مولفات سماحة مرجع الديني الشيخ الفيّــاض

منهاج الصالحين – الجزء 2
جلد
2
منهاج الصالحين – الجزء 2
جلد
2
و هي من العقود الجائزة،و مفادها الائتمان في الحفظ.
و إذا عين المالك محرزا تعين،فلو خالف ضمن،إلا مع الخوف إذا لم ينص المالك على الخوف،و إلا ضمن حتى مع الخوف.
كما إذا خلطها بماله بحيث لا تتميز،أو أودعه كيسا مختوما ففتح ختمه،أو أودعه طعاما فأكل بعضه،أو دراهم فاستقرض بعضها.
كما إذا كتب على الكيس بيتا من الشعر أو نقش عليه نقشا أو نحو ذلك،فإنه لا يوجب ضمان الوديعة و إن كان التصرّف حراما؛لكونه غير مأذون فيه.
و يرجع به على المالك.
و لا يزول الضمان إلاّ بالرد إلى المالك أو الإبراء منه.
و لو أقرّ له ضمن.
إلاّ إذا كان المودع غاصبا،فلا يجوز ردها إليه،بل يجب ردها إلى مالكها، فإن ردها إلى المودع ضمن.و لو جهل المالك عرّف بها،فإن لم يعرفه تصدق بها عنه،فإن وجد و لم يرض بذلك،فالأظهر عدم الضمان،و لو أجبره الغاصب على أخذها منه لم يضمن.
فالأحوط أنه تحرم عليه الخيانة و لا يصح له تملك المال و لا بيعه.
و كذلك إذا اختلفا في التلف إن لم يكن الودعي متهما.
فلا يبعد أن يكون القول قول الودعي مع يمينه،و كذلك إذا اختلفا في أنّها دين أو وديعة مع التلف.
فإن لم يكن مميزا لم يضمن الوديعة حتى إذا اتلف،و كذلك المجنون.
و لا يضمن
بمجرد القبض،و لا سيّما إذا كان بإذن الولي،و في ضمانه بالتفريط و الإهمال إشكال، و الأظهر الضمان.
و هي التسليط على العين للانتفاع بها مجانا.
و تجوز إعارة ما تملك منفعته و إن لم تملك عينه.
و لا يجوز له التعدي عن ذلك،فإن تعدى ضمن،و لا يضمن مع عدمه،إلا أن يشترط عليه الضمان أو تكون العين من الدينار و الدرهم،بل مطلقا و إن لم يكونا مسكوكين،و لو اشترط عدم الضمان فيهما صح.
و إذا استعار من الغاصب ضمن،فإن كان جاهلا رجع على المعير بما أخذ منه إذا كان قد غرّه.
لم يجز التعدي عنه إلى غيره و إن كان معتادا.
و لا يبطل الرهن بها.
فإن كان الرهن عارية ضمن المستعير العين بما بيعت به،إلا أن تباع بأقل من قيمة المثل، و في ضمان الراهن العين لو تلفت بغير الفك إشكال،و الظاهر عدم الضمان إلاّ مع اشتراطه.
و هي المال الضائع الذي لا يد لأحد عليه المجهول مالكه.
الأول:يسمى لقيطا.
الثاني:يسمى ضالة.
الثالث:يسمى لقطة بالمعنى الأخص.
و كذا لقيط دار الكفر إذا كان فيها مسلم أو ذمي يمكن تولده منه،و وارثه الإمام إذا لم يكن له وارث، و كذلك الإمام عاقلته،و إذا بلغ رشيدا فأقر برقيته قبل منه.
و الجواب:ان استرقاقه لا يخلو عن إشكال،و الأحوط تركه.
فإذا أخذه كان أحق بتربيته و حضانته من غيره،إلاّ أن يوجد من له الولاية عليه لنسب أو غيره،فيجب دفعه إليه حينئذ،و لا يجري عليه حكم الالتقاط.
فلا اعتبار بالتقاط الصبي و المجنون و العبد إلاّ بإذن مولاه،بل يشترط الإسلام فيه إذا كان اللقيط محكوما بإسلامه،فلو التقط الكافر صبيا في دار الإسلام لم يجر على التقاطه أحكام الالتقاط و لا يكون أحق بحضانته.
و إلاّ فإن كان له مال انفق عليه منه بعد الاستئذان من الحاكم الشرعي أو من يقوم مقامه،و إلاّ أنفق الملتقط من ماله عليه و رجع بها عليه إن لم يكن قد تبرع بها،و إلا لم يرجع.
فإن كان الحيوان يحفظ نفسه و يمتنع عن السباع لكبر جثته أو سرعة عدوه أو قوته كالبعير و الفرس و الجاموس و الثور و نحوها لم يجز أخذه،سواء أ كان في كلاء و ماء أم لم يكن فيهما، إذا كان صحيحا يقوي على السعي إليهما،فإن أخذه الواجد حينئذ كان آثما و ضامنا له،و تجب عليه نفقته و لا يرجع بها على المالك،و إذا استوفى شيئا من
نمائه-كلبنه و صوفه-كان عليه مثله أو قيمته.و إذا ركبه أو حمّله حملا كان عليه اجرته،و لا يبرأ من ضمانه إلا بدفعه إلى مالكه.نعم،إذا يئس من الوصول إليه و معرفته،تصدق به عنه بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط.
جاز أخذه كالشاة و أطفال الإبل و البقر و الخيل و الحمير و نحوها،و قد تسأل:هل يجب عليه التعريف أو أنه بأخذه إياه و استيلائه عليه يصبح مالكا لها و لا شيء عليه بعد ذلك؟و الجواب:الأظهر هو الثاني،و هو مدلول الروايات التي تنصّ على أن من أصاب الضالة بالفلاة فهي له أو لأخيه أو للذئب،و هذا يعني:أن الواجد لو لم يأخذها لنفسه،فإما أن يأخذها غيره أو يأكلها الذئب،و قد تسأل:
أنه إذا أخذها و تصرف فيها بالأكل أو البيع أو غير ذلك،فهل يضمن قيمتها لصاحبها أو لا؟
و الجواب:أن الضمان و إن كان مشهورا،و لكن الأقرب عدمه،حتى إذا جاء صاحبها و طلبها منه،فإنه لا يجب عليه دفع شيء له؛لأن مقتضى الروايات أنها لواجدها،من دون أي إشعار فيها أنها له على وجه الضمان مطلقا أو إذا طالبه بها،ثم إن ما ذكرناه من عدم الضمان إنما هو فيما إذا كان أمر الضالة مرددا بين ثلاثة احتمالات،إما أنها للواجد أو لغيره أو للذئب،و أمّا إذا كان هناك احتمال رابع-هو انها للمالك-فلا يمكن الحكم بعدم الضمان.
فإن كان قد أعرض عنه، جاز لكل أحد تملكه كالمباحات الأصلية و لا ضمان على الآخذ،و إذا تركه عن جهد و كلل بحيث لا يقدر أن يبقى عنده و لا يقدر أن يأخذه معه،فإذا كان الموضع الذي تركه فيه لا يقدر الحيوان على التعيش فيه،لأنه لا ماء و لا كلاء و لا يقوي
الحيوان فيه على السعي إليهما،جاز لكل أحد أخذه و تملكه،و أما إذا كان الحيوان يقدر فيه على التعيش،لم يجز لأحد أخذه و لا تملكه،فمن أخذه كان ضامنا له، و كذا إذا تركه عن جهد،و كان ناويا للرجوع إليه قبل ورود الخطر عليه.
و هو المواضع المسكونة التي يكون الحيوان فيها مأمونا كالبلاد و القرى و ما حولها مما يتعارف وصول الحيوان منها إليه،لم يجز له أخذه و من أخذه ضمنه،و يجب عليه التعريف إذا أمكن،و يبقى في يده مضمونا إلى أن يؤديه إلى مالكه،فإن يئس منه تصدق به بإذن الحاكم الشرعي على الأحوط.نعم،إذا كان غير مأمون من التلف عادة لبعض الطوارئ، و كان واثقا بذلك،فهل يجري عليه حكم الحيوان الواجد في الصحراء أو لا؟ و الجواب:أنه لا يجري،فإن وظيفته التعريف إن أمكن،فإن يئس و انقطع أمله عن وجدان صاحبه تصدّق به،فإن جاء صاحبه بعد ذلك خيّره بين أجر الصدقة و بين قيمة الحيوان،فإن اختار الأول فهو المطلوب،و إلاّ فعليه أن يدفع قيمته إليه و له أجرها.
و يجوز إخراجها من الدار و ليس عليه شيء إذا لم يكن قد أخذها،أما إذا أخذها ففي جريان حكم اللقطة عليها إشكال بل منع،و عليه التعريف بها حتى يحصل اليأس من معرفة مالكها،ثم إذا شاء يتصدق بها و بعد ذلك إذا جاء مالكها، فإن رضى بالتصدق فهو،و إن طالبه بها،وجب أن يدفع إليه قيمتها و له أجر الصّدقة.
فإن وجد متبرع بها أنفق عليها،و إلاّ أنفق عليها من ماله و رجع بها على المالك.
و لكن لا بدّ أن يكون ذلك بحساب القيمة،و إذا زاد فالزائد للمالك.
و هي عبارة عن المال الضائع غير الحيوان و الإنسان و له مالك محترم بالفعل مجهول،و لها أحكام خاصة،منها:أن على الملتقط أن يقوم بتعريفها سنة كاملة شريطة توفر امور:
الأول:أن لا يكون جازما بعدم فائدة للتعريف لليأس عن وجدان صاحبها.
الثاني:أن تكون ذات علامة مميّزة.
الثالث:أن لا يكون فيه تعريض النفس للخطر،فإذا توفرت هذه الامور الثلاثة وجب عليه تعريفها طول السنة برجاء أن يجد صاحبها،و لا فرق في ذلك بين أن تكون قيمتها أقل من الدرهم أو أكثر منه،و منها:أن الملتقط إذا لم يجد صاحبها بعد التعريف يكون مخيرا بين التصدق بها مع الضمان و بين جعلها في عرض ماله،و يجري عليها ما يجري على ماله حتى يجيء لها طالب،و إلاّ فيوصي بها في وصيته و بين تملّكها،و منها:أنّها إذا لم تكن ذات علامة مميزة قابلة للتعريف،فالمشهور على جواز تملكها،و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع.
و ما اخرج بالغوص فهو لمخرجه إذا كان صاحبه قد تركه.
و لا يجب فيها التعريف و لا الفحص عن مالكها.ثمّ إذا جاء المالك فإن كانت العين موجودة ردّها إليه،و إن كانت تالفة لم يكن عليه البدل،و لكنّه لا
يخلو عن إشكال،لما مرّ من أنّه لا فرق في وجوب التعريف و غيره من الأحكام بين أن تكون قيمة اللقطة أقلّ من الدّرهم أو أكثر.
فإن لم يعرفه،فإن كان قد التقطها في الحرم،فالأظهر أن يتصدّق بها عن مالكها و ليس له تملّكها،و إن التقطها في غير الحرم تخيّر بين الامور الثلاثة المتقدّمة:تملّكها،و التصدّق بها مع الضمان،و ابقائها أمانة في يده بلا ضمان إلى أن يجيء صاحبها.
و المدار في القيمة على مكان الالتقاط و زمانه دون غيره من الأمكنة و الأزمنة،و مرّ أنه لا فرق في ذلك بين أن تكون قيمته أقل من الدّرهم أو أكثر.
فإن عشرة دراهم تساوي خمسة مثاقيل صيرفية و ربع مثقال.
إمّا لأنّه لا علامة فيه كالمسكوكات المفردة و المصنوعات بالمصانع المتداولة في هذه الأزمنة،أو لأن مالكه قد سافر إلى البلاد البعيدة التي يتعذّر الوصول إليها،أو لأنّ الملتقط يخاف من الخطر و التهمة إن عرّف به،أو نحو ذلك من الموانع سقط التعريف،و الأظهر التصدّق به عنه،و جواز التملّك لا يخلو من إشكال بل منع.
بحيث لا يصدق أنه تسامح فيه و تماهل،فإن لم يبادر إليه كان عاصيا،و لكن لا يسقط وجوب التعريف عنه،بل تجب المبادرة إليه بعد ذلك إلى أن ييأس عن المالك.و كذا الحكم لو بادر إليه من حين الالتقاط،و لكن تركه
بعد ستّة أشهر مثلا حتى تمّت السنة،فحينئذ إن انقطع أمله عن معرفة المالك فهو، و إلاّ فعليه أن يواصل في الفحص و التعريف،فإذا تمّ التعريف تخير بين التصدّق و الإبقاء للمالك و التملك.
أو ترك الاستمرار عليه كذلك إلى انتهاء السّنة،فالحكم كما تقدّم.
نعم،مع اليأس عن المالك تخير بين الامور الثلاثة.
فتجوز له الاستنابة فيه بلا اجرة أو باجرة،و الأقوى كون الاجرة عليه لا على المالك و إن كان الالتقاط بنيّة إبقائها في يده للمالك.
فقد عرفت أنّه يتخير بين التصدّق و غيره من الامور المتقدّمة،و لا يشترط في التخيير بينهما اليأس القطعي من معرفة المالك.
فالأظهر لزوم التعريف حينئذ،و عدم جواز التملك أو التصدق.
جاز أن يقومها الملتقط على نفسه و يتصرّف فيها بما شاء من أكل و نحوه و يبقى الثمن في ذمته للمالك،و الأحوط أن يكون بإذن الحاكم الشرعي ان أمكن،كما يجوز له أيضا بيعها على غيره و يحفظ ثمنها للمالك،و الأحوط أن يكون بيعها على غيره أيضا بإذن الحاكم الشرعي،و لا يسقط التعريف عنه على الأحوط،بل يحفظ صفاتها و يعرف بها سنة،فإن وجد صاحبها دفع إليه الثمن الذي باعها به أو القيمة التي في ذمته،و إلاّ لم يبعد جريان التخيير المتقدم على ثمنه.
فإن وجد المالك دفعها إليه،و إن لم يجده و وجد الملتقط الأول جاز دفعها إليه إذا كان واثقا بأنه يعمل بوظيفته،و عليه إكمال التعريف سنة و لو بضميمة تعريف الملتقط الثاني،فإن لم يجد أحدهما حتى تمّت السنة،جرى التخيير المتقدم من التملك أو التصدق أو الإبقاء للمالك.
فقال بعضهم:يتحقق التتابع بأن لا ينسى اتصال الثاني بما سبقه،و يظهر أنه تكرار لما سبق،و نسب إلى المشهور أنه يعتبر فيه أن يكون في الاسبوع الأول كل يوم مرّة،و في بقية الشهر الأوّل كل اسبوع مرة،و في بقية الشهور كل شهر مرة.
و كلا القولين مشكل،و اللازم الرجوع إلى العرف فيه و صدق أنه عرفها سنة كامله.و لا يبعد صدقه إذا كان في كل ثلاثة أيام،هذا إذا كان التعريف بالإعلان،و أما إذا كان بإلصاق المنشور على الجدار أو نحوه في مظان وجود المالك فيه،فلا حاجة إلى التكرار؛لأن المنشور ما دام موجودا و ملتصقا به فهو تعريف.
حيث يحتمل عود المالك إليه و تواجده فيه،و لا يجزئ في غيره.
وجب أن يكون التعريف في مجامع الناس كالأسواق و محل إقامة الجماعات و المجالس العامة و نحو ذلك،مما يكون مظنة وجود المالك فيه.
فإن كان فيها نزّال عرّفهم،و إن كانت خالية فالأحوط التعريف في المواضع القريبة التي هي مظنة
وجود المالك فيها.
جاز له السفر و استنابة شخص أمين في التعريف،و لا يجوز السفر بها الى بلده.
جاز له السفر بها و التعريف بها في بلد المسافرين.
جاز له السفر و استنابة أمين في التعريف.
فلا يكفي أن يقول:من ضاع له شيء أو مال،بل لا بدّ أن يقول:من ضاع له ذهب أو فضة أو إناء أو ثوب،أو نحو ذلك مع الاحتفاظ ببقاء إبهام للقطة،فلا يذكر جميع صفاتها.و بالجملة يتحرى ما هو أقرب إلى الوصول إلى المالك،فلا يجدي المبهم المحض و لا التعين المحض،بل أمر بين الأمرين.
و أمكن معرفة صاحبها بسبب بعض الخصوصيات التي هي فيها مثل العدد الخاص و الزمان الخاص و المكان الخاص وجب التعريف،و لا تكون حينئذ مما لا علامة له الذي تقدم سقوط التعريف فيه.
فلوليهما أو غيره التعريف بها سنة،و بعد التعريف-سواء أ كان من الولي أم من غيره-يجري التخيير المتقدم.
فإن
كانت العين موجودة أخذها،و ليس به إلزام الملتقط بدفع البدل من المثل أو القيمة،كما أنه ليس للملتقط إلزام المالك بأخذ البدل عوضا عن العين،و إن كانت تالفه أخذ مثلها أو قيمتها.
و حينئذ فإن رضى بالتصدّق كان له أجره،و أن لم يرض به و طالب بها فعلى الملتقط أن يغرم له المثل إن كانت مثلية،و القيمة إن كانت قيّمية،و له أجر التصدق،و ليس للمالك الرجوع بالعين على المتصدّق عليه إن كانت موجودة،و لا بالمثل أو القيمة إن كانت مفقودة.
و لا فرق بين مدة التعريف و ما بعدها.نعم،إذا تملكها أو تصدق بها بعد التعريف ضمنها إذا جاء صاحبها و لم يرض على ما مرّ.
و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع،فإن الحاكم الشرعي إن قبلها فعليه التعريف،و إلاّ فعلى الملتقط،هذا إضافة إلى أنه لا يجوز له أن يقبلها بعنوان الولاية؛إذ لا ولاية له عليه قبل التعريف.
سواء أ كان ذلك قبل التعريف أم في اثنائه أم بعده قبل التملك.
نعم،إذا كان بعد التملك فقد مرّ أن الأقرب عدم وجوب دفعها إليه و إن كان أحوط.
فان كانت غير مضمونة-بأن لم يكن تعدّ أو تفريط-سقط التعريف،و إذا كانت مضمونة لم يسقط،و كذا إذا كان
التلف في أثناء التعريف،ففي الصورة الاولى يسقط التعريف،و في الصورة الثانية يجب إكماله،فإذا عرف المالك دفع إليه المثل أو القيمة.
و كذا إذا وصفها بصفاتها الموجودة فيها مع حصول الاطمئنان بصدقه،و لا يكفي مجرد التوصيف،بل لا يكفي حصول الظن أيضا.
سواء حصل النماء قبل التصدّق أم بعده.
و إن حصل بعده كان للملتقط على الأظهر.
فإن كان متّصلا ملكه الملتقط تبعا لتملك اللقطة،و أما إذا كان منفصلا،ففي جواز تملّكه إشكال، و الأظهر التصدق به.
فإن أمكن الاستيذان منه في التصرّف فيها و لو بمثل الصدقة عنه أو دفعها إلى أقاربه أو نحو ذلك تعيّن،و إلاّ تعيّن التصدّق بها عنه.
و إن كان بعد التعريف و قبل التملك،فهل يقوم الوارث مقامه في التخيير بين الأمور الثلاثة أو لا؟
و الجواب:لا يبعد ذلك.و إن كان قبل التعريف أو في أثنائه،فهل يقوم الوارث مقامه فيه أو في إتمامه؟و الجواب:أنه غير بعيد.و عليه فإذا تمّ التعريف،
تخير الوارث بين الامور الثلاثة،و إن كان الأحوط و الأجدر به في هذا الفرض أن يتصدّق به عنه إذا حصل له اليأس عن الوصول إلى مالكه.
فإن كان لا يدخل أحد يده في صندوقه فهو له،و إن كان يدخل أحد يده في صندوقه عرفه إيّاه إن أمكن،فإن عرفه دفعه إليه،و إن أنكره فهو له،و إن جهله لم يبعد الرجوع إلى القرعة،كما في سائر موارد تردد المال بين مالكين.هذا إذا كان الغير محصورا، أما إذا لم يكن،فلا يبعد أن تكون الوظيفة الرجوع إلى القرعة من الأول دون التعريف،و حينئذ فإن خرجت القرعة باسم غيره،فحص عنه و عرف و بعد اليأس منه تصدّق به عنه.
فإن لم يدخلها أحد غيره أو يدخلها قليل فهو له،و إن كان يدخلها كثير كما في المضايف و نحوها، جرى عليه حكم اللّقطة.
فإن علم أن الذي بدله قد تعمّد ذلك جاز له أخذ البدل من باب المقاصة،فإن كانت قيمته أكثر من مال الآخر تصدّق بالزائد إن لم يمكن إيصاله إلى المالك،و إن لم يعلم أنه قد تعمّد ذلك،فإن علم رضاه بالتصرّف جاز له التصرّف فيه،و إلاّ جرى عليه حكم مجهول المالك،فيفحص عن المالك،فإن يئس منه،ففي جواز أخذه وفاء عما أخذه إشكال بل منع،و الأظهر التصدّق به و إن كان الأحوط الاولى أخذه وفاء،ثمّ التصدّق به عن صاحبه.
و هو حرام عقلا و شرعا،و يتحقق بالاستيلاء على مال الغير ظلما و جعله تحت يده و تصرّفه،بلا فرق فيه بين المنقول و غيره كالعقارات،و لا بين الأعيان و المنافع،و على هذا فإذا كان مستوليا على تمام المال بالاستقلال عدوانا ضمن التمام،و إذا كان على بعضه ضمن ذلك البعض،كما لو سكن الدار قهرا مع المالك ضمن النّصف لو كانت بينهما بنسبة واحدة،و لو اختلفت فبتلك النسبة،و يضمن المنفعة إذا كانت مستوفاة،و كذا إذا فاتت تحت يده،و لو غصب الحامل ضمن الحمل.
أو من القعود على بساطه فسرق،أو عن الدخول في داره أو عن بيع متاعه لم يضمن من جهة الغصب؛لعدم كون المال تحت يده،فلو هلكت الدابة أو تلف البساط أو انهدمت الدار أو نقصت قيمة المتاع بعد المنع لم يكن على المانع ضمان اليد،و أمّا ضمانه من جهة الاتلاف،فإن كان إتلافها مستندا إليه ضمن و إلاّ فلا.
فإن رجع على الأوّل رجع الأوّل على الثاني،و إن رجع على الثاني لم يرجع على الأول،على أساس استقرار الضمان عليه.
فلا ضمان على المستولي لا عينه و لا منفعته و إن كان الحرّ صغيرا،إلاّ أن يكون تلفه مستندا إليه.
إلاّ إذا كان أجيرا خاصا لغيره فيضمن لمن استأجره،و لو كان أجيرا له لزمته الاجرة،و لو استعمل الحرّ فعليه اجرة عمله.
و كذا الحكم في كل حيوان جنى على غيره من إنسان أو حيوان أو غيرهما،فإن صاحبه يضمن جنايته إذا كان بتفريط منه،إمّا بترك رباطه أو بحله من الرباط إذا كان الحيوان من شأنه أن يربط وقت الجناية للتحفظ منه.
فصاحب الدّار ضامن إذا كان عالما بالانهيار فلم يصلحه أو يهدمه و تركه حتى انهدم فاصاب عينا فأتلفها.و كذا لو كان الجدار في الطريق العام،فإن صاحب الجدار ضامن للتلف الحاصل من انهدامه إذا لم يبادر إلى قلعه أو إصلاحه،و ضمان صاحب الجدار في الفرضين مشروط بجهل التالف بالحال إن كان إنسانا،و بجهل مالكه إن كان من الأموال،فلو وقف شخص تحت الجدار المنهار أو ربط حيوانه هناك مع علمه بالحال فانهدم الجدار،فتلف الإنسان أو الحيوان لم يكن على صاحب الجدار ضمان.
لا على عاقلته.
ضمن السارق.
ضمنه،و إذا لم يكن من شأنها السراية،فاتفقت السراية بتوسط الريح أو غيره لم يضمن.
و هل يثبت للمسلم حق اختصاص بهما إذا استولى عليهما لغرض صحيح أو لا؟
و الجواب:أن ثبوته لا يخلو عن إشكال،و على هذا فلو أتلفهما ففي ثبوت الضمان عليه تأمّل،و لا يبعد عدمه.
فإن تعيب ضمن الأرش،فإن تعذّر الردّ ضمن مثله،و لو لم يكن مثليّا ضمنه بقيمته يوم الغصب،و الأحوط-استحبابا- التصالح لو اختلفت القيمة من يوم غصبه إلى يوم أدائه.
فعليه ردّ العين و قيمة تلك الزّيادة،كما لو غصبت دابة مهزولة ثم سمنت الدابة،أو عبدا جاهلا ثم تعلّم صنعة فزادت قيمتها بذلك،ثم هزلت الدابة أو نسي العبد الصنعة،ضمن الغاصب تلك الزيادة التي حصلت تحت يده ثم زالت.نعم،لو تجدّدت صفة لا قيمة لها لم يضمنها.
و لو زادت العين زيادة حكميّة أو عينيّة كانت الزيادة للمالك و إن كانت
مستندة إلى فعل الغاصب.نعم،إذا كانت الزيادة ملك الغاصب،كما إذا غرس في الأرض المغصوبة شجرا رجع الغاصب بها و عليه أرش نقصان الأرض لو نقصت،و ليس للغاصب الرجوع بأرش نقصان عينه إلى المالك.
و الجواب:الأظهر أن عليه دفع القيمة فحسب و أخذه العبد بديلا عن قيمته،و ليس لمولاه إلاّ المطالبة بالقيمة.
فإن كان بما يساويه،شارك المالك بقدر كميته و إن كان بأجود منه أو بالأدون،فله أن يشارك بقدر ماليته، و له أن يطالب الغاصب ببدل ماله،و كذا لو كان المزج بغير جنس المغصوب،فإن لم يؤد ذلك إلى التلف أو نقص القيمة،فله أن يشارك الغاصب بقدر ماليته و إلا يطالبه ببدل ماله.
رجع بالثمن على الغاصب، و بما غرم للمالك عوضا عما لا نفع له في مقابله أو كان له فيه نفع،و لو كان عالما فلا رجوع بشيء مما غرم للمالك.
و القول قول الغاصب في مقدار القيمة مع اليمين و تعذر البيّنة.
و إذا انحصر استنقاذ الحق بمراجعة الحاكم الجائر جاز ذلك،و لا يجوز له مطالبة الغاصب بما صرفه في سبيل أخذ الحق.
لا يجوز له أن يأخذه من المدين،إلا إذا اشترط عليه ذلك في ضمن معاملة لازمة.
و لا يتوقف على إذن الحاكم الشرعي،كما لا يتوقف ذلك على تعذّر الاستيفاء بواسطة الحاكم الشرعي.
كما لا فرق بين أن يكون وديعة عنده و غيره.
أخذ منه حصة تساوي ماله،و كان بها استيفاء حقّه،و لا يبعد جواز بيعها أجمع و استيفاء دينه من الثمن،و الأحوط أن يكون ذلك بإجازة الحاكم الشرعي،و يرد الباقي من الثمن إلى الغاصب.
لم تجز المقاصة منه.
المراد بالموات:الأرض المتروكة التي لا ينتفع بها إما لعدم المقتضي لإحيائها و إما لوجود المانع عنه،كانقطاع الماء عنها أو استيلاء المياه أو الرمال أو الأحجار أو السبخ عليها أو نحو ذلك.
1-الموات بالأصل،و هو ما لم تعرض عليه حياة أصلا،لا بشريا و لا طبيعيا،كأكثر البراري و المفاوز و البوادي و سفوح الجبال و نحو ذلك.
2-الموات بالعارض،و هو ما عرض عليه الخراب و الموتان بعد الحياة و العمران،كالأرض التي باد أهلها.
و هل عملية الإحياء توجب علاقة المحيي بالأرض على مستوى الملك أو على مستوى الحق؟
و الجواب:الأظهر أنها توجب على مستوى الحق دون الملك،على
أساس أن رقبة الأرض ملك للإمام عليه السّلام و ظلت في ملكه،و قد تسأل:هل يعتبر في الإحياء إذن الإمام عليه السّلام أو لا؟
و الجواب:الأقرب أنه معتبر،ثم إن هذا الإذن قد ثبت على نحو الإطلاق لكل من شملته أخبار التحليل،فإذا قام بعملية الإحياء،فلا يحتاج إلى إذن خاص من الإمام عليه السّلام أو نائبه.
الأول:ما لا يكون له مالك،و ذلك كالأراضي الدارسة المتروكة و القرى أو البلاد الخربة و القنوات الطامسة التي كانت للامم الماضية،التي لم يبق منها أحد،بل و لا اسم و لا رسم،أو أنها تنسب إلى طائفة لم يعرف عنهم سوى الاسم.
الثاني:ما يكون له مالك مجهول لم يعرف شخصه.
الثالث:ما يكون له مالك معلوم.
أما القسم الأول:فحاله حال الموات بالأصل،و لا يجري عليه حكم مجهول المالك.
و أما القسم الثاني من الأراضي الخربة:فهل يجوز القيام بعملية احيائها أو يعامل معها معاملة الأرض المجهول مالكها؟و الجواب:أنه على القول بأن عملية الإحياء تمنح علاقة المحيي بالأرض على مستوى الحق دون الملك،يجوز القيام بإحيائها،على أساس سقوط حق المحيي عنها باندراسها و خرابها بسقوط موضوعه،و لا يبقى له بعد ذلك أي حق فيها،و أما على القول بأنها تمنح علاقة المحيي بها على مستوى الملك،فلا تخرج الأرض عن ملكه
باندراسها و خرابها،و على ضوء هذا القول يعامل مع تلك الأراضي معاملة المجهول مالكها،فيجب الفحص عنه،و بعد اليأس و انقطاع الأمل عن الظفر به يرجع إلى الحاكم الشرعي،و حينئذ فإما أن يشتريها منه إذا كانت المصلحة في الشراء و يصرف ثمنها على الفقراء من قبل أصحابها،أو يستأجرها باجرة معينة،أو يقدّر لها اجرة المثل و تصرف الاجرة على الفقراء،و هذا فيما إذا لم يعلم بإعراض مالكها عنها،و إلا جاز إحياؤها و تملكها بلا حاجة إلى الإذن أصلا، و قد تسأل:أن الأقرب هل هو القول الأول أو الثاني؟و الجواب:الأقرب القول الأول،و على هذا فلا فرق بين هذا القسم من الأراضي و القسم الأول منها في هذا الحكم.نعم،على القول الثاني،فإن أعرض المالك عنها جاز لكل أحد إحياؤها،و إن لم يعرض،فإن إبقاءها مواتا للانتفاع بها على تلك الحال من حشيشها أو قصبها أو جعلها مرعى لدوابها و أنعامها أو أنه كان عازما على إحيائها،و إنما أخر ذلك لانتظار وقت صالح له أو لعدم توفّر الآلات و الأسباب المتوقف عليها الإحياء و نحو ذلك،ففي جميع هذه الحالات لا يجوز لأحد أن يقوم بإحيائها و التصرف فيها من دون إذن مالكها،بل مطلقا الاّ إذا رأى الحاكم الشرعي مفسدة في تعطيلها.
أما القسم الثالث من الأراضي الخربة:فإذا علم بأن إبقاء تلك الأراضي معطلة،إنما هو من جهة عدم الاعتناء بها،على أساس عدم حاجته إليها فعلا، لا أنه أعرض عنها،فهل يجوز إحياءها لغيره؟و الجواب:المشهور جواز إحيائها،إذا كان سبب ملك المالك الأول عملية الإحياء،و عدم الجواز إذا كان سببه عملية الشراء أو الإرث،و لكنه لا يخلو عن إشكال بل منع؛لأن عملية الإحياء لو كانت سببا للملك لم يكن فرق بينها و بين عملية الشراء أو الإرث أو غيره،فكما أن على الثاني لا يجوز التصرف في تلك الأراضي بإحيائها
و توفير الشروط للاستفادة منها من دون إذن أصحابها،فكذلك على الأول؛ لأن ملكيتها المتعلقة برقبتها لا تزول بزوال الحياة عنها؛لأنها جهة تعليلية لا تقييدية،و أما إذا كانت سببا للحق دون الملك-كما هو الأظهر-فيجوز التصرف فيها بعد زوال الحياة عنها و خرابها؛لأن الحق متمثل في حياتها،فما دامت حية متعلقة له،فإذا ماتت و خربت خرجت عن مورده،و بكلمة:أن المحيي إنما يملك نتيجة عمله دون نفس الأرض،و هي خلق الشروط فيها التي تتيح للفرد فرصة الاستفادة منها و الانتفاع بها،و ما دامت تلك الشروط فيها متوفرة و الفرصة متاحة فعلاقته بها ثابتة،سواء كان يمارس الانتفاع بها أم لم يمارس،و أما إذا زالت تلك الفرصة و الشروط عنها،فقد زالت علاقته بها أيضا،على أساس أنها كانت معلولة لهذه الشروط و الفرصة،و لا فرق في ذلك بين أن يكون موتها مستندا إلى تركه الممارسة للانتفاع بها و الاستفادة منها بالاختيار،أو مستندا إلى مانع خارجي.هذا من ناحية،و من ناحية اخرى أنه على هذا القول لا فرق في جواز التصرف في تلك الأراضي و إحيائها،بين أن يكون منشأ علاقة أصحابها بها عملية الإحياء أو عملية الشراء و نحوه،على أساس أن مصدر علاقة الإنسان بالأرض مباشرة إنما هو عملية الإحياء و كذلك بسائر ثرواتها الطبيعية،و أما الأسباب الاخرى فهي أسباب ثانوية لها و في طولها،و على هذا فمن كانت علاقته بالأرض على مستوى الحق بعملية الإحياء،فشراء الأرض ميتة لا يوجب إلاّ منح المشتري نفس العلاقة التي كانت له،فإن حقيقة البيع منح البائع نفس علاقة المشتري بالثمن،و منح المشتري نفس علاقة البائع بالمبيع،فإن كانت على مستوى الملك كانت كذلك، و إن كانت على مستوى الحق كانت كذلك،و لا يتصور أن تكون علاقة البائع بالمبيع على مستوى الحق،و لكن البيع يوجب منح المشتري العلاقة به على
مستوى الملك،و حيث إن سببية الشراء أو الإرث أو الهبة أو غير ذلك سببية ثانوية،فلا بد و أن تنتهي في نهاية المطاف إلى سببية الإحياء،فلا وجه للتفصيل بين ما إذا كان سبب علاقة الإنسان بالأرض الإحياء أو الشراء أو غيره.
من الأخشاب و الأحجار و الآجر و ما شاكل ذلك،و يملكها الحائز إذا أخذها بقصد التملك.
1-ما لا يعلم كيفية وقفها أصلا،و أنّها وقف خاص أو عام أو أنها وقف على الجهات أو على أقوام.
2-ما علم أنها وقف على أقوام و لم يبق منهم أثر،و على طائفة لم يعرف منهم سوى الاسم خاصة.
3-ما علم أنها وقف على جهة من الجهات،و لكن تلك الجهة غير معلومة أنها مسجد خاص أو مدرسة خاصّة أو مشهد أو مقبرة كذلك أو غير ذلك،فالجهة الموقوف عليها مجهولة عينا و وصفا.
4-ما علم أنّها وقف على أشخاص و لكنّهم غير معلومين بأشخاصهم و أعيانهم،كما إذا علم أن مالكها وقفها على ذريّته مع العلم بوجودهم فعلا، و لكنّهم غير معلومين بأشخاصهم و أعيانهم.
5-ما علم أنها وقف على جهة معيّنة أو أشخاص معلومين بأعيانهم.
6-ما علم إجمالا بأن مالكها قد وقفها،و لكن لا يدري أنه وقفها على
جهة كمدرسته المعيّنة أو أنه وقفها على ذريّته المعلومين بأعيانهم،و لم يكن طريق شرعي لإثبات وقفها على أحد الأمرين.
أما القسم الأول و الثاني:فالظاهر أنهما من الأنفال،و لا إشكال في جواز إحيائهما شرعا،فحالهما من هذه الناحية حال سائر الأراضي الموات.
و أمّا القسم الثالث:فالأقوى أن أمره راجع إلى الحاكم الشرعي،على أساس أنه وقف،فلا يجوز التصرّف فيه من دون إذن المتولّي و هو فعلا منحصر به،و عليه فمن يقوم بإحيائه و عمارته بزرع أو نحوه،يراجع الحاكم الشرعي و يأخذه منه مزارعة أو إجارة أو يشتري منه،و يصرف حصة الوقف على الأول و ثمنه على الثاني في وجوه البرّ و الإحسان مع مراعاة الأقرب فالأقرب.
و كذلك الحال في القسم الرابع.
و أما القسم الخامس:فيجب على من أحياه و عمره اجرة مثله، و يصرفها في الجهة المعيّنة إذا كان الوقف عليها و يدفعها إلى الموقوف عليهم المعينين،إذا كان الوقف عليهم،و يجب أن يكون التصرّف بإجازة المتولّي أو الموقوف عليهم.
و أمّا السادس:فيجب على من يقوم بعمارته و إحيائه اجرة مثله،و يجب صرفها في الجهة المعيّنة بإجازة من الذرية،كما أنه يجب عليه أن يستأذن في تصرّفه فيه منهم أو من المتولّي لتلك الجهة إن كان،و إلاّ فمن الحاكم الشرعي أو وكيله،و إذا لم يجز الذرية الصرف في تلك الجهة،فينتهي الأمر إلى القرعة في تعيين الموقوف عليه كما يأتي.
و حريم كل شيء مقدار ما يتوقّف عليه الانتفاع به،و لا يجوز لأحد أن يحيي هذا المقدار من دون رضا صاحبه.
في الجهة التي يفتح إليها باب الدار و مطرح ترابها و رمادها و مصبّ مائها و ثلوجها و ما شاكل ذلك عند الحاجة كما هو الغالب في القرى و الأرياف،و أما في البلاد-و لا سيما في العصر الحاضر-فلا يتوقّف جمع ترابها على وجود مكان له،و أما الرماد فلا وجود له فعلا،و أما ماؤها و ثلوجها فلا يتوقّفان على وجود مصب لها على وجه الأرض.
إذا احتاج إلى الترميم و البناء لدى الحاجة و التوقف.
إذا احتاج إلى الإصلاح و التنقية و المجاز على حافّتيه للمواظبة عليه إذا توقّف عليه،و إلاّ فلا يكون حريما،و هذا يختلف باختلاف الأزمنة.
إذا كان الاستسقاء منها باليد،و موضع تردّد البهيمة و الدولاب،و الموضع الذي يجتمع فيه الماء للزرع أو نحوه و مصبّه و مطرح ما يخرج منها من الطين عند الحاجة و التوقف.
على نحو ما مرّ في غيرها.
من مجمع ترابها و كناستها و مطرح سمادها و رمادها و مجمع أهاليها لمصالحهم،و مسيل مائها و الطرق المسلوكة منها و إليها،و مدفن موتاهم و مرعى ماشيتهم و محتطبهم و ما شاكل ذلك.كل ذلك بمقدار حاجة أهل القرية،بحيث لو زاحم مزاحم لوقعوا في ضيق و حرج،و هي تختلف باختلاف سعة القرية و ضيقها و كثرة أهلها و قلّتهم و كثرة مواشيها و دوابها و قلّتها و هكذا،و ليس لذلك ضابط كلّي غير ذلك،و من هنا تختلف حاجة القرية سعة و ضيقا باختلاف الأزمنة،فإنها تحتاج في الأزمنة السابقة إلى موارد الاحتطاب،و أمّا في زماننا هذا فتستغني عنها بقيام شيء آخر مقام الحطب،فعندئذ تخرج تلك الموارد عن كونها حريما للقرية.
و يكون من مرافقها،كمسالك الدخول إليها و الخروج منها و محل بيادرها و حظائرها و مجتمع سمادها و نحو ذلك،كلّ ذلك بمقدار الحاجة.
فلا يجوز لهم منع غيرهم من الانتفاع بها،و لا يجوز لهم أخذ الاجرة ممّن ينتفع بها،و إذا قسموها فيما بينهم لرفع التشاجر و النزاع لا تكون القسمة صحيحة،فيجوز لكلّ من المتقاسمين التصرّف فيما يختصّ بالآخر بحسب القسمة.نعم،إذا كانوا يحتاجون إليها لرعي الحيوان أو نحو ذلك كانت من حريم أملاكهم،و لا يجوز لغيرهم مزاحمتهم في ذلك و تعطيل حوائجهم.
و هو أن يكون الفصل بين بئر و بئر اخرى بمقدار لا يكون في إحداث البئر الثانية ضرر على الأولى،من جذب
مائها تماما أو بعضا أو منع جريانه من عروقها،و هذا هو الضابط الكلّي في جميع أقسامها.
و هو أن يكون الفصل بين عين و عين اخرى و قناة و قناة ثانية في الأرض الصلبة خمسمائة ذراع،و في الأرض الرخوة ألف ذراع.و لكن الظاهر أن هذا التحديد غالبي،حيث إنّ الغالب أن يندفع الضرر بهذا المقدار من البعد و ليس تعبديّا.و عليه فلو فرض أن العين الثانية تضرّ بالأولى و ينقص ماؤها مع هذا البعد،فالظاهر عدم جواز إحداثها،و لا بد من زيادة البعد بما يندفع به الضرر أو يرضى به مالك الأولى، كما أنه لو فرض عدم لزوم الضرر عليها في إحداث قناة اخرى في أقل من هذا البعد،فالظاهر جوازه بلا حاجة إلى الإذن من صاحب القناة الأولى،و لا فرق في ذلك بين إحداث قناة في الموات و بين إحداثها في ملكه،فكما يعتبر في الأول أن لا يكون مضرا بالأولى فكذلك في الثاني،كما أن الأمر كذلك في الآبار و الأنهار التي تكون مجاري للماء،فيجوز إحداث بئر يجري فيها الماء من منبعها قرب بئر اخرى كذلك،و كذلك إحداث نهر قرب آخر،و ليس لمالك الأول منعه إلاّ إذا استلزم ضررا،فعندئذ يجوز منعه.
و تعميرها بجعلها مزرعة أو بستانا أو ما شاكل ذلك،شريطة أن يكون الإحياء في غير المقدار الذي يتوقّف عليه الانتفاع من تلك القنوات و الآبار،و أما اعتبار البعد المذكور في القنوات و الآبار فإنّما هو بالإضافة إلى إحداث قناة أو بئر اخرى فقط.
جاز إحياؤها لكل أحد و إن كانت بقرب العامر،و لا تختص بمن يملك العامر و لا أولويّة له.
سواء أ كان حريم قناة أم بئر أم قرية أم بستان أم دار أم نهر أو غير ذلك،و إنّما لا يجوز لغيره مزاحمته فيه باعتبار أن انتفاعه من ملكه يتوقّف عليه.
مثلا لو بنى المالكان المتجاوران حائطا في البين لم يكن له حريم من الجانبين،و كذا لو بنى أحدهما في نهاية ملكه حائطا أو غيره لم يكن له حريم في ملك الآخر كما هو الحال في البلدان.
و إلاّ فالظاهر عدم جوازه،كما إذا تصرّف في ملكه على نحو يوجب خللا في حيطان دار جاره أو حبس ماء في ملكه،بحيث تسري الرطوبة إلى بناء جاره أو أحدث بالوعة أو كنيفا بقرب بئر الجار،فأوجب فساد مائها أو حفر بئرا بقرب بئر جاره،فأوجب نقصان مائها.و الظاهر عدم الفرق بين أن يكون النقص مستندا إلى جذب البئر الثانية ماء الأولى،و أن يكون مستندا إلى كون الثانية أعمق من الأولى.نعم،لا مانع من تعلية البناء و إن كانت مانعة عن الاستفادة من الشمس أو الهواء.
و لم يكن مثل هذا الضرر أمرا متعارفا فيما بين الجيران،لم يجز له التصرّف فيه،و لو تصرّف وجب عليه رفعه.هذا إذا لم يكن في ترك التصرّف ضرر على المالك، و أما إذا كان في تركه ضرر عليه لا يقل من الضرر على جاره،ففي جواز
تصرّفه عندئذ و عدمه وجهان،و الأقرب جوازه و إن كان الأحوط الأولى تركه.كما أن الأقرب ضمانه للضرر الوارد على جاره إذا كان مستندا إليه عرفا، مثلا لو حفر بالوعة في داره تضرّ ببئر جاره،وجب عليه طمّها،إلاّ إذا كان فيه ضرر على المالك،و عندئذ ففي وجوب طمّها و عدمه وجهان،و الأقرب عدم وجوبه.نعم الظاهر عدم جريان هذا الحكم لو كان حفر البئر من الجار متأخّرا عن حفر البالوعة.
-كما إذا كانت ذات أشجار و قابلة للانتفاع-كان أحقّ بها،و لا يتحقّق السبق إليها إلاّ بالاستيلاء عليها و صيرورتها تحت سلطانه و في حوزته و خروجها من إمكان استيلاء غيره عليها.
و كفّ الأذى عنهم و حرمة إيذائهم،و قد ورد في بعض الروايات:أنّ الجار كالنفس و انّ حرمته كحرمة أمه،و في بعضها الآخر:أن حسن الجوار يزيد في الرزق و يعمر الديار و يزيد في الأعمار.و في الثالث:من كفّ أذاه عن جاره أقاله اللّه عثرته يوم القيامة،و في الرابع:ليس منّا من لم يحسن مجاورة من جاوره،و غيرها ممّا قد اكّد في الوصية بالجار و تشديد الأمر فيه.
و لو أذن جاز له الرجوع قبل البناء عليه،و كذا بعد البناء إذا لم يضرّ الرفع،و إلاّ فالظاهر عدم جوازه.
فهو للحالف منهما
مع نكول الآخر،و لو حلفا فهو لهما و إن نكلا فالمرجع القرعة،و لو اتّصل الجدار ببناء أحدهما دون الآخر أو كان له عليه طرح،فهو له مع اليمين باعتبار أنّه تحت يده و تصرّفه.
و قول مالك العلو في السقف و جدران الغرفة و الدرجة،و أمّا المخزن تحت الدرجة فلا يبعد كونه لمالك السفل،و طريق العلو في الصحن بينهما و الباقي للأسفل.
فإن تعذّر عطفها قطعها بإذن مالكها،فإن امتنع أجبره الحاكم الشرعي.
و مالك الأسفل أولى بالغرفة المفتوح بابها إلى الجار من الجار مع التنازع و اليمين و عدم البيّنة.
و لو أحياها من دون إذن المحجر لم يحصل له الحقّ فيها،و يتحقّق التحجير بكلّ ما يدلّ على إرادة الإحياء،كوضع الأحجار في أطرافها أو حفر أساس أو حفر بئر من آبار القناة الدارسة الخربة،فإنّه تحجير بالإضافة إلى بقيّة آبار القناة،بل هو تحجير أيضا بالإضافة إلى الأراضي الموات التي تسقي بمائها بعد جريانه،فلا يجوز لغيره إحياؤها،و بكلمة:أنّ التحجير إنما يوجب حقّ الأولويّة إذا كان مقدمة للإحياء و شروعا فيه لا مطلقا.
فالظاهر أنّه تحجير بالإضافة إلى أصل القناة و بالإضافة إلى الأراضي الموات التي يصل إليها ماؤها بعد تمامها،و ليس لغيره إحياء تلك الأراضي.
و لكن مع ذلك لا بأس بنقله إلى غيره ببيع أو غيره بنقل متعلّقه،فإنّ الحقّ- بما هو حكم شرعي-غير قابل للانتفاع بنفسه بقطع النظر عن انتقال متعلّقه.
فإن لم يتمكّن من إحياء ما حجره لمانع كالفقر أو العجز عن تهيئة الأسباب المتوقّف عليها الإحياء،جاز لغيره إحياؤه،و كذلك إذا كان متمكّنا من الإحياء و لكن كان غرضه من التحجير الاستيلاء و السيطرة على المحجر من دون إرادة إحيائه فعلا،فإنّه لا يوجب حقّ الأولويّة له و لا يمنع من إحياء غيره.
لم يحصل له حقّ فيها لكي يكون له نقله إلى غيره بصلح أو هبة أو بيع أو نحو ذلك.
بل يجوز أن يكون بالتوكيل و الاستيجار،و عليه فالحق الحاصل بسبب عملهما للموكل و المستأجر لا للوكيل و الأجير.
وجهان لا يبعد عدم الثبوت.
بطل حقّه و جاز لغيره إحياؤه،و إذا لم يكن من جهة إهماله و تسامحه و كان
زوالها من دون اختياره،كما إذا أزالها عاصف و نحوه،ففي بطلان حقّه إشكال بل منع.
فلو أهمل و ترك الإحياء و طالت المدّة،فهل يجوز لغيره إحياءه من دون اذنه أو لا؟
و الجواب:أن الجواز غير بعيد،على أساس أن التحجير بعنوانه لا يوجب حدوث حقّ للمحجر و إنّما يوجب ذلك باعتبار أنّه شروع في عملية الإحياء،فإذا ترك المحجّر العملية متسامحا و متماهلا و من دون أي عذر و مانع و طالت مدّة الترك،لم يصدق عليه عرفا أنّه شروع فيها و مقدّمة لها،و من هنا إذا كان التحجير بعنوان الاستيلاء و السيطرة على الأراضي الشاسعة لا بفرض إحيائها و استثمارها و الاستفادة من ثرواتها،فلا قيمة له و لا يمنع عن قيام الغير بإحيائها،بلا فرق في ذلك بين أن يكون متمكّنا من إحيائها فعلا و لكنّه لا يريد الإحياء،و إنّما كان قصده السّيطرة عليها برجاء أنها تفيده في المستقبل أو لا يكون متمكّنا من إحياء كلّها فعلا،فعلى كلا التقديرين لا أثر للتحجير و لا يوجب حقّ الأولوية له بها،و لكن مع هذا فالأحوط و الأولى في المقام أن يرفع أمره إلى الحاكم الشرعي مع بسط يده أو وكيله،فيلزم المحجر بأحد أمرين:إما الإحياء أو رفع اليد عنه.نعم،إذا أبدى عذرا مقبولا-كعدم توفّر المواد للإحياء أو نحو ذلك-يمهل بمقدار زوال عذره،فإذا اشتغل بعده بالتعمير و نحوه فهو،و إلاّ بطل حقّه و جاز لغيره إحياؤه،و إذا لم يكن الحاكم موجودا، فالظاهر سقوط حقّ المحجر إذا أهمل بمقدار يعدّ عرفا تعطيلا له،و الأحوط الأولى مراعاة حقّه إلى ثلاث سنين.
بل يكفي قصد الإحياء و الانتفاع به بنفسه أو من هو بمنزلته،فلو حفر بئرا في مفازة بقصد أن يقضي منها حاجته كان أحقّ بها،و لكن إذا ارتحل و أعرض عنها فهي مباحة للجميع.
كالدار و البستان و المزرعة و الحظيرة و البئر و القناة و النهر و ما شاكل ذلك،و لذلك يختلف ما اعتبر في الإحياء باختلاف العمارة،فما اعتبر في إحياء البستان و المزرعة و نحوهما غير ما هو معتبر في إحياء الدار و ما شاكلها،و عليه فحصول الحقّ تابع لصدق أحد هذه العناوين و يدور مداره وجودا و عدما،و عند الشك في حصوله يحكم بعدمه.
فإذا أعرض المالك عن ملكