قائمة

تخطى إلى المحتوى

مولفات سماحة مرج​ع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4

جلد

4

قائمة

قائمة

الصفحة الرئيسية مكتبة تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 صفحة 3

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 201)


به إليها.

الأول لا يكون دليلا على أنه أتى بهذه النية من الأول تطبيقا للقاعدة باعتبار ما عرفت من أنه ليس لها محل معين شرعا و ليس كوجدانه نفسه في جزء من صلاته خاصة و شك في أنه أتى بالأجزاء السابقة لها،فإنه لا مانع من تطبيق القاعدة باعتبار أن لها محلا معينا شرعا.

و أما المورد الثاني:و هو ما إذا قصد المصلي و تهيأ لصلاة خاصة كصلاة الصبح الواجبة عليه الآن و بعد أن شرع فيها شك و تردد في أن هذه الصلاة هل هي التي تهيأ لها؟أو أنه كان قد نواها لصلاة فائتة لم يكن قد قصدها و تهيأ لها؟ففي مثل ذلك لا يمكن البناء على أنها هي الصلاة التي تهيأ لها و قصدها،إذ مجرد أنه بنى عليها و تهيأ لها قبل الشروع و الدخول فيها رغم أنه شاك حين الدخول و الشروع لا يجعله الشارع قرينة على أنه دخل فيها لا في غيرها كقاعدة شرعية.

فاذن لا مناص من الحكم ببطلان صلاته فلا تقع صلاة الصبح لا أداء و لا قضاء لعدم النية و هي قصد الاسم الخاص.

فالنتيجة:انه لا فرق في البطلان بين من دخل في صلاة و أتى بشيء منها و قبل أن يتمها شك و تردد في أن دخوله فيها هل كان بنية الظهر أو بنية العصر و قد صلى الظهر؟و بين من قصد و تهيأ لصلاة الظهر الواجبة عليه الآن و بعد أن دخل في الصلاة شك و تردد في أنها هي الصلاة التي تهيأ لها أو أنها غيرها و لم يكن قد قصدها و تهيأ لها،كما أنه لا فرق في البطلان بين من يجد نفسه فعلا في صلاة و هو ينويها عصرا و لكنه يشك و يتردد هل كان دخوله في هذه الصلاة بنفس هذه النية، أو أنه دخل فيها في البدء بنية الظهر ليوم سابق أو لهذا اليوم،و بين من لا يجد نفسه فعلا في صلاة كذلك،فإن الحكم هو بطلان صلاته في تمام هذه الحالات و الصور، و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 202)


[الثانية:إذا شك في أن ما بيده مغرب أو عشاء]

[2135]الثانية:إذا شك في أن ما بيده مغرب أو عشاء فمع علمه بإتيان المغرب بطل،و مع علمه بعدم الاتيان بها أو الشك فيه عدل بنيته إليها إن لم يدخل في ركوع الرابعة،و إلا بطل أيضا.

[الثالثة:إذا علم بعد الصلاة أو في أثنائها أنه ترك سجدتين من ركعتين]

[2136]الثالثة:إذا علم بعد الصلاة أو في أثنائها أنه ترك سجدتين من ركعتين سواء كانتا من الأولتين أو الأخيرتين صحت و عليه قضاؤهما(1)
في إطلاقه إشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل،فإن المصلي إن كان يعلم بأن السجدتين كانتا من الركعتين الأوليين وجب عليه قضاؤهما بعد الصلاة إن كان ذلك بعد التسليم سواء أ كان قبل الاتيان بالمنافي أم بعده،و إن كان قبل التسليم فالأظهر أنه مخير بين أن يكمل صلاته و يسلم ثم يأتى بهما،أو يأتي بهما ثم يكمل صلاته و يسلم،و قد مر وجه ذلك في المسألة(18)من«فصل:الخلل الواقع في الصلاة»و إن علم بأنهما من الركعتين الأخيرتين فإن كان بعد التسليم و الاتيان بالمنافي،أو مضى فترة تمحو بها صورة الصلاة وجب عليه قضاؤهما،و إن كان قبل التسليم أو بعده و لكن قبل الاتيان بالمنافي أو مضي فترة كذلك رجع و أتى بإحداهما في محلها حيث انه يكشف عن ان التشهد و التسليم قد وقعا في غير محلهما.و أما بالنسبة إلى الأخرى فهو مخير بين أن يأتي بها بعدها ثم يتشهد و يسلم،أو يتشهد و يسلم ثم يأتي بها.

و إن كان لا يعلم بالحال و شك في أنهما من الركعتين الأوليين أو الأخيرتين، أو إحداهما من الأوليين و الأخرى من الأخيرتين فإن كان التذكر بذلك بعد التسليم و الاتيان بالمنافي،أو بعد مرور فترة من الزمن تمحو بها صورة الصلاة وجب عليه قضاؤهما،و إن كان قبل التسليم أو بعده و قبل المنافي لم يمكن الرجوع إلى قاعدة التجاوز،فإنه لا يمكن تطبيقها على الجميع للزوم المخالفة القطعية العملية،و لا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 203)


……….

على البعض المعين لأنه تعيين بلا معين،فلا محالة تسقط من جهة المعارضة.

و أما الاستصحاب و هو استصحاب عدم الاتيان بهما في الركعتين الأوليين و الأخيرتين معا فهو و إن كان لا مانع منه حيث لا يلزم منه محذور المخالفة القطعية العملية،الاّ أن المقتضي قاصر في نفسه لعدم ترتب أثر عملي عليه،فإن الأثر إنما يترتب عليه إذا كان قصد البدلية معتبرا في قضاء السجدتين،فعندئذ إذا جرى الاستصحاب وجب الاتيان بأربع سجدات سجدتين منها بدلا عن السجدتين في الركعتين الأوليين،و سجدتين بدلا عن السجدتين في الركعتين الأخيرتين…

و مع قطع النظر عنه يجب عليه الاحتياط و الاتيان بسجدتين بدلا عن الأوليين و الإتيان بهما ثانيا بدلا عن الأخيرتين،و لكن من الواضح أن قصد البدلية في مثل المقام غير معتبر و لا دليل عليه،نعم قد استظهرنا اعتباره في مقام التمييز لا مطلقا،و على هذا فبما ان المصلي يعلم بوجوب الاتيان بسجدتين عليه دون الأكثر فلا يجري الاستصحاب،أما بالنسبة إلى وجوب الاتيان بهما فلأنه معلوم وجدانا،و معه لا معنى للتمسك بالاستصحاب لإثباته تعبدا بداهة أن ما هو ثابت بالوجدان لا يعقل ثبوته بالتعبد لأنه من أراد انحاء تحصيل الحاصل.و أما بالنسبة إلى نفي الأكثر فلأنه معلوم للمصلي وجدانا و معه لا موضوع للاستصحاب.

فالنتيجة:ان نية البدلية غير معتبرة في صحة الاتيان بالسجدة المنسية أو السجدتين المنسيتين من الركعتين إذ يكفي الاتيان بهما بنية القربة على ما في الذمة من دون إضافة بدليتهما عن السجدتين المنسيتين من الركعتين الأوليين أو الأخيرتين فإنها بحاجة إلى دليل و الروايات التي تنص على وجوب قضاء السجدة المنسية ساكتة عن الدلالة على اعتبار هذه الخصوصية و إنما يكون مفادها وجوب الاتيان بها بدلا عما فات من دون اعتبار خصوصية زائدة ككونها بدلا عن السجدة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 204)


و سجدتا السهو مرتين(1)،و كذا إن لم يدر أنهما من أي الركعات بعد العلم بأنهما من الركعتين.

[الرابعة:إذا كان في الركعة الرابعة مثلا]

[2137]الرابعة:إذا كان في الركعة الرابعة مثلا و شك في أن شكه السابق
في الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة.

نعم لا مانع في هذه الصورة من استصحاب عدم الاتيان بالسجدة الثانية من الركعة الأخيرة فإنه يترتب عليه أن المصلي بعد في الصلاة و لم يخرج منها،فإذن تكون وظيفته هي الرجوع و الغاء ما كان قد أتى به من التشهد و التسليم و الاتيان بها في محلها و مواصلة صلاته إلى أن يكملها ثم يأتي بسجدة أخرى بقصد ما في الذمة،كما أن له أن يأتي بها قبل الاتيان بالتشهد و التسليم بناء على ما مر من أن الأظهر هو تخيير المصلي بين الاتيان بالسجدة المنسية في أثناء الصلاة أو بعد الفراغ منها إذا تفطن بالحال قبل التسليم.

و من هنا يظهر حال ما إذا علم بترك السجدتين في أثناء الصلاة فإن كان ذلك بعد فوت محلهما و عدم إمكان تداركهما فيه فقد مر أنه مخير على الأظهر بين الاتيان بهما قبل التسليم و الاتيان بهما بعده و إن فات محل إحداهما دون الأخرى وجب عليه قضاء الأولى قبل التسليم أو بعده و تدارك الثانية في محلها،و بذلك يظهر الفرق بين ما إذا تفطن بالحال بعد الفراغ من الصلاة و الاتيان بالمنافي و ما إذا تفطن قبل الإتيان بالمنافي أو في الأثناء فإنه على الأول يجب عليه قضاؤهما و إن كانتا من الركعتين الأخيرتين،و على الثاني فإن كانتا من الركعتين الأوليين وجب عليه قضاؤهما،و إن كانتا من الأخيرتين وجب عليه تدارك إحداهما في محلها و قضاء الأخرى.

على الأحوط،و قد مر ذلك في الأمر الثالث من(فصل:في موجبات سجود السهو).

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 205)


بين الاثنتين و الثلاث كان قبل إكمال السجدتين أو بعدهما بنى على الثاني(1)،كما أنه كذلك إذا شك بعد الصلاة(2).

[الخامسة:إذا شك في أن الركعة التي بيده آخر الظهر أو أنه أتمها و هذه أول العصر]

[2138]الخامسة:إذا شك في أن الركعة التي بيده آخر الظهر أو أنه أتمها و هذه أول العصر جعلها آخر الظهر(3).

في البناء إشكال بل منع،و الأظهر بطلان صلاته و استينافها من جديد لأن قاعدة الفراغ لا تجري في السجدتين لعدم ترتب الأثر على جريانها فيهما،فإنه إنما يترتب على حدوث الشك في الثالثة بعد إكمال الثانية،و القاعدة لا تثبت ذلك كما لا يجري استصحاب عدم حدوثه قبل إكمالها لأنه لا يثبت إنه حدث بعد إكمالها الاّ على القول بالأصل المثبت،و قد مر تفصيل ذلك في المسألة(10)من (فصل:في الشك في الركعات).

الحال فيه ما مر من أن الأظهر بطلان الصلاة و وجوب إعادتها من جديد على أساس قاعدة الاشتغال و لا يمكن تصحيحهما بما عرفت من دون فرق بين هذه الصورة و هي صورة الشك بعد الصلاة و الصورة المتقدمة و هي صورة الشك في أثنائها.

نعم إذا كان ذلك بعد الصلاة و خروج وقتها لم يجب القضاء للشك في وجوبه و مقتضى الأصل عدمه.

في تخصيص الحكم بجعل هذه الركعة المشكوكة آخر الظهر بما في المتن إشكال بل منع،حتى في حالة ما إذا وجد المصلي نفسه في ركعة و هو ينويها عصرا و لكنه لا يدري هل كان دخوله في هذه الركعة بنفس النية التي يجدها في نفسه الآن،أو كان قد نواها في البدء ركعة أخيرة من الظهر،و ذلك لأن الحكم في الحالة الأولى واضح إذ ليس فيها ما يبرر به جعل هذه الركعة أول العصر،فإذن مقتضى قاعدة الاشتغال و عدم إحراز الفراغ من الظهر هو جعلها آخر الظهر،و إنما

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 206)


……….

الكلام في الحالة الثانية،فقد يقال بجريان قاعدة التجاوز فيها بدعوى أن المصلي إذا وجد نفسه في صلاة بنية العصر الآن و شك في وجودها من الأول بنى عليه تطبيقا للقاعدة و لازم ذلك هو الفراغ من صلاة الظهر،و حينئذ يكون الشك في صحتها و تماميتها بعد الفراغ منها فيحكم بصحتها تطبيقا لقاعدة الفراغ.

و الجواب:انه لا أساس لهذه الدعوى فإن جريان قاعدة التجاوز في كل مورد منوط بتوفر أمرين فيه..

أحدهما:احتمال الأذكرية و الالتفات حين العمل،بمعنى أن المكلف إذا كان في مقام الامتثال و أداء الوظيفة فاحتمال ترك الجزء أو الشرط المشكوك في محله عن عمد و التفات غير محتمل لأنه خلف فرض كونه في مقام الامتثال، و احتمال تركه خطأ و إن كان محتملا الا انه لما كان نادرا فمقتضى الأصل عدمه، و هذا الأمر غير متوفر في هذه الحالة فإن كون المصلي في مقام الامتثال و أداء الوظيفة لا يقتضي أن ما بيده من الركعة هو أول العصر ضرورة ان احتمال كونه آخر الظهر ليس على خلاف الوظيفة.

و دعوى:أن نية العصر بما أنها موجودة في نفس المصلي الآن فهي تصلح أن تكون قرينة على تحققها من الأول.

مدفوعة:بما تقدم في المسألة الأولى من أن غاية ما يفيده ذلك هو الظن بوجودها من الأول و هو لا يجدي.

و الآخر:ان موضوع القاعدة هو التجاوز عن محل الشيء المشكوك شرعا، و عليه فبطبيعة الحال يختص جريانها بما إذا كان للشيء المشكوك محل معين من قبل الشرع كالتكبيرة و القراءة و الركوع و نحوها من أجزاء الصلاة،فإذا شك في التكبيرة و هو في القراءة بنى على الاتيان بها تطبيقا للقاعدة،و إذا شك في القراءة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 207)


……….

و هو في الركوع بنى عليها بعين ما تقدم و هكذا،و أما إذا لم يكن للشيء محل معين شرعا فلا موضوع للقاعدة فيه،و قد مر أن نية الصلاة التي هي عبارة عن قصد الاسم الخاص لها مما ليس لها محل معين شرعا،و عليه فإذا كانت في نفس المصلي نية صلاة خاصة فعلا و شك في أنها كانت موجودة و متحققة من الأول أو لا؟لم يمكن الحكم بأنها كانت موجودة من الأول تطبيقا لقاعدة التجاوز،لما مر من أنه ليس لها محل معين حتى يصدق التجاوز عنه،و ما نحن فيه من هذا القبيل،فإن المصلي إذا رأى نفسه في ركوع ركعة و هو ينويه عصرا و لكنه شك و تردد في أن هذه النية هل كانت موجودة في نفسه من الأول أو لا.بل كان قد نواها في البدء ظهرا،فليس بإمكانه التمسك بالقاعدة لإثبات أنها كانت موجودة من الأول بنفس ما تقدم من الملاك.

و إن شئت قلت:ان المصلي تارة كان يعلم بأنه دخل في صلاة و هو ينويها عصرا و حينئذ فإذا وجد نفسه في ركوع و شك في التكبيرة أو القراءة بنى عليها تطبيقا للقاعدة كما أنه إذا شك في أنه قرأ عصرا أو لغاية أخرى بنى على أنه قرأ عصرا،لا من جهة تطبيق القاعدة بل من جهة أن دخوله فيها لما كان بنية العصر فهي تبعث إلى الاتيان بأجزائها و إن كانت ارتكازا ما لم ينو المصلي في الأثناء صلاة أخرى و إن كانت من جهة الذهول و النسيان عما دخل فيه.

و أخرى كان يشك في أنه هل دخل في هذه الصلاة بنفس النية التي يجدها في نفسه الآن كما إذا وجد في نفسه نية صلاة العصر،ففي مثل هذه الحالة لا يمكن له التمسك بالقاعدة لإثبات أنه دخل فيها بنفس النية الموجودة في نفسه الآن بعين ما مر من عدم الموضوع لها.

فالنتيجة:أنه لا فرق بين أن يجد المصلي نفسه في ركوع و هو ينويه عصرا،

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 208)


[السادسة:إذا شك في العشاء بين الثلاث و الأربع و تذكر أنه سها عن المغرب بطلت صلاته]

[2139]السادسة:إذا شك في العشاء بين الثلاث و الأربع و تذكر أنه سها عن المغرب بطلت صلاته،و إن كان الأحوط إتمامها عشاء(1)و الاتيان بالاحتياط ثم إعادتها بعد الاتيان بالمغرب.

[السابعة:إذا تذكر في أثناء العصر أنه ترك من الظهر ركعة قطعها و أتم الظهر ثم أعاد الصلاتين]

[2140]السابعة:إذا تذكر في أثناء العصر أنه ترك من الظهر ركعة قطعها و أتم الظهر ثم أعاد الصلاتين(2)،و يحتمل العدول إلى الظهر بجعل ما بيده
و بين أن لا يجد نفسه فيه كذلك،فإن في كلتا الحالتين لا مجال للتمسك بالقاعدة، فإذن مقتضى قاعدة الاشتغال و عدم إحراز الفراغ من الظهر هو جعل ما بيده من الركعة آخر الظهر بلا فرق بين الحالة الأولى و الثانية،فلا وجه لتخصيص الماتن قدّس سرّه الحكم بالحالة الأولى.

هذا الاحتياط و إن كان استحبابيا الاّ أنه مبني على احتمال سقوط اعتبار الترتيب في مثل المقام بالنسبة إلى ما بقي من صلاة العشاء-و قد اختاره بعض الأكابر قدّس سرّه-على أساس أن حديث لا تعاد يقتضي سقوطه بالنسبة إلى ما مضى منها،و أما بالنسبة إلى ما بقي فيكون دليل اعتبار الترتيب قاصرا عن الشمول.

و لكن الصحيح اعتباره بين تمام أجزاء الصلاتين،فإن الروايات التي تنص على ذلك غير قاصرة عن شمول المقام.

في الجمع بين إتمام الظهر و إعادة الصلاتين إشكال بل منع،و الأظهر أن المصلي إذا تفطن قبل أن يدخل في ركوع الركعة الأولى من العصر أنه ترك ركعة من الظهر قطعها و أتم الظهر ثم يستأنف العصر من جديد،و حينئذ فلا مقتضي لإعادة الصلاتين،و إن تفطن بعد الدخول في ركوعها بطلت صلاة الظهر من جهة زيادة الركوع،و عندئذ لا يبعد أن تكون وظيفته العدول من العصر إلى الظهر فيكملها ظهرا ثم يستأنف العصر من جديد على أساس أن المتفاهم العرفي من الروايات التي تؤكد على وجوب العدول من العصر إلى الظهر إذا تفطن في أثناء

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 209)


رابعة لها(1)إذا لم يدخل في ركوع الثانية ثم أعاد الصلاتين،و كذا إذا تذكر
العصر أنه لم يأت بالأول بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية هو عدم الفرق بين أن يتذكر في أثناء العصر أنه لم يصل الظهر فيعدل إليها فيكملها ظهرا و بين أن يتذكر في أثناء العصر بطلان الظهر،و الجامع انه إذا تفطن في أثناء العصر ان صلاة الظهر لم تسقط عن ذمته سواء أ كان عدم سقوطها بسبب غفلته عنها و اعتقاده بأنه قد أتى بها أم كان بسبب غفلته عن إتمامها و اعتقاده بالاتمام و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأولى رعاية الاحتياط بإعادة الصلاتين في هذه الصورة.

فيه ان الاحتمال ضعيف،و الأظهر عدم جواز العدول إلى الظهر كذلك،لأن الروايات التي تنص على العدول من العصر إلى الظهر لا تشمل المقام حيث ان موردها نسيان الظهر و الغفلة عنها غاية الأمر نتعدى منه إلى صورة الغفلة عن إتمامها و التذكر في حال لا يمكن تداركها،و أما إذا تذكر في أثناء العصر انه ترك من الظهر ركعة فحينئذ جعل ما بيده من العصر رابعة لها بحاجة إلى دليل على أساس أن العدول يكون على خلاف القاعدة،و روايات الباب لا تشمل هذا المورد و الدليل الآخر غير موجود.

و دعوى انه لا مانع من ذلك لا من جهة زيادة تكبيرة الاحرام،و لا من جهة نية الخلاف،أما الأولى فلأنه لا دليل على أن زيادتها سهوا مبطلة للصلاة و إن كانت مشهورة،و أما الثانية و هي نية العصر فأيضا غير قادحة لما ورد في جملة من الروايات من أن الصلاة على ما افتتحت به،و هذا يعني ان نية الخلاف لا تضر.

و على هذا فما أتى به المصلي بنية العصر يعدّ من الظهر على أساس تلك الروايات…

مدفوعة:فإنه و إن لم يكن مانع من جهة زيادة التكبيرة إذ لا دليل على أن زيادتها سهوا قادحة،و إنما المانع من جهة نية الخلاف و هي نية العصر،فإن ما أتى

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 210)


في أثناء العشاء أنه ترك من المغرب ركعة.

[الثامنة:إذا صلى صلاتين ثم علم نقصان ركعة أو ركعتين من إحداهما من غير تعيين]

[2141]الثامنة:إذا صلى صلاتين ثم علم نقصان ركعة أو ركعتين من إحداهما من غير تعيين فإن كان قبل الإتيان بالمنافي ضمّ إلى الثانية ما يحتمل من النقص ثم أعاد الاولى فقط(1)بعد الاتيان بسجدتي السهو
به باسم العصر يجعله ظهرا بحاجة إلى دليل،و الروايات المذكورة لا تدل على أن العبرة إنما هي بالافتتاح و الابتداء مطلقا،فإن مورد تلك الروايات هو ما إذا أقام المصلي صلاة الصبح كفريضة واجبة و في أثنائها تخيل أنها نافلة و أتمها ناويا بها النافلة،فإن الصلاة في هذه الحال تصح صبحا كما نواها من الأول،أو إذا أقام نافلة و تخيل في أثنائها أنها فريضة الصبح و أتمها قاصدا بها الفريضة فإن الصلاة في هذه الحال تصح نافلة،فالعبرة إنما هي بما افتتح الصلاة عليه و هو الباعث و المحرك الأول.و لكن من المعلوم ان ما نحن فيه ليس من موارد هذه الروايات على أساس ان المصلي فيه كان معتقدا بإتمام صلاة الظهر ثم افتتح صلاة العصر ناويا بها من الأول،لا أنه تخيل في أثناء الظهر أنها عصر و أتمها قاصدا بها العصر.

فالنتيجة:ان الأظهر هو ما ذكرناه من أن إتمامها ظهرا إن كان ممكنا فوظيفته ذلك و الاّ فالعدول إليها و جعل ما بيده من الصلاة ظهرا لا متمما لها،و بذلك يظهر حال ما إذا تذكر في أثناء العشاء انه ترك من المغرب ركعة.

في إطلاقه إشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل في المسألة،فإن كانت الصلاتان متجانستين و مترتبتين كالظهر و العصر لم يجب عليه ضم ما يحتمل من النقص إلى الثانية بل وظيفته حينئذ هي الاتيان بصلاة أربع ركعات باسم العصر و ذلك لأن الناقص من الصلاتين إن كان الظهر في الواقع فالعصر حينئذ يحسب ظهرا بناء على ما هو الصحيح من القول بالانقلاب على أساس قوله عليه السّلام:«إنما هي أربع مكان أربع» 1و إن كان العصر فالضم حينئذ و إن كان مجديا و لكن المصلي بما أنه


 

1) <page number=”210″ />الوسائل ج 4 باب:63 من أبواب المواقيت الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 211)


……….

لا يعلم بالحال و إن الناقص هل هو الظهر لكي لا يكون الضم مجديا،أو العصر لكي يكون مجديا فلا يعلم بسقوط العصر عن ذمته بضم النقص إليها،فلا بد حينئذ من إعادة صلاة باسم العصر تطبيقا لقاعدة الاشتغال غاية الأمر في صورة عدم الضم تجب الاعادة باسم العصر جزما،و في صورة الضم تجب بمقتضى قاعدة الاشتغال.

فالنتيجة:انه لا أثر للضم.و من هنا يظهر أنه لا أثر لاستصحاب عدم الاتيان بما يحتمل نقصه في صلاة العصر،فإنه إن أريد به إثبات وجوب ضم ما يحتمل من النقص إليها على أساس ان الالتفات إليه قبل الاتيان بالمنافي،فيرده أن الضم غير واجب باعتبار أنه لا أثر له.

و إن أريد به إثبات تمامية الصلاة الأولى،ففيه مضافا إلى أنه معارض باستصحاب عدم الاتيان به في الأولى أيضا،أنه لا يمكن إثباتها به الا على القول بالأصل المثبت.

و بذلك يظهر أنه لا فرق في هذه الصورة بين أن يكون الالتفات إلى النقص قبل الاتيان بالمنافي أو بعده،فإنه على كلا التقديرين فالصلاة باسم الظهر صحيحة أما ذاتا أو انقلابا،و الصلاة باسم العصر تظل باقية في الذمة و لا يمكن احراز الفراغ منها بضم النقص إليها كما عرفت،فإذن لا بد من استئنافها من جديد.

و إن كانت الصلاتان غير متجانستين عددا كالمغرب و العشاء،أو غير مترتبتين كما إذا كانت الظهر أدائية و العصر قضائية،فإن كان التفاته إلى النقص قبل الاتيان بالمنافي وجب عليه في هذه الصورة اما اعادة كلتا الصلاتين معا و لا يضر احتمال انه كان في أثناء الصلاة الثانية و عدم الخروج عنها لما ذكرناه من أنه لا دليل على حرمة قطع الصلاة المتيقنة فضلا عن المحتملة،أو إعادة الصلاة الأولى و ضم

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 212)


لأجل السلام احتياطا(1)،و إن كان بعد الاتيان بالمنافي فإن اختلفتا في العدد أعادهما و إلا أتى بصلاة واحدة بقصد ما في الذمة(2).

[التاسعة:إذ شك بين الاثنتين و الثلاث أو غيره من الشكوك الصحيحة ثم شك في أن الركعة التي بيده آخر صلاته أو اولى صلاة الاحتياط]

[2142]التاسعة:إذ شك بين الاثنتين و الثلاث أو غيره من الشكوك الصحيحة ثم شك في أن الركعة التي بيده آخر صلاته أو اولى صلاة
ما يحتمل من النقص إلى الثانية،و هذا الجمع ليس من جهة التعبد باستصحاب عدم الاتيان بما يحتمل نقصه في كلتا الصلاتين،بل هو من جهة العلم الإجمالي ببطلان إحداهما،و هو يقتضي وجوب الموافقة القطعية العملية،و هي لا تحصل الا بأحد هذين الطريقين:

هما إعادة كلتا الصلاتين معا،أو إعادة الصلاة الأولى و ضم ما يحتمل من النقص إلى الثانية،و لا أثر للاستصحاب بالنسبة إليه فيكون وجوده كالعدم.

و إن كان التفاته إلى النقص بعد الاتيان بالمنافي وجبت عليه إعادة كلتيهما معا على أساس العلم الإجمالي ببطلان إحداهما،و لا يمكن الضم في هذه الصورة.

فالنتيجة:إن كفاية الضم مع إعادة الصلاة الاولى إنما هي في صورة واحدة و هي ما إذا كانت الصلاتان غير متجانستين عددا أو غير مترتبتين،و إن كانتا متجانستين و كان الالتفات إلى النقص قبل الاتيان بالمنافي دون سائر الصور فإن الضم فيها أما إنه لا يمكن كما إذا كان الالتفات إليه بعد الاتيان بالمنافي،أو أنه كضم الحجر في جنب الإنسان فلا يجدي.

الاحتياط ضعيف جدا لعدم العلم بزيادة السلام من أجل احتمال ان الصلاة الناقصة هي الأولى،و استصحاب عدم الاتيان بما يحتمل من النقص في الثانية لا يثبت زيادة السلام الاّ على القول بالأصل المثبت.

بل بقصد العصر كما مر.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 213)


الاحتياط جعلها آخر صلاته و أتم ثم أعاد الصلاة احتياطا بعد الاتيان بصلاة الاحتياط(1).

[العاشرة:إذا شك في أن الركعة التي بيده رابعة المغرب أو أنه سلم على الثلاث و هذه اولى العشاء]

[2143]العاشرة:إذا شك في أن الركعة التي بيده رابعة المغرب أو أنه سلم على الثلاث و هذه اولى العشاء فإن كان بعد الركوع بطلت و وجب عليه إعادة المغرب(2)،و إن كان قبله يجعلها من المغرب و يجلس و يتشهد
في وجوب الإعادة احتياطا إشكال بل منع لأنه لا موجب لهذا الاحتياط الاّ احتمال الفصل بين الصلاة الأصلية و صلاة الاحتياط بركعة و هي التي جعلها آخر صلاته بمقتضى قاعدة الاشتغال،و من المعلوم إنه لا قيمة لهذا الاحتمال و مقتضى الأصل عدم اتصاف هذه الركعة بالفصل بينهما و لا بالزيادة.

