إلى بلدة أخرى بقدر المسافة الشرعية لما يرتبط بمهنته و شغله،ففي هذه الحالة تكون وظيفته القصر إذا سافر إلى تلك البلدة على أساس أن هذه السفرة حالة اتفاقية و ليس مبنيا عليها،و لا فرق في ذلك بين الحطاب و السائق و النجار و الحداد و ما شاكل ذلك.
في بلده أو غيره عشرة أيام(1)،و إلا انقطع حكم عملية السفر و عاد إلى
في اعتبار ذلك إشكال بل منع،و الأظهر وجوب التمام عليه و إن كان سفره من بلد بعد إقامة عشرة أيام فيه،و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط هو الجمع فيه بين القصر و التمام،و ذلك لأن النصوص التي استدل بها على هذا الحكم قاصرة أما سندا أو دلالة،فإن عمدتها قوله عليه السّلام في رواية عبد اللّه بن سنان:
«فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام أو أكثر و ينصرف إلى منزله و يكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر و أفطر…» 1و هو ظاهر في اعتبار أمرين في وجوب التقصير عليه.
أحدهما:إقامة عشرة أيام في البلد الذي يذهب إليه.
و الآخر:إقامة العشرة في بلده الذي يرجع إليه.و هذا يعني أن المكاري إذا ذهب إلى بلدة و بقي فيها عشرة أيام ثم رجع إلى بلدته قصر في الطريق و أفطر شريطة أن يبقى في بلدته أيضا عشرة أيام،و هذا غير ما هو المشهور بين الأصحاب من ان المكاري و ما يلحق به إذا أقام في بلد عشرة أيام ثم سافر فعليه أن يقصر في صلاته و يفطر صومه.
قد يقام بتوجيه هذه الرواية و حملها على ما هو المشهور بأحد طريقين..
الأول:ان الواو في قوله عليه السّلام:«و ينصرف»بمعنى أو،كما في قوله عليه السّلام:
«خمسة و أقل»بقرينة الاجماع على عدم اعتبار إقامة عشرتين في رفع حكم التمام.
و الجواب:ان هذا الحمل و إن كان ممكنا الاّ أنه لما كان خلاف الظاهر فهو بحاجة إلى قرينة و لا قرينة في نفس الصحيحة على هذا الحمل،و أما قوله عليه السّلام:
«خمسة و أقل»فالقرينة على ذلك موجودة و هي أنه لا يمكن الجمع بين إقامة خمسة أيام و أقل منها في مكان واحد في وقت فارد.
و أما الاجماع فهو لا يصلح أن يكون قرينة على ذلك لأنه معلوم المدرك
القصر في السفرة الاولى خاصة دون الثانية فضلا عن الثالثة،و إن كان الأحوط الجمع فيهما،و لا فرق في الحكم المزبور بين المكاري و الملاح و الساعي(1)و غيرهم ممن عمله السفر،أما إذا أقام أقل من عشرة أيام بقي على التمام،و إن كان الأحوط مع إقامة الخمسة الجمع(2)،و لا فرق في الاقامة في بلده عشرة بين أن تكون منوية أو لا،بل و كذا في غير بلده أيضا(3)،فمجرد البقاء عشرة يوجب العود إلى القصر،و لكن الأحوط مع
مر الاشكال بل المنع في أصل ثبوت الحكم حتى في المكاري فضلا عن غيره.
لا منشأ له الاّ صدر رواية عبد اللّه بن سنان و هو مضافا إلى أنه مجمل فقد مر أنه الرواية غير ثابتة.
لكن الأظهر اعتبار أن تكون منوية في بلده و في غيره بناء على ثبوت هذا الحكم على أساس ان وظيفة المكاري هي التمام في تمام الحالات،و لكن
الاقامة في غير بلده بلا نية الجمع في السفر الأول بين القصر و التمام.
[2281]مسألة 50:إذا لم يكن شغله و عمله السفر لكن عرض له عارض فسافر أسفارا عديدة لا يلحقه حكم وجوب التمام،سواء كان كل سفرة بعد سابقها اتفاقيا أو كان من الأول قاصدا لأسفار عديدة،فلو كان له طعام أو شيء آخر في بعض مزارعه أو بعض القرى و أراد أن يجلبه إلى البلد فسافر ثلاث مرات أو أزيد بدوابه أو بدواب الغير لا يجب عليه التمام،و كذا إذا أراد أن ينتقل من مكان إلى مكان فاحتاج إلى أسفار متعددة في حمل أثقاله و أحماله.
[2282]مسألة 51:لا يعتبر فيمن شغله السفر اتحاد كيفيات و خصوصيات أسفاره من حيث الطول و القصر و من حيث الحمولة و من حيث نوع الشغل،فلو كان يسافر إلى الأمكنة القريبة فسافر إلى البعيدة أو كانت دوابه الحمير فبدّل بالبغال أو الجمال أو كان مكاريا فصار ملاّحا أو بالعكس يلحقه الحكم و إن أعرض عن أحد النوعين إلى الآخر أو لفّق من النوعين.
