مولفات سماحة مرجع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 2
جلد
2
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 2
جلد
2
ارتكبها أو بناء على أنه بعد الندم الذي هو حقيقة التوبة لكن الظاهر أنه من القسم الأول كما ذكر هناك،و هذا هو الظاهر من الأخبار و من كلمات العلماء، و يمكن أن يقال إنه ذو جهتين:فمن حيث إنه بعد المعاصي و بعد الندم يكون من القسم الثاني و من حيث إن تمام التوبة بالاستغفار يكون من القسم الأول، و خبر مسعدة بن زياد في خصوص استماع الغناء في الكنيف،و قول الإمام عليه السّلام له في آخر الخبر:«قم فاغتسل فصل ما بدا لك»يمكن توجيهه بكل من الوجهين و الأظهر أنه لسرعة قبول التوبة أو لكمالها.
الثاني:الغسل لقتل الوزغ،و يحتمل أن يكون للشكر على توفيقه لقتله حيث إنه حيوان خبيث و الأخبار في ذمّه من الطرفين كثيرة،ففي النبوي:
«اقتلوا الوزغ و لو في جوف الكعبة»،و في آخر:«من قتله فكأنما قتل شيطانا»، و يحتمل أن يكون لأجل حدوث قذارة من المباشرة لقتله.
الثالث:غسل المولود،و عن الصدوق و ابن حمزه(رحمهما اللّه)وجوبه لكنه ضعيف،و وقته من حين الولادة حينا عرفيا،فالتأخير إلى يومين أو ثلاثة لا يضر،و قد يقال إلى سبعة أيام،و ربما قيل ببقائه إلى آخر العمر،و الأولى على تقدير التأخير عن الحين العرفي الإتيان به برجاء المطلوبية.
الرابع:الغسل لرؤية المصلوب،و ذكروا أن استحبابه مشروط بأمرين:
أحدهما:أن يمشي لينظر إليه متعمدا،فلو اتفق نظره أو كان مجبورا لا يستحب.
الثاني:أن يكون بعد ثلاثة أيام إذا كان مصلوبا بحق لا قبلها،بخلاف ما إذا كان مصلوبا بظلم فإنه يستحب معه مطلقا و لو كان في اليومين الأولين،لكن الدليل على الشرط الثاني غير معلوم،إلا دعوى الانصراف و هي محل منع، نعم الشرط الأول ظاهر الخبر و هو:«من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب
عليه الغسل عقوبة»،و ظاهره أن من مشى إليه لغرض صحيح كأداء الشهادة أو تحمّلها لا يثبت في حقه الغسل.
الخامس:غسل من فرّط في صلاة الكسوفين مع احتراق القرص أي تركها عمدا،فإنه يستحب أن يغتسل و يقضيها،و حكم بعضهم بوجوبه، و الأقوى عدم الوجوب و إن كان الأحوط عدم تركه،و الظاهر أنه مستحب نفسي بعد التفريط المذكور،و لكن يحتمل أن يكون لأجل القضاء كما هو مذهب جماعة،فالأولى الإتيان به بقصد القربة لا بملاحظة غاية أو سبب،و إذا لم يكن الترك عن تفريط أو لم يكن القرص محترقا لا يكون مستحبا،و إن قيل باستحبابه مع التعمد مطلقا،و قيل باستحبابه مع احتراق القرص مطلقا.
السادس:غسل المرأة إذا تطيبت لغير زوجها،ففي الخبر:«أيّما امرأة تطيبت لغير زوجها لم تقبل منها صلاة حتى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها»و احتمال كون المراد غسل الطيب من بدنها كما عن صاحب الحدائق بعيد و لا داعي إليه.
السابع:غسل من شرب مسكرا فنام،ففي الحديث عن النبي صلّى اللّه عليه و آله ما مضمونه:ما من أحد نام على سكر إلا و صار عروسا للشيطان إلى الفجر،فعليه أن يغتسل غسل الجنابة.
الثامن:غسل من مس ميتا بعد غسله.
[1052]مسألة 1:حكي عن المفيد استحباب الغسل لمن صب عليه ماء مظنون النجاسة،و لا وجه له،و ربما يعد من الأغسال المسنونة غسل المجنون إذا أفاق،و دليله غير معلوم،و ربما يقال إنه من جهة احتمال جنابته حال جنونه،لكن على هذا يكون من غسل الجنابة الاحتياطية فلا وجه لعدها منها، كما لا وجه لعدّ إعادة الغسل لذوي الأعذار المغتسلين حال العذر غسلا
ناقصا مثل الجبيرة،و كذا عدّ غسل من رأى الجنابة في الثوب المشترك احتياطا،فإن هذه ليست من الأغسال المسنونة.
[1053]مسألة 2:وقت الأغسال المكانية كما مر سابقا قبل الدخول فيها أو بعده لإرادة البقاء على وجه،و يكفي الغسل في أول اليوم ليومه و في أول الليل ليلته،بل لا يخلو كفاية غسل الليل للنهار و بالعكس من قوة و إن كان دون الأول في الفضل،و كذا القسم الأول من الأغسال الفعلية وقتها قبل الفعل على الوجه المذكور،و أما القسم الثاني منها فوقتها بعد تحقق الفعل إلى آخر العمر و إن كان الظاهر اعتبار إتيانها فورا ففورا.
[1054]مسألة 3:ينتقض الأغسال الفعلية من القسم الأول و المكانية بالحدث الأصغر من أي سبب كان حتى من النوم على الأقوى،و يحتمل عدم انتقاضها مع استحباب إعادتها كما عليه بعضهم،لكن الظاهر ما ذكرنا.
[1055]مسألة 4:الأغسال المستحبة لا تكفي عن الوضوء(1)،فلو كان محدثا يجب أن يتوضأ للصلاة و نحوها قبلها أو بعدها،و الأفضل قبلها، و يجوز إتيانه في أثنائها إذا جيء بها ترتيبيا.
[1056]مسألة 5:إذا كان عليه أغسال متعددة زمانية أو مكانية أو فعلية أو مختلفة يكفي غسل واحد عن الجميع إذا نواها جميعا،بل لا يبعد كون التداخل قهريا،لكن يشترط في الكفاية القهرية أن يكون ما قصده معلوم المطلوبية لا ما كان يؤتى به بعنوان احتمال المطلوبية،لعدم معلومية كونه
الأظهر هو الكفاية في كل غسل ثبت استحبابه شرعا لدلالة مجموعة من الروايات عليها،منها قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:(الغسل يجزئ عن الوضوء و أىّ وضوء أطهر من الغسل) 1.
غسلا صحيحا حتى يكون مجزئا عما هو معلوم المطلوبية.
[1057]مسألة 6:نقل عن جماعة-كالمفيد و المحقق و العلامة و الشهيد و المجلسي رحمهم اللّه-استحبابا لغسل نفسا و لو لم يكن هناك غاية مستحبة أو مكان أو زمان،و نظرهم في ذلك إلى مثل قوله تعالى: إِنَّ اللّٰهَ يُحِبُّ التَّوّٰابِينَ وَ يُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (البقرة 2:222)و قوله عليه السّلام:«إن استطعت أن تكون بالليل و النهار على طهارة فافعل»و قوله عليه السّلام:«أي وضوء أطهر من الغسل»و «أي وضوء أنقى من الغسل»و مثل ما ورد من استحباب الغسل بماء الفرات من دون ذكر سبب أو غاية إلى غير ذلك،لكن إثبات المطلب بمثلها مشكل.
[1058]مسألة 7:يقوم التيمم مقام الغسل في جميع ما ذكر عند عدم التمكن منه.
فصل في التيمم و يسوّغه العجز عن استعمال الماء،
و هو يتحقق بأمور:
أحدها:عدم وجدان الماء بقدر الكفاية للغسل أو الوضوء في سفر كان أو حضر،و وجدان المقدار الغير الكافي كعدمه،و يجب الفحص عنه إلى اليأس إذا كان في الحضر،و في البرية(1)يكفي الطلب غلوة سهم في الحزنة
في وجوب الفحص على النحو المذكور إشكال بل منع،حيث أن مقتضى القاعدة عدم وجوب الفحص لأن المسوّغ الرئيسي للتيمّم أمران:
أحدهما:عدم وجود الماء في مساحة من الأرض التي يقدر المكلّف على الوصول إليها و التحرّك ضمنها ما دام الوقت باقيا.
و الآخر:عدم التمكّن من استعمال الماء على الرغم من وجوده و توفّره عنده.
و على هذا فمقتضى الأصل لدى الشكّ في كل من المسوّغين عدمه و يترتّب عليه وجوب التيمّم لإحراز موضوعه به و هو عدم وجود الماء و تيسّره،أو عدم التمكّن من استعماله،و أما على مقتضى النصوص التي يكون موردها المسافر و عمدتها صحيحة زرارة فوظيفته طلب الماء ما دام في الوقت،فإذا خاف فوته وجب عليه التيمّم و الصلاة،و لا تدلّ على تحديد مقدار الطلب بغلوة سهم أو سهمين حسب اختلاف الأرض.نعم قد ورد هذا التحديد في رواية السكونى و هي ضعيفة سندا من جهة وجود النوفلي في سندها و على هذا فالمستفاد من الصحيحة بمناسبة الحكم و الموضوع أن وظيفة المسافر إذا لم يكن عنده ماء و دخل عليه الوقت أن يطلب الماء
و لو لأجل الأشجار و غلوة سهمين في السهلة في الجوانب الأربعة،بشرط احتمال وجود الماء في الجميع،و مع العلم بعدمه في بعضها يسقط فيه،و مع العلم بعدمه في الجميع يسقط في الجميع،كما أنه لو علم وجوده فوق المقدار وجب طلبه مع بقاء الوقت،و ليس الظن به كالعلم في وجوب الأزيد و إن كان الأحوط خصوصا إذا كان بحد الاطمئنان بل لا يترك في هذه الصورة(1) فيطلب إلى أن يزول ظنه،و لا عبرة بالاحتمال في الأزيد.
[1059]مسألة1:إذا شهد عدلان بعدم الماء في جميع الجوانب أو بعضها
بل الظاهر في صورة الاطمئنان بوجود الماء فيما زاد على المساحة التي يقدر على الوصول إليها و السير ضمنها وجوب الطلب ما دام الوقت باقيا إذا لم يكن حرجيّا و لا يكون التيمّم مشروعا في حقّه حينئذ،كما أنه مع الاطمئنان بعدم وجوده فيها يسقط الطلب.نعم الظن بوجوده فيه لا أثر له،و بذلك يظهر حال ما قبله.
سقط وجوب الطلب فيها أو فيه(1)و إن كان الأحوط عدم الاكتفاء،و في الاكتفاء بالعدل الواحد اشكال(2)فلا يترك الاحتياط بالطلب.
[1060]مسألة 2:الظاهر وجوب الطلب في الأزيد من المقدارين إذا شهد عدلان بوجوده في الأزيد،و لا يترك الاحتياط في شهادة عدل واحد به.
[1061]مسألة 3:الظاهر كفاية الاستنابة في الطلب(3)و عدم وجوب المباشرة،بل لا يبعد كفاية نائب واحد عن جماعة،و لا يلزم كونه عادلا بعد كونه أمينا موثقا.
[1062]مسألة 4:إذا احتمل وجود الماء في رحله أو في منزله أو في القافلة وجب الفحص(4)حتى يتقين العدم أو يحصل اليأس منه،فكفاية المقدارين
تقدّم الاشكال في حصر وجوب الطلب في المسافات المحدودة بل المنع.
بل الأظهر عدم الاشكال في الاكتفاء به بل بمطلق اخبار الثقة و إن لم يكن عدلا و به يظهر حال المسألة الآتية.
لا معنى للاستنابة في عملية الطلب و الفحص فإن وجوبه بما أنه وجوب طريقي فالغرض منها تحصيل العلم بالحال ليعلم أنه مأمور بالوضوء أو التيمّم و عليه فقيام غيره مقامه في هذه العملية لا يؤدّي الى حصول العلم له بالحال إلاّ أن يكون الغرض منه إخباره بالحال بعد العملية و هو حجّة إذا كان ثقة إلاّ أن ذلك لا ينسجم مع ما بنى عليه الماتن قدّس سرّه من الاشكال في حجيّة خبر العدل الواحد فضلا عن مطلق الثقة.
تقدّم أن مقتضى القاعدة عدم وجوب الفحص،فوجوبه بحاجة الى دليل و لا دليل عليه إلاّ على المسافر بالكيفيّة التي قد مرّت آنفة.نعم إذا توقّف عليه إحراز موضوع التيمّم وجب كما إذا فرض أنه علم بوجود الماء في منزله في زمان و عدم
خاص بالبرية.
[1063]مسألة 5:إذا طلب قبل دخول وقت الصلاة و لم يجد ففي كفايته بعد دخول الوقت مع احتمال العثور عليه لو أعاده إشكال،فلا يترك الاحتياط بالإعادة(1)،و أما مع انتقاله عن ذلك المكان فلا إشكال في وجوبه مع الاحتمال المذكور.
[1064]مسألة 6:إذا طلب بعد دخول الوقت لصلاة فلم يجد يكفي لغيرها من الصلوات،فلا يجب الإعادة عند كل صلاة إن لم يحتمل العثور مع الإعادة،و إلا فالأحوط الإعادة(2).
[1065]مسألة 7:المناط في السهم و الرمي و القوس(3)و الهواء و الرامي هو المتعارف المعتدل الوسط في القوة و الضعف.
[1066]مسألة 8:يسقط وجوب الطلب في ضيق الوقت.
[1067]مسألة 9:إذا ترك الطلب حتى ضاق الوقت عصى،لكن الأقوى صحة
بل الاعادة هي المتعيّنة في مفروض المسألة لما مرّ من أن الواجب على المسافر القيام بعملية الطلب و الفحص ما دام في الوقت و لم يخف فوته على الكيفيّة المشار إليها آنفة.
بل هي الأقوى ما دام في الوقت كما مرّ.
مرّ أن تحديد وجوب الطلب بذلك غير ثابت.
صلاته حينئذ و إن علم أنه لو طلب لعثر،لكن الأحوط القضاء خصوصا في الفرض المذكور.
[1068]مسألة 10:إذا ترك الطلب في سعة الوقت و صلى بطلت صلاته و إن تبين عدم وجود الماء،نعم لو حصل منه قصد القربة مع تبين عدم الماء فالأقوى صحتها.
[1069]مسألة11:إذا طلب الماء بمقتضى وظيفته فلم يجد فتيمم و صلى ثم تبين وجوده في محل الطلب من الغلوة أو الغلوتين أو الرحل أو القافلة صحت صلاته و لا يجب القضاء أو الإعادة(1).
[1070]مسألة 12:إذا اعتقد ضيق الوقت عن الطلب فتركه و تيمم و صلى ثم تبين سعة الوقت لا يبعد صحة صلاته و إن كان الأحوط الإعادة(2)أو القضاء بل لا يترك الاحتياط بالإعادة،و أما إذا ترك الطلب باعتقاد عدم الماء فتبين وجوده و أنه لو طلب لعثر فالظاهر وجوب الإعادة أو القضاء.
