قائمة

تخطى إلى المحتوى

مولفات سماحة مرج​ع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4

جلد

4

قائمة

قائمة

الصفحة الرئيسية مكتبة تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 صفحة 4

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 301)


[فصل في صلاة ليلة الدفن]

فصل في صلاة ليلة الدفن و هي ركعتان يقرأ في الاولى بعد الحمد آية الكرسي إلى«هم فيها خالدون»و في الثانية بعد الحمد سورة القدر عشر مرات،و يقول بعد السلام:«اللهم صلّ على محمد و آل محمد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان» و يسمى الميت،ففي مرسلة الكفعمي و موجز ابن فهد(رحمهما اللّه)قال النبي صلّى اللّه عليه و آله:«لا يأتي على الميت أشدّ من أول ليلة،فارحموا موتاكم بالصدقة،فإن لم تجدوا فليصلّ أحدكم يقرأ في الاولى الحمد و آية الكرسي،و في الثانية الحمد و القدر عشرا،فإذا سلّم قال:اللهم صلّى على محمد و آل محمد و ابعث ثوابها إلى قبر فلان،فإنه تعالى يبعث من ساعته ألف ملك إلى قبره مع كل ملك ثوب و حلّة»و مقتضى هذه الرواية أن الصلاة بعد عدم وجدان ما يتصدق به،فالأولى الجمع بين الأمرين مع الامكان،و ظاهرها أيضا كفاية صلاة واحدة،فينبغي أن لا يقصد الخصوصية في إتيان أربعين بل يؤتى بقصد الرجاء أو بقصد إهداء الثواب.

[مسألة 1:لا بأس بالاستئجار لهذه الصلاة و إعطاء الأجرة]

[2210]مسألة 1:لا بأس بالاستئجار لهذه الصلاة و إعطاء الأجرة،و إن كان الأولى للمستأجر الاعطاء بقصد التبرع أو الصدقة،و للمؤجر الاتيان تبرعا و بقصد الاحسان إلى الميت.

[مسألة 2:لا بأس بإتيان شخص واحد أزيد من واحدة بقصد إهداء الثواب]

[2211]مسألة 2:لا بأس بإتيان شخص واحد أزيد من واحدة بقصد إهداء

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 302)


الثواب إذا كان متبرعا أو إذا أذن له المستأجر،و أما إذا أعطى دراهم للأربعين فاللازم استئجار أربعين إلا إذا أذن المستأجر،و لا يلزم مع إعطاء الأجرة إجراء صيغة الإجارة بل يكفي إعطاؤه بقصد أن يصلي.

[مسألة 3:إذا صلى و نسي آية الكرسي في الركعة الاولى أو القدر في الثانية أو قرأ القدر أقلّ من العشرة نسيانا فصلاته صحيحة]

[2212]مسألة 3:إذا صلى و نسي آية الكرسي في الركعة الاولى أو القدر في الثانية أو قرأ القدر أقلّ من العشرة نسيانا فصلاته صحيحة لكن لا يجزئ عن هذه الصلاة،فإن كان أجيرا وجب عليه الاعادة.

[مسألة 4:إذا أخذ الأجرة ليصلي ثم نسي فتركها في تلك الليلة يجب عليه ردّها إلى المعطي]

[2213]مسألة 4:إذا أخذ الأجرة ليصلي ثم نسي فتركها في تلك الليلة يجب عليه ردّها إلى المعطي أو الاستئذان منه لأن يصلي فيما بعد ذلك بقصد إهداء الثواب،و لو لم يتمكن من ذلك فإن علم برضاه بأن يصلي هدية أو يعمل عملا آخر أتى بها،و إلا تصدق بها عن صاحب المال.

[مسألة 5:إذا لم يدفن الميت إلا بعد مدة]

[2214]مسألة 5:إذا لم يدفن الميت إلا بعد مدة كما إذا نقل إلى أحد المشاهد فالظاهر أن الصلاة تؤخر إلى ليلة الدفن،و إن كان الأولى أن يؤتى بها في أول ليلة بعد الموت.

[مسألة 6:عن الكفعمي رحمه اللّه أنه بعد أن ذكر في كيفية هذه الصلاة ما ذكر قال]

[2215]مسألة 6:عن الكفعمي رحمه اللّه أنه بعد أن ذكر في كيفية هذه الصلاة ما ذكر قال:«و في رواية أخرى بعد الحمد التوحيد مرتين في الاولى،و في الثانية بعد الحمد ألهيكم التكاثر عشرا،ثم الدعاء المذكور»و على هذا فلو جمع بين الصلاتين بأن يأتي اثنتين بالكيفيتين كان أولى.

[مسألة 7:الظاهر جواز الإتيان بهذه الصلاة في أيّ وقت كان من الليل]

[2216]مسألة 7:الظاهر جواز الإتيان بهذه الصلاة في أيّ وقت كان من الليل،لكن الأولى التعجيل بها بعد العشاءين،و الأقوى جواز الإتيان بها بينهما،بل قبلهما أيضا بناء على المختار من جواز التطوع لمن عليه فريضة،هذا إذا لم يجب عليه بالنذر أو الاجارة أو نحوهما،و إلا فلا إشكال.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 303)


[فصل في صلاة جعفر]

فصل في صلاة جعفر و تسمى صلاة التسبيح و صلاة الحبوة،و هي من المستحبات الأكيدة، و مشهورة بين العامة و الخاصة،و الأخبار متواترة فيها،فعن أبي بصير عن الصادق عليه السّلام:أنه قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لجعفر:ألا أمنحك ألا أعطيك أ لا أحبوك؟فقال له جعفر:بلى يا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله،قال:فظن الناس أنه يعطيه ذهبا و فضة،فتشوّف الناس لذلك،فقال له:إني أعطيك شيئا إن أنت صنعته كل يوم كان خيرا لك من الدنيا و ما فيها،فإن صنعته بين يومين غفر لك ما بينهما،أو كل جمعة أو كل شهر أو كل سنة غفر لك ما بينهما»،و في خبر آخر قال:«ألا أمنحك ألا أعطيك أ لا أحبوك ألا أعلّمك صلاة إذا أنت صليتها لو كنت فررت من الزحف و كان عليك مثل رمل عالج و زبد البحر ذنوبا غفرت لك؟قال.بلى يا رسول اللّه»و الظاهر أنه حباه إياها يوم قدومه من سفره و قد بشّر ذلك اليوم بفتح خيبر،فقال صلّى اللّه عليه و آله:و اللّه ما أدري بأيهما أنا أشد سرورا بقدوم جعفر أو بفتح خيبر،فلم يلبث أن جاء جعفر فوثب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله فالتزمه و قبّل ما بين عينيه،ثم قال:ألا أمحنك(الخ).

و هي أربع ركعات بتسليمتين،يقرأ في كل منهما الحمد و سورة،ثم يقول:«سبحان اللّه و الحمد للّه و لا إله إلاّ اللّه و اللّه أكبر»خمس عشرة مرة، و كذا يقول في الركوع عشر مرات،و بعد رفع الرأس منه عشر مرات،و في

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 304)


السجدة الاولى عشر مرات،و بعد الرفع منها عشر مرات،و كذا في السجدة الثانية عشر مرات،و بعد الرفع منها عشر مرات،ففي كل ركعة خمسة و سبعون مرة،و مجموعها ثلاثمائة تسبيحة.

[مسألة 1:يجوز إتيان هذه الصلاة في كل من اليوم و الليلة]

[2217]مسألة 1:يجوز إتيان هذه الصلاة في كل من اليوم و الليلة،و لا فرق بين الحضر و السفر،و أفضل أوقاته يوم الجمعة حين ارتفاع الشمس، و يتأكد إتيانها في ليلة النصف من شعبان.

[مسألة 2:لا يتعين فيها سورة مخصوصة]

[2218]مسألة 2:لا يتعين فيها سورة مخصوصة،لكن الأفضل أن يقرأ في الركعة الاولى إذا زلزلت،و في الثانية و العاديات،و في الثالثة إذا جاء نصر اللّه،و في الرابعة قل هو اللّه أحد.

[مسألة 3:يجوز تأخير التسبيحات إلى ما بعد الصلاة إذا كان مستعجلا]

[2219]مسألة 3:يجوز تأخير التسبيحات إلى ما بعد الصلاة إذا كان مستعجلا،كما يجوز التفريق بين الصلاتين إذا كان له حاجة ضرورية بأن يأتي بركعتين ثم بعد قضاء تلك الحاجة يأتي بركعتين أخريين.

[مسألة 4:يجوز احتساب هذه الصلاة من نوافل الليل أو النهار،أداء أو قضاء]

[2220]مسألة 4:يجوز احتساب هذه الصلاة من نوافل الليل أو النهار، أداء أو قضاء،فعن الصادق عليه السّلام:«صلّ صلاة جعفر أيّ وقت شئت من ليل أو نهار،و إن شئت حسبتها من نوافل الليل،و إن شئت حسبتها من نوافل النهار،حسب لك من نوافلك و تحسب لك صلاة جعفر»،و المراد من الاحتساب تداخلهما فينوي بالصلاة كونها نافلة و صلاة جعفر،و يحتمل أنه ينوي صلاة جعفر و يجتزئ بها عن النافلة،و يحتمل أنه ينوي النافلة و يأتي بها بكيفية صلاة جعفر فيثاب ثوابها أيضا،و هل يجوز إتيان الفريضة بهذه الكيفية أو لا؟قولان،لا يبعد الجواز على الاحتمال الأخير دون الأولين، و دعوى أنه تغيير لهيئة الفريضة و العبادات توقيفية مدفوعة بمنع ذلك بعد جواز كل ذكر و دعاء في الفريضة،و مع ذلك الأحوط الترك.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 305)


[مسألة 5:يستحب القنوت فيها في الركعة الثانية من كل من الصلاتين للعمومات و خصوص بعض النصوص]

[2221]مسألة 5:يستحب القنوت فيها في الركعة الثانية من كل من الصلاتين للعمومات و خصوص بعض النصوص.

[مسألة 6:لو سها عن بعض التسبيحات أو كلها في محل فتذكر في المحل الآخر يأتي به مضافا إلى وظيفته]

[2222]مسألة 6:لو سها عن بعض التسبيحات أو كلها في محل فتذكر في المحل الآخر يأتي به مضافا إلى وظيفته،و إن لم يتذكر إلا بعد الصلاة قضاه بعدها.

[مسألة 7:الأحوط عدم الاكتفاء بالتسبيحات عن ذكر الركوع و السجود]

[2223]مسألة 7:الأحوط عدم الاكتفاء بالتسبيحات عن ذكر الركوع و السجود،بل يأتي به أيضا قبلها أو بعدها.

[مسألة 8:يستحب أن يقول في السجدة الثانية من الركعة الرابعة بعد التسبيحات]

[2224]مسألة 8:يستحب أن يقول في السجدة الثانية من الركعة الرابعة بعد التسبيحات:«يا من لبس العزّ و الوقار،يا من تعطف بالمجد و تكرّم به، يا من لا ينبغي التسبيح إلا له،يا من أحصى كل شيء علمه،يا ذا النعمة و الطول،يا ذا المنّ و الفضل،يا ذا القدرة و الكرم،أسألك بمعاقد العز من عرشك،و بمنتهى الرحمة من كتابك،و باسمك الأعظم الأعلى،و بكلماتك التامات أن تصلي على محمد و آل محمد،و أن تفعل بي كذا و كذا»و يذكر حاجاته.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 306)


[فصل في صلاة الغفيلة]

فصل في صلاة الغفيلة و هي ركعتان بين المغرب و العشاء،يقرأ في الاولى بعد الحمد: «وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ،إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ، وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ» و في الثانية بعد الحمد: «وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لاٰ يَعْلَمُهٰا إِلاّٰ هُوَ،وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّٰ يَعْلَمُهٰا وَ لاٰ حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لاٰ رَطْبٍ وَ لاٰ يٰابِسٍ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ» ثم يرفع يديه و يقول:«اللهم إني أسألك بمفاتح الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد و آل محمد،و أن تفعل بي كذا و كذا»و يذكر حاجاته ثم يقول:«اللهم أنت ولي نعمتي،و القادر على طلبتي،تعلم حاجتي،و أسألك بحق محمد و آله عليه و عليهم السلام لمّا قضيتها لي»و يسأل حاجاته، و الظاهر أنها غير نافلة المغرب،و لا يجب جعلها منها بناء على المختار من جواز النافلة لمن عليه فريضة.

[فصل في صلاة أول الشهر]

فصل في صلاة أول الشهر يستحب في اليوم الأول من كل شهر أن يصلي ركعتين،يقرأ في الاولى بعد الحمد قل هو اللّه ثلاثين مرة،و في الثانية بعد الحمد إنا أنزلناه ثلاثين مرة،ثم يتصدق بما تيسر فيشتري سلامة تمام الشهر بهذا،و يستحب

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 307)


أن يقرأ بعد الصلاة هذه الآيات:«بسم اللّه الرحمن الرحيم و ما من دابة في الأرض إلاّ على اللّه رزقها و يعلم مستقرها و مستودعها كل في كتاب مبين، بسم اللّه الرحمن الرحيم و إن يمسسك اللّه بضرّ فلا كاشف له إلاّ هو،و إن يردك بخير فلا رادّ لفضله يصيب به من يشاء من عباده و هو الغفور الرحيم، بسم اللّه الرحمن الرحيم سيجعل اللّه بعد عسر يسرا ما شاء اللّه لا قوة إلاّ باللّه، حسبنا اللّه و نعم الوكيل،و أفوّض أمري إلى اللّه إن اللّه بصير بالعباد،لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين،ربّ إني لما أنزلت إليّ من خير فقير، رب لا تذرني فردا و أنت خير الوارثين»و يجوز الاتيان بها في تمام اليوم و ليس لها وقت معين.

[فصل في صلاة الوصية]

فصل في صلاة الوصية و هي ركعتان بين العشاءين يقرأ في الاولى الحمد و إذا زلزلت الأرض ثلاث عشرة مرة،و في الثانية الحمد و قل هو اللّه أحد خمس عشرة مرة،فعن الصادق(عليه السلام)عن رسول اللّه(صلّى اللّه عليه و آله و سلم) قال:«أوصيكم بركعتين بين العشاءين-إلى أن قال-فإن فعل ذلك كل شهر كان من المؤمنين،فإن فعل في كل سنة كان من المحسنين،فإن فعل ذلك في كل جمعة كان من المخلصين،فإن فعل ذلك في كل ليلة زاحمني في الجنة و لم يحص ثوابه إلا اللّه تعالى».

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 308)


[فصل في صلاة يوم الغدير]

فصل في صلاة يوم الغدير و هو الثامن عشر من ذي الحجة،و هي ركعتان يقرأ في كل ركعة سورة الحمد و عشر مرات قل هو اللّه أحد،و عشر مرات آية الكرسي، و عشر مرات إنا أنزلناه،ففي خبر علي بن الحسين العبدي عن الصادق عليه السّلام:

«من صلى فيه-أي في يوم الغدير-ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول مقدار نصف ساعة يسأل اللّه عز و جل يقرأ في كل ركعة سورة الحمد مرة،و عشر مرات قل هو اللّه أحد،و عشر مرات آية الكرسي،و عشر مرات إنا أنزلناه عدلت عند اللّه عز و جل مائة ألف حجة و مائة ألف عمرة، و ما سأل اللّه عز و جل حاجة من حوائج الدنيا و حوائج الآخرة إلا قضيت له كائنة ما كانت الحاجة،و إن فاتتك الركعتان قضيتها بعد ذلك»و ذكر بعض العلماء أنه يخرج إلى خارج المصر و أنه يأتي بها جماعة و أنه يخطب الامام خطبة مقصورة على حمد اللّه و الثناء و الصلاة على محمد و آله و التنبيه على عظم حرمة هذا اليوم،لكن لا دليل على ما ذكره،و قد مرّ الاشكال في إتيانها جماعة في باب صلاة الجماعة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 309)


[فصل في صلاة قضاء الحاجات و كشف المهمات]

فصل في صلاة قضاء الحاجات و كشف المهمات و قد وردت بكيفيات:منها ما قيل إنه مجرّب مرارا،و هو ما رواه زياد القندي عن عبد الرحيم القصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«إذا نزل بك أمر فافزع إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و صلّ ركعتين تهديهما إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قلت:ما أصنع؟قال:تغتسل و تصلي ركعتين تستفتح بهما افتتاح الفريضة و تشهّد تشهّد الفريضة،فإذا فرغت من التشهد و سلّمت،قلت:اللهم أنت السلام و منك السلام و إليك يرجع السلام اللهم صل على محمد و آل محمد و بلّغ روح محمد مني السلام،و بلّغ أرواح الأئمة الصالحين سلامي،و اردد عليّ منهم السلام،و السلام عليهم و رحمة اللّه و بركاته،اللهم إن هاتين الركعتين هدية مني إلى رسول اللّه فأثبني عليهما ما أملت و رجوت فيك في رسولك يا ولي المؤمنين،ثم تخرّ ساجدا و تقول:يا حيّ يا قيوم يا حيا لا يموت يا حي لا إله إلا أنت يا ذا الجلال و الاكرام يا أرحم الراحمين،أربعين مرة،ثم ضع خدّك الأيمن فتقولها أربعين مرة،ثم ضع خدك الأيسر فتقولها أربعين مرة،ثم ترفع رأسك و تمدّ يدك فتقول أربعين مرة،ثم تردّ يدك إلى رقبتك و تلوذ بسبابتك و تقول ذلك أربعين مرة،ثم خذ لحيتك بيدك اليسرى و ابك أو تباك،و قل:يا محمد يا رسول اللّه أشكو إلى اللّه و إليك حاجتي و إلى أهل بيتك الراشدين حاجتي،و بكم أتوجه إلى اللّه في حاجتي،ثم تسجد

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 310)


و تقول:يا اللّه يا اللّه-حتى ينقطع نفسك-صلّ على محمد و آل محمد و افعل بي كذا و كذا،قال أبو عبد اللّه عليه السّلام فأنا الضامن على اللّه عز و جل أن لا يبرح حتى تقضى حاجته».

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 311)


[فصل في اقسام الصلوات المستحبة]

فصل في اقسام الصلوات المستحبة الصلوات المستحبة كثيرة و هي أقسام:

منها:نوافل الفرائض اليومية و مجموعها ثلاث و عشرون ركعة بناء على احتساب ركعتي الوتيرة بواحدة.

و منها:نافلة الليل إحدى عشرة ركعة.

و منها:الصلوات المستحبة في أوقات مخصوصة كنوافل شهر رمضان،و نوافل شهر رجب و شهر شعبان و نحوها،و كصلاة الغدير و الغفيلة و الوصية،و أمثالها.

و منها:الصلوات التي لها أسباب كصلاة الزيارة،و تحية المسجد، و صلاة الشكر و نحوها.

و منها:الصلوات المستحبة لغايات مخصوصة كصلاة الاستسقاء، و صلاة طلب قضاء الحاجة،و صلاة كشف المهمات،و صلاة طلب الرزق، و صلاة طلب الذكاء و جودة الذهن و نحوها.

و منها:الصلوات المعينة المخصوصة بدون سبب و غاية و وقت كصلاة جعفر و صلاة رسول اللّه،و صلاة أمير المؤمنين،و صلاة فاطمة، و صلاة سائر الأئمة عليهم السّلام.

و منها:النوافل المبتدأة،فإن كل وقت و زمان يسع صلاة ركعتين يستحب إتيانها.

و بعض المذكورات بل أغلبها لها كيفيات مخصوصة مذكورة في محلها.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 312)


تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 313)


[فصل في احكام النوافل]

فصل في احكام النوافل جميع الصلوات المندوبة يجوز إتيانها جالسا اختيارا و كذا ماشيا و راكبا و في المحمل و السفينة،لكن إتيانها قائما أفضل حتى الوتيرة و إن كان الأحوط الجلوس فيها،و في جواز إتيانها نائما مستلقيا أو مضطجعا في حال الاختيار إشكال.

[مسألة 1:يجوز في النوافل إتيان ركعة قائما و ركعة جالسا]

[2225]مسألة 1:يجوز في النوافل إتيان ركعة قائما و ركعة جالسا،بل يجوز إتيان بعض الركعة جالسا و بعضها قائما.

[مسألة 2:يستحب إذا أتى بالنافلة جالسا أن يحسب كل ركعتين بركعة]

[2226]مسألة 2:يستحب إذا أتى بالنافلة جالسا أن يحسب كل ركعتين بركعة،مثلا إذا جلس في نافلة الصبح يأتي بأربع ركعات بتسليمتين، و هكذا.

[مسألة 3:إذا صلى جالسا و أبقى من السورة آية أو آيتين فقام و أتمّها و ركع عن قيام يحسب له صلاة القائم]

[2227]مسألة 3:إذا صلى جالسا و أبقى من السورة آية أو آيتين فقام و أتمّها و ركع عن قيام يحسب له صلاة القائم،و لا يحتاج حينئذ إلى احتساب ركعتين بركعة.

[مسألة 4:لا فرق في الجلوس بين كيفياته]

[2228]مسألة 4:لا فرق في الجلوس بين كيفياته،فهو مخير بين أنواعها حتى مدّ الرجلين،نعم الأولى أن يجلس متربعا و يثني رجليه حال الركوع و هو أن ينصب فخذيه و ساقيه من غير إقعاء إذ هو مكروه و هو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض و يجلس على عقبيه،و كذا يكره الجلوس بمثل إقعاء الكلب.

[مسألة 5:إذا نذر النافلة مطلقا يجوز له الجلوس فيها]

[2229]مسألة 5:إذا نذر النافلة مطلقا يجوز له الجلوس فيها،و إذا نذرها

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 314)


جالسا فالظاهر انعقاد نذره و كون القيام أفضل لا يوجب فوات الرجحان في الصلاة جالسا،غايته أنها أقل ثوابا،لكنه لا يخلو عن إشكال.

[مسألة 6:النوافل كلها ركعتان لا يجوز الزيادة عليها و لا النقيصة]

[2230]مسألة 6:النوافل كلها ركعتان لا يجوز الزيادة عليها و لا النقيصة إلا في صلاة الأعرابي و الوتر.

[مسألة 7:تختص النوافل بأحكام]

[2231]مسألة 7:تختص النوافل بأحكام:

منها:جواز الجلوس و المشي فيها اختيارا كما مر.

و منها:عدم وجوب السورة فيها إلا بعض الصلوات المخصوصة بكيفيات مخصوصة.

و منها:جواز الاكتفاء ببعض السورة فيها.

و منها:جواز قراءة أزيد من سورة من غير إشكال.

و منها:جواز قراءة العزائم فيها.

و منها:جواز العدول فيها من سورة إلى أخرى مطلقا.

و منها:عدم بطلانها بزيادة الركن سهوا.

و منها:عدم بطلانها بالشك بين الركعات،بل يتخير بين البناء على الأقل أو على الأكثر.

و منها:أنه لا يجب لها سجود السهو،و لا قضاء السجدة و التشهد المنسيين،و لا صلاة الاحتياط.

و منها:لا إشكال في جواز إتيانها في جوف الكعبة أو سطحها.

و منها:أنه لا يشرع فيها الجماعة إلا في صلاة الاستسقاء،و على قول في صلاة الغدير.

و منها:جواز قطعها اختيارا.

و منها:أن إتيانها في البيت أفضل من إتيانها في المسجد إلا ما يختص به على ما هو المشهور،و إن كان في إطلاقه إشكال.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 315)


[فصل في صلاة المسافر]

فصل في صلاة المسافر لا إشكال في وجوب القصر على المسافر مع اجتماع الشرائط الآتية بإسقاط الركعتين الأخيرتين من الرباعيات،و أما الصبح و المغرب فلا قصر فيهما.

[و أما شروط القصر فأمور]

و أما شروط القصر فأمور:

[الأول:المسافة]

الأول:المسافة و هي ثمانية فراسخ امتدادية ذهابا أو إيابا أو ملفقة من الذهاب و الاياب إذا كان الذهاب أربعة أو أزيد،بل مطلقا على الأقوى(1)
هذا هو الأحوط لو لم يكن أظهر،و على أساس ذلك إذا كان الذهاب ثلاثة فراسخ أو أقل و الاياب خمسة أو أكثر بأن يكون المجموع الملفق منهما ثمانية فراسخ فالأحوط وجوبا فيه هو الجمع بين القصر و التمام و الصيام و القضاء، و هذا هو نتيجة الجمع بين روايات المسألة.

بيان ذلك:انه يمكن تصنيف الروايات في ضوء خصوصيات المسألة إلى ثلاث مجموعات بعد ما كانت متفقة في أن المسافة التي يترتب عليها قصر الصلاة و افطار الصوم في السفر لا تقل عن ثمانية فراسخ شرعية،و هي كما يلي:

المجموعة الأولى:الروايات التي تكون ظاهرة لدى العرف العام في أن المسافة التي يترتب عليها قصر الصلاة مسافة امتدادية تطوي كلها في اتجاه واحد، و تدل على ذلك بألسنة مختلفة،فتارة بلسان«مسيرة يوم» 1المفسرة بثمانية فراسخ،


 

1) <page number=”315″ />الوسائل ج 8 باب:1 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 316)


……….

و أخرى بلسان«بياض يوم» 1،و ثالثة بلسان«بريدين» 2،و بالتالي كل هذه الألسنة ظاهرة في امتداد المسافة في اتجاه واحد.

المجموعة الثانية:الروايات التي تنص على كفاية المسافة التلفيقية في اتجاهين و لو كان بعضها ذهابا و بعضها ايابا،فمن قصد نصف هذه المسافة في سفره من بلده ذهابا و قصد نصفها الآخر في رجوعه إلى بلده ايابا كفى ذلك لأنه قد أكمل المسافة الشرعية المحددة،و هذه الروايات ظاهرة في كون التلفيق بين الاتجاهين على نسبة واحدة كما،منها صحيحة معاوية بن وهب:«قال:قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:أدنى ما يقصر فيه المسافر الصلاة،قال:بريد ذاهبا و بريد جائيا».


3

و منها:صحيحة زرارة بن أعين قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن التقصير؟ فقال:بريد ذاهب و بريد جائي».


4

المجموعة الثالثة:الروايات التي يستظهر منها ان العبرة إنما هي ببلوغ المسافة ثمانية فراسخ سواء أ كان بالامتداد في خط واحد افقيا،أم كان في خطين و اتجاهين و لو كان أحدهما ذهابا من بلده مثلا و الآخر ايابا إليه بلا فرق بين أن يكون الخطان متساويين كما أم مختلفين.

منها:صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«سألته عن التقصير، قال:في بريد،قلت:بريد؟!قال:ان ذهب بريدا و رجع بريدا فقد شغل يومه». 5

بتقريب أن المتفاهم العرفي منها أن تمام الملاك و العلة لوجوب القصر هو شغل اليوم الذي هو كناية عن المسافة التي لا تقل عن ثمانية فراسخ شرعية،و لا موضوعية لذهابه بريدا و رجوعه بريدا الا باعتبار ان المجموع يصير ثمانية فراسخ، فإذن يكون المستفاد منها عرفا ان العبرة في السفر الشرعي الذي يترتب عليه قصر الصلاة هي أن لا تقل المسافة التي تطوي في السفر عن ثمانية فراسخ شرعية سواء


 

1) <page number=”316″ />الوسائل ج 8 باب:1 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.
2) الوسائل ج 8 باب:1 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.
3) الوسائل ج 8 باب:2 من أبواب صلاة المسافر الحديث:2.
4) الوسائل ج 8 باب:2 من أبواب صلاة المسافر الحديث:14.
5) الوسائل ج 8 باب:2 من أبواب صلاة المسافر الحديث:9.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 317)


……….