نعم،لو كان شغله المكاراة فاتفق أنه ركب السفينة للزيارة أو بالعكس قصّر لأنه سفر في غير عمله بخلاف ما ذكرناه أولا فإنه مشتغل بعمل السفر غاية الأمر أنه تبدل خصوصية الشغل إلى خصوصية أخرى،
فالمناط هو الاشتغال بالسفر و إن اختلف نوعه.
[2283]مسألة 52:السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم(1)،
هذا فيما إذا كانت السياحة مهنة و شغلا للسائح و لكن على هذا لا فرق بين أن يتخذ وطنا له على وجه الأرض أو لا فإن حاله حينئذ حال غيره ممن تكون مهنته و عمله في السفر كالراعي و نحوه،و أما إذا لم تكن السياحة من أجل مهنة و شغل له بأن كانت لمجرد الترفه و التنزه و زيارة البلدان و متحافها و آثارها القديمة و المناظر الطبيعية و مظاهرها فلا توجب التمام بلا فرق بين أن يكون له وطن معين على وجه الكرة الأرضية أو لا على أساس أن المستثنى من إطلاقات أدلة وجوب القصر على المسافر هو عناوين ثلاثة..
الأول:من يكون بيته معه كأهل البوادي الذين لم يتخذوا موطنا معينا على وجه الأرض فيدورون في البر من منطقة إلى أخرى و من مكان إلى آخر كما مر بل لا يصدق عليهم عنوان المسافر هذا لا من جهة أن السفر في مقابل الحضر و لا حضر لهم على الفرض و ذلك لأن التقابل بينهما من تقابل التضاد لا العدم و الملكة فإن الحضر ليس أمرا عدميا و عبارة عن عدم السفر في محل قابل له،بل من جهة أنهم قد اتخذوا مناطق شاسعة و أماكن واسعة أوطانا لهم لكي يعيشوا فيها بتمام متطلبات حياتهم على نحو التنقل و التجول فيها على مستوى واحد حيث ان معنى الوطن عرفا هو ما يتخذه الشخص مكانا على وجه الكرة الأرضية من أجل أن يعيش فيه بماله من متطلبات الحياة غاية الأمر أنه قد يتخذ مكانا معينا في بلدة أو قرية على وجه الكرة فإنه ما دام كان متواجدا فيها فهو غير مسافر و إذا خرج منها بقدر المسافة المحددة شرعا فهو مسافر كما هو الغالب بين أصناف البشر و أفراده و قد لا يتخذ مكانا معينا بل يعيش بتمام متطلبات حياته في أماكن متعددة و متفرقة و يعبر عنه في الروايات بمن يكون بيته معه فإنه ما دام كان متواجدا فيها كذلك فهو
و الأحوط الجمع.
[2284]مسألة 53:الراعي الذي ليس له مكان مخصوص يتم(1).
في التقييد إشكال بل منع،و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون له مكان
[2285]مسألة 54:التاجر الذي يدور في تجارته يتم.
[2286]مسألة 55:من سافر معرضا عن وطنه لكنه لم يتخذ وطنا غيره يقصّر(1).
[2287]مسألة 56:من كان في أرض واسعة قد اتخذها مقرا إلا أنه كل سنة مثلا في مكان منها يقصّر إذا سافر عن مقر سنته.
[2288]مسألة 57:إذا شك في أنه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أيام أو أقل بقي على التمام(2).
الثامن:الوصول إلى حد الترخص،و هو المكان الذي يتوارى عنه جدران بيوت البلد(3)،و يخفى عنه أذانه،و يكفي تحقق أحدهما مع عدم
فيه:ان اطلاقه ينافي ما تقدم منه قدّس سرّه في المسألة(52)من وجوب التمام على السائح فإنه إذا كان بانيا على عدم اتخاذ وطن آخر له نهائيا فهو سائح، و مقتضى ما ذكره قدّس سرّه في المسألة المذكورة وجوب التمام عليه لا القصر.
مر أن الأظهر أنه باق على التمام مطلقا حتى فيما إذا كان واثقا و متأكدا أنه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أيام.
و فيه:ان المعيار هو أن يتوارى شخص المسافر عن عيون أهل البيوت الكائنة في منتهى البلد فإنه الوارد في الرواية دون ما في المتن،و هي صحيحة محمد بن مسلم،قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يريد(فيخرج)متى يقصر؟ قال:إذا توارى من البيوت…» 1،حيث ان المتحصل منها إذا وقف شخص في آخر
……….