في البطلان إشكال بل منع و الأظهر هو صحة صلاة المغرب و عدم وجوب إعادتها تطبيقا لقاعدة الفراغ على أساس ان المصلي شاك في صحتها و فسادها من جهة الشك في أنها تامة إذا كان قد سلم على الثلاث و هذه الركعة أولى العشاء،أو ناقصة إذا كان لم يسلم عليها و كان قد سها و نوى بها المغرب،و بما انه لا يدري أنها أولى العشاء أو رابعة المغرب فبطبيعة الحال يكون شاكا في صحتها و فسادها مغربا بعد عدم إمكان تدارك ما يحتمل نقصه فيها من التشهد و التسليم،و حينئذ فيكون مشمولا لما دل من أن:«كلما مضى من صلاتك و طهورك فامض كما هو» 1فإن المستفاد منه عدم الاعتناء بالشك فيما مضى من الصلاة شريطة أن لا يكون قابلا للتدارك و الاّ لم يمض.

و على هذا فبما أن ما يحتمل نقصه في صلاة المغرب غير قابل للتدارك فيكون الشك في صحتها و فسادها مشمولا للنص و مقتضاه عدم الاعتناء بالشك فيها و البناء على صحتها تطبيقا للقاعدة شريطة احتمال الالتفات و الأذكرية حين العمل.


 

1) <page number=”213″ />الوسائل ج 1 باب:42 من أبواب الوضوء الحديث:6.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 214)


و يسلم ثم يسجد سجدتي السهو لكل زيادة من قوله:«بحول اللّه»و للقيام و للتسبيحات احتياطا،و إن كان في وجوبها إشكال(1)من حيث عدم علمه بحصول الزيادة في المغرب.

[الحادية عشرة:إذا شك و هو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين و الثلاث و علم بعدم إتيان التشهد في هذه الصلاة]

[2144]الحادية عشرة:إذا شك و هو جالس بعد السجدتين بين الاثنتين و الثلاث و علم بعدم إتيان التشهد في هذه الصلاة فلا إشكال في أنه يجب عليه أن يبني على الثلاث،لكن هل عليه أن يتشهّد أم لا؟وجهان،لا يبعد
و دعوى:أن هذا الشك ليس شكا في صحة صلاة المغرب و فسادها بعد الفراغ منها لكي يكون مشمولا لقاعدة الفراغ…

مدفوعة:بأن الشك بعد الفراغ عن الصلاة و تسليمها لم يرد في لسان شيء من الروايات و إنما الوارد في لسانها عنوان المضي و التجاوز،و حيث إن هذا العنوان يصدق على صلاة المغرب في المقام بعد عدم إمكان تدارك نقصها إن كان فلا مانع من تطبيق قاعدة الفراغ و الحكم بصحتها و استئناف العشاء من جديد.

و أما احتمال زيادة الركوع فيها فهو لا يضر لأنه مدفوع بالأصل،و استصحاب بقاء المصلي بعد في المغرب و عدم خروجه عنها لا يثبت أن الركوع زيادة الا على القول بالأصل المثبت.و أما استصحاب عدم الاتيان بالتشهد و التسليم فهو مما لا يترتب عليه أثر الاّ وجوب قضاء التشهد فقط دون بطلان الصلاة،فإنه إنما يترتب على عدم الاتيان بهما عن عمد و التفات لا مطلقا،و وجوب سجدتي السهو على الأحوط مرة لترك التشهد و أخرى لترك التسليم.

بل لا إشكال في عدم وجوبها حيث إنه مضافا إلى أن وجوب سجدتي السهو لكل زيادة مبني على الاحتياط فلا علم لنا بالزيادة في المقام حتى يحكم بالوجوب و لو احتياطا.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 215)


عدم الوجوب،بل وجوب قضائه بعد الفراغ(1)إما لأنه مقتضى البناء على الثلاث(2)و إما لأنه لا يعلم بقاء محل التشهد من حيث إن محله الركعة الثانية و كونه فيها مشكوك بل محكوم بالعدم(3)،و أما لو شك و هو قائم بين
على الأحوط الأولى،و الأظهر عدم وجوبه لأن مقتضى أدلة البناء على الأكثر هو سقوط وجوبه عن الشاك في عدد الركعات بين الثنتين و الثلاث،أو بين الثنتين و الأربع أداء و قضاء على أساس أن مفاد هذه الأدلة حكم واقعي لا ظاهري،و لازم ذلك هو أن المصلي الشاك فيه كذلك لم يكن مأمورا بالتشهد واقعا فإنه وظيفة العالم دون الشاك فيه،فإذن لا مقتضي للإعادة و لا للقضاء و إن ارتفع الشك و علم بعد صلاة الاحتياط أن صلاته ناقصة فإنه ليس من انكشاف الخلاف بل هو من تبديل الموضوع بموضوع آخر.

هذا الاحتمال هو المتعين دون الثاني حيث أن مقتضى النصوص التي تؤكد على البناء على الأكثر هو أنه يعامل مع الركعة البنائية معاملة الركعة الواقعية في ترتيب آثارها عليها،و من هنا لم يشر في شيء من روايات البناء على الثلاث أو الأربع إذا كان الشك بينها و بين الثنتين إلى وجوب الاتيان بالتشهد بعد البناء على الأكثر،فلو كان الغرض منها البناء على العدد فقط لا المعاملة مع الركعة البنائية معاملة الركعة الواقعية لكان ينبغي على الامام عليه السّلام أن ينبه المصلي بلزوم الاتيان بالتشهد في موارد الشك بين الثنتين و الثلاث،أو الثنتين و الأربع،مع أن الروايات ساكتة من هذه الجهة نهائيا رغم أن المرتكز في الأذهان هو أن الركعة البنائية كالواقعية،فلو كان الشيء واجبا في مثل هذه الحالة ينبغي التنبيه عليه.

فيه ان هذا الاستصحاب معارض باستصحاب بقاء الركعة الثانية و عدم خروج المصلي عنها و انتقاله إلى ركعة ثالثة،فإنه إذا رفع رأسه من السجدة الثانية وجب عليه التشهد باعتبار أنه المكان المقرر له شرعا،و إذا شك في انتقاله من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 216)


……….

مكانه إلى جزء آخر فمقتضى الاستصحاب بقاؤه فيه،و عليه فيصلح أن يعارض استصحاب عدم اتصاف ما بيده من الركعة بالثانية على نحو الاستصحاب في العدم الأزلي،فإن مقتضاه عدم وجوب التشهد.

و دعوى:ان العدم الأزلي للركعة الثانية قد انتقض من جهة علم المصلي بوجودها في مورد الاستصحاب الأول.

مدفوعة:بأن العدم الأزلي للركعة الثانية الواقعية بمفاد ليس التامة و إن انتقض باليقين بوجودها بمفاد كان التامة،الا ان ذلك ليس مورد الكلام،فإن الكلام إنما هو في أن ما بيد المصلي من الركعة هل هو الركعة الثانية بمفاد كان الناقصة أو لا بمفاد ليس الناقصة؟فإن كانت الثانية وجب التشهد و الاّ لم يجب،و بما ان انتقاض العدم الأزلي لما في يده من الركعة باليقين باتصافها بالثانية غير معلوم،فلا مانع من استصحاب عدم اتصافها بها،و يترتب عليه وجوب التشهد.

و من هنا يظهر أن هذه الدعوى مبنية على الخلط بين انتقاض العدم الأزلي لأصل وجود الركعة الثانية بمفاد كان التامة،و انتقاض عدم اتصاف ما بيد المصلى من الركعة بالثانية بمفاد كان الناقصة،فإن ما هو مانع عن جريان استصحاب العدم الأزلي هو الثاني،و لكنه لم ينتقض باليقين بالخلاف،و ما هو منتقض به و هو الأول لم يكن مانعا منه.و بالتالي يكون الاستصحابان متعارضين في المقام فيسقطان من جهة المعارضة.

فالنتيجة ان بقاء مكان التشهد غير محرز لا وجدانا و لا تعبدا.

إلى هنا قد تبين انه على الاحتمال الثاني و هو أن يكون مفاد أدلة البناء على الأكثر هو البناء على العدد تعبدا من دون النظر إلى ترتيب آثاره واقعا عليه فأيضا لا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 217)


الثلاث و الأربع مع علمه بعدم الاتيان بالتشهد في الثانية فحكمه المضي و القضاء بعد السلام لأن الشك بعد تجاوز محله(1).

يجب التشهد عليه أداء لعدم إحراز بقاء مكانه.نعم بناء على ذلك يعلم المصلي إجمالا أما بوجوب التشهد عليه فعلا أو بوجوب قضائه بعد الصلاة باعتبار أن أدلة البناء على الأكثر حينئذ لا تدل على سقوط التشهد عنه واقعا،فعندئذ لا بد من الجمع بين الأداء و القضاء احتياطا.

الظاهر ان الماتن قدّس سرّه أراد من تجاوز محل التشهد لدى الشك بين الثلاث و الأربع في حال القيام عدم إمكان تداركه لا ما هو ظاهر عبارته،فإنه حتى إذا رجع و الغى ما أتى به من القيام و جلس فليس بإمكانه تداركه،لأن شكه حينئذ يرجع إلى الشك بين الثنتين و الثلاث و هو مأمور حينئذ بالبناء على الأكثر و ترك التشهد واقعا لما مر من ان ذلك وظيفة واقعية للشاك لا ظاهرية،و عليه فلا يعقل أن يكون مأمورا بالتشهد و الا لزم الخلف،و على هذا فلا وجه لحمل ما في المتن على قاعدة التجاوز لكي يقال تارة:بأن موردها الشك في وجود الشيء بعد التجاوز عن محله الشرعي لا العلم بعدم وجوده بعد التجاوز عنه كما في المقام،فإن المصلي يعلم بعدم الاتيان بالتشهد بعد التجاوز عن محله الشرعي،و أخرى،بأن مراده قدّس سرّه اجراء القاعدة في التشهد بلحاظ الركعة التي قام عنها،فإنها إن كانت الركعة الثانية فقد أخل بالتشهد على أساس إمكان تداركه ما دام لم يدخل في الركن،و إن كانت الثالثة لم يخل به لانتفاء محل تداركه،و بما أن المصلي شاك فيه في حال القيام و لا يعلم أنه أخل بوظيفته بترك التشهد أو لم يخل بها فلا يعتني بهذا الشك تطبيقا لقاعدة التجاوز.

و لكن هذا التوجيه مضافا إلى أنه خلاف الظاهر غير صحيح في نفسه،فإن المصلي في مفروض المسألة يكون على يقين من ترك التشهد و إنما يشك في إنه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 218)


[الثانية عشرة:إذا شك في أنه بعد الركوع من الثالثة أو قبل الركوع من الرابعة بنى على الثاني]

[2145]الثانية عشرة:إذا شك في أنه بعد الركوع من الثالثة أو قبل الركوع من الرابعة بنى على الثاني(1)لأنه شاك بين الثلاث و الأربع،و يجب عليه
قام عن الركعة الثانية التي يجب عليه التشهد بعدها،أو قام عن الركعة الثالثة التي لا يجب عليه التشهد بعدها،و بالتالي يشك في وجوب التشهد بعد هذه الركعة التي قام عنها و من المعلوم أن هذا الشك ليس موردا لقاعدة التجاوز فإن موردها ما إذا كان الشك في وجود الجزء أو الشرط بعد التجاوز عن محله الشرعي دون الشك في وجوبه بعد العلم بعدم وجوده في الخارج.

و إن شئت قلت:إن لازم الشك في المسألة هو الشك في وجوب تدارك التشهد و عدم وجوب تداركه باعتبار أن الركعة التي قام عنها إن كانت الثانية وجب التدارك و الاّ لم يجب،و لكن من الواضح أنه لا يمكن تطبيق قاعدة التجاوز عليه، فالصحيح هو ما ذكرناه من أن مراده قدّس سرّه من تجاوز محله هو عدم إمكان تداركه لا تطبيق قاعدة التجاوز عليه.

في البناء إشكال بل منع،و الأظهر هو بطلان الصلاة في المسألة و عدم الاكتفاء بها في مقام الامتثال لأن أدلة البناء على الأكثر و العلاج بصلاة الاحتياط لا تشمل هذه الصورة لأن ظاهر هذه الأدلة هو الاتيان بالركعة المشكوكة مفصولة بنكتة ان الصلاة إن كانت تامة في الواقع فهي نافلة،و إن كانت ناقصة فهي متممة لها،فإذا قام المصلي الشاك بعملية البناء على الأكثر و العلاج بصلاة الاحتياط كان على يقين حينئذ من صحة صلاته و تماميتها أما بالذات أو بالعلاج،و لا شيء عليه، و قد صرح بذلك في موثقة عمار:«ألا أعلمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت انك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شيء…». 1

و أما إذا كانت الصلاة على تقدير نقصانها فاسدة من ناحية أخرى أيضا كزيادة ركوع فيها كما في المقام فلا يكون الشك فيها مشمولا لتلك الأدلة على


 

1) <page number=”218″ />الوسائل ج 8 باب:8 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 219)


الركوع لأنه شاك فيه مع بقاء محله،و أيضا هو مقتضى البناء على الأربع في هذه الصورة،و أما لو انعكس بأن كان شاكا في أنه قبل الركوع من الثالثة أو بعده من الرابعة فيحتمل وجوب البناء على الأربع بعد الركوع فلا يركع بل يسجد و يتم(1)،و ذلك لأن مقتضى البناء على الأكثر البناء عليه من حيث إنه أحد طرفي شكه و طرف الشك الأربع بعد الركوع،لكن لا يبعد بطلان صلاته(2)لأنه شاك في الركوع من هذه الركعة و محله باق فيجب عليه أن
أساس أنه لا يجدي فيها علاج الشك بصلاة الاحتياط لأن صلاة الاحتياط كما هو ظاهر تلك الأدلة و صريح بعضها إنما هي جابرة لنقصانها إن كان و لا تكون مصححة لها من ناحية أخرى،و بما أن الصلاة في المقام على تقدير نقصانها فاسدة من جهة زيادة الركوع فيها فلا يمكن علاج فسادها من هذه الجهة بصلاة الاحتياط،فإذن تكون صلاة الاحتياط في هذا المقام كعدمها،فلا أثر لها فمن أجل ذلك لا يكون الشك بين الثلاث و الأربع في المسألة مشمولا لأدلة العلاج،فاذن لا بد من إعادة الصلاة فيها.

ظهر مما مر أن المسألة على هذا الفرض أيضا لا تكون مشمولة لأدلة العلاج بعين ما تقدم من الملاك و هو بطلان الصلاة على تقدير نقصانها أما بزيادة الركوع إذا ركع أو نقصانه إذا ترك،فلا يمكن تصحيحها و علاجها من هذه الناحية بصلاة الاحتياط،فإذن لا بد من استئنافها من جديد.

فالنتيجة:أنه لا فرق بين هذه الصورة و الصورة المتقدمة فإن الأدلة العلاجية لا تشمل كلتا الصورتين بملاك واحد.

بل البطلان هو المتعين لا من جهة ما ذكره الماتن قدّس سرّه من العلم الإجمالي بأنه أما زاد ركوعا أو نقص ركعة،فإنه لا أثر لهذا العلم،لأن الصلاة إن كانت ناقصة في الواقع ركعة فهي متداركة بصلاة الاحتياط حقيقة لما مر من أن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 220)


……….

الاتيان بالركعة المشكوكة مفصولة وظيفة واقعية للشاك في عدد الركعات لا ظاهرية،و عليه فتصبح الصلاة تامة واقعا بالعلاج على تقدير نقصانها،فينتفي العلم الإجمالي حينئذ بانتفاء أحد طرفيه موضوعا،فلا مانع من الرجوع في الطرف الآخر إلى الأصل المؤمن فيه و هو أصالة عدم الزيادة،نظير ما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءين ثم قام بتطهير الماء في أحدهما باتصاله بالكر أو الجاري،فإن العلم الإجمالي حينئذ ينتفي بانتفاء أحد طرفيه موضوعا فلا مانع من الرجوع عندئذ إلى أصالة الطهارة في الإناء الآخر.

فالنتيجة:إن الشك في المسألة لو كان مشمولا لأدلة العلاج فلا أثر للعلم الإجمالي فيها لأنه لا يمنع من القيام بالعمل بهذه الأدلة،بل القيام بالعمل بها رافع له بارتفاع متعلقة حقيقة فلا علم إجمالي حينئذ حتى يكون فيه مخالفة له،فإذن لا يكون العلم الإجمالي سببا للبطلان،بل سببه ما مر من أن أدلة العلاج كما لا تشمل المسألة فيما إذا شك في أنه بعد الركوع من الثالثة أو قبل الركوع من الرابعة،كذلك لا تشمل عكس ذلك و هو ما إذا شك في أنه قبل الركوع من الثالثة أو بعد الركوع من الرابعة بعين ما تقدم من الملاك و هو أن أدلة العلاج إنما جعلت لكي يكون الشاك إذا قام بالعمل بها واثقا و متأكدا من تمامية صلاته و براءة ذمته عنها و لا شيء عليه كما صرح به في بعضها.و أما إذا كانت الصلاة فاسدة على تقدير نقصانها أو تماميتها من ناحية أخرى فلا تكون مشمولة لأدلة العلاج حيث لا تجدي عملية العلاج حينئذ في تصحيحها،و على هذا فالصلاة في مفروض المسألة إن كانت ناقصة في الواقع فصلاة الاحتياط و إن كانت متممة لها الاّ أنها باطلة من جهة نقصان الركوع فيها ان لم يتدارك في هذه الركعة و إن تدارك فحينئذ إن كانت الصلاة تامة في الواقع فهي باطلة من جهة زيادة الركوع فيها،و من المعلوم إن أدلة العلاج لا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 221)


يركع،و معه يعلم إجمالا أنه إما زاد ركوعا أو نقص ركعة فلا يمكن إتمام الصلاة مع البناء على الأربع و الاتيان بالركوع مع هذا العلم الإجمالي.

[الثالثة عشرة:إذا كان قائما و هو في الركعة الثانية من الصلاة و علم أنه أتى في هذه الصلاة بركوعين]

[2146]الثالثة عشرة:إذا كان قائما و هو في الركعة الثانية من الصلاة و علم أنه أتى في هذه الصلاة بركوعين و لا يدري أنه أتى بكليهما في الركعة الاولى حتى تكون الصلاة باطلة أو أتى فيها بواحد و أتى بالآخر في هذه الركعة فالظاهر بطلان الصلاة(1)،لأنه شاك في ركوع هذه الركعة و محله
تشمل مثل هذا الفرض إذ تشريع علاج الشك فيه بصلاة الاحتياط لغو محض،فلا يترتب عليه أثر،فإنه لا بد حينئذ من إعادة الصلاة فيه سواء أقام بعملية العلاج أم لا.

فالنتيجة:إن أدلة العلاج مختصة بما إذا كانت الصلاة على تقدير تماميتها صحيحة.

بل الظاهر هو الصحة على أساس أنه لا مانع من تطبيق قاعدة الفراغ في الركوع الثاني شريطه احتمال الالتفات و الأذكرية حين العمل و ذلك لأن المصلي كان يعلم بإتيانه و لكنه يشك في صحته و فساده من جهة أنه واجد لما هو المعتبر فيها و شرط لها و هو كونه واقعا بعد القراءة في الركعة الثانية،و بالتالي يكون الشك في صحته و فساده من جهة كونه واجدا للشرط أو لا،فلا مانع حينئذ من الحكم بصحته تطبيقا للقاعدة.

و إن شئت قلت:إن المصلي إذا علم باتيان الركوع و شك بعد ذلك في أنه أتى به في مكانه المقرر له شرعا حتى يكون محكوما بالصحة أو لا،فلا مانع من التمسك بالقاعدة لإثبات أنه أتى به في مكانه المقرر له،و هذا أي إثبات الاتيان به في مكانه المقرر له ليس من اللوازم العقلية لمدلول القاعدة لكي يقال أنها لا تثبت تلك اللوازم بل هو مدلول مطابقي للقاعدة على أساس ما ذكرناه من أنها قاعدة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 222)


باق فيجب عليه أن يركع(1)مع أنه إذا ركع يعلم بزيادة ركوع في صلاته، و لا يجوز له أن يركع مع بقاء محله فلا يمكنه تصحيح الصلاة.

[الرابعة عشرة:إذا علم بعد الفراغ من الصلاة أنه ترك سجدتين و لكن لم يدر أنهما من ركعة واحدة أو من ركعتين وجب عليه الإعادة]

[2147]الرابعة عشرة:إذا علم بعد الفراغ من الصلاة أنه ترك سجدتين و لكن لم يدر أنهما من ركعة واحدة أو من ركعتين وجب عليه الإعادة(2)،
عقلائية تبتني على الكشف عن الواقع باعتبار أن المكلف إذا كان في مقام الامتثال و أداء الوظيفة فاحتمال إخلاله بالصلاة بترك جزء منها أو شرطها أو إخلاله بالترتيب بين أجزائها عامدا ملتفتا إلى عدم جوازه،غير محتمل لأنه خلف فرض كونه في مقام الامتثال و أداء الوظيفة،و احتمال إخلاله بها كذلك سهوا و خطأ و إن كان محتملا الاّ أنه لما كان نادرا و خلاف الطبيعة الأولية فمقتضى الأصل عدمه، فمن أجل ذلك يحكم بصحتها تطبيقا للقاعدة،فليس الحكم بالصحة حكما تعبديا محضا بل هو مبني على ما مر من النكتة.و في المقام إذا شك المصلي في صحة ركوعه و فساده من جهة الشك في أنه أتى به في مكانه المقرر له شرعا أو لا،حكم بصحته تطبيقا للقاعدة بملاك أن كونه في مقام الامتثال يقتضي أنه أتى به في مكانه و لا يخل بشيء مما يعتبر فيه.

فإذن يكون الاتيان به في مكانه مدلول مطابقي للقاعدة و هو ملاك تطبيقها.

فالنتيجة:ان الحكم بصحة العمل تطبيقا للقاعدة إنما هو على أساس أن حال المكلف في مقام الامتثال يقتضي أنه أتى به واجدا لتمام الأجزاء و الشرائط.

في الوجوب إشكال بل منع،فإن المصلي يعلم بانتفاء محل تداركه و سقوط الأمر به أما للإتيان به في محله الشرعي،أو لبطلان الصلاة إذا كان آتيا بكلا الركوعين في الركعة الأولى،هذا و لكن قد مر أنه لا مانع من القول بصحة الركوع الثاني تطبيقا لقاعدة الفراغ.

هذا مبني على أن قاعدة التجاوز في السجدة الأولى من الركعة التي

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 223)


……….

يكون المصلي على يقين من ترك سجدتها الثانية معارضة بقاعدة التجاوز في السجدة الثانية من الركعة التي يكون على يقين من الاتيان بسجدتها الأولى للعلم الإجمالي بأنّه تارك لإحداهما.

بيان ذلك:ان هذه المسألة تتمثل في صور..

الصورة الاولى:أن تكون أطراف العلم الإجمالي بترك السجدتين متمثلة في أكثر من ركعتين سواء أ كان الأكثر هو الثلاث أو الأربع.

الصورة الثانية:أن تكون أطرافه متمثلة في الركعتين الأخيرتين فقط.

الصورة الثالثة:أن تكون أطرافه متمثلة في ركعتين ما عدا الركعة الأخيرة.

أمّا الصورة الاولى:فالمصلي كان يعلم بترك السجدة الثانية في واحدة من هذه الركعات واقعا و يشك في ترك السجدة الاولى من نفس هذه الركعة كما انه كان يعلم باتيان السجدة الأولى في أكثر من ركعة و يشك في السجدة الثانية و نتيجة هذا انه كان يعلم إجمالا أما إنه ترك السجدة الأولى من نفس الركعة التي قد ترك سجدتها الثانية،و أما ترك السجدة الثانية من الركعة التي قد أتى بسجدتها الأولى، و لا يمكن تطبيق قاعدة التجاوز على كلتيهما معا لاستلزامه المخالفة القطعية العملية فتسقطان معا من جهة المعارضة فتصل النوبة حينئذ إلى الاستصحاب و هو استصحاب عدم الاتيان بالسجدة الأولى من الركعة التي كان المصلي على يقين من ترك سجدتها الثانية باعتبار أنه مانع من استصحاب عدم الاتيان بالسجدة الثانية من الركعة التي كان على يقين من الاتيان بسجدتها الأولى على أساس أنه يترتب على الاستصحاب الأول بطلان الصلاة بضم الوجدان إلى التعبد بلحاظ انه حينئذ كان تاركا بكلتا السجدتين من ركعة واحدة.و مع بطلان الصلاة لا يترتب أثر على الاستصحاب الثاني،فإن أثره وجوب قضائها بعد الصلاة،و من المعلوم أنه من آثار

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 224)


……….

تركها في صلاة صحيحة،و أما إذا كانت فاسدة فلا موضوع لوجوب قضاء السجدة فيها هذا من ناحية،و من ناحية أخرى ان الاستصحاب الثاني لا يصلح أن يعارض الاستصحاب الأول و يمنع منه لأنه لا يثبت الاتيان بالسجدة الأولى من الركعة المذكورة الاّ على القول بالأصل المثبت حتى يكون مانعا.و على هذا فلا مانع من جريان الاستصحاب الأول و به ينتفي الاستصحاب الثاني بانتفاء ما هو المعتبر في جريانه و هو الأثر على أساس أن جريان الاستصحاب في كل مورد متقوم بتوفر ثلاثة عناصر فيه،اليقين بالشيء،و الشك في بقائه،و الأثر الشرعي المترتب عليه و بما أن العنصر الثالث غير متوفر في المقام فلا يجري.

و قد يناقش في تنجيز العلم الإجمالي في المسألة بتقريب أن تنجيزه على القول بالاقتضاء كما هو الصحيح يتوقف على سقوط الأصول المؤمنة في أطرافه بالمعارضة،و أما إذا لم تكن معارضة بينها بأن يجري بعضها في بعض الأطراف دون الآخر فلا يكون منجزا.

و ما نحن فيه من هذا القبيل،فإن قاعدة التجاوز في السجدة الثانية من الركعة التي كان المصلي على يقين من الاتيان بسجدتها الأولى لا تجري في نفسها على اساس أن الأثر المطلوب منها نفي وجوب القضاء عنها،و من المعلوم أنه متفرع على إحراز صحة الصلاة من سائر الجهات و لا يترتب وجوب قضائها على ترك السجدة الثانية مطلقا،و إنما يترتب على تركها في صلاة صحيحة من تمام الجهات، و الفرض أن الصلاة في مفروض المسألة لا تصح الاّ بتطبيق قاعدة التجاوز في السجدة الأولى من الركعة التي كان المصلي على يقين من ترك سجدتها الثانية لنفي احتمال البطلان من ناحية تركها و من دون تطبيقها عليها في تلك الركعة أو لا و إحراز الصحة بذلك لا يمكن تطبيق القاعدة على السجدة الثانية من هذه الركعة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 225)


……….

و نتيجة ذلك أن جريان القاعدة في السجدة الثانية منها متوقف على جريانها في السجدة الأولى من تلك الركعة دون العكس،و عليه فتجري في الأولى منها و يترتب عليها صحة الصلاة،و بعد جريانها فيها لا تجري في الثانية للزوم المخالفة القطعية العملية،فإذن ينتهي الأمر إلى الاستصحاب في المقام،و مقتضاه عدم الاتيان بالسجدة الثانية من هذه الركعة،و يترتب عليه وجوب قضائها بعد الصلاة.

و الجواب:ان جريان القاعدة في السجدة الثانية من الركعة المأتي فيها بالسجدة الأولى و إن كان في طول جريانها في السجدة الأولى من الركعة التي تركت سجدتها الثانية و لكن بعد جريانها في الأولى و إحراز صحة الصلاة به تحقق موضوع جريانها في الثانية و لا مانع منه الا لزوم المخالفة القطعية العملية،و من المعلوم ان لزوم هذا المحذور مستند إلى جريان القاعدة في كلتا السجدتين معا لا إلى جريانها في السجدة الثانية فقط.

بتقريب:ان إطلاق دليل القاعدة لو كان شاملا لها في السجدة الأولى من الركعة لأدى ذلك إلى شموله لها في السجدة الثانية من الركعة الأخرى أيضا على أساس أن شمول الاطلاق للقاعدة في الأولى محقق لموضوعها في الثانية،و بعد تحقق موضوعها فيها كان شموله لها طبيعيا كشمول الحكم لموضوعه بعد وجوده، و إنما المانع عنه لزوم المخالفة القطعية العملية و هو مستند إلى شمول الاطلاق للقاعدة في كلتا السجدتين،و بما أن شموله للقاعدة في السجدة الثانية يتبع شموله لها في السجدة الأولى فبالنتيجة يستند لزوم المحذور إلى شموله لها في الأولى.