أ كانت بالامتداد في اتجاه واحد،أم كانت بالتلفيق في اتجاهين متساويين أو مختلفين.

و منها:قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:«و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أتى ذبابا قصّر و ذباب على بريد،و إنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين،ثمانية فراسخ». 1

فإن المستفاد منه عرفا ان العبرة في وجوب القصر إنما هي بالسفر في المسافة التي لا تقل عن ثمانية فراسخ شرعية،و لا موضوعية لكون ذهابه بريدا و ايابه كذلك الا بلحاظ ان المجموع تبلغ ثمانية فراسخ.

فالنتيجة:ان المجموعة الأولى تدل على أن موضوع وجوب القصر هو السفر في المسافة الامتدادية المحددة شرعا بثمانية فراسخ بلا نظر لها إلى السفر في المسافة التلفيقية لا نفيا و لا إثباتا،و المجموعة الثانية تدل على كفاية السفر في المسافة التلفيقية في وجوب القصر و انه فرد من افراد السفر الشرعي،فإذن تكون المجموعة الثانية حاكمة على المجموعة الأولى و توسع دائرة موضوعها و تجعله أعم من السفر في المسافة الامتدادية و التلفيقية،فهذه هي نسبة المجموعة الثانية من الروايات إلى المجموعة الأولى منها،و أما نسبة المجموعة الثالثة إلى المجموعة الثانية فهي أيضا على نحو الحكومة لأن المجموعة الثانية تدل على أن السفر في المسافة التلفيقية في اتجاهين متساويين موضوع لوجوب القصر و لا نظر لها إلى أن السفر في المسافة التلفيقية في اتجاهين مختلفين بالزيادة و النقيصة موضوع لوجوب القصر لا نفيا و لا إثباتا،و أما المجموعة الثالثة فهي تدل على أن السفر في المسافة المذكورة المحددة شرعا بثمانية فراسخ موضوع لوجوب القصر مطلقا و إن كان في المسافة التلفيقية في اتجاهين مختلفين زيادة و نقيصة فهي توسع دائرة الموضوع فيها.


 

1) <page number=”317″ />الوسائل ج 8 باب:2 من أبواب صلاة المسافر الحديث:15.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 318)


……….

ثم ان مع الاغماض عن ذلك و تسليم انه لا حكومة في البين بدعوى أن المجموعة الأولى تدل على أمرين..

أحدهما:وجوب القصر على المسافر إذا كان سفره بقدر المسافة الشرعية و هي ثمانية فراسخ في اتجاه واحد.

و الآخر:نفي وجوبه عنه إذا كان سفره فيها في اتجاهين متعاكسين، و المجموعة الثانية تدل على وجوبه عليه و إن كان سفره فيها اتجاهين متعاكسين ذهابا و ايابا،و لكن مع ذلك لا بد من تقديم الثانية على الأولى في ضوء الجمع العرفي الدلالي،و ذلك لأن دلالة الأولى على نفي الوجوب في الصورة المفروضة انما هي بالاطلاق الناشي من سكوت المولى في مقام البيان،و بما أنه من أضعف مراتب الدلالات العرفية فلا يصلح أن يعارض دلالة المجموعة الثانية على الوجوب على أساس أنها بيان من قبل المولى،و معه يرتفع هذا الاطلاق بارتفاع منشأه و هو السكوت في مقام البيان،فإذن لا بد من الأخذ بالمجموعة الثانية و رفع اليد عن إطلاق المجموعة الأولى.

و بذلك يظهر الحال بين المجموعة الثالثة و الثانية،فإن دلالة المجموعة الثانية على عدم كفاية السفر لوجوب القصر بقدر المسافة المذكورة إذا كان في اتجاهين مختلفين انما هي بالاطلاق الناشي من سكوت المولى في مقام البيان، و ليست بدلالة لفظية مستندة إلى الوضع،و بما أن دلالة المجموعة الثالثة على كفاية السفر في المسافة الشرعية المحددة بثمانية فراسخ مطلقا و إن كان في اتجاهين مختلفين زيادة و نقيصة دلالة لفظية مستندة إلى الوضع العرفي،فتتقدم على دلالة المجموعة الثانية باعتبار أنها بيان رافع لها برفع منشأها.

فنتيجة:الجمع بين هذه المجموعات الثلاث من الروايات هي:ان الأظهر

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 319)


……….

كفاية السفر في المسافة الشرعية و هي ثمانية فراسخ في وجوب القصر مطلقا و إن كان في اتجاهين متعاكسين على نسبة مختلفة بأن يكون الذهاب خمسة فراسخ و الاياب ثلاثة أو بالعكس،فالعبرة انما هي بكون المجموع ثمانية فراسخ،و لكن مع ذلك يجب عليه الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام فيما إذا كان الاتجاهان مختلفين زيادة و نقيصة.

بقي هنا أمور:

الأول:قد يتوهم أن ما ورد في صحيحة زكريا بن آدم من أن التقصير في مسير يوم و ليلة،و في صحيحة أبي نصر في ثلاثة برد،ينافي ما ورد في الروايات الكثيرة بألسنة مختلفة،فتارة بلسان أن التقصير في مسير يوم،و أخرى في بياض يوم،و ثالثة في بريدين و هكذا…

و الجواب:ان الصحيحتين تدلان على وجوب التقصير في مسير يوم و ليلة و ثلاثة برد و لا تدلان على عدم وجوبه في الأقل من ذلك كمسير يوم أو بريدين، و لا نظر لهما إلى ذلك في الأقل لا نفيا و لا إثباتا.

و مع الاغماض عن ذلك و تسليم دلالتهما على نفي وجوب التقصير في الأقل من مسير يوم و ليلة أو ثلاثة برد،الاّ أن دلالتهما على ذلك لما كانت بالاطلاق الناشي من السكوت في مقام البيان فلا تصلح ان تعارض دلالة تلك الروايات على وجوب التقصير في أقل من ذلك مدة و مسافة على أساس أنها بيان فيكون رافعا لدلالتهما برفع منشأها و هو السكوت.

الثاني:قد حددت المسافة الشرعية في مجموعة من الروايات ببريد و هو أربع فراسخ،و هذه المجموعة تنافي الروايات التي تحدد المسافة الشرعية ببريدين تارة،و ببياض يوم أخرى،و بمسير يوم ثالثة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 320)


……….

و الجواب:ان المجموعة الأولى تنص على أن المسافة التي تطوى في السفر بريد و مقتضى اطلاقها انها بريد و إن لم ينضم إليه بريد آخر و لو جائيا،و عليه فالروايات التي تنص على ان المسافة المذكورة بريدان تقيد اطلاق تلك المجموعة بما إذا كان بريدا ذاهبا و بريدا جائيا على أساس ان نسبتها إليها نسبة المقيد إلى المطلق.

الثالث:ان المتفاهم العرفي من اناطة وجوب القصر في بعض الروايات بمسير يوم تارة،و ببياض يوم تارة أخرى،و بشغل يوم ثالثة،هو أنها ليست من باب الموضوعية و السببية بل هو من باب تقدير السير في هذا الزمن المحدد و أنه لا يقل عن ثمانية فراسخ إذا كان على النحو المتعارف من الانسان الاعتيادي فاذن العبرة إنما هي بالروايات التي تنص تارة على ان المسافة التي تطوى في السفر ثمانية فراسخ و أخرى بريدان.و تدل على ذلك عدة قرائن.

الأولى:ان مسير يوم قد فسر في بعض الروايات ببريدين،و في بعضها الآخر بثمانية فراسخ مباشرة،و من الواضح ان هذا التفسير قرينة على أنه كناية عن تقدير السير به و انه لا يقل عن المسافة المذكورة.

الثانية:ان عطف بريدين على بياض يوم و بالعكس بكلمة(أو)يدل على أن بياض اليوم عنوان مشير إلى مقدار السير فيه و انه لا يقل عن ثمانية فراسخ في بياض يوم عادة إذا كان على النحو المتعارف بلا خصوصية له،إذ لا يعقل أن يكون ذلك من عطف الأقل على الأكثر،بل هو من عطف عنوان على عنوان آخر يكون كلهما مشيرا إلى معنون واحد في الخارج و هو قطع المسافر المسافة الشرعية المحددة بكاملها و هي ثمانية فراسخ،فيعبر عنه تارة بشغل يوم و أخرى ببياض يوم و ثالثة بمسير يوم و رابعة ببريدين،فكل ذلك عنوان مشير إلى مقدار السير فيه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 321)


و إن كان الذهاب فرسخا و الاياب سبعة،و إن كان الأحوط في صورة كون الذهاب أقل من أربعة مع كون المجموع ثمانية الجمع،و الأقوى عدم اعتبار كون الذهاب و الاياب في يوم واحد أو ليلة واحدة،أو في الملفق منهما مع اتصال إيابه بذهابه و عدم قطعه بمبيت ليلة فصاعدا في الأثناء،بل إذا كان من قصده الذهاب و الإياب و لو بعد تسعة أيام يجب عليه القصر، فالثمانية الملفقة كالممتدة في إيجاب القصر إلا إذا كان قاصدا للإقامة عشرة أيام في المقصد أو غيره أو حصل أحد القواطع الاخر،فكما أنه إذا بات في أثناء الممتدة ليلة أو ليالي لا يضر في سفره فكذا في الملفقة فيقصّر و يفطر،و لكن مع ذلك الجمع بين القصر و التمام و الصوم و قضائه في صورة عدم الرجوع ليومه أو ليلته أحوط(1)،و لو كان من قصده
الذي هو الموضوع للحكم الشرعي.

الثالثة:ان معتبرة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:«قلت له:كم أدنى ما يقصر فيه الصلاة؟قال:جرت السنة ببياض يوم.فقلت له:

ان بياض يوم يختلف،يسير الرجل خمسة عشر فرسخا في يوم،و يسير الآخر أربعة فراسخ و خمسة فراسخ في يوم!قال:فقال:انه ليس إلى ذلك ينظر،أما رأيت سير هذه الأثقال(الأميال)بين مكة و المدينة ثم أومأ بيده أربعة و عشرين ميلا و يكون ثمانية فراسخ…» 1تنص على ان العبرة إنما هي بثمانية فراسخ و لا موضوعية لبياض اليوم الا باعتبار ان السير فيه على النحو المتعارف لا يقل عن ثمانية فراسخ.

فالنتيجة في نهاية المطاف انه لا فرق بين أن تطوى المسافة في يوم أو بضع ساعات أو خلال عدة دقائق تبعا لاختلاف درجة سرعة وسائط النقل.

الاحتياط ضعيف جدا،فإن الروايات الكثيرة التي تنص و تؤكد على أن أهل مكة إذا خرجوا حجاجا إلى عرفة قصروا تدل بوضوح على عدم الفرق بين


 

1) <page number=”321″ />الوسائل ج 8 باب:1 من أبواب صلاة المسافر الحديث:15.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 322)


الذهاب و الاياب و لكن كان مترددا في الاقامة في الأثناء عشرة أيام و عدمها لم يقصّر،كما أن الأمر في الامتدادية أيضا كذلك.

[مسألة 1:الفرسخ ثلاثة أميال،و الميل أربعة آلاف ذراع]

[2232]مسألة 1:الفرسخ ثلاثة أميال،و الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد
من نوى الرجوع ليومه و من نوى الرجوع قبل إكمال العشرة،حيث أن مورد هذه الروايات غير الناوي للرجوع ليومه،و يدل على عدم الفرق بينهما أيضا إطلاق قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:«بريد ذاهب و بريد جائي» 1،و قوله عليه السّلام في ذيلها:«و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله إذا أتى ذبابا قصّر و ذباب على بريد و إنما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين،ثمانية فراسخ». 2

و لا دليل على التفصيل بين الصورتين في المسألة حيث لم يرد في شيء من الروايات ما يدل عليه الاّ في الفقه الرضوي فإنه ينص على التخيير إذا لم يرد الرجوع من يومه.و لكن بما أنه ضعيف سندا فلا يمكن الاعتماد عليه.

و أما عنوان مسير اليوم و بياض النهار و شغل اليوم فقد مر أنه لا موضوعية لهذه العناوين أصلا،بل هي مأخوذة للإشارة إلى تقدير السير المعتبر في وجوب القصر بها.

نعم،لو كان هناك دليل على التفصيل لوقع التعارض بينه و بين روايات أهل مكة باعتبار أنها غير قابلة للتقييد بناوي الرجوع من يومه فلا بد حينئذ من الرجوع إلى مرجحات باب المعارضة.

فالنتيجة:انه لا فرق في المسألة بين المسافر الناوي للرجوع من يومه و المسافر الناوي له قبل العشرة،فما نسب إلى المشهور من أن الناوي للرجوع قبل العشرة مخير بين الاتمام و القصر،لا دليل عليه،كما أنه لا دليل على ما نسب إلى جماعة من القول بالتمام فيه.


 

1) <page number=”322″ />الوسائل ج 8 باب:2 من أبواب صلاة المسافر الحديث:14.
2) الوسائل ج 8 باب:2 من أبواب صلاة المسافر الحديث:15.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 323)


الذي طوله أربع و عشرون إصبعا(1)،كل إصبع عرض سبع شعيرات،كل
فيه ان المراد من الذراع هو أدنى فرده المتعارف حيث ان افراده في الخارج مختلفة سعة و ضيقا لا مطلق المتعارف بمعنى الجامع بين افراده كما هو ظاهر المتن.

و النكتة في ذلك أن الذراع أو القدم أو الشبر أو الاصبع إذا أخذ في موضوع الحكم فتارة:يكون الحكم نسبيا بلحاظ افراد المكلفين بمعنى أن الملحوظ في الموضوع هو شبر كل فرد أو ذراع كل شخص كما في باب الوضوء إذا قيل:امسح من رجليك مقدار ثلاث أنامل من رءوس الأصابع إلى الكعبين،أو امسح من رأسك مقدار ثلاثة أصابع،فإن المتفاهم منه ان كل فرد مكلف بمسح رجليه بمقدار ثلاث أنامل من رءوس أصابعه و مسح رأسه بمقدار ثلاثة من أصابعه.

و أخرى:لا يكون نسبيا بمعنى أن الحكم لا يكون مشتملا على نسبة إلى افراد المكلفين كالحكم بالكرية فيما إذا قيل:ان الماء إذا بلغ كذا شبرا كان كرا و لا ينفعل بالملاقاة،و الحكم بالقصر فيما لو قيل إذا طوى المسافر كذا ذراعا وجب عليه القصر و هكذا..فان الكرية متمثلة في مساحة محددة واقعية لا تختلف باختلاف افراد المكلفين و اشبارهم فلا معنى لإضافة الكرية إلى هذا الفرد من المكلف أو ذاك و المسافة التي تطوى في السفر المحددة شرعا بثمانية فراسخ أو أربعة و عشرين ميلا مسافة واقعية ذات بعد واحد محدد محفوظ في نفسه على مستوى واحد بالنسبة إلى آحاد المكلفين،و لا تختلف باختلاف قصر الذراع و طوله،و ما نحن فيه من هذا القبيل،فإن المسافة التي يكون السير فيها موضوعا لوجوب القصر و الافطار المحددة في الروايات بثمانية فراسخ تارة،و بأربعة و عشرين ميلا تارة أخرى مسافة واقعية محددة كما و لا تختلف باختلاف افراد المكلفين و أذرعهم،و تفسير هذه المسافة بأربعة آلاف ذراع فلا محالة يراد من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 324)


……….

الذراع المعنى الواقعي الموضوعي المحفوظ في نفسه الذي لا يختلف باختلاف أذرع المكلفين طولا و قصرا،بداهة انه لا يحتمل أن يكون مقدار السير الموجب للقصر يختلف باختلاف آحاد المكلفين و أذرعهم طولا و قصرا،و على هذا فلا محالة يكون الحكم المجعول على الذراع أو نحوه في مقام التحديد يستدعي بنفسه افتراض ثبوت مرتبة خاصة منه و ثبوت الحكم لها دون الجامع بينها و بين سائر المراتب من المتعارف إذ لا معنى للتحديد بالجامع بين الأقل و الأكثر،و تتعين هذه المرتبة الخاصة بمقدمات الحكمة في اقصر الاذرع و ادناها و من المعلوم ان لهذه المرتبة الخاصة المتمثلة في أقصر الأذرع واقعا موضوعيا معينا في مقام التطبيق بالاضافة إلى تمام آحاد المكلفين و لا تختلف زيادة و لا نقيصة بقدر أنملة أو شعيرة،و كذلك الحال في الاصبع.

و دعوى:ان الأحكام الشرعية لا تبتني على هذه التدقيقات العقلية التي لا تندرج تحت ضابط معين،فإن كل ذراع يختلف عن الآخر مع كونهما من المتعارف و هذا الاختلاف الجزئي بينهما يكبر بالنسبة إلى تمام المسافة المحددة فيتحقق فارق كبير بين التقديرين،بل الاختلاف اليسير بين شعيرة و أخرى مع فرض كونهما من المتعارف يؤدي إلى حصول الفارق الكبير بينهما،فمن أجل ذلك لا وجه لهذه التدقيقات و لا يترتب عليها أثر شرعي،فإن العبرة إنما هي بصدق الفرسخ و الميل و مسير يوم…

مدفوعة:بأن الحكم في الشريعة المقدسة و إن كان مجعولا لعنوان الفرسخ و الميل الاّ أنه لا شبهة في أن معنى الفرسخ معنى واقعي موضوعي معين في الواقع و ليس معنى نسبيا يختلف عن فرد بالاضافة إلى فرد آخر،بل هو محفوظ في نفسه بالنسبة إلى تمام آحاد المكلفين،و كذلك الحال في الميل،فإذا كان الميل

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 325)


شعيرة عرض سبع شعرات من أوسط شعر البرذون.

[مسألة 2:لو نقصت المسافة عن ثمانية فراسخ و لو يسيرا لا يجوز القصر]

[2233]مسألة 2:لو نقصت المسافة عن ثمانية فراسخ و لو يسيرا لا يجوز القصر،فهي مبنية على التحقيق لا المسامحة العرفية،نعم لا يضرّ إختلاف الأذرع المتوسطة في الجملة كما هو الحال في جميع التحديدات الشرعية(1).

عبارة عن أربعة آلاف ذراع فبطبيعة الحال يكون المراد من الذراع هو الذراع المتعارف،فإن ارادة غيره بحاجة إلى قرينة كما ان المراد من الذراع المتعارف مرتبة خاصة منه دون الجامع بين افراده و حصصه باعتبار أن الحكم المجعول على الميل إنما هو مجعول عليه في مقام التحديد و لا معنى للتحديد بالجامع بين الأقل و الأكثر،بل هو غير معقول،و تتعين هذه المرتبة الخاصة في أقصر الأذرع المتعارفة و أدناها بقرينة الحكمة لأن دخل الزيادة في الحد بحاجة إلى قرينة أخرى و لا يكفي إطلاق كلمة(الذراع)فاذن لا يلزم المحذور المذكور من التقدير بالمتعارف و الأخذ به و هو الاختلاف بين التقديرين.

فالنتيجة:انه لا بد من هذه التدقيقات في مقام التطبيق باعتبار أن موضوع الحكم في الواقع شيء محدد و لا يمكن أن يختلف زيادة و نقيصة و لو بقدر أنملة أو شعيرة.

مر أن العبر إنما هي بأقصر الأذرع المتوسطة المتعارفة و هو مرتبة خاصة منها لا بالجامع بين الافراد المتوسطة،إذ لا معنى للتحديد بالجامع بين الأقل و الأكثر،فما في المتن من أنه لا يضر إختلاف الأذرع المتوسطة في الجملة، ان أراد بذلك تحديد المسافة بالجامع،فيرد عليه أنه لا معنى للتحديد به لأن مرده إلى التحديد بين الأقل و الأكثر و هو غير معقول.و إن أراد به تحديدها بمرتبة خاصة منها و هي أقصر الأذرع و أدنى مرتبتها،فيرد عليه أنه لا اختلاف فيه.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 326)


[مسألة 3:لو شك في كون مقصده مسافة شرعية أو لا بقي على التمام على الأقوى]

[2234]مسألة 3:لو شك في كون مقصده مسافة شرعية أو لا بقي على التمام على الأقوى،بل و كذا لو ظن كونها مسافة.

[مسألة 4:تثبت المسافة بالعلم الحاصل من الاختبار،و بالشياع المفيد للعلم،و بالبينة الشرعية]

[2235]مسألة 4:تثبت المسافة بالعلم الحاصل من الاختبار،و بالشياع المفيد للعلم،و بالبينة الشرعية،و في ثبوتها بالعدل الواحد إشكال(1)،فلا يترك الاحتياط بالجمع.

[مسألة 5:الأقوى عند الشك وجوب الاختيار أو السؤال]

[2236]مسألة 5:الأقوى عند الشك وجوب الاختيار أو السؤال(2) لتحصيل البينة أو الشياع المفيد للعلم إلا إذا كان مستلزما للحرج.

الظاهر أنه لا إشكال في ثبوتها به بل بخبر ثقة واحدة على أساس ان عمدة الدليل على حجية إخبار الثقة إنما هي بناء العقلاء على العمل بها بلا فرق بين الشبهات الحكمية و الموضوعية،و قد ذكرنا في علم الأصول ان الأدلة اللفظية من الآيات و الروايات إنما هي في مقام التأكيد و التقرير لبناء العقلاء،لا في مقام التأسيس و الجعل.

بل الأقوى عدم الوجوب الا إذا كانت الشبهة حكمية،كما إذا شك المسافر في أن المسافة التي يكون قطعها موجبا للقصر هل هي ثمانية فراسخ أو أقل أو أكثر.أو شك هل أنه يعتبر أن يكون قطعها كلا في اتجاه واحد،أو لا يعتبر ذلك،و هكذا،ففي مثل هذه الحالة يجب عليه الفحص و البحث،فإن كان مجتهدا وجب عليه الرجوع إلى أدلة المسألة و إن كان مقلدا وجب عليه الرجوع إلى فتوى المجتهد فيها.

و أما إذا كانت الشبهة موضوعية فلا يجب على المسافر فيها الفحص و البحث عن المسافة التي طواها في سفره فعلا،بل متى اتفق له أن تأكد من طيّ المسافة الشرعية و هي ثمانية فراسخ باحدى الطرق الشرعية من العلم الوجداني أو الاطمئنان أو البينة أو خبر الثقة أخذ بذلك و قصر،و الاّ فعليه التمام.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 327)


[مسألة 6:إذا تعارض البينتان]

[2237]مسألة 6:إذا تعارض البينتان فالأقوى سقوطهما و وجوب التمام، و إن كان الأحوط الجمع.

[مسألة 7:إذا شك في مقدار المسافة شرعا وجب عليه الاحتياط بالجمع]

[2238]مسألة 7:إذا شك في مقدار المسافة شرعا وجب عليه الاحتياط بالجمع إلا إذا كان مجتهدا و كان ذلك بعد الفحص عن حكمه،فإن الأصل هو التمام.

[مسألة 8:إذا كان شاكا في المسافة و مع ذلك قصّر لم يجزئ بل وجب عليه الاعادة تماما]

[2239]مسألة 8:إذا كان شاكا في المسافة و مع ذلك قصّر لم يجزئ بل وجب عليه الاعادة تماما،نعم لو ظهر بعد ذلك كونه مسافة أجزأ إذا حصل منه قصد القربة مع الشك المفروض،و مع ذلك الأحوط الإعادة أيضا.

[مسألة 9:لو اعتقد كونه مسافة فقصّر ثم ظهر عدمها وجبت الاعادة]

[2240]مسألة 9:لو اعتقد كونه مسافة فقصّر ثم ظهر عدمها وجبت الاعادة،و كذا لو اعتقد عدم كونه مسافة فأتم ثم ظهر كونه مسافة فإنه يجب عليه الاعادة(1).

[مسألة 10:لو شك في كونه مسافة أو اعتقد العدم ثم بان في أثناء السير كونه مسافة يقصّر]

[2241]مسألة 10:لو شك في كونه مسافة أو اعتقد العدم ثم بان في أثناء
هذا إذا انكشف في الوقت و علم أنه كان قد طوى المسافة المحددة شرعا،و أما إذا انكشف ذلك في خارج الوقت فلا تجب الاعادة،و تدل عليه صحيحة العيص بن القاسم.قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل صلى و هو مسافر فأتم الصلاة؟قال:إن كان في الوقت فليعد،و إن كان الوقت قد مضى فلا…»، 1فإنها باطلاقها تشمل الجاهل بالموضوع أيضا،و من هذا القبيل ما إذا كان المسافر شاكا في ذلك و غير متأكد من عدم طيّ المسافة و أتم صلاته ثم بان العكس و علم أنه كان قد طوى المسافة،فإن كان في الوقت وجبت عليه الاعادة و الاّ فلا تطبيقا لإطلاق الصحيحة.


 

1) <page number=”327″ />الوسائل ج 8 باب:17 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 328)


السير كونه مسافة يقصّر و إن لم يكن الباقي مسافة(1).

[مسألة 11:إذا قصد الصبي مسافة ثم بلغ في الأثناء وجب عليه القصر]

[2242]مسألة 11:إذا قصد الصبي مسافة ثم بلغ في الأثناء وجب عليه القصر و إن لم يكن الباقي مسافة،و كذا يقصّر إذا أراد التطوع بالصلاة مع عدم بلوغه،و المجنون الذي يحصل منه القصد إذا قصد مسافة ثم أفاق في الأثناء يقصّر،و أما إذا كان بحيث لا يحصل منه القصد فالمدار بلوغ المسافة من حين إفاقته.

[مسألة 12:لو تردد في أقل من أربعة فراسخ ذاهبا و جائيا مرات حتى بلغ المجموع ثمانية لم يقصر]

[2243]مسألة 12:لو تردد في أقل من أربعة فراسخ ذاهبا و جائيا مرات حتى بلغ المجموع ثمانية لم يقصر،ففي التلفيق لا بد أن يكون المجموع من ذهاب واحد و إياب واحد ثمانية(2).

[مسألة 13:لو كان للبلد طريقان و الأبعد منهما مسافة]

[2244]مسألة 13:لو كان للبلد طريقان و الأبعد منهما مسافة فإن سلك الأبعد قصّر،و إن سلك الأقرب لم يقصّر إلا إذا كان أربعة أو أقل و أراد الرجوع من الأبعد(3).

الأمر كما أفاده قدّس سرّه،فإن مبدأ المسافة إنما يحتسب من حين الابتداء بالسفر لا من حين علمه بالمسافة،فإذا سافر من النجف إلى الحلة مثلا معتقدا عدم المسافة بينهما،أو شاكا فيها،و علم في وسط الطريق أن بينهما مسافة وجب عليه القصر باعتبار انه جادّ في قصده طي المسافة واقعا من ابتداء سفره و هو موضوع وجوب القصر بمقتضى الأدلة و العلم طريق اليه فلا يكون دخيلا فيه.

هذا إذا كان الذهاب و الاياب متساويين بأن يكون كل منهما يمثل نصف المسافة و هو أربعة فراسخ،و أما إذا كان أحدهما يمثل ثلثي المسافة و الآخر ثلثها فالأحوط وجوبا هو الجمع بين القصر و التمام على ما مر.