العلم بعدم تحقق الآخر(1)،و أما مع العلم بعدم تحققه فالأحوط اجتماعهما(2)،بل الأحوط مراعاة اجتماعهما مطلقا،فلو تحقق أحدهما دون الآخر إما يجمع بين القصر و التمام و إما يؤخر الصلاة إلى أن يتحقق الآخر،و في العود عن السفر أيضا ينقطع حكم القصر إذا وصل الى حد الترخص من وطنه(3)
مر عدم كفاية ذلك الاّ اذا حصل الوثوق و الاطمئنان منه بالوصول الى حد الترخص.
مر أن الأظهر فيه هو التمام و بذلك يظهر حال ما بعده.
هذا هو المعروف و المشهور بين الأصحاب،و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع،فإن قوله عليه السّلام في ذيل صحيحة عبد اللّه بن سنان:«و إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك…» 1و إن كان ينص على انقطاع حكم القصر إذا رجع من سفره و وصل إلى حد الترخص،الاّ أنه معارض بمجموعة من الروايات الناصة على بقاء حكم القصر و عدم انقطاعه إلى أن دخل في بيته.
……….
1
و منها:قوله عليه السّلام في موثقة إسحاق بن عمار:«بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله…».
2
و منها:قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبى:«ان أهل مكة إذا خرجوا حجاجا قصروا و إذا زاروا و رجعوا منازلهم أتموا…».
3
و منها غيرها،فإن هذه الروايات تنص على عدم اعتبار حد الترخص في العود من السفر إلى بلده.
أو محل إقامته(1)،و إن كان الأحوط تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله أو الجمع بين القصر و التمام إذا صلى قبله بعد الوصول إلى الحدّ.
[2289]مسألة 58:المناط في خفاء الجدران خفاء جدران البيوت(2)لا خفاء الأعلام و القباب و المنارات بل و لا خفاء سور البلد إذا كان له سور، و يكفي خفاء صورها و أشكالها و إن لم يخف أشباحها.
[2290]مسألة 59:إذا كان البلد في مكان مرتفع بحيث يرى من بعيد يقدّر كونه في الموضع المستوي،كما أنه إذا كان في موضع منخفض يخفى بيسير من السير أو كان هناك حائل يمنع عن رؤيته كذلك يقدّر في الموضع
سيأتي الكلام في اعتبار حد الترخص و عدمه بالنسبة إلى محل الاقامة في المسألة(65)الآتية.
مر أن المناط إنما هو بتواري المسافر عن عيون أهل البيوت الكائنة في منتهى البلد إذا كانوا واقفين و ناظرين إليه و يكشف عن ذلك تواري هؤلاء عن عين المسافر شريطة أن يكون ذلك في حالة انبساط الأرض و استوائها و صفاء الجو و نحو ذلك،و بذلك يظهر حال المسائل الآتية.
المستوي،و كذا إذا كانت البيوت على خلاف المعتاد من حيث العلو أو الانخفاض فإنها تردّ إليه لكن الأحوط خفاؤها مطلقا،و كذا إذا كانت على مكان مرتفع فإن الأحوط خفاؤها مطلقا.
[2291]مسألة 60:إذا لم يكن هناك بيوت و لا جدران يعتبر التقدير،نعم في بيوت الأعراب و نحوهم ممن لا جدران لبيوتهم يكفي خفاؤها و لا يحتاج إلى تقدير الجدران.
[2292]مسألة 61:الظاهر في خفاء الأذان كفاية عدم تميز فصوله(1)و إن كان الأحوط اعتبار خفاء مطلق الصوت حتى المتردد بين كونه أذانا أو غيره فضلا عن المتميز كونه أذانا مع عدم تميز فصوله.
[2293]مسألة 62:الظاهر عدم اعتبار كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر في البلاد الصغيرة و المتوسطة(2)،بل المدار أذانها و إن كان في وسط البلد على مأذنة مرتفعة،نعم في البلاد الكبيرة يعتبر كونه في أواخر
بل الظاهر عدم الكفاية ما دام يسمع الأذان و إن لم يميز فصوله حيث ان الوارد في النصوص إنما هو عنوان عدم سماع الأذان،فإذا سمع صوتا و علم أنه أذان صدق أنه سمع الأذان و إن لم يميّز فصوله،و لا يصدق أنه لم يسمع الأذان.
تقدم ان ذلك هو الظاهر حتى في البلدان الكبيرة على أساس أن مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي ذلك لأن الروايات التي تؤكد على هذا إنما هي في مقام بيان مدى ابتعاد المسافر عن البلد،و بما أنه لا يصدق عليه عنوان المسافر الاّ من حين خروجه من آخر بيوت البلد،فإذن لا محالة يكون مبدأ بعده من آخر البلد باعتبار أنه مبدأ سفره و لا فرق في ذلك بين البلدان الكبيرة و غيرها.فما عن الماتن(قده)من الفرق بينهما في غير محله.