[1071]مسألة 13:لا يجوز إراقة الماء الكافي للوضوء أو الغسل بعد دخول
في عدم وجوب الاعادة في الوقت إشكال بل منع،فإنه إذا تبيّن وجود الماء فيه و تمكّنه من الوضوء به و الصلاة انكشف عن بطلان التيمّم و الصلاة معه و إن كان قيامه بعملية التيمّم كان مقتضى وظيفته ظاهرا،أي بعد الفحص و الاطمئنان بعدم وجود الماء.نعم إذا تبيّن وجوده خارج الوقت لم يجب القضاء لأن وظيفته كانت التيمّم حينئذ.
بل الاعادة هي الأقوى إذا كان الانكشاف في سعة الوقت كما هو المفروض،و أما القضاء فهو غير واجب إذا كان الانكشاف في خارج الوقت،و به يظهر حال ما بعده.
الوقت إذا علم بعدم وجدان ماء آخر،و لو كان على وضوء لا يجوز له إبطاله إذا علم بعدم وجود الماء،بل الأحوط عدم الإراقة و عدم الإبطال قبل الوقت(1)أيضا مع العلم بعدم وجدانه بعد الوقت،و لو عصى فأراق أو أبطل يصح تيممه و صلاته و إن كان الأحوط القضاء.
[1072]مسألة 14:يسقط وجوب الطلب إذا خاف على نفسه أو ماله من لص أو سبع أو نحو ذلك كالتأخر عن القافلة،و كذا إذا كان فيه حرج و مشقة لا تتحمل.
[1073]مسألة 15:إذا كانت الأرض في بعض الجوانب حزنة و في بعضها سهلة(2)يلحق كلا حكمه من الغلوة و الغلوتين.
الثاني:عدم الوصلة إلى الماء الموجود لعجز من كبر أو خوف من سبع أو لصّ أو لكونه في بئر مع عدم ما يستقى به من الدلو و الحبل و عدم إمكان إخراجه بوجه آخر و لو بإدخال ثوب و إخراجه بعد جذبه الماء و عصره.
[1074]مسألة 16:إذا توقف تحصيل الماء على شراء الدلو أو الحبل أو نحوهما أو استئجارهما أو على شراء الماء أو اقتراضه وجب و لو بأضعاف العوض ما لم يضرّ بحاله،و أما إذا كان مضرا بحاله فلا،كما أنه لو أمكنه اقتراض نفس الماء أو عوضه مع العلم أو الظن بعدم إمكان الوفاء لم يجب
فيه:أن الأظهر الجواز حيث لا يترتّب عليهما تفويت واجب أو ملاك فعلي ملزم لكي يكون مانعا عنهما.
تقدّم أن وجوب الفحص لا يختلف باختلاف هذه الخصوصيات و لا يدور مدارها لا أصلا و لا فرعا.
ذلك(1).
[1075]مسألة 17:لو أمكنه حفر البئر بلا حرج وجب،كما أنه لو وهبه غيره بلا منة و لا ذلة وجب القبول.
الثالث:الخوف من استعماله على نفسه أو عضو من أعضائه بتلف،أو عيب أو حدوث مرض أو شدته أو طول مدته أو بطء برئه أو صعوبة علاجه أو نحو ذلك مما يعسر تحمله عادة،بل لو خاف من الشين الذي يكون تحمله شاقا تيمم(2)،و المراد به ما يعلو البشرة من الخشونة المشوهة للخلقة أو الموجبة لتشقق الجلد و خروج الدم،و يكفي الظن بالمذكورات أو الاحتمال الموجب للخوف سواء حصل له من نفسه أو قول طبيب أو غيره و إن كان فاسقا أو كافرا،و لا يكفي الاحتمال المجرد عن الخوف،كما أنه لا يكفي الضرر اليسير الذي لا يعتني به العقلاء،و إذا أمكن علاج المذكورات بتسخين الماء وجب و لم ينتقل إلى التيمم.
[1076]مسألة 18:إذا تحمل الضرر و توضأ أو اغتسل فإن كان الضرر في
إذا لم تكن في عملية الاقتراض مهانة و مذلّة فإن علم أو اطمأنّ بعدم إمكان الأداء أمكن القول بعدم وجوبها باعتبار أن عملية الوضوء حينئذ تعدّ إتلافا لمال الناس و تفويتا لحقّه و إن لم يعلم أو لم يطمئنّ بذلك،فلا يبعد القول بوجوبها، و لا أثر للظنّ لأنه مع تمكّنه من تلك العمليّة متمكّن من الوضوء و معه لا تصل النوبة الى التيمّم حيث أن القدرة على الوفاء ليست شرطا في جواز عملية الاقتراض و لا في صحّتها فمع العلم بعدم إمكان الوفاء جاز الاقتراض وضعا و تكليفا.
هذا فيما إذا كان حرجيّا،إذا المشقّة ما لم يكن تحمّلها حرجيّا لم تمنع عن وجوب الوضوء.
المقدمات من تحصيل الماء و نحوه وجب الوضوء أو الغسل و صح،و إن كان في استعمال الماء في أحدهما بطل(1)،و أما إذا لم يكن استعمال الماء مضرا بل كان موجبا للحرج و المشقة كتحمل ألم البرد أو الشين مثلا فلا يبعد الصحة و إن كان يجوز معه التيمم،لأن نفي الحرج من باب الرخصة لا العزيمة،و لكن الأحوط ترك الاستعمال و عدم الاكتفاء به على فرضه فيتيمم أيضا.
[1077]مسألة 19:إذا تيمم باعتقاد الضرر أو خوفه فتبين عدمه صح تيممه و صلاته(2)،نعم لو تبين قبل الدخول في الصلاة وجب الوضوء أو الغسل،
في الحكم بالبطلان مطلقا إشكال بل منع فإنه مبنىّ على أن يكون الاضرار بالنفس بتمام مراتبه حراما،و أما بناء على ما هو الصحيح من أنه لا دليل عليه كما تقدّم في ضمن مسائل الوضوء و الغسل و إنما يكون الحرام بعض مراتبه فإن بلغ الضرر الى المرتبة المحرّمة بطل و إلاّ فلا.
في الصحّة إشكال بل منع،فإن التبيّن إذا كان في الوقت كما هو المفروض فالأظهر حينئذ وجوب الاعادة سواء كان موضوع وجوب التيمّم الضرر الواقعي أو الخوف النفسانى،أما على الأول فظاهر إذ بعد التبيّن ينكشف أنه كان من الأول مأمورا بالوضوء أو الغسل دون التيمّم و إن الأمر به كان خياليّا و من هنا لا فرق بين أن يكون ذلك في الوقت أو خارجه.و أما على الثاني فلأن موضوع وجوب التيمّم إذا كان الخوف فلازمه أنه متى تحقّق في النفس تحقّق الموضوع واقعا و إن لم يكن ضرر في الواقع إلاّ أن الخوف موضوع له في تمام الوقت و لا أثر له إذا كان في بعض الوقت إذ حينئذ يكون المكلّف متمكّنا من الصلاة مع الطهارة المائية في الوقت و معه لا تصل النوبة الى الصلاة مع الطهارة الترابية فإذا ارتفع الخوف في الوقت انكشف أنه غير مأمور بالتيمّم،فإذن لا فرق بين كون الموضوع الضرر الواقعي أو الخوف النفسانى.
و إذا توضأ أو اغتسل باعتقاد عدم الضرر ثم تبين وجوده صح(1)،لكن الأحوط مراعاة الاحتياط في الصورتين،و أما إذا توضأ أو اغتسل مع اعتقاد الضرر أو خوفه لم يصح(2)و إن تبين عدمه.كما أنه إذا تيمم مع اعتقاد عدم الضرر لم يصح و إن تبين وجوده.
[1078]مسألة 20:إذا أجنب عمدا مع العلم بكون استعمال الماء مضرا وجب التيمم و صح عمله،لكن لمّا ذكر بعض العلماء وجوب الغسل في الصورة المفروضة و إن كان مضرا فالأولى الجمع بينه و بين التيمم(3)،بل الأولى مع ذلك إعادة الغسل و الصلاة بعد زوال العذر.
هذا فيما إذا لم يبلغ الضرر مرتبة الحرمة و إلاّ فلا يمكن الحكم بالصحّة لأن الحرام لا يعقل أن يقع مصداقا للواجب.نعم إذا كان اعتقاد عدم الضرر بالغا درجة اليقين و الجزم كان كالناسي فحينئذ لا مانع من الحكم بالصحّة.
في الحكم بعدم الصحّة مطلقا إشكال بل منع،إلاّ أن يكون من جهة أن المكلّف إذا قام بعملية الوضوء أو الغسل و الحال هذه فقد علم أنه قام على خلاف وظيفته الفعلية و معه لا يمكن أن يتأتّى منه قصد القربة فيقع حينئذ ما أتى به باطلا، و لكن ذلك فيما إذا كان معتقدا حرمة الوضوء أو الغسل في هذه الحال و إلاّ فلا مانع من التقرّب به كما هو الغالب.نعم يكون عدم صحّة التيمّم مع اعتقاد عدم الضرر مستندا الى عدم تأتّي قصد القربة منه حيث أنه يعلم بعدم مشروعيّته و الحال هذه و أنه مأمور بالوضوء أو الغسل.نعم لو لم يكن ملتفتا الى ذلك و متمكّنا من قصد القربة صحّ.
هذا لا ينسجم مع ما يظهر منه قدّس سرّه من حرمة الاضرار بالنفس بتمام مراتبه فإنه حينئذ يتعيّن التيمّم و لا وجه للأولويّة بالجمع،كما أنه لا يتمّ إطلاقه و إن لم نقل بذلك كما هو الصحيح فيما إذا فرض أن الضرر يبلغ حدّ الحرمة.
[1079]مسألة 21:لا يجوز للمتطهر بعد دخول الوقت إبطال وضوئه بالحدث الأصغر إذا لم يتمكن من الوضوء بعده كما مر،لكن يجوز له الجماع مع عدم إمكان الغسل،و الفارق وجود النص في الجماع،و مع ذلك الأحوط تركه أيضا.
الرابع:الحرج في تحصيل الماء أو في استعماله و إن لم يكن ضرر أو خوفه.
الخامس:الخوف من استعمال الماء على نفسه(1)أو أولاده و عياله أو بعض متعلقيه أو صديقه فعلا أو بعد ذلك من التلف بالعطش أو حدوث
نعني بالخوف من استعمال الماء إحدى الحالات التالية:
الحالة الأولى:أن يخاف المتوضئ من التعرّض للعطش في المستقبل بنحو يقع في الخطر أو الضرر أو الحرج.
الحالة الثانية:أن يخاف المتوضئ تعرّض شخص آخر ممّن تجب عليه صيانته و حفظه للخطر أو الضرر أو الحرج،فإن مقتضى إطلاق موثقة سماعة بدوا و إن كان كفاية خوف قلّة الماء للتيمّم إلاّ أن مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضي أن خوف القلّة لا موضوعيّة له و إنما هو طريق الى التعرّض في ضرر العطش أو خطره في المستقبل و وقوعه في الحرج و الشدّة.
الحالة الثالثة:أن يخاف على ما يهمّه أمره في السفر كدابّته،أو يضرّه فقده كفرسه أو يجب عليه حفظه كالحيوان الذي أودع عنده أو نحو ذلك ممّا يتعلّق بشؤونه بحيث لو صرف الماء في الوضوء أو الغسل لوقع في ضيق و حرج.
ففي كلّ هذه الحالات يجوز التيمّم.و إذا أصرّ المكلّف على الوضوء فتوضّأ على الرغم من الظروف المذكورة صحّ منه الوضوء في الحالة الثانية و الثالثة.و أما في الحالة الأولى فإن كان الخطر أو الضرر بنحو يكون ارتكابه محرّما لم يصحّ و إلاّ صحّ.
مرض بل أو حرج أو مشقة لا تتحمل،و لا يعتبر العلم بذلك بل و لا الظن،بل يكفي احتمال يوجب الخوف حتى إذا كان موهوما،فإنه قد يحصل الخوف مع الوهم إذا كان المطلب عظيما فيتيمم حينئذ،و كذا إذا خاف على دوابّه أو على نفس محترمة و إن لم تكن مرتبطة به،و أما الخوف على غير المحترم كالحربي و المرتد الفطري و من وجب قتله في الشرع فلا يسوّغ التيمم،كما أن غير المحترم الذي لا يجب قتله بل يجوز كالكلب العقور و الخنزير و الذئب و نحوها لا يوجبه و إن كان الظاهر جوازه،ففي بعض صور خوف العطش يجب حفظ الماء و عدم استعماله كخوف تلف النفس أو الغير ممن يجب حفظه و كخوف حدوث مرض و نحوه،و في بعضها يجوز حفظه و لا يجب مثل تلف النفس المحترمة التي لا يجب حفظها و إن كان لا يجوز قتلها أيضا، و في بعضها يحرم حفظه بل يجب استعماله في الوضوء أو الغسل كما في النفوس التي يجب إتلافها،ففي الصورة الثالثة لا يجوز التيمم و في الثانية يجوز و يجوز الوضوء أو الغسل أيضا(1)و في الأولى يجب و لا يجوز الوضوء أو الغسل.
[1080]مسألة 22:إذا كان معه ماء طاهر يكفي لطهارته و ماء نجس بقدر حاجته إلى شربه لا يكفي في عدم الانتقال إلى التيمم،لأن وجود الماء النجس حيث إنه يحرم شربه كالعدم،فيجب التيمم و حفظ الماء الطاهر
فيه إشكال بل منع،لما مرّ من أن المسوّغ للتيمّم أحد أمرين؛الأول:عدم تيسّر الماء،و الآخر:عدم التمكّن من استعماله،و كلا الأمرين غير متوفّر في هذه الصورة لأن الماء متيسّر له و هو متمكّن من استعماله و معه لا يجوز له تفويته و صرفه في شيء آخر.
لشربه،نعم لو كان الخوف على دابته لا على نفسه يجب عليه الوضوء أو الغسل و صرف الماء النجس في حفظ دابته،بل و كذا إذا خاف على طفل من العطش فإنه لا دليل على حرمة إشرابه الماء المتنجس،و أما لو فرض شرب الطفل بنفسه فالأمر أسهل فيستعمل الماء الطاهر في الوضوء مثلا و يحفظ الماء النجس ليشربه الطفل،بل يمكن أن يقال إذا خاف على رفيقه أيضا يجوز التوضؤ و إبقاء الماء النجس لشربه فإنه لا دليل على وجوب رفع اضطرار الغير من شرب النجس،نعم لو كان رفيقه عطشانا فعلا لا يجوز إعطاؤه،الماء النجس(1)ليشرب مع وجود الماء الطاهر،كما أنه لو باشر الشرب بنفسه لا يجب منعه.
السادس:إذا عارض استعمال الماء في الوضوء أو الغسل واجب أهمّ كما إذا كان بدنه أو ثوبه نجسا و لم يكن عنده من الماء إلا بقدر أحد الأمرين من رفع الحدث أو الخبث ففي هذه الصورة يجب استعماله في رفع الخبث و يتيمم(2)لأن الوضوء له بدل و هو التيمم بخلاف رفع الخبث مع أنه منصوص
فيه إشكال و لا يبعد الجواز،فإنه إذا توضّأ بالماء الطاهر فعلا و بقي الماء النجس فقد أدّى ذلك الى اضطرار رفيقه شرب الماء النجس،و عليه فلا يكون شربه حراما عليه في الواقع لكي يكون ذلك تسبيبا الى الحرام.