فيه ان هذا ليس من جهة ان المجموع الملفق مسافة شرعية،بل من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 329)


[مسألة 14:في المسافة المستديرة الذهاب فيها الوصول إلى المقصد و الاياب منه إلى البلد]

[2245]مسألة 14:في المسافة المستديرة الذهاب فيها الوصول إلى المقصد و الاياب منه إلى البلد،و على المختار يكفي كون المجموع مسافة مطلقا و إن لم يكن إلى المقصد أربعة(1)،و على القول الآخر يعتبر أن يكون
جهة ان الطريق الأبعد بنفسه مسافة بالكامل-كما هو المفروض في المسألة- فيكون سلوكه وحده كافيا للقصر،فلا حاجة إلى ضم الأقرب إليه.و على هذا فإذا كان بين بلدين طريقان فإن كان أحدهما يساوي المسافة المحددة شرعا و الأخر يساوي ثلثها،فإن قطع الطريق الأبعد ذهابا و الأقرب رجوعا أو بالعكس فلا إشكال في وجوب القصر و إن قطع الأقرب ذهابا و رجوعا فلا قصر.و إن كان كل منهما يساوي نصف المسافة فحينئذ اعتبر مجموع الذهاب و الاياب بينهما سفرا واحدا ما لم يتخلله في الأثناء أحد قواطع السفر كالمرور على الوطن أو إقامة عشرة أيام في البلد الثاني،و إن كان أحدهما أبعد من الآخر كما إذا كان الأبعد يمثل ثلثي المسافة و الأقرب يمثل ثلثها فحينئذ إن قطع الأبعد ذهابا و ايابا فلا إشكال في وجوب القصر،و إن قطع الأبعد ذهابا و الأقرب ايابا ففي وجوب القصر إشكال، و الأحوط هو الجمع بينه و بين التمام،و أما إذا قطع الأقرب ذهابا و ايابا فلا قصر.

تقدم ان الأحوط فيه هو الجمع بين القصر و التمام،و لا فرق في المسألة بين أن تكون المسافة بخط مستقيم و إن كان ذلك الخط في ضمن خطوط منحنية و منكسرة،كما إذا كان الطريق بين الصخور و الأودية أو الجبال أو الأنهار فإنه غالبا يكون معوجا و غير مستقيم،أو تكون بشكل دائري كما إذا كان بلد المسافر واقعا على محيط دائرة و محيطها عدا ما تشتغله بلدته من المساحة يساوي المسافة المحددة شرعا و هي ثمانية فراسخ و على هذا فإذا نوى قطع هذه المسافة ذهابا إلى مقصد في محيطها و ايابا إلى بلدته،فإن كان كل منهما يساوي نصف المسافة فلا إشكال في وجوب القصر بلا فرق بين أن يكون رجوعه إلى بلدته من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 330)


من مبدأ السير إليه أربعة مع كون المجموع بقدر المسافة.

[مسألة 15:مبدأ حساب المسافة سور البلد أو آخر البيوت فيما لا سور فيه في البلدان الصغار و المتوسطات]

[2246]مسألة 15:مبدأ حساب المسافة سور البلد أو آخر البيوت فيما لا سور فيه في البلدان الصغار و المتوسطات،و آخر المحلة في البلدان الكبار الخارقة للعادة(1)،و الأحوط مع عدم بلوغ المسافة من آخر البلدان الجمع
النصف الآخر لمحيط الدائرة،أو من نفس النصف الذي قطعه ذهابا فعلى كلا التقديرين يصدق عليه انه ذهب بريدا و رجع بريدا،و إن كان أحد الطريقين يساوي ثلثي المسافة و الآخر يساوي ثلثها فإن سلك الأبعد ذهابا و ايابا فلا إشكال و إن سلك الأبعد ذهابا و الأقرب إيابا ففيه إشكال،و الأحوط هو الجمع.

فالنتيجة:ان مقتضى اطلاق الأدلة عدم الفرق بين أن تكون المسافة على شكل دائري أو على خط مستقيم إذا صدق السفر عرفا بحيث يقول الناس لمن سلكها بأنه مسافر،و من المعلوم أنه لا فرق في صدقه عرفا بين الفرضين و إن كانت بلدة المسافر في مركز الدائرة،و ابتعد عن بلدته إلى أن وصل إلى محيط الدائرة ثم يدور عليه و كان المجموع بقدر المسافة الشرعية فإن صدق السفر عرفا على طي هذه المسافة بالكامل وجب عليه القصر و الا فالتمام،و هو يختلف باختلاف ابتعاده عن بلدته إلى المحيط فإن كان كثيرا كفرسخين أو أزيد اعتبره العرف مسافرا و إن كان قليلا كنصف فرسخ أو أقل لم يعتبره مسافرا فليس لذلك ضابط كلي فالعبرة إنما هي بصدق السفر عرفا و عدم صدقه.

فيه إشكال بل منع،و الأظهر عدم الفرق بين البلدان الكبيرة و الصغيرة، فكما ان بلدة المسافر إذا كانت صغيرة فالعبرة إنما هي بخروجه عنها على أساس أنه لا يصدق على تحركاته في بلدته عنوان السفر عرفا،فكذلك إذا كانت بلدته كبيرة،فإنه ما دام يتحرك في وسط بلدته لا يعتبر ذلك سفرا منه عرفا،لأن السفر يتوقف على الخروج من البلدة و الابتعاد عنها،و من هنا لا تعتبر تحركات الساكنين

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 331)


……….

في البلدان الكبيرة من بيوتهم إلى مقرات عملهم،أو منها إلى محلاّت أخرى لغاية سفرا منهم عرفا و إن افترض انه بقدر المسافة ذهابا و إيابا و هو ثمانية فراسخ،و عليه فتقييد الماتن(قده)مبدأ حساب المسافة بآخر المحلة في البلدان الكبيرة لا يساعده الاعتبار العرفي،فإنها و إن كانت من ناحية سعتها خارقة للعادة فمع ذلك لا يعتبر التحركات المقصودة في داخلها بمقدار المسافة الشرعية سفرا عرفا،مع ان العبرة إنما هي بصدق السفر العرفي عليها،على أساس ان السفر إنما يترتب عليه قصر الصلاة و افطار الصوم شريطة توفر أمور..

الأول:ان لا تقل المسافة التي تطوى في السفر عن ثمانية فراسخ.

الثاني:أن تكون هذه المسافة مقصودة للمسافر من المبدأ إلى المنتهى.

الثالث:أن يعتبر العرف قطع هذه المسافة سفرا،و من قطعها يعتبره مسافرا، و أما إذا قطعها و مع ذلك لم يعتبره مسافرا فلا تترب عليه الأحكام المذكورة،كمن يبتعد عن بلدته بمقدار قليل ثم يدور حولها على نحو تكون مسافة المحيط الذي يقطعه تساوي المسافة المحددة شرعا و هي ثمانية فراسخ و مع ذلك لا يعتبره العرف مسافرا.

الرابع:أن لا يتخلل أحد قواطع السفر في أثناء سيره بقدر المسافة.

فإذا توفرت فيه هذه الشروط جميعا ترتبت عليه أحكامه و الاّ فلا،و بما أن السفر العرفي لا يصدق على تحرك الشخص داخل بلدته مهما كانت كبيرة و كان بقدر المسافة لم يترتب عليه حكمه.

فالنتيجة:انه لا مجال للفرق بين البلدان الصغيرة و الكبيرة و إن كان كبرها بدرجة يكون امتدادها طولا أو عرضا أكثر من المسافة الشرعية.

هذا إضافة إلى أن قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:«و قد سافر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 332)


و إن كانت مسافة إذا لوحظ آخر المحلة.

[الشرط الثاني:قصد قطع المسافة من حين الخروج]

الشرط الثاني:قصد قطع المسافة من حين الخروج فلو قصد أقل منها و بعد الوصول إلى المقصد قصد مقدارا آخر يكون مع الأول مسافة لم
إلى ذي خشب و هو مسيرة يوم من المدينة…» 1يؤكد ما ذكرناه من أن مبدأ المسافة يحسب من آخر البلد،و من المعلوم ان العرف لا يفهم خصوصية للمدينة بل باعتبار أنها بلدة المسافر،كما أنه لا يفهم خصوصية لكونها بلدة صغيرة أو كبيرة على أساس ان احتساب مبدأ المسافة منه يكون على القاعدة باعتبار ما عرفت من ان تحركاته داخل البلدة و إن كانت بقدر المسافة لا تعد سفرا عرفا.

و أما ما ورد في لسان مجموعة من الروايات من احتساب مبدأ المسافة من المنزل و الانتهاء إليه،منها:قوله عليه السّلام في موثقة عمار:«لا يكون مسافرا حتى يسير من منزلة أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة…» 2فهو أما إن يراد من المنزل المضاف إلى المسافر المعنى الأوسع منه و هو بلدته التي يسكن فيها،باعتبار أنها مكان سكناه،فإذن معنى خروجه من منزله و هو خروجه من بلدته،أو يراد منه المنزل في مقابل البلدة و القرية كما إذا كان من أهل البوادي.و يؤكد ذلك عطف القرية على المنزل بكلمة(أو)في الموثقة،إذ لا يمكن حمل هذا العطف على التخيير بين الأقل و الأكثر بأن يكون المسافر مخيرا بين أن يحسب مبدأ المسافة من منزله أو من قريته و هو كما ترى.فإذن لا محالة يكون المراد من هذا العطف هو ان المسافر إذا كان منزله في قرية لها طول و عرض كالبلدة كان يحسب مبدأ المسافة من آخر قريته أو بلدته،و إن لم يكن فيها كان يحسب مبدؤها من منزله.

إلى هنا قد تبين انه لا فرق بين البلاد الكبيرة و الصغيرة،و هذا الفرق لا يحتاج إلى النص بل هو على القاعدة،فإن منزله إذا لم يكن في بلدة كان خروجه منه يعتبر سفرا منه عرفا دون ما إذا كان في بلدة أو قرية.


 

1) <page number=”332″ />الوسائل ج 8 باب:1 من أبواب صلاة المسافر الحديث:4.
2) الوسائل ج 8 باب:4 من أبواب صلاة المسافر الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 333)


يقصّر(1)،نعم لو كان ذلك المقدار مع ضم العود مسافة قصّر من ذلك
هذا باعتبار ان وجوب القصر منوط بطيّ المسافة بسفرة واحدة،و بما أنه لم يطو المسافة بكاملها كذلك لم يجب عليه القصر و انما طواها بسفرتين، و حيث ان المجموع لا يعد سفرة واحدة فلا أثر له،فإذا قصد المسافر من بلدته ما دون المسافة الشرعية فإذا وصل إليه تجدد له رأي بأن يسافر إلى بلد آخر فسافر إليه ففي مثل ذلك يعتبر مبدأ المسافة من مقصده لا من بلدته فيلغى من الحساب ما قطعه من المسافة قبل تجدد الرأى له بالسفر إلى بلدة أخرى.

مثال ذلك:نجفي ينوي السفر إلى الكوفة و إذا وصل إليها تجدد له رأى بعدم الرجوع إلى النجف و السفر من الكوفة إلى الشامية مثلا ثم يعود منها إلى النجف مارا بالكوفة و حينئذ تعتبر المسافة من الكوفة إلى الشامية و منها إلى النجف مارا بالكوفة،فإن كان المجموع بقدر المسافة الشرعية و هي ثمانية فراسخ ترتب عليه أحكامه و الاّ فلا،و أما ما قطعه أولا من النجف إلى الكوفة فهو يلغى من الحساب لأنه لم يكن قاصدا بذلك المسافة الشرعية بالكامل و لا يمكن الحاقه بما يتجدد له رأي في السفر إلى بلدة أخرى باعتبار أنه سفرة أخرى جديدة لا ترتبط بالأول و يحسب مبدؤها من الكوفة في المثال على أساس أن السفر يتعدد بتعدد المقصد و الغاية شريطة أن يتجدّد له رأي في السفر إلى بلدة أخرى بتجدد الغاية بعد الوصول إلى المقصد الأول،فإن من سافر من بلدة كالنجف..

فتارة يقصد الكوفة فحسب من أجل غاية،و بعد الوصول إلى الكوفة و حصول الغاية يتجدد له رأي في السفر إلى العباسية من اجل غاية و اذا وصل إليها و حصل الغاية المقصودة يتجدد له رأي بالسفر الى الكفل و هكذا،فهنا أسفار متعددة و لا يجب عليه القصر في شيء منها،و المفروض أن المجموع لا يعد سفرة واحدة عرفا.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 334)


……….

و أخرى يقصد السفر من النجف إلى الحلة بغايات متعددة في الطريق فيسافر إلى الكوفة لغاية و إلى العباسية لغاية أخرى و إلى الكفل لغاية ثالثة و إلى الحلة لغاية رابعة و هكذا…و هذه الغايات و إن كانت كل واحدة منها غاية مستقلة في محدوديتها و هي ما دون المسافة و تدعو بالسفر إليها كذلك،الاّ أن مجموعها غاية واحدة بالنسبة إلى السفر بقدر المسافة الشرعية و هو السفر من النجف إلى الحلة في المثال،فإن الداعي إلى هذه السفرة الواحدة بقدر المسافة هو مجموع تلك الغايات،و بما أن المسافر قد نوى هذه السفرة الواحدة من الأول على أثر الغايات المذكورة فعليه أن يقصر في صلاته.

ثم ان المراد من القصد هنا هو علم المسافر و شعوره بأنه سيقطع المسافة بكاملها سواء أ كان هذا العلم قائما على أساس أنه أراد السفر باختياره،أو على أساس أنه مكره من قبل شخص على ذلك،أو مضطر لاختيار هذا السفر،أو مستسلم للأمر الواقع بلا اختيار له كما إذا كان راكبا في السفينة و افلت زمام أمرها عن يد بحارها و علم بأنها ستقطع المسافة الشرعية قبل أن يقدر الملاح على التحكم عليها،أو أنه ملقى في السفينة بغير اختياره و إرادته،فإنه في تمام هذه الصور يجب عليه القصر باعتبار أنه عالم بقطع المسافة الشرعية بالكامل و نوى طيّها كذلك.

فالنتيجة:ان المسافر إذا قصد ما دون المسافة و لما بلغ مقصده تجدد له رأي في السفر إلى بلدة أخرى فسافر إليها فلا شبهة في أن سفره إلى بلدة أخرى سفرة جديدة عرفا و يعتبر ابتداؤها من المقصد و لا تكون متممة للسفرة الأولى و مواصلة لها،لأنها قد انتهت بالوصول إلى مقصدها،فيكون منشأ التعدد تجدد الداعي و الرأي له في السفرة الأخرى بغاية ثانية بعد الانتهاء من السفرة الأولى،إذ لو كان الداعي إليها موجودا من الأول لكان استمرارا و مواصلة لها لا أنها سفرة جديدة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 335)


……….

ثم ان اطلاقات الروايات التي تنص على تحديد المسافة الشرعية بثمانية فراسخ بمختلف الألسنة كبياض يوم،أو مسير يوم،أو بريدين،أو أربعة و عشرين ميلا،أو ثمانية فراسخ هل تشمل هذه الصورة على أساس أنه قد طوى المسافة المحددة شرعا و ان كان بأسفار متعددة أو لا؟فيه وجهان:الظاهر هو الوجه الثاني، فإنها في مقام بيان تحديد موضوع وجوب القصر باعتبار ان العناوين المأخوذة في تلك الروايات كلها تعبير عرفي عنه و هو السفر الممتد بقدر ثمانية فراسخ،و بما ان الاتصال مساوق للوحدة فيكون الموضوع هو السفرة الواحدة و تتحقّق بالشروع فيها شريطة استمرارها إلى ثمانية فراسخ،و على هذا فمقتضى القاعدة وجوب القصر على المسافر متى ابتدأ بالسفر،و لكن الدليل الخارجي قد قام على تقييد وجوبه عليه بالوصول إلى حد الترخص،و عليه فإذا واصل سفره إلى تمام المسافة بالكامل فهو يكشف عن تحقق الموضوع من الأول بتحقق جزئه،و أما إذا لم يواصل فيكشف عن ان موضوعه لم يتحقق أصلا و ما طواه من مسافة ليس جزء الموضوع.

و من هنا يظهر أن وجوب القصر على المسافر إذا وصل إلى حد الترخص ليس من الوجوب المشروط بالشرط المتأخر،فإن كونه كذلك مبني على ان الموضوع لم يتحقق الاّ بتحقق السفر بقدر المسافة بكاملها،و لكن المبني غير صحيح،فإن المركب من الأجزاء التدريجية منها الحركة كالسفر يتحقق بتحقق أول جزئه و ينتهي بانتهاء آخر جزئه،فإذا كانت حصة من السفر مأخوذة في موضوع الحكم كوجوب القصر و هي السفر إلى ثمانية فراسخ فبطبيعة الحال تتحقق هذه الحصة بتحقق أول جزئها،فإذا استمر المسافر في سيره إلى تمام المسافة فهو كاشف عن تحقق الموضوع من الأول بتحقق جزئه لا أن الموضوع تحقق من الآن و أنه كاشف عن تحقق الوجوب من الأول حتى يكون مشروطا بشرط متأخر.

و مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان تلك الروايات مطلقة و لكن لا بد من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 336)


……….

تقييد إطلاقها بقوله عليه السّلام في موثقة عمار:«لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة» 1فإنه يؤكد على أن السفر الشرعي هو ما ينوى المسافر من منزله أو قريته ثمانية فراسخ،و يؤيد ذلك مرسلة صفوان،هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى أنه يكفى قطع المسافة الواقعية المحددة شرعا قاصدا له في وجوب القصر و إن لم يعلم بها،بل و إن كان يعلم بالخلاف،كما إذا سافر نجفي إلى الشامية معتقدا بأنه لا مسافة بينهما شرعا،أو شاكا في ذلك،و في اثناء الطريق علم بالحال فعليه أن يقصر في صلاته،فلو صلاها تماما ثم تفطن،فإن كان الوقت باقيا وجبت إعادتها قصرا على أساس أنه قاصد طيّ المسافة بكاملها و هو الموضوع لوجوب القصر سواء أ كان المسافر عالما بذلك أم لم يكن،فإن العلم ليس جزء الموضوع و لا دخيلا فيه فإذا كان الطريق بين البلدين بقدر المسافة الشرعية و قد قصد المسافر طيّ هذا الطريق بالكامل و إن لم يكن عالما به فوظيفته القصر.

فالنتيجة:انه يكفي فيه قصد سفر يحقق المسافة الشرعية و هي ثمانية فراسخ و إن لم يعلم المسافر بأن سفره يحقق ذلك،و هذا هو مقتضى اطلاقات الأدلة و لا سيما اطلاق الموثقة المتقدمة.

و من هنا يظهر ان المعتبر في وجوب القصر أمران:أحدهما طيّ المسافة واقعا،و الآخر أن يكون قاصدا و عالما بأنه يطوى هذه المسافة و إن كان جاهلا بأنها.

مسافة.و أما إذا كان مترددا في طي المسافة و غير قاصد له من الأول كطالب الضالة مثلا فيتم صلاته و إن قطع المسافة و هو متردد و بدون نية،و من هذا القبيل ما إذا تردد المسافر الناوي للسفر بقدر المسافة من الأول من جهة احتمال طروّ العجز عليه من مواصلة السفر و الاستمرار عليه،أو احتمال ما يمنع عن ذلك فإنه يتم صلاته و إن قطع المسافة و هو متردد و بلا قصد.


 

1) <page number=”336″ />الوسائل ج 8 باب:4 من أبواب صلاة المسافر الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 337)


الوقت بشرط أن يكون عازما على العود،و كذا لا يقصّر من لا يدري أيّ مقدار يقطع كما لو طلب عبدا آبقا أو بعيرا شاردا أو قصد الصيد و لم يدر أنه يقطع مسافة أو لا،نعم يقصّر في العود إذا كان مسافة،بل في الذهاب إذا كان مع العود بقدر المسافة و إن لم يكن أربعة(1)كأن يقصد في الأثناء أن يذهب ثلاثة فراسخ و المفروض أن العود يكون خمسة أو أزيد،و كذا لا يقصّر لو خرج ينتظر رفقة إن تيسروا سافر معهم و إلا فلا،أو علّق سفره على حصول مطلب في الأثناء قبل بلوغ الأربعة إن حصل يسافر و إلا فلا، نعم لو اطمأن بتيسر الرفقة أو حصول المطلب بحيث يتحقق معه العزم على المسافة قصّر بخروجه عن محل الترخص.

[مسألة 16:مع قصد المسافة لا يعتبر اتصال السير]

[2247]مسألة 16:مع قصد المسافة لا يعتبر اتصال السير،فيقصّر و إن كان من قصده أن يقطع الثمانية في أيام و إن كان ذلك اختيارا لا لضرورة من عدوّ أو برد أو انتظار رفيق أو نحو ذلك،نعم لو كان بحيث لا يصدق عليه اسم السفر لم يقصّر كما إذا قطع في كل يوم شيئا يسيرا جدا للتنزه أو نحوه، و الأحوط في هذه الصورة أيضا الجمع(2).

[مسألة 17:لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلا بل يكفي]

[2248]مسألة 17:لا يعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلا بل يكفي و لو كان من جهة التبعية للغير لوجوب الطاعة كالزوجة و العبد أو قهرا كالأسير و المكره و نحوهما أو اختيارا كالخادم و نحوه بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافة،فلو لم يعلم بذلك بقي على التمام،و يجب الاستخبار
مر أن الأحوط فيه هو الجمع بين القصر و التمام.

بل الأقوى هو القصر لمكان صدق المسافر عليه و عدم صدق انه مقيم و إن قطع في كل يوم شيئا يسيرا من المسافة كخمسمائة متر أو أكثر و يواصل قطعها كذلك إلى أن يقطعها بالكامل و التمام.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 338)


مع الامكان(1)،نعم في وجوب الاخبار على المتبوع إشكال و إن كان الظاهر عدم الوجوب.

في الوجوب إشكال بل منع حيث انه لا منشأ لوجوب الاستخبار على التابع بأن يفحص عن قصد المتبوع و التعرف عليه بالسؤال منه أو من غيره على أساس ما مرّ من أن وجوب القصر قد أنيط بقصد السفر في المسافة المحددة شرعا بالكامل،و بما أن التابع لا يعلم بالحال فلا يكون قاصدا للسفر بقدر المسافة،و عليه فوظيفته التمام واقعا و إن قطع المسافة و هو متردد و جاهل بالحال فلا يكون مكلفا بالقصر كذلك حتى على تقدير كون المتبوع في الواقع قاصدا للمسافة على أساس ما مر من أن موضوع وجوب القصر هو قصد طيّ المسافة الشرعية و بدونه فلا موضوع له حقيقة.

و عليه فلا مقتضي لوجوب الفحص عن قصد المتبوع و التعرف عليه بالسؤال.

و من هنا يظهر ان عدم وجوب الفحص هنا ليس مبنيا على عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعية حيث ان وجوب القصر لما كان مترتبا على قصد قطع المسافة المحددة شرعا فلا يتصور فيه التردد و الشك بأن لا يعلم المسافر انه قاصد طيّ المسافة أو غير قاصد له و على هذا فالتابع حيث إنه لا يعلم قصد المتبوع فهو غير قاصد طيّ المسافة،و معه تكون وظيفته التمام واقعا لا ظاهرا و إن قطع المسافة و هو في هذه الحال.

فالنتيجة:انه ما دام كونه جاهلا بقصد المتبوع يظل باقيا على التمام واقعا و إن طال الأمد الاّ أن يعلم في الأثناء فحينئذ يعمل على طبق علمه،فإن كان الباقي مسافة قصر و الاّ فلا.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 339)


[مسألة 18:إذا علم التابع بمفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة و لو ملفقة بقي على التمام]

[2249]مسألة 18:إذا علم التابع بمفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة و لو ملفقة بقي على التمام،بل لو ظن ذلك فكذلك،نعم لو شك في ذلك فالظاهر القصر(1)خصوصا لو ظن العدم،لكن الأحوط في صورة الظن بالمفارقة و الشك فيها الجمع.

[مسألة 19:إذا كان التابع عازما على المفارقة مهما أمكنه أو معلقا لها على حصول أمر]

[2250]مسألة 19:إذا كان التابع عازما على المفارقة مهما أمكنه أو معلقا لها على حصول أمر كالعتق أو الطلاق و نحوهما فمع العلم بعدم الامكان و عدم حصول المعلق عليه يقصّر،و أما مع ظنه فالأحوط الجمع و إن كان الظاهر التمام،بل و كذا مع الاحتمال إلا إذا كان بعيدا غايته بحيث لا ينافي
بل الظاهر هو التمام لأنه مع الشك و التردد في مفارقة المتبوع لا يمكن أن يكون جادا في قصد السفر بقدر المسافة،فإنه يتنافى مع قصده السفر كذلك.

و عليه فتكون وظيفته التمام في جميع صور المسألة،بل الأمر كذلك مع الظن بعدم المفارقة فان احتمالها أيضا يتنافى مع قصد السفر عن جدّ،فما دام لا يكون واثقا و متأكدا من عدم المفارقة لا يتمكن من القصد و العزم عليه كذلك.

فالنتيجة:ان التابع إذا كان عالما بقصد المتبوع فإن كان عالما بعدم المفارقة عنه،أو على الأقل كان واثقا و مطمئنا به وجب عليه القصر باعتبار أنه قاصد للسفر حينئذ تبعا لقصد متبوعه،و الاّ فالتمام و إن كان ظانا بالعدم إذ لا أثر له الاّ أن يكون حجة.

و دعوى:ان التابع مع الظن بعدم المفارقة،بل مع الشك فيها يتمكن من قصد السفر الشرعي…خاطئة جدا،لأنها مبنية على الخلط بين القصد الفعلي و القصد التعليقي فإنه إنما يتمكن في هذه الحالة من القصد التعليقي و هو قصد السفر معلقا على عدم المفارقة دون القصد الفعلي الموجود في النفس حالا،فإنه لا يجتمع مع التردد و احتمال المفارقة و عدم مواصلة السفر إلى ثمانية فراسخ.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 340)


صدق قصد المسافة،و مع ذلك أيضا لا يترك الاحتياط(1).

[مسألة 20:إذا اعتقد التابع أن متبوعه لم يقصد المسافة أو شك في ذلك و في الأثناء علم أنه قاصد لها]

[2251]مسألة 20:إذا اعتقد التابع أن متبوعه لم يقصد المسافة أو شك في ذلك و في الأثناء علم أنه قاصد لها فالظاهر وجوب القصر عليه و إن لم يكن الباقي مسافة(2)لأنّه إذا قصد ما قصده متبوعه فقد قصد المسافة
في الاحتياط إشكال بل منع،فإن التابع إن كان عازما على مفارقة المتبوع متى أتيحت له الفرصة و كانت اتاحتها أمرا محتملا و ليست صعبة المنال و الوصول إليها فهو يتنافى مع قصد السفر بقدر المسافة بالكامل،فاذن تكون وظيفته التمام دون الاحتياط و إن كان وصوله إلى الفرصة المتاحة التي كانت من أمنيته صعب المنال و الوقوع و كان احتماله ضعيفا جدا بدرجة يكون واثقا متأكدا بعدم الوصول إليها فوظيفته القصر لأن قصد المسافة حينئذ مفروض عليه بحكم الأمر الواقع فلا مجال للاحتياط.