و إن شئت قلت:ان معنى توقف جريان القاعدة في السجدة الثانية من ركعة على جريانها في الاولى من ركعة أخرى انه في كل آن و زمن متوقف على جريانها في الأولى فيه،فإذن جريانها في كلتا السجدتين في هذا الآن معا لا يمكن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 226)


……….

لاستلزامه المخالفة القطعية العملية من جهة العلم الإجمالي اما بوجوب إعادة هذه الصلاة،أو وجوب قضاء سجدة منها بعدها،و أما جريانها في الأولى دون الثانية فهو بلا موجب،فإنها إذا جرت في الأولى تحقق موضوعها في الثانية،فإذن ما هو المانع عن جريانها فيها،و لا مانع إلا لزوم المخالفة القطعية العملية و هو مستند إلى جريانها في كلتيهما معا لا إلى جريانها في الثانية فقط لأنه جزء من العلة.

فالنتيجة:ان جريان القاعدة في السجدة الأولى بما أنه يستلزم جريانها في السجدة الثانية فيكون المحذور في الحقيقة مستندا إليه.

و الحاصل:إن القاعدة إذا جرت في السجدة الأولى من الركعة التي يكون المصلي على يقين من ترك سجدتها الثانية و لم تجر في السجدة الثانية من الركعة التي يكون على يقين من الاتيان بسجدتها الأولى لزم تقييد إطلاق دليل القاعدة بالنسبة إلى السجدة الثانية بلا دليل مقيد و هو لا يمكن،كما أنها لا تجري في الثانية بدون جريانها في الأولى باعتبار أن تحقق موضوعها يتوقف عليه،و نتيجة ذلك سقوط قاعدة التجاوز في المسألة فتصل النوبة حينئذ إلى الاستصحاب،و قد مر أن مقتضاه عدم الاتيان بالسجدة الأولى من الركعة المتروكة سجدتها الثانية،و يترتب عليه بطلان الصلاة و وجوب إعادتها،و أما استصحاب عدم الإتيان بالسجدة الثانية من الركعة الأخرى فهو لا يجري من جهة عدم ترتب أثر عليه كما تقدم.

لحد الآن قد تبين أن المصلي إذا علم بعد الفراغ من الصلاة أنه ترك سجدتين و لكنه لا يدري انهما من ركعة واحدة أو من ركعتين فمقتضى القاعدة بطلان صلاته و وجوب الاعادة،و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأولى أن يقضي السجدة مرتين أولا ثم الاعادة.

و أما الصورة الثانية:فإن تفطن المصلي بترك السجدتين بعد الاتيان بالمنافي

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 227)


……….

أو مرور فترة تمحو بها صورة الصلاة وجبت عليه إعادتها من جديد فإنه بالنسبة إلى السجدة الثانية من الركعة الأخيرة يعلم بعدم امتثال أمرها،أما لعدم الاتيان بها في الواقع،أو لبطلان الصلاة فيه،و أما بالنسبة إلى سائر السجدات كالسجدة الأولى من الركعة الأخيرة و السجدة الثانية و الأولى من الركعة السابقة فيعلم إجمالا بترك واحدة منها،و على هذا الأساس فلا يمكن تطبيق القاعدة على السجدة الثانية من الركعة الأخيرة للعلم التفصيلي بأنها لم تقع على وفق أمرها،و أما تطبيقها على سائر السجدات من الركعتين فهو و إن كان ممكنا في نفسه الاّ أنها تسقط فيها من جهة المعارضة لأن نتيجة تطبيقها على الجميع صحة الصلاة المترتب عليها نفي وجوب قضاء السجدة المتروكة فمن أجل ذلك لا يمكن التطبيق،و حينئذ تصل النوبة إلى الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال.

و إن تفطن قبل الاتيان بالمنافي أو مرور فترة ماحية لصورة الصلاة عاد إلى مكان السجدتين و ألغى ما كان قد أتى به من التشهد و التسليم باعتبار وقوعهما في غير محلهما و يأتي بهما ثم يتشهد و يسلم و لا شيء عليه ما عدا سجدة السهو على الاحوط مرة للتشهد الزائد و أخرى للسلام الزائد.

و أما بالنسبة إلى السجدتين من الركعة الثالثة،فبما أن الشك فيهما بعد التجاوز عن محلها فيرجع إلى قاعدة التجاوز و مقتضاها الاتيان بهما شريطة احتمال الأذكرية و الالتفات حين العمل.

و أما الصورة الثالثة:فبما أن أطراف العلم الإجمالي فيها منحصرة في ركعتين ما عدا الركعة الأخيرة فيكون المصلي حينئذ على يقين من عدم الاتيان بالسجدة الأخيرة من الركعة اللاحقة على طبق أمرها،أما لعدم الاتيان بها رأسا،أو لبطلان الصلاة إذا كانت السجدتان المتروكتان كلتاهما من الركعة السابقة.و أما سائر

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 228)


و لكن الأحوط قضاء السجدة مرتين و كذا سجود السهو مرتين أولا ثم الإعادة،و كذا يجب الإعادة إذا كان ذلك في أثناء الصلاة(1)،و الأحوط
سجدات الركعتين التي تكون من أطراف العلم الإجمالي فلا يمكن الحكم باتيانها جميعا تطبيقا للقاعدة لاستلزامه ترك قضاء السجدة الأخرى المتروكة.

فالنتيجة:ان اطراف العلم الإجمالي بترك السجدتين في المسألة إن كانت متمثلة في ركعتين فقط كان المصلي حينئذ على يقين بعدم امتثال الأمر بالسجدة الأخيرة من الركعة اللاحقة التي هي أحد طرفي العلم الإجمالي،أما لعدم الاتيان بها واقعا،أو لبطلان الصلاة.و إن كانت متمثلة في أزيد من ركعتين كان حال هذه السجدة من هذه الركعة حال سائر السجدات فلا يقين بعدم امتثال أمرها إلا إذا كان الشك فيها قبل تجاوز محلها،فعندئذ لا بد من الاتيان بها فيه تطبيقا لقاعدة الشك في المحل.

في إطلاقه إشكال بل منع،فإن المصلي تارة يعلم بأنه ترك سجدتين و هو جالس قبل أن يدخل في التشهد و لكنه لا يعلم هل أنهما معا من هذه الركعة أو من الركعة السابقة،أو إحداهما من هذه الركعة و الأخرى من السابقة،و أخرى يعلم بذلك و هو يتشهد أو قائم،و ثالثة يعلم به و هو راكع.

أما في الفرض الأول:فبما أن محل الاتيان بالسجدتين من هذه الركعة المسمى بالمحل الشكي يكون باقيا فيجب الاتيان بهما على أساس الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال،بل المصلي يكون على يقين باشتغال ذمته بالسجدة الثانية،أما لعدم الاتيان بها واقعا،أو لبطلان الصلاة.و أما بالنسبة إلى السجدتين من الركعة السابقة فتجري فيهما قاعدة التجاوز للشك في الاتيان بهما بعد التجاوز عن مكانهما المقرر لهما شرعا شريطة احتمال الأذكرية و الالتفات حين العمل،فينحل العلم الإجمالي بالأصل المثبت و النافي في أطرافه.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 229)


……….

و أما في الفرض الثاني:فبما أن المصلي قد تجاوز عن المحل الشكى و دخل في جزء آخر مترتب على الجزء المشكوك كالتشهد أو القيام المسمّى بالمحل السهوي،فقد يقال:أن قاعدة التجاوز كما تجري في السجدتين من الركعة الأولى كذلك تجري في السجدتين من الركعة الثانية في نفسها على أساس أن المصلي قد تجاوز عن محلهما و دخل في جزء آخر مترتب عليهما في كلتا الركعتين،و لكنها تسقط من جهة المعارضة فيحكم بوجوب الإعادة تطبيقا لقاعدة الاشتغال.

و الجواب:أنه لا وجه لهذا القول في المسألة فإنه على يقين من أن السجدة الثانية من هذه الركعة لم تقع على وفق أمرها و تظل ذمته مشغولة بها أما لعدم الاتيان بها في الواقع،أو لبطلان الصلاة،و بالتالي يعلم بعدم الاتيان بها صحيحة فإذن تكون وظيفته أن يرجع و يلغي ما كان قد أتى به من التشهد و القيام و يجلس و يأتي بالسجدتين تطبيقا لقاعدة الشك في المحل.و أما بالنسبة إلى السجدتين من الركعة الأولى فيحكم بالاتيان بهما تطبيقا لقاعدة التجاوز فينحل العلم الإجمالي حينئذ و هو علمه أما بترك السجدة الأولى من الركعة السابقة،أو ترك السجدة الأخيرة من الركعة الثانية.

نعم،إذا علم المصلي بعد ما دخل في قيام الركعة الرابعة أنه ترك سجدتين و لكنه لا يعلم أنهما من الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو بالتفريق،فحينئذ لا يعلم بأن السجدة الأخيرة من الركعة الثالثة لم تقع على وفق أمرها بل حالها عندئذ حال السجدة الأخيرة من الركعة الأولى و الثانية فإذن لا يكون القيام المذكور في غير محله،فيكون حكم هذا الفرض حينئذ حكم الصورة الأولى من الصور الثلاث المتقدمة،و قد مر أن الأظهر فيها وجوب الإعادة.

و من هنا يظهر أنه لا فرق فيه بين أن يكون علمه بترك السجدتين بعد دخوله

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 230)


إتمام الصلاة و قضاء كل منهما و سجود السهو مرتين ثم الإعادة.

[الخامسة عشرة:إن علم بعد ما دخل في السجدة الثانية مثلا أنه إما ترك القراءة أو الركوع]

[2148]الخامسة عشرة:إن علم بعد ما دخل في السجدة الثانية مثلا أنه إما ترك القراءة أو الركوع أو أنه إما ترك سجدة من الركعة السابقة أو ركوع هذه الركعة وجب عليه الإعادة(1)،لكن الأحوط هنا أيضا إتمام الصلاة
في القيام للركعة الرابعة أو بعد دخوله في ركوعها.

و أما في الفرض الثالث:فالمصلي فيه بما أنه يعلم بالحال بعد دخوله في ركوع الركعة الثالثة فهو يعلم بعدم وقوع السجدة الأخيرة من الركعة الثانية على طبق أمرها بعين ما تقدم من الملاك و هو لا يتمكن من تداركها بعد دخوله في الركوع، و أما سائر السجدات التي يعلم بترك واحدة منها جزما فلا يمكن الحكم بإتيانها تطبيقا لقاعدة التجاوز لاستلزامه المخالفة القطعية العملية و هي عدم وجوب قضاء السجدة المتروكة،فالنتيجة:أنه لا بد من إعادة الصلاة في هذا الفرض بمقتضى قاعدة الاشتغال.

في إطلاقه إشكال بل منع،و الأظهر وجوب الإعادة في الصورة الثانية مما ذكره في المتن و هي..

ما إذا علم المصلي أما بترك سجدة من الركعة السابقة،أو بترك ركوع هذه الركعة،و وجوب الاحتياط بالجمع بين إتمام الصلاة و سجدتي السهو ثم إعادتها من جديد في الصورة الأولى.

أما في الصورة الثانية:فلأنه لا يمكن الجمع بين تطبيق قاعدة التجاوز على الركوع و تطبيقها على السجدة معا لاستلزامه المخالفة القطعية العملية على أساس أن المصلي يعلم إجمالا أما بوجوب الاعادة،أو قضاء السجدة،و إن كان تطبيقها على المورد الثاني في طول تطبيقها على المورد الأول،و لكن قد تقدم في المسألة الرابعة عشرة إن إطلاق دليل القاعدة لا يمكن أن يشمل القاعدة في كلا الموردين

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 231)


……….

معا،فإن شموله لها في المورد الأول و إن كان لا مانع منه الاّ أنه بذلك يتحقق موضوعها في المورد الثاني،و معه لا مانع من تطبيقه عليها فيه أيضا من هذه الناحية و لا مقيد له خاصة ما عدا لزوم المخالفة القطعية العملية و هو مستند إلى تطبيقه عليها في كلا الموردين لا في المورد الثاني فقط،و بالتالي ينتهي لزوم المحذور إلى تطبيقه عليها في المورد الأول باعتبار أنه يتبع تطبيقه عليها في المورد الثاني.

و إن شئت قلت:إن قاعدة التجاوز في السجدة و إن كانت متأخرة عن قاعدة التجاوز في الركوع رتبة باعتبار أنها في رتبة موضوعها،الاّ أنه لا أثر للتقدم الرتبي بعد تعاصرهما زمنا،و عليه فتقع المعارضة بينهما في زمن واحد فلا يمكن تطبيق إطلاق دليل القاعدة عليهما معا لاستلزامه المحذور المذكور.

و أما في الصورة الأولى:فإن جريان قاعدة التجاوز في القراءة يتبع جريانها في الركوع،فإن جرت فيه تحقق موضوعها فيها،و حينئذ فإن قلنا بعدم وجوب سجدتي السهو لكل زيادة و نقيصة لم تجر القاعدة في القراءة لعدم ترتب أثر عليها، فإن صحة الصلاة مترتبة على جريانها في الركوع،و المفروض أن جريانها فيه لا يتوقف على شيء،فمن أجل ذلك يحكم بصحتها تطبيقا للقاعدة،و أما القراءة فبما أنها جزء غير ركنى فلا يترتب أثر على تركها سهوا لكي تجري القاعدة بلحاظ ذلك الأثر و إن قلنا بوجوبهما كذلك احتياطا كما قويناه فلا مانع من جريانها فيها بلحاظ هذا الأثر،و بما أنه يلزم من جريانها مخالفة قطعية عملية فلا تجري على أساس أن المصلي يعلم أما بوجوب الاعادة،أو بوجوب سجدتي السهو على الأحوط،و لكن لزوم هذا المحذور بما أنه مستند إلى جريانها في القراءة و في الركوع معا لا إلى جريانها في القراءة فقط،فمن أجل ذلك لا بد من الاحتياط في

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 232)


……….

المسألة بالاتمام و سجدتي السهو ثم الاعادة،و بذلك يظهر الحال فيما إذا كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة.

و أما إذا علم المصلي بذلك بعد دخوله في السجدة الأولى فإنه حيث قد تجاوز عن محل الركوع المشكوك فلا مانع من جريان قاعدة التجاوز فيه،الاّ أنها معارضة بقاعدة التجاوز في السجدة في الركعة السابقة إذ لا يمكن شمول إطلاق دليل القاعدة لكلتيهما معا لاستلزامه المخالفة القطعية العملية للعلم الإجمالي أما بوجوب إعادة هذه الصلاة إذا كان تاركا للركوع في الواقع،أو وجوب قضاء السجدة إذا كان تاركا لها،و بعد سقوط القاعدة في المقام تصل النوبة إلى استصحاب عدم الاتيان بالركوع في هذه الركعة و السجدة في الركعة السابقة فيلغى ما أتى به و يقوم منتصبا ثم يركع و يسجد سجدتين و يواصل صلاته و لا شيء عليه ما عدا قضاء سجدة واحدة و سجدة السهو على الأحوط،و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط إعادة الصلاة أيضا.

و من هنا يظهر الحال فيما إذا دار الأمر بين ترك الركوع في هذه الركعة و ترك القراءة في الركعة السابقة فإن قاعدة التجاوز تسقط من جهة المعارضة و مقتضى الاستصحاب الرجوع و الاتيان بالركوع و إتمام الصلاة ثم الاتيان بسجدتي السهو على الأحوط،هذا بناء على وجوب سجدتي السهو على الأحوط لكل زيادة و نقيصة و الاّ فلا معارضة في البين،إذ حينئذ تجري قاعدة التجاوز في الركوع بلا معارض.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 233)


و سجدتا السهو في الفرض الأول،و قضاء السجدة مع سجدتي السهو في الفرض الثاني ثم الإعادة،و لو كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة فكذلك.

[السادسة عشرة:لو علم بعد الدخول في القنوت قبل أن يدخل في الركوع أنه إما ترك سجدتين من الركعة السابقة أو ترك القراءة]

[2149]السادسة عشرة:لو علم بعد الدخول في القنوت قبل أن يدخل في الركوع أنه إما ترك سجدتين من الركعة السابقة أو ترك القراءة وجب عليه العود لتداركهما و الإتمام ثم الإعادة،و يحتمل الاكتفاء بالاتيان بالقراءة و الاتمام(1)من غير لزوم الإعادة إذا كان ذلك بعد الاتيان بالقنوت،بدعوى
هذا الاحتمال هو المتعين على أساس ان المصلي يعلم بأن القراءة في المقام لم تقع على وفق أمرها أما لعدم الإتيان بها في الواقع،أو لوقوعها قبل السجدتين.

و من هنا يظهر أن القنوت أيضا كذلك لأن القنوت الصلاتي هو المأتي به بعد اتيان القراءة على وفق أمرها،و على هذا فلو قلنا بكفاية الدخول فيه لجريان قاعدة التجاوز كما هو مختار الماتن قدّس سرّه لم يكتف به في المقام،و على هذا فيجب عليه الاتيان بالقراءة تطبيقا لقاعدة الشك في المحل أو العلم بعدم وقوعها على طبق أمرها.

و أما السجدتين فبما أن الشك فيهما بعد الدخول في القيام فيكون من الشك بعد التجاوز عن المحل بمقتضى قوله عليه السّلام في صحيحة إسماعيل بن جابر:

«إن شك في السجود بعد ما قام فليمض…» 1و يحكم حينئذ بالاتيان بهما في محلهما الشرعي تطبيقا لقاعدة التجاوز.

فالنتيجة:ان المصلي إذا علم في أثناء القنوت إنه إما ترك القراءة في هذه الركعة أو ترك السجدتين في الركعة السابقة فوظيفته أن يرجع و يأتي بالقراءة تطبيقا لما تقدم و يحكم بالاتيان بالسجدتين تطبيقا للقاعدة و يواصل صلاته و لا شيء عليه.


 

1) <page number=”233″ />الوسائل ج 6 باب:13 من أبواب الرّكوع الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 234)


أن وجوب القراءة عليه معلوم لأنه إما تركها أو ترك السجدتين فعلى التقديرين يجب الاتيان بها و يكون الشك بالنسبة إلى السجدتين بعد الدخول في الغير الذي هو القنوت(1)،و أما إذا كان قبل الدخول في القنوت فيكفي الاتيان بالقراءة لأن الشك فيها في محلها و بالنسبة إلى
و من هنا يظهر حال ما ذكره الماتن قدّس سرّه من وجوب التدارك و الاتمام ثم الاعادة،فإن الجمع بين الأمرين لا يمكن حتى على مختاره قدّس سرّه من كفاية الدخول في القنوت لجريان قاعدة التجاوز فإنها تسقط في كل من القراءة و السجدتين من جهة المعارضة و لا يمكن الرجوع إلى اصالة عدم الاتيان بهما جميعا لعدم ترتب أثر عملي عليها لأن أثرها وجوب تداركهما و إتمام هذه الصلاة،و من المعلوم ان ذلك لا يجدي في فراغ الذمة فإن المصلي إذا صنع ذلك علم إجمالا بأنه أما زاد سجدتين في صلاته أو قراءة،فعلى الأول بطلت صلاته،و على الثاني وجبت عليه سجدتا السهو على الأحوط،و هذا العلم الإجمالي و إن لم يكن مؤثرا لأن وجوب الاعادة مورد لقاعدة الاشتغال،و وجوب سجدتي السهو مورد لقاعدة البراءة،الاّ أن كون وجوب الاعادة موردا لقاعدة الاشتغال في المقام يكفي لكون إتمام ما بيده من الصلاة لغوا محضا،إذ اعادتها من جديد تكفي لحصول اليقين بالبراءة، فإذن لا موجب للجمع بين التدارك و الاتمام ثم الاعادة أصلا الاّ بناء على القول بحرمة قطع الصلاة حتى في هذه الحالة،و هو كما ترى.

لا يكفي الدخول في القنوت في تطبيق قاعدة التجاوز باعتبار أن القنوت ليس من أجزاء الصلاة فالدخول فيه لا يحقق عنوان التجاوز عن الجزء السابق،فإنه إنما يتحقق بالدخول في الجزء المترتب عليه لا بالدخول في كل شيء،فإذن يكون المحقق لعنوان التجاوز عن السجدتين في المقام هو الدخول في القيام لا الدخول في القنوت.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 235)


السجدتين بعد التجاوز،و كذا الحال لو علم بعد القيام إلى الثالثة أنه إما ترك السجدتين أو التشهد أو ترك سجدة واحدة أو التشهد(1)،و أما لو كان قبل
في إطلاقه إشكال بل منع،و الصحيح هو التفصيل،فإن الفرع الثاني كالفرع الأول في أحد شقيه،و هو ما إذا دار الأمر بين ترك السجدتين أو التشهد دون شقه الآخر و هو ما إذا دار الأمر بين ترك سجدة واحدة أو التشهد،لأن مقتضى القاعدة في هذا الفرع هو أن يرجع المصلي و يلغى قيامه باعتبار أنه في غير محله و يجلس و يرجع شكه حينئذ إلى الشك في المحل،و مقتضى القاعدة فيه وجوب الاتيان بهما معا لا وجوب الاتيان بالتشهد و إجراء قاعدة التجاوز بالنسبة إلى السجدة،و ذلك لأنه يعلم بأن التشهد لم يقع على طبق أمره أما إنه لم يأت به،أو أنه أتى به قبل السجدة،فعلى كلا التقديرين لم يقع في محله،فعندئذ إذا جلس كان شكه في السجدة في محلها،و لكن ذلك لا يمكن في الشق الأول من هذا الفرع باعتبار استلزامه العلم الإجمالي بأنه أما زاد سجدتين في صلاته أو التشهد،فمن أجل ذلك لا بد من إعادة الصلاة من جديد،و لا يلزم هذا المحذور في الشق الثاني منه،إذ لا مانع فيه من الرجوع و الغاء قيامه و الجلوس،ثم يسجد سجدة واحدة و يتشهد و يواصل صلاته و لا شيء عليه ما عدا سجود السهو على الأحوط مرتين، مرة للقيام الزائد و أخرى للتشهد الزائد،هذا من ناحية.

و من ناحية أخرى:ان هذا الفرع يختلف عن الفرع السابق،فإن المصلي إذا علم بترك السجدتين أو التشهد أو بترك سجدة واحدة أو التشهد و هو قائم للركعة الثالثة فقد كان يعلم بأن القيام في غير محله و لا يتحقق به التجاوز،و هذا بخلاف ما في الفرع السابق،فإنه إذا علم بترك القراءة أو السجدتين من الركعة السابقة و هو في القنوت فهو يأتي بالقراءة على أساس ان الشك فيها في محلها و تجري قاعدة التجاوز في السجدتين على أساس ان الشك فيهما بعد التجاوز و الدخول في

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 236)


القيام فيتعين الاتيان بهما مع الاحتياط بالاعادة.

[السابعة عشرة:إذا علم بعد القيام إلى الثالثة أنه ترك التشهد و شك في أنه ترك السجدة أيضا أم لا]

[2150]السابعة عشرة:إذا علم بعد القيام إلى الثالثة أنه ترك التشهد و شك في أنه ترك السجدة أيضا أم لا يحتمل أن يقال:يكفي الاتيان بالتشهد(1) لأن الشك بالنسبة إلى السجدة بعد الدخول في الغير الذي هو القيام فلا اعتناء به و الأحوط الاعادة بعد الاتمام سواء أتى بهما أو بالتشهد فقط(2).

[الثامنة عشرة:إذا علم إجمالا أنه أتى بأحد الأمرين من السجدة و التشهد من غير تعيين و شك في الآخر]

[2151]الثامنة عشرة:إذا علم إجمالا أنه أتى بأحد الأمرين من السجدة و التشهد من غير تعيين و شك في الآخر،فإن كان بعد الدخول في القيام لم يعتن بشكه،و إن كان قبله يجب عليه الاتيان بهما(3)لأنه شاك في كل منهما
القيام.

في الكفاية إشكال بل منع،و الأظهر عدم كفاية الاقتصار على التشهد فقط بل لا بد من الاتيان بالسجدة أيضا،لأن المصلي إذا علم ان قيامه هذا في غير محله الشرعي باعتبار أنه قبل التشهد كانت وظيفته أن يرجع و يلغى ما كان قد أتى به و هو القيام و يجلس و حينئذ يرجع شكه بالنسبة إلى السجدة إلى الشك في المحل و مقتضى الشك في المحل أن يأتي بها و يتشهد و يواصل صلاته و لا شيء عليه ما عدا سجود السهو على الأحوط للقيام الزائد.

لا منشأ لهذا الاحتياط أصلا فإنه إن أتى بالسجدة و التشهد معا و واصل صلاته إلى أن سلم صحت فلا مجال حينئذ للاحتياط بالاعادة،و إن اقتصر على الاتيان بالتشهد فقط وجبت عليه الاعادة على أساس قاعدة الشك في المحل بالنسبة إلى السجدة،فإنه على ضوء هذه القاعدة يكون تاركا للسجدة عامدا ملتفتا إلى عدم جواز تركها.

هذا هو الأظهر على أساس أن المصلي لم يحرز التجاوز عن المكان المقرر لكل منهما شرعا و مع عدم الاحراز فوظيفته الاتيان بهما بمقتضى

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 237)


……….

الاستصحاب النافي أو قاعدة الاشتغال.

و دعوى:العلم بسقوط الأمر بالسجدة أما للإتيان بها في الواقع،أو للإتيان بالتشهد فيه و معه يكون الشك فيها بعد التجاوز عن المحل،و مرد ذلك إلى الشك في الاتيان بالسجدة على تقدير الاتيان بالتشهد في الواقع،و بما أنه بعد التجاوز عن المحل فيكون المرجع فيه قاعدة التجاوز..

مدفوعة:بأن موضوع القاعدة هو الشك في الشيء بعد التجاوز عن المحل تحقيقا لا تقديرا كما هو ظاهر روايات القاعدة،و أما في المقام فالمصلي و إن كان شاكا في السجدة فعلا الاّ أنه لم يحرز التجاوز عن محلها المقرر لها شرعا الا تقديرا و هو تقدير الاتيان بالتشهد لا تحقيقا،لأن الاتيان بالتشهد تحقيقا غير محرز،فإذن يكون الشك في السجدة بعد التجاوز التقديري عن محلها الشرعي لا التحقيقي و هو لا يكفي في تطبيق القاعدة فإنه ليس تجاوزا عنها حقيقة،مع أنه لا شبهة في ان موضوع القاعدة هو التجاوز الحقيقي عن محل الشيء المشكوك.و على الجملة فبالنظر إلى الواقع لا يخلو من أن المصلي أما أنه قد أتى بالسجدة في الواقع أو لم يأت بها كذلك،فعلى الأول سقط أمرها واقعا،و على الثاني ظل باقيا كذلك،بل كان إتيانه التشهد حينئذ في غير محله.و أما بالنظر إلى مقام الاثبات فالمصلي شاك في السجدة كما أنه شاك في التشهد و هذا لا ينافي العلم بالاتيان بأحدهما و لم يحرز أن شكه فيها بعد الاتيان بالتشهد أو الدخول فيه،و مع هذا لا يمكن تطبيق قاعدة التجاوز.

و إن شئت قلت:ان موضوع القاعدة بما أنه التجاوز عن محل الشيء فهو لا يتحقق الاّ بالدخول في غيره المترتب عليه،و حينئذ لا بد من إحرازه في تطبيق القاعدة،و عليه فالمصلي في المقام و إن كان شاكا في الاتيان بالسجدة الا أن تطبيق

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 238)


مع بقاء المحل،و لا يجب الإعادة بعد الإتمام و إن كان أحوط.

[التاسعة عشرة:إذا علم أنه إما ترك السجدة من الركعة السابقة أو التشهد من هذه الركعة]

[2152]التاسعة عشرة:إذا علم أنه إما ترك السجدة من الركعة السابقة أو التشهد من هذه الركعة،فإن كان جالسا و لم يدخل في القيام أتى بالتشهد و أتم الصلاة و ليس عليه شيء،و إن كان حال النهوض إلى القيام(1)أو بعد
القاعدة منوط باحرازه التجاوز عن محلها بالدخول في التشهد المترتب عليها، و المفروض أنه لم يحرز الدخول فيه خاصة،و إنما أحرز الدخول في الجامع بينهما و هو عنوان أحدهما و هو لا يحقق عنوان التجاوز عنها.

فمن أجل ذلك لا يمكن الحكم بالاتيان بالسجدة تطبيقا للقاعدة.