في التقديم إشكال و الأظهر التخيير،فإن التقديم في أمثال المسألة مبنىّ على تماميّة أمرين؛أحدهما:عدم الفرق بين الواجبات الضمنيّة و الواجبات الاستقلاليّة في تطبيق قواعد باب التزاحم.و الآخر:تقديم ما ليس له بدل على ما له بدل في مقام المزاحمة..و كلا الأمرين غير تام.
أما الأمر الأول:فلأن الواجبات الارتباطيّة كأجزاء الصلاة مثلا واجبة بوجوب
في بعض صوره(1)،و الأولى أن يرفع الخبث أوّلا ثم يتيمم ليتحقق كونه فاقدا
فيه:أن النصّ ضعيف سندا فلا يمكن الاعتماد عليه.
للماء حال التيمم،و إذا توضأ أو اغتسل حينئذ بطل(1)لأنه مأمور بالتيمم و لا أمر بالوضوء أو الغسل،نعم لو لم يكن عنده ما يتيمم به أيضا يتعين صرفه في رفع الحدث،لأن الأمر يدور بين الصلاة مع نجاسة البدن أو الثوب أو مع الحدث و فقد الطهورين فمراعاة رفع الحدث أهم مع أن الأقوى بطلان صلاة فاقد الطهورين،فلا ينفعه رفع الخبث حينئذ.
[1081]مسألة 23:إذا كان معه ما يكفيه لوضوئه أو غسل بعض مواضع النجس من بدنه أو ثوبه بحيث لو تيمم أيضا يلزم الصلاة مع النجاسة ففي تقديم رفع الخبث حينئذ على رفع الحدث إشكال بل لا يبعد تقديم الثاني(2)،نعم لو كان بدنه وثوبه كلاهما نجسا و كان معه من الماء ما يكفي لأحد الأمور من الوضوء أو تطهير البدن أو الثوب ربما يقال بتقديم تطهير
في البطلان إشكال بل منع حتى على القول بوجوب تقديم رفع الخبث على رفع الحدث فإن الوظيفة على أساس هذا القول و إن كانت الصلاة مع الطهارة الخبثية و التيمّم دون الوضوء أو الغسل و لكن بما أن الوضوء أو الغسل مستحبّ في نفسه فإذا عصى المكلّف و لم يصرف الماء في الطهارة الخبثية و صرفه في الوضوء أو الغسل بداعي استحبابه النفسي فلا مانع من الحكم بصحّته،و حينئذ فوظيفته الاتيان بالصلاة مع الطهارة المائية في ثوب أو بدن نجس لاضطراره الى الصلاة فيه بعد صرف الماء في رفع الحدث.نعم لو توضّأ بداعي أن هذه الصلاة هي التي تفرضه عليه مع أنه يعلم أنها تفرض التيمّم عليه دونه لكان باطلا لأنه تشريع.
على الأحوط باعتبار أنه مبنىّ على مانعيّة النجاسة بصرف وجودها لا بوجودها الانحلالي و هو إن كان غير بعيد حسب ما هو المرتكز في أذهان المتشرّعة و لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط.
البدن و التيمم و الصلاة مع نجاسة الثوب أو عريانا على اختلاف القولين،و لا يخلو ما ذكره من وجه(1).
[1082]مسألة 24:إذا دار أمره بين ترك الصلاة في الوقت أو شرب الماء النجس كما إذا كان معه ما يكفي لوضوئه من الماء الطاهر و كان معه ماء نجس بمقدار حاجته لشربه و مع ذلك لم يكن معه ما يتيمم به بحيث لو شرب الماء الطاهر بقي فاقد الطهورين ففي تقديم أيهما إشكال(2).
[1083]مسألة 25:إذا كان معه ما يمكن تحصيل أحد الأمرين من ماء الوضوء أو الساتر لا يبعد ترجيح الساتر و الانتقال إلى التيمم(3)لكن لا يخلو عن إشكال،و الاولى صرفه في تحصيل الساتر أوّلا ليتحقق كونه فاقد الماء ثم يتيمم،و إذا دار الأمر بين تحصيل الماء أو القبلة ففي تقديم أيّهما إشكال.
السابع:ضيق الوقت عن استعمال الماء بحيث لزم من الوضوء أو
بل لا وجه له،فالأظهر هو التخيير بين صرف الماء في الوضوء أو في تطهير البدن أو الثوب و قد مرّ وجهه آنفا.
بل الظاهر تقديم الصلاة عن طهور في الوقت على شرب الماء النجس،فان الامر يدور في الحقيقة بين وجوب الصلاة في الوقت و حرمة شرب الماء النجس بعد ما لم يكن لدى المكلف ما يتيمم به و في مثل ذلك لا شبهة في تقديم الاول على الثاني للأهمية.
بل هو بعيد،و الأظهر فيه التخيير لما مرّ من أن المقام غير داخل في باب التزاحم لكي يجب القيام بعملية تطبيق قواعده عليه،و على تقدير دخوله في هذا الباب فقد تقدّم في المسألة(22)أن ترجيح ما ليس له بدل على ما له بدل لم يثبت بعنوانه بل لا بدّ من إرجاعه الى مرجّح آخر و به يظهر حال ما بعده.
الغسل خروج وقت الصلاة و لو كان لوقوع جزء منها خارج الوقت(1)،و ربما يقال إن المناط عدم إدراك ركعة منها في الوقت فلو دار الأمر بين التيمم و ادراك تمام الوقت او الوضوء و ادراك ركعة أو أزيد قدّم الثاني،لأن من أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت،لكن الأقوى ما ذكرنا،و القاعدة مختصة بما إذا لم يبق من الوقت فعلا إلا مقدار ركعة،فلا تشمل ما إذا بقي بمقدار تمام الصلاة و يؤخرها إلى أن يبقى مقدار ركعة،فالمسألة من باب الدوران بين مراعاة الوقت(2)و مراعاة الطهارة المائية و الأول أهم،و من المعلوم أن الوقت
لكن الأظهر فيه التخيير بين إيقاع جزء من الصلاة خارج الوقت مع الطهارة المائية و إيقاع تمام الصلاة فيه مع الطهارة الترابية،و يظهر وجهه من التعليق الآتى.
هذا مبنىّ على دخول المسألة في باب التزاحم و حينئذ فلا بدّ من تطبيق قواعده عليها،و لكن قد مرّ أن المسألة داخلة في باب التعارض فتقع المعارضة بين إطلاق دليل الوقت و إطلاق دليل الطهارة المائية،فإن كان أحدهما من الكتاب و الآخر من السنّة فلا بدّ من تقديم الأول على الثاني لما حقّقناه في محلّه من أن ما دلّ على أن المخالف للكتاب لا يكون حجّة لا يقصر عن شمول المخالف لا طلاقه أيضا إذا كان مستندا الى ظهور اللفظ و إن كان كلاهما من الكتاب كما في المقام فيسقط كلا الاطلاقين من جهة المعارضة فيرجع الى أصالة البراءة عن شرطيّة كل منهما للصلاة تعيينا،فالنتيجة التخيير حينئذ بين الصلاة مع الطهارة المائية المستلزمة لوقوع مقدار منها خارج الوقت و الصلاة مع الطهارة الترابية التي لا تستلزم ذلك،و أما قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:(إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمّم و ليصلّ…) 1فلا يدلّ على أن الوظيفة في مفروض المسألة التيمّم لظهوره بمناسبة مورده في خوف فوت الوقت تماما و لا نظر له الى صورة العلم بأنه
معتبر في تمام أجزاء الصلاة،فمع استلزام الطهارة المائية خروج جزء من أجزائها خارج الوقت لا يجوز تحصيلها بل ينتقل إلى التيمم(1)،لكن الأحوط القضاء مع ذلك خصوصا إذا استلزم وقوع جزء من الركعة خارج الوقت.
[1084]مسألة 26:إذا كان واجدا للماء و أخّر الصلاة عمدا إلى أن ضاق الوقت عصى،و لكن يجب عليه التيمم و الصلاة،و لا يلزم القضاء و إن كان الأحوط احتياطا شديدا.
[1085]مسألة 27:إذا شك في ضيق الوقت وسعته بنى على البقاء و توضأ أو اغتسل،و أما إذا علم ضيقه و شك في كفايته لتحصيل الطهارة و الصلاة و عدمها و خاف الفوت إذا حصلها فلا يبعد الانتقال إلى التيمم(2)،و الفرق
مرّ أن الأظهر فيه التخيير،و بذلك يظهر حال المسائل الآتية أيضا.
هذا فيما إذا خاف فوت الصلاة تماما في الوقت،و أما إذا خاف فوت جزء منها فيه فقد مرّ أن الأظهر فيه التخيير و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.
ثم إن هذا الخوف و إن كان موجودا في الصورة الأولى أيضا إلاّ أن وجود الأصل المؤمن في مورده يجعله كلا خوف،فإن الظاهر من الخوف هو ما لا يكون المكلّف معذورا في مورده.و إن شئت قلت:إن احتمال الفوت إنما يكون منشأ للخوف إذا لم يكن المكلّف معذورا فيه،و أما إذا كان معذورا كما في الصورة الأولى لوجود الأصل المؤمن فيها و هو استصحاب بقاء الوقت،فلا يكون منشأ للخوف
بين الصورتين أن في الاولى يحتمل سعة الوقت و في الثانية يعلم ضيقه فيصدق خوف الفوت فيها دون الاولى،و الحاصل أن المجوز للانتقال إلى التيمم خوف الفوت الصادق في الصورة الثانية دون الأولى.
[1086]مسألة 28:إذا لم يكن عنده الماء و ضاق الوقت عن تحصيله مع قدرته عليه بحيث استلزم خروج الوقت و لو في بعض أجزاء الصلاة انتقل أيضا إلى التيمم،و هذه الصورة أقل إشكالا من الصورة السابقة و هي ضيقه عن استعماله مع وجوده،لصدق عدم الوجدان في هذه الصورة بخلاف السابقة(1)،بل يمكن أن يقال بعدم الإشكال أصلا فلا حاجة إلى الاحتياط بالقضاء هنا.
[1087]مسألة 29:من كانت وظيفته التيمم من جهة ضيق الوقت عن استعمال الماء إذا خالف و توضأ أو اغتسل بطل(2)،لأنه ليس مأمورا بالوضوء
الظاهر أنه لا فرق بين الصورتين في كلا المسوّغين للتيمّم و هما عدم تيسّر الماء للمكلّف في تمام الوقت و عدم تيسّر استعماله مع وجوده و توفّره لديه فإن الماء متيسّر له كذلك في كلتا الصورتين و لكنه لا يتمكّن من استعماله فيهما لضيق الوقت،هذا بناء على أن تكون الوظيفة في مثل المسألة التيمّم تعيينا،و لكن لا يبعد أن تكون الوظيفة فيها التخيير بين التيمّم و إدراك تمام الصلاة في الوقت و بين الوضوء و إدراك مقدار منها فيه.
في البطلان إشكال بل منع،إلاّ في حالة واحدة و هي أن يقوم بعملية الوضوء أو الغسل تشريعا بأن يتوضّأ أو يغتسل على أساس أنه يبني على أن الصلاة
لأجل تلك الصلاة،هذا إذا قصد الوضوء لأجل تلك الصلاة،و أما إذا توضأ بقصد غاية أخرى من غاياته أو بقصد الكون على الطهارة صح على ما هو الأقوى من أن الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضده،و لو كان جاهلا بالضيق و أن وظيفته التيمم فتوضأ فالظاهر أنه كذلك،فيصح إن كان قاصدا لإحدى الغايات الأخر و يبطل إن قصد الأمر المتوجه إليه من قبل تلك الصلاة.
[1088]مسألة 30:التيمم لأجل الضيق مع وجدان الماء لا يبيح إلا الصلاة التي ضاق وقتها،فلا ينفع لصلاة أخرى غير تلك الصلاة و لو صار فاقدا للماء حينها،بل لو فقد الماء في أثناء الصلاة الاولى أيضا لا تكفي لصلاة أخرى،بل لا بد من تجديد التيمم لها و إن كان يحتمل الكفاية في هذه الصورة(1).
لكن الأظهر عدم الكفاية لأن السبب المسوّغ للتيمّم فيها ضيق الوقت عن العمل،و إلاّ فالماء موجود و لا مانع من استعماله شرعا،و على هذا فالتيمّم مشروع و معوّض عن الوضوء أو الغسل بالنسبة الى العمل الذي ضاق وقته دون غيره،و عليه فإذا ضاق وقت صلاة العصر كان التيمّم مشروعا من أجلها دون صلاة أخرى لعدم المسوّغ له بالنسبة إليها و هو عدم تيسّر استعمال الماء من أجل ضيق الوقت،و عندئذ فالمكلّف و إن كان غير متمكّن من استعماله شرعا الى حين فقد هذا الماء أثناء الصلاة أو بعدها و لا يوجد عنده ماء آخر الى أن دخل وقت صلاة المغرب فعلى الرغم من ذلك لا يسوّغ له الاتيان بصلاة المغرب بهذا التيمّم لعدم توفّر
[1089]مسألة 31:لا يستباح بالتيمم لأجل الضيق غير تلك الصلاة من الغايات الأخر حتى في حال الصلاة،فلا يجوز له مس كتابة القرآن و لو في حال الصلاة،و كذا لا يجوز له قراءة العزائم إن كان بدلا عن الغسل،فصحته و استباحته مقصورة على خصوص تلك الصلاة.
[1090]مسألة 32:يشترط في الانتقال إلى التيمم ضيق الوقت عن واجبات الصلاة فقط،فلو كان كافيا لها دون المستحبات وجب الوضوء و الاقتصار عليها،بل لو لم يكف لقراءة السورة تركها و توضأ لسقوط وجوبها في ضيق الوقت.
[1091]مسألة 33:في جواز التيمم لضيق الوقت عن المستحبات الموقتة إشكال،فلو ضاق وقت صلاة الليل مع وجود الماء و التمكن من استعماله يشكل الانتقال إلى التيمم(1).
بل الانتقال هو الأظهر لا طلاق أدلّة مسوّغيّة التيمّم و بدليّته عن الوضوء و الغسل بالنسبة الى كل ما هو مشروط بالطهارة حتى و لو كان شرطا كماليا،كما إذا كان العمل صحيحا بدون الطهارة و لكن معها يكون أفضل كصلاة الميّت فإنها صحيحة بدونها و لكن وقوعها معها يكون أفضل و أكمل.
[1092]مسألة 34:إذا توضأ باعتقاد سعة الوقت فبان ضيقه فقد مرّ أنه إذا كان وضوؤه بقصد الأمر المتوجه إليه من قبل تلك الصلاة بطل لعدم الأمر به(1) و إذا أتى به بقصد غاية أخرى أو الكون على الطهارة صح،و كذا إذا قصد المجموع من الغايات التي يكون مأمورا بالوضوء فعلا لأجلها،و أما لو تيمم باعتقاد الضيق فبان سعته بعد الصلاة فالظاهر وجوب إعادتها،و إن تبين قبل الشروع فيها و كان الوقت واسعا توضأ وجوبا،و إن لم يكن واسعا فعلا بعد ما كان واسعا أوّلا وجب إعادة التيمم.
الثامن:عدم إمكان استعمال الماء لمانع شرعي،كما إذا كان الماء في آنية الذهب(2)أو الفضة و كان الظرف منحصرا فيها بحيث لا يتمكن من تفريغه في ظرف آخر أو كان في إناء مغصوب كذلك فإنه ينتقل إلى التيمم، و كذا إذا كان محرم الاستعمال من جهة أخرى.
[1093]مسألة 35:إذا كان جنبا و لم يكن عنده ماء و كان موجودا في المسجد فإن أمكنه أخذ الماء بالمرور وجب و لم ينتقل إلى التيمم،و إن لم يكن له آنية لأخذ الماء أو كان عنده و لم يمكن أخذ الماء إلا بالمكث فإن أمكنه الاغتسال فيه بالمرور وجب ذلك،و إن لم يمكن ذلك أيضا أو كان الماء
مرّ الكلام فيه في المسألة(29)من فصل التيمّم.
تقدّم في فصل حكم الأواني في المسألة(4)أن الأظهر اختصاص حرمة استعمالها في الأكل و الشرب فقط،و على تقدير حرمة استعمالها مطلقا فلا تمنع عن صحّة الغسل فيها إذا كان بأخذ الماء منها تدريجا بناء على ما هو الحقّ من صحة القول بالترتّب،و قد سبق ذلك في بحث الأواني و في الشرط الخامس من شرائط الوضوء، و به يظهر حال الاناء المغصوب و ما بعده.
في أحد المسجدين أي المسجد الحرام أو مسجد النبي(ص)فالظاهر وجوب التيمم لأجل الدخول في المسجد و أخذ الماء أو الاغتسال فيه،و هذا التيمم انما يبيح خصوص هذه الفعل أي الدخول و الأخذ أو الدخول و الاغتسال،و لا يرد الإشكال بأنه يلزم من صحته بطلانه حيث إنه يلزم منه كونه واجدا للماء فيبطل كما لا يخفى.
[1094]مسألة 36:لا يجوز التيمم مع التمكن من استعمال الماء إلا في موضعين:
أحدهما:لصلاة الجنازة،فيجوز مع التمكن من الوضوء أو الغسل على المشهور مطلقا،لكن القدر المتيقن صورة خوف فوت الصلاة منه لو أراد أن يتوضأ أو يغتسل،نعم لما كان الحكم استحبابيا يجوز أن يتيمم مع عدم خوف الفوت أيضا لكن برجاء المطلوبية لا بقصد الورود و المشروعية.
الثاني:للنوم،فإنه يجوز أن يتيمم مع إمكان الوضوء أو الغسل على المشهور أيضا مطلقا،و خصّ بعضهم بخصوص الوضوء،و لكن القدر المتيقن من هذا أيضا صورة خاصة(1)و هي ما إذا آوى إلى فراشه فتذكر أنه ليس على وضوءه فيتيمم من دثاره لا أن يتيمم قبل دخوله في فراشه متعمدا مع إمكان الوضوء،نعم هنا أيضا لا بأس به لا بعنوان الورود بل برجاء المطلوبية حيث إن الحكم استحبابي.
في ثبوت الاستحباب فيها إشكال بل منع،إلاّ بناء على تماميّة قاعدة التسامح في أدلّة السنن باعتبار أن رواية المسألة و إن كانت خاصّة بهذه الصورة و لا تعمّ غيرها إلاّ أنها ضعيفة من جهة الارسال،فإذن لا يمكن إثبات الاستحباب في غير موردها حتى بناء على تماميّة القاعدة.
و ذكر بعضهم موضعا ثالثا و هو ما لو احتلم في أحد المسجدين،فإنه يجب أن يتيمم للخروج و إن أمكنه الغسل،لكنه مشكل بل المدار على أقلية زمان التيمم أو زمان الغسل أو زمان الخروج،حيث إن الكون في المسجدين جنبا(1)حرام فلا بد من اختيار ما هو أقل زمانا من الأمور الثلاثة،فإذا كان زمان التيمم أقل من زمان الغسل يدخل تحت ما ذكرنا من مسوّغات التيمم من أن من موارده ما إذا كان هناك مانع شرعي من استعمال الماء،فإن زيادة الكون في المسجدين جنبا مانع شرعي من استعمال الماء.
[1095]مسألة 37:إذا كان عنده مقدار من الماء لا يكفيه لوضوئه أو غسله و أمكن تتميمه بخلط شيء من الماء المضاف الذي لا يخرجه عن الإطلاق لا يبعد وجوبه،و بعد الخلط يجب الوضوء أو الغسل و إن قلنا بعدم وجوب الخلط لصدق وجدان الماء حينئذ.
فصل في بيان ما يصح التيمم به يجوز التيمم على مطلق وجه الأرض على الأقوى سواء كان ترابا أو رملا أو حجرا أو مدرا أو غير ذلك و إن كان حجرا الجص و النورة قبل الإحراق و أما
بل مع التساوي لا مسوّغ للتيمّم فإنه وظيفة المضطرّ و لا اضطرار في هذا الفرض و الرواية الآمرة بالتيمّم لا إطلاق لها.
بعده فلا يجوز على الأقوى(1)،كما أن الأقوى عدم الجواز بالطين المطبوخ كالخزف و الآجر و إن كان مسحوقا مثل التراب،و لا يجوز على المعادن كالملح و الزرنيخ و الذهب و الفضة و العقيق و نحوهما(2)مما خرج عن اسم الأرض،و مع فقد ما ذكر من وجه الأرض يتيمم بغبار الثوب أو اللبد أو عرف الدابة و نحوها مما فيه غبار إن لم يمكن جمعه ترابا بالنفض،و إلا وجب و دخل في القسم الأول،و الأحوط اختيار ما غباره أكثر(3)،و مع فقد الغبار يتيمم بالطين إن لم يمكن تجفيفه،و إلا وجب و دخل في القسم الأول،فما
في القوّة إشكال بل منع،لأن الاحراق لا يوجب تبدّل الشىء عن حقيقته، فالجصّ كما أنه من أجزاء الأرض قبل الاحراق كذا بعده و به يظهر حال ما بعده.
في إطلاقه إشكال بل منع،حيث أن الظاهر هو كون العقيق و الفيروزج و ما شاكلهما من حجر الأرض و جزء منها،غاية الأمر أنها من الأحجار الكريمة ذات قيمة غالية باعتبار ما فيها من الخصوصية النادرة الموجبة لرغبة الناس إليها من جهة و ندرة وجودها في الخارج من جهة أخرى،و لعلّ لأجل ذلك أطلق عليها اسم المعدن.
هذا إضافة الى أن هذا الاطلاق لا يضرّ،فإن المعدن لم يكن موضوعا لحكم في شيء من الروايات،فالعبرة إنما هي بكونها من أجزاء الأرض،فإن كانت كما هو كذلك جاز التيمّم بها و السجود عليها،و إلاّ فلا.
لا بأس بتركه إلاّ إذا فرض أن كثرته تبلغ بمقدار يصدق عليه التراب فحينئذ يتعيّن التيمّم به،لا أنه أحوط.
و أما إذا لم تبلغ هذا المقدار،كما هو المفروض فلا يكون في المسألة ما يصلح أن يكون منشأ للاحتياط الوجوبى،مع أن مقتضى إطلاق النصّ عدم الفرق بين القليل منه و الكثير.
يتيمم به له مراتب ثلاث:
الاولى:الأرض مطلقا غير المعادن.
الثانيه:الغبار.
الثالثه:الطين،و مع فقد الجميع يكون فاقد الطهورين و الأقوى فيه سقوط الأداء و وجوب القضاء و إن كان الأحوط الأداء أيضا،و إذا وجد فاقد الطهورين ثلجا أو جمدا قال بعض العلماء بوجوب مسحه على أعضاء الوضوء أو الغسل و إن لم يجر،و مع عدم إمكانه حكم بوجوب التيمم بهما، و مراعاة هذا القول أحوط،فالأقوى لفاقد الطهورين كفاية القضاء و الأحوط ضم الأداء أيضا،و أحوط من ذلك مع وجود الثلج المسح به أيضا،هذا كله إذا لم يمكن إذابة الثلج أو مسحه على وجه يجري،و إلا تعين الوضوء أو الغسل و لا يجوز معه التيمم أيضا.
[1096]مسألة 1:و إن كان الأقوى كما عرفت جواز التيمم بمطلق وجه الأرض إلا أن الأحوط مع وجود التراب عدم التعدي عنه من غير فرق فيه بين أقسامه من الأبيض و الأسود و الأصفر و الأحمر،كما لا فرق في الحجر و المدر أيضا بين أقسامهما،و مع فقد التراب الأحوط الرمل ثم المدر ثم الحجر(1).
[1097]مسألة 2:لا يجوز في حال الاختيار التيمم على الجص(2)المطبوخ و الآجر و الخزف و الرماد و إن كان من الأرض،لكن في حال الضرورة بمعنى
على الأحوط الأولى في الجميع.
مرّ أن الأظهر جواز التيمّم بها في هذا الحال أيضا،إلاّ الرماد إذا كان من الحطب أو الشجر أو الحشيش أو نحوها.نعم إذا كان من الأرض فلا بأس بالتيمّم به أيضا،و به يظهر حال ما بعده.
عدم وجدان التراب و المدر و الحجر الأحوط الجمع بين التيمم بأحد المذكورات ما عدا رماد الحطب و نحوه و بالمرتبة المتأخرة من الغبار أو الطين،و مع عدم الغبار و الطين الأحوط التيمم بأحد المذكورات و الصلاة ثم إعادتها أو قضاؤها.
[1098]مسألة 3:يجوز التيمم حال الاختيار على الحائط المبني بالطين و اللبن و الآجر إذا طلي بالطين.
[1099]مسألة 4:يجوز التيمم بطين الرأس و إن لم يستحق،و كذا بحجر الرحى و حجر النار و حجر السن و نحو ذلك،لعدم كونها من المعادن الخارجة عن صدق الأرض،و كذا يجوز التيمم بطين الأرمني.
[1100]مسألة 5:يجوز التيمم على الأرض السبخة إذا صدق كونها أرضا بأن لم يكن علاها الملح.
[1101]مسألة 6:إذا تيمم بالطين فلصق بيده يجب إزالته أولا ثم المسح بها(1)،و في جواز إزالته بالغسل إشكال.
[1102]مسألة 7:لا يجوز التيمم على التراب الممزوج بغيره من التبن أو الرماد أو نحو ذلك،و كذا على الطين الممزوج بالتبن،فيشترط فيما يتيمم به عدم كونه مخلوطا بما لا يجوز التيمم به إلا إذا كان ذلك الغير مستهلكا.
[1103]مسألة 8:إذا لم يكن عنده إلا الثلج أو الجمد و أمكن إذابته وجب كما مر،كما أنه إذا لم يكن إلا الطين و أمكنه تجفيفه وجب.
[1104]مسألة 9:إذا لم يكن عنده ما يتيمم به وجب تحصيله و لو بالشراء
في الوجوب إشكال بل منع،إذ لا دليل على أن الحائل إذا كان من نفس ما يتيمّم به مانع،كما أنه لا مانع من إزالته حتى بالماء.و به يظهر حال ما في المتن.
و نحوه.
[1105]مسألة 10:إذا كان وظيفته التيمم بالغبار يقدم ما غباره أزيد كما مر(1).
[1106]مسألة 11:يجوز التيمم اختيارا على الأرض الندية و التراب الندي و إن كان الأحوط مع وجود اليابسة تقديمها.
[1107]مسألة 12:إذا تيمم بما يعتقد جواز التيمم به فبان خلافه بطل،و إن صلى به بطلت و وجب الإعادة أو القضاء،و كذا لو اعتقد أنه من المرتبة المتقدمة فبان أنه من المتأخرة مع كونه المتقدمة وظيفته.
[1108]مسألة 13:المناط في الطين الذي من المرتبة الثالثة كونه على وجه يلصق باليد،و لذا عبر بعضهم عنه بالوحل،فمع عدم لصوقه يكون من المرتبة الأولى ظاهرا و إن كان الأحوط تقديم اليابس و النديّ عليه.
فصل في شرائط ما يتيمم به يشترط فيما يتيمم به أن يكون طاهرا،فلو كان نجسا بطل و إن كان جاهلا بنجاسته أو ناسيا،و إن لم يكن عنده من المرتبة المتقدمة إلا النجس ينتقل إلى اللاحقة،و إن لم يكن من اللاحقة أيضا إلا النجس كان فاقد الطهورين و يلحقه حكمه،و يشترط أيضا عدم خلطه بما لا يجوز التيمم به كما مر.
هذا لا ينسجم مع ما ذكره قدّس سرّه آنفا حيث أنه هناك قد احتاط في التقديم، و أما هنا فقد أفتى به.و على كل حال فقد ظهر حال المسألة ممّا تقدّم.
و يشترط أيضا إباحته و إباحة مكانه و الفضاء الذي يتمم فيه و مكان المتيمم(1)،فيبطل مع غصبية أحد هذه مع العلم و العمد،نعم لا يبطل مع الجهل(2)و النسيان.
[1109]مسألة 1:إذا كان التراب أو نحوه في آنية الذهب أو الفضة فتيمم به مع العلم و العمد بطل(3)لأنه يعد استعمالا لهما عرفا.
[1110]مسألة 2:إذا كان عنده ترابان مثلا أحدهما نجس يتيمم بهما،كما أنه إذا اشتبه التراب بغيره يتيمم بهما،و أما إذا اشتبه المباح بالمغصوب اجتنب عنهما،و مع الانحصار انتقل إلى المرتبة اللاحقة و مع فقدها يكون فاقد الطهورين(4)كما إذا انحصر في المغصوب المعين.
في اعتبار إباحته إشكال بل منع،فإن ما هو معتبر في صحّة التيمّم إباحة مكانه و الفضاء الذي يتيمّم فيه على أساس أن المعتبر فيه الضرب على الأرض و هو تصرّف في المغصوب،فلا يمكن أن يقع مصداقا للواجب،و أما إذا كان مكانه مباحا فهو صحيح و إن كان مكان المتيمّم مغصوبا،فإن الحرام حينئذ يكون غير الواجب، فلا مبرّر لاشتراط صحّته بعدمه.
هذا إذا كان الجهل جهلا مركّبا،و أما إذا كان بسيطا فيبطل لأن الحرام لا يمكن أن يقع مصداقا للواجب في الواقع.
في البطلان إشكال بل منع،لما مرّ من أنه لا دليل على حرمة استعمال آنية الذهب و الفضة مطلقا،و إنما الحرام هو استعمالها في الأكل و الشرب فحسب.
هذا غير بعيد حيث أن المكلّف في هذا الحال لا يتمكّن من إحراز أن ما أتى به صلاة من جهة عدم إحراز أن التيمّم بأحدهما طهور،و عندئذ فلا يمكن التمسّك بإطلاقات أدلّة وجوب الصلاة في المقام لعدم إحراز أن ما يأتي به مع التيمّم بأحدهما صلاة لكي يمكن التمسّك بها،فإنه إن كان ذلك تيمّما بالمباح في الواقع
[1111]مسألة 3:إذا كان عنده ماء و تراب و علم بغصبية أحدهما لا يجوز الوضوء و لا التيمم،و مع الانحصار يكون فاقد الطهورين،و أما لو علم نجاسة أحدهما أو كون أحدهما مضافا يجب عليه مع الانحصار الجمع بين الوضوء و التيمم و صحت صلاته.
[1112]مسألة 4:التراب المشكوك كونه نجسا يجوز التيمم به إلا مع كون حالته السابقة النجاسة.
[1113]مسألة 5:لا يجوز التيمم بما يشك في كونه ترابا أو غيره مما لا يتيمم به كما مر،فينتقل إلى المرتبة اللاحقة إن كانت،و إلا فالأحوط الجمع بين التيمم به و الصلاة ثم القضاء خارج الوقت أيضا(1).
[1114]مسألة 6:المحبوس في مكان مغصوب يجوز أن يتيمم فيه على إشكال(2)،لإن هذا المقدار لا يعدّ تصرفا زائدا،بل لو توضأ بالماء الذي فيه
لا بأس بترك هذا الاحتياط و الاكتفاء بالقضاء خارج الوقت و إن كان الاحتياط أولى على أساس وجود الأصل الموضوعي في المقام النافي لكون المشكوك ترابا و لو على نحو الأصل في العدم الأزلى،و به يحرز أنه فاقد الطهورين.
الظاهر أنه لا إشكال فيه حيث أن اضطراره في ذلك المكان الى التصرّف فيه و الاستيلاء عليه رافع لحرمته واقعا،و التيمّم فيه ليس تصرّفا زائدا على ما يشغله جسمه من المكان كمّا،فإن هذا المقدار لا يختلف باختلاف حالاته وضعا لكي يقال
و كان مما له قيمة له يمكن أن يقال بجوازه،و الإشكال فيه أشدّ(1)،و الأحوط الجمع فيه بين الوضوء و التيمم و الصلاة ثم إعادتها أو قضاؤها بعد ذلك.
[1115]مسألة 7:إذا لم يكن عنده من التراب أو غيره مما يتيمم به ما يكفي لكفّيه معا يكرر الضرب حتى يتحقق الضرب تمام الكفين عليه،و إن لم يمكن يكتفي بما يمكن(2)و يأتي بالمرتبة المتأخرة أيضا إن كانت و يصلي،و إن لم تكن فيكتفي به و يحتاط بالإعادة أو القضاء أيضا(3).
الأظهر الجواز،لأن الوضوء به ليس تصرّفا زائدا في المكان،و أما الاشكال فيه من ناحية أنه تصرّف في الملك و التصرّف فيه كالتصرّف في المال محرّم..فقد حقّقنا في محلّه أنه لا دليل على حرمة التصرّف في الملك إذا لم يكن مالا.أما سيرة العقلاء فهي إنما تقوم على حرمة التصرّف في المال بدون إذن صاحبه لا على الملك إذا لم يكن مالا.
و أما الدليل اللفظي فمورده المال دون الملك،فالتعدّي بحاجة الى قرينة.نعم لا تجوز مزاحمة المالك في ملكه و حقّه،و أما إذا لم تكن مزاحمة فلا مانع من التصرّف فيه و إن لم يحرز رضاه،و عليه فلا وجه للإشكال.و به يظهر حال ما ذكره الماتن(قده)في المسألة تماما.
هذا مبنىّ على قاعدة الميسور و هي غير تامّة،فإذن تكون الوظيفة الاتيان بالمرتبة المتأخّرة.
مرّ أنه لا دليل على الاكتفاء به إلاّ بملاك قاعدة الميسور،فإذن يكون فاقد
[1116]مسألة 8:يستحب أن يكون على ما يتيمم به غبار يعلق باليد، و يستحب أيضا نفضها بعد الضرب.
[1117]مسألة 9:يستحب أن يكون ما يتيمم به من ربى الأرض و عواليها لبعدها عن النجاسة.
[1118]مسألة 10:يكره التيمم بالأرض السبخة إذا لم يكن يعلوها الملح و إلا فلا يجوز،و كذا يكره بالرمل،و كذا بمهابط الأرض،و كذا بتراب يوطأ و بتراب الطريق.
فصل في كيفية التيمم و يجب فيه أمور:
الأول:ضرب باطن اليدين معا دفعة على الأرض،فلا يكفي الوضع بدون الضرب،و لا الضرب بإحداهما و لا بهما على التعاقب و لا الضرب
بظاهر هما حال الاختيار،نعم حال الاضطرار يكفي الوضع(1)،و مع تعذر ضرب إحداهما يضعها و يضرب بالأخرى،و مع تعذر الباطن فيهما أو في إحداهما ينتقل إلى الظاهر فيهما أو في إحداهما،و نجاسة الباطن لا تعد عذرا فلا ينتقل معها إلى الظاهر.
الثاني:مسح الجبهة بتمامها و الجبينين بهما من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى و إلى الحاجبين،و الأحوط مسحهما أيضا(2)،و يعتبر
على الأحوط فيه و فيما بعده،و ذلك لأن مقتضى إطلاق الروايات الآمرة بالضرب الظاهرة في شرطيّته للتيمّم أنه شرط له مطلقا حتى في حال الاضطرار و عدم التمكّن منه،و على هذا فإذا لم يتمكّن المكلّف من الضرب على الأرض باليدين سقط وجوب التيمّم و لا يمكن التمسّك بإطلاق دليله لأنه قد قيّد بالضرب فلا إطلاق له،كما أنه لا يمكن التمسّك بإطلاق ما دلّ على أن الصلاة لا تسقط بحال،لأنه لا يكون مشرّعا و لا يدلّ على أن وضع اليدين شرط في هذا الحال و طهور مع أن مقتضى إطلاق دليل المقيّد أنه ليس بشرط و طهور حتى في هذا الحال،فإذن لا موضوع لهذا الدليل،بل مع الشكّ في أن وضع اليدين على الأرض شرط في هذا الحال أو لا،لا يمكن التمسّك بإطلاقه،لأن موضوعه الصلاة و لا صلاة إلاّ في فرض كون وضع اليدين عليها شرطا و طهورا،و من المعلوم أن الدليل لا يثبت موضوعه و لو بإثبات قيده المقوّم له،و لكن مع ذلك فالاحتياط بالجمع بينه و بين القضاء في خارج الوقت لا يترك فيه و فيما بعده.نعم إذا تعذّر الضرب بباطن الكفين أو دفعة واحدة تعيّن الضرب بظاهرهما أو بالتعاقب لأن دليل المقيّد بالضرب بباطن الكفّ لا إطلاق له لانحصاره بالروايات البيانية الحاكية لفعل المعصوم عليه السّلام،فعندئذ لا مانع من التمسّك بإطلاق الآية الشريفة و نحوها.
لا بأس بتركه و إن كان الاحتياط أولى،فإن الواجب هو مسح الجبهة
كون المسح بمجموع الكفن على المجموع،فلا يكفي المسح ببعض كل من اليدين و لا مسح بعض الجبهة و الجبينين،نعم يجزئ التوزيع فلا يجب المسح بكل من اليدين على تمام أجزاء الممسوح.
الثالث:مسح تمام ظاهر الكف اليمنى بباطن اليسرى ثم مسح تمام ظاهر اليسرى بباطن اليمنى من الزند إلى أطراف الأصابع،و يجب من باب المقدمة إدخال شيء من الأطراف،و ليس ما بين الأصابع من الظاهر فلا يجب مسحها،إذا المراد به ما يماسه ظاهر بشرة الماسح،بل الظاهر عدم اعتبار التعميق و التدقيق فيه،بل المناط صدق مسح التمام عرفا.
و أما شرائطه فهي أيضا أمور:
الأول:النية مقارنة لضرب اليدين على الوجه الذي مر في الوضوء،و لا يعتبر فيها قصد رفع الحدث بل و لا الاستباحة.
الثاني:المباشرة حال الاختيار.
الثالث:الموالاة و إن كان بدلا عن الغسل،و المناط فيها عدم الفصل المخل بهيئته عرفا بحيث تمحو صورته.
الرابع:الترتيب على الوجه المذكور.
الخامس:الابتداء بالأعلى و منه إلى الأسفل في الجبهة و اليدين.
السادس:عدم الحائل بين الماسح و الممسوح.
السابع:طهارة الماسح و الممسوح حال الاختيار(1).
[1119]مسألة 1:إذا بقي من الممسوح ما لم يمسح عليه و لو كان جزءا يسيرا
في اعتبار الطهارة فيهما إشكال بل منع لعدم الدليل عليه.
بطل عمدا كان أو سهوا أو جهلا،لكن قد مر أنه لا يلزم المداقة و التعميق.
[1120]مسألة 2:إذا كان في محل المسح لحم زائد يجب مسحه أيضا،و إذا كانت يد زائدة فالحكم فيها كما مر في الوضوء.
[1121]مسألة 3:إذا كان على محل المسح شعر يكفي المسح عليه و إن كان في الجبهة بأن يكون منبته فيها،و أما إذا كان واقعا عليها من الرأس فيجب رفعه لأنه من الحائل.
[1122]مسألة 4:إذا كان على الماسح أو الممسوح جبيرة يكفي المسح بها أو عليها(1).
[1123]مسألة 5:إذا خالف الترتيب بطل و إن كان لجهل أو نسيان.
[1124]مسألة 6:يجوز الاستنابة عند عدم إمكان المباشرة،فيضرب النائب بيد المنوب عنه و يمسح بها وجهه و يديه،و إن لم يمكن الضرب بيده فيضرب بيده نفسه.
[1125]مسألة 7:إذا كان باطن اليدين نجسا وجب تطهيره إن أمكن(2)،و إلا سقط اعتبار طهارته،و لا ينتقل إلى الظاهر إلا إذا كانت نجاسته مسرية إلى ما
تقدّم في المسألة(29)من أحكام الجبائر في الوضوء عدم كفاية المسح عليها،فمن أجل ذلك الأحوط الجمع بين المسح عليها أو بها و القضاء في خارج الوقت و لا يمكن التمسّك في أمثال المقام بما دلّ على أن الصلاة لا تدع بحال،فإن مورده ما إذا كان المكلّف متمكّنا من الصلاة و لو بمرتبة نازلة منها فإنها لا تسقط عنه، و أما إذا شكّ في أن هذا العمل صلاة أو لا فلا يمكن التمسّك به لأن الدليل لا يثبت موضوعه.
مرّ عدم اعتبار طهارته.
يتيمم به و لم يمكن تجفيفه.
[1126]مسألة 8:الأقطع بإحدى اليدين يكتفي بضرب الأخرى و مسح الجبهة بها ثم مسح ظهرها بالأرض،و الأحوط الاستنابة لليد المقطوعة(1) فيضرب بيده الموجودة مع يد واحدة للنائب و يمسح بهما جبهته و يمسح النائب ظهر يده الموجودة،و الأحوط مسح ظهرها على الأرض أيضا،و أما أقطع اليدين فيمسح بجبهته على الارض،و الأحوط مع الإمكان الجمع بينه و بين ضرب ذراعيه و المسح بهما و عليهما.
[1127]مسألة 9:إذا كان على الباطن نجاسة لها جرم يعدّ حائلا و لم يمكن إزالتها فالأحوط الجمع بين الضرب به و المسح به و الضرب بالظاهر و المسح به(2).
بل الأحوط الجمع بين التيمّم باليد السالمة و المقطوعة بضربهما على الأرض و مسح الجبهة و الجبينين بهما و مسح اليد المقطوعة باليد السالمة بدلا عن الكفّ و مسح اليد السالمة بالمقطوعة،و بين الاستنابة في اليد المقطوعة،و التيمّم باليد السالمة،فإنه مقتضى العلم الإجمالي بوجوب أحدهما في هذه الحالة،هذا إذا كانت إحدى اليدين مقطوعة،و أما إذا كانت كلتاهما مقطوعة فتكون وظيفته بمقتضى العلم الإجمالي الجمع بين التيمّم بهما و الاستنابة.
بل لا يبعد أن تكون الوظيفة في هذا الحال هي الضرب بالظاهر و المسح به لما تقدّم من اختصاص دليل تقييد الضرب بالباطن بحال الاختيار و لا فرق في الحائل بين أن يكون حائلا لجميع أجزاء الباطن أو بعضهما،فإن الاكتفاء بضرب ذلك البعض على الأرض بحاجة الى دليل و لا دليل عليه إلاّ قاعدة الميسور و هي غير تامّة، و لكن مع ذلك يكون الاحتياط في محلّه.
[1128]مسألة 10:الخاتم حائل فيجب نزعه حال التيمم.
[1129]مسألة 11:لا يجب تعيين المبدل منه مع اتحاد ما عليه،و أما مع التعدد كالحائض و النفساء مثلا فيجب تعيينه و لو بالإجمال.
[1130]مسألة 12:مع اتحاد الغاية لا يجب تعيينها،و مع التعدد يجوز قصد الجميع و يجوز قصد ما في الذمة كما يجوز قصد واحدة منها فيجزئ عن الجميع.
[1131]مسألة 13:إذا قصد غاية فتبين عدمها بطل،و إن تبين غيرها صح له إذا كان الاشتباه في التطبيق و بطل ان كان على وجه التقييد(1).
[1132]مسألة 14:إذا اعتقد كونه محدثا بالحدث الأصغر فقصد البدلية عن الوضوء فتبين كونه محدثا بالأكبر فإن كان على وجه التقييد بطل(2)،و إن أتى
فيه:أن التقييد بمعنى التضييق و الحصّة لا معنى له في أمثال المقام،فإذن لا محالة يرجع التقييد في المقام إما الى التخلّف في الداعى،أو الى التشريع،فإن رجع الى الأول كما إذا فرض أنه قصد امتثال الأمر الفعلي المتعلّق بالتيمّم و لكن بتخيّل أنه جاء من قبل صلاة الظهر ثم بان أنه جاء من قبل صلاة العصر فيكون من الاشتباه في التطبيق،فعندئذ لا شبهة في الصحّة،و أما إن رجع الى التشريع كما إذا بنى تشريعا على أن صلاة الظهر هي التي تفرض عليه التيمّم مع علمه بأن ما تفرض عليه التيمّم هو صلاة العصر دون الظهر،فعندئذ لا شبهة في البطلان،و بما أنه لا يمكن في المقام أن يكون على وجه التشريع لجهله بالواقع فإذن لا محالة يكون من قبيل التخلّف في الداعي و الاشتباه في التطبيق،فلا وجه حينئذ للحكم بالبطلان.
فيه:أن التقييد بمعنى التضييق و الحصّة غير معقول؛لأن التيمّم فعل خارجي غير قابل للتقييد بهذا المعنى،و بمعنى الاتيان به بديلا عن الوضوء فهو غير
به من باب الاشتباه في التطبيق أو قصد ما في الذمة صح،و كذا إذا اعتقد كونه جنبا فبان عدمه و أنه ماس للميت مثلا.
[1133]مسألة 15:في مسح الجبهة و اليدين يجب إمرار الماسح على الممسوح،فلا يكفي جرّ الممسوح تحت الماسح،نعم لا تضر الحركة اليسيرة في الممسوح إذا صدق كونه ممسوحا.
[1134]مسألة 16:إذا رفع يده في أثناء المسح ثم وضعها بلا فصل و أتم فالظاهر كفايته،و إن كان الأحوط الإعادة.
[1135]مسألة 17:إذا لم يعلم أنه محدث بالأصغر أو الأكبر و علم بأحدهما إجمالا يكفيه تيمم واحد بقصد ما في الذمة.
[1136]مسألة 18:المشهور على أنه يكفي فيما هو بدل عن الوضوء ضربة واحدة للوجه و اليدين،و يجب التعدد فيما هو بدل عن الغسل،و الأقوى كفاية الواحدة فيما هو بدل الغسل أيضا و إن كان الأحوط ما ذكروه،و أحوط منه التعدد فيما هو بدل الوضوء أيضا،و الأولى أن يضرب بيديه و يمسح بهما جبهته و يديه ثم يضرب مرة أخرى و يمسح بها يديه،و ربما يقال:غاية الاحتياط أن يضرب مع ذلك مرة أخرى يده اليسرى و يمسح بها ظهر اليمنى ثم يضرب اليمنى و يمسح بها ظهر اليسرى.
[1137]مسألة 19:إذا شك في بعض أجزاء التيمم بعد الفراغ منه لم يعتن به
و بنى على الصحة(1)،و كذا إذا شك في شرط من شروطه،و إذا شك في أثنائه قبل الفراغ في جزء أو شرط فإن كان بعد تجاوز محله بنى على الصحة،و إن كان قبله أتى به و ما بعده،من غير فرق بين ما هو بدل عن الوضوء أو الغسل، لكن الأحوط الاعتناء به مطلقا و إن جاز محله أو كان بعد الفراغ ما لم يقم عن مكانه أو لم ينتقل إلى حالة أحرى على ما مر في الوضوء(2)خصوصا فيما هو بدل عنه.
[1138]مسألة 20:إذا علم بعد الفراغ ترك جزء يكفيه العود إليه و الإتيان به و بما بعده عدم فوت الموالاة،و مع فوتها وجب الاستئناف،و إن تذكر بعد الصلاة وجب إعادتها أو قضاؤها،و كذا إذا ترك شرطا مطلقا ما عدا الإباحة في الماء أو التراب فلا تجب إلا مع العلم و العمد كما مر(3).
هذا فيما إذا لم يكن الشكّ في الجزء الأخير،و أما إذا كان الشكّ فيه فلا تجري القاعدة لعدم إحراز الفراغ من التيمّم حينئذ لاحتمال أنه بعد في أثنائه،إلاّ إذا كان الشكّ فيه بعد الدخول في غيره المترتّب عليه كالصلاة أو بعد فوت الموالاة.
مرّ في المسألة(45)من شرائط الوضوء.
قد مرّ في شرائط الوضوء أن الاباحة شرط حتى في حال الجهل،فإن الحرام لا يمكن أن يقع مصداقا للواجب إلاّ إذا كان جاهلا مركّبا أو ناسيا.
فصل في أحكام التيمم
[1139]مسألة 1:لا يجوز التيمم للصلاة قبل دخول وقتها(1)و إن كان بعنوان التهيؤ،نعم لو تيمم بقصد غاية أخرى واجبة أو مندوبة يجوز الصلاة به بعد دخول وقتها كأن يتيمم لصلاة القضاء(2)أو للنافلة إذا كان وظيفته التيمم.
في الحكم بعدم الجواز مطلقا إشكال،و لا يبعد الجواز فيما إذا أتى به بداعي محبوبيّته في نفسه،أو الكون على الطهارة باعتبار أنه عبادة كالوضوء و الغسل، و لا يمكن أن يكون منشأ عباديّته كونه مقدّمة للواجب،فإن الأمر الغيري لا يصلح أن يكون منشأ لها،فإذن لا محالة يكون منشؤها محبوبيّته في نفسه باعتبار أنه طهور كما في الروايات،و على هذا فإذا فرض كون المكلّف فاقدا للماء قبل دخول الوقت جاز له أن يقوم بالتيمّم بغاية الكون على الطهارة،أو لغاية كونه محبوبا في نفسه،فإذا دخل الوقت جاز له حينئذ أن يصلّي به شريطة أن لا يتيسّر له استعمال الماء،و أما التيمّم قبل الوقت من أجل الصلاة بعده،فإن كان بداعي الأمر الغيري لم يجزئ إلاّ تشريعا، كما هو الحال في الوضوء أو الغسل قبل الوقت أيضا،و إن كان بداعي كونه محبوبا في نفسه أو الكون على الطهارة فهو صحيح كما هو الحال في الوضوء أو الغسل،فإذن لا فرق بين التيمّم و بين الوضوء و الغسل من هذه الناحية.
في مشروعيّة التيمّم لصلاة القضاء إشكال بل منع لعدم المسوّغ له،فإن صلاة القضاء مطلوبة مرّة واحدة في طول العمر فإذا علم المكلّف بزوال العذر في المستقبل و التمكّن من الاتيان بها مع الطهارة المائية لم يجز له التيمّم فعلا و الاتيان
[1140]مسألة 2:إذا تيمم بعد دخول وقت فريضة أو نافلة يجوز إتيان الصلوات التي لم يدخل وقتها بعد دخوله ما لم يحدث أو يجد ماء،فلو تيمم لصلاة الصبح يجوز أن يصلي به الظهر،و كذا إذا تيمم لغاية أخرى غير الصلاة.
[1141]مسألة 3:الأقوى جواز التيمم في سعة الوقت و إن احتمل ارتفاع العذر في آخره بل أو ظن به،نعم مع العلم بالارتفاع يجب الصبر،لكن التأخير إلى آخر الوقت مع احتمال الرفع أحوط و إن كان موهوما،نعم مع العلم بعدمه و بقاء العذر لا إشكال في جواز التقديم،فتحصل أنه إما عالم ببقاء العذر إلى آخر الوقت أو عالم بارتفاعه قبل الآخر أو محتمل للأمرين،فيجوز المبادرة مع العلم بالبقاء و يجب التأخير مع العلم بالارتفاع و مع الاحتمال الأقوى جواز المبادرة(1)
في القوّة إشكال بل منع،نعم لا بأس بالجواز ظاهرا أو رجاء و ذلك لأن التيمّم وظيفة من لا يتيسّر له استعمال الماء في تمام الوقت،أي من المبدأ الى المنتهى،فمن تيسّر له كذلك و لو في جزء منه متّسع لها مع الوضوء أو الغسل لم تنتقل وظيفته الى التيمّم لأن المأمور به هو طبيعىّ الصلاة المقيّدة بالطهارة المائية بين المبدأ و المنتهى و الفرض أنه متمكّن منه،و على هذا فإن كان على يقين بأن الطهارة المائية ستتاح له في آخر الوقت أخّر الصلاة الى ذلك الحين لكي يصلّي معها،
خصوصا مع الظن بالبقاء(1)،و الأحوط التأخير خصوصا مع الظن بالارتفاع.
لا أثر للظنّ بعد ما لم يكن حجّة و به يظهر حال ما بعده.
[1142]مسألة 4:إذا تيمم لصلاة سابقة و صلى و لم ينتقض تيممه حتى دخل وقت صلاة أخرى يجوز الإتيان بها في أول وقتها و إن احتمل زوال العذر في آخر الوقت على المختار،بل و على القول بوجوب التأخير في الصلاة الأولى عند بعضهم،لكن الأحوط التأخير في الصلاة الثانية أيضا و إن لم يكن مثل الاحتياط السابق بل أمره أسهل،نعم لو علم بزوال العذر يجب التأخير كما في الصلاة السابقة.
[1143]مسألة 5:المراد بآخر الوقت الذي يجب التأخير إليه أو يكون أحوط الآخر العرفي،فلا يجب المداقّة فيه و لا الصبر إلى زمان لا يبقى الوقت إلا بقدر الواجبات،فيجوز التيمم و الإتيان بالصلاة مشتملة على المستحبات أيضا، بل لا ينافي إتيان بعض المقدمات القريبة بعد الإتيان بالتيمم قبل الشروع في الصلاة بمعنى إبقاء الوقت بهذا المقدار.
[1144]مسألة 6:يجوز التيمم لصلاة القضاء و الإتيان بها معه(1)و لا يجب التأخير إلى زوال العذر،نعم مع العلم بزواله عما قريب يشكل الإتيان بها قبله، و كذا يجوز للنوافل الموقتة(2)حتى في سعة وقتها بشرط عدم العلم بزوال العذر إلى آخره.
[1145]مسألة 7:إذا اعتقد عدم سعة الوقت فتيمم و صلى ثم بان السعة فعلى
مرّ حكم هذه المسألة في المسألة(1)من أحكام التيمّم.
في الجواز إشكال بل منع،فإنه بحاجة الى دليل و لا دليل عليه،فمقتضى القاعدة عدم الجواز،بل مقتضى الروايات الآمرة بالفحص و التأخير عدمه أيضا،نعم لا بأس بالجواز ظاهرا بمقتضى استصحاب بقاء العذر الى آخر الوقت،أو رجاء، و لكنّه لا يجزئ إذا زال العذر و تيسّر له استعمال الماء في الوقت.
المختار صحت صلاته و يحتاط بالإعادة،و على القول بوجوب التأخير تجب الإعادة(1).
[1146]مسألة 8:لا يجب إعادة الصلاة التي صلاها بالتيمم الصحيح(2)بعد
هذا القول هو الصحيح فإنه مقتضى القاعدة،فإذا بان سعة الوقت في الواقع اتّضح له أنه لم يكن مأمورا بالتيمّم،كما أنه مقتضى الروايات الآمرة بالفحص و التأخير،حيث إن المقصود بوجوب التأخير عدم جواز البدار واقعا بدون الفحص و الطلب مع احتمال وجدان الماء في آخر الوقت،و لا ينافي ذلك جواز البدار ظاهرا بمقتضى الاستصحاب أو رجاء كما تقدّم.
في إطلاقه إشكال بل منع،و يظهر ذلك من خلال بيان صور المسألة:
الصورة الأولى:ما إذا كان المكلّف عند دخول الوقت متيمّما بتيمّم صحيح بسبب فقدان الماء و عدم تيسّره له كما إذا تيمّم لذلك السبب بغاية صلاة الظهرين فصلاّهما به،ثم يظلّ باقيا على هذا التيمّم الى أن دخل وقت العشاءين،و له حينئذ حالتان:
الحالة الأولى:أن يكون على يقين من بداية الوقت على استمرار عدم تيسّر الماء له الى الفترة الأخيرة من الوقت.
الحالة الثانية:أن لا يكون على يقين من ذلك و يحتمل تيسّر الماء له في الفترة الأخيرة.
الصورة الثانية:ما إذا دخل وقت الصلاة على المكلّف و هو لا يتيسّر له الطهارة المائية مع عدم كونه متيمّما بتيمّم صحيح،و له في هذه الصورة أيضا حالتان:
الحالة الأولى:أن يكون على يقين بعدم إتاحة الفرصة له للطهارة المائية قبل ذهاب الوقت.
الحالة الثانية:أن لا يكون على يقين من ذلك و يحتمل بأن الطهارة المائية
زوال العذر لا في الوقت و لا في خارجه مطلقا،نعم الأحوط استحبابا إعادتها في موارد:
أحدها:من تعمد الجنابة مع كونه خائفا من استعمال الماء فإنه يتيمم
و يصلي لكن الأحوط إعادتها بعد زوال العذر و لو في خارج الوقت.
الثاني:من تيمم لصلاة الجمعة عند خوف فوتها(1)لأجل الزحام و منعه.
الثالث:من ترك طلب الماء عمدا إلى آخر الوقت و تيمم و صلى ثم تبين وجود الماء في محل الطلب.
الرابع:من أراق الماء الموجود عنده مع العلم أو الظن بعدم وجوده بعد ذلك،و كذا لو كان على طهارة فأجنب مع العلم أو الظن بعدم وجود الماء.
الخامس:من أخّر الصلاة متعمدا إلى أن ضاق وقته فتيمم لأجل الضيق.
[1147]مسألة 9:إذا تيمم لغاية من الغايات كان بحكم الطاهر ما دام باقيا لم ينتقض و بقي عذره،فله أن يأتي بجميع ما يشترط فيه الطهارة إلا إذا كان المسوغ للتيمم مختصا بتلك الغاية كالتيمم لضيق الوقت فقد مرّ أنه لا يجوز له مسّ كتابة القرآن و لا قراءة العزائم و لا الدخول في المساجد،و كالتيمم لصلاة الميت أو للنوم مع وجود الماء.
[1148]مسألة 10:جميع غايات الوضوء و الغسل غايات للتيمم أيضا، فيجب لما يجب لأجله الوضوء أو الغسل و يندب لما يندب له أحدهما، فيصح بدلا عن الأغسال المندوبة و الوضوءات المستحبة(2)حتى وضوء
الأظهر وجوب الاعادة فيه دون استحبابها،و ذلك لظهور معتبرتي السكوني و سماعة في وجوبها،و عدم وجود قرينة على رفع اليد عنه،كما أن موردهما يوم الجمعة أو يوم عرفة،فلا وجه لتخصيص الماتن قدّس سرّه بخصوص صلاة الجمعة.
في بدليّته عمّا لا يكون رافعا للحدث و لا يكون طهورا إشكال بل منع،
الحائض و الوضوء التجديدي مع وجود شرط صحته من فقد الماء و نحوه، نعم لا يكون بدلا عن الوضوء التهيؤي كما مرّ(1)،كما أن كونه بدلا عن الوضوء للكون على الطهارة محل إشكال(2)،نعم إتيانه برجاء المطلوبية لا مانع منه لكن يشكل الاكتفاء به لما يشترط فيه الطهارة أو يستحب إتيانه مع الطهارة.
[1149]مسألة 11:التيمم الذي هو بدل عن غسل الجنابة حاله كحاله في الإغناء عن الوضوء،كما أن ما هو بدل عن سائر الأغسال يحتاج إلى الوضوء أو التيمم بدله مثلها(3)،فلو تمكن من الوضوء توضأ مع التيمم بدلها،و إن لم
قد مرّ في المسألة(1)من هذا الفصل أنه لا يبعد كونه بدلا عنه.
تقدّم أن الأظهر صحّة التيمّم بغاية الكون على الطهارة كالوضوء، و يترتّب عليه جواز الدخول في كل ما هو مشروط بالطهارة و كان معذورا عن الوضوء أو الغسل.
هذا على القول بعدم إغناء الأغسال عن الوضوء ظاهر،و أما على القول
يتمكن تيمم تيممين أحدهما بدل عن الغسل و الآخر عن الوضوء.
[1150]مسألة 12:ينتقض التيمم بما ينتقض به الوضوء و الغسل من الأحداث(1)،كما أنه ينتقض بوجدان الماء أو زوال العذر،و لا يجب عليه
التيمّم إذا كان بديلا عن الوضوء انتقض بكلّ ما ينتقض به الوضوء من الحدث الأكبر و الأصغر،و إذا كان بديلا عن الغسل انتقض بكلّ ما ينتقض الغسل،و لا ينتقض هذا التيمّم البديل عن الغسل بما ينتقض الوضوء و يوجبه(الحدث الأصغر)
إعادة ما صلاة كما مر و إن زال العذر في الوقت(1)،و الأحوط الإعادة حينئذ بل و القضاء أيضا في الصور الخمسة المتقدمة.
[1151]مسألة 13:إذا وجد الماء أو زال عذره قبل الصلاة لا يصح أن يصلي به،و إن فقد الماء أو تجدد العذر فيجب أن يتيمم ثانيا،نعم إذا لم يسع زمان الوجدان أو زوال العذر للوضوء أو الغسل بأن فقد أو زال العذر بفصل غير كاف لهما لا يبعد عدم بطلانه و عدم وجوب تجديده،لكن الأحوط التجديد مطلقا،و كذا إذا كان وجدان الماء أو زوال العذر في ضيق الوقت فإنه لا يحتاج إلى الإعادة حينئذ للصلاة التي ضاق وقتها.
[1152]مسألة 14:إذا وجد الماء في أثناء الصلاة فإن كان قبل الركوع من الركعة الأولى بطل تيممه و صلاته،و إن كان بعده لم يبطل و يتم الصلاة،لكن الأحوط مع سعة الوقت الإتمام و الإعادة مع الوضوء،و لا فرق في التفصيل المذكور بين الفريضة و النافلة على الأقوى و إن كان الاحتياط بالإعادة في الفريضة آكد من النافلة.
[1153]مسألة 15:لا يلحق بالصلاة غيرها إذا وجد الماء في أثنائها بل تبطل مطلقا،و إن كان قبل الجزء الأخير منها،فلو وجد في أثناء الطواف و لو في
قد مرّ حكم ذلك مشروحا في ضمن المسألة(3)و(4)من هذا الفصل.
الشوط الأخير بطل(1)،و كذا لو وجد في أثناء صلاة الميت بمقدار غسله بعد أن ييمّم لفقد الماء فيجب الغسل و إعادة الصلاة،بل و كذا لو وجد قبل تمام الدفن.
[1154]مسألة 16:إذا كان واجدا للماء و تيمم لعذر آخر من استعماله فزال عذره في أثناء الصلاة هل يلحق بوجدان الماء في التفصيل المذكور إشكال(2)،فلا يترك الاحتياط بالإتمام و الإعادة إذا كان بعد الركوع من الركعة
في البطلان إشكال،و الأظهر عدمه لأن بطلانه مبنىّ على أن الطهارة كما تكون شرطا للأشواط كذلك تكون شرطا للأكوان المتخلّلة بينها،فحينئذ يبطل بمجرّد تيسّر الماء له كالصلاة،و لكن الأمر ليس كذلك إذ لا دليل على أنها شرط للأكوان المتخلّلة أيضا،بل ظاهر أدلّة شرطيّتها أنها شرط للأشواط فحسب،و من هنا لا يبطل بصدور الحدث في أثنائه،و قد دلّت صحيحة محمد بن مسلم على أنه لا يبطل بحدوث الحيض في أثنائه.
الأظهر هو الالحاق،و ذلك لعموم التعليل في صحيحة زرارة و محمد بن مسلم،و هو قوله عليه السّلام:(…لمكان أنه دخلها و هو على طهر بتيمّم…) 1فإنه بعمومه يشمل ما إذا دخل في الصلاة بتيمّم صحيح و مشروع لأجل عذر آخر كالمرض أو نحوه إذ يصدق عليه أنه دخلها و هو على طهور بتيمّم،و مقتضى إطلاقه كفاية مجرّد الدخول فيها و إن لم يركع،إلاّ أنه لا بدّ من رفع اليد عن إطلاقه و تقييده بما بعد الركوع من الركعة الأولى بصحيحة أخرى لزرارة الناصّة على هذا التفصيل.
فالنتيجة:إن متقضى التعليل عدم الفرق بين أن يكون العذر عدم تيسّر الماء له أو شيئا آخر كالمرض أو نحوه،فالعبرة إنما هي بدخول المكلّف في الصلاة بتيمّم صحيح و مشروع،و قد تقدّم أن عذر المكلّف إن كان عدم تيسّر الماء له و كان على يقين من بقائه الى آخر الوقت و مأيوسا من ارتفاعه صحّ التيمّم منه واقعا بمقتضى
الاولى،نعم لو كان زوال العذر في أثناء الصلاة في ضيق الوقت أتمها،و كذا لو لم يف زمان زوال العذر للوضوء بأن تجدد العذر بلا فصل فإن الظاهر عدم بطلانه و إن كان الأحوط الإعادة.
[1155]مسألة 17:إذا وجد الماء في أثناء الصلاة بعد الركوع ثم فقد في أثنائها أيضا أو بعد الفراغ منها بلا فصل هل يكفي ذلك التيمم لصلاة أخرى أو لا فيه تفصيل:فإما أن يكون زمان الوجدان وافيا للوضوء أو الغسل على تقدير عدم كونه في الصلاة أو لا،فعلى الثاني الظاهر عدم بطلان ذلك التيمم بالنسبة إلى الصلاة الأخرى أيضا،و أما على الأول فالأحوط عدم الاكتفاء به بل تجديده لها(1)،لأن القدر المعلوم من عدم بطلان التيمم إذا كان الوجدان بعد الركوع إنما هو بالنسبة إلى الصلاة التي هو مشغول بها لا مطلقا.
بل الأظهر ذلك لأن التيمّم ينتقض بتيسّر الماء شريطة أن يبقى هذا التيسّر أمدا يتّسع للطهارة و الصلاة،فإن مفعول التيمّم حينئذ ينتهي و يكون المكلّف بحاجة الى الوضوء.نعم لو قلنا بحرمة قطع الصلاة و وجوب إتمامها و أنه لم يبق بعدها أمد يتّسع لهما،فعندئذ لم ينته مفعوله،لأن انتهاءه منوط ببقاء قدرة المكلّف زمانا يتّسع للصلاة مع الطهارة المائية.
[1156]مسألة 18:في جواز مسّ كتابة القرآن و قراءة العزائم حال الاشتغال بالصلاة التي وجد الماء فيها بعد الركوع إشكال(1)،لما مر من أن القدر المتيقن من بقاء التيمم و صحته إنما هو بالنسبة إلى تلك الصلاة،نعم لو قلنا بصحته إلى تمام الصلاة مطلقا كما قاله بعضهم جاز المس و قراءة العزائم ما دام في تلك الصلاة،و مما ذكرنا ظهر الإشكال في جواز العدول من تلك الصلاة إلى الفائتة التي هي مترتبة عليها،لاحتمال عدم بقاء التيمم بالنسبة إليها.
[1157]مسألة 19:إذا كان وجدان الماء في أثناء الصلاة بعد الحكم الشرعي بالركوع كما لو كان في السجود و شك في أنه ركع أم لا،حيث إنه محكوم بأنه ركع فهل هو كالوجدان بعد الركوع الوجداني أم لا إشكال،فالاحتياط
فيه:أنه لا وجه للإشكال فيه،و ذلك لأنه إن قلنا بجواز رفع اليد عن الصلاة التي بيده و عدم حرمة قطعها كما إذا كانت نافلة أو مطلقا و إن كانت فريضة انتهى مفعول تيمّمه بالنسبة الى سائر الغايات باعتبار أنه واجد للماء و متمكّن من استعماله في الحال،فلا يجوز له حينئذ القيام بأيّة عمليّة مشروطة بالطهارة.نعم يبقى مفعوله بالنسبة الى الصلاة التي بيده تعبّدا رغم تيسّر الماء له و تمكّنه من استعماله في الوضوء أو الغسل.
و أما إن قلنا بعدم جواز رفع اليد عنها و حرمة قطعها فحينئذ لا ينتهي مفعوله لا بالنسبة إليها و لا بالنسبة الى سائر الغايات كعدم تمكّنه من القيام بعملية الوضوء أو الغسل حال الصلاة و في أثنائها.نعم لو فرض تمكّنه من ذلك أثناء الصلاة انتهى مفعوله و انتقض بالنسبة الى سائر الغايات دونها.و بذلك يظهر حال ما بعده.
بالإتمام و الإعادة لا يترك(1).
[1158]مسألة 20:الحكم بالصحة في صورة الوجدان بعد الركوع ليس منوطا بحرمة قطع الصلاة،فمع جواز القطع أيضا كذلك ما لم يقطع،بل يمكن أن يقال في صورة وجوب القطع أيضا إذا عصى و لم يقطع الصحة باقية(2)بناء
فيه:أن الاحتياط و إن كان في محلّه إلاّ أن الظاهر أن الركوع الذي حكم بثبوته بمقتضى قاعدة التجاوز فهو كالركوع الوجدانى.
فيه:أن بقاء الصحّة ليس مبنيّا على الترتّب كما هو ظاهر المتن،فإن الترتّب إنما يكون في مورد شريطة توفّر أمرين؛أحدهما:أن يكون الضدّان من الضدّين اللذين لهما ثالث.و الآخر:أن يكون التكليف المتعلّق بكل منهما مولويّا.
و كلا الأمرين في المقام غير متوفّر.
أما الأول؛فلأن الضدّين في المقام من الضدّين اللذين لا ثالث لهما و هما قطع الصلاة و المضىّ عليها.
و أما الثانى؛فلأن الأمر بالمضىّ على الصلاة كما في الصحيحة يكون إرشادا الى عدم انتقاض التيمّم بوجدان الماء بعد الركوع من الركعة الأولى،و مردّ ذلك الى أن المكلّف متطهّر في هذا الحال و لا ينتهي مفعول تيمّمه به بالنسبة الى هذه الصلاة، و حينئذ يكون له إتمام تلك الصلاة.
نعم لو كان الاتمام واجبا تقع المزاحمة بينه و بين وجوب القطع،و لكن بما أن الشرط الأول للترتّب منتف فلا يمكن القول به.و على هذا فالصحيحة بمدلولها الارشادي مطلقة فتعمّ صورة وجوب القطع على المكلّف أيضا،فإن وجوب القطع لا ينافي بقاءه على الطهور التيمّمي و عدم انتهاء مفعوله،و لكن مجرّد ذلك-أي بقاؤه على الطهور-لا يكفي في الحكم بالصحّة فإن إتمام هذه الصلاة و إن لم يكن منهيّا عنه إلاّ أنه لا يمكن انطباق الصلاة المأمور بها عليها فعلا باعتبار أن قطعها واجب
على الأقوى من عدم بطلان الصلاة مع وجوب القطع إذا تركه و أتم الصلاة.
[1159]مسألة 21:المجنب المتيمم بدل الغسل إذا وجد ماء بقدر كفاية الوضوء فقط لا يبطل تيممه،و أما الحائض و نحوها ممن تيمم تيممين(1)إذا وجد بقدر الوضوء بطل تيممه الذي هو بدل عنه،و إذا وجد ما يكفي للغسل و لم يمكن صرفه في الوضوء بطل تيممه الذي هو بدل عن الغسل و بقي تيممه الذي هو بدل عن الوضوء من حيث إنه حينئذ يتعين صرف ذلك الماء في الغسل فليس مأمورا بالوضوء،و إذا وجد ما يكفي لأحدهما و أمكن صرفه في كل منهما بطل كلا التيممين(2)،و يحتمل عدم بطلان ما هو بدل عن الوضوء
قيل:إن هذا مبنىّ على أن غير غسل الجنابة من الأغسال لا يجزئ عن الوضوء،فمن أجل ذلك يجب تيمّمين،أحدهما بدلا عن الغسل،و الآخر بدلا عن الوضوء.و أما بناء على إغنائها عن الوضوء فيكفي تيمّم واحد بدلا عن الغسل،و هو يجزئ عن الوضوء أيضا،و لكن ذلك غير صحيح،بل الصحيح أنه على الرغم من أن سائر الأغسال مغنية عن الوضوء كغسل الجنابة و مع هذا لا يكون التيمّم البديل عنها مغنيا عن الوضوء،كما تقدّم ذلك في المسألة(11)من هذا الفصل.
فيه:أن هذا لا ينسجم مع ما بنى عليه قدّس سرّه من أن المقام داخل في باب التزاحم،إذ على ذلك يتعيّن تقديم الغسل على الوضوء بملاك أنه أهمّ أو لا أقل من احتمال أهميّته،و لازم هذا بطلان خصوص التيمّم البديل عن الغسل دون الوضوء.
و أما بناء على القول بعدم إغناء غير غسل الجنابة من الأغسال الأخرى عن الوضوء
من حيث إنه حينئذ يتعين صرف ذلك الماء في الغسل فليس مأمورا بالوضوء،لكن الأقوى بطلانهما.
[1160]مسألة 22:إذا وجد جماعة متيممون ماء مباحا لا يكفي إلا لأحدهم بطل تيممهم أجمع(1)إذا كان في سعة الوقت و إن كان في ضيقه بقي تيمم الجميع،و كذا إذا كان الماء المفروض للغير و أذن للكل في استعماله،و أما إن أذن للبعض دون الآخرين بطل تيمم ذلك البعض فقط،كما أنه إذا كان الماء المباح كافيا للبعض دون الآخر لكونه جنبا و لم يكن بقدر الغسل لم يبطل تيمم ذلك البعض.
في إطلاق ذلك إشكال بل منع،لأن كل واحد منهم إذا لم يزاحم الآخر حينما أراد أخذ الماء بطل تيمّم الجميع لأن كلا منهم حينئذ متمكّن من التصرّف فيه بلا مزاحم،و أما إذا غلب أحدهما على الآخر و تمكّن من أخذ الماء يبطل تيمّمه دون المغلوب و أما إذا تساويا و لم يقهر أىّ منهما على الآخر و لم يتمكّن من أخذه،فلا يبطل لا تيمّم هذا و لا تيمّم ذاك
[1161]مسألة 23:المحدث بالأكبر غير الجنابة إذا وجد ماء لا يكفي إلا لواحد من الوضوء أو الغسل قدم الغسل و تيمم بدلا عن الوضوء(1)،و إن لم يكف إلا للوضوء فقط توضأ و تيمم بدل الغسل.
[1162]مسألة 24:لا يبطل التيمم الذي هو بدل عن الغسل من جنابة أو غيرها بالحدث الأصغر،فما دام عذره عن الغسل باقيا تيممه بمنزلته،فإن كان عنده ماء بقدر الوضوء توضأ و إلا تيمم بدلا عنه،و إذا ارتفع عذره عن الغسل اغتسل،فإن كان عن جنابة لا حاجة معه إلى الوضوء،و إلا توضأ أيضا(2)،هذا و لكن الأحوط إعادة التيمم أيضا(3)،فإن كان عنده من الماء بقدر الوضوء
هذا مبنىّ على عدم إغناء غير غسل الجنابة عن الوضوء و كون المقام داخلا في باب التزاحم،و كلا المبنيّين غير صحيح.
أما الأول؛فقد تقدّم أن سائر الأغسال أيضا تغني عن الوضوء،و على هذا يتعيّن الغسل باعتبار أنه يغني عن الوضوء،فلا حاجة حينئذ الى التيمّم بدلا عنه.
و أما الثانى؛فقد مرّ أن المقام داخل في باب التعارض على القول بعدم إغناء الغسل عن الوضوء دون التزاحم،و على هذا فالمكلّف مخيّر بين أن يقوم بعملية الغسل أو الوضوء،و لا وجه لتقديم الأول على الثاني حيث أنه لا أثر لتوفّر الأهميّة في أحدهما دون الآخر في هذا الباب،و لا تكون مرجّحة فيه،و أما على القول بالاغناء فلا يكون داخلا في باب التعارض كما مرّ.
هذا مبنىّ على أن غير غسل الجنابة لا يغني عن الوضوء و لكن قد مرّ خلافه،و عليه فلا حاجة الى الوضوء.
الاحتياط ضعيف جدّا و لا وجه له،فإن مقتضى أدلّة البدليّة أن التيمّم إذا كان بديلا عن الغسل انتقض بكلّ ما ينقض الغسل،و لا ينتقض هذا التيمّم البديل عن الغسل بما ينقض الوضوء و يوجبه و هو الحدث الأصغر،و إذا كان بديلا عن الوضوء
تيمم بدلا عن الغسل و توضأ،و إن لم يكن تيمم مرتين مرة عن الغسل و مرة عن الوضوء،هذا إن كان غير غسل الجنابة و إلا يكفيه مع عدم الماء للوضوء تيمم واحد بقصد ما في الذمة(1).
بل يتيمّم بدلا عن الوضوء فقط دون ما في الذمّة،لأن التيمّم البديل عن غسل الجنابة لا ينتقض بالحدث الأصغر كما مرّ.
[1163]مسألة 25:حكم التداخل الذي مر سابقا في الأغسال يجري في التيمم أيضا،فلو كان هناك أسباب عديدة للغسل يكفي تيمم واحد عن الجميع،و حينئذ فإن كان من جملتها الجنابة لم يحتج إلى الوضوء أو التيمم بدلا عنه،و إلا وجب الوضوء أو تيمم آخر بدلا عنه(1).
[1164]مسألة 26:إذا تيمم بدلا عن أغسال عديدة فتبين عدم بعضها صح بالنسبة إلى الباقي،و أما لو قصد معينا فتبين أن الواقع غيره فصحته مبنية على أن يكون من باب الاشتباه في التطبيق لا التقييد(2)كما مر نظائره مرارا.
[1165]مسألة 27:إذا اجتمع جنب و ميت و محدث بالأصغر و كان هناك ماء
هذا فيما إذا كان أحد موجبات الغسل موجبا للوضوء أيضا- كالاستحاضة المتوسطة-أو كان قد صدر منه ما يوجب الوضوء خاصّة-كالبول أو النوم-لما مرّ من أن التيمّم البديل عن الغسل لا يغني عن الوضوء و ليس كالغسل، و إن لم يكن لا هذا و لا ذاك لم يجب الوضوء أو تيمّم آخر بدلا عنه.
فيه:أن المسألة ليست مبنيّة على ذلك بل هي مبنيّة على مسألة أخرى، و هي أن الأغسال هل هي حقائق متباينة،أو أنها حقيقة واحدة فعلى الأول لا يمكن الحكم بالصحّة،فإن التيمّم البديل لكل غسل مباين للتيمّم البديل لغسل آخر،و على هذا فما نواه لا واقع له،و ما له واقع لم ينوه.و على الثانى؛فالظاهر الصحّة،فإن الأغسال إذا كانت حقيقة واحدة فالتيمّم البديل لها أيضا كذلك،و الفرض أنه قد أتى به بنيّة بدليّته عن الغسل بنيّة القربة،غاية الأمر إنه قد اعتقد أن ذلك الغسل هو غسل الجنابة،فيكون ذلك الاعتقاد غير مطابق للواقع و هو لا يضرّ بصحّة التيمّم،لأن المكلّف قد أتى به بدلا عن الغسل بنيّة القربة،و الخطأ إنما هو في تطبيق العنوان كعنوان غسل الجنابة لا في الواقع،فيكون الاشتباه في تطبيق العنوان على الواقع الذي أتى به و هذا لا يضرّ.
لا يكفي إلا لأحدهم فإن كان مملوكا لأحدهم تعين صرفه لنفسه،و كذا إن كان للغير و أذن لواحد منهم،و أما إن كان مباحا أو كان للغير و أذن للكل فيتعين للجنب،فيغتسل و ييمم الميت(1)و يتيمم المحدث بالأصغر أيضا.
[1166]مسألة 28:إذا نذر نافلة مطلقة أو موقتة في زمان معين و لم يتمكن من الوضوء في ذلك الزمان تيمم بدلا عنه و صلى،و أما إذا نذر مطلقا لا مقيدا بزمان معين فالظاهر وجوب الصبر،إلى زمان إمكان الوضوء(2).
[1167]مسألة 29:لا يجوز الاستئجار لصلاة الميت ممن وظيفته التيمم مع
في التعيّن إشكال بل منع،لأن الدليل عليه منحصر برواية عبد الرحمن بن أبي نجران و هي لا تخلو عن إشكال سندا،فمن أجل ذلك لا يمكن الاعتماد عليها،و أما معتبرة أبي بصير التي تدلّ على صرف الماء في الوضوء لا في الغسل عن الجنابة،فموردها لا ينطبق على المقام،فإن الماء فيه إما أنه مشترك بين الجميع،أو أنه لجماعة منهم،أو إن أمره بيد هؤلاء الجماعة،و هذا بخلاف المقام،فإن الماء إما أنه مباح للكلّ أو ان صاحبه أذن للكل في التصرف فيه،فمن أجل ذلك لا يمكن الاستدلال بها على تقديم الوضوء على الغسل فيما إذا كان الماء مباحا لهما أصالة أو إذنا،و على هذا فيتعيّن الرجوع الى ما هو مقتضى القاعدة في المسألة و مقتضاها أن كل من سبق الآخر في أخذ الماء فهو له و عليه الغسل أو الوضوء.
هذا يعني أنه لا مسوّغ للتيمّم بالنسبة إليها باعتبار أنها غير مؤقّتة و المكلّف متمكّن من الاتيان بها مع الطهارة المائية،و معه لا تكون الطهارة الترابية مشروعة في حقّه،و أما إذا تيمّم بغاية أخرى فهل يجوز له أن يأتي بها بهذا التيمّم الظاهر عدم الجواز،فإن تيمّمه حينئذ و إن كان صحيحا و طهورا إلاّ أنه لما كان متمكّنا منها مع الطاهرة المائية كان مكلّفا بها كذلك،و لا يكون مكلّفا بها مع الطهارة الترابية، فإذن لا أثر له بالنسبة إليها.
وجود من يقدر على الوضوء،بل لو استأجر من كان قادرا ثم عجز عنه يشكل جواز الإتيان بالعمل المستأجر عليه مع التيمم،فعليه التأخير إلى التمكن مع سعة الوقت،بل مع ضيقه أيضا يشكل كفايته فلا يترك مراعاة الاحتياط(1).
[1168]مسألة 30:المجنب المتيمم إذا وجد الماء في المسجد و توقف غسله على دخوله و المكث فيه لا يبطل تيممه بالنسبة إلى حرمة المكث،و إن بطل بالنسبة إلى الغايات الأخر،فلا يجوز له قراءة العزائم و لا مس كتابة القرآن،كما أنه لو كان جنبا و كان الماء منحصرا في المسجد و لم يكن أخذه إلا بالمكث وجب أن يتيمم للدخول و الأخذ كما مر سابقا(2)،و لا يستباح له بهذا التيمم إلا المكث،فلا يجوز له المس و قراءة العزائم.
[1169]مسألة 31:قد مر سابقا أنه لو كان عنده من الماء ما يكفي لأحد الأمرين من رفع الخبث عن ثوبه أو بدنه و رفع الحدث قدّم رفع الخبث و تيمم للحدث(3)،لكن هذا إذا لم يمكن صرف الماء في الغسل أو الوضوء و جمع الغسالة في إناء نظيف لرفع الخبث،و إلا تعين ذلك،و كذا الحال في مسألة
بل الأظهر عدم الكفاية،لأن سقوط الواجب عن ذمّة شخص بفعل آخر بحاجة الى دليل،و دليل الاستيجار لا يشمل الفرد الاضطراري على تفصيل يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
تقدّم حكم المسألة موسّعا في باب غسل الجنابة في المسألة(8)من فصل:ما يحرم على الجنب.
تقدّم حكم ذلك في المسوّغ السادس للتيمّم،و أما ما ذكره الماتن قدّس سرّه من العملية في المسألة فهو صحيح،فإن المكلّف إذا كان قادرا على هذه العملية كان متمكّنا من رفع الخبث و الحدث معا و معه لا تصل النوبة الى التيمّم.
اجتماع الجنب و الميت و المحدث بالأصغر،بل في سائر الدورانات.
[1170]مسألة 32:إذا علم قبل الوقت أنه لو أخر التيمم إلى ما بعد دخوله لا يتمكن من تحصيل ما يتيمم به فالأحوط أن يتيمم قبل الوقت لغاية أخرى(1) غير الصلاة في الوقت و يبقى تيممه إلى ما بعد الدخول فيصلي به،كما أن الأمر كذلك بالنسبة إلى الوضوء إذا أمكنه قبل الوقت و علم بعدم تمكنه بعده فيتوضأ على الأحوط لغاية أخرى(2)أو للكون على الطهارة.
[1171]مسألة 33:يجب التيمم لمسّ كتابة القرآن إن وجب،كما أنه يستحب
مرّ أن الأقوى صحّة التيمّم قبل دخول الوقت شريطة توفّر مسوّغه و لا تتوقّف صحّته على أن يكون بغاية أخرى،بل يكفي أن يكون للكون على الطهارة،أو بداعي كونه محبوبا في نفسه باعتبار أنه طهور كما في الروايات كالوضوء و الغسل.
و من هنا قلنا في أوّل هذا الفصل أنه كما يجوز الاتيان بالوضوء أو الغسل قبل الوقت بداعي محبوبيّته في نفسه أو الكون على الطهارة،و لا يجوز بداعي الأمر الغيرى، كذلك الحال في التيمّم.
لا بأس بترك هذا الاحتياط و يكون المكلّف في هذا الحال مخيّرا بين الاتيان بالوضوء بغاية أخرى أو بداعي أمره الاستحبابي أو الكون على الطهارة،و بين تركه و الاتيان بالصلاة بعد الوقت بالتيمّم بمقتضى قوله عليه السّلام:(إذا فات الماء لم تفت الأرض)و بذلك يفترق عن التيمّم،فإن المكلّف إذا علم بأنه لا يتمكّن من تحصيل ما يتيمّم به بعد الوقت فحينئذ لو لم يتيمّم قبل الوقت لفاتت الصلاة منه في وقتها بما لها من الملاك الملزم فيه و هو غير جائز،فمن أجل ذلك أن الأقوى وجوبه،و هذا بخلاف الوضوء فإنه لو لم يتوضّأ قبل الوقت لم يؤدّ الى تفويت الصلاة فيه و إنما يوجب تفويت الطهارة المائية،و الفرض عدم وجوب تحصيلها قبل الوقت.
إذا كان مستحبا،و لكن لا يشرع إذا كان مباحا نعم له أن يتيمم لغاية أخرى(1) ثم يمسح المسح المباح.
[1172]مسألة 34:إذا وصل شعر الرأس إلى الجبهة فإن كان زائدا على المتعارف وجب رفعه للتيمم و مسح البشرة،و إن كان على المتعارف لا يبعد كفاية مسح ظاهره عن البشرة و الأحوط مسح كليهما.
[1173]مسألة 35:إذا شك في وجود حاجب في بعض مواضع التيمم حاله حال الوضوء و الغسل في وجوب الفحص حتى يحصل اليقين أو الظن بالعدم(2).
[1174]مسألة 36:في الموارد التي يجب عليه التيمم بدلا عن الغسل و عن الوضوء كالحائض و النفساء و ماسّ الميت الأحوط(3)تيمم ثالث بقصد الاستباحة من غير نظر إلى بدليته عن الوضوء أو الغسل بأن يكون بدلا عنهما، لاحتمال كون المطلوب تيمما واحدا من باب التداخل،و لو عين أحدهما في التيمم الأول و قصد بالثاني ما في الذمة أغنى عن الثالث.
[1175]مسألة 37:إذا كان بعض أعضائه منقوشا باسم الجلالة أو غيره من أسمائه تعالى أو آية من القرآن فالأحوط محوه حذرا من وجوده على بدنه في حال الجنابة أو غيرها من الأحداث لمناط حرمة المس على المحدث(4)،
كما أن له أن يتيمّم بغاية الكون على الطهارة أو لكونه محبوبا في نفسه، و عندئذ يسوّغ له مسّ كتابة القرآن و دخول المساجد و قراءة آيات السجدة و نحوها.
لا أثر له بل لا بدّ من تحصيل العلم أو الاطمئنان بذلك.
الاحتياط ضعيف جدّا و لا منشأ له.
فيه:أن إحراز المناط لا يخلو عن إشكال بل منع لعدم الطريق إليه
و إن لم يمكن محوه أو قلنا بعدم وجوبه فيحرم إمرار اليد عليه حال الوضوء أو الغسل،بل يجب إجراء الماء عليه من غير مس أو الغسل ارتماسا أو لفّ خرقة بيده و المس بها،و إذا فرض عدم إمكان الوضوء أو الغسل إلا بمسه فيدور الأمر بين سقوط حرمة المس أو سقوط وجوب المائية و الانتقال إلى التيمم(1)،و الظاهر سقوط حرمة المس،بل ينبغي القطع به إذا كان في محل
بل الظاهر الانتقال الى التوضّي بالاستنابة دون التيمّم إذا المكلّف ما دام متمكّنا من الاغتسال أو التوضّي بالاستنابة فلا تصل النوبة الى التيمّم،فيدور الأمر في المسألة بين الوضوء بالمباشرة و بينه بالاستنابة،و إن كان الأحوط ضمّ التيمّم أيضا بأن يتيمّم أوّلا ثم يتوضّأ بالتسبيب ثم بالمباشرة.و أما إذا كان المنقوش في موضع التيمّم فالظاهر وجوب الاستنابة فيه أيضا لأن الأمر بالتيمّم قد سقط لاستلزامه المسّ و هو محرّم و لا موجب لسقوط حرمة المسّ،فإذن لا محالة ينتقل الأمر الى الاستنابة ثم المباشرة.نعم إذا لم يتمكّن من الاستنابة فإن كان المنقوش في موضع التيمّم سقطت حرمة المسّ و يجب عليه حينئذ الوضوء أو الغسل،و إن لم يكن في موضعه فالأحوط الجمع بين التيمّم و بين الوضوء أو الغسل و إن كان الأظهر هو الانتقال الى التيمّم.
ثم إن هنا فروعا للشكّ في التيمّم؛كالشكّ في أنه تيمّم أو لا،أو في أن هذا التيمّم صحيح أو غير صحيح،أو أنه انتقض أو لا،أو أن هذه الصلاة التي صلاّها و فرغ منها أو يصلّيها تيمّم له أو لا،أو في وجود الحاجب على الماسح أو الممسوح أو غير ذلك،فإن حكم هذه الفروع كحكم فروع الشكّ في الوضوء،و قد تقدّم حكمها.
التيمم،لأن الأمر حينئذ دائر بين ترك الصلاة و ارتكاب المس،و من المعلوم أهمية وجوب الصلاة فيتوضأ أو يغتسل في الفرض الأول و إن استلزم المس، لكن الأحوط مع ذلك الجبيرة أيضا بوضع شيء عليه و المسح عليه باليد المبللة،و أحوط من ذلك أن يجمع بين ما ذكر و الاستنابة أيضا بأن يستنيب متطهرا يباشر غسل هذا الموضع،بل و أن يتيمم مع ذلك أيضا إن لم يكن في مواضع التيمم،و إذا كان ممن وظيفته التيمم و كان في بعض مواضعه و أراد الاحتياط جمع بين مسحه بنفسه و الجبيرة و الاستنابة،لكن الأقوى كما عرفت كفاية مسحه و سقوط حرمة المس حينئذ.