بل الظاهر وجوب التمام عليه الاّ إذا كان الباقي مسافة و لو بضميمة الرجوع إلى بلدته،و أما إذا لم يكن الباقي مسافة لا بنفسه و لا بضميمة الرجوع فتكون وظيفته عندئذ التمام لأن ما طواه أولا من المسافة في زمان تردده و جهله بأن متبوعه قاصد لها أولا ملغى من الحساب باعتبار أنه كان غير قاصد لطيّ المسافة الشرعية في هذه الحالة،و أما ما ذكره الماتن قدّس سرّه من ان التابع إذا كان يقصد ما قصد متبوعه فقد قصد المسافة واقعا نظير ما إذا قصد شخص طي المسافة بين النجف و الحلة مثلا و لكن لا يعلم بأنها مسافة شرعية،و في الطريق أو في المقصد علم بالمسافة،فلا شبهة في أن وظيفته التمام لأنه قاصد طي المسافة الشرعية واقعا،و ما نحن فيه كذلك،فلا يمكن المساعدة عليه لأن قياس ما نحن فيه بذلك قياس مع الفارق،لأن التابع بما انه جاهل بقصد المتبوع و لا يدري انه كان يقصد طي المسافة أو لا فبطبيعة الحال يكون قصده طي المسافة حينئذ معلقا على تقدير

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 341)


واقعا،فهو كما لو قصد بلدا معينا و اعتقد عدم بلوغه مسافة فبان في الأثناء أنّه مسافة،و مع ذلك فالأحوط الجمع.

[مسألة 21:لا إشكال في وجوب القصر إذا كان مكرها على السفر أو مجبورا عليه]

[2252]مسألة 21:لا إشكال في وجوب القصر إذا كان مكرها على السفر أو مجبورا عليه،و أما إذا اركب على الدابة أو القي في السفينة من دون اختياره بأن لم يكن له حركة سيرية ففي وجوب القصر و لو مع العلم بالايصال إلى المسافة إشكال،و إن كان لا يخلو عن قوة(1).

قصد المتبوع طيّها،فلا يمكن أن يكون منجزا و فعليا،و هذا بخلاف ما إذا قصد المسافر السفر إلى بلد معين فإنه كان يقصد طي المسافة بينه و بين بلده واقعا و فعلا بدون تعليق بل لا يعقل التعليق فيه،فإن المسافة بينهما لما كانت بقدر المسافة الشرعية في الواقع فهو قاصد لها واقعا و بصورة مباشرة و إن لم يعلم بذلك،و لا يعقل أن يكون قصده طي المسافة بينهما مشروطا بأن تكون مسافة شرعية و معلقا عليها فإنه غير معقول بداهة أن القصد تعلق بهذه المسافة المحدودة في الخارج سواء أ كانت مسافة شرعية أم لم تكن لاستحالة انقلاب الواقع،و على كلا التقديرين فلا تعليق في الواقع.

و أما في المقام فبما أن التابع يتبع في قصده قصد المتبوع لا الواقع و حيث انه لا يدري انه كان يقصد المسافة الشرعية أو ما دونها،كما إذا لم يعلم أنه قصد السفر إلى كربلاء مثلا أو إلى ما دون المسافة،فلا يمكن أن يكون قاصدا لطي المسافة جزما و بصورة منجزة،بل لا محالة يكون مترددا فيه بتبع تردده في قصد متبوعه.و عليه فوظيفته التمام لأن ما قطعه أولا في حال التردد من مسافة فهو يلغى من الحساب،و الباقي ليس بمسافة.

هذا هو المتعين حيث أن المراد من قصد السفر هنا ليس بمعنى الاختيار الناشي من الشوق و الرغبة بل هو عبارة عن علم المسافر و إدراكه بأنه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 342)


……….

سيقطع المسافة بكاملها سواء أ كان قطعها بإرادته و اختياره و إن كان بالاكراه أو الاضطرار،أم كان بغير الاختيار و الارادة،كما إذا ألقى في سفينة و هو يعلم بأنها ستقطع المسافة المحدّدة بكاملها.

و الوجه فيه:أنه لا دليل على اعتبار القصد بمعنى زائد على علم المسافر و إدراكه بالحال على أساس أن مقتضى الروايات التي تنص على تحديد المسافة بثمانية فراسخ بمختلف الألسنة هو أن قطعها موضوع لوجوب القصر،و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن يكون قطعها بالاختيار أو بغيره،فإن وجوب القصر على المسافر منوط بأن يقطع المسافة المحددة شرعا و إن كان بغير الارادة و الاختيار و أن يكون قطعها مقصودا له بكاملها و إن لم يعلم بأن ما يقطعه مسافة.

مثال ذلك:نجفي سافر من النجف إلى الحلة مثلا قاصدا به طي المسافة بينهما و كانت المسافة بينهما في الواقع مسافة شرعية،و لكنه لا يعلم بذلك،فإنه يجب عليه حينئذ القصر لأنه قطع المسافة الشرعية واقعا و هي المسافة بين البلدين و كان قاصدا لقطعها كذلك كاملة.

و إن شئت قلت:إن المسافر إذا علم بأنه يقطع المسافة بين النجف و الحلة، فإذا قطعها وجب عليه القصر لأن ما طواه كان بقدر المسافة واقعا و كان قاصدا له بكاملها و إن لم يعلم به إذا يكفي أن يعلم أنه طوى المسافة بينهما و كانت في الواقع مسافة،فالعبرة في وجوب القصر إنما هي قصد سفر يحقق المسافة الشرعية و إن لم يكن المسافر عالما بأن سفره يحقق ذلك.

نعم إذا تردد المسافر في أن ما يطويه في سفره هذا يحقق المسافة أو لا؟ فوظيفته التمام،كما إذا خرج من بلده لطلب حاجة و لكن لا يدري أنه وصل إليها و قضاها قبل أن يقطع المسافة بالكامل أو بعد ذلك فإنه لم يقصد طي المسافة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 343)


[الثالث:استمرار قصد المسافة]

الثالث:استمرار قصد المسافة فلو عدل عنه قبل بلوغ الأربعة أو
بكاملها،فمن أجل ذلك يصلي تماما و إن قطع المسافة و هو متردد.

فالنتيجة:ان المعتبر في وجوب القصر هو قصد السفر بقدر المسافة المحددة شرعا و هي ثمانية فراسخ سواء أ كان من منزله أم كان في أثناء الطريق،أم بالرجوع،كما إذا خرج من بلده مترددا و بعد أن طوى شيئا قصد السفر و خرج عن التردد في رأيه إلى العزم فحينئذ إن كان الباقي مسافة فعليه القصر باعتبار أن ما قطعه من المسافة مترددا يلغى من الحساب.

و تنص على ذلك موثقة عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ أو ستة فراسخ و يأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ أخرى أو ستة فراسخ لا يجوز ذلك،ثم ينزل في ذلك الموضع.قال:لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة…». 1

فإن قوله عليه السّلام:«لا يكون مسافرا…»نص في نفي السفر إلاّ إذا كان قاصدا طي المسافة الشرعية بكاملها و إلاّ فلا يجب عليه القصر و إن قطع أكثر من ثمانية فراسخ بدون القصد،و على هذا فإذا سافر إلى بلد بينه و بين بلده أو مقر إقامته المسافة و في أثناء الطريق عدل إلى بلد آخر يماثله في البعد و المسافة إذا كان ذلك فلا يضر،لأن العبرة إنما هي بنوع القصد و هو قصد المسافة المحددة شرعا فإنه شرط لوجوب القصر و لا خصوصية للشخص،و الفرض أن هذا العدول لا يضر بأصل القصد،و من هذا القبيل ما إذا قصد السفر إلى أحد مكانين لا بعينه و كانا متساويين في المسافة بينهما و بين بلده أو مقر إقامته فإنه ما دام بينه و بينهما مسافة القصر فلا يعتبر التعيين و التمييز لأن المناط إنما هو قصد المسافة النوعي و يتخير في مقام التطبيق.


 

1) <page number=”343″ />الوسائل ج 8 باب:4 من أبواب صلاة المسافر الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 344)


تردد أتم،و كذا إذا كان بعد بلوغ الأربعة لكن كان عازما على عدم العود أو كان مترددا في أصل العود و عدمه أو كان عازما على العود لكن بعد نية الاقامة هناك عشرة أيام،و أما إذا كان عازما على العود من غير نية الاقامة عشرة أيام فيبقى على القصر و إن لم يرجع ليومه،بل و إن بقي مترددا إلى ثلاثين يوما،نعم بعد الثلاثين مترددا يتم.

[مسألة 22:يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع و إن عدل عن الشخص]

[2253]مسألة 22:يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع و إن عدل عن الشخص،كما لو قصد السفر إلى مكان مخصوص فعدل عنه إلى آخر يبلغ ما مضى و ما بقي إليه مسافة،فإنه يقصّر حينئذ على الأصح،كما أنه يقصّر لو كان من أول سفره قاصدا للنوع دون الشخص،فلو قصد أحد المكانين المشتركين في بعض الطريق و لم يعين من الأول أحدهما بل أو كل التعيين إلى ما بعد الوصول إلى آخر الحد المشترك كفى في وجوب القصر.

[مسألة 23:لو تردد في الأثناء ثم عاد إلى الجزم]

[2254]مسألة 23:لو تردد في الأثناء ثم عاد إلى الجزم فإما أن يكون قبل قطع شيء من الطريق أو بعده ففي الصورة الاولى يبقى على القصر إذا كان ما بقي مسافة و لو ملفقة،و كذا إن لم يكن مسافة في وجه،لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع(1)،و أما في الصورة الثانية فإن كان ما بقي مسافة
بل الأظهر فيه هو البقاء على القصر،فإن المسافر إذا لم يقطع شيئا من الطريق لدى الحيرة و التردد فمعناه أنه قطع المسافة المحددة بكاملها عن قصد و عزم بدون الحيرة و التردد في المضي على قصده أو العود إلى بلده،فإذا عاد إلى قصده الأول و عزم على مواصلة سفره فهو استمرار للسفر الأول و مواصلة له و ليس سفرا جديدا على أساس أن مجموع ما طواه سابقا و ما يطويه لاحقا يكون عن قصد

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 345)


و لو ملفقة يقصّر أيضا و إلا فيبقى على التمام،نعم لو كان ما قطعه حال الجزم أولا مع ما بقي بعد العود إلى الجزم بعد إسقاط ما تخلل بينهما مما قطعه حال التردد مسافة ففي العود إلى التقصير وجه،لكنه مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع(1).

[مسألة 24:ما صلاّه قصرا قبل العدول عن قصده لا يجب إعادته]

[2255]مسألة 24:ما صلاّه قصرا قبل العدول عن قصده لا يجب إعادته
و عزم و لم يطو شيئا من المسافة في حالة الحيرة و التردد.

و إن شئت قلت:ان المعتبر في وجوب القصر هو أن يقصد المسافر قطع المسافة المحددة بكاملها،و عليه فالتحير و التردد إن كان في أثناء القطع و الحركة بأن يقطع شيئا من المسافة لدى الحيرة و التردد فهو يتنافى مع قصد المسافة بالكامل،إذ حينئذ لم يطو المسافة تماما عن قصد و عزم،مع أنه شرط لوجوب القصر و إن كان في الآن المتخلل بين أجزاء القطع و الحركة في طول المسافة المحددة لم يضر،إذ لا يعتبر استمرار القصد في الآن المتخلل بينها،و إنما المعتبر استمراره في نفس تلك الحركات التدريجية و الطولية.

مر أن الأظهر فيه هو التمام،لأن المسافر إذا قطع شيئا من المسافة المحددة عند الحيرة و التردد،أو العزم على العود ثم عاد إلى قصده الأول فهو مانع عن الاتصال،لأن ما يقطعه من المسافة بعد العود إلى الجزم بمواصلة السفر لا يكون بقاء و استمرارا لما قطعه أولا من مسافة مع العزم،لأن ما قطعه لدى الحيرة و التردد أو العزم على العود إلى مقره مانع عن الاتصال بينهما،فإذن بطبيعة الحال أن ما يقطعه من مسافة بعد أن عاد إلى الجزم فهو سفر جديد باعتبار تجدد الرأي له فيه فينظر حينئذ إليه،فإن كان يبلغ مسافة و لو بضم الاياب و الرجوع إليه قصر،و أما إذا لم يبلغ حتى بضم الاياب فيتم و إن كان الأحوط و الأجدر أن يجمع بين القصر و التمام.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 346)


في الوقت فضلا عن قضائه خارجه(1).

في عدم الوجوب إشكال بل منع،و الأظهر وجوب الاعادة في الوقت و القضاء خارج الوقت،و ذلك لأن صحيحة زرارة قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده فدخل عليه الوقت و قد خرج من القرية على فرسخين فصلوا و انصرف بعضهم في حاجة فلم يقض له الخروج ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين؟قال:تمت صلاته و لا يعيد…» 1و إن كانت تدل على تمامية صلاته قصرا و عدم وجوب إعادتها عليه بعد عدوله عن مواصلة السفر و العود إلى بلده،و من هنا لو كنا نحن و هذه الصحيحة لقلنا بان موضوع وجوب القصر هو التلبس بالسفر و إن لم يستمر إلى تمام المسافة بالكامل،كما هو الحال في قصد الاقامة،إلاّ أن هذه الصحيحة معارضة بقوله عليه السّلام في صحيحة أبي ولاّد:«و إن كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فإن عليك أن تقضي كل صلاة صليتها في يومك ذلك بالتقصير بتمام» 2فإنه ناص في وجوب إعادة ما صلاة قصرا بعد العدول عن مواصلة السفر و العود إلى بلده على أساس ان الأمر بالاعادة إرشاد إلى بطلانها،فمن أجل ذلك لا يمكن الجمع العرفي الدلالي بينهما بحمل الأمر بالقضاء في صحيحة أبي ولاّد على الاستحباب على أساس ان ذلك مبني على أن الأمر بالقضاء أمر مولوي،و أما إذا كان إرشاديا-كما هو كذلك-فلا مجال لهذا الحمل.

و دعوى ان المشهور بما أنهم قد عملوا بصحيحة زرارة و اعرضوا عن صحيحة أبي ولاّد فتسقط الصحيحة الثانية عن الحجية.

مدفوعة بما ذكرناه في علم الأصول من أنه لا يمكن تبرير هذه الدعوى صغرى و كبرى،فمن أجل ذلك لا أثر لها،فإذن تصلح أن تعارض صحيحة زرارة، و بما أنه لا ترجيح في البين فتسقطان معا فيرجع إلى العام الفوقي و هو الروايات


 

1) <page number=”346″ />الوسائل ج 8 باب:23 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.
2) الوسائل ج 8 باب:5 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 347)


[الرابع:أن لا يكون من قصده في أول السير أو في أثنائه إقامة عشرة أيام قبل بلوغ الثمانية]

الرابع:أن لا يكون من قصده في أول السير أو في أثنائه إقامة عشرة أيام قبل بلوغ الثمانية،و أن لا يكون من قصده المرور على وطنه كذلك، و إلا أتم لأنّ الاقامة قاطعة لحكم السفر،و الوصول إلى الوطن قاطع لنفسه، فلو كان من قصده ذلك من حين الشروع أو بعده لم يكن قاصدا للمسافة، و كذا يتم لو كان مترددا في نية الاقامة(1)أو المرور على الوطن قبل بلوغ
التي تنص على تحديد موضوع وجوب القصر بثمانية فراسخ شرعية،و مقتضى ذلك أن من قطع دون المسافة المحددة فلا موضوع للقصر،فإذا صلى قصرا و الحال هذه بطلت صلاته و وجبت عليه إعادتها تماما في الوقت و خارجه.

فالنتيجة:مقتضى القاعدة أن المسافر إذا صلى قصرا في الطريق ثم عدل و بنى على العود إلى بلده قبل بلوغه أربعة فراسخ هو بطلان صلاته،و أن وظيفته هي التمام في الواقع دون القصر،لأن موضوع القصر هو قطع المسافة بكاملها،فإذا صنع ذلك وجبت عليه إعادة الصلاة تماما مطلقا حتى فيما إذا علم بالحال في خارج الوقت.

بل الظاهر أنه يقصر للفرق بين أن يشك المسافر في أنه هل سيمر في أثناء قطع المسافة بوطنه و بين أن يشك في أنه هل سيقيم في بلد على الطريق قبل بلوغ المسافة على أساس أن المرور بالوطن أثناء السير قاطع للسفر،فإذا مر على وطنه و لو قاصدا اجتيازه منه لمواصلة سفره انتهى بذلك حكم القصر بانتهاء موضوعه و هو السفر و لا يعود حكمه إلاّ بخروجه من وطنه إذا تحقق منه سفر جديد بقدر المسافة،و أما قصد الاقامة في بلد فهو قاطع لحكم القصر دون موضوعه و هو السفر على أساس أن المقيم في بلد مسافر حقيقة و لا يعد من أهل ذلك البلد،غاية الأمر ان المسافر إذا قصد الاقامة في بلد عشرة أيام كان حكمه حكم أهل ذلك البلد لا أنه صار من أهله و خرج عن كونه مسافرا،و لا دليل على أن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 348)


……….

محل الاقامة كالوطن من تمام الجهات.

و على ضوء ذلك فإذا قصد المسافر المسافة و سافر و هو يشك في أنه هل سيقيم في بلد على الطريق عشرة أيام قبل إكمال المسافة،أو هل سيبقى فيه شهرا بدون قصد الاقامة،ثم انصرف عن ذلك في أثناء الطريق و استمر في مواصلة سفره إلى أن أكمل المسافة،فإنه يقصر على أساس أن شكه و تردده في ذلك لا يتنافي مع كونه قاصدا للسفر بقدر المسافة باعتبار أن قصد الاقامة قاطع لحكم السفر.

مثال ذلك:نجفي يقصد السفر إلى الشامية فسافر و هو يشك في أنه هل سيقيم في بلد على الطريق قبل بلوغ المسافة كأبي صخير-مثلا-عشرة أيام أو لا؟ فإنه إذا انصرف أثناء السير و واصل سفره إلى أن أكمل المسافة كان حكمه القصر دون التمام باعتبار أنه قاصد من الأول السفر بقدر المسافة و الشك المذكور لا ينافيه،فإذا انصرف عن الإقامة في الطريق و استمر في سفره إلى أن أكملت المسافة فحكمه القصر،بل من هذا القبيل أيضا إذا كان عازما في ابتداء السفر على الاقامة في الطريق قبل إكمال المسافة ثم انصرف عن ذلك في الأثناء و أكمل المسافة باعتبار أن العزم على الاقامة لا ينافي قصده السفر بقدر المسافة من أول الأمر فإنه عازم على الاتيان بالقاطع لحكم القصر دون موضوعه،فإن تحقق فلا حكم للقصر،و الاّ فهو ثابت بثبوت موضوعه،و كذلك الأمر أيضا إذا وصل المسافر إلى مكان قبل إكمال المسافة و أراد أن يقيم فيه عشرة أيام لحسن منظره و طيب مناخه،و بنى على الاقامة فيه ثم انصرف و عدل عن عزمه عليها و واصل سفره إلى أن أكمل المسافة،فإن حكمه القصر تطبيقا لما تقدم،و هذا بخلاف ما إذا شك المسافر في أنه هل سيمر بوطنه في أثناء الطريق قبل إكمال المسافة أو لا فإنه يتنافى مع كونه قاصدا للسفر الشرعي على أساس أن المرور بالوطن قاطع للسفر

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 349)


الثمانية،نعم لو لم يكن ذلك من قصده و لا مترددا فيه إلا أنه يحتمل عروض مقتض لذلك في الأثناء لم يناف عزمه على المسافة فيقصّر(1)، نظير ما إذا كان عازما على المسافة إلا أنه لو عرض في الأثناء مانع من لص أو عدو أو مرض أو نحو ذلك يرجع،و يحتمل عروض ذلك،فإنه لا يضر بعزمه و قصده(2).

و مع الشك في المرور به أثناء السير و احتماله،فلا يمكن أن يكون قاصدا للسفر بقدر المسافة من أول الأمر فمن أجل ذلك يكون حكمه التمام.

في اطلاق ذلك إشكال بل منع لأن المسافر إن احتمل في أثناء الطريق حدوث ما يدعوه على المرور بوطنه و بلدته قبل إكمال المسافة،فإن كان الاحتمال ضعيفا بدرجة يكون المسافر واثقا و متأكدا بعدم حدوثه في الاثناء فلا أثر له و هو يبقى على حكم القصر و إن كان الاحتمال بمرتبة لم يكن المسافر معه واثقا و مطمئنا بعدم حدوثه كان مانعا عن قصد السفر بقدر المسافة و معه تكون وظيفته التمام دون القصر،و أما إذا كان يحتمل في أثناء السير و قبل بلوغ المسافة حدوث ما يدعوه إلى الاقامة في مكان على الطريق فهو لا يضر لما مرّ من ان احتماله و إن كان عقلائيا الاّ أنه لا يتنافى مع كونه قاصدا للسفر الشرعي،بل قد مر أنه لو كان عازما عند ابتداء السفر على أن يقيم عشرة أيام في الطريق قبل بلوغ المسافة ثم انصرف عن ذلك و واصل سفره إلى أن أكمل المسافة لم يضر و كان حكمه القصر دون التمام.

هذا إذا كان احتمال المانع عن مواصلة السفر ضعيفا بدرجة يكون المسافر واثقا و متأكدا بعدم وجوده في الطريق،و أما إذا كان احتماله بمرتبة لا يكون معه واثقا و مطمئنا بالعدم فهو يتنافى مع عزمه على السفر بقدر المسافة فيكون حاله حال المرور بالوطن لا حال قصد الاقامة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 350)


[مسألة 25:لو كان حين الشروع في السفر أو في أثنائه قاصدا للإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية لكن عدل بعد ذلك عن قصده]

[2256]مسألة 25:لو كان حين الشروع في السفر أو في أثنائه قاصدا للإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية لكن عدل بعد ذلك عن قصده(1)أو كان مترددا في ذلك و عدل عن ترديده إلى الجزم بعدم الأمرين فإن كان ما بقي بعد العدول مسافة في نفسه أو مع التلفيق بضم الاياب قصّر،و إلا فلا،فلو كان ما بقي بعد العدول إلى المقصد أربع فراسخ و كان عازما على العود و لو لغير يومه قصّر في الذهاب و المقصد و الاياب، بل و كذا لو كان أقل من أربعة،بل و لو كان فرسخا فكذلك على الأقوى من
مر أنه لا بد من التفصيل بين المرور بالوطن و قصد الاقامة لأن المسافر إذا كان عازما على المرور بوطنه في أثناء طي المسافة المحددة شرعا فمعناه أنه لم يكن عازما من أول الأمر للسفر بقدر المسافة و إن لم يمر فعلا لمانع منعه عن ذلك و قطع المسافة كلها بدون المرور عليه،و كذلك الحال إذا كان شاكا في المرور على بلدته و وطنه،فإنه مع هذا الشك ليس بإمكانه أن يكون قاصدا للسفر بقدر المسافة من البداية و إن لم يمر به في أثناء السير،و طوى المسافة بكاملها.و هذا بخلاف قصد الاقامة فإنه قاطع لحكم القصر دون موضوعه كما مر.

نعم إذا لم ينصرف عن عزمه على الاقامة في نصف الطريق و أقام فيه عشرة أيام أصبح سفره إلى محل الاقامة بلا أثر شرعي حيث أنه لا يكون بقدر المسافة، و إذا خرج منه بعد الاقامة كان خروجه سفرا جديدا لأن السفر إلى محل الاقامة يلغى من الحساب لانتهائه حكما بالاقامة،و عليه فإن كان الباقي بقدر المسافة و لو بضميمة الاياب و الرجوع إلى وطنه أو مقره كان حكمه القصر،و الاّ فالتمام.

و من هنا كان على الماتن قدّس سرّه أن يفرق بين المرور بالوطن في أثناء السير و بين قصد الاقامة في منتصف الطريق.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 351)


وجوب القصر في كل تلفيق(1)من الذهاب و الاياب و عدم اعتبار كون الذهاب أربعة أو أزيد كما مر.

[مسألة 26:لو لم يكن من نيته في أول السفر الاقامة أو المرور على الوطن و قطع مقدارا من المسافة]

[2257]مسألة 26:لو لم يكن من نيته في أول السفر الاقامة أو المرور على الوطن و قطع مقدارا من المسافة ثم بدا له ذلك قبل بلوغ الثمانية ثم عدل عما بدا له(2)و عزم على عدم الأمرين فهل يضم ما مضى إلى ما بقي إذا لم يكن ما بقي بعد العدول عما بدا له مسافة فيقصّر إذا كان المجموع
تقدم ان التلفيق إذا كان من ذهاب المسافر من وطنه أو مقره إلى البلد و رجوعه منه إليه فإن كان متساويين فلا إشكال في وجوب القصر و إلاّ فالأحوط وجوبا هو الجمع بين القصر و التمام،و أما إذا سافر الانسان إلى بلد يكون دون المسافة ثم بدا له أن يسافر منه إلى بلد آخر و يرجع من ذلك البلد إلى وطنه فإن كانا مجموع الذهاب من البلد الأول إلى الثاني و الاياب منه إلى الوطن مسافة شرعية وجب القصر و إن لم يكن الذهاب مساويا للإياب،و الاّ فالتمام.

مثال ذلك:نجفي نوى السفر إلى أبي صخير-مثلا-فسافر إليه ثم بدا له أن يسافر إلى الشامية فسافر ثم رجع منها إلى النجف،فإن كان مجموع ذهابه من أبي صخير إلى الشامية و رجوعه منها إلى النجف بقدر المسافة كفى في وجوب القصر، و لا يكون هذا من موارد اعتبار التساوي بين الذهاب و الاياب لانصراف النصوص عن ذلك.

مر انه لا بد من الفرق بين قصد الاقامة في أثناء الطريق قبل إكمال المسافة و بين المرور على الوطن قبل إكمالها حيث ان العزم على قصد الاقامة في نصف الطريق سواء أ كان في ابتداء السفر أم كان في أثنائه إذا انصرف عنه بعد ذلك و عدل و واصل سفره إلى أن أكمل المسافة فلا يضر.

فمن أجل ذلك لا بد من تخصيص المسألة بالمرور على الوطن.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 352)


مسافة و لو بعد إسقاط ما تخلل بين العزم الأول و العزم الثاني إذا كان قطع بين العزمين شيئا إشكال خصوصا في صورة التخلل،فلا يترك الاحتياط(1) بالجمع نظير ما مر في الشرط الثالث.

[الخامس من الشروط:أن لا يكون السفر حراما]

الخامس من الشروط:أن لا يكون السفر حراما،و إلا لم يقصّر سواء كان نفسه حراما كالفرار من الزحف و إباق العبد و سفر الزوجة بدون إذن الزوج في غير الواجب(2)و سفر الولد مع نهي الوالدين في غير
بل الأقوى هو التمام لما مر من أن ما طواه المسافر من الطريق عند الحيرة و التردد لا يحسب من المسافة المحددة لأنه فاقد لما هو المعتبر في وجوب القصر و هو قصد طي المسافة و قطعها بالكامل،و أما إذا عرض عليه التحير و التردد بعد أن طوى شيئا من المسافة فهو قاطع للاتصال بين ما طواه من المسافة أولا و ما يطويه منها لاحقا فلا يمكن الاتصال بينهما لا حقيقة فإنه غير معقول،و لا تنزيلا فإنه بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه،فإن مقتضى روايات الباب أن موضوع وجوب القصر هو عزم المسافر طي المسافة بكاملها فلا تشمل ما نحن فيه،فمن أجل ذلك تكون وظيفته التمام.

نعم،إذا لم يقطع شيئا من الطريق عند الحيرة و التردد فحكمه القصر كما مر.

في إطلاقه إشكال بل منع فإن سفرها إنما يكون محرما إذا كان موجبا لتفويت حق زوجها لا مطلقا،و أما إذا لم يكن موجبا لذلك فلا دليل على حرمته.

ثم ان السفر المحرم الموجب للتمام على أقسام:

الأول:أن يكون السفر بنفسه محرما كالفرار من الزحف،أو من أقسم أن لا يسافر في اليوم الفلاني،أو نهاه عنه من يجب عليه إطاعته كما إذا نهى المولى عبده عن السفر.

الثاني:أن يكون لغاية محرمة بأن يكون الغرض منه القيام بعمل محرم،كمن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 353)


الواجب(1)،و كما إذا كان السفر مضرا لبدنه(2)و كما إذا نذر عدم السفر مع رجحان تركه و نحو ذلك،أو كان غايته أمرا محرّما كما إذا سافر لقتل نفس محترمة أو للسرقة أو للزنا أو لإعانة ظالم أو لأخذ مال الناس ظلما و نحو ذلك،و أما إذا لم يكن لأجل المعصية لكن تتفق في أثنائه مثل الغيبة و شرب الخمر و الزنا و نحو ذلك مما ليس غاية للسفر فلا يجب التمام بل يجب معه القصر و الافطار.

[مسألة 27:إذا كان السفر مستلزما لترك واجب]

[2258]مسألة 27:إذا كان السفر مستلزما لترك واجب كما إذا كان مديونا و سافر مع مطالبة الديّان و إمكان الأداء في الحضر دون السفر و نحو ذلك
سافر لقتل نفس محترمة،أو سرقة أو إعانة الظالم على ظلمه،أو للتجارة بالخمر أو لشربها أو نحو ذلك،و أما إذا كان المستهدف منه و الباعث عليه غاية محللة في نفسها و لكن صادف فعل الحرام أو ترك الواجب في أثناء السفر فلا يكون من السفر المحرم.

الثالث:أن يكون للفرار من أداء الواجب الشرعي عليه،كفرار الدائن عن أداء الدين مع قدرته على الأداء و سفر الزوجة داخل في هذا القسم إذا كانت الزوجة تستهدف منه تفويت حق زوجها الواجب عليها شرعا.

في حرمته إشكال بل منع إذ لا دليل على أن نهي الوالدين بما هو نهي يوجب الحرمة.

نعم يجب عليه أن يعاشرهما معاشرة حسنة معروفة بمقتضى الكتاب و السنة،و لا تجب عليه تلك المعاشرة بالنسبة إلى غيرهما.

في إطلاقه إشكال بل منع إذ لا دليل على حرمة الاضرار بالنفس بتمام مراتبها،فإن المحرم إنما هو حصة خاصة منها و هي إلقاء النفس في التهلكة أو ما يتلو تلوها.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 354)


فهل يوجب التمام أم لا؟الأقوى التفصيل بين ما إذا كان لأجل التوصل إلى ترك الواجب أو لم يكن كذلك،ففي الأول يجب التمام دون الثاني،لكن الأحوط الجمع في الثاني(1).

[مسألة 28:إذا كان السفر مباحا لكن ركب دابة غصبية أو كان المشي في أرض مغصوبة]

[2259]مسألة 28:إذا كان السفر مباحا لكن ركب دابة غصبية أو كان المشي في أرض مغصوبة فالأقوى فيه القصر(2)،و إن كان الأحوط الجمع.

بل الأقوى هو القصر لأن الهدف من السفر و الباعث عليه ليس هو ترك الواجب كأداء الدين مع القدرة عليه ليكون السفر معصية،بل كان الهدف منه أمرا محللا و مشروعا كزيارة الحسين عليه السّلام أو زيارة الوالدين،أو عيادة مريض،أو إعانة مؤمن أو نحوها و لكن استلزم ذلك ترك واجب عليه و لا يصدق أن سفره بغاية المعصية ليكون مشمولا للنص.

هذا إذا كان السفر من أجل غاية مباحة و لكن ركب سيارة غصبية،أو مرّ في أرض مغصوبة فإنه و إن كان آثما الاّ أن سفره ليس سفر معصية فإن سفر المعصية متمثل في عنوانين..

أحدهما:أن يكون السفر بنفسه حراما و معصية.

و الآخر:أن تكون الغاية منه فعل الحرام،أو ترك الواجب،و الجامع فعل المعصية،و حيث أن شيئا من العنوانين لا ينطبق عليه فلا يكون من سفر المعصية لأن سفره و هو ابتعاده عن بلدته بنفسه لا يكون حراما و لا الغاية منه محرمة و إنما استخدم فيه وسيلة محرمة،أو طريقا محرما،فيكون الحرام هو التصرف في الوسيلة أو الطريق و هو مقارن لسفره خارجا لا أنه عنوان أو غاية له.

نعم إذا سرق الشخص سيارة أو دابة من أحد و ركبها و فرّ بها من يد صاحبها، فالظاهر أن سفره هذا سفر معصية على أساس أن الغاية الباعثة عليه إنما هي الاستيلاء على أموال الآخرين غصبا و عدوانا و تمكين نفسه من التصرف فيها

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 355)


[مسألة 29:التابع للجائر إذا كان مجبورا أو مكرها على ذلك]

[2260]مسألة 29:التابع للجائر إذا كان مجبورا أو مكرها على ذلك أو كان قصده دفع مظلمة أو نحوها من الأغراض الصحيحة المباحة أو الراجحة قصّر،و أما إذا لم يكن كذلك بأن كان مختارا و كانت تبعيته إعانة للجائر في جوره وجب عليه التمام و إن كان سفر الجائر طاعة،فإن التابع حينئذ يتم مع أن المتبوع يقصّر.

[مسألة 30:التابع للجائر المعد نفسه لامتثال أوامره لو أمره بالسفر فسافر امتثالا لأمره]

[2261]مسألة 30:التابع للجائر المعد نفسه لامتثال أوامره لو أمره بالسفر فسافر امتثالا لأمره،فإن عدّ سفره إعانة للظالم في ظلمه كان حراما و وجب عليه التمام و إن كان من حيث هو مع قطع النظر عن كونه إعانة مباحا،و الأحوط الجمع(1)،و أما إذا لم يعد إعانة على الظلم فالواجب عليه القصر.

[مسألة 31:إذا سافر للصيد]

[2262]مسألة 31:إذا سافر للصيد فإن كان لقوته و قوت عياله قصّر،بل و كذا لو كان للتجارة،و إن كان الأحوط فيه الجمع،و إن كان لهوا كما يستعمله أبناء الدنيا وجب عليه التمام(2)،و لا فرق بين صيد البرّ و البحر،
فيدخل حينئذ في السفر لغاية محرمة.

بل الأظهر هو التمام لأن سفره لما كان اعانة للظالم في ظلمه كما هو المفروض في المسألة فهو حرام يوجب التمام،فإذن لم يظهر وجه للاحتياط في المقام.

لا شبهة في أصل وجوب التمام عليه و إنما الكلام في أن وجوبه هل هو بملاك أن سفره من أجل الصيد اللهوي و إن لم يكن محرما،أو من أجل أنه محرم و مبغوض،فعلى الأول لا تكون هذه المسألة من صغريات مسألة سفر المعصية،و على الثاني تكون من صغريات تلك المسألة؟فيه وجهان:

الظاهر هو الثاني و ذلك لا من جهة قوله عليه السّلام في موثقة عبيد بن زرارة:«يتم

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 356)


……….

لأنه ليس بمسير حق…» 1فإنه بنفسه لا يدل على أنه محرم إذ لا دليل على أن كل ما ليس بحق فهو حرام بل من جهة أنه تضييع للمال و تفويت لحق الآخرين.

بيان ذلك:ان السفر من أجل الصيد إن كان بغاية الانتفاع به شخصيا أو اجتماعيا فلا شبهة في جوازه،و قد دل عليه الكتاب و السنة،و إن كان بغاية اللهو و الترف كما هو المتعارف بين أبناء الدنيا من الملوك و الرؤساء و المترفين فهو بما أنه تضييع للمال و تفويت لحق الآخرين فيكون مبغوضا و محرما و مسير باطل على أساس أن الصيد في البر و البحر حق لكافة آحاد الأمة و لا يحق لأي واحد منهم أن يمنع الآخر من القيام به و بذل الجهد و العمل للاستيلاء عليه باعتبار أن صيد الحيوان البحري و البري من إحدى الثروات المنقولة المعترف بها عند الإسلام، و نسبة أفراد الأمة إليها بكافة أصنافهم نسبة واحدة و لا يسوغ لأي فرد منهم أن يقوم بالاحتكار بها و هو استيلاء الفرد و سيطرته على مساحات كبيرة من الثروات المذكورة بدون إنفاق عمل و بذل جهد في سبيل السيطرة عليها و منع الآخرين من الانتفاع بها في تلك المساحات و على هذا الأساس فيحق لكل فرد أن يقوم بصيد الحيوان البري أو البحري و بذل الجهد في سبيل السيطرة عليه بغاية الانتفاع به شخصيا أو اجتماعيا و لا يحق أن يقوم به بغاية التلهى و الترف فإنه تضييع للمال و الثروة المشتركة بين افراد الأمة و تفويت لحقهم على أساس أن الإسلام كما لا يسمح للاحتكار بها كذلك لا يسمح لتضييعها فإنه تضييع لحق الآخرين بها،فمن أجل ذلك تكون هذه الغاية مبغوضة و محرمة فالسفر من أجلها سفر معصية و هو باطل و ليس بحق.

و من هنا يظهر أن قوله عليه السّلام في الموثقة:«لأنه ليس بمسير حق…»لا يدل على الحرمة في نفسه إذ لا ملازمة بين إن كل ما ليس بحق فهو محرم فإن كل لهو


 

1) <page number=”356″ />الوسائل ج 8 باب:9 من أبواب صلاة المسافر الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 357)


كما لا فرق بعد فرض كونه سفرا بين كونه دائرا حول البلد و بين التباعد عنه و بين استمراره ثلاثة أيام و عدمه على الأصح.

[مسألة 32:الراجع من سفر المعصية إن كان بعد التوبة يقصّر]

[2263]مسألة 32:الراجع من سفر المعصية إن كان بعد التوبة يقصّر،و إن كان مع عدم التوبة فلا يبعد وجوب التمام عليه(1)لكون العود جزءا من
باطل و ليس بحق مع أنه ليس بمحرم كذلك.فإذن لا تدل الموثقة على حرمة السفر للصيد اللهوي.

فالنتيجة:ان من سافر للصيد من أجل اللهو بقدر المسافة المحددة شرعا فعليه أن يتم في الذهاب و أما الاياب فإن كان وحده بقدر المسافة فيقصر فيه لأنه ليس من السفر للصيد اللهوي.نعم إذا لم يكن بقدر المسافة كما إذا رجع من طريق آخر أقل من المسافة يتم.

بل هو بعيد،و الأظهر وجوب القصر إذا كان رجوعه وحده بقدر المسافة المحددة و لم يكن بنفسه محرما و لا من أجل غاية محرمة كما هو المفروض في المسألة،فعندئذ لا مقتضي لوجوب التمام.

و دعوى:ان الرجوع بما أنه جزء من الذهاب و ليس سفرا آخر جديدا فيكون محكوما بحكمه و هو التمام…

خاطئة:بأن موضوع وجوب التمام هو سفر معصية سواء أ كان بنفسه معصية أم كان من أجل معصية،فالحكم يدور مدار هذا العنوان حدوثا و بقاء،و بما أنه يصدق على الذهاب فيترتب عليه حكمه و هو التمام،و أما العود فإذا لم يكن حراما بنفسه و لا من أجل غاية محرمة لم يصدق عليه عنوان سفر المعصية، فيرجع فيه حينئذ إلى اطلاقات أدلة وجوب القصر.

فالنتيجة:ان الحكم يدور مدار هذا العنوان وجودا و عدما لا مدار كون الرجوع جزءا من الذهاب أو أنه سفر مستقل،فإنه لا معنى لكون الاياب جزءا من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 358)


سفر المعصية،لكن الأحوط الجمع حينئذ.

[مسألة 33:إباحة السفر كما أنها شرط في الابتداء شرط في الاستدامة أيضا]

[2264]مسألة 33:إباحة السفر كما أنها شرط في الابتداء شرط في الاستدامة أيضا،فلو كان ابتداء سفره مباحا فقصد المعصية في الأثناء انقطع ترخصه و وجب عليه الاتمام و إن كان قد قطع مسافات(1)،و لو لم
الذهاب الاّ بلحاظ أن المجموع إذا كان بقدر المسافة الشرعية كان المجموع موضوعا لوجوب القصر و كل منها جزء الموضوع،و أما إذا كان الاياب وحده بقدر المسافة المحددة فهو موضوع مستقل.فإن صدق عليه حينئذ عنوان السفر للصيد اللهوي فحكمه التمام و الاّ فالقصر.و من المعلوم عدم الفرق في ذلك بين توبته عن المعصية أم بقائه مصرا عليها،فإن التوبة إنما تكون رافعة لآثار المعاصي السابقة على أساس ما ورد من«إن التائب عن ذنبه كمن لا ذنب له» 1و لا تؤثر في الاعمال الآتية،و على هذا فإن كان رجوعه إلى بلده سائغا فحكمه القصر سواء أ تاب أم لم يتب،إذ لا يحتمل أن يكون ترك التوبة و الاصرار على المعصية يجعل العمل السائغ غير سائغ و الرجوع معصية.

فإذن لا يرجع التفصيل بين أن يكون رجوعه قبل التوبة أو بعدها إلى معنى محصل.

في الوجوب إشكال و الأحوط و الأجدر لزوما أن يجمع بين القصر و التمام فيصلي كلا من الظهر و العصر و العشاء مرة قصرا و أخرى تماما شريطة أن يكون التحول إلى المعصية بعد قطع المسافة المحددة بكاملها.

مثال ذلك:نجفي سافر إلى بغداد بفرض شراء أشياء محلّلة و الاتجار بها و بعد طي المسافة بكاملها تبدل رأيه و بنى على شراء أشياء محرمة و الاتجار بها فيتحول سفره إلى سفر المعصية،و حينئذ فإن صلى في الطريق قصرا صح لأن السفر الشرعي قد تحقق منه و لا موجب لإعادته،و ما دام لم يبدأ بسفر المعصية


 

1) <page number=”358″ />الوسائل ج 16 باب:86 من أبواب جهاد النّفس و ما يناسبه الحديث:8.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 359)


……….

و لم يتلبس به فعلا يبقى على القصر،و أما إذا بدأ بسفر المعصية فعلا فهل يكون مشمولا لإطلاق ما دل على وجوب الصلاة تماما على من يكون سفره سفر المعصية أو لا؟فيه إشكال،لأن عمدة الدليل على المسألة صحيحة عمار بن مروان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سمعته يقول من سافر قصر و أفطر إلاّ أن يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية اللّه أو رسول لمن يعصى اللّه،أو في طلب عدو، أو شحناء،أو سعاية،أو ضرر على قوم من المسلمين» 1و لكن عمومها للمقام لا يخلو عن تأمل لأن الظاهر من الاستثناء فيها أن من كان سفره في بدايته معصية و كان بقدر المسافة المحددة هو المستثنى،و الخارج من عموم أدلة وجوب القصر على المسافر،و أما من كان سفره في بدايته مباحا ثم تحول إلى المعصية بعد طي المسافة بالكامل فهو غير مشمول لظاهر الصحيحة،و عليه فلا دليل على استثنائه من عموم تلك الأدلة.

و دعوى القطع بعدم الفرق بين أن يكون سفره في بدايته معصية أو تحول إلى المعصية بقاء بعد قطع المسافة بالتمام عهدتها على مدعيها باعتبار أن دعوى القطع بعدم الفرق بين الصورتين مبنية على القطع بأن ملاك وجوب التمام موجود في الصورة الثانية أيضا،و هو لا يمكن بعد قصور الدليل في مقام الاثبات.فمن أجل ذلك فالأحوط وجوبا أن يجمع بين القصر و التمام إذا بدأ بسفر محرم و تلبس به فعلا بعد أن تحولت نيته من الحلال إلى الحرام.نعم إذا كان التحول إلى المعصية في أثناء الطريق قبل اكمال المسافة فالظاهر وجوب التمام عليه إذا كان الباقي مسافة.

و النكتة فيه أن هذا التحول بما أنه قبل طي المسافة بالكامل يهدم السفر الشرعي و هو ثمانية فراسخ و يجعل ما طواه من المسافة كالعدم و لا أثر له فإذن


 

1) <page number=”359″ />الوسائل ج 8 باب:8 من أبواب صلاة المسافر الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 360)


يقطع بقدر المسافة صح ما صلاة قصرا،فهو كما لو عدل عن السفر و قد صلى قبل عدوله قصرا حيث ذكرنا سابقا أنه لا يجب إعادتها(1)،و أما لو كان ابتداء سفره معصية فعدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان الباقي مسافة فلا إشكال في القصر(2)و إن كانت ملفقة من الذهاب و الاياب،بل و إن لم
يكون بادئا بسفر المعصية بقدر المسافة المحددة و لا يكون هذا بقاء للسفر الشرعي،و عليه فلا مانع من شمول الصحيحة له.

مر في المسألة(24)أن الأظهر وجوب إعادة الصلاة تامة في وقتها أن بقي و إن فات أتى بها تامة في خارج الوقت،و كذلك الحال في المقام فإن المسافر إذا كان سفره في بدايته مباحا ثم يتحول إلى سفر المعصية في أثناء المسافة و قبل إكمالها،فإن هذا التحول بما أنه قبل طي المسافة بكاملها يهدم السفر الشرعي و عليه فإن صلى قصرا قبل ذلك وجبت إعادتها تامة في الوقت،و إن فات وجب قضاؤها كذلك في خارج الوقت.

هذا شريطة أن يبدأ بالسفر المباح فعلا،و أما قبل أن يبدأ به فتكون وظيفته الاتمام،فإذا أراد أن يصلي صلى تماما.

مثال ذلك:من سافر سفر المعصية إلى بلد كبغداد-مثلا-و بعد وصوله إلى الحلة تحول قصده من الحرام إلى الحلال،فإنه ما لم يبدأ بالسفر المباح فعلا و أراد أن يصلي الظهر-مثلا-صلى تماما باعتبار أنه مسافر لحد الآن سفر الحرام و مجرد تبدل نيته من الحرام إلى الحلال لا يوجب زوال هذا العنوان عنه ما لم يتلبس خارجا بالسفر المباح،و إذا بدأ به قصّر و إن كان في داخل البلد و لم يخرج منه، و كذلك الحال إذا وصل إلى مقصده كبغداد ثم أراد أن يرجع إلى وطنه كالنجف مثلا فإنه ما دام لم يتلبس بالسفر المباح و لم يبدأ به فإذا أراد أن يصلى صلى تماما، و أما إذا بدأ بالسفر المباح صلى قصرا و لا يتوقف وجوب القصر على خروجه من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 361)


يكن الذهاب أربعة على الأقوى(1)،و أما إذا لم يكن مسافة و لو ملفقة فالأحوط الجمع بين القصر و التمام،و إن كان الأقوى القصر بعد كون مجموع ما نواه بقدر المسافة و لو ملفقة(2)،فإن المدار على حال العصيان
بغداد باعتبار أنه مسافر فيه غاية الأمر أنه غيّر نيته من الحرام إلى الحلال.

هذا هو المتعين و لا حاجة إلى استعمال كلمة(بل)لما مر من أن اعتبار كون الذهاب و الاياب متساويين إنما هو فيما إذا ذهب شخص من وطنه أو مقره ثم رجع إليه،فإنه في مثل ذلك اعتبر جماعة التساوي بينهما و إلاّ فلا قصر،و أما الماتن قدّس سرّه فقد قوى عدم اعتباره،و قد تقدم منا أن الأحوط وجوبا في فرض عدم التساوي بينهما أن يجمع بين القصر و التمام فيصلي كلا من الظهر و العصر و العشاء مرة قصرا و أخرى تماما.و أما إذا ذهب إلى بلد دون المسافة فإذا وصل إليه بدا له أن يسافر منه إلى بلد آخر و منه يرجع إلى بلده و حينئذ فإن كان الذهاب إلى ذلك البلد و الرجوع إلى بلده بقدر المسافة وجب القصر و إن كان الذهاب إلى البلد المذكور ثلاثة فراسخ أو أقل و الرجوع إلى وطنه أو مقره خمسة فراسخ أو أكثر و لا يعتبر في مثل ذلك التساوي،فإنه على تقدير اعتباره إنما يعتبر فيما إذا كان بلد الذهاب و الاياب واحدا،و أما إذا كان بلد الاياب غير بلد الذهاب فلا دليل على اعتباره.

بل الأظهر هو التمام لأن الروايات التي تنص على وجوب التمام على المسافر إذا كان سفره سفر المعصية تنص على أن المراد من السفر هو السفر الشرعي يعني ثمانية فراسخ،و الاّ فلا موضوع للبحث عن ان وظيفته التمام أو القصر،و لا حاجة إلى هذه الروايات في وجوب التمام عليه لأن الأدلة الأولية كافية لإثبات وجوبه،فإذن لا محالة تكون هذه الروايات مخصصة لإطلاقات روايات القصر،و استثناء سفر المعصية من السفر المطلق في صحيحة عمار بن مروان ناص في هذا التقييد،و على هذا فإذا سافر بنية المعصية و في أثناء الطريق و بعد قطع

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 362)


و الطاعة فما دام عاصيا يتم،و ما دام مطيعا يقصّر من غير نظر إلى كون البقية مسافة أو لا.

[مسألة 34:لو كانت غاية السفر ملفقة من الطاعة و المعصية فمع استقلال داعي المعصية لا إشكال في وجوب التمام]

[2265]مسألة 34:لو كانت غاية السفر ملفقة من الطاعة و المعصية فمع استقلال داعي المعصية لا إشكال في وجوب التمام سواء كان داعي الطاعة أيضا مستقلا أو تبعا،و أما إذا كان داعي الطاعة مستقلا و داعي المعصية تبعا أو كان بالاشتراك ففي المسألة وجوه،و الأحوط الجمع(1)،و إن كان لا يبعد
المسافة بالكامل عدل عن هذه النية و نوى العمل المباح انتفى موضوع الدليل المخصص فإن موضوعه مقيد بنية المعصية،و حينئذ فإن كان الباقي بقدر المسافة و لو بضميمة الرجوع إلى بلده كان مشمولا لإطلاقات أدلة وجوب القصر،و إلاّ فالمرجع فيه العام الفوقي و هو إطلاقات أدلة وجوب التمام،فالنتيجة من ضم الروايات التي تنص على وجوب التمام إذا كان السفر سفر المعصية إلى اطلاقات أدلة وجوب القصر في السفر هي تقييد موضوعها بحصة من السفر و هي التي لا تكون معصية اللّه تعالى شريطة أن تكون تلك الحصة بقدر المسافة الشرعية و إلاّ فلا مقتضي لوجوب القصر،و عليه فما ذكره الماتن قدّس سرّه لا يرجع بالتحليل إلى معنى صحيح.

بل الظاهر هو التفصيل بين ما إذا كانت الغاية من السفر مجموع الطاعة و المعصية و ما إذا كانت الغاية له الطاعة فحسب و لكن المعصية كانت داعية في طول السفر لا مقدمة له فعلى الأول يكون حكمه التمام حيث يصدق عليه أن سفره هذا سفر معصية باعتبار أن ارتكاب المجموع غير جائز،و على الثاني يكون حكمه القصر.

مثال ذلك:نجفي سافر إلى بغداد-مثلا-من أجل غاية مباحة و لكنه يحدث نفسه بأنه إذا وصل إليه و حصلت الغاية المنشودة له شرب كأسا من الخمر فيكون

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 363)


وجوب التمام خصوصا في صورة الاشتراك بحيث لو لا اجتماعهما لا يسافر.

[مسألة 35:إذا شك في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الاباحة]

[2266]مسألة 35:إذا شك في كون السفر معصية أو لا مع كون الشبهة موضوعية فالأصل الاباحة إلا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة أو كان هناك أصل موضوعي كما إذا كانت الحلية مشروطة بأمر وجودي كإذن المولى و كان مسبوقا بالعدم،أو كان الشك في الاباحة و العدم من جهة الشك في حرمة الغاية و عدمها و كان الأصل فيها الحرمة.

[مسألة 36:هل المدار في الحلية و الحرمة على الواقع أو الاعتقاد أو الظاهر من جهة الأصول؟]

[2267]مسألة 36:هل المدار في الحلية و الحرمة على الواقع أو الاعتقاد أو الظاهر من جهة الأصول؟إشكال،فلو اعتقد كون السفر حراما بتخيل أن الغاية محرّمة فبان خلافه كما إذا سافر لقتل شخص بتخيل أنه محقون الدم فبان كونه مهدور الدم فهل يجب عليه إعادة ما صلاة تماما أو لا؟و لو لم يصلّ و صارت قضاء فهل يقضيها قصرا أو تماما؟وجهان،و الأحوط الجمع،و إن كان لا يبعد كون المدار على الواقع إذا لم نقل بحرمة التجري، و على الاعتقاد إن قلنا بها،و كذا لو كان مقتضى الأصل العملي الحرمة و كان الواقع خلافه أو العكس فهل المناط ما هو في الواقع أو مقتضى الأصل بعد كشف الخلاف؟وجهان،و الأحوط الجمع،و إن كان لا يبعد كون المناط هو الظاهر(1)الذي اقتضاه الأصل إباحة أو حرمة.

ذلك داعيا في طول السفر فلا يمكن أن يكون محركا له.

بل هو بعيد فإن الظاهر على ما يستفاد من نصوص الباب أن العبرة إنما هي بالواقع المنجز فإن قوله عليه السّلام في صحيحة عمار:«أو في معصية اللّه…» 1ظاهر في المعصية الواقعية المنجزة باعتبار أن الصحيحة تدل على أن المسافر جعلها غاية


 

1) <page number=”363″ />الوسائل ج 8 باب:8 من أبواب صلاة المسافر الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 364)


[مسألة 37:إذا كانت الغاية المحرّمة في أثناء الطريق لكن كان السفر إليه مستلزما لقطع مقدار آخر من المسافة]

[2268]مسألة 37:إذا كانت الغاية المحرّمة في أثناء الطريق لكن كان السفر إليه مستلزما لقطع مقدار آخر من المسافة فالظاهر أن المجموع يعد من سفر المعصية(1)بخلاف ما إذا لم يستلزم.

[مسألة 38:السفر بقصد مجرد التنزه ليس بحرام]

[2269]مسألة 38:السفر بقصد مجرد التنزه ليس بحرام و لا يوجب التمام.

[مسألة 39:إذا نذر أن يتم الصلاة في يوم معين أو يصوم يوما معينا]

[2270]مسألة 39:إذا نذر أن يتم الصلاة في يوم معين أو يصوم يوما معينا
لسفره و هدفا له و هذا يدل على أنه عالم بها و ملتفت إليها و لا يكون معذورا فيها، و على هذا فإذا كان جاهلا بالواقع عن عذر لم يصدق على سفره من أجلها أنه سفر المعصية حتى يكون مشمولا لنصوص الباب،و أما إذا لم يكن لها واقع الاّ في عالم الذهن و الخيال فلا يصدق على سفره أنه سفر المعصية لفرض أنه لا معصية في الواقع،و المعصية الخيالية لا أثر لها،و أما ان هذا السفر تجرّ على المولى فهو و إن كان صحيحا إلاّ أنه لا يكشف عن مبغوضية الفعل المتجرى به في الخارج حتى يكون محرما.

فالنتيجة:أن العبرة إنما هي بالواقع المنجز لا بالواقع المجرد و لا بالواقع الخيالي و لا بالظاهر من دون مطابقته للواقع،و بذلك يظهر حال ما ذكره الماتن قدّس سرّه في المسألة.

في إطلاقه إشكال بل منع،و الصحيح هو التفصيل،فإن استلزام سفر المعصية لقطع مقدار آخر من المسافة إن كان بملاك توقف الوصول إلى الغاية المحرمة على قطع هذا المقدار من المسافة أيضا فلا إشكال في أنه جزء من سفر المعصية،و حكمه فيه التمام،و إن كان بملاك أن سفره إلى بلد كالحلة-مثلا-من أجل غاية محرمة يستلزم سفره منه إلى بلد آخر لسبب ما فهو ليس بسفر المعصية و حكمه فيه القصر إن كان بقدر المسافة و لو بضميمة الاياب.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 365)


وجب عليه الاقامة(1)،و لو سافر وجب عليه القصر على ما مر من أن السفر المستلزم لترك واجب لا يوجب التمام إلا إذا كان بقصد التوصل إلى ترك الواجب(2)،و الأحوط الجمع.

هذا إذا كان المنذور هو الصلاة تماما في يوم معين فإنه يجب بحكم العقل الاقامة في مكان للوفاء بالنذر،و أما إذا كان المنذور الصوم في يوم معين فلا تجب الاقامة و يجوز السفر و الإفطار في ذلك اليوم و يصوم بدله يوما آخر،و يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن مهزيار:«قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الأيام كلها و يصوم يوما بدل يوم إن شاء اللّه…». 1

قد يقال كما قيل:إن متعلق النذر إن كان الصلاة تماما بشروطها الشرعية و منها ترك السفر كان نذرها منحلا إلى نذر شرطها و هو ترك السفر،فإذن يكون السفر من سفر المعصية و يترتب عليه وجوب التمام،و لا يلزم المحذور المذكور، و إن كان متعلق النذر مطلق التمام و إن لم يكن واجدا لشروطه الشرعية كان النذر باطلا لأنه إذا لم يكن واجدا لها فهو غير مشروع.

و الجواب:ان متعلق النذر هو أجزاء الصلاة المقيدة بشروطها فالتقيد بها داخل في متعلقة دونها،و بما أن الوجوب المتعلق بها فعلي فيكون باعثا و محركا للمكلف نحو تحصيل شروطها و منها ترك السفر و الاقامة فيه كالوجوب الأصلي المتعلق بها في حال الحضر،فإنه يوجب انبعاث المكلف نحو تحصيل شروطها التي يتوقف الاتيان بالصلاة عليها،فإذن لا معنى للقول بأن نذرها يكون نذرا لترك السفر،أو أنه منحل إلى نذرين أحدهما متعلق بالصلاة تماما و الآخر بترك السفر.

فيه انه لا يمكن أن يكون الحكم فيه التمام حيث يلزم من فرض وجوب التمام عدم وجوبه باعتبار ان الهدف من هذا السفر بما انه الفرار من الواجب و هو الصلاة المنذورة تماما و ترك الاتيان به فهو من سفر المعصية و حكمه


 

1) <page number=”365″ />الوسائل ج 10 باب:10 من أبواب من يصحّ منه الصّوم الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 366)


[مسألة 40:إذا كان سفره مباحا لكن يقصد الغاية المحرّمة في حواشي الجادة فيخرج عنها لمحرّم و يرجع إلى الجادة]

[2271]مسألة 40:إذا كان سفره مباحا لكن يقصد الغاية المحرّمة في حواشي الجادة فيخرج عنها لمحرّم و يرجع إلى الجادة فإن كان السفر لهذا الغرض كان محرّما موجبا للتمام،و إن لم يكن كذلك و إنما يعرض له قصد ذلك في الأثناء فما دام خارجا عن الجادة يتم(1)و ما دام عليها يقصّر(2)، كما أنه إذا كان السفر لغاية محرّمة و في أثنائه يخرج عن الجادة و يقطع
فيه التمام،فإذا كان الحكم فيه التمام فلازمه أن لا يكون الهدف منه الفرار من الواجب،و معه لا يكون هذا السفر من سفر المعصية،فإذا لم يكن فحكمه فيه القصر،و هذا معنى أنه يلزم من فرض وجوب التمام عليه عدم وجوبه.

فالنتيجة:ان الهدف من هذا السفر إذا كان الفرار من الواجب فهو و إن كان من سفر المعصية إلاّ أنه لا يمكن أن يكون مشمولا لإطلاق ما دل على وجوب التمام فيه،حيث يلزم من فرض كونه مشمولا له عدمه.

في الاتمام إشكال بل منع إذا كان الخروج عن الجادة أقل من المسافة، فإنه غير مشمول لإطلاق ما دل على وجوب التمام في سفر المعصية،و أما إذا كان بقدر المسافة فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن يجمع بين القصر و التمام لما مر في التعليق الأول على المسألة(33)من المناقشة في شمول دليل سفر المعصية لهذه الحالة،و هي ما إذا كان السفر في بدايته مباحا و لكنه يتحول إلى المعصية في أثناء الطريق بعد إكمال طي المسافة.

هذا إذا كان الباقي بعد الرجوع إلى الجادة بقدر المسافة المحددة،و أما إذا كان الأقل فالأحوط وجوبا هو الجمع بين القصر و التمام على أساس احتمال أن سفر المعصية إذا لم يكن بقدر المسافة لم يهدم السفر الشرعي،بل هذا الاحتمال هو المستظهر من الدليل،و لكن مع ذلك فالأجدر و الأحوط وجوبا الجمع بين القصر و التمام.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 367)


المسافة أو أقل لغرض آخر صحيح يقصّر ما دام خارجا(1)،و الأحوط الجمع في الصورتين.

[مسألة 41:إذا قصد مكانا لغاية محرّمة فبعد الوصول إلى المقصد قبل حصول الغرض يتم]

[2272]مسألة 41:إذا قصد مكانا لغاية محرّمة فبعد الوصول إلى المقصد قبل حصول الغرض يتم،و أما بعده فحاله حال العود عن سفر المعصية(2) في أنه لو تاب يقصّر،و لو لم يتب يمكن القول بوجوب التمام لعدّ المجموع سفرا واحدا(3)،و الأحوط الجمع هنا و إن قلنا بوجوب القصر في العود بدعوى عدم عدّه مسافرا قبل أن يشرع في العود.

[مسألة 42:إذا كان السفر لغاية لكن عرض في أثناء الطريق قطع مقدار من المسافة لغرض محرم منضما إلى الغرض الأول]

[2273]مسألة 42:إذا كان السفر لغاية لكن عرض في أثناء الطريق قطع
مر عدم وجوب التقصير فيما إذا كان السفر المباح أقل من المسافة.

نعم إذا كان السفر الحرام أيضا أقل منها و لكن المجموع كان بقدر المسافة وجب الجمع بين القصر و التمام على الأحوط على أساس قصور دليل كل من السفر الحلال و الحرام لمثل المقام،فإذن مقتضى العلم الإجمالي بوجوب أحدهما في هذا الحال هو الجمع بينهما بأن يصلي مرة قصرا و أخرى تماما.

فيه إشكال بل منع لأن بقاءه في المقصد بعد تحقق الهدف و هو الغاية المحرمة ليس من السفر المباح لكي يترتب عليه حكمه و هو وجوب القصر ما لم يبدأ به فعلا على أساس أن موضوع وجوب القصر هو السفر الذي لا يكون بمعصية،و عليه فما دام هو في المقصد و لم يبدأ بالعود و الرجوع إلى وطنه فحكمه التمام لأنه من سفر الحرام،و هو لا ينتهي الاّ بالبدء بالسفر المباح،فإذا بدأ به يقصر منذ البداية،و لا يتوقف على الخروج من البلد،كما لا يتوقف على أن يتوب و يؤوب إلى اللّه تعالى،أو يبقى مصرا على معصيته.

بل لا شبهة فيه لأن البقاء في المقصد بعد تحقق الغاية المحرمة جزء من سفر الحرام و لا ينتهى الاّ بالبدء بالسفر المباح.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 368)


مقدار من المسافة لغرض محرّم منضما إلى الغرض الأول فالظاهر وجوب التمام في ذلك المقدار من المسافة(1)لكون الغاية في ذلك المقدار ملفقة من الطاعة و المعصية،و الأحوط الجمع خصوصا إذا لم يكن الباقي مسافة.

[مسألة 43:إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلى الطاعة]

[2274]مسألة 43:إذا كان السفر في الابتداء معصية فقصد الصوم ثم عدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان العدول قبل الزوال وجب الافطار(2)،و إن
هذا إذا كان بقدر المسافة الشرعية بشرط أن يكون ما قطعه أولا من الطريق قبل ذلك كان أقل منها،و إن لم يكن الأقل فالأحوط وجوبا أن يجمع في ذلك المقدار بين القصر و التمام،و أما إذا كان المقدار المذكور أقل من المسافة فحينئذ إن كان ما قطعه أولا من الطريق يحقق السفر الشرعي فلا قيمة لهذا المقدار لما مر من أنه لا يهدم السفر الشرعي،و من هنا لا فرق بين أن يكون الباقي مسافة أو لا،فإن وظيفته القصر على كلا التقديرين في هذه الصورة و إن لم يكن ما قطعه أولا بقدر المسافة و لكن مجموع ما طواه من السفر الحلال و الحرام بقدرها فعندئذ هل أن وظيفته الاحتياط بالجمع بين الاتيان بالقصر مرة و التمام مرة أخرى،أو الاتيان بالقصر فقط؟

قد يقال بالأول،بدعوى أن كلا من السفرين لما لم يحقق السفر الشرعي لم يكن شيء منهما مشمولا لإطلاق الدليل،فإذن مقتضى العلم الإجمالي بوجوب الصلاة عليه في هذه الحالة هو الاحتياط.

و لكن الأظهر هو الثاني،لأن سفر المعصية مستثنى من السفر الشرعي المحدد بثمانية فراسخ شريطة أن يكون بقدر المسافة الشرعية،و أما إذا كان أقل منها فلا دليل على استثنائه لقصور دليله عن شمول ذلك،فإذن يبقى تحت اطلاق الدليل العام.و لكن مع ذلك كان الاحتياط فيه هو الأولى و الأجدر.

في إطلاقه إشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل فإنه إن عدل إلى

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 369)


……….

السفر الحلال بعد ان قطع المسافة بكاملها و كان عدوله قبل الزوال فإن كان الباقي حينئذ مسافة شرعية وجب الافطار شريطة ان يبدأ بالسفر المباح فعلا،نعم لا يتوقف الافطار على الخروج من البلد،و إنما يبدأ حكمه منذ بداية سفره المباح، و لا يجوز قبل أن يبدأ به،و إن لم يكن الباقي مسافة شرعية وجب البقاء على الصوم حيث ان المقتضي للإفطار هو السفر المباح بقدر المسافة و المفروض عدمه،و إن كان عدوله إلى السفر المباح بعد الزوال وجب البقاء على الصوم إن لم يكن الباقي مسافة بعين ما مر،و إن كان الباقي مسافة فمقتضى إطلاقات أدلة جواز الافطار في السفر عدم الفرق بين أن يكون السفر قبل الزوال أو بعده،و لكن هذه الاطلاقات قد قيدت بالروايات التي تنص على التفصيل بين أن يخرج قبل الزوال أو بعده،فعلى الأول يفطر،و على الثاني يتم.و بما أن مورد هذه الروايات هو أن الصائم إذا بدأ بالسفر قبل الزوال فليفطر،و إذا بدأ به بعد الزوال فليتم فلا يشمل المقام إذ لا يصدق عليه أنه بدأ بالسفر بعد الزوال لفرض انه كان قد بدأ بالسفر بغاية محرمة ثم عدل بعد الزوال إلى غاية محللة فهو مواصلة لسفره الأول و إبقاء له،و التحول إنما هو في قصد الغاية،فمن أجل ذلك يكون المرجع في المقام هو العام الفوقي، و مقتضاه جواز الافطار مطلقا و لو كان بعد الزوال،و لكن مع ذلك كان الاحتياط بالبقاء على الصوم هو الأجدر.

و إن عدل إلى السفر المباح قبل أن يقطع المسافة بالكامل،فإن كان قبل الزوال و كان الباقي مسافة شرعية وجب الافطار،و الا فلا يبعد وجوبه أيضا لما مر من المناقشة في شمول اطلاق دليل سفر المعصية له إذا لم يكن بقدر المسافة، و مع ذلك كان الأجدر و الأحوط هو الجمع بينهما.و إن كان بعد الزوال فالأظهر هو جواز الافطار شريطة أن يكون الباقي مسافة تطبيقا لما تقدم،و الاّ فالأحوط وجوبا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 370)


كان بعده ففي صحة الصوم و وجوب إتمامه إذا كان في شهر رمضان مثلا وجهان،و الأحوط الاتمام و القضاء،و لو انعكس بأن كان طاعة في الابتداء و عدل إلى المعصية في الأثناء فإن لم يأت بالمفطر و كان قبل الزوال صح صومه(1)،و الأحوط قضاؤه أيضا(2)،و إن كان بعد الاتيان بالمفطر أو بعد
هو الجمع بين إتمام الصوم و القضاء بعد ذلك،و بذلك يظهر حال ما ذكره الماتن (قده)في المسألة.

في الصحة إشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل في المسألة،فإن التحول إلى سفر المعصية إن كان قبل طي المسافة بالكامل فالأظهر هو صحة صومه باعتبار أن التحول إلى سفر المعصية إن كان قبل إكمال المسافة فهو يهدم السفر الشرعي و حكمه حينئذ أن يتم صومه بلا فرق بين أن يكون التحول قبل الزوال أو بعده و لا قضاء عليه شريطة عدم إتيانه بالمفطر،و إن كان بعد طي المسافة بكاملها لم يصح صومه لما استظهرناه في المسألة(33)من أن مثل هذه الصورة غير مشمول لإطلاق دليل سفر المعصية،فإنه حينئذ ليس مأمورا بالصوم بعد التحول في النية إذ لا دليل على أن التحول فيها بمثابة الوصول إلى الوطن أو المقر، فإذا تحول و كان قبل الزوال و لم يأت بالمفطر وجب أن ينوي الصوم لأن النص مورده المسافر الذي يصل إلى وطنه أو محل إقامته قبل الزوال من دون الاتيان بشيء من المفطرات و حيث أن الحكم يكون على خلاف القاعدة فالتعدي عن مورده إلى سائر الموارد بحاجة إلى قرينة و لا قرينة لا في نفس النص و لا من الخارج.

فالنتيجة:انه غير مأمور بالصوم في الصورة المذكورة،بل وظيفته فيها القضاء و إن كان الأجدر و الأولى أن يبقى على الصوم ثم يقضي.

بل هو الأقوى إذا كان العدول إلى سفر المعصية بعد طي المسافة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 371)


الزوال بطل(1)،و الأحوط إمساك بقية النهار تأدبا إن كان من شهر رمضان.

[مسألة 44:يجوز في سفر المعصية الاتيان بالصوم الندبي]

[2275]مسألة 44:يجوز في سفر المعصية الاتيان بالصوم الندبي،و لا يسقط عنه الجمعة و لا نوافل النهار و الوتيرة،فيجري عليه حكم الحاضر.

[السادس من الشرائط:أن لا يكون ممن بيته معه]

السادس من الشرائط:أن لا يكون ممن بيته معه،كأهل البوادي من العرب و العجم الذين لا مسكن لهم معينا بل يدورون في البراري و ينزلون في محل العشب و الكلأ و مواضع القطر و اجتماع الماء لعدم صدق المسافر عليهم،نعم لو سافروا لمقصد آخر من حج أو زيارة أو نحوهما قصّروا،و لو سافر أحدهم لاختبار منزل أو لطلب محل القطر أو العشب و كان مسافة ففي وجوب القصر أو التمام عليه إشكال،فلا يترك الاحتياط بالجمع(2).

بكاملها كما مر.

هذا فيما إذا كان العدول بعد طي المسافة بالكامل،و أما إذا كان قبل طيّها و لم يأت بالمفطر فالظاهر هو صحة صومه على أساس أن السفر الشرعي الموجب للإفطار لم يتحقق منه إلى حين العدول و العدول يهدم السفر الشرعي كما مر،و حينئذ يكون مأمورا بالصوم من جهة ما مر من أنه لا قصور في إطلاق دليل سفر المعصية لشمول مثل المقام،و قد أشرنا الآن أن التحول ليس كالوصول إلى الوطن حتى يختلف حكمه باختلاف كونه قبل الزوال أو بعده.

بل الظاهر وجوب القصر عليه لأنه ما دام في بيته و يدور معه من منزل إلى آخر و من مكان إلى ثان لا يصدق أنه مسافر عرفا لأن بيته بمثابة المقر و الوطن له حيث أن توطنه على وجه الأرض يكون كذلك،و عليه فإذا خرج من بيته الكذائي و ابتعد عنه إلى ما دون المسافة كان كمن خرج من بلده أو مقره إليه،فلا يصدق أنه مسافر،و إذا خرج منه إلى المسافة المحددة صدق أنه مسافر.

و إن شئت قلت:ان بيوت هؤلاء بيوت غير مستقرة فهي كالبيوت المستقرة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 372)


[السابع:أن لا يكون ممن اتخذ السفر عملا و شغلا له]

السابع:أن لا يكون ممن اتخذ السفر عملا و شغلا له،كالمكاري و الجمّال و الملاّح و الساعي و الراعي و نحوهم،فإن هؤلاء يتمون الصلاة و الصوم في سفرهم الذي هو عمل لهم(1)

لأنهم ما داموا فيها فهم في بيوتهم،و إذا خرجوا منها إلى ما دون المسافة فلا قيمة له،و إذا خرجوا بقدر المسافة المحددة شرعا قصروا سواء أ كان خروجهم بغاية الزيارة و نحوها أو بغاية أخرى كاختيار منزل أو جمع الكلاء و العشب و نحو ذلك، فلا يصدق على الاعراب الذين يسكنون في البوادي و يدورون فيها من محل إلى آخر طوال السنة،أو في فصل خاص عنوان المسافر،فيكون خروجهم من إطلاقات أدلة وجوب القصر على المسافر بالتخصص لا بالتخصيص.و على هذا فوجوب التمام عليهم يكون على القاعدة فلا يحتاج إلى دليل،هذا إضافة إلى أن قوله عليه السّلام في موثقة عمار:«لا،بيوتهم معهم…» 1يدل على ذلك.

الظاهر أنه قدّس سرّه أراد بذلك الأعم من أن يكون نفس السفر عملا لهم مباشرة كالسائق فإن عمله سياقة السيارة،و الطيار و الملاح و المكاري و الجمال و نحوهم،أو يكون السفر مقدمة لعملهم الذي اتخذوه مهنة لهم و لا يتاح لهم أن يمارسوا ذلك العمل أو المهنة الاّ بالسفر كالجابي و الراعي و الاشتقان و التاجر الذي يدور في تجارته و الأمير الذي يدور في امارته حيث ان سفر هؤلاء مقدمة لعملهم و مهنتهم.

فالنتيجة:ان المستثنى من إطلاقات وجوب القصر و الافطار على المسافر بالسفر الشرعي هو من اتخذ السفر عملا و شغلا له بنفسه و مباشرة،أو مقدمة لما هو عمل و شغل له،و أما من لم يكن السفر عملا له بأحد المعنيين فلا تكون وظيفته التمام و الصيام،كمن يقطع المسافة الشرعية كل يوم بغاية التنزه و قضاء الوقت،أو بغاية الزيارة للمشاهد المشرفة أو الأقرباء باستمرار و لو في طول السنة فإنه لا يعتبر


 

1) <page number=”372″ />الوسائل ج 8 باب:11 من أبواب صلاة المسافر الحديث:5.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 373)


……….

هذا السفر عملا و مهنة له لا بالمباشرة و لا بالواسطة،و لذا لو سئل عما هو عمل هذا الشخص؟فلا يقال أن عمله التنزه أو زيارة المشاهد المشرفة،و على هذا من يشتغل كسائق أجرة أو لدى شخص و لو مجانا و تبرعا تعتبر السياقة عملا و مهنة له، فإذن تكون العبرة بما إذا اعتبر السفر لدى العرف العام عملا للشخص بنفسه و مباشرة أو بالواسطة و مقدمة،و لا عبرة بكثرة السفر ما لم يعتبر عملا و حرفة له.

و تطبيق ذلك يتطلب بيان الحالات التالية:

الأولى:ان من كانت مهنته السفر كالسائق و يشتغل بسيارته بين النجف و بغداد فيكفي في وجوب التمام عليه أن يشتغل بها في كل أسبوع بل أسبوعين مرة واحدة،فإن وظيفته فيه التمام في الطريق و المقصد،لأن المعيار انما هو بصدق هذا العنوان لا بكثرة السفر خارجا.

الثانية:ان من كانت مهنته شيئا آخر غير السفر و لكن يسافر من أجل أن يمارس مهنته و عمله في السفر،كما إذا كانت مهنته في بلدة أخرى تبعد عن بلدته بقدر المسافة.

مثال ذلك:نجفي يشتغل في الحلة-مثلا-كطبيب أو مدرس أو طالب جامعي أو عامل أو موظف أو نحو ذلك،فإنه إن كان يسافر إلى هناك في كل يوم و يرجع إلى بلدته بعد انتهاء عمله يتم لا على أساس أن السفر هو عمله بل على أساس ان السفر من أجل أن يمارس عمله هناك و يزاول مهنته كالتدريس أو معالجة المرضى أو نحوهما من دون أن يقرر اتخاذ الحلة مقرا و وطنا له،و على ضوء ذلك فإن لم يتخذ الحلة مقرا و وطنا له فوظيفته التمام فيها و في الطريق ذهابا و ايابا،و إن اتخذها مقرا له كما إذا قرر أن يبقى فيها أربع سنين أو أكثر فحينئذ تعتبر الحلة وطنا اتخاذيا له و يترتب عليها تمام أحكام الوطن و منها وجوب الإتمام.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 374)


……….

فاذن يكون وجوب الاتمام عليه في الحلة باعتبار أنه متواجد في وطنه لا باعتبار أن السفر فيها من أجل أن يمارس عمله هناك.و أما في الطريق بين النجف و الحلة ذهابا و ايابا فوظيفته القصر حتى فيما إذا كان سفره فيه بين يوم و آخر.

و النكتة فيه:ان الوارد في روايات الباب عناوين خاصة كعنوان الجابي و الراعي و الاشتقان و التاجر الذي يدور في تجارته و نحوها،و بما ان السفر في هذه العناوين الخاصة حالة عامة للمسافر فلا يمكن التعدي عنها إلى سائر الموارد إلاّ إذا كان السفر في مورد حالة عامة للمسافر فيه،و نقصد بكون السفر حالة عامة له كونه مسافرا في تمام حالاته في الطريق ذهابا و ايابا و في المقصد،و اما إذا لم يكن في المقصد مسافرا كما إذا كان مقرا و وطنا له فانه متى وصل اليه انتهى سفره و يكون من المتواجد في وطنه،و انما يكون مسافرا في الطريق ذهابا و ايابا فحسب، فاذن لا يكون السفر حالة عامة له لكي يمكن التعدي عن مورد تلك الروايات اليه.

و إن شئت قلت:ان التعدي عن مورد هذه الروايات إلى سائر الموارد بحاجة إلى قرينة و إن كانت القرينة هي الارتكاز العرفي القائم على عدم الفرق،و على ذلك فإذا كانت سائر الموارد مماثلة لمواردها،و هذا يعني ان السفر إذا كان حالة عامة للشخص و إن لم ينطبق عليه شيء من العناوين المنصوصة فلا مانع من التعدي على أساس ان المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية ضابط عام و هو ان كل من اتخذ السفر مهنة و عملا له اما بنفسه أو بعنوان المقدمة و الوسيلة كحالة عامة فوظيفته التمام.

و على ضوء ذلك فمن كان ساكنا في بلدة كقم و كانت مهنته و عمله في بلدة أخرى كطهران سواء أ كان ذلك الشخص طبيبا أم مهندسا أو طالبا جامعيا أو مدرسا أو عاملا أو موظفا أو نحو ذلك فإن اتخذ طهران مقرا و وطنا له،كما إذا بنى على أنه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 375)


……….

يبقى فيه أربع سنين أو أكثر فعندئذ إذا سافر إليه انتهى سفره بدخوله فيه باعتبار أنه دخول في الوطن و هو هادم للسفر و قاطع فيتم فيه بملاك أنه متواجد في وطنه لا بملاك أن السفر مهنته و شغله فلا يكون السفر حينئذ حالة عامة له لكي يكون مشمولا لروايات الاستثناء،فمن أجل ذلك يقصر في الطريق ذهابا و إيابا و إن كان في الاسبوع مرتين أو أكثر لأن ذلك لا يكون من عناصر الضابط العام،و لا يوجد دليل آخر يدل على أن كثرة السفر بنفسها موضوع لوجوب التمام.

و إن لم يتخذ طهران مقرا و وطنا له على أساس أنه يسافر إليه في كل يوم من أجل أن يمارس مهنته و شغله فيه،و إذا انتهى منها عاد إلى بلدته،أو ان شغله في بلاد متفرقة و يكون في كل بلدة مدة خاصة كسنة أو أقل،فمن أجل ذلك لا تعتبر تلك البلاد جميعا وطنا اتخاذيا له،فإن كونها كذلك يتوقف على أن لا يكون مكثه في كل منها أقل من أربع سنين فإذا لم يتخذه وطنا و مقرا له أما من أجل أنه لا ينسجم مع متطلبات شغله و مهنته،أو أنه لا يريد ذلك وجب عليه الاتمام في المقصد و في الطريق ذهابا و إيابا باعتبار أنه ممن عمله السفر شرعا.

و من هذا القبيل ما إذا كان الشخص يسافر إلى طهران أو إلى بغداد مثلا و يبقى فيه أسبوعا من أجل عمله ثم يرجع إلى بلدته يوم الجمعة فإن عليه القصر هناك و في الطريق ذهابا و إيابا،و لا فرق فيه بين الطالب الذي يسافر من أجل دراسة هناك و بين الطبيب و المهندس و الموظف و العامل و الجندي.

فالنتيجة:ان روايات المسألة تحدد مركز وجوب التمام في خصوص المسافر الذي يتخذ السفر من أجل أن يمارس عمله و مهنته كحالة عامة للعمل، و أما إذا لم يكن سفره حالة عامة لعمله فلا يكون مشمولا لها،فعندئذ تكون وظيفته القصر بمقتضى اطلاقات أدلته.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 376)


……….

الثالثة:إن من كان يسافر إلى بغداد مثلا من أجل مهنته و عمله هناك فله حالتان:

إحداهما:أن يعود إلى وطنه و أهله في مساء كل يوم،أو في كل أسبوع مرة واحدة على نحو لا يبقى فيه عشرة أيام و يظهر حكم هذه المسألة مما مر.

و الأخرى:أن يعود إلى وطنه بعد عشرة أيام،أو في كل أسبوعين مرة واحدة،أو في كل شهر أو أكثر،و في هذه الحالة إذا كانت مدة عمله تنتهى في سنة أو أقل فهل عليه التمام في بغداد و في الطريق ذهابا و إيابا؟أو ان عليه التمام في بغداد فحسب دون الطريق فإن وظيفته فيه القصر؟

قد يقال بالثاني،بدعوى أن وجوب التمام عليه في بغداد على أساس أنه كان يعلم باقامة عشرة أيام فيه لا على أساس أن عمله السفر،فتكون الاقامة فيه كاتخاذه مقرا و وطنا له فلا يكون مسافرا فيه،و عليه فالسفر ليس حالة عامة لعمله، و معه لا يكون من عناصر الضابط العام المتقدم.

و الجواب:أن هذه الدعوى مبنية على الخلط بين كون البلد وطنا للمسافر، و كونه محل إقامته،فإنه على الأول إذا وصل إليه انتهى سفره فيكون من المتواجد في وطنه،و على الثاني انتهى حكم السفر فيكون من المسافر المقيم،و عليه فبما أنه في الفرض الثاني مسافر و كان سفره من أجل ممارسة عمله و مهنته يكون وجوب التمام مستندا إليه في المرتبة السابقة على الاقامة دونها.

و على الجملة فمقتضى اطلاق الروايات التي تنص على وجوب التمام على الراعي و التاجر الذي يدور في تجارته و الأمير الذي يدور في أمارته و نحوهم عدم الفرق بين أنهم قرروا المكث في مكان عشرة أيام أو لا،فإن وجوب التمام مستند إلى سفرهم الذي هو حالة عامة لعملهم سواء كانوا يمكثون في مكان عشرة أيام أم

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 377)


……….

لا،و كذلك الحال في المقام فإن وجوب التمام مستند إلى سفره الذي هو حالة عامة لعمله في المقصد و الطريق سواء أ كان بانيا على الاقامة في المقصد عشرة أيام أم لا،و عليه فإذا ظل باقيا في بغداد مدة لا تقل عن سبعة أشهر أو أقل أو أكثر من أجل ممارسة مهنته إلى أن ينتهى منها فوظيفته التمام سواء أ كان يبقى فيه طيلة هذه المدة بشكل مستمر أم منقطع بأن يعود إلى بلده في آخر كل أسبوع مرة مثلا باعتبار أن بقاءه فيه طيلة هذه المدة لا يهدم سفره فيكون وجوب التمام مستندا إلى أن شغله و عمله في السفر،و إذا سافر هذا الرجل من بغداد إلى بلد آخر بقدر المسافة فإن كان مرتبطا بشغله و عمله يتم و الاّ فيقصر،و من هذا القبيل الجندي المكلف أو المتطوع فإنه إذا لم يكن له مقر خاص و ينتقل دائما من مكان إلى آخر و من منطقة إلى أخرى يتم في تمام هذه المقرات طيلة المدة،و إذا كان له مقر خاص لمزاولة عمله و مهنته فيه و كان يبقى فيه مدة لا تكفي تلك المدة لاعتباره وطنا له عرفا كسنة أو أكثر أو أقل يتم سواء يعود إلى بلده في مساء كل يوم أو في آخر كل أسبوع أو بعد كل شهر أو لا،و إذا سافر من مقر عمله فإن كان مرتبطا بعمله يتم و الاّ يقصر.

لحد الآن قد تبين أن الضابط العام في المسألة هو أن السفر إذا كان حالة عامة لعمل المسافر و مهنته في الطريق ذهابا و إيابا و في المقصد و هو مكان العمل و المهنة فعليه أن يتم في صلاته مطلقا شريطة أن لا يتخذ مكان العمل وطنا له بأن لا يقرر البقاء فيه أربع سنين أو أكثر،و الاّ وجب القصر في الطريق ذهابا و إيابا و إن كان الذهاب و الاياب فيه كثيرا،بل و إن كان في كل يوم بأن يذهب من بلدته صباحا إلى مقر عمله و يقضى عمله فيه ثم يرجع مساء إلى بلدته فإنه يتم في مقر عمله باعتبار أنه وطن آخر له و يقصر في الطريق ذهابا و رجوعا لما مر من أنه غير داخل

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 378)


……….

في الضابط العام المستفاد من روايات المسألة و هو أن يكون سفره حالة عامة لعمله و إن كانت رعاية الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام في الطريق في صورة كثيرة الذهاب و الاياب أولى و أجدر.كما أن السفر إذا كان حالة عامة لعمله لا فرق بين أن يرجع من مكان عمله إلى بلدته في كل أسبوع مرة،أو في كل أسبوعين مرة، أو في كل شهر أو شهرين فإنه ما دام هو مسافر فوظيفته التمام فيه و في الطريق ذهابا و ايابا،فإذن لا عبرة بكثرة السفر نهائيا.

الرابعة:إذا قرر طالب جامعي مثلا البقاء في بغداد لإكمال دراسته سنتين و هو يبعد عن بلدته بقدر المسافة الشرعية و شك في كفاية ذلك في كونه مقرا و وطنا له،أو أنه لا يزال مسافرا فيه و لم يصر من أهله،و نتيجة هذا الشك تظهر في الطريق،فإن البقاء فيه في تلك المدة المحدودة إن كفى في جعله مقرا و وطنا له عرفا فعليه أن يقصر في صلاته في الطريق ذهابا و إيابا،و إن لم يكف يتم في الطريق كذلك،و بما أنه يشك في أنه مسافر فيه أو أنه متواجد في وطنه فيعلم حينئذ إجمالا أما بوجوب القصر عليه في الطريق أو التمام،و مقتضى هذا العلم الإجمالي هو الاحتياط بالجمع بين القصر و الاتمام في الطريق ذهابا و إيابا بأن يصلي فيه مرة قصرا و أخرى تماما بلا فرق بين أن يكون الشك من جهة الشبهة المفهومية أو الموضوعية،و أما في بغداد فوظيفته فيه التمام على كلا التقديرين،غاية الأمر أنه على التقدير الأول بملاك أنه متواجد في وطنه،و على التقدير الثاني بملاك أنه مسافر سفره لممارسة شغله و عمله في تلك المدة.

فالنتيجة:ان في موارد الشك في أنه مسافر في هذه البلدة أو متوطن فيها من جهة الشك في أن المكث فيها في مدة محددة كسنتين أو أقل أو أكثر هل يكفي في كونه من أهل تلك البلدة؟أو لا يكفى و أنه لا يزال بعد مسافرا،فلا بد من الاحتياط

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 379)


……….

في الطريق بالجمع بين القصر و التمام للعلم الإجمالي بوجوب أحدهما.

الخامسة:ان السفر إذا كان مقدمة لعمله فهو إنما يكون موضوعا لوجوب التمام شريطة أن يصدق عليه أنه مهنته و شغله،فإذا لم يصدق عليه ذلك فالسفر من أجل ممارسته لا يكون موضوعا له كالسفر للتنزه أو للزيارة أو نحوهما مما لا يعد عرفا شغلا و عملا فإنه سفر اعتيادي و إن كثر.

السادسة:أنه لا يكفي في وجوب التمام أن يشتغل بمهنته في ضمن سفره للزيارة أو للتنزه أو نحو ذلك من دون اتخاذه مقدمة لها،إذ حينئذ لا يصدق أن شغله و مهنته في السفر.

السابعة:أن من يزاول السفر من أجل عمله على أساس ارتباط ذلك العمل بالسفر،فكما أنه يتم في صلاته في مقر العمل و في الطريق ذهابا و إيابا فكذلك يتم في صلاته في كل سفر مرتبط بعمله و مهنته،كما إذا انكسرت سيارته في الطريق و توقف إصلاحها على يد عامل فني و هو في بلد يبعد عن هذا المكان بقدر المسافة فإنه حينئذ بحاجة إلى السفر إلى ذلك البلد،فإذا سافر إليه فعليه أن يتم في الذهاب و الاياب على أساس أنه مرتبط بعمله و مهنته،و أما السفر الذي لا يتربط به فهو سفر اعتيادي فعليه أن يقصر.

الثامنة:لا فرق في وجوب التمام على من يكون عمله السفر بين أن يكون في طول السنة أو في أحد فصولها لأن المعيار إنما هو بصدق أن السفر هو عمله و مهنته،بل يكفي في ضمن شهرين أو الأقل إذا صدق ان هذا السفر هو عمله و مهنته،و من هذا القبيل سفر الحملدار فإنه يمارس سفره في ضمن شهر أو أكثر في موسم الحج في طول السنة،و بما أنه بدرجة من الأهمية يصدق عليه أن هذا هو عمله و مهنته.فالنتيجة:ان كل من يمارس السفر من أجل عمله و مهنته الاساسية

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 380)


و إن استعملوه لأنفسهم كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى مكان آخر،و لا فرق بين من كان عنده بعض الدواب يكريها إلى الأماكن القريبة من بلاده فكراها إلى غير ذلك من البلدان البعيدة و غيره،و كذا لا فرق بين من جدّ في سفره بأن جعل المنزلين منزلا واحدا و بين من لم يكن كذلك(1)،و المدار على صدق اتخاذ السفر عملا له عرفا و لو كان في سفرة
بدرجة يصدق أن مهنته و شغله في السفر فعليه أن يتم في صلاته و إن كانت طبيعة مهنته لا تتطلب السفر و لا تبتنى عليه كالوعظ و الخطابة و التجارة و نحوها من الاعمال و المهن التي لا تبتني على السفر،فإنه كما يمكن القيام بها في السفر يمكن القيام بها في الحضر،فإن الخطيب قد يستدعى إلى بلدة أخرى تبعد عن بلدته بقدر المسافة فيسافر فيها يوما أو يومين أو أكثر،و هذا يقصر في صلاته و كذلك الحال في سائر أصحاب المهن و الحرف،و لكن إذا اتخذ الخطيب أو النجار مهنته في السفر و يزاولها فيه بحيث يصدق ان عمله و شغله في السفر فعليه أن يتم،و لا فرق في ذلك بين أن يكون في معظم أوقات السنة أو في بعضها كالخطيب و الواعظ يمارس الخطابة و الوعظ في السفر أساسا في محرم و صفر و هكذا.

قد تلخص أن العبرة في وجوب التمام على المسافر في تمام حالاته إنما هي بكون السفر حالة عامة لعمله فلا عبرة بكثرة السفر و لا بطول زمان الاشتغال به.

هذا هو المشهور و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع،و الأظهر هو الفرق بينهما للروايات المقيدة التي تنص على ذلك.

و دعوى:ان المشهور قد اعرضوا عنها و هو يوجب سقوطها عن الاعتبار.

مدفوعة بما ذكرناه في علم الاصول من أن الاعراض إنما يوجب السقوط شريطة توفر أمرين..

الأول:أن يكون الاعراض من الفقهاء المتقدمين الذين يكون عصرهم في

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 381)


واحدة لطولها و تكرر ذلك منه من مكان غير بلده إلى مكان آخر،فلا يعتبر
نهاية المطاف متصلا بعصر أصحاب الائمة(عليهم السلام)فيتلقون الروايات منهم مباشرة.

الثاني:أن لا يكون في المسألة ما يحتمل أن يكون سببا و منشأ لاعراضهم عنها و عدم عملهم بها،و الاّ فلا يكون كاشفا عن النقص فيها.

و كلا الأمرين غير متوفر في المسألة،أما الأول فلأنه لا طريق إلى إحراز أن الفقهاء المتقدمين قد اعرضوا عنها لأن الطريق المباشر مفروض العدم،و أما غير المباشر فهو يتوقف على مقدمة خارجية و هي أن تكون لهم كتب استدلالية و كان بمقدورنا الوصول إليها و البحث و الفحص عنهما لكي نعرف أنهم قد اعرضوا عنها في المسألة.

و لكن هذه المقدمة غير متوفرة إما من جهة عدم وجود كتاب استدلالي حول المسألة لكل فرد منهم،أو من جهة عدم وصوله إلينا مع فرض وجوده،فإذن لا يمكن احراز إعراضهم عنها.و مجرد فتواهم في المسألة على خلاف تلك الروايات لا يدل على إعراضهم لأنه لازم الأعم لاحتمال أن يكون مستند فتواهم شيئا آخر دون سقوط هذه الروايات عن الحجية كترجيح الروايات العامة عليها لسبب من الاسباب،أو نحو ذلك.

و أما الثاني فلاحتمال أن يكون منشأ إعراضهم عنها و عدم عملهم بها ترجيح الروايات العامة في المسألة التي تدل على عدم الفرق بين من جد في سفره و من لم يجد فيه على هذه الروايات بسبب الشهرة أو نحو ذلك لا وجود النقص فيها و سقوطها عن الاعتبار في نفسها.

فالنتيجة:ان الأظهر هو الفرق بين الصورتين و إن كانت رعاية الاحتياط بالجمع بين القصر و التمام فيمن جد في سفره أولى و أجدر.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 382)


تحقق الكثرة بتعدد السفر ثلاث مرات أو مرتين،فمع الصدق في أثناء السفر الواحد أيضا يلحق الحكم و هو وجوب الاتمام،نعم إذا لم يتحقق الصدق إلا بالتعدد يعتبر ذلك.

[مسألة 45:إذا سافر المكاري و نحوه ممن شغله السفر سفرا ليس من عمله]

[2276]مسألة 45:إذا سافر المكاري و نحوه ممن شغله السفر سفرا ليس من عمله كما إذا سافر للحج أو الزيارة يقصّر،نعم لو حج أو زار لكن من حيث إنه عمله كما إذا كرى دابته للحج أو الزيارة و حج أو زار بالتبع أتم.

[مسألة 46:الظاهر وجوب القصر على الحملدارية]

[2277]مسألة 46:الظاهر وجوب القصر على الحملدارية(1)الذين يستعملون السفر في خصوص أشهر الحج،بخلاف من كان متخذا ذلك عملا له في تمام السنة كالذين يكرون دوابهم من الأمكنة البعيدة ذهابا و إيابا على وجه يستغرق ذلك تمام السنة أو معظمها فإنه يتم حينئذ.

[مسألة 47:من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس]

[2278]مسألة 47:من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس الظاهر وجوب التمام عليه،و لكن الأحوط الجمع(2).

في الظهور إشكال بل منع،و الأظهر وجوب التمام لما مر من أن الحملدارية مهنة الحملدار و شغله و إن كانت السفرة واحدة و في زمن قصير طول السنة الاّ أنها من جهة أهميتها يصدق عليها عرفا أنها مهنة له فتكون وظيفته حينئذ التمام في الطريق ذهابا و إيابا و في المقصد،و بذلك يظهر حال ما ذكره الماتن (قده).

هذا الاحتياط و إن كان استحبابيا الاّ أنه لا منشأ له أصلا،إذ لا شبهة في صدق العناوين المأخوذة في روايات الباب على من يتلبس بمبادئها في بعض فصول السنة لا في تمامها،فمن يكون شغله المكاراة في الصيف فقط فلا شبهة في صدق عنوان المكاري عليه،و من يكون شغله الرعي فيه فلا ريب في صدق عنوان

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 383)


[مسألة 48:من كان التردد إلى ما دون المسافة عملا له كالحطّاب و نحوه]

[2279]مسألة 48:من كان التردد إلى ما دون المسافة عملا له كالحطّاب و نحوه قصّر إذا سافر و لو للاحتطاب،إلا إذا كان يصدق عليه المسافر عرفا و إن لم يكن بحد المسافة الشرعية فإنه يمكن أن يقال بوجوب التمام عليه إذا سافر بحدّ المسافة(1)خصوصا فيما هو شغله من الاحتطاب مثلا.

[مسألة 49:يعتبر في استمرار من شغله السفر على التمام أن لا يقيم الإقامة في غير بلده]

[2280]مسألة 49:يعتبر في استمرار من شغله السفر على التمام أن لا يقيم
الراعي،بل المتعارف في المناطق الباردة أن الرعاية فصلية و ليست في تمام الفصول.

فالنتيجة:ان المعيار كما مر إنما هو بصدق أن السفر حالة عامة لعمله و هو قد يتحقق بسفرة واحدة لا تتجاوز شهرا كالحملدارية لقوافل الحجاج فإنه لا شبهة في صدق أنها عمله و مهنته عرفا،فلو اقتصر انسان عليها لكفى ذلك في صدق أن مهنته منحصرة بها.

بل هو بعيد جدا لوضوح أن روايات الباب بمختلف الالسنة تنص على أن السفر بقدر المسافة الشرعية و هي ثمانية فراسخ بكاملها يوجب القصر دون الأقل من ذلك و لو يسيرا و إن صدق على من سافر دون ذلك عنوان المسافر عرفا،لأن العبرة إنما هي بقطع هذه المسافة بالكامل دون صدق المسافر العرفي، و قد مر أن وجوب التمام إنما هو على من يكون السفر شغله و مهنته لا حالة اتفاقية له،و في ضوء ذلك إذا كان الشخص يمارس مهنته في داخل البلد و فيما دون المسافة و لكن قد يحدث اتفاقا ما يستدعي سفره إلى بلدة أخرى بقدر المسافة الشرعية لما يرتبط بمهنته و شغله،ففي هذه الحالة تكون وظيفته القصر إذا سافر إلى تلك البلدة على أساس أن هذه السفرة حالة اتفاقية و ليس مبنيا عليها،و لا فرق في ذلك بين الحطاب و السائق و النجار و الحداد و ما شاكل ذلك.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 384)


في بلده أو غيره عشرة أيام(1)،و إلا انقطع حكم عملية السفر و عاد إلى
في اعتبار ذلك إشكال بل منع،و الأظهر وجوب التمام عليه و إن كان سفره من بلد بعد إقامة عشرة أيام فيه،و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط هو الجمع فيه بين القصر و التمام،و ذلك لأن النصوص التي استدل بها على هذا الحكم قاصرة أما سندا أو دلالة،فإن عمدتها قوله عليه السّلام في رواية عبد اللّه بن سنان:

«فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام أو أكثر و ينصرف إلى منزله و يكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر و أفطر…» 1و هو ظاهر في اعتبار أمرين في وجوب التقصير عليه.

أحدهما:إقامة عشرة أيام في البلد الذي يذهب إليه.

و الآخر:إقامة العشرة في بلده الذي يرجع إليه.و هذا يعني أن المكاري إذا ذهب إلى بلدة و بقي فيها عشرة أيام ثم رجع إلى بلدته قصر في الطريق و أفطر شريطة أن يبقى في بلدته أيضا عشرة أيام،و هذا غير ما هو المشهور بين الأصحاب من ان المكاري و ما يلحق به إذا أقام في بلد عشرة أيام ثم سافر فعليه أن يقصر في صلاته و يفطر صومه.

قد يقام بتوجيه هذه الرواية و حملها على ما هو المشهور بأحد طريقين..

الأول:ان الواو في قوله عليه السّلام:«و ينصرف»بمعنى أو،كما في قوله عليه السّلام:

«خمسة و أقل»بقرينة الاجماع على عدم اعتبار إقامة عشرتين في رفع حكم التمام.

و الجواب:ان هذا الحمل و إن كان ممكنا الاّ أنه لما كان خلاف الظاهر فهو بحاجة إلى قرينة و لا قرينة في نفس الصحيحة على هذا الحمل،و أما قوله عليه السّلام:

«خمسة و أقل»فالقرينة على ذلك موجودة و هي أنه لا يمكن الجمع بين إقامة خمسة أيام و أقل منها في مكان واحد في وقت فارد.

و أما الاجماع فهو لا يصلح أن يكون قرينة على ذلك لأنه معلوم المدرك


 

1) <page number=”384″ />الوسائل ج 8 باب:12 من أبواب صلاة المسافر الحديث:5.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 385)


……….

و هو روايات الباب كمرسلة يونس و نحوها،فمن أجل ذلك لا قيمة له.هذا مضافا إلى ما ذكرناه في بحث الفقه بشكل موسع من أنه لا قيمة للإجماعات المدعاة في المسائل الفقهية صغرى و كبرى.

الثاني:ان قوله عليه السّلام:«فإن كان له مقام…الخ»إنما هو في مقابل قوله عليه السّلام في صدر الرواية:«المكاري إذا لم يستقر في منزله الاّ خمسة أيام أو أقل قصر في سفره …»و ظاهر المقابلة انه لا اختلاف بينهما الاّ من ناحية مدة الاقامة خمسة و عشرة، و بما أن المراد من السفر في الصدر هو السفر من البلدة التي أقام فيها خمسة أيام فبطبيعة الحال يكون المراد من السفر في الذيل هو السفر من البلدة التي ذهب إليها.

و الجواب:ان هذا لا يدفع الاشكال عن ظاهر الرواية و هو اعتبار أمرين في وجوب القصر،أحدهما إقامة عشرة أيام في البلد الذي يذهب إليه،و الآخر اقامة العشرة في بلده الذي يرجع إليه،و إنما يدفع إشكالا آخر و هو أن الرواية تدل على وجوب القصر في الذهاب إلى البلد الذي أقام فيه عشرة أيام لا في الرجوع منه، هذا إضافة إلى إن الرواية ضعيفة سندا.

فالنتيجة:ان ما هو المشهور من أن المكاري و ما يلحق به إذا أقام في بلدة عشرة أيام ثم سافر فعليه أن يقصر في السفرة الأولى لا دليل عليه،فالأظهر عدم الفرق بين أن يقيم في بلدة عشرة أيام ثم يسافر أو لا،فإنه على كلا التقديرين يتم صلاته و إن كانت رعاية الاحتياط في الفرض الأول بالجمع بين التمام و القصر في السفرة الأولى أولى و أجدر.

و مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان الرواية تامة سندا و دلالة فمع ذلك لا يمكن التعدي عن موردها إلى سائر الموارد،فإن الحكم لما كان على خلاف

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 386)


……….

القاعدة فالتعدي بحاجة إلى قرينة و لا قرينة في نفس الرواية،و أما القرينة من الخارج فيمكن تمثيلها في ثلاث دعاوى..

الأولى:الاجماع على التعدي و عدم الفرق بين المكاري و غيره في هذا الحكم و أنه حكم من كان السفر عمله و مهنته.

و الجواب:مضافا إلى أنه لا إجماع في المسألة أنه لا قيمة له كما مرت الاشارة إليه آنفا و لا سيما في مثل هذه المسألة التي تتوفر فيها الأدلة اللفظية.

الثانية:انه لا فرق بين المكاري و غيره في الملاك و إن كل حكم ثبت له نفيا و إثباتا فهو ثابت لغيره أيضا بعين الملاك.

و الجواب:أن هذه الدعوى تتوقف على إحراز ملاك الحكم في غير المكاري ممن يكون عمله السفر،و بما أنه لا طريق لنا إلى إحرازه من غير ناحية ثبوت الحكم فلا مجال لهذه الدعوى.

الثالثة:ان ملاك وجوب القصر على المكاري إذا سافر من بلدة بعد إقامته فيها عشرة أيام إنما هو على أساس ان الاقامة تنافي مهنته و هي السفر و هذا الملاك موجود في غيره أيضا.

و الجواب:قد تقدم ان المعيار في وجوب التمام على المسافر إنما هو بصدق العناوين المأخوذة في الروايات كعنوان المكاري و الملاح و الجمال و الراعي و الكري و التاجر الذي يدور في تجارته و الاشتقان و نحو ذلك،و صدق هذه العناوين لا يتوقف على كثرة السفر و مواصلته بصورة مستمرة ضرورة أن الملاح يصدق حقيقة على ربان السفينة و إن توقفت سفينته في الطريق شهرا أو أكثر،و كذلك المكاري و الجمال و الراعي لأن ملاك الصدق إنما هو اتخاذه السفر مهنة له،و من المعلوم ان إقامة عشرة أيام في بلدة لا تمنع عن صدق تلك العناوين

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 387)


القصر في السفرة الاولى خاصة دون الثانية فضلا عن الثالثة،و إن كان الأحوط الجمع فيهما،و لا فرق في الحكم المزبور بين المكاري و الملاح و الساعي(1)و غيرهم ممن عمله السفر،أما إذا أقام أقل من عشرة أيام بقي على التمام،و إن كان الأحوط مع إقامة الخمسة الجمع(2)،و لا فرق في الاقامة في بلده عشرة بين أن تكون منوية أو لا،بل و كذا في غير بلده أيضا(3)،فمجرد البقاء عشرة يوجب العود إلى القصر،و لكن الأحوط مع
و لا تؤدي إلى زوالها على نحو لا يكون المكاري بعد إقامة العشرة في بلدة مكاريا.

و من هنا قلنا ان المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو أن كل من يتخذ السفر مهنة له أو مقدمة لشغله و عمله كحالة عامة فوظيفته التمام و إن لم يصدق عليه شيء من العناوين المنصوصة كطالب مدرسي يدرس في جامعة طهران مثلا و تبعد بلدته عن بلدة دراسته بقدر المسافة الشرعية فإنه مرة يأتي صباح كل يوم إلى طهران من أجل دراسته و يرجع مساء إلى بلدته و لا يمكث فيه،و أخرى يمكث فيه أسبوعا أو أسبوعين أو شهرا أو أكثر ثم يعود إلى بلدته يوما أو يومين أو في أيام العطلة و على كلا التقديرين فحكمه التمام ما لم يقرر البقاء فيه مدة مديدة كأربع سنين أو أكثر و الا فحكمه القصر في الطريق ذهابا و إيابا على كلا التقديرين كما تقدم.

مر الاشكال بل المنع في أصل ثبوت الحكم حتى في المكاري فضلا عن غيره.

لا منشأ له الاّ صدر رواية عبد اللّه بن سنان و هو مضافا إلى أنه مجمل فقد مر أنه الرواية غير ثابتة.

لكن الأظهر اعتبار أن تكون منوية في بلده و في غيره بناء على ثبوت هذا الحكم على أساس ان وظيفة المكاري هي التمام في تمام الحالات،و لكن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 388)


الاقامة في غير بلده بلا نية الجمع في السفر الأول بين القصر و التمام.

[مسألة 50:إذا لم يكن شغله و عمله السفر لكن عرض له عارض فسافر أسفارا عديدة]

[2281]مسألة 50:إذا لم يكن شغله و عمله السفر لكن عرض له عارض فسافر أسفارا عديدة لا يلحقه حكم وجوب التمام،سواء كان كل سفرة بعد سابقها اتفاقيا أو كان من الأول قاصدا لأسفار عديدة،فلو كان له طعام أو شيء آخر في بعض مزارعه أو بعض القرى و أراد أن يجلبه إلى البلد فسافر ثلاث مرات أو أزيد بدوابه أو بدواب الغير لا يجب عليه التمام،و كذا إذا أراد أن ينتقل من مكان إلى مكان فاحتاج إلى أسفار متعددة في حمل أثقاله و أحماله.

[مسألة 51:لا يعتبر فيمن شغله السفر اتحاد كيفيات و خصوصيات أسفاره]

[2282]مسألة 51:لا يعتبر فيمن شغله السفر اتحاد كيفيات و خصوصيات أسفاره من حيث الطول و القصر و من حيث الحمولة و من حيث نوع الشغل،فلو كان يسافر إلى الأمكنة القريبة فسافر إلى البعيدة أو كانت دوابه الحمير فبدّل بالبغال أو الجمال أو كان مكاريا فصار ملاّحا أو بالعكس يلحقه الحكم و إن أعرض عن أحد النوعين إلى الآخر أو لفّق من النوعين.

نعم،لو كان شغله المكاراة فاتفق أنه ركب السفينة للزيارة أو بالعكس قصّر لأنه سفر في غير عمله بخلاف ما ذكرناه أولا فإنه مشتغل بعمل السفر غاية الأمر أنه تبدل خصوصية الشغل إلى خصوصية أخرى،
وجوب القصر عليه في الطريق قد انيط بأن يكون له مقام عشرة أيام في بلده أو بلد آخر كما نصت على ذلك رواية عبد اللّه ابن سنان،و من الواضح أن الظاهر منها هو أنه يعلم بالبقاء فيه عشرة أيام كما هو المراد من النية هنا.ثم ان المعيار في وجوب التمام لما كان بصدق السفر مهنة المسافر و عمله عرفا لا بكثرته خارجا و لا بطول الزمن يظهر حال مجموعة من المسائل الآتية.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 389)


فالمناط هو الاشتغال بالسفر و إن اختلف نوعه.

[مسألة 52:السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم]

[2283]مسألة 52:السائح في الأرض الذي لم يتخذ وطنا منها يتم(1)،
هذا فيما إذا كانت السياحة مهنة و شغلا للسائح و لكن على هذا لا فرق بين أن يتخذ وطنا له على وجه الأرض أو لا فإن حاله حينئذ حال غيره ممن تكون مهنته و عمله في السفر كالراعي و نحوه،و أما إذا لم تكن السياحة من أجل مهنة و شغل له بأن كانت لمجرد الترفه و التنزه و زيارة البلدان و متحافها و آثارها القديمة و المناظر الطبيعية و مظاهرها فلا توجب التمام بلا فرق بين أن يكون له وطن معين على وجه الكرة الأرضية أو لا على أساس أن المستثنى من إطلاقات أدلة وجوب القصر على المسافر هو عناوين ثلاثة..

الأول:من يكون بيته معه كأهل البوادي الذين لم يتخذوا موطنا معينا على وجه الأرض فيدورون في البر من منطقة إلى أخرى و من مكان إلى آخر كما مر بل لا يصدق عليهم عنوان المسافر هذا لا من جهة أن السفر في مقابل الحضر و لا حضر لهم على الفرض و ذلك لأن التقابل بينهما من تقابل التضاد لا العدم و الملكة فإن الحضر ليس أمرا عدميا و عبارة عن عدم السفر في محل قابل له،بل من جهة أنهم قد اتخذوا مناطق شاسعة و أماكن واسعة أوطانا لهم لكي يعيشوا فيها بتمام متطلبات حياتهم على نحو التنقل و التجول فيها على مستوى واحد حيث ان معنى الوطن عرفا هو ما يتخذه الشخص مكانا على وجه الكرة الأرضية من أجل أن يعيش فيه بماله من متطلبات الحياة غاية الأمر أنه قد يتخذ مكانا معينا في بلدة أو قرية على وجه الكرة فإنه ما دام كان متواجدا فيها فهو غير مسافر و إذا خرج منها بقدر المسافة المحددة شرعا فهو مسافر كما هو الغالب بين أصناف البشر و أفراده و قد لا يتخذ مكانا معينا بل يعيش بتمام متطلبات حياته في أماكن متعددة و متفرقة و يعبر عنه في الروايات بمن يكون بيته معه فإنه ما دام كان متواجدا فيها كذلك فهو

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 390)


و الأحوط الجمع.

[مسألة 53:الراعي الذي ليس له مكان مخصوص يتم]

[2284]مسألة 53:الراعي الذي ليس له مكان مخصوص يتم(1).

غير مسافر،و إذا خرج منها بقدر المسافة الشرعية من أجل غاية أخرى من حج أو زيارة أو نحو ذلك فهو مسافر باعتبار أنه خارج عن أوطانه و مقراته.

فالنتيجة:أنهم ما داموا يكون بيوتهم معهم بصورة متواصلة فلا يصدق عليهم المسافر.

الثاني:من يكون السفر عمله و مهنته بنفسه و مباشرة كالسائق و نحوه.

الثالث:من يكون السفر عمله و مهنته مقدمة لا مباشرة كالراعي و نحوه.

و الظاهر أنه لا ينطبق عليه شيء من هذه العناوين الثلاثة.

أما الأول:فلأن معنى«أن بيته معه»يعني أن جميع متطلبات حياته المعيشية من الظروف و الفرش و الأطعمة و أدوات الطبخ و الخيمة و وسائل النقل كانت معه و من المعلوم أنه لا يصدق على السائح.

و دعوى أن هذا العنوان و إن لم يصدق عليه الاّ أنه لا حاجة في وجوب القصر إلى صدق هذا العنوان إذ يكفى فيه عدم صدق عنوان المسافر عليه لأن السفر في مقابل الحضر و لا حضر له على الفرض…

مدفوعة بأن السفر و إن كان في مقابل الحضر الاّ أن التقابل بينهما من تقابل التضاد لا العدم و الملكة كما مرّ فإذا لم يكن السائح حاضرا فهو مسافر فيجب عليه أن يقصر في صلاته الاّ إذا انطبق عليه أحد العناوين المذكورة.

و أما الثاني:فلأن السياحة بنفسها ليست مهنة و شغلا.

و أما الثالث:فلأنها ان اتخذت من أجل شغل و مهنة فتدخل فيه و ليست عنوانا آخر و الاّ فلا.

في التقييد إشكال بل منع،و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون له مكان

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 391)


[مسألة 54:التاجر الذي يدور في تجارته يتم]

[2285]مسألة 54:التاجر الذي يدور في تجارته يتم.

[مسألة 55:من سافر معرضا عن وطنه لكنه لم يتخذ وطنا غيره يقصّر]

[2286]مسألة 55:من سافر معرضا عن وطنه لكنه لم يتخذ وطنا غيره يقصّر(1).

[مسألة 56:من كان في أرض واسعة قد اتخذها مقرا إلا أنه كل سنة مثلا في مكان منها يقصّر]

[2287]مسألة 56:من كان في أرض واسعة قد اتخذها مقرا إلا أنه كل سنة مثلا في مكان منها يقصّر إذا سافر عن مقر سنته.

[مسألة 57:إذا شك في أنه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أيام أو أقل بقي على التمام]

[2288]مسألة 57:إذا شك في أنه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أيام أو أقل بقي على التمام(2).

[الثامن:الوصول إلى حد الترخص]

الثامن:الوصول إلى حد الترخص،و هو المكان الذي يتوارى عنه جدران بيوت البلد(3)،و يخفى عنه أذانه،و يكفي تحقق أحدهما مع عدم
مخصوص أو لا لما مر من أنه إذا اتخذ الرعي مهنة و عملا له في أحد فصول السنة كفى في صدق أنه ممن يكون عمله في السفر،و لا يلزم أن يكون في طول السنة، فإن العبرة في وجوب التمام إنما هي بصدق كون السفر حالة عامة لعمله لا بطول الزمن و لا بكثرة الاسفار خارجا كما مر.

فيه:ان اطلاقه ينافي ما تقدم منه قدّس سرّه في المسألة(52)من وجوب التمام على السائح فإنه إذا كان بانيا على عدم اتخاذ وطن آخر له نهائيا فهو سائح، و مقتضى ما ذكره قدّس سرّه في المسألة المذكورة وجوب التمام عليه لا القصر.

مر أن الأظهر أنه باق على التمام مطلقا حتى فيما إذا كان واثقا و متأكدا أنه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أيام.

و فيه:ان المعيار هو أن يتوارى شخص المسافر عن عيون أهل البيوت الكائنة في منتهى البلد فإنه الوارد في الرواية دون ما في المتن،و هي صحيحة محمد بن مسلم،قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يريد(فيخرج)متى يقصر؟ قال:إذا توارى من البيوت…» 1،حيث ان المتحصل منها إذا وقف شخص في آخر


 

1) <page number=”391″ />الوسائل ج 8 باب:6 من أبواب صلاة المسافر الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 392)


……….

بيوت البلد و منتهى عماراته و كان يرى المسافر يبتعد عنه ثم حجبت عنه رؤيته بحيث لا هو يرى المسافر و لا المسافر يراه فيتوارى كل منهما عن الآخر فحينئذ يجب عليه القصر سواء غابت عن عين المسافر عمارات البلد و بناءاته أيضا أو لا، و هذا معيار ثابت لا يزيد و لا ينقص عادة و لا يختلف باختلاف البلدان و ضخامة عماراتها،و هذا بخلاف ما إذا كان وجوب القصر مربوطا بخفاء عمارات البلد و جدرانه فإنه يختلف من بلد إلى آخر،فمن أجل ذلك جعلت الصحيحة غياب المسافر و تواريه عن عيون الساكنين في آخر بيوت البلد و عماراته معيارا لوجوب القصر.

ثم ان عنوان التواري المأخوذ في الصحيحة صرف طريق إلى ما هو موضوع لوجوب القصر و هو المسافة المعينة المحددة و لا يحتمل دخله في الموضوع.

و من هنا لا يكون تواري المسافر عن أنظارهم و بالعكس الاّ في حالة انبساط الأرض و عدم وجود حائل بينهما فإذا غاب المسافر عن عين الواقف في آخر البلد لا لبعد مسافة بينهما بل لأجل وجود حائل كالجبل أو نحوه،أو نزل واديا أو دخل في نفق أو ما شاكل ذلك لم يكف هذا في وجوب القصر فإذن يكون حد الترخص حدا واقعيا و هو عبارة عن ابتعاد المسافر عن آخر بيوت البلد بمسافة حجبته عن عيون أهل تلك البيوت كما أنها حجبتهم عن عيون المسافر،و هذا يعني أنها لا تتيح لكل منهما رؤية الآخر في حالة افتراض انبساط الأرض.

و لكن في مقابل هذه الصحيحة روايات أخرى تدل على أن المعيار في وجوب القصر على المسافر هو ابتعاده مسافة لا يسمع أذان البلد،منها صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سألته عن التقصير؟قال:إذا كنت في الموضع الذي تسمع فيه الأذان فأتم،و إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع فيه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 393)


……….

الأذان فقصر،و إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك» 1فإنها تدل على اناطة وجوب القصر بابتعاد المسافر عن البلد بمسافة لا يسمع فيها الأذان.

ثم ان المتفاهم العرفي من الصحيحة هو تحديد موضوع وجوب القصر بابتعاد المسافر عن آخر بيوت البلد بمسافة لا يتيح له أن يسمع فيها أذان المؤذن العادي الساكن في منتهى بيوت البلد فإنها حد الترخص للكل إذ لا يحتمل أن يكون المراد من الأذان مطلق أذان البلد و إن كان في وسطه أو في الطرف الآخر منه على أساس أنها في مقام بيان تحديد ابتعاد المسافر عن البلد بامتداد شعاع الأذان و هذا بطبعه يقتضي أن يكون المراد منه أذان آخر بيوته كما أنه لا يحتمل أن يكون الحكم إضافيا يختلف باختلاف أفراد المسافر بأن يكون وجوب القصر على كل مسافر منوطا بعدم سماعه الأذان و ذلك..

أولا:ان الأذان إنما هو في وقت خاص لا في كل وقت يخرج المسافر عن البلد،هذا إضافة إلى أن المسافر قد يكون أصم لا يسمع.

و ثانيا:ان من غير المحتمل أن يختلف حد الترخص باختلاف أفراد المسافر على أساس إختلاف سامعته من حيث القوة و الضعف،فإذن لا محالة يكون المراد من حد الترخص هو المعنى الواقعي الموضوعي و تكون نسبته إلى جميع أفراد المسافر على حد سواء و لا يختلف باختلاف أفراده،و لا معنى لإناطته في حق كل مسافر بعدم سماعه بنفسه الأذان،و بما أن الصحيحة في مقام التحديد فلا محالة يكون المراد منه عدم سماع المسافر الاعتيادي المتعارف،كما ان المراد من الأذان هو أذان الانسان الاعتيادي فإنه المتبع في تمام التحديدات الشرعية لأن إرادة غيره بحاجة إلى قرينة.

ثم ان المراد من المتعارف و العادي ليس هو الجامع بين أفراده بل المراد


 

1) <page number=”393″ />الوسائل ج 8 باب:6 من أبواب صلاة المسافر الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 394)


……….

حصة خاصة منه و هي أقل فرد من أفراده و أدناه على أساس أنه لا معنى للتحديد بالجامع فإنه من التحديد بين الأقل و الأكثر و هو غير معقول.

و كذلك الحال بالنسبة إلى الصحيحة الأولى فإنها في مقام بيان تحديد معنى واقعي موضوعي و هو مقدار ابتعاد المسافر عن البلد الذي هو موضوع لوجوب القصر و شرط له،و لا يختلف ذلك المعنى باختلاف أفراد المسافر و لا يمكن أن يراد منها تحديد معنى نسبي لوضوح أن حد الترخص لا يختلف باختلاف أفراد المسافر بأن يكون المعيار في وجوب القصر على كل مسافر هو ابتعاده عن البلد بمسافة لا تتيح له رؤية من وقف في آخر البلد.

و إن شئت قلت:ان كلا العنوانين معرف لمعنى واحد و هو المسافة المحددة واقعا بين موقف الانسان المسافر و آخر بيوت البلد بالنسبة إلى جميع أفراده،فإذا وصل المسافر إلى هذا الحد المعين في الواقع تعين عليه القصر و الاّ فلا،و على هذا فإذا تحقق كلا العنوانين و حصل له الوثوق بالوصول إليه فلا إشكال،و أما إذا تحقق أحدهما دون الآخر فيشك في وصوله إلى الحد المذكور لاحتمال أن تحققه كان لسبب داخلي أو خارجي لا في نفسه أو عدم تحقق الآخر كان لذلك بعد ما مر من أن المراد من التواري هو التواري عن العين المجردة المتعارفة بأدنى فردها في حالة استواء الأرض و انبساطها و عدم وجود عائق في البين،كما ان المراد من عدم سماع الأذان هو عدم سماعه بالآذان المتعارفة بأدنى فردها بدون سبب أو وسيلة خارجية.

و في ضوء ذلك إذا قطع المسافر مسافة و نظر و لم ير من هو واقف في آخر البلد و مع ذلك سمع أذان البلد لم يكن متأكدا و واثقا بالوصول إلى حد الترخص، إذ يحتمل ان عدم رؤيته كان مستندا إلى سبب داخلي أو خارجي،أو ان سماعه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 395)


……….

الأذان كان كذلك،فمن أجل هذا لا يكون متأكدا بالوصول إليه،فإذن لا معارضة بين الطائفة الأولى التي تؤكد على تحديد حد الترخص بما إذا ابتعد المسافر عن البلد بمسافة لا تتيح له رؤية من هو واقف في آخر بيوت البلد و بالعكس شريطة أن يكون ذلك في ظروف اعتيادية ككون الأرض منبسطة و الجو صافيا و الرؤية متمثلة في أدنى فرد من أفرادها المتعارفة و اقله،و بين الطائفة الثانية التي تؤكد على تحديده بما إذا ابتعد عنه بمسافة لا تتيح له أن يسمع أذان آخر بيوت البلد شريطة أن يكون ذلك أيضا في ظروف اعتيادية،كانبساط الأرض و صفاء الجو و عدم وجود ريح من أحد الطرفين إلى الطرف الآخر و كون أذانه من أدنى فرد من أفراد الآذان المتعارفة و أقله و نحوها.

و في ضوء ذلك إذا حجب من هو واقف في آخر عمارات البلد عن عين المسافر و لكنه كان يسمع الأذان منه أو بالعكس لم يكن متأكدا و واثقا بأنه وصل إلى حد الترخص الواقعي حيث يحتمل أن يكون حجبه عن نظره في الفرض الأول لسبب داخلي كضعف نظره أو خارجي،كما يحتمل أن يكون سماعه الأذان لسبب داخلي ككون سامعته قوية و حادة أو خارجي كوجود ريح من جانب البلد إليه،أو صفاء الجو و سكوته،فلا يحتمل التنافي بين العنوانين المعرفين على أساس ان المعرف ليس كل منهما على نحو الاطلاق لكي يقع التنافي بينهما بل حصة خاصة من كل منهما،بل قد لا يحصل له تأكد و وثوق بوصوله إلى حد الترخص عند تحقق كلا العنوانين معا،فإذن يكون المقياس إنما هو بحصول الوثوق له بالوصول إليه فإن حصل فعليه القصر و الاّ فالتمام،و كذلك الحال لو كان العنوانان مأخوذين على نحو الموضوعية على أساس ان الموضوع حينئذ هو حصة خاصة منهما و هذه الحصة و إن لم تكن مجملة مفهوما الاّ أنها مجملة تطبيقا،فمن أجل ذلك لا إطلاق لهما

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 396)


العلم بعدم تحقق الآخر(1)،و أما مع العلم بعدم تحققه فالأحوط اجتماعهما(2)،بل الأحوط مراعاة اجتماعهما مطلقا،فلو تحقق أحدهما دون الآخر إما يجمع بين القصر و التمام و إما يؤخر الصلاة إلى أن يتحقق الآخر،و في العود عن السفر أيضا ينقطع حكم القصر إذا وصل الى حد الترخص من وطنه(3)
حتى تقع المعارضة بين إطلاقيهما.

فالنتيجة:ان التعارض بين الطائفتين من الروايات مبني على أحد أمرين..

الأول:أن يكون كل من العنوانين معرفا على نحو الاطلاق.

الثاني:أن يكون كل منهما دخيلا في الحكم كذلك بنحو الموضوعية.

و لكن كلا الأمرين غير ثبات،فإذن لا معارضة بينهما،و على هذا فإذا شك المسافر في تحقق ما هو المعرف واقعا كان يشك في الوصول إلى حد الترخص و معه يرجع إلى العام الفوقي و هو اطلاقات أدلة وجوب التمام حيث ان الخارج منها هو المسافر الواصل إلى حد الترخص و عند الشك في الوصول إليه يرجع إلى تلك الاطلاقات بعد إجمال الدليل المخصص و المقيد.

مر عدم كفاية ذلك الاّ اذا حصل الوثوق و الاطمئنان منه بالوصول الى حد الترخص.

مر أن الأظهر فيه هو التمام و بذلك يظهر حال ما بعده.

هذا هو المعروف و المشهور بين الأصحاب،و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع،فإن قوله عليه السّلام في ذيل صحيحة عبد اللّه بن سنان:«و إذا قدمت من سفرك فمثل ذلك…» 1و إن كان ينص على انقطاع حكم القصر إذا رجع من سفره و وصل إلى حد الترخص،الاّ أنه معارض بمجموعة من الروايات الناصة على بقاء حكم القصر و عدم انقطاعه إلى أن دخل في بيته.


 

1) <page number=”396″ />الوسائل ج 8 باب:6 من أبواب صلاة المسافر الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 397)


……….

منها:قوله عليه السّلام في صحيحة العيص:«لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته…».


1

و منها:قوله عليه السّلام في موثقة إسحاق بن عمار:«بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله…».


2

و منها:قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبى:«ان أهل مكة إذا خرجوا حجاجا قصروا و إذا زاروا و رجعوا منازلهم أتموا…».


3

و منها غيرها،فإن هذه الروايات تنص على عدم اعتبار حد الترخص في العود من السفر إلى بلده.

و قد نوقش في هذه الروايات تارة:بأنها مقطوعة البطلان في أنفسها و بقطع النظر عن المعارضة بدعوى أن حكم القصر خاص بالمسافر و لا يعم الحاضر،و بما انه لا شبهة في ان السفر ينتهي بوصول المسافر إلى وطنه و دخوله في بلده و إن لم يدخل في بيته فلا يكون مسافرا بعد ذلك.و من هنا يكون المرور على الوطن قاطعا للسفر.و على هذا فلا يمكن أن يكون الواجب عليه هو القصر فإنه وظيفة المسافر دون غيره مع أن مقتضى تلك الروايات هو أنه واجب عليه عند دخوله في بلده و وصوله إلى وطنه ما دام لم يدخل في بيته رغم أنه ليس بمسافر،فإذن ما تضمنته الروايات من الحكم بما أنه مقطوع البطلان فلا بد من طرح هذه الروايات،أو حملها على التقية.

و أخرى:بأنها معارضة مع صحيحة عبد اللّه بن سنان،و لا بد من ترجيح الصحيحة عليها على أساس أنها موافقة للسنة القطعية و هي الروايات الدالة على وجوب التمام على كل مكلف الا المسافر،و تلك الروايات مخالفة لها.

و الجواب:أما عن المناقشة الأولى:فإنها غريبة جدا و من أظهر مصاديق


 

1) <page number=”397″ />الوسائل ج 8 باب:7 من أبواب صلاة المسافر الحديث:4.
2) الوسائل ج 8 باب:7 من أبواب صلاة المسافر الحديث:3.
3) الوسائل ج 8 باب:3 من أبواب صلاة المسافر الحديث:7.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 398)


……….

الاجتهاد في مقابل النص إذ لا مانع من الالتزام بمضمون هذه الروايات و هو أن المسافر إذا رجع إلى بلده فعليه أن يقصر ما لم يدخل في بيته بأن تكون مقيدة لإطلاقات أدلة وجوب التمام على الحاضر في هذا المورد الخاص و لا يكون هذا الحكم مقطوع البطلان إذ لم يقم إجماع قطعي على خلافه لوجود القائل به من العلماء.

فالنتيجة:أنه لا منشأ لدعوى القطع ببطلان هذا الحكم،فإن منشأها إن كان القطع بأن حكم غير المسافر هو التمام مطلقا و في كل الحالات(ففيه)أن عهدته على مدعيه،و إن كان منشؤها إطلاق دليل وجوب التمام على المكلف غير المسافر،(ففيه)أنه قابل للتقييد بالروايات المتقدمة،حيث أن اطلاقه ليس أقوى من إطلاق الكتاب.و إن كان الاجماع القطعي،(ففيه)انه لا إجماع كذلك في المسالة كما مر،غاية الأمر إن المسألة مشهورة بين الأصحاب،هذا إضافة إلى احتمال أن يكون المراد من البيت أو المنزل بلده أو قريته.

و أما عن المناقشة الثانية:فلأن صحيحة عبد اللّه بن سنان مخالفة لإطلاقات أدلة وجوب القصر لأن مقتضاها أن حكم المسافر هو القصر ما دام مسافرا، و المفروض أنه مسافر في حد الترخص ما لم يدخل في بلده.

و أما الروايات المذكورة فهي مخالفة لإطلاقات أدلة وجوب التمام على كل مكلف،و لا تكون الصحيحة موافقة لإطلاقات أدلة وجوب التمام لفرض أنها قد قيدت بغير المسافر فلا تشمله فتكون مخالفة لها موضوعا،و مجرد الموافقة في الحكم لا أثر له لأن موافقة اطلاق الكتاب أو السنة التي هي مرجحة في باب المعارضة هي الموافقة له موضوعا و حكما.

إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة و هي ان الصحيحة معارضة بتلك

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 399)


أو محل إقامته(1)،و إن كان الأحوط تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله أو الجمع بين القصر و التمام إذا صلى قبله بعد الوصول إلى الحدّ.

[مسألة 58:المناط في خفاء الجدران خفاء جدران البيوت]

[2289]مسألة 58:المناط في خفاء الجدران خفاء جدران البيوت(2)لا خفاء الأعلام و القباب و المنارات بل و لا خفاء سور البلد إذا كان له سور، و يكفي خفاء صورها و أشكالها و إن لم يخف أشباحها.

[مسألة 59:إذا كان البلد في مكان مرتفع بحيث يرى من بعيد يقدّر كونه في الموضع المستوي]

[2290]مسألة 59:إذا كان البلد في مكان مرتفع بحيث يرى من بعيد يقدّر كونه في الموضع المستوي،كما أنه إذا كان في موضع منخفض يخفى بيسير من السير أو كان هناك حائل يمنع عن رؤيته كذلك يقدّر في الموضع
الروايات و لا ترجيح لها عليها،فإذن تسقطان معا من جهة المعارضة،فالمرجع هو إطلاق دليل وجوب القصر ما دام هو مسافر،و إذا انتهى سفره بدخوله في بلده فالمرجع هو إطلاق دليل وجوب التمام،و نتيجة ذلك هي أن الأظهر عدم اعتبار حد الترخص في الاياب عن السفر و أن وظيفته هي القصر إلى أن يدخل في بلده، فإذا دخل كان حكمه التمام و إن لم يدخل بيته.

و لعل المراد من البيت المذكور في بعض تلك الروايات بلد المسافر أو قريته.

سيأتي الكلام في اعتبار حد الترخص و عدمه بالنسبة إلى محل الاقامة في المسألة(65)الآتية.

مر أن المناط إنما هو بتواري المسافر عن عيون أهل البيوت الكائنة في منتهى البلد إذا كانوا واقفين و ناظرين إليه و يكشف عن ذلك تواري هؤلاء عن عين المسافر شريطة أن يكون ذلك في حالة انبساط الأرض و استوائها و صفاء الجو و نحو ذلك،و بذلك يظهر حال المسائل الآتية.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 400)


المستوي،و كذا إذا كانت البيوت على خلاف المعتاد من حيث العلو أو الانخفاض فإنها تردّ إليه لكن الأحوط خفاؤها مطلقا،و كذا إذا كانت على مكان مرتفع فإن الأحوط خفاؤها مطلقا.

[مسألة 60:إذا لم يكن هناك بيوت و لا جدران يعتبر التقدير]

[2291]مسألة 60:إذا لم يكن هناك بيوت و لا جدران يعتبر التقدير،نعم في بيوت الأعراب و نحوهم ممن لا جدران لبيوتهم يكفي خفاؤها و لا يحتاج إلى تقدير الجدران.

[مسألة 61:الظاهر في خفاء الأذان كفاية عدم تميز فصوله]

[2292]مسألة 61:الظاهر في خفاء الأذان كفاية عدم تميز فصوله(1)و إن كان الأحوط اعتبار خفاء مطلق الصوت حتى المتردد بين كونه أذانا أو غيره فضلا عن المتميز كونه أذانا مع عدم تميز فصوله.

[مسألة 62:الظاهر عدم اعتبار كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر في البلاد الصغيرة و المتوسطة]

[2293]مسألة 62:الظاهر عدم اعتبار كون الأذان في آخر البلد في ناحية المسافر في البلاد الصغيرة و المتوسطة(2)،بل المدار أذانها و إن كان في وسط البلد على مأذنة مرتفعة،نعم في البلاد الكبيرة يعتبر كونه في أواخر
بل الظاهر عدم الكفاية ما دام يسمع الأذان و إن لم يميز فصوله حيث ان الوارد في النصوص إنما هو عنوان عدم سماع الأذان،فإذا سمع صوتا و علم أنه أذان صدق أنه سمع الأذان و إن لم يميّز فصوله،و لا يصدق أنه لم يسمع الأذان.

تقدم ان ذلك هو الظاهر حتى في البلدان الكبيرة على أساس أن مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي ذلك لأن الروايات التي تؤكد على هذا إنما هي في مقام بيان مدى ابتعاد المسافر عن البلد،و بما أنه لا يصدق عليه عنوان المسافر الاّ من حين خروجه من آخر بيوت البلد،فإذن لا محالة يكون مبدأ بعده من آخر البلد باعتبار أنه مبدأ سفره و لا فرق في ذلك بين البلدان الكبيرة و غيرها.فما عن الماتن(قده)من الفرق بينهما في غير محله.

الصفحات: 1 2 3 4 5
Pages ( 4 of 5 ): «1 ... 3 4 5»