فالنتيجة:ان الأمر بالسجدة و إن سقط على تقدير الاتيان بها في الواقع الاّ أن الكلام في سقوطه ظاهرا تطبيقا لقاعدة التجاوز،و من المعلوم ان سقوطه كذلك منوط باحراز موضوع القاعدة و هو التجاوز عن محل المشكوك،فإنه و إن كان محرزا على تقدير كون السجدة متروكة في الواقع لأن المصلي على هذا التقدير قد دخل في التشهد و أتى به الاّ أنه لا موضوع للقاعدة على هذا التقدير باعتبار أن المصلي على أساس هذا التقدير يعلم بعدم الاتيان بها لا أنه شاك فيه و معه كيف يمكن الحكم بسقوط أمرها ظاهرا،بداهة أنه مع العلم بالواقع و لو تقديرا فلا يتصور ظاهر على هذا التقدير لأنه منوط بالشك و الجهل،و أما مع الشك في الاتيان بالسجدة فلا يكون محرزا الدخول في التشهد و الاتيان به لكي يتحقق عنوان التجاوز و إنما يكون محرزا الدخول في الجامع الانتزاعي و هو لا يجدي في تحقق هذا العنوان،فإذن كون المأتي به في الواقع لو كان هو التشهد فالشك في السجدة و إن كان شكا بعد التجاوز الاّ أنه تقديري لا تحقيقي،يعني لو كان هو التشهد.

الأقوى الحاقة بالجلوس فيلغى النهوض و يجلس و يحكم بالاتيان بالسجدة تطبيقا لقاعدة التجاوز و يتشهد و يواصل صلاته و لا شيء عليه و ذلك لما

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 239)


الدخول فيه مضى و أتم الصلاة و أتى بقضاء كل منهما مع سجدتي السهو(1)،و الأحوط إعادة الصلاة أيضا،و يحتمل وجوب العود لتدارك
ذكرناه في محله من أن المعتبر في تطبيق قاعدة التجاوز على عمل هو التجاوز عن مكانه المقرر له شرعا و هو لا يتحقق الاّ بالدخول في عمل آخر مترتب عليه شرعا و لا يكفي الدخول في مقدماته و النهوض بما أنه مقدمة للقيام فلا يكون الدخول فيه محققا لعنوان التجاوز.

في المضي إشكال بل منع،و الصحيح أنه يلغى القيام و يجلس و يتشهد و يواصل صلاته و يتمها ثم يقضي السجدة،و الأحوط أن يسجد سجدتي السهو مرتين مرة لنسيان السجدة و أخرى للقيام الزائد،و السبب فيه أنه ليس بإمكان المصلي في هذه الحالة تطبيق قاعدة التجاوز على كل من السجدة و التشهد للعلم الإجمالي بوجوب قضاء أحدهما و هو مانع عنه باعتبار استلزامه المخالفة القطعية العملية،فإذن تسقط القاعدة من جهة المعارضة فتنتهي النوبة إلى استصحاب عدم الاتيان بهما معا و لا مانع منه حيث لا يلزم محذور المخالفة القطعية العملية،و أما المخالفة القطعية الالتزامية فهي لا تمنع عنه و يترتب على هذا الاستصحاب ان على المصلي الغاء القيام باعتبار أنه بحكم الشارع في غير محله و يجلس و يأتي بالتشهد و يسلم و بعد الفراغ يأتي بسجدة بدلا عما فات ثم يسجد سجدتي السهو على الأحوط مرتين.

و أما ما ذكره الماتن قدّس سرّه من الجمع بين المضي و إتمام الصلاة و قضاء كل من التشهد و السجدة فهو لا يتم،فإنه إن كان مبنيا على أن العلم الإجمالي بوجوب قضاء أحدهما لا يكون منجزا في أثناء الصلاة باعتبار أن المعلوم بالاجمال لا يكون فعليا و إنما يصير فعليا بعد إتمام الصلاة فلا يكون مانعا حينئذ عن إجراء القاعدة فيهما.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 240)


التشهد و الإتمام و قضاء السجدة فقط(1)مع سجود السهو(2)،و عليه أيضا الأحوط الإعادة أيضا.

فيرد عليه:إنه يكفي في مانعية هذا العلم الإجمالي عن تطبيق قاعدة التجاوز عليهما معا أثناء الصلاة كونه مستلزما للمخالفة القطعية العملية للتكليف المنجز بعد الصلاة،و المفروض إنه يستلزم الترخيص في ترك القضاء بعدها،فإذن لا يمكن المضي و الاتمام على أساس القاعدة.

و إن كان مبنيا على أن ترك سجدة واحدة أو التشهد سهوا لا يضر بالصلاة فمن أجل ذلك لا مانع من المضي و إتمامها من دون التمسك بذيل القاعدة باعتبار أن صحة الصلاة لا تتوقف عليه و إنما الغرض من التمسك بها هو نفي وجوب القضاء لا صحتها.

فيرد عليه:ان ذلك صحيح إذا علم المصلي بترك أحدهما بعد دخوله في ركوع الركعة اللاحقة،فإنه حينئذ تسقط قاعدة التجاوز فيهما من جهة المعارضة فيلجأ عندئذ إلى أصالة عدم الاتيان بهما،و مقتضى الاصالة وجوب قضائهما.و أما إذا علم بذلك قبل دخوله فيه كما هو المفروض في المسألة فلا يمكن المضي و إتمام الصلاة بدون التمسك بالقاعدة،إذ بقطع النظر عنها فلا بد من أن يلجأ إلى أصالة عدم الاتيان بهما،و نتيجتها أن يلغي القيام و يجلس و يتشهد و يتم الصلاة و لا يجوز له أن يواصل صلاته من دون أن يقوم بتدارك التشهد لأنه لو لم يقم به لكان تاركا له عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي فتبطل صلاته حينئذ.

فالنتيجة:انه لا يمكن إتمام هذه الصلاة بدون تدارك التشهد،و معه لا يجب الا قضاء السجدة فحسب.

مر أن هذا الاحتمال هو المتعين و لا منشأ حينئذ للاحتياط بالاعادة.

مرتين على الأحوط كما عرفت.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 241)


[العشرون:إذا علم أنه ترك سجدة إما من الركعة السابقة أو من هذه الركعة]

[2153]العشرون:إذا علم أنه ترك سجدة إما من الركعة السابقة أو من هذه الركعة فإن كان قبل الدخول في التشهد أو قبل النهوض إلى القيام أو في أثناء النهوض قبل الدخول فيه وجب عليه العود إليها لبقاء المحل(1)و لا شيء عليه لأنه بالنسبة إلى الركعة السابقة شك بعد تجاوز المحل،و إن كان بعد الدخول في التشهد أو في القيام مضى و أتم الصلاة و أتى بقضاء السجدة و سجدتي السهو،و يحتمل وجوب العود لتدارك سجدة من هذه الركعة(2)و الاتمام و قضاء السجدة مع
ألحق قدّس سرّه في هذه المسألة النهوض بالجلوس و حكم بوجوب العود إلى السجدة و الاتيان بها معللا ببقاء المحل،و في المسألة التاسعة عشرة الحقه بالقيام في عدم وجوب العود إلى التشهد،و لعل نظره قدّس سرّه في هذه المسألة إلى أنها مورد النص و هو صحيحة عبد الرحمن التي يكون موردها الشك في السجود حال النهوض،و الامام عليه السّلام أمر بالسجود،و لو لا النص لم يقل به،و بما أن النص بنظره قدّس سرّه يكون على خلاف القاعدة فلا بد من الاقتصار على مورده و لا يمكن التعدي عنه إلى مورد المسألة المتقدمة و هو الشك في التشهد حال النهوض،فإنه لا بد فيه من العمل على طبق مقتضى القاعدة و هو أن التجاوز كما يتحقق بالدخول في القيام كذلك يتحقق بالدخول في النهوض،فإذا دخل المصلي في النهوض و شك في التشهد حكم بالاتيان به تطبيقا لقاعدة التجاوز،و لكن الصحيح ما مر من أن عنوان التجاوز لا يتحقق بالدخول في مقدمات الأجزاء كالنهوض أو الهوي أو نحو ذلك و النص يكون على طبق القاعدة لا أنه مخالف لها.

هذا الاحتمال هو المتعين بعين ما مر في المسألة المتقدمة،إذ لا فرق بين هذه المسألة و المسألة المتقدمة في الحكم،نعم إن أحد طرفي العلم الإجمالي هناك يكون التشهد و أما هنا فيكون كلا طرفيه السجدة،و لكن لا أثر لهذا الفرق في

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 242)


سجود السهو(1)،و الأحوط على التقديرين إعادة الصلاة أيضا.

[الحادية و العشرون:إذا علم أنه إما ترك جزءا مستحبا كالقنوت مثلا أو جزءا واجبا]

[2154]الحادية و العشرون:إذا علم أنه إما ترك جزءا مستحبا كالقنوت مثلا أو جزءا واجبا سواء كان ركنا أو غيره من الأجزاء التي لها قضاء كالسجدة و التشهد أو من الأجزاء التي يجب سجود السهو لأجل نقصها صحت صلاته و لا شيء عليه(2)،و كذا لو علم أنه إما ترك الجهر أو
حكم المسألتين.

مرتين على الأحوط مرة للنقص و أخرى للزيادة.

في إطلاق الحكم بالصحة إشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل،فإنه تارة تفرض المسألة فيما إذا لم يكن لترك المستحب فيها أثر شرعي كالقضاء أو نحوه،و أخرى تفرض فيما إذا كان له أثر شرعي كالقنوت و النافلة المرتبة كصلاة الليل و نحوها مما له أثر شرعي من الاعادة لدى الاخلال بها أو القضاء.فعلى الأول:لا إشكال في الحكم بالصحة تطبيقا للقاعدة على الجزء الواجب بلا معارض لأنها لا تجري في الجزء المستحب لعدم الأثر له.

و على الثاني:فعلى القول بالعلية التامة يكون العلم الإجمالي بنفسه مانعا عن جريان الأصول في أطرافه و إن لم يلزم منه محذور المخالفة القطعية العملية، و عليه فلا تجري في الجزء الواجب و لا في الجزء المستحب،فإذن لا يمكن الحكم بالصحة.

و على القول بالاقتضاء كما هو الصحيح فبما أنه لا يلزم من تطبيق قاعدة التجاوز على كل من الواجب و المستحب محذور المخالفة القطعية العملية فلا يكون مانع منه من هذه الناحية.نعم ان هنا مانعا آخر و هو ما ذكرناه من أن قاعدة التجاوز قاعدة عقلائية فتكون حجيتها لدى العقلاء مبنية على نكتة و هي كاشفيتها النوعية عن الواقع،و من المعلوم أنه لا بناء منهم على العمل بها في أطراف العلم

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 243)


الاخفات في موضعهما أو بعض الأفعال الواجبة المذكورة لعدم الأثر لترك الجهر و الاخفات فيكون الشك بالنسبة إلى الطرف الآخر بحكم الشك البدوي.

[الثانية و العشرون:لا إشكال في بطلان الفريضة إذا علم إجمالا أنه إما زاد فيها ركنا أو نقص ركنا]

[2155]الثانية و العشرون:لا إشكال في بطلان الفريضة إذا علم إجمالا أنه إما زاد فيها ركنا أو نقص ركنا(1)،و أما في النافلة فلا تكون باطلة لأن زيادة
الإجمالي و إن لم يلزم منه محذور المخالفة القطعية العملية على أساس عدم توفر النكتة المبررة لبنائهم عليها،مثلا إذا فرغ المصلي من صلاة الصبح و نافلته ثم علم إجمالا بنقصان ركن في إحداهما لم تجر قاعدة الفراغ فيهما معا لا من جهة المعارضة بينهما بل من جهة أن عمدة الدليل عليها بناء العقلاء،و لا بناء منهم على العمل بها في موارد العلم الإجمالي بعدم مطابقة إحداهما للواقع،و قد ذكرنا في محله أن روايات القاعدة في مقام التأكيد لا التأسيس،بل في بعضها تصريح بما هو الملاك المبرر لبنائهم على العمل بها و هو الأذكرية حين العمل.

في إطلاقه إشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل بين ما إذا علم بزيادة ركوع في ركعة أو نقصانه في أخرى أو زيادة سجدتين في ركعة أو نقصانهما في أخرى أو مختلفتين و كان ذلك بعد التجاوز عن المحل الشكي،كما إذا دخل في التشهد أو القيام للركعة الثالثة و علم بأنه أما ترك سجدتين من هذه الركعة أو زاد ركوعا في الأولى،أو دخل في السجود و علم بأنه أما ترك ركوع هذه الركعة أو زاد سجدتين في السابقة فإن في مثل هذه الحالة لا بد من الحكم ببطلان الصلاة على أساس أن قاعدة التجاوز في طرف النقيصة معارضة بأصالة عدم الزيادة في الطرف الآخر فتسقطان من جهة المعارضة،و حينئذ لا بد من الحكم ببطلان الصلاة،و أما إذا كان ذلك قبل تجاوز المحل،كما إذا تفطن بالحال و هو جالس قبل أن يدخل في التشهد بأنه اما ترك سجدتين من هذه الركعة أو زاد ركوعا في السابقة،أو تفطن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 244)


الركن فيها مغتفرة و النقصان مشكوك.

نعم،لو علم أنه إما نقص فيها ركوعا أو سجدتين بطلت،و لو علم إجمالا أنه إما نقص فيها ركوعا مثلا أو سجدة واحدة أو ركوعا أو تشهدا أو نحو ذلك مما ليس بركن لم يحكم بإعادتها لأن نقصان ما عدا الركن فيها لا اثر له من بطلان أو قضاء أو سجود سهو فيكون احتمال نقص الركن كالشك البدوي.

[الثالثة و العشرون:إذا تذكر و هو في السجدة أو بعدها من الركعة الثانية مثلا أنه ترك سجدة من الركعة الاولى]

[2156]الثالثة و العشرون:إذا تذكر و هو في السجدة أو بعدها من الركعة الثانية مثلا أنه ترك سجدة من الركعة الاولى و ترك أيضا ركوع هذه الركعة جعل السجدة التي أتى بها للركعة الاولى و قام و قرأ و قنت و أتم صلاته، و كذا لو علم أنه ترك سجدتين من الاولى و هو في السجدة الثانية من الثانية
حال الهوي قبل أن يدخل في السجود بأنه أما ترك ركوع هذه الركعة أو زاد سجدتين في السابقة،ففي مثل هذه الحالة تكون وظيفته الاتيان بالسجدتين أو الركوع على أساس قاعدة الشك في المحل في هذه الركعة،و حينئذ فلا مانع من الرجوع إلى أصالة عدم الزيادة في الركعة السابقة فينحل العلم الإجمالي حينئذ بتطبيق الأصل المثبت و النافي في أطرافه و يحكم بصحة الصلاة و بين ما إذا علم إجمالا أما بزيادة التكبيرة في الصلاة أو نقصان ركوع فيها فالأظهر فيه عدم البطلان و إن كان العلم بذلك بعد التجاوز عن المحل الشكي لما قدمناه من أنه لا دليل على أن زيادة التكبيرة في الصلاة مبطلة لها،فإذن لا مانع من الحكم باتيان الركوع في محله تطبيقا للقاعدة بلا معارض على أساس ان اصالة عدم الزيادة لا تجري في التكبيرة في نفسها من جهة عدم ترتب أثر عملي عليها.

فالنتيجة:انه لا بد من تقييد الحكم بالبطلان بما إذا كان التذكر بالحال بعد التجاوز عن المحل و لم يكن أحد طرفي العلم الإجمالي زيادة التكبيرة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 245)


فيجعلها للأولى و يقوم إلى الركعة الثانية و إن تذكر بين السجدتين سجد اخرى بقصد الركعة الأولى و يتم،و هكذا بالنسبة إلى سائر الركعات إذا تذكر بعد الدخول في السجدة من الركعة التالية أنه ترك السجدة من السابقة و ركوع هذه الركعة،و لكن الأحوط في جميع هذه الصور إعادة الصلاة(1) بعد الاتمام.

[الرابعة و العشرون:إذا صلى الظهر و العصر و علم بعد السلام نقصان إحدى الصلاتين ركعة]

[2157]الرابعة و العشرون:إذا صلى الظهر و العصر و علم بعد السلام نقصان إحدى الصلاتين ركعة(2)،فإن كان بعد الإتيان بالمنافي عمدا و سهوا أتى بصلاة واحدة بقصد ما في الذمة،و إن كان قبل ذلك قام فأضاف إلى الثانية ركعة ثم سجد للسهو عن السلام في غير المحل ثم أعاد الاولى، بل الأحوط أن لا ينوي الاولى بل يصلي أربع ركعات بقصد ما في الذمة لاحتمال كون الثانية على فرض كونها تامة محسوبة ظهرا.

[الخامسة و العشرون:إذا صلى المغرب و العشاء ثم علم بعد السلام من العشاء أنه نقص من إحدى الصلاتين ركعة]

[2158]الخامسة و العشرون:إذا صلى المغرب و العشاء ثم علم بعد السلام من العشاء أنه نقص من إحدى الصلاتين ركعة فإن كان بعد الاتيان بالمنافي عمدا و سهوا وجب عليه إعادتهما،و إن كان قبل ذلك قام فأضاف إلى العشاء ركعة ثم يسجد سجدتي السهو ثم يعيد المغرب.

هذا الاحتياط و إن كان استحبابيا الاّ إنه ضعيف جدا و لا منشأ له الاّ تخيل وقوع هذه السجدة في غير محلها،و فيه:انه لا أثر لهذا التخيل بعد وقوعها في محلها واقعا و مصداقا لسجدة الركعة الأولى المأمور بها حقيقة…أو زيادة القيام و القراءة،و فيه:ان زيادتهما لما كانت سهوية لم تضر بالصلاة و إنما توجب سجدتي السهو على الأحوط مرة لزيادة القيام و أخرى لزيادة القراءة.

ظهر حكم هذه المسألة و ما بعدها مما تقدم في المسألة الثامنة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 246)


[السادسة و العشرون:إذا صلى الظهرين و قبل أن يسلّم للعصر علم إجمالا أنه إما ترك ركعة من الظهر]

[2159]السادسة و العشرون:إذا صلى الظهرين و قبل أن يسلّم للعصر علم إجمالا أنه إما ترك ركعة من الظهر و التي بيده رابعة العصر أو أن ظهره تامة و هذه الركعة ثالثة العصر،فبالنسبة إلى الظهر شك بعد الفراغ و مقتضى القاعدة البناء على كونها تامة،و بالنسبة إلى العصر شك بين الثلاث و الأربع و مقتضى البناء على الأكثر الحكم بأن ما بيده رابعتها(1)و الاتيان بصلاة
في تطبيق قاعدة البناء على الأكثر على صلاة العصر إشكال بل منع، و الظاهر أنه لا يمكن تطبيق القاعدة عليها لما أشرنا إليه في ضمن البحوث السالفة من أن المستفاد من روايات القاعدة عامة و من نص بعضها خاصة أنها إنما شرعت بغاية إن المصلي الشاك في عدد ركعات صلاته إذا لجأ إليها في مقام العمل كان قد تيقن من إتمام صلاته و فراغ ذمته منها باعتبار أنها إن كانت تامة في الواقع لم تقدح صلاة الاحتياط لأنها حينئذ تصبح نافلة،و إن كانت ناقصة فهي متممة لها حقيقة، و على هذا فلا يمكن علاج الشك بين الثلاث و الأربع في صلاة العصر هنا باللجوء إلى العمل بهذه القاعدة و تطبيقها لأنها على تقدير تماميتها في الواقع انقلبت ظهرا على أساس أنها كانت عندئذ ناقصة و باطلة،و بالتالي يلزم من فرض تماميتها اشتغال ذمته بها لا الفراغ،و من المعلوم ان ذلك ليس من موارد هذه القاعدة و مشمولا لقوله عليه السّلام في موثقة عمار:«و إن كنت أتممت لم يكن عليك شيء» 1لفرض أنه إن أتمها فعليه شيء و هو اعادتها ثانيا.و إن كانت ناقصة واقعا و كانت الظهر تامة فعندئذ و إن أمكن تتميمها بصلاة الاحتياط الاّ أن ذلك وحده لا يكفي في تطبيق القاعدة و شمولها للمقام لأن مورد هذه القاعدة هو الشك في عدد ركعات الصلاة التي على تقدير تماميتها في الواقع كانت ذمة المصلي قد فرغت عنها و لا شيء عليه،و على تقدير نقصانها فهي متممة لها،فالنتيجة انه كان يتيقن بالفراغ،و صلاة العصر في المقام ليست كذلك فإن المصلي لو بنى على الأكثر فيها


 

1) <page number=”246″ />الوسائل ج 8 باب:8 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 247)


……….

و أتمها ثم أتى بصلاة الاحتياط لم يتيقن بفراغ ذمته عنها لأنها إن كانت تامة في الواقع انقلبت ظهرا.نعم إن كانت ناقصة فهي متممة لها،و بما انه لا يعلم أنها تامة أو ناقصة فلا يتيقن بالفراغ،فإذن مقتضى قاعدة الاشتغال انه لا بد من إعادتها،فمن أجل ذلك لا يكون الشك فيها مشمولا لقاعدة البناء.

و دعوى:ان صلاة الظهر في المسألة محكومة بالصحة تطبيقا لقاعدة الفراغ، و بعد تطبيق هذه القاعدة عليها لا مانع من تطبيق قاعدة علاج الشك في عدد الركعات على صلاة العصر لأن الظهر حينئذ محكومة بالصحة،و أما العصر فبما أن المصلي شاك في عدد ركعاتها وجدانا بين الثلاث و الأربع فهي مشمولة لنصوص العلاج على أساس أنها إن كانت تامة لم تنقلب عندئذ ظهرا باعتبار أن الظهر محكومة بالصحة بحكم الشارع و فراغ ذمة المصلي عنها بقطع النظر عن كون العصر تامة أو لا…

مدفوعة:بأن تطبيق كلتا القاعدتين على كلتا الصلاتين و إن لم يستلزم المخالفة القطعية العملية،و لا تطبيق قاعدة الفراغ على صلاة الظهر نفي احتمال أن يكون ما بيده رابعة العصر الاّ بناء على أن تكون مثبتاتها حجة.

و لكن هذه الدعوى ممنوعة من جهة أخرى و هي أنه لا يمكن تطبيق قاعدة الفراغ على صلاة الظهر و قاعدة البناء على الأكثر على صلاة العصر،أما الأول فلأن المصلي كان يعلم بأنه إذا أتم العصر على ما بيده من الركعة فقد حصل له اليقين الجزمي بصحة الظهر واقعا و إن كانت ناقصة في الواقع،فإن العصر حينئذ بما أنها تامة انقلبت ظهرا،و مع اليقين بصحتها واقعا لا مجال لقاعدة الفراغ و لا موضوع لها فيها وجدانا.و أما الثاني فقد ظهر وجهه من ذلك،فإن المصلي لو بنى على أن ما بيده ركعة رابعة للعصر تطبيقا لقاعدة البناء على الأكثر و أتم صلاته كان قد علم أن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 248)


……….

هذه الركعة لو كانت رابعة للعصر واقعا انقلبت العصر ظهرا و ظلت العصر في ذمته فلا بد من إعادتها من جديد.و من هنا قلنا أن روايات قاعدة البناء و العلاج لا تشمل المقام،فما في هذه الدعوى من الجمع بين الحكم بصحة الظهر تطبيقا لقاعدة الفراغ و الحكم بصحة العصر تطبيقا لقاعدة البناء على الأكثر فهو جمع بين المتناقضين لأن المصلي لو بنى على الأكثر و جعل ما بيده رابعة للعصر و أتم صلاته لزم محذوران..

أحدهما:ان صلاة العصر ان كانت تامة في الواقع فبما أن الظهر ناقصة و باطلة حينئذ انقلبت ظهرا و ظلت العصر في ذمته و عليه إعادتها من جديد و بذلك لا يكون الشك في عدد ركعاتها موضوعا لأدلة البناء لأن موضوعها هو الشك في عدد ركعات الصلاة ان كانت تامة في الواقع،فلا شيء عليه كما مر.

و الآخر:ان المصلى لو بنى على الأكثر في صلاة العصر و تشهد و سلم كان قد علم جزما بصحة صلاة الظهر واقعا أما بنفسها أو بسبب انقلاب العصر إليها، و بذلك ترتفع قاعدة الفراغ فيها بارتفاع موضوعها وجدانا و هو الشك في صحتها و فسادها.

و النكتة فيه:ان قاعدة الفراغ قاعدة ظاهرية موضوعها الشك في صحة العمل و فساده بعد الفراغ منه،و قاعدة الانقلاب قاعدة واقعية،فإذا كانت الظهر ناقصة واقعا و العصر تامة كذلك انقلبت ظهرا،فإذن لا يمكن الجمع بين إجراء قاعدة الفراغ في صلاة الظهر و إجراء قاعدة البناء على الأكثر في صلاة العصر و تكون قاعدة البناء على الأكثر واردة على قاعدة الفراغ،فمن أجل هذه النكتة و هي أن صلاة العصر إن كانت تامة في الواقع انقلبت ظهرا لا يمكن تطبيق قاعدة البناء على الأكثر على صلاة العصر أيضا.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 249)


الاحتياط بعد إتمامها،إلا أنه لا يمكن إعمال القاعدتين معا لأن الظهر إن كانت تامة فلا يكون ما بيده رابعة،و إن كان بيده رابعة فلا يكون الظهر تامة، فيجب إعادة الصلاتين(1)لعدم الترجيح في إعمال إحدى القاعدتين(2).

نعم،الأحوط الاتيان بركعة اخرى للعصر،ثم إعادة الصلاتين لاحتمال كون قاعدة الفراغ من باب الأمارات(3)،و كذا الحال في العشاءين
فالنتيجة:إن المصلي في هذه المسألة و إن كان شاكا بين الثلاث و الأربع في صلاة العصر الاّ أنه لما علم إجمالا أن ما بيده من الركعة إن كان رابعة لها في الواقع كان قد ترك ركعة من الظهر،و إن كان ثالثة فيه كان قد أتى بالظهر تماما لم يكن هذا الشك مشمولا لأدلة البناء على الأكثر كما عرفت،و حينئذ فيكون المصلي مخيرا بين أن يتم صلاة العصر على ما بيده من الركعة رجاء لإدراك الواقع و بعنوان ما في الذمة لا باسم العصر ثم يستأنفها عصرا من جديد و على هذا فقد تيقن بصحة الظهر بلا حاجة إلى التمسك بقاعدة الفراغ بل لا موضوع لها عندئذ،و بين الغاء ما كان قد أتى به من صلاة العصر و يستأنفها من جديد باعتبار أنه لا يتمكن من إتمامها عصرا بعد الحكم بصحة صلاة الظهر تطبيقا لقاعدة الفراغ.

ظهر مما تقدم أنه يجب إعادة العصر فقط و أما الظهر فهي محكومة بالصحة إما واقعا أو ظاهرا بمقتضى قاعدة الفراغ فلا موجب لإعادتها.

ظهر مما مر ان كلتا القاعدتين لا تجري إن أتم المصلي صلاة العصر على ما بيده من الركعة المشكوكة رجاء،و إن ألغى جرت قاعدة الفراغ في صلاة الظهر فقط.

هذا الاحتمال هو الأظهر إن أراد بالامارة اشتمالها على نكتة تبرر احتمال أقربيتها إلى الواقع و تضعف احتمال الخلاف.و إن أراد بها ان مثبتاتها حجة..فليس كذلك لأن أماريتها إنما هي على أساس أنها تتضمن النكتة التي

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 250)


إذا علم أنه إما صلى المغرب ركعتين و ما بيده رابعة العشاء أو صلاها ثلاث ركعات و ما بيده ثالثة العشاء.

[السابعة و العشرون:لو علم أنه صلى الظهرين ثماني ركعات و لكن لم يدر أنه صلى كلا منهما أربع ركعات أو نقص من إحداهما ركعة و زاد في الاخرى]

[2160]السابعة و العشرون:لو علم أنه صلى الظهرين ثماني ركعات و لكن لم يدر أنه صلى كلا منهما أربع ركعات أو نقص من إحداهما ركعة و زاد في الاخرى بنى على أنه صلى كلاّ منهما أربع ركعات عملا بقاعدة عدم اعتبار الشك بعد السلام،و كذا إذا علم أنه صلى العشاءين سبع ركعات و شك بعد السلام في أنه صلى المغرب ثلاثة و العشاء أربعة أو نقص من إحداهما و زاد في الاخرى فيبني على صحتهما.

[الثامنة و العشرون:إذا علم أنه صلى الظهرين ثمان ركعات و قبل السلام من العصر شك في أنه هل صلى الظهر أربع ركعات]

[2161]الثامنة و العشرون:إذا علم أنه صلى الظهرين ثمان ركعات و قبل السلام من العصر شك في أنه هل صلى الظهر أربع ركعات فالتي بيده رابعة العصر أو أنه نقص من الظهر ركعة فسلّم على الثلاث و هذه التي بيده خامسة العصر فبالنسبة إلى الظهر شك بعد السلام،و بالنسبة إلى العصر شك بين الأربع و الخمس فيحكم بصحة الصلاتين إذ لا مانع من إجراء القاعدتين(1)،فبالنسبة إلى الظهر يجري قاعدة الفراغ و الشك بعد السلام
تكشف في الغالب عن مطابقة العمل للواقع في ظرف جهل المكلف و شكه و هي أن الترك العمدي رغم أنه في مقام الامتثال خلف الفرض،و الترك السهوي نادر، و روايات القاعدة تؤكد على الغاء الشك و البناء على الاتيان بالمشكوك على أساس تلك النكتة العقلائية،و من المعلوم ان تلك النكتة لا تقتضي أكثر من اثبات مدلولها المطابقي باعتبار أنها نكتة لبية ليس لها لسان حكائي،و لذا لا بناء للعقلاء على أكثر من ذلك،و تمام الكلام في الأصول.

هذا هو الصحيح للفرق بين هذه المسألة و المسألة المتقدمة حيث

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 251)


فيبني على أنه سلّم على أربع،و بالنسبة إلى العصر يجري حكم الشك بين الأربع و الخمس فيبني على الأربع إذا كان بعد إكمال السجدتين فيتشهد و يسلّم ثم يسجد سجدتي السهو،و كذا الحال في العشاءين إذا علم قبل السلام من العشاء أنه صلى سبع ركعات و شك في أنه سلّم من المغرب على ثلاث فالتي بيده رابعة العشاء أو سلّم على الاثنتين فالتي بيده خامسة العشاء فإنه يحكم بصحة الصلاتين و إجراء القاعدتين.

[التاسعة و العشرون:لو انعكس الفرض السابق]

[2162]التاسعة و العشرون:لو انعكس الفرض السابق بأن شك-بعد العلم بأنه صلى الظهرين ثمان ركعات قبل السلام من العصر-في أنه صلى الظهر أربع فالتي بيده رابعة العصر أو صلاها خمسا فالتي بيده ثالثة العصر فبالنسبة إلى الظهر شك بعد السلام و بالنسبة إلى العصر شك بين الثلاث و الأربع،و لا وجه لإعمال قاعدة الشك بين الثلاث و الأربع في العصر لأنه إن صلى الظهر أربعا فعصره أيضا أربعة فلا محل لصلاة الاحتياط،و إن صلى الظهر خمسا فلا وجه للبناء على الأربع في العصر و صلاة الاحتياط، فمقتضى القاعدة إعادة الصلاتين(1).

يحتمل أن تكون كلتا الصلاتين تامة في هذه المسألة دون تلك،فمن أجل ذلك لا مانع من إجراء قاعدة الفراغ في الظهر و قاعدة الشك بين الأربع و الخمس في العصر فيبني على الأربع و يتمها.هذا إذا كان الشك بعد إكمال السجدتين،و أما إذا كان في حال القيام فبما أن شكه بين الأربع و الخمس فوظيفته أن يرجع و يهدم القيام و يجلس و حينئذ يرجع شكه إلى الشك بين الثلاث و الأربع فتصبح المسألة عندئذ من أفراد المسألة المتقدمة و حكمها حكم تلك المسألة.

بل مقتضى القاعدة إعادة صلاة العصر فحسب دون الظهر إذ لا يمكن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 252)


نعم،لو عدل بالعصر إلى الظهر و أتى بركعة اخرى و أتمها يحصل له العلم بتحقق ظهر صحيحة مرددة بين الاولى إن كان في الواقع سلّم فيها على الأربع و بين الثانية المعدول بها إليها إن كان سلّم فيها على الخمس، و كذا الحال في العشاءين إذا شك-بعد العلم بأنه صلى سبع ركعات قبل السلام من العشاء-في أنه سلّم في المغرب على الثلاث حتى يكون ما بيده رابعة العشاء أو على الأربع حتى يكون ما بيده ثالثتها،و هنا أيضا إذا عدل إلى المغرب و أتمها يحصل له العلم بتحقق مغرب صحيحة إما الاولى أو الثانية المعدول إليها و كونه شاكا بين الثلاث و الأربع مع أن الشك في المغرب مبطل لا يضر بالعدول،لأن في هذه الصورة يحصل العلم بصحتها مرددة بين هذه و الاولى،فلا يكتفي بهذه فقط حتى يقال:إن الشك في
إتمام صلاة العصر باسمها بقاعدة العلاج و البناء على الأكثر لأنها إن كانت تامة في الواقع فلا حاجة إلى العلاج،و إن كانت ناقصة فيه وجب العدول بها إلى الظهر باعتبار أنها باطلة بزيادة ركعة فيها و الاتيان بركعة موصولة حينئذ لا مفصولة،فإذن لا موضوع للعلاج،و على هذا فالمصلي في هذه المسألة بما إنه يشك في صحة صلاة الظهر بعد التسليم فيبني عليها تطبيقا لقاعدة الفراغ و يستأنف صلاة العصر من جديد،فلا مقتضي لإعادة كلتا الصلاتين معا،و إذا أراد حصول الجزم بصحة صلاة الظهر واقعا كان له أن يتم ما بيده من الصلاة باضافة ركعة إليها متصلة برجاء الظهر فحينئذ يتيقن بالاتيان بصلاة ظهر صحيحة في الواقع أما الأولى أو الثانية، و بما أن تحصيل الجزم بالصحة غير لازم فله أن يكتفي بصحتها ظاهرا بمقتضى قاعدة الفراغ،و يستأنف صلاة العصر من جديد تطبيقا لقاعدة الاشتغال بأن ألغى ما كان قد أتى به من صلاة العصر و يعيدها مرة أخرى على نحو الجزم بالأمر بها، و بذلك يظهر حال العشاءين حرفا بحرف.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 253)


ركعاتها يضر بصحتها.

[الثلاثون:إذا علم أنه صلى الظهرين تسع ركعات و لا يدري أنه زاد ركعة في الظهر أو في العصر]

[2163]الثلاثون:إذا علم أنه صلى الظهرين تسع ركعات و لا يدري أنه زاد ركعة في الظهر أو في العصر فإن كان بعد السلام من العصر وجب عليه إتيان صلاة أربع ركعات بقصد ما في الذمة(1)،و إن كان قبل السلام فبالنسبة إلى الظهر يكون من الشك بعد السلام و بالنسبة إلى العصر من الشك بين الأربع و الخمس،و لا يمكن إعمال الحكمين(2)،لكن لو كان
بل بنية العصر على اساس أن المصلي يعلم بأن إحدى الصلاتين صحيحة في الواقع اما الظهر أو العصر بعد سقوط قاعدة الفراغ فيهما بالمعارضة، و عليه فإن كانت الصحيحة هي صلاة الظهر فالباقي في ذمته صلاة العصر بنفسها، و إن كانت هي العصر فبما أنها انقلبت ظهرا فالباقي في ذمته هو العصر أيضا لكن بالانقلاب،و على كلا التقديرين فيجب عليه أن يأتي بصلاة باسم العصر.

فيه إشكال بل منع،فإنه لا مانع من اعمال قاعدة الفراغ في صلاة الظهر و إنما لا يمكن اعمال قاعدة الشك بين الأربع و الخمس في صلاة العصر بأن يبني على الأربع و يتم الصلاة و يسجد سجدتي السهو للعلم الإجمالي أما بفسادها لزيادة ركعة فيها إن كانت خمسا في الواقع،و أما لانقلابها ظهرا إن وقعت الظهر خمسا،فلا يمكن إتمامها عصرا،فإذن لا موضوع للقاعدة فيها،هذا إذا كان الشك بعد إكمال السجدتين،و أما إذا كان الشك في حال القيام فوظيفته الغاء القيام و الجلوس و حينئذ يرجع شكه إلى الشك بين الثلاث و الأربع،و قد مر أنه لا يمكن للمصلي أن يبني على الأربع و يتمها عصرا ثم يأتي بصلاة الاحتياط للعلم بأن صلاة الاحتياط لغو لأن العصر لا تخلو من أن تكون تامة في الواقع أو ناقصة،فعلى الأول لا تحتاج إلى صلاة الاحتياط،و على الثاني يجب العدول منها إلى الظهر و إتمامها ظهرا،فلا موضوع حينئذ للعلاج بصلاة الاحتياط.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 254)


بعد إكمال السجدتين و عدل إلى الظهر و أتم الصلاة(1)و سجد للسهو يحصل له اليقين بظهر صحيحة إما الاولى أو الثانية.

[الحادية و الثلاثون:إذا علم أنه صلى العشاءين ثمان ركعات و لا يدري أنه زاد الركعة الزائدة في المغرب أو في العشاء]

[2164]الحادية و الثلاثون:إذا علم أنه صلى العشاءين ثمان ركعات و لا يدري أنه زاد الركعة الزائدة في المغرب أو في العشاء وجب إعادتهما سواء كان الشك بعد السلام من العشاء أو قبله(2).

فالنتيجة:انه على هذا حكم هذه المسألة حكم المسألة المتقدمة فما ذكرناه هناك يجري فيها بعينه.

في التخصيص إشكال بل منع،فإنه كما يجوز العدول إلى الظهر رجاء بعد إكمال السجدتين و إتمامها ظهرا كذلك ثم الاتيان بصلاة العصر،يجوز العدول إلى الظهر أثناء القيام فيتمها ظهرا رجاء من غير هدم للقيام،و بذلك يعلم وجدانا بتحقق صلاة الظهر صحيحة واقعا،أما الأولى أو الثانية.

فالنتيجة:ان المصلي سواء تفطن بالحال بعد إكمال السجدتين أم في أثناء القيام فبما أنه ليس بمقدوره إتمام ما بيده من الصلاة باسم العصر فله أن يرفع اليد عنها و يستأنفها باسم العصر من جديد،و له أن يتمها بنية الظهر رجاء.

في إطلاقه إشكال بل منع،و الصحيح هو التفصيل بين أن يكون الشك بعد السلام من العشاء و أن يكون قبله،فعلى الأول فالأمر كما في المتن،لأن قاعدة الفراغ فيهما تسقط من جهة المعارضة مع قاعدة الفراغ في المغرب،فلا مناص حينئذ من وجوب إعادتهما معا تطبيقا لقاعدة الاشتغال،و بذلك تمتاز هذه المسألة عن المسألة المتقدمة.

و على الثاني فتارة يكون الشك بعد اكمال السجدتين،و اخرى يكون في أثناء القيام و على كلا التقديرين فبما أن الشك في صلاة المغرب بعد الفراغ يحكم بصحتها تطبيقا لقاعدة الفراغ،و أما صلاة العشاء فلا يمكن إتمامها عشاء سواء أ كان

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 255)


[الثانية و الثلاثون:لو أتى بالمغرب ثم نسي الاتيان بها]

[2165]الثانية و الثلاثون:لو أتى بالمغرب ثم نسي الاتيان بها بأن اعتقد
الشك بين الأربع و الخمس فيها بعد إكمال السجدتين أم كان أثناء القيام.

أما على الأول:فلأن قاعدة الشك بين الأربع و الخمس لا تنطبق على المقام للعلم بفساد صلاة العشاء أما لزيادة ركعة فيها أو لفقد الترتيب بين الأجزاء الباقية منها و هي التشهد و التسليم و نحوهما،و بين صلاة المغرب على أساس أن المغرب فاسدة بزيادة ركعة فيها حينئذ،فمن أجل ذلك ليس بإمكان المصلي أن يتمها عشاء تطبيقا لقاعدة الشك.

و أما على الثاني:فهو يرجع و يجلس و بهذا ينقلب شكه إلى الشك بين الثلاث و الأربع و لكن مع ذلك لا يمكن تطبيق قاعدة البناء و العلاج في المقام للجزم بأن صلاة الاحتياط غير جابرة لصلاة العشاء فيها لأن صلاة العشاء إن كانت تامة في الواقع فصلاة الاحتياط نافلة،و إن كانت ناقصة وجب العدول بها إلى المغرب و إتمامها مغربا فلا موضوع للعلاج بها حينئذ.

فالنتيجة:إن صلاة المغرب محكومة بالصحة تطبيقا لقاعدة الفراغ بلا معارض و أما صلاة العشاء فبما أنه لا يمكن إتمامها عشاء في كلا الفرضين فلا بد من إعادتها من جديد،كما أن له العدول إلى صلاة المغرب رجاء إذا كان الشك في حال القيام فإنه يرجع و يجلس و بهذا يهدم الركعة التي كان فيها و يرجع شكه حينئذ إلى الشك بين الثلاث و الأربع و له عندئذ العدول إلى المغرب و إتمامها رجاء، و بذلك يعلم وجدانا بأنه أتى بصلاة المغرب صحيحة في الواقع،أما الأولى أو الثانية،ثم يأتي بالعشاء من جديد.نعم إذا كان الشك بين الأربع و الخمس بعد إكمال السجدتين لا يمكن العدول إليها لأنها حينئذ مرددة بين الأربع و الخمس فلا تقع مغربا على كلا التقديرين و كذلك إذا كان الشك بعد الدخول في الركوع و به تمتاز هذه المسألة أيضا عن المتقدمة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 256)


عدم الاتيان أو شك فيه فأتى بها ثانيا و تذكر قبل السلام أنه كان آتيا بها و لكن علم بزيادة ركعة إما في الاولى أو الثانية له أن يتم الثانية(1)و يكتفي بها لحصول العلم بالاتيان بها إما أولا أو ثانيا،و لا يضره كونه شاكا في الثانية بين الثلاث و الأربع مع أن الشك في ركعات المغرب موجب للبطلان،لما عرفت سابقا من أن ذلك إذا لم يكن هناك طرف آخر يحصل معه اليقين بالاتيان صحيحا(2)،و كذا الحال إذا أتى بالصبح ثم نسي و أتى بها ثانيا و علم بالزيادة إما في الاولى أو الثانية.

[الثالثة و الثلاثون:إذا شك في الركوع و هو قائم وجب عليه الاتيان به]

[2166]الثالثة و الثلاثون:إذا شك في الركوع و هو قائم وجب عليه الاتيان به فلو نسي حتى دخل في السجود فهل يجري عليه حكم الشك بعد
رجاء باعتبار أن الأولى محكومة بالصحة تطبيقا لقاعدة الفراغ، و حينئذ يجوز له الغاء الثانية و رفع اليد عنها و الاكتفاء بالأولى،كما ان له أن يتم الثانية رجاء على أساس احتمال الزيادة في الأولى وجدانا و بطلانها في الواقع،و إذا أتمها علم وجدانا بوقوع صلاة المغرب صحيحة في الواقع مرددة بين الأولى و الثانية.

فيه ان هذا الشك ليس شكا في صلاة المغرب لكي يقال أنه انما يوجب البطلان إذا لم يكن معه اليقين بالاتيان بها صحيحة لأن صلاة المغرب إحداها إما الاولى أو الثانية،و هي صحيحة واقعا،فالشك في أنها الأولى أو الثانية؟ و ليس هذا من الشك في عدد ركعات المغرب،بل ان المصلي لا يدري أن ما هو مصداق لصلاة المغرب المأمور بها واقعا هو الأولى أو الثانية؟فإن كان الأولى فالثانية أربع ركعات فليست مصداقا لها،و إن كان العكس فبالعكس،و بذلك يظهر الحال في صلاتي الفجرين إذا علم بزيادة ركعة في احداهما،فإن المصلي يعلم بصحة احداهما في الواقع و بطلان الأخرى و لكنه لا يميز الصحيح عن الباطل.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 257)


تجاوز المحل أم لا الظاهر عدم الجريان،لأن الشك السابق باق(1)،و كان قبل تجاوز المحل،و هكذا لو شك في السجود قبل أن يدخل في التشهد ثم دخل فيه نسيانا،و هكذا.

[الرابعة و الثلاثون:لو علم نسيان شيء قبل فوات محل المنسي]

[2167]الرابعة و الثلاثون:لو علم نسيان شيء قبل فوات محل المنسي
هذا هو المتعين لا لأجل ما ذكره قدّس سرّه من التعليل فإنه ضعيف جدا،فإن الشك السابق إنما يكون باقيا إذا كان النسيان متعلقا بنفس الشك،كما إذا شك في شيء ثم نسي شكه فيه و بعد ذلك تذكره و عاد كما كان،و أما إذا كان النسيان متعلقا بالمشكوك نفسه و هو الركوع في المقام،كما إذا شك المصلي فيه و هو قائم فلا يدري ان قيامه هذا بعد الركوع أو قبله ثم غفل عنه و نسيه و ذهبت صورته عن ذهنه نهائيا و بعد ما دخل في السجود تذكر و شك هل أنه أتى بالركوع أو لا؟و هذا يعني أنه يشك فعلا و يتردد في أنه حينما كان شاكا فيه و هو قائم هل أتى به ثم دخل في السجود أو لا؟فلا شبهة في أن هذا شك آخر غير الشك الأول و يكون بعد التجاوز عن المحل،و لكن مع ذلك لا تجري قاعدة التجاوز باعتبار أن المعتبر فيها احتمال الأذكرية و الالتفات حين العمل و هو مفقود في المقام لأنه كان يعلم بغفلته حين العمل.

نعم إذا تذكر في السجود أنه حينما كان شاكا في الركوع و هو قائم لم يأت بالركوع عملا بقاعدة الشك في المحل و سها و غفل عنه و دخل في السجود وجب عليه أن يرجع و يلغي ما كان قد أتى به و يقوم منتصبا ثم يركع،فإن المصلي في هذا الفرض يعلم بأنه لم يعمل على طبق شكه السابق غفلة و نسيانا لا أنه يشك في أنه كان قد عمل على مقتضاه أو لا،و لعل هذا هو مراد الماتن قدّس سرّه لا الفرض الأول، و بذلك يظهر الحال فيما إذا شك في السجود و هو جالس قبل أن يدخل في التشهد ثم دخل فيه نسيانا و غفلة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 258)


و وجب عليه التدارك فنسي حتى دخل في ركن بعده ثم انقلب علمه بالنسيان شكا(1)يمكن إجراء قاعدة الشك بعد تجاوز المحل و الحكم بالصحة إن كان ذلك الشيء ركنا،و الحكم بعدم وجوب القضاء و سجدتي السهو فيما يجب فيه ذلك،لكن الأحوط مع الاتمام إعادة الصلاة إذا كان ركنا،و القضاء و سجدتا السهو في مثل السجدة و التشهد،و سجدتا السهو فيما يجب في تركه السجود.

في اعتبار الدخول في الركن في جريان قاعدة التجاوز منع،فإن المعتبر فيه هو الدخول في جزء آخر مترتب على الجزء المشكوك شرعا سواء أ كان ذلك الجزء ركنا أم غيره،فإذا دخل في التشهد و شك في السجود بنى على الاتيان به تطبيقا للقاعدة،و على هذا فإذا علم المصلي بعد دخوله في التشهد أنه نسي السجود فوظيفته الغاء ما كان قد أتى به من التشهد و الاتيان بالسجود،و لكنه إذا غفل و واصل صلاته ثم تفطن بالحال و انقلب علمه بالنسيان شكا ساريا في أنه هل أتى بالسجود في مكانه المقرر له شرعا أو لا؟و هل تجري قاعدة التجاوز فيه؟ الظاهر جريانها شريطة احتمال الالتفات و الأذكرية حين العمل على أساس أنه شاك فيه فعلا و يكون شكه حادثا بعد التجاوز عن المحل،فإذن يكون المقتضي للقاعدة تاما،فإذا توفر شروطها جرت.و من المعلوم انه لا فرق فيه بين أن يكون الانقلاب قبل الدخول في الركن أو بعده،فإن العبرة إنما هي بكون الانقلاب بعد التجاوز عن المحل و إن لم يدخل في ركن بعده،فما في المتن من التقييد بالدخول في الركن في غير موضعه،و بذلك يظهر حال المسألة الآتية،فإن اعتقاد المصلي بنقصان ما يوجب القضاء أو سجود السهو في صلاته إنما يؤثر ما دام باقيا،و أما إذا زال و انقلب إلى الشك فينتفي أثره بانتفاء موضوعه و وجود موضوع آخر و هو الشك و يترتب عليه أثره.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 259)


[الخامسة و الثلاثون:إذا اعتقد نقصان السجدة أو التشهد مما يجب قضاؤه أو ترك ما يوجب سجود السهو في أثناء الصلاة ثم تبدل اعتقاده]

[2168]الخامسة و الثلاثون:إذا اعتقد نقصان السجدة أو التشهد مما يجب قضاؤه أو ترك ما يوجب سجود السهو في أثناء الصلاة ثم تبدل اعتقاده بالشك في الأثناء أو بعد الصلاة قبل الاتيان به سقط وجوبه،و كذا إذا اعتقد بعد السلام نقصان ركعة أو غيرها ثم زال اعتقاده.

[السادسة و الثلاثون:إذا تيقن بعد السلام قبل إتيان المنافي عمدا أو سهوا نقصان الصلاة و شك في أن الناقص ركعة أو ركعتان]

[2169]السادسة و الثلاثون:إذا تيقن بعد السلام قبل إتيان المنافي عمدا أو سهوا نقصان الصلاة و شك في أن الناقص ركعة أو ركعتان فالظاهر أنه يجري عليه حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث،فيبني على الأكثر و يأتي بالقدر المتيقن نقصانه و هو ركعة اخرى و يأتي بصلاة احتياطه،و كذا إذا تيقن نقصان ركعة و بعد الشروع فيها شك في ركعة اخرى،و على هذا فإذا كان مثل ذلك في صلاة المغرب و الصبح(1)يحكم ببطلانهما،و يحتمل جريان حكم الشك بعد السلام بالنسبة إلى الركعة المشكوكة(2)فيأتي
لا يمكن تطبيق فرض المسألة على صلاة الصبح لأنها في نفسها ذات ركعتين فاحتمال ترك الركعتين مساوق لاحتمال ترك الصلاة رأسا و عدم البداء فيها،و لعل ذكره من سهو القلم.

هذا الاحتمال ضعيف جدا و لا أساس له،فإن السلام في المسألة قد وقع في غير موضعه و ليس من السلام الصلاتي لأن المصلي بعد في أثناء الصلاة، فإذن لا يمكن أن يجري على الشك فيها حكم الشك بعد السلام،فالصحيح أن هذا من الشك في عدد الركعات أثناء الصلاة،و بما أنه بين الاثنتين و الثلاث فيبني على الثلاث و يقوم و يأتي بركعة أخرى موصولة ثم يتشهد و يسلم و يأتي بعد ذلك بصلاة الاحتياط تطبيقا لقاعدة العلاج ثم يسجد سجدتي السهو على الأحوط مرتين مرة للسلام الزائد و مرة للتشهد الزائد.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 260)


بركعة واحدة من دون الاتيان بصلاة الاحتياط،و عليه فلا تبطل الصبح و المغرب أيضا بمثل ذلك و يكون كمن علم نقصان ركعة فقط.

[السابعة و الثلاثون:لو تيقن بعد السلام قبل إتيان المنافي نقصان ركعة ثم شك في أنه أتى بها أم لا]

[2170]السابعة و الثلاثون:لو تيقن بعد السلام قبل إتيان المنافي نقصان ركعة ثم شك في أنه أتى بها أم لا ففي وجوب الاتيان بها لأصالة عدمه أو جريان حكم الشك في الركعات عليه وجهان،و الأوجه الثاني(1)،و أما
في إطلاقه إشكال بل منع،و الأظهر هو التفصيل بين الصور المتصورة في المسألة..

الأولى:ان المصلي كان يعلم بأنه قد أتى بالتشهد و التسليم مرة ثانية بعنوان الوظيفة و هو التشهد و التسليم بعد الركعة المنسية،و لكن بعد ذلك شك هل أنه أتى بالركعة المنسية ثم بهما،أو لم يأت بها أصلا و إنما أتى بهما فحسب؟

الثانية:انه كان يعلم بعدم الاتيان بهما جزما على تقدير الاتيان بالركعة المنسية.

الثالثة:انه كان يعلم بالاتيان بهما على تقدير الاتيان بالركعة المذكورة، بمعنى أنه إن كان قد أتى بها في الواقع فقد تشهد و سلم بعدها،و الاّ لم يتشهد و لم يسلم.

الرابعة:انه كان يشك في الاتيان بكل منهما جمعا و تفريقا.

أما في الصورة الأولى:فلا شبهة في أن شكه في الاتيان بالركعة المنسية من الشك بعد التسليم و الفراغ،فلا يعتني به و يحكم بالصحة و الاتيان بها تطبيقا لقاعدة الفراغ،و لكن هذه الصورة خارجة عن مفروض كلام الماتن قدّس سرّه في المسألة.

و أما في الصورة الثانية:فلا ريب في أن شكه في الاتيان بها من الشك في عدد الركعات أثناء الصلاة لأن السلام الأول لما وقع في غير محله فلا يكون من السلام الصلاتي حتى يكون خاتمة للصلاة،و على هذا فالمصلي بعد في الصلاة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 261)


……….

و حيث انه شاك في عدد الركعات فوظيفته الرجوع إلى قاعدة البناء على الأكثر و صلاة الاحتياط.

و أما في الصورة الثالثة:فلا يمكن الرجوع إلى قاعدة الشك في عدد الركعات لأنه لو بنى على الأكثر و تشهد و سلم فقد علم وجدانا بأن هذا السلام لم يقع في محله و لم يكن من السلام الصلاتي لأنه على تقدير الاتيان بالركعة المنسية و التسليم بعدها في الواقع كان هذا السلام زائدا و خارجا عن الصلاة،و على تقدير عدم الاتيان بها و بالتسليم فهو تسليم على الثلاث و بالتالي لا يحتمل صحة هذا التسليم و كونه مأمورا به على كلا التقديرين فمن أجل ذلك لا يمكن تطبيق قاعدة البناء على هذه الصورة على أساس أن الظاهر من روايات القاعدة التي تنص على البناء و الاتيان بالتشهد و التسليم هو أن يكون المصلي متأكدا من وقوعهما في محلهما على تقدير كون البناء مطابقا للواقع،و أما إذا كان على يقين من عدم وقوعهما في محلهما حتى على هذا التقدير كما هو المفروض في هذه الصورة فلا تكون مشمولة لها،فإذن يكون المرجع فيها هو الاستصحاب و مقتضاه وجوب الاتيان بها موصولة بالصلاة لا مفصولة،و بذلك يعلم بفراغ الذمة لأنه إن لم يكن آتيا بها في الواقع فوظيفته ذلك و الاّ فيكون اتيانه بها لغوا و خارجا عن الصلاة و لا يضر بها.

و أما في الصورة الرابعة:فلا مانع من تطبيق قاعدة البناء فيها باعتبار أن المصلي لا يعلم بخروجه من الصلاة حيث انكشف ان السلام الأول لم يقع في محله،و أما السلام الصلاتي فهو لا يعلم بوقوعه منه،فإذن مقتضى الاستصحاب بقاؤه في الصلاة و عدم خروجه منها،و معه تكون وظيفته أن يعمل بأحكام الشك في عدد الركعات بأن يبني على الأربع و يتشهد و يسلم ثم يأتي بصلاة الاحتياط

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 262)


احتمال جريان حكم الشك بعد السلام عليه فلا وجه له لأن الشك بعد السلام لا يعتنى به إذا تعلق بما في الصلاة و بما قبل السلام،و هذا متعلق بما وجب بعد السلام.

[الثامنة و الثلاثون:إذا علم أن ما بيده رابعة و يأتي به بهذا العنوان لكن لا يدري أنها رابعة واقعية أو رابعة بنائية]

[2171]الثامنة و الثلاثون:إذا علم أن ما بيده رابعة و يأتي به بهذا العنوان لكن لا يدري أنها رابعة واقعية أو رابعة بنائية و أنه شك سابقا بين الاثنتين و الثلاث فبنى على الثلاث فتكون هذه رابعة بعد البناء على الثلاث فهل يجب عليه صلاة الاحتياط لأنه و إن كان عالما بأنها رابعة في الظاهر إلا أنه شاك من حيث الواقع فعلا بين الثلاث و الأربع أو لا يجب لأصالة عدم شك سابق و المفروض أنه عالم بأنها رابعته فعلا؟وجهان،و الأوجه الأول(1).

[التاسعة و الثلاثون:إذا تيقن بعد القيام إلى الركعة التالية أنه ترك سجدة أو سجدتين أو تشهدا ثم شك في أنه هل رجع و تدارك ثم قام أو هذا القيام هو القيام الأول]

[2172]التاسعة و الثلاثون:إذا تيقن بعد القيام إلى الركعة التالية أنه ترك سجدة أو سجدتين أو تشهدا ثم شك في أنه هل رجع و تدارك ثم قام أو هذا القيام هو القيام الأول فالظاهر وجوب العود إلى التدارك لأصالة عدم
على أساس أن المصلي لا يكون على يقين من عدم وقوع التشهد و التسليم في غير محلهما لاحتمال أنهما قد وقعا فيه حتى فيما إذا أتى بالركعة المنسية في الواقع لاحتمال أنه أتى بها فقط دونهما،فمن أجل ذلك لا مانع من شمول روايات القاعدة لهذه الصورة.

بل هو المتعين،فإن مرد شكه-في أن ما بيده من الركعة هل هي رابعة بنائية أو واقعية-إلى الشك بين الثلاث و الأربع فعلا فيكون مشمولا لنصوص المسألة التي تؤكد على ان الشاك بينهما يبنى على الأربع و يتشهد و يسلم ثم يأتي بصلاة الاحتياط و لا يمكن التمسك بأصالة عدم شك سابق بين الاثنتين و الثلاث لأنها لا تثبت ان هذه الركعة واقعية لا بنائية الا على القول بالأصل المثبت.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 263)


الاتيان بها بعد تحقق الوجوب،و احتمال جريان حكم الشك بعد تجاوز المحل لأن المفروض أنه فعلا شاك و تجاوز عن محل الشك لا وجه له،لأن الشك إنما حدث بعد تعلق الوجوب مع كونه في المحل بالنسبة إلى النسيان(1)و لم يتحقق التجاوز بالنسبة إلى هذا الواجب.

[الأربعون:إذا شك بين الثلاث و الأربع مثلا فبنى على الأربع]

[2173]الأربعون:إذا شك بين الثلاث و الأربع مثلا فبنى على الأربع ثم أتى بركعة اخرى سهوا فهل تبطل صلاته من جهة زيادة الركعة أم يجري عليه حكم الشك بين الأربع و الخمس؟وجهان،و الأوجه الأول(2).

هذا لا يمنع عن كونه بعد التجاوز عن المحل الشكى فإن العبرة في جريان قاعدة التجاوز إنما هي التجاوز عن المحل الشكى و إن كان بعد في المحل السهوي و لم يتجاوز عنه لأن التجاوز عنه إنما يتحقق بالدخول في ركن بعده،فلو شك في السجود و هو في التشهد فقد تجاوز عن المحل الشكى و تجري فيه القاعدة و إن لم يتجاوز عن المحل السهوي،فإن التجاوز عنه إنما يتحقق بدخوله في ركوع الركعة اللاحقة.و أما في المسألة فالشك إنما هو في أصل تحقق التجاوز عن المحل الشكى،فإن القيام الذي هو فيه فعلا مشكوك في أنه هل هو القيام الأول الواقع في غير محله و يكون لاغيا؟أو القيام الثاني بعد تدارك المنسيّ؟فعلى الأول لم يتحقق التجاوز عن المحل الشكي،لأن وجود هذا القيام كالعدم،و على الثاني تحقق،و بما أن المصلي لا يدري بالحال فلا يحرز التجاوز عن المحل، و بدون إحرازه لا يمكن تطبيق قاعدة التجاوز.

بل هو المتعين لأمرين..

أحدهما:أن قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان:«إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك،ثم سلم بعدهما…» 1لا يعم هذا الشك في المسألة و إن كان بين الأربع و الخمس على أساس أنه ظاهر عرفا


 

1) <page number=”263″ />الوسائل ج 8 باب:14 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 264)


[الحادية و الأربعون:إذا شك في ركن بعد تجاوز المحل ثم أتى به نسيانا فهل تبطل صلاته من جهة الزيادة الظاهرية]

[2174]الحادية و الأربعون:إذا شك في ركن بعد تجاوز المحل ثم أتى به نسيانا فهل تبطل صلاته من جهة الزيادة الظاهرية أو لا من جهة عدم العلم بها بحسب الواقع؟وجهان،و الأحوط الاتمام و الاعادة(1).

في حدوث الشك بينهما بعد إكمال الركعة المرددة بين الرابعة و الخامسة،و أما هذا الشك فبما أنه بقاء و استمرار للشك السابق بين الثلاث و الأربع لا أنه حادث بينهما كذلك فلا يكون مشمولا له،و لا أقل من الانصراف.

و الآخر:أن المصلي إذا شك بين الثلاث و الأربع كان بحكم الشارع مأمورا بأن يبني على الأربع و يتشهد و يسلم ثم يأتي بصلاة الاحتياط و لا شيء عليه،و أما إذا غفل و أتى بركعة أخرى متصلة و بعد إكمالها تفطن بالحال فهو حينئذ و إن كان شاكا في الواقع بين كونها خامسة أو رابعة الاّ أنها بحكم الشارع زائدة على ما كان مأمورا باختتام الصلاة به حيث أن الشارع أمره بأن يجعل الركعة المشكوكة رابعة و يختتم صلاته بالتشهد و التسليم ثم يأتي بصلاة الاحتياط منفصلة،و من هنا لا يجوز له أن يأتي بها متصلة عامدا ملتفتا الى الحكم الشرعي و عليه فلا يمكن له الاكتفاء بهذه الصلاة بل لا بد من اعادتها تطبيقا لقاعدة الاشتغال،و من المعلوم أنه لا فرق بين أن تكون زيادة الركعة عمدية أو سهوية،فإنها على كلا التقديرين مشمولة لقوله عليه السّلام:«من زاد في صلاته ركعة استقبل استقبالا» 1إذ من الواضح أن المراد من صلاته فيه الصلاة التي هي مأمور بالاتيان بها.

بل الأقوى هو البطلان باعتبار أن المصلي بحكم الشارع قد أتى بالركن المشكوك تطبيقا لقاعدة التجاوز،ثم إذا غفل و أتى به من جديد فهو زيادة ركن في صلاته المأمور بها و هي مبطلة و إن كانت سهوا،و لا فرق بين هذه المسألة و المسألة المتقدمة من هذه الناحية،فإن زيادة الركن في الصلاة المأمور بها و لو ظاهرا مبطلة، نعم تختلف المسألة المتقدمة عن هذه المسألة في أن قاعدة البناء على الأكثر هناك


 

1) <page number=”264″ />الوسائل ج 8 باب:19 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 265)


[الثانية و الاربعون:إذا كان في التشهد فذكر أنه نسي الركوع و مع ذلك شك في السجدتين أيضا]

[2175]الثانية و الاربعون:إذا كان في التشهد فذكر أنه نسي الركوع و مع ذلك شك في السجدتين أيضا ففي بطلان الصلاة من حيث إنه بمقتضى قاعدة التجاوز محكوم بأنه أتى بالسجدتين فلا محل لتدارك الركوع،أو عدمه إما لعدم شمول قاعدة التجاوز في مورد يلزم من إجرائها بطلان الصلاة و إما لعدم إحراز الدخول في ركن آخر(1)و مجرد الحكم بالمضي لا
قاعدة واقعية لطائفة من المصلين و هي الطائفة الشاكون في عدد ركعات الصلاة، و أما قاعدة التجاوز هنا فهي قاعدة ظاهرية لا واقعية.

و من هنا يظهر أنه لا وجه لاحتياط الماتن قدّس سرّه في هذه المسألة و استظهاره البطلان في المسألة المتقدمة.ثم انه لا بد من تخصيص البطلان بما إذا كان الركن الزائد فيها الركوع أو السجود دون التكبيرة،لما مر من أنه لا دليل على بطلان الصلاة بزيادتها.

فيه أن الدخول في ركن آخر غير معتبر في جريان قاعدة التجاوز حيث ان المعتبر فيه هو الدخول في جزء آخر مترتب على جزء المشكوك و إن لم يكن ركنا،كما إذا دخل في القراءة و شك في التكبيرة،فإن عنوان التجاوز عن محلها الشرعي يتحقق بذلك و هو يكفي في جريان القاعدة و تطبيقها،فإذن عدم جريان القاعدة ليس من أجل عدم إحراز الدخول في ركن آخر،بل لأجل أن الدخول في الغير المترتب على الجزء المشكوك شرعا لم يتحقق،لأن التشهد الداخل فيه بما أنه لم يقع في محله الشرعي فلا يكون من الصلاة على أساس أن وظيفته إما إلغاء ما كان قد أتى به من التشهد و الرجوع إلى الاتيان بالركوع و السجدتين ثم التشهد،أو استئناف الصلاة من جديد،فليس بإمكانه الاكتفاء بهذا التشهد،و عليه فلا يكون الشك في السجدتين من الشك بعد التجاوز عن مكانهما الشرعي.هذا إضافة إلى أن المصلي على يقين من أنه اما لم يأت بالسجدتين في الواقع أو أنه أتى بهما

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 266)


يثبت الإتيان وجهان و الأوجه الثاني و يحتمل الفرق بين سبق تذكر النسيان و بين سبق الشك في السجدتين(1)،و الأحوط العود إلى التدارك ثم الاتيان بالسجدتين و إتمام الصلاة ثم الاعادة،بل لا يترك هذا الاحتياط(2).

[الثالثة و الأربعون:إذا شك بين الثلاث و الأربع مثلا و علم أنه على فرض الثلاث ترك ركنا]

[2176]الثالثة و الأربعون:إذا شك بين الثلاث و الأربع مثلا و علم أنه
في غير محلهما الشرعي و هو قبل الركوع فليستا من الصلاة.

و إن شئت قلت:ان المصلي على علم بعدم سقوط الأمر بالسجدتين أما لعدم الاتيان بهما واقعا،أو لبطلان الصلاة،و معه لا يمكن التعبد بهما تطبيقا لقاعدة التجاوز،و على هذا فبما أن المحل السهوي بالنسبة إلى الركوع المنسي يظل باقيا و لم يتجاوز لأن التجاوز عنه إنما يتحقق بالدخول في ركن آخر بعده و الفرض عدم دخوله فيه،فإذن تكون وظيفته في هذه الحالة هي الرجوع و الغاء ما كان قد أتى به من التشهد و التمسك بأصالة عدم الاتيان بالسجدتين،و حينئذ يجب عليه أن يأتي بالركوع باعتبار أنه في محله و لم يأت به ثم يسجد سجدتين و يواصل صلاته و لا شيء عليه غير احتمال زيادة السجدتين في الواقع و لا أثر له.

هذا الاحتمال ضعيف جدا إذ لا فرق في ما ذكرناه بين أن يتذكر المصلي و هو في التشهد نسيان الركوع أو لا ثم يشك في الاتيان بالسجدتين،و بين أن يشك أو لا في الاتيان بهما ثم يتفطن بنسيان الركوع،فإنه على كلا التقديرين لا مجال للرجوع إلى قاعدة التجاوز،فإن العبرة إنما هي بالعلم بنسيان الركوع و عدم الاتيان به في محله،و لا خصوصية لكونه متقدما على الشك في الاتيان بالسجدتين أو متأخرا عنه على أساس أن العلم به يكشف عن أن ما أتى به من التشهد فهو في غير محله،فإذن تكون وظيفته ما مر على كلا التقديرين.

لا بأس بتركه و الاكتفاء بما مر من الغاء التشهد و العود إلى الاتيان بالركوع و مواصلة صلاته إلى أن يتمها و لا شيء عليه و إن كانت رعاية الاحتياط بالاعادة أولى و أجدر.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 267)


على فرض الثلاث ترك ركنا أو ما يوجب القضاء أو ما يوجب سجود السهو لا إشكال في البناء على الأربع(1)و عدم وجوب شيء عليه،و هو واضح،
بل لا إشكال في عدم جواز البناء على الأربع فيما إذا علم المصلي بترك ركن على تقدير الثلاث و ذلك لأن قاعدة البناء و علاج الشك بصلاة الاحتياط إنما هي فيما إذا كانت الصلاة على تقدير كونها ناقصة فصلاة الاحتياط عوض عنها، و الاّ فهي نافلة فتشريعها في ظرف تحير المصلي و احتمال أن صلاته تامة في الواقع أو ناقصة،و أما إذا كان المصلي على يقين بأن صلاة الاحتياط لا تجدي في صحة الصلاة على تقدير نقصانها فلا تكون مشمولة لأدلة مشروعيتها،و ما نحن فيه من هذا القبيل،فإن المصلي الشاك بين الثلاث و الأربع بما أنه عالم بأن صلاته على تقدير الثلاث في الواقع باطلة من جهة فقدانها الركن فلا تجدي صلاة الاحتياط و لا حاجة إليها ضرورة أن الحاجة إنما تدعو إلى أعمالها فيما إذا كانت الصلاة صحيحة من سائر الجهات غير احتمال نقصها و هو يتدارك بها،و أما إذا كانت فاسدة من سائر الجهات بقطع النظر عن هذا الاحتمال فلا أثر لها و يكون وجودها كالعدم فلا تكون مشمولة لروايات العلاج.

و دعوى:ان الشاك في المسألة بين الثلاث و الأربع بما أنه شاك في ترك ركن بعد تجاوز المحل فيطبق قاعدة التجاوز أولا ثم يقوم بعملية البناء على الأكثر و علاج الشك بصلاة الاحتياط و لا مانع منه على أساس أن هذه العملية تتوقف على أمرين:

أحدهما:أن تكون الصلاة صحيحة من غير ناحية احتمال نقص ركعة فيها.

و الآخر:أن يعالج النقص بصلاة الاحتياط.و كلا الأمرين متوفر في المسألة أما الأمر الأول فلأن الصلاة صحيحة في نفسها من غير الناحية المذكورة تطبيقا لقاعدة التجاوز.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 268)


……….

و أما الأمر الثاني:فلأن النقص المذكور على تقدير ثبوته يعالج بصلاة الاحتياط..

مدفوعة:بأن هذه الدعوى إنما تصح فيما إذا كانت نسبة الشك في ترك الركن فيها إلى كل من الطرفين على حد سواء،بمعنى أن المصلي شاك في ترك ركن في صلاته بلا فرق بين أنه قد صلى أربع ركعات في الواقع أو ثلاث.و أما إذا لم يكن الأمر كذلك كما في المقام،فإن المصلي كان يعلم بأنه ترك ركنا على تقدير الثلاث في الواقع لا على تقدير الأربع،و هذا العلم يمنع من علاج الشك بصلاة الاحتياط فإنها إنما تعالج الشك باعتبار أنها عوض عن النقص على تقدير ثبوته في الواقع،و من المعلوم أنها إنما تكون عوضا عنه في الصلاة الصحيحة في نفسها بحيث لا يكون على المصلي شيء بعد العلاج بمقتضى نص قوله عليه السّلام:«ألا أعلمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت إنك أتممت أو نقصت لم يكن عليك شيء». 1و أما إذا كانت الصلاة باطلة في نفسها واقعا على هذا التقدير فلا مجال لقاعدة البناء و علاج الشك بصلاة الاحتياط فإن الصلاة في الواقع إن كانت تامة فلا حاجة إليها، و إن كانت ناقصة فهي باطلة فلا أثر للعلاج و تدارك النقص،مع أن صريح النص أن أثره تمامية الصلاة في الواقع على تقدير النقص و فراغ الذمة منها واقعا.

فالنتيجة:كما أنه لا يمكن تطبيق قاعدة العلاج في المسألة كذلك لا يمكن تطبيق قاعدة التجاوز فيها بعين ما مر من الملاك و هو أن تطبيقها يتوقف على صحة الصلاة في نفسها بقطع النظر عما هو مورد القاعدة،و الفرض أنها غير صحيحة كذلك الاّ بتطبيق قاعدة العلاج،و قد مر أن المسألة ليست من عناصر القاعدة و صغرياتها حتى تنطبق عليها.

و من ذلك يظهر أنه لا يمكن تصحيح الصلاة في المسألة بقاعدة العلاج و لا


 

1) <page number=”268″ />الوسائل ج 8 باب:8 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 269)


……….

بقاعدة التجاوز،كما لا يمكن تصحيحها بالاتيان بالركعة المشكوكة متصلة بمقتضى أصالة عدم الاتيان بها لأنه يؤدي إلى العلم الإجمالي ببطلانها إما من جهة ترك الركن فيها إذا كانت ثلاث ركعات قبل الاتيان بالركعة المشكوكة،أو من جهة زيادة ركعة فيها إذا كانت قبل الاتيان بها أربع ركعات،فإذن لا بد من إعادة تلك الصلاة من جديد.

نعم إذا علم المصلي بأنه إن صلى ثلاث ركعات في الواقع فقد ترك ما يجب عليه قضاؤه أو سجود السهو من قبله فلا مانع من تطبيق قاعدة البناء على الأكثر و علاج الشك بصلاة الاحتياط على أساس أنه لا يعلم ببطلان صلاته على تقدير الثلاث و إنما يعلم بوجوب القضاء أو سجود السهو على هذا التقدير،و عندئذ لا مانع من تطبيق قاعدة العلاج و لا يكون لغوا،كما أنه لا مانع من تطبيق قاعدة التجاوز شريطة احتمال الأذكرية و الالتفات حين العمل و الاّ فاصالة البراءة عن وجوب القضاء.

فالنتيجة هي الحكم بتمامية الصلاة في هذا الفرض تطبيقا لقاعدة العلاج و عدم وجوب شيء عليه تطبيقا لقاعدة التجاوز،فإذن يمتاز هذا الفرض عن الفرض السابق و هو ما إذا علم بترك ركن على تقدير الثلاث.

و من هنا يظهر الحال فيما إذا علم بأنه إن صلى أربعا فقد ترك ما يجب عليه قضاؤه أو سجود السهو من قبله.

قد يقال:إن قاعدة البناء على الأكثر في هذا الفرض معارضة بقاعدة التجاوز باعتبار أن مقتضى الأولى وجوب القضاء أو سجود السهو و مقتضى الثانية عدم وجوبه،فإذن تقع المعارضة بينهما.

و الجواب:أن المعارضة بينهما مبنية على أحد أمرين:

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 270)


……….

الأول:ان تثبت قاعدة البناء على الأكثر لوازمها العقلية أو العادية.

الثاني:أن يكون العلم الإجمالي علة تامة للتنجز.و لكن كلا الأمرين غير تام.

أما الأمر الأول:فلأن قاعدة البناء و إن كانت قاعدة واقعية مجعولة للشاك في عدد ركعات صلاته لا أنها قاعدة ظاهرية،و لكن بما أنها مجعولة للشاك و المتحير في عدد ركعاتها فلا نظر لها إلى الواقع أصلا،بل الأمر بالعكس تماما فإن موضوع هذه القاعدة هو من استوى شكه و تحيره بالنسبة إلى الواقع من دون أدنى ترجيح لأحد طرفيه على الطرف الآخر،و عليه فالحكم بالبناء على الأكثر و هو الأربع في مفروض المسألة و إن كان حكما واقعيا ألا أن موضوعه هو المتحير و الشاك شريطة اعتدال شكه و استوائه فلا يكون مدلولها إثبات الأكثر واقعا لكي تثبت لوازمه أيضا، فإذن ما ثبت بقاعدة التجاوز و هو الاتيان بالجزء أو الشرط المشكوك لا تنفيه قاعدة البناء على الأكثر لأن ترك الاتيان بذلك الجزء أو الشرط إنما هو من لوازم الاتيان بالأربع واقعا لا بناء و تعبدا،فلا معارضة حينئذ بينهما.

و أما الأمر الثاني:فقد ذكرنا في محله أن القول بالعلية التامة لا أساس له بداهة أن حال العلم الإجمالي ليس كحال العلم التفصيلي في المسألة،فالصحيح هو القول بالاقتضاء فيكون تنجيزه إنما هو على أساس تعارض الأصول المؤمنة في أطرافه و تساقطها،و إذا جرى في بعض تلك الأطراف دون بعضها الآخر فلا يكون منجزا.و على هذا فلا تعارض بين القاعدتين في المسألة حيث لا يلزم من تطبيقهما عليها محذور المخالفة القطعية العملية،و أما المخالفة القطعية الالتزامية فلا أثر لها و لا تمنع.

فالنتيجة:ان مجرد العلم بعدم مطابقة احداهما للواقع لا يمنع عن جريانهما في المقام بعد ما لا يلزم منه محذور.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 271)


و كذا إذا علم أنه على فرض الأربع ترك ما يوجب القضاء أو ما يوجب سجود السهو لعدم إحراز ذلك بمجرد التعبد بالبناء على الأربع، و أما إذا علم أنه على فرض الأربع ترك ركنا أو غيره مما يوجب بطلان الصلاة فالأقوى بطلان صلاته،لا لاستلزام البناء على الأربع ذلك لأنه لا يثبت ذلك،بل للعلم الإجمالي بنقصان الركعة أو ترك الركن مثلا فلا يمكن البناء على الأربع حينئذ.

[الرابعة و الأربعون:إذا تذكر بعد القيام أنه ترك سجدة من الركعة التي قام عنها]

[2177]الرابعة و الأربعون:إذا تذكر بعد القيام أنه ترك سجدة من الركعة التي قام عنها فإن أتى بالجلوس بين السجدتين ثم نسي السجدة الثانية يجوز له الانحناء إلى السجود من غير جلوس،و إن لم يجلس أصلا وجب عليه الجلوس ثم السجود،و إن جلس بقصد الاستراحة و الجلوس بعد السجدتين ففي كفايته عن الجلوس بينهما و عدمها وجهان الأوجه الأول(1)،و لا يضر نية الخلاف،لكن الأحوط الثاني فيجلس ثم يسجد.

و من ذلك يظهر أن ما ذكره الماتن قدّس سرّه من الحكم بصحة الصلاة فيما إذا علم المصلي بترك ركن على تقدير الثلاث تطبيقا لقاعدة البناء على الأكثر و ببطلانها فيما إذا علم بترك ركن على تقدير الأربع من جهة العلم الإجمالي ببطلان هذه الصلاة أما بترك الركن فيها،أو بنقصان ركعة منها،فلا يحتمل صحتها،فمن أجل ذلك لا تكون موردا لقاعدة البناء،غير صحيح،و كان ينبغي له أن يحكم بالبطلان في الفرض الأول أيضا بملاك ما مر.

بل هو المتعين لأن الجلوس حقيقة واحدة فإذا أتى به باسم الجلوس الصلاتي ناويا به القربة تحقق،و أما اعتقاد أنه للاستراحة فهو لا يضر باعتبار أن عنوان الاستراحة ليس قيدا للجلوس المأمور به حتى يضر تخلفه عنه،لأن المأمور

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 272)


[الخامسة و الأربعون:إذا علم بعد القيام أو الدخول في التشهد نسيان إحدى السجدتين و شك في الاخرى فهل يجب عليه إتيانهما]

[2178]الخامسة و الأربعون:إذا علم بعد القيام أو الدخول في التشهد نسيان إحدى السجدتين و شك في الاخرى فهل يجب عليه إتيانهما لأنه إذا رجع إلى تدارك المعلوم يعود محل المشكوك أيضا،أو يجري بالنسبة إلى المشكوك حكم الشك بعد تجاوز المحل؟وجهان أوجههما الأول(1)،
به هو الجلوس الصلاتي من دون أخذ عنوان زائد عليه،فإذا جلس بنية أنه منها خالصا للّه تعالى فقد تحقق المأمور به و لا يضر الاتيان به كذلك بعنوان الاستراحة، فإنه ليس عنوانا للمأمور به و قيدا له بل هو داع و تخلف الداعي لا يضر.

نعم بناء على القول بأن جلسة الاستراحة مستحبة في الصلاة و ليست من أجزائها فعندئذ إذا أتى بها المصلي بعنوان أنها مستحبة فيها لا بنية أنها منها لم تقع مصداقا للجلوس المأمور به الذي هو من الصلاة حيث أن المعتبر في صحة كل جزء من أجزاء الصلاة أمران..

أحدهما:أن يأتي به بنية أنه منها باعتبار أن هذه النية من الشروط المقومة للجزء.

و الآخر:أن ينوي به القربة،و أما إذا أتى به لا بنية أنه منها فلا يقع مصداقا لجزء الصلاة،فإذن يكون التخلف في القيد المقوم للمأمور به لا في الداعي و الأمر الخارج عنه.

بل هو المتعين،لا لأجل ما ذكر في المتن،بل لأن القيام و التشهد منه قد وقعا في غير محلهما الشرعي حيث أنه بعد السجدة الثانية،و المفروض أنهما قد وقعا قبلها،فمن أجل ذلك إذا تفطن قبل أن يركع رجع و ألغى ما كان قد أتى به من قيام و تشهد فعندئذ يكون الشك في الاتيان بالسجدة الأولى في محلها فلا بد من تطبيق قاعدة الشك في المحل و مقتضاها أن يأتي بها و بالثانية المنسية ثم يأتي بالتشهد و يواصل صلاته و لا شيء عليه،و الأحوط أن يأتي بسجدتي السهو مرتين،

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 273)


و الأحوط إعادة الصلاة أيضا.

[السادسة و الأربعون:إذا شك بين الثلاث و الأربع مثلا و بعد السلام قبل الشروع في صلاة الاحتياط علم أنها كانت أربعا ثم عاد شكه]

[2179]السادسة و الأربعون:إذا شك بين الثلاث و الأربع مثلا و بعد السلام قبل الشروع في صلاة الاحتياط علم أنها كانت أربعا ثم عاد شكه فهل يجب عليه صلاة الاحتياط لعود الموجب و هو الشك،أو لا لسقوط التكليف عنه حين العلم،و الشك بعده شك بعد الفراغ؟وجهان،و الأحوط الأول(1).

مرة للتشهد الزائد و مرة للقيام الزائد.

في كلا الوجهين إشكال بل منع،و الأظهر هو الاتيان بالركعة المشكوكة متصلة و ذلك:أما الوجه الأول،فلأن نصوص المسألة قاصرة عن شموله،فإن قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبي:«إن كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا و لم يذهب وهمك إلى شيء فسلم ثم صل ركعتين و أنت جالس تقرأ فيهما بأم الكتاب…» 1ظاهر في أن العلاج بهذه الطريقة وظيفة الشاك و المتحير و أنه لا يزول الاّ بذلك.

و أما إذا زال هذا الشك بعد التسليم و قبل العلاج بصلاة الاحتياط و تبدل باليقين بالتمام ثم حدث ذلك الشك مرة أخرى فلا يكون مشمولا لها،فإن الشك الأول بما أنه قد زال فلا يقتضي العلاج بصلاة الاحتياط.و أما الشك الحادث فبما أنه بعد الصلاة فلا يكون مشمولا لها لعدم إطلاق لها من هذه الناحية،فمن أجل ذلك لا يمكن الحكم بوجوب صلاة الاحتياط تطبيقا لقاعدة العلاج.

و دعوى:ان الشك العائد هو بعينه الشك الزائل فكأنه لم يزل فيكون مشمولا لنصوص القاعدة..

مدفوعة:بأن الشك العائد غير الشك الزائل حقيقة،فإنه حادث بعد الفراغ من الصلاة و ذاك حادث في أثنائها،و لكن بما أن الشك العائد تعلق بعين ما تعلق به الشك الزائل فيطلق عليه أنه هو مسامحة،و من المعلوم أنه لا عبرة بالاطلاق


 

1) <page number=”273″ />الوسائل ج 8 باب:10 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث:5.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 274)


……….

المسامحي و لا يكون موضوعا للحكم.

و أما الوجه الثاني:فلأن الشك المذكور و إن كان حادثا بعد الفراغ،الاّ أن المعتبر في جريان قاعدة الفراغ احتمال الأذكرية و الالتفات حين العمل و هو مفقود في المقام لأن المصلي فيه يعلم بأنه كان شاكا و مترددا أثناء الصلاة بين الثلاث و الأربع و بنى على الأربع و أتمها فالشك في صحتها ليس الاّ من جهة الشك في أن ذلك البناء مطابق للواقع أو لا؟و من المعلوم أن قاعدة الفراغ لا تدل على أنه مطابق للواقع على أساس أنها ليست قاعدة تعبدية محضة،بل هي قاعدة عقلائية تبتني على نكتة مبررة لبنائهم عليها و هي احتمال الالتفات حين العمل الذي هو مقتضى طبع الانسان الأولي في مقام العمل،فلا يكون اعتباره بتعبد من الشرع.

و من هنا لو لم يرد فيه نص لكنا نقول باعتباره أيضا،فإذن لا يكون وروده فيه الا تأكيدا لا تأسيسا.

و في ضوء ذلك يكون المرجع في المسألة هو أصالة عدم الاتيان بالركعة الرابعة و مقتضاها الاتيان بها متصلة،فإذا أتى بها فقد أكمل صلاته و لا شيء عليه، و احتمال زيادة الركعة فيها لا أثر له بعد إن كان مأمورا بالاتيان بها كذلك.

و أما التسليم الواقع منه فيها بعد البناء على الأكثر فلا يكون مخرجا من الصلاة و ذلك لأن التسليم إنما يكون مخرجا منها بحكم الشارع لو كان واقعا في محله تطبيقا لقاعدة البناء على الأكثر و علاج الشك بصلاة الاحتياط،و بما أن القاعدة لا يمكن تطبيقها في المقام فلم يقع التسليم في محله و لم يكن مخرجا بحكم الشارع،بل مقتضى الأصالة المذكورة انه وقع بعد الركعة الثالثة و هو غير محله،فإذن لا يكون التسليم مانعا عن الاتيان بالركعة المشكوكة متصلة و التحاقها بها،و بما أنه يرى وظيفته الاتيان به فلا يكون زيادة فيها عن عمد و علم.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 275)


[السابعة و الأربعون:إذا دخل في السجود من الركعة الثانية فشك في ركوع هذه الركعة و في السجدتين من الاولى]

[2180]السابعة و الأربعون:إذا دخل في السجود من الركعة الثانية فشك في ركوع هذه الركعة و في السجدتين من الاولى ففي البناء على إتيانها من حيث إنه شك بعد تجاوز المحل،أو الحكم بالبطلان لأوله إلى الشك بين الواحدة و الاثنتين وجهان و الأوجه الأول(1)،و على هذا فلو فرض الشك بين الاثنتين و الثلاث بعد إكمال السجدتين مع الشك في ركوع الركعة التي بيده و في السجدتين من السابقة لا يرجع إلى الشك بين الواحدة و الاثنتين حتى تبطل الصلاة بل هو من الشك بين الاثنتين و الثلاث بعد الإكمال،نعم لو علم بتركهما مع الشك المذكور يرجع إلى الشك بين الواحدة و الاثنتين لأنه عالم حينئذ باحتساب ركعتيه بركعة.

[الثامنة و الأربعون:لا يجري حكم كثير الشك في صورة العلم الإجمالي]

[2181]الثامنة و الأربعون:لا يجري حكم كثير الشك في صورة العلم الإجمالي،فلو علم ترك أحد الشيئين إجمالا من غير تعيين يجب عليه مراعاته و إن كان شاكا بالنسبة إلى كل منهما،كما لو علم حال القيام أنه إما
فالنتيجة:ان الأظهر في المسألة هو الاتيان بالركعة المشكوكة متصلة،و إن كان الأحوط و الأجدر إعادتها ثانية ثم يسجد سجدتي السهو على الأحوط مرة للسلام في غير محله،و أخرى للتشهد الزائد.

بل هو المتعين تطبيقا لقاعدة التجاوز في كلا الموردين في المسألة شريطة احتمال الأذكرية و الالتفات حين العمل لعموم أدلتها و لا سيما صحيحة زرارة الناصة في تطبيق القاعدة على الشك في كل جزء بعد الدخول في جزء آخر مترتب عليه،و بضمها إلى الوجدان تحرز الركعتان فلا يكون الشك المفروض في المسألة من الشك بين الواحدة و الاثنتين.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 276)


ترك التشهد أو السجدة،أو علم إجمالا أنه إما ترك الركوع أو القراءة(1)
هذا على القول بأن ترك القراءة يوجب سجود السهو و لو احتياطا، فعندئذ لا يمكن تطبيق قاعدة الغاء حكم كثير الشك في كليهما معا لاستلزامه المخالفة القطعية العملية على أساس أن المصلي حينئذ يكون على يقين أما بوجوب إعادة الصلاة عليه إذا كان تاركا للركوع في الواقع،و أما بوجوب سجدتي السهو إذا كان تاركا للقراءة كذلك،و أما على القول بعدم وجوب سجدتي السهو بترك القراءة نسيانا فلا أثر لتركها حينئذ،و عليه فيكون شكه في الركوع ملحقا بالشك البدوي فيحكم بعدم الاعتناء به تطبيقا لقاعدة الغاء حكم كثير الشك،و بما اننا بنينا على وجوب سجدتي السهو على الأحوط في كل زيادة و نقيصة فيكون للعلم الإجمالي المذكور في المسألة أثر،فلا يمكن الحكم بعدم الاعتناء بالشك في كل منهما تطبيقا للقاعدة.

و دعوى:ان قاعدة الغاء حكم كثير الشك لا تجري في القراءة في نفسها لا من جهة المعارضة،بل من جهة أن جريانها فيها يتوقف على إحراز صحة الصلاة في نفسها ما عدا هذه الجهة باعتبار أن موضوع وجوب سجدتي السهو ترك القراءة أو نحوها سهوا في صلاة صحيحة،و المفروض أن صحتها تتوقف على جريان القاعدة في الركوع،و بالتالي يتوقف جريانها في القراءة على جريانها في الركوع، فإذا جرت فيه لم تجر فيها للزوم المخالفة القطعية العملية،فيكون المرجع فيها حينئذ هو أصالة عدم الاتيان بها،و مقتضاها وجوب سجدتي السهو بعد إتمام الصلاة على الأحوط.

مدفوعة:بما تقدم في المسألة الرابعة عشرة موسعا و حاصله:

ان جريان هذه القاعدة في المسألة في القراءة و إن كان متوقفا على جريانها في الركوع الاّ أنها إذا جرت فيه تحقق موضوعها فيها و حينئذ فلا مانع من تطبيق

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 277)


و هكذا،أو علم بعد الدخول في الركوع أنه إما ترك سجدة واحدة أو تشهدا،فيعمل في كل واحدة من هذه الفروض حكم العلم الإجمالي المتعلق به كما في غير كثير الشك.

[التاسعة و الأربعون:لو اعتقد أنه قرأ السورة مثلا و شك في قراءة الحمد]

[2182]التاسعة و الأربعون:لو اعتقد أنه قرأ السورة مثلا و شك في قراءة الحمد فبنى على أنه قرأه لتجاوز محله ثم بعد الدخول في القنوت تذكر أنه لم يقرأ السورة فالظاهر وجوب قراءة الحمد أيضا،لأن شكه الفعلي و إن كان بعد تجاوز المحل(1)بالنسبة إلى الحمد إلا أنه هو الشك الأول الذي كان في الواقع قبل تجاوز المحل،و حكمه الاعتناء به و العود إلى الإتيان بما
اطلاق دليل القاعدة عليها في القراءة أيضا،فإذن يلزم المحذور،و بما أن جريانها في المورد الثاني من لوازم جريانها في المورد الأول فيكون المحذور مستندا إلى الجريان في كلا الموردين.

فاذن لا بد من الحكم بسقوطه في المورد الأول باعتبار أن سقوطه فيه يستلزم سقوطه في المورد الثاني أيضا،و لا يمكن الحكم بسقوطه في المورد الثاني دون الأول لأنه تقييد لإطلاق دليل القاعدة بلا مقيد.

هذا مبني على كفاية الدخول في القنوت في تطبيق قاعدة التجاوز، و لكن الظاهر عدم الكفاية،فإن المعتبر فيه هو الدخول في جزء آخر مترتب عليه، و القنوت بما أنه ليس من الصلاة فلا يكون الدخول فيه محققا لعنوان التجاوز،فلو شك المصلي في القراءة و هو في القنوت كان من الشك في المحل فلا بد من الاعتناء به،هذا إضافة إلى أن موضوع القاعدة هو التجاوز الواقعي لا الخيالي و الاعتقادي الذي لا واقع له و على هذا فإذا شك في القراءة معتقدا بأنه قرأ السورة ثم بان انه لم يقرأها لم تجر القاعدة لأنه لم يتجاوز عن المحل الشكي الا خيالا و اعتقادا الذي لا واقع موضوعي له حتى يترتب عليه أثر.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 278)


شك فيه.

[الخمسون:إذا علم أنه إما ترك سجدة أو زاد ركوعا فالأحوط قضاء السجدة و سجدتا السهو ثم إعادة الصلاة]

[2183]الخمسون:إذا علم أنه إما ترك سجدة أو زاد ركوعا فالأحوط قضاء السجدة و سجدتا السهو ثم إعادة الصلاة،و لكن لا يبعد جواز الاكتفاء بالقضاء(1)و سجدة السهو عملا بأصالة عدم الاتيان بالسجدة
هذا هو الأظهر إذا كان التذكر بعد الفراغ من الصلاة و كذلك إذا كان في أثناء الصلاة شريطة أن يكون قبل الدخول في ركن،و أما إذا كان بعده فالأظهر وجوب إعادة الصلاة من جديد و عدم إمكان إتمام ما بيده من الصلاة صحيحة.

بيان ذلك:ان المصلي اذا تفطن بالحال في المسألة بعد الفراغ تقع المعارضة بين قاعدة الفراغ في الصلاة من جهة احتمال زيادة الركوع فيها و قاعدة التجاوز في السجدة و حيث انه لا يمكن تطبيق كلتا القاعدتين معا لاستلزامه المخالفة القطعية العملية للتكليف المعلوم بالاجمال و هو علمه إجمالا أما بوجوب إعادة الصلاة عليه أو قضاء سجدة بعدها فتسقطان معا من جهة المعارضة.

و دعوى:ان قاعدة التجاوز في السجدة لا يمكن أن تعارض قاعدة الفراغ في الصلاة على أساس أن جريانها فيها إنما هو لنفي وجوب القضاء،و هو يتوقف على صحة الصلاة في نفسها حيث ان موضوع وجوب القضاء هو تركها في صلاة محكومة بالصحة و الاّ فلا موضوع له،و بما ان الصلاة في المسألة لا تكون محكومة بالصحة الاّ بأعمال قاعدة الفراغ فيتوقف الحكم بنفي وجوب قضاء السجدة تطبيقا لقاعدة التجاوز على الحكم بصحة الصلاة تطبيقا لقاعدة الفراغ و به يتحقق موضوع قاعدة التجاوز في السجدة،و لكن لا يمكن تطبيق قاعدة التجاوز فيها لاستلزامه المخالفة القطعية العملية…

مدفوعة:بما مر في المسألة الرابعة عشرة من أن جريان قاعدة التجاوز في السجدة لنفي وجوب قضائها و إن كان يتوقف على جريان قاعدة الفراغ في الصلاة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 279)


……….

في المرتبة السابقة بملاك توقف موضوعها عليه،فإذا جرت في الصلاة تحقق موضوعها في السجدة و معه يكون المقتضي لجريانها فيها موجودا و لكن لزوم المخالفة القطعية العملية مانع منه،و بما انه مستند إلى جريان كلتا القاعدتين فتسقط قاعدة الفراغ في الصلاة أيضا،و عليه فتصل النوبة إلى أصالة عدم زيادة الركوع فيها فيحكم بصحة الصلاة تطبيقا لهذه الأصالة،و إلى أصالة عدم الاتيان بالسجدة فيحكم بوجوب قضائها بمقتضى هذه الأصالة و إذا تفطن بالحال في المسألة أثناء الصلاة فإن كان بعد الدخول في الركن اللاحق فحينئذ إن قلنا بأن قاعدة التجاوز تشمل احتمال الزيادة أيضا،فالحال فيه كما تقدم…

و إن قلنا بأنها لا تشمل ذلك كما هو الصحيح حيث ان الظاهر من الروايات التي تنص على القاعدة هو ما إذا كان الشك في وجود الشيء بمفاد كان التامة بعد الدخول في غيره المترتب عليه شرعا المحقق للتجاوز عنه،و هذا المعنى بما أنه لا ينطبق على المقام فيكون المرجع فيه هو اصالة عدم زيادة الركوع،و يترتب عليها صحة الصلاة و عدم وجوب إعادتها و لكن بما أن هذه الأصالة تثبت موضوع القاعدة في السجدة و بعد ثبوت موضوعها فيها لا مانع من شمول اطلاق دليلها لها الاّ المعارضة باطلاق دليل الاصالة،فيسقط من جهة المعارضة كما مر نظير ذلك في المسائل المتقدمة.

و من هنا يظهر أن أصالة عدم الاتيان بالسجدة لا تجري لإثبات وجوب قضائها لما مر من أن موضوع وجوب قضائها هو عدم الاتيان بها في صلاة محكومة بالصحة و المفروض أنها غير محكومة بها.

فالنتيجة:انه لا يمكن إتمام هذه الصلاة صحيحة و الاكتفاء بها في مقام الامتثال لأنه مخالف للعلم الإجمالي أما بوجوب إعادتها،أو بوجوب قضاء

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 280)


و عدم زيادة الركوع.

[الحادية و الخمسون:لو علم أنه إما ترك سجدة من الأولى أو زاد سجدة في الثانية وجب عليه قضاء السجدة]

[2184]الحادية و الخمسون:لو علم أنه إما ترك سجدة من الأولى أو زاد سجدة في الثانية وجب عليه قضاء السجدة(1)و الاتيان بسجدتي السهو مرة
السجدة،فإذن تكون وظيفته إلغائها و استئنافها من جديد،و بذلك يفترق هذا الفرض عن الفرض الأول و إن كان قبل الدخول في الركن اللاحق و بعد الدخول في الجزء غير الركني،كما إذا دخل في التشهد أو القيام قبل أن يركع تفطن بالحال و علم بان التشهد أو القيام أو كليهما قد وقع في غير محله الشرعي و ليس من الصلاة،فعندئذ تكون وظيفته الرجوع و الغاء ما كان قد أتى به من التشهد أو القيام و الاتيان بالسجدة تطبيقا لقاعدة الشك في المحل و الحكم بعدم زيادة الركوع فيها تطبيقا لأصالة عدم الزيادة و مواصلة صلاته و إتمامها و بعد ذلك يأتي بسجدتي السهو على الأحوط للزيادة و لا شيء عليه.

في وجوب القضاء اشكال بل منع،و الأظهر عدم وجوبه لأن أصالة عدم زيادة السجدة في الركعة الثانية و إن كانت معارضة لقاعدة التجاوز فيها في الركعة الأولى،الاّ أن هذه المعارضة إنما هي بالنسبة إلى الأثر المشترك بينهما و هو وجوب سجدتي السهو على الأحوط للعلم الإجمالي بثبوته أما للزيادة أو للنقيصة،دون الأثر المختص،فإن العلم الإجمالي إنما يوجب التعارض بين الأصول المؤمنة في أطرافه بالنسبة إلى الأثر المشترك بين الجميع باعتبار أن تنجيزه يتوقف على سقوط تلك الأصول بالمعارضة،و أما إذا كان لبعض أطرافه زائدا على الأثر المشترك أثر مختص به فلا يسقط الأصل بالنسبة إلى ذلك الأثر المختص لعدم المعارض له فيه.

و ما نحن فيه من هذا القبيل فإن وجوب سجود السهو أثر مشترك بين قاعدة التجاوز و أصالة عدم الزيادة،فلا يمكن جريان كلتيهما لنفي ذلك الأثر لاستلزامه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 281)


واحدة بقصد ما في الذمة من كونهما للنقيصة او للزيادة.

[الثانية و الخمسون:لو علم أنه إما ترك سجدة أو تشهدا وجب الاتيان بقضائهما و سجدة السهو مرة]

[2185]الثانية و الخمسون:لو علم أنه إما ترك سجدة أو تشهدا وجب الاتيان بقضائهما و سجدة السهو مرة(1).

[الثالثة و الخمسون:إذا شك في أنه صلى المغرب و العشاء أم لا قبل أن ينتصف الليل]

[2186]الثالثة و الخمسون:إذا شك في أنه صلى المغرب و العشاء أم لا قبل أن ينتصف الليل و المفروض أنه عالم بأنه لم يصلّ في ذلك اليوم إلا
المخالفة القطعية العملية،فإذن تسقطان معا بالمعارضة،و أما وجوب قضاء السجدة فبما أنه أثر مختص بمورد قاعدة التجاوز فلا مانع من جريانها لنفي ذلك الأثر لأن إطلاق دليلها قد سقط بالنسبة إلى الأثر المشترك بملاك المعارضة و لا موجب لسقوطه بالنسبة إليه لعدم المعارض له،فإذن لا مانع من تطبيق قاعدة التجاوز في المقام لنفي ذلك الأثر المختص،و نتيجة ذلك هي عدم وجوب قضاء السجدة تطبيقا لقاعدة التجاوز و وجوب سجدتي السهو على الأحوط إما للزيادة أو للنقيصة.

و من هنا يظهر أن عدم جريان أصالة عدم الزيادة إنما هو من جهة المعارضة لا في نفسه،إذ لا مانع من جريانها كذلك بلحاظ ما يترتب على الزيادة السهوية من الأثر و هو وجوب سجدتي السهو على الأحوط لو لا معارضتها بجريان قاعدة التجاوز.

نعم مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان قاعدة التجاوز قد سقطت في الأولى من جهة المعارضة بأصالة عدم الزيادة في الثانية مطلقا حتى بالنسبة إلى الأثر المختص يجب قضاء السجدة بمقتضى أصالة عدم الاتيان بها في محلها،و لكن ذلك مجرد افتراض لا واقع موضوعي له.و قد تحصل من ذلك أن الأظهر في المسألة عدم وجوب قضاء السجدة.

على الأحوط.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 282)


ثلاث صلوات من دون العلم بتعيينها فيحتمل أن تكون الصلاتان الباقيتان المغرب و العشاء و يحتمل أن يكون آتيا بهما و نسي اثنتين من صلوات النهار،وجب عليه الاتيان بالمغرب و العشاء فقط،لأن الشك بالنسبة إلى صلوات النهار بعد الوقت و بالنسبة إليهما في وقتهما،و لو علم أنه لم يصلّ في ذلك اليوم إلا صلاتين أضاف إلى المغرب و العشاء قضاء ثنائية و رباعية،و كذا إن علم أنه لم يصلّ إلاّ صلاة واحدة(1).

[الرابعة و الخمسون:إذا صلى الظهر و العصر ثم علم إجمالا أنه شك في إحداهما بين الاثنتين و الثلاث]

[2187]الرابعة و الخمسون:إذا صلى الظهر و العصر ثم علم إجمالا أنه شك في إحداهما بين الاثنتين و الثلاث و بنى على الثلاث و لا يدري أن الشك المذكور في أيهما كان يحتاط بإتيان صلاة الاحتياط و إعادة صلاة واحدة بقصد ما في الذمة(2).

فيه:انه لا يكفي أن يضيف إلى المغرب و العشاء في هذا الفرض صلاة ثنائية و رباعية فحسب لاحتمال فوات الظهر و العصر منه معا و ان المأتي به هو صلاة الصبح،فإذن لا بد من إضافة ثنائية و رباعيتين إليهما للعلم الإجمالي بفوت صلاتين من النهارية المرددتين بين الظهرين،أو بين احداهما و صلاة الصبح،فعليه لا بد من الاتيان بالجميع حتى يكون متأكدا و متيقنا بالفراغ.

بل الظاهر كفاية الاتيان بصلاة واحدة بنية العصر على أساس أن الصلاتين في الواقع لا تخلوان اما ان تكون كلتاهما تامة،أو الأولى تامة دون الثانية، أو بالعكس،فعلى الأول لا حاجة إلى صلاة الاحتياط و لا إلى إعادة صلاة واحدة، و على الثاني تكفي صلاة الاحتياط إن لم يصدر منه ما يبطل الصلاة و إن كان عن سهو و ذهول و أما إذا صدر منه ذلك فتجب إعادتها باسم العصر لفرض ان صلاة الظهر تامة،و على الثالث فبما ان صلاة العصر تامة و صلاة الظهر ناقصة و لم يتدارك نقصها بصلاة الاحتياط قبل الاتيان بالعصر حيث لا يمكن التدارك بعد الاتيان بها

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 283)


[الخامسة و الخمسون:إذا علم إجمالا أنه إما زاد قراءة أو نقصها يكفيه سجدتا السهو مرة]

[2188]الخامسة و الخمسون:إذا علم إجمالا أنه إما زاد قراءة أو نقصها يكفيه سجدتا السهو مرة(1)،و كذا إذا علم أنه إما زاد التسبيحات الأربع أو نقصها.

[السادسة و الخمسون:إذا شك في أنه هل ترك الجزء الفلاني عمدا أم لا]

[2189]السادسة و الخمسون:إذا شك في أنه هل ترك الجزء الفلاني عمدا أم لا فمع بقاء محل الشك لا إشكال في وجوب الاتيان به،و أما مع تجاوزه فهل تجري قاعدة الشك بعد التجاوز(2)أم لا لانصراف أخبارها عن هذه الصورة خصوصا بملاحظة قوله:«كان حين العمل أذكر»؟وجهان،
باعتبار أنه مانع منه فتنقلب ظهرا بمقتضى نص قوله عليه السّلام:«أربع مكان أربع»و عليه فتبقى ذمته مشغولة بالعصر،فإذن لا بد من الاتيان بها باسمها.

على الأحوط.

الظاهر هو الجريان شريطة أن لا يكون احتمال الترك العمدي احتمالا عقلائيا مانعا عن تحقق الشرط الارتكازي و هو أن كل مكلف إذا كان في مقام الامتثال و الاطاعة حقيقة فاحتمال انه تارك للجزء الفلاني عمدا خلف فرض كونه في مقام الامتثال و احتمال السهو خلاف الأصل،و لو احتمل الترك العمدي بسبب من الأسباب فإن كان ضعيفا لم يعتد به باعتبار أنه لا يضر بالشرط الارتكازي المذكور،و إن لم يكن ضعيفا و كان عقلائيا لكان مانعا عن جريانها لمنعه عن ذلك الشرط.

و إن شئت قلت:إن هذه القاعدة بما أنها قاعدة عقلائية ارتكازية يتبع تطبيقها في كل مورد توفر ملاكها فيه،فإن كان متوفرا فيه جرت القاعدة و إلا فلا، فإذن لا مجال لدعوى الانصراف في المقام باعتبار أن أدلتها بما أنها في مقام التأكيد و الامضاء لا مقام التأسيس و الجعل فتتبع ملاكها سعة و ضيقا،فإذن لا بد من النظر في المرتبة السابقة إلى أن ملاكها متوفر فيه أولا.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 284)


و الأحوط الاتيان ثم الاعادة(1).

مر أنه لا مانع من جريان قاعدة التجاوز شريطة أن يكون احتمال الترك العمدي ضعيفا على نحو لا يضر بالشرط الارتكازي،و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أنها لا تجري مع هذا الاحتمال فما ذكره قدّس سرّه من الاحتياط بالجمع بين الاتيان بالجزء المشكوك أولا ثم اعادة الصلاة،غير تام فإن الشك فيه ان كان بعد التجاوز عن المحل السهوي و الدخول في ركن بعده فلا شبهة في عدم إمكان تداركه و الاتيان به،فإن معنى التدارك هو أن يأتي بما تركه و ما بعده،و لو صنع ذلك في المقام و الحالة هذه لأدى به إلى تكرار الاتيان بذلك الركن مرة ثانية و الزيادة في الركن مبطلة و حينئذ فتكون وظيفته الغاء ما كان قد أتى به من الصلاة و استئنافها من جديد،هذا إضافة إلى القطع بعدم الأمر بتداركه و الاتيان به أما لامتثال أمره في الواقع أو لبطلان الصلاة بتركه العمدي و إن كان قبل الدخول في الركن اللاحق بأن يكون في المحل السهوي،و إن تجاوز عن المحل الشكي فقد يقال بامكان تداركه بمقتضى استصحاب عدم الاتيان به،و لكن الأمر ليس كذلك للقطع بسقوط الأمر عنه بأحد السببين المذكورين،فإذن لا مناص من الاعادة مرة ثانية.

بقي هنا فرع:

و هو ما إذا علم المصلي بترك جزء و لكن يشك في كونه عمديا أو سهويا فإن كان ذلك بعد الفراغ من الصلاة فالمرجع فيه قاعدة الفراغ و الحكم بصحتها تطبيقا للقاعدة و يسجد سجدتي السهو على الأحوط للنقيصة،و إن كان قبل الفراغ منها فإن كان بعد التجاوز عن المحل السهوي و الدخول في الركن اللاحق فقد يقال كما قيل بوقوع المعارضة بين قاعدة التجاوز في احتمال تركه العمدي و قاعدة التجاوز في احتمال الترك السهوي باعتبار أن مقتضى الأولى صحة الصلاة و مقتضى الثانية عدم وجوب القضاء أو سجود السهو،و بما ان المصلي يعلم أما ببطلان هذه الصلاة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 285)


……….

إذا كان الترك عمديا،أو بوجوب القضاء أو سجود السهو إذا كان الترك سهويا،فمن أجل ذلك لا يمكن تطبيق كلتا القاعدتين معا.

و الجواب:قد ظهر مما تقدم من أن قاعدة التجاوز بما أنها قاعدة عقلائية فجريانها في كل مورد منوط بتوفر ملاكها فيه و هو احتمال الالتفات و الأذكرية حين العمل،و من المعلوم أن هذا الملاك غير متوفر في المقام لا في احتمال الترك العمدي و لا في احتمال الترك السهوي على أساس أن المصلي كان يعلم حاله حين العمل و إنه تارك له و لكن لا يدري أنه عمدي أو سهوي و لا يتوفر الملاك المذكور في شيء من هذين الاحتمالين،و حيث ان قاعدة التجاوز تبتني على أساس ان المكلف إذا كان في مقام الامتثال و أداء الوظيفة فاحتمال أنه تارك للجزء المشكوك عمدا خلاف الفرض،و احتمال أنه تارك له سهوا خلاف الأصل،فمن أجل ذلك بنى على الاتيان به فيكون موضوع البناء عليه هو دفع كلا الاحتمالين معا و لا يكون دفع كل من الاحتمالين بحده موضوعا للقاعدة.

و إن شئت قلت:أنّ موضوع القاعدة هو الشك في وجود الشيء بمفاد كان التامة بعد التجاوز عن محله كما هو مورد صحيحة زرارة،و أما في المسألة فبما ان المصلي كان على يقين من ترك الجزء في محله الشرعي و لا شك له فيه و إنما هو شاك في صفتي العمد و النسيان فلا موضوع للقاعدة لفرض أنه لا محل لهما شرعا، فإن المحل المقرر من قبل الشرع إنما هو للموصوف بهما،و الفرض انه لا شك في وجوده.

و دعوى:ان الشك إنما هو في الوجود الخاص للجزء و هو وجوده عمدا أو سهوا بعد التجاوز عن محله…

مدفوعة:بأن مرد الشك في الوجود الخاص له إلى الشك في وجود الصفة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 286)


……….

دون الموصوف هذا إضافة إلى ما مر من أن القاعدة إنما تجري في احتمال الترك العمدي إذا كان ضعيفا جدا على نحو لا يعتني به العقلاء،فحينئذ بما أنه لا يمنع عن الشرط الارتكازي لها فلا مانع من جريانها،و أما احتمال الترك العمدي في المسألة فبما أنه من أحد طرفي العلم الإجمالي فهو احتمال معتد به و معه لا يتوفر ما هو ملاك جريانها.

و إن كان قبل الدخول في الركن اللاحق،كما إذا دخل في التشهد أو القيام علم بأنه ترك السجدة الثانية من هذه الركعة و لكن لا يدري أنه تركها عمدا أو سهوا رجع و ألغى ما كان قد أتى به من التشهد أو القيام و سجد بنية الثانية و واصل صلاته و لا شيء عليه،فإن الترك العمدي إنما يوجب بطلان الصلاة إذا لم يكن تداركه في محله و إلاّ لم يخل بها،فإن ترك الجزء عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي مبطل للصلاة على أساس ان المأمور به هو الصلاة المشتملة على ذلك الجزء دون الفاقدة له،و أما إذا تفطن قبل الدخول في الركن اللاحق إلى ترك الجزء فيرجع و يأتي به في محله الشرعي من دون استلزامه الاخلال بها لا زيادة و لا نقيصة و لا ترتيبا،و أما زيادة التشهد أو القيام فبما أنها سهوية فلا تضر بالصلاة ما عدا كونها موجبة لسجدتي السهو على الأحوط.

و إن شئت قلت:إن الشك في المقام شك في المحل حقيقة لا بعد تجاوزه على أساس أن ما كان قد أتى به من التشهد أو القيام ليس من الصلاة في شيء حتى يكون الدخول فيه محققا للتجاوز عنه،فإذن يكون المصلي بعد في المحل الشكي،فلا يمكن التمسك بقاعدة التجاوز.

و دعوى:ان تركه إذا كان عمديا فهو غير قابل للتدارك،فإذا لم يكن قابلا له فقد تحقق التجاوز عن المحل،إذ العبرة إنما هي بتحققه سواء أ كان بالدخول في

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 287)


[السابعة و الخمسون:إذا توضأ و صلى ثم علم أنه إما ترك جزءا من وضوئه أو ركنا في صلاته]

[2190]السابعة و الخمسون:إذا توضأ و صلى ثم علم أنه إما ترك جزءا من وضوئه أو ركنا في صلاته فالأحوط إعادة الوضوء ثم الصلاة،و لكن لا يبعد جريان قاعدة الشك بعد الفراغ في الوضوء(1)لأنها لا تجري في
الجزء المترتب أم كان بعدم إمكان تداركه…

مدفوعة:بأن المصلي إذا كان بحكم الشارع بعد في محل الجزء المتروك و لم يتجاوز عنه فلما ذا لا يكون قابلا للتدارك رغم أنه لا يلزم من تداركه أي محذور من الزيادة أو النقيصة العمدية أو الاخلال بالترتيب باعتبار أنه تدارك لذلك الجزء المتروك في محله الشرعي.

فالنتيجة:ان الأظهر في هذا الفرض هو الرجوع إلى محل الجزء المتروك و إلغاء ما كان قد أتى به من الجزء على أساس انه واقع في غير محله فلا يكون من الصلاة و الاتيان بالجزء المتروك و مواصلة الصلاة إلى أن تتم ثم الاتيان بسجدتي السهو على الأحوط للزيادة السهوية.

بل هو المتعين شريطة احتمال الالتفات و الأذكرية حين عملية الوضوء،لأن المصلي حيث كان يعلم تفصيلا ببطلان صلاته و إنما يشك و يتردد في منشأه فلا موضوع للقاعدة فيها،و أما في الوضوء فبما أنه شاك في صحته و فساده فيتعين الحكم بصحته تطبيقا للقاعدة.

ثم ان انحلال العلم الإجمالي في المسألة إلى علم تفصيلي و شك بدوي لا يرتبط بانحلال العلم الإجمالي في مسألة الأقل و الأكثر الارتباطيين لأن هذه المسألة ليست من عناصر تلك المسألة باعتبار أن متعلق الحكم في تلك المسألة عمل واحد مردد بين الاطلاق و التقييد،كالصلاة المرددة بين المقيدة بالسورة مثلا و بين المطلقة بالنسبة إليها،و عليه فالوجوب المتعلق به مردد بين الإطلاق و التقييد و السعة و الضيق،و من هنا قلنا ان الانحلال الحقيقي للعلم الإجمالي في تلك

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 288)


الصلاة حتى يحصل التعارض،و ذلك للعلم ببطلان الصلاة على كل حال.

[الثامنة و الخمسون:لو كان مشغولا بالتشهد أو بعد الفراغ منه و شك في أنه صلى ركعتين و أن التشهد في محله]

[2191]الثامنة و الخمسون:لو كان مشغولا بالتشهد أو بعد الفراغ منه و شك في أنه صلى ركعتين و أن التشهد في محله(1)أو ثلاث ركعات و أنه
المسألة غير معقول،لأن العلم بوجوب الأقل بعينه هو العلم بالجامع بين الاطلاق و التقييد الذي هو عبارة عن العلم الإجمالي باعتبار أنه علم بالجامع و متقوم به في مقابل العلم التفصيلي الذي هو علم بالفرد بحده الفردي فمن أجل ذلك لا يعقل انحلال العلم الإجمالي بين الاقل و الاكثر الى علم تفصيلي بوجوب الاقل و الشك البدوي في وجوب الأكثر حقيقة لأن العلم بوجوب الأقل بعينه هو العلم الإجمالي بالجامع بين الاطلاق و التقييد،نعم ينحل هذا العلم الإجمالي حكما بجريان أصالة البراءة عن التقييد باعتبار أن فيه كلفة زائدة.

و أما متعلق الحكم في هذه المسألة فهو عملان..

أحدهما:الوضوء.

و الآخر:الصلاة.

فالعلم التفصيلي تعلق ببطلان الصلاة بحدها الصلاتي لا بالجامع بين السعة و الضيق،و إنما التردد في منشأ البطلان و سببه،كما أن الشك تعلق بصحة الوضوء و بطلانه بجده الوضوئي فمن أجل ذلك يكون الانحلال في هذه المسألة حقيقيا دون تلك فإن الانحلال فيها حكمي و الحقيقي غير معقول.

هذا غير بعيد بأن يبني في هذه الحالة على أنه صلى ركعتين و إن هذا هو التشهد المطلوب منه،و يواصل صلاته و لا شيء عليه،و ذلك لأن المصلي إذا وجد نفسه و هو يتشهد أو قد أكمل تشهده و شك في أنه صلى ركعتين و إن تشهده هذا وقع في محله أو أنه صلى ثلاث ركعات و إن تشهده هذا وقع في غير محله سهوا،فيجعل التشهد نفسه قرينة على أنه قد صلى ركعتين لا أكثر تطبيقا لقاعدة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 289)


في غير محله يجري حكم الشك بين الاثنتين و الثلاث،و ليس عليه سجدتا
التجاوز لأنه يشك حينما يتشهد أنه أتى بالركعة الثانية قبل تشهده هذا أو أنه أتى بالركعة الثالثة،مقتضى قاعدة التجاوز أنه أتى بالركعة الثانية كما أنه إذا شك و هو يتشهد في أن تشهده هذا هل حدث و وقع بعد الركعة الأولى سهوا أو بعد الثانية فيكون دخوله في التشهد قرينة على أنه قد أكمل ركعتين تطبيقا لقاعدة التجاوز، لأن الشك في صدور الركعة الثانية منه بعد دخوله في التشهد و هو عين الشك في الشيء بعد التجاوز عن محله الشرعي،و لا فرق في ذلك بين أن يكون أحد طرفي الشك هو الركعة الأولى أو الثالثة،فإنه على كلا التقديرين يكون شاكا في أنه صدر منه الركعة الثانية قبل هذا التشهد و أن هذا هو التشهد المطلوب منه،أو الركعة الأولى أو الثالثة؟فلا مانع من التمسك بالقاعدة.

و إن شئت قلت:إن المصلي في هذه المسألة يشك في أنه أتى بالركعة الثانية و دخل في التشهد و أن هذا هو التشهد الواجب،أو أتى بالثالثة و دخل فيه سهوا و غفلة،مقتضى قاعدة التجاوز هو الأول كما أنه إذا شك في أنه أتى بالثانية و دخل في التشهد أو أتى بالأولى و دخل فيه غفلة كان مقتضى القاعدة هو الأول.

فالنتيجة:ان الحكم بأنه صلى ركعتين تطبيقا لقاعدة التجاوز هو الأظهر، حيث أن تمام مؤهلات القاعدة و ملاكاتها المبررة لحجيتها موجودة في المسألة لأنه في مقام الامتثال و الانقياد و احتمال أنه دخل في التشهد بعد الركعة الثالثة عامدا عالما خلف فرض كونه في مقام أداء الوظيفة،و أما احتمال السهو و الغفلة فهو نادر و مدفوع بأصالة عدم الغفلة.فمن أجل ذلك لا يعتني به العقلاء نهائيا في تمام أفعالهم و أقوالهم و لكن مع ذلك كان الأحوط و الأجدر أن يعيد الصلاة مرة ثانية،و به يظهر حال ما في المتن.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 290)


السهو لزيادة التشهد لأنها غير معلومة(1)،و إن كان الأحوط الاتيان بهما أيضا بعد صلاة الاحتياط.

[التاسعة و الخمسون:لو شك في شيء و قد دخل في غيره الذي وقع في غير محله]

[2192]التاسعة و الخمسون:لو شك في شيء و قد دخل في غيره الذي وقع في غير محله كما لو شك في السجدة من الركعة الاولى أو الثالثة و دخل في التشهد،أو شك في السجدة من الركعة الثانية و قد قام قبل أن يتشهد فالظاهر البناء على الاتيان(2)و أن الغير أعم من الذي وقع في محله
هذا فيما إذا كان الشك بين الركعتين و الثلاث بعد الفراغ من التشهد، فإنه حينئذ إذا بنى على الثلاث لم يعلم بالزيادة،و أما إذا كان الشك في أثنائه و بنى على الثلاث و قام للرابعة قبل إتمام التشهد فهو يعلم اما بزيادة ما أتى به من التشهد أو بنقصان ما بقي منه،فعندئذ يعلم بسجود السهو عليه اما للزيادة أو للنقيصة على الأحوط.

بل الظاهر عدم الاتيان و الاعتناء بالشك و الرجوع إلى السجدة و الاتيان بها لأن الشك فيها في المحل باعتبار أن المراد من الغير المعتبر دخوله في جريان قاعدة التجاوز خصوص ما يترتب على الجزء المشكوك شرعا تبعا للترتيب و التنسيق بينهما،كما إذا شك في جزء من أجزاء الصلاة بعد تجاوز مكانه المقرر له شرعا تبعا لما يعتبر بينهما من الترتيب و التنسيق و دخل في جزء آخر واجب الذي يليه بلا فصل،فيمضي الشاك و لا يعتني كما إذا دخل في القراءة و شك في التكبيرة فإنه يمضي في قراءته و لا يعتني بالشك،و أما إذا شك في القراءة و هو في القنوت فيعتني بشكه و يرجع إلى القراءة باعتبار أن القنوت ليس جزء من الصلاة و هكذا.

و النكتة فيه،ان الروايات التي تنص على القاعدة منها:قوله عليه السّلام في ذيل صحيحة زرارة المفصلة:«يا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشيء…» 1لا يستفاد منها أكثر من ذلك،بتقريب ان الشك في هذه القاعدة إنما


 

1) <page number=”290″ />الوسائل ج 8 باب:23 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 291)


أو كان زيادة في غير المحل،و لكن الأحوط مع ذلك إعادة الصلاة أيضا.

[الستون:لو بقي من الوقت أربع ركعات للعصر و عليه صلاة الاحتياط من جهة الشك في الظهر]

[2193]الستون:لو بقي من الوقت أربع ركعات للعصر و عليه صلاة الاحتياط من جهة الشك في الظهر فلا إشكال في مزاحمتها للعصر ما دام يبقى لها من الوقت ركعة(1)،بل و كذا لو كان عليه قضاء السجدة أو التشهد،و أما لو كان عليه سجدتا السهو فهل يكون كذلك أو لا؟وجهان من أنهما من متعلقات الظهر و من أن وجوبهما استقلالي و ليستا جزءا أو شرطا لصحة الظهر و مراعاة الوقت للعصر أهم فتقدم العصر ثم يؤتى بهما بعدها،
هو في وجود الشيء و من المعلوم ان التجاوز عنه إنما هو بلحاظ التجاوز عن محله المقرر له شرعا و هو لا يتحقق إلا بالدخول في غيره المترتب عليه،و لا يكفي الدخول في غير المترتب لأنه لا يحقق عنوان التجاوز عن محله،كما إذا دخل في القنوت و شك في القراءة فإن الدخول فيه لا يحقق عنوان التجاوز عن محل القراءة باعتبار أنه ليس من الصلاة فلا يكون محل القراءة قبل القنوت و إن كان محل القنوت بعد القراءة،فإذن لا بد من تطبيق قاعدة الشك في المحل.

نعم إذا دخل في الركوع و شك في القراءة فقد تحقق به عنوان التجاوز عن محلها تبعا للترتيب و التنسيق المعتبر بين اجزاء الصلاة.

تقدم في المسألة الرابعة من فصل(أوقات اليومية و نوافلها)ان في مزاحمة صلاة الظهر لصلاة العصر في وقتها المختص إشكال،بل لا يبعد تقديم العصر فيه و الاتيان بالظهر بعده قضاء على أساس ما ذكرناه من المناقشة في التعدي عن مورد حديث من أدرك و هو صلاة الغداة إلى سائر الصلوات،و في ضوء هذا الأساس ان وظيفته في المسألة هي أن يأتي بالعصر في وقتها المختص ثم يستأنف الظهر بعده من جديد،غاية الأمر في فرض مزاحمة صلاة الاحتياط للعصر ينوي الظهر احتياطا لاحتمال ان الظهر السابقة تامة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 292)


و يحتمل التخيير(1).

[الحادية و الستون:لو قرأ في الصلاة شيئا بتخيل أنه ذكر أو دعاء أو قرآن ثم تبين أنه كلام الآدمي]

[2194]الحادية و الستون:لو قرأ في الصلاة شيئا بتخيل أنه ذكر أو دعاء أو قرآن ثم تبين أنه كلام الآدمي فالأحوط سجدتا السهو،لكن الظاهر عدم وجوبهما لأنهما إنما تجبان عند السهو(2)و ليس المذكور من باب السهو، كما أن الظاهر عدم وجوبهما في سبق اللسان إلى شيء،و كذا إذا قرأ شيئا غلطا من جهة الاعراب أو المادة و مخارج الحروف.

[الثانية و الستون:لا يجب سجود السهو فيما لو عكس الترتيب الواجب سهوا]

[2195]الثانية و الستون:لا يجب سجود السهو فيما لو عكس الترتيب الواجب سهوا(3)كما إذا قدّم السورة على الحمد و تذكر في الركوع،فإنه
هذا الاحتمال ضعيف جدا،بل لا بد من تقديم العصر في وقتها المختص و الإتيان بهما بعدها و لو قلنا بعدم التقديم في موارد مزاحمة صلاة الاحتياط للعصر أو قضاء السجدة أو التشهد لها على أساس ان سجود السهو واجب مستقل لا يصلح أن يزاحم العصر في وقتها المختص.

بل الظاهر وجوبهما لما مر في المسألة(1)من فصل(موجبات سجود السهو…)من أن الموجب له هو التكلم بما ليس بعمدي و إن لم ينطبق عليه أنه سهوي،و منه يظهر الحال في موارد سبق اللسان و غيره.

فالنتيجة:ان الضابط العام لذلك هو ان كل كلام صادر من المصلي أثناء الصلاة إذا لم يكن عن عمد فهو موجب لسجود السهو فقط دون البطلان سواء أصدق عليه أنه كلام سهوي أم لا.

بل الظاهر وجوبه،غاية الأمر انه في بعض الموارد مبني على الاحتياط،لأن الترتيب و التنسيق المعتبر بين الأجزاء انما هو من واجباتها و شروطها المقومة لها على أساس ان الجزء ليس هو التكبيرة على نحو الاطلاق، بل هو صحة خاصة منها و هي التكبيرة الملحوقة بالقراءة و هي ليست جزءا من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 293)


لم يزد شيئا و لم ينقص،و إن كان الأحوط الاتيان معه لاحتمال كونه من باب نقص السورة،بل مرة أخرى لاحتمال كون السورة المقدمة على الحمد من الزيادة.

[الثالثة و الستون:إذا وجب عليه قضاء السجدة المنسية أو التشهد]

[2196]الثالثة و الستون:إذا وجب عليه قضاء السجدة المنسية أو التشهد
الصلاة على نحو الاطلاق،بل حصة خاصة منها و هي القراءة المسبوقة بالتكبيرة و الملحوقة بالركوع و هكذا،و على هذا لم يأت بما هو جزء الصلاة لأن جزءها هو القراءة بعد التكبيرة لا قبلها،و إذا كبر بعد القراءة لم يأت بما هو جزؤها لأنه التكبيرة قبل القراءة،و عليه فيكون كل من القراءة و التكبيرة زائدة في الصلاة إذا أتى بها ناويا أنها منها،و حينئذ فإن كانت عمدية بطلت صلاته و إن كانت سهوية وجب عليه سجود السهو على الأحوط،و إذا ركع قبل القراءة عمدا بطلت صلاته للزيادة.

و إذا سلم قبل التشهد أو قبل السجدة الثانية من الركعة الأخيرة سهوا وجبت سجدتا السهو للسلام الزائد في غير موضعه.

و إن شئت قلت:أنه يجب على المصلى أن يؤدي الصلاة المؤلفة من الأجزاء بترتيبها الشرعي لأن لكل جزء من أجزائها موضعه و مكانه الخاص فلا يجوز تقديم المؤخر و تأخير المقدم،و من خالف عامدا ملتفتا إلى عدم جواز ذلك بطلت صلاته كأن يسجد قبل أن يركع أو تشهد قبل أن يسجد عامدا عالما،و أما إذا كان ذلك نسيانا و غفلة أو لعدم التفاته إلى الحكم الشرعي بعدم جوازه و جهله به، فإن كان بتقديم ركن مؤخر أو تأخير ركن مقدم كأن يأتي بسجدتين كاملتين لركعة قبل أن يركع ركوعها،أو يأتي بركوع ركعة جديدة قبل أن يسجد للركعة السابقة،أو يأتي بركوع الركعة الأولى قبل تكبيرة الإحرام بطلت صلاته و إن كان في غير الركن من الأجزاء لم تبطل و لكن عليه أن يسجد سجدتي السهو على الأحوط في غير الموارد الخاصة كما مر.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 294)


المنسي ثم أبطل صلاته أو انكشف بطلانها سقط وجوبه لأنه إنما يجب في الصلاة الصحيحة،و أما لو أوجد ما يوجب سجود السهو ثم أبطل صلاته فالأحوط إتيانه،و إن كان الأقوى سقوط وجوبه أيضا،و كذا إذا انكشف بطلان صلاته،و على هذا فإذا صلى ثم أعادها احتياطا وجوبا أو ندبا و علم بعد ذلك وجود سبب سجدتي السهو في كل منهما يكفيه إتيانهما مرة واحدة،و كذا إذا كان عليه فائتة مرددة بين صلاتين أو ثلاث مثلا فاحتاط بإتيان صلاتين أو ثلاث صلوات ثم علم تحقق سبب السجود في كل منها، فإنه يكفيه الاتيان به مرة بقصد الفائتة الواقعية،و إن كان الأحوط التكرار بعدد الصلوات.

[الرابعة و الستون:إذا شك في أنه هل سجد سجدة واحدة أو اثنتين أو ثلاث]

[2197]الرابعة و الستون:إذا شك في أنه هل سجد سجدة واحدة أو اثنتين أو ثلاث فإن لم يتجاوز محلها بنى على واحدة و أتى بأخرى،و إن تجاوز بنى على الاثنتين و لا شيء عليه عملا بأصالة عدم الزيادة،و أما إن علم أنه إما سجد واحدة أو ثلاثا وجب عليه أخرى ما لم يدخل في الركوع(1)،و إلا
في إطلاقه إشكال بل منع،و الأقوى هو التفصيل بين ما إذا تفطن المصلي و هو جالس و ما إذا تفطن بعد دخوله في التشهد أو القيام قبل أن يركع، فعلى الأول فبما أنه شاك في الاتيان بالسجدة الثانية و كان شكه في المحل يجب عليه الاتيان بها تطبيقا لقاعدة الشك في المحل و يواصل صلاته إلى أن يتمها و لا شيء عليه لأن احتمال سجود السهو مدفوع بأصالة عدم الزيادة،و على الثاني فحيث ان شكه في الاتيان بها كان بعد التجاوز عن المحل الشكي فيرجع إلى قاعدة التجاوز و يحكم بالاتيان بها تطبيقا للقاعدة و لا تعارض بأصالة عدم الزيادة لأن الأصالة لا تجري في المسألة باعتبار أن الغرض من اجرائها نفي وجوب

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 295)


قضاها بعد الصلاة و سجد للسهو(1).

[الخامسة و الستون:إذا ترك جزءا من أجزاء الصلاة من جهة الجهل بوجوبه]

[2198]الخامسة و الستون:إذا ترك جزءا من أجزاء الصلاة من جهة الجهل بوجوبه أعاد الصلاة على الأحوط و إن لم يكن من الأركان(2)،نعم لو كان الترك مع الجهل بوجوبه مستندا إلى النسيان بأن كان بانيا على الاتيان به باعتقاد استحبابه فنسي و تركه فالظاهر عدم البطلان و عدم وجوب الاعادة إذا لم يكن من الأركان.

سجدتي السهو،و المفروض أن وجوبهما معلوم وجدانا أما للزيادة أو النقيصة،فلا يمكن نفيه بها،فاذن لا أثر لها.

مر أن قاعدة التجاوز تجري في المسألة بلا معارض لها بالنسبة إلى نفي وجوب القضاء و لا فرق في جريانها بين أن يكون قبل الدخول في الركوع أو بعد الدخول فيه،فإن العبرة إنما هي بتحقق التجاوز عن المحل و هو لا يتوقف على الدخول في الركوع،و أما اصالة عدم الزيادة فقد عرفت أنها لا تجري في نفسها لعدم أثر لها بعد العلم بوجوب سجدتي السهو أما للزيادة أو للنقيصة.

في الاحتياط اشكال بل منع،و الأظهر وجوب الاعادة فيما إذا كان جهله بالوجوب بسيطا و كان عن تقصير،و أما إذا كان مركبا فلا تجب الاعادة و إن كان عن تقصير أو بسيطا و لكن كان عن قصور على أساس اطلاق حديث(لا تعاد)، و قد تقدم الكلام حول عموم هذا الحديث بشكل موسع في باب الطهارة في فصل (إذا صلى في النجس).هذا في غير الأركان من الأجزاء،و أما فيها فيكون تركها موجبا لبطلان الصلاة مطلقا و لو كان نسيانا أو جهلا و إن كان عن قصور.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 296)


تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 297)


[فصل في صلاة العيدين الفطر و الأضحى]

فصل في صلاة العيدين الفطر و الأضحى و هي كانت واجبة في زمان حضور الامام عليه السّلام مع اجتماع شرائط وجوب الجمعة،و في زمان الغيبة مستحبة جماعة و فرادى،و لا يشترط فيها شرائط الجمعة و إن كانت بالجماعة فلا يعتبر فيها العدد من الخمسة أو السبعة،و لا بعد فرسخ بين الجماعتين و نحو ذلك،و وقتها من طلوع الشمس إلى الزوال،و لا قضاء لها لو فاتت،و يستحب تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس،و في عيد الفطر يستحب تأخيرها أزيد بمقدار الافطار و إخراج الفطرة.

و هي ركعتان يقرأ في الاولى منهما الحمد و سورة و يكبّر خمس تكبيرات عقيب كل تكبيرة قنوت ثم يكبر للركوع و يركع و يسجد،ثم يقوم للثانية و فيها بعد الحمد و سورة يكبّر أربع تكبيرات و يقنت بعد كل منها ثم يكبر للركوع و يتم الصلاة،فمجموع التكبيرات فيها اثنتا عشرة:سبع تكبيرات في الاولى و هي تكبيرة الإحرام و خمس للقنوت و واحدة للركوع، و في الثانية خمس تكبيرات أربعة للقنوت و واحدة للركوع،و الأظهر وجوب القنوتات و تكبيراتها،و يجوز في القنوتات كل ما جرى على اللسان من ذكر و دعاء كما في سائر الصلوات و إن كان الأفضل الدعاء المأثور، و الأولى أن يقول في كل منها:«اللهم أهل الكبرياء و العظمة و أهل الجود

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 298)


و الجبروت و أهل العفو و الحرمة و أهل التقوى و المغفرة أسألك بحق هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا،و لمحمد صلّى اللّه عليه و آله ذخرا و شرفا و كرامة و مزيدا،أن تصلي على محمد و آل محمد و أن تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا و آل محمد،و أن تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمدا و آل محمد(صلواتك عليه و عليهم)،اللهم إني أسألك خير ما سألك به عبادك الصالحون،و أعوذ بك مما استعاذ منه عبادك المخلصون»و يأتي بخطبتين بعد الصلاة مثل ما يؤتى بهما في صلاة الجمعة،و محلهما هنا بعد الصلاة بخلاف الجمعة فإنهما قبلها،و لا يجوز إتيانهما هنا قبل الصلاة،و يجوز تركهما في زمان الغيبة و إن كانت الصلاة بجماعة،و لا يجب الحضور عندهما و لا الاصغاء إليهما،و ينبغي أن يذكر في خطبة عيد الفطر ما يتعلق بزكاة الفطرة من الشروط و القدر و الوقت لإخراجها،و في خطبة الأضحى ما يتعلق بالأضحية.

[مسألة 1:لا يشترط في هذه الصلاة سورة مخصوصة بل يجزئ كل سورة]

[2199]مسألة 1:لا يشترط في هذه الصلاة سورة مخصوصة بل يجزئ كل سورة،نعم الأفضل أن يقرأ في الركعة الأولى سورة الشمس و في الثانية سورة الغاشية،أو يقرأ في الاولى سورة سبح اسم و في الثانية سورة الشمس.

[مسألة 2:يستحب فيها أمور]

[2200]مسألة 2:يستحب فيها أمور:

أحدها:الجهر بالقراءة للإمام و المنفرد.

الثاني:رفع اليدين حال التكبيرات.

الثالث:الاصحار بها إلا في مكة،فإنه يستحب الاتيان بها في مسجد الحرام.

الرابع:أن يسجد على الأرض دون غيرها مما يصح السجود عليه.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 299)


الخامس:أن يخرج إليها راجلا حافيا مع السكينة و الوقار.

السادس:الغسل قبلها.

السابع:أن يكون لابسا عمامة بيضاء.

الثامن:أن يشمّر ثوبه إلى ساقه.

التاسع:أن يفطر في الفطر قبل الصلاة بالتمر،و أن يأكل من لحم الأضحية في الأضحى بعدها.

العاشر:التكبيرات عقيب أربع صلوات في عيد الفطر أولها المغرب من ليلة العيد و رابعها صلاة العيد،و عقيب عشر صلوات في الأضحى إن لم يكن بمنى أولها ظهر يوم العيد و عاشرها صبح اليوم الثاني عشر،و إن كان بمنى فعقيب خمس عشرة صلاة أولها ظهر يوم العيد و آخرها صبح اليوم الثالث عشر،و كيفية التكبير في الفطر أن يقول:«اللّه أكبر اللّه أكبر،لا إله إلا اللّه و اللّه أكبر،اللّه أكبر و للّه الحمد،اللّه أكبر على ما هدانا»و في الأضحى يزيد على ذلك:«اللّه أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام،و الحمد للّه على ما أبلانا».

[مسألة 3:يكره فيها أمور]

[2201]مسألة 3:يكره فيها أمور:

الأول:الخروج مع السلاح إلا في حال الخوف.

الثاني:النافلة قبل صلاة العيد و بعدها إلى الزوال إلا في مدينة الرسول فإنه يستحب صلاة ركعتين في مسجدها قبل الخروج إلى الصلاة.

الثالث:أن ينقل المنبر إلى الصحراء،بل يستحب أن يعمل هناك منبر من الطين.

الرابع:أن يصلي تحت السقف.

[مسألة 4:الأولى بل الأحوط ترك النساء لهذه الصلاة إلا العجائز]

[2202]مسألة 4:الأولى بل الأحوط ترك النساء لهذه الصلاة إلا العجائز.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 4 300)


[مسألة 5:لا يتحمل الامام في هذه الصلاة ما عدا القراءة]

[2203]مسألة 5:لا يتحمل الامام في هذه الصلاة ما عدا القراءة من الأذكار و التكبيرات و القنوتات كما في سائر الصلوات.

[مسألة 6:إذا شك في التكبيرات و القنوتات بنى على الأقل]

[2204]مسألة 6:إذا شك في التكبيرات و القنوتات بنى على الأقل،و لو تبين بعد ذلك أنه كان آتيا بها لا تبطل صلاته.

[مسألة 7:إذا أدرك مع الامام بعض التكبيرات يتابعه فيه]

[2205]مسألة 7:إذا أدرك مع الامام بعض التكبيرات يتابعه فيه و يأتي بالبقية بعد ذلك و يلحقه في الركوع،و يكفيه أن يقول بعد كل تكبير:

«سبحان اللّه و الحمد للّه»،و إذا لم يمهله فالأحوط الانفراد و إن كان يحتمل كفاية الاتيان بالتكبيرات ولاء،و إن لم يمهله أيضا أن يترك و يتابعه في الركوع،كما يحتمل أن يجوز لحوقه إذا أدركه و هو راكع لكنه مشكل لعدم الدليل على تحمل الامام لما عدا القراءة.

[مسألة 8:لو سها عن القراءة أو التكبيرات أو القنوتات كلا أو بعضا لم تبطل صلاته]

[2206]مسألة 8:لو سها عن القراءة أو التكبيرات أو القنوتات كلا أو بعضا لم تبطل صلاته،نعم لو سها عن الركوع أو السجدتين أو تكبيرة الاحرام بطلت.

[مسألة 9:إذا أتى بموجب سجود السهو فالأحوط إتيانه]

[2207]مسألة 9:إذا أتى بموجب سجود السهو فالأحوط إتيانه،و إن كان عدم وجوبه في صورة استحباب الصلاة كما في زمان الغيبة لا يخلو عن قوة و كذا الحال في قضاء التشهد المنسي أو السجدة المنسية.

[مسألة 10:ليس في هذه الصلاة أذان و لا إقامة]

[2208]مسألة 10:ليس في هذه الصلاة أذان و لا إقامة،نعم يستحب أن يقول المؤذن:«الصلاة»ثلاثا.

[مسألة 11:إذا اتفق العيد و الجمعة فمن حضر العيد و كان نائيا عن البلد كان بالخيار بين العود إلى أهله و البقاء لحضور الجمعة]

[2209]مسألة 11:إذا اتفق العيد و الجمعة فمن حضر العيد و كان نائيا عن البلد كان بالخيار بين العود إلى أهله و البقاء لحضور الجمعة.

الصفحات: 1 2 3 4 5
Pages ( 3 of 5 ): «12 3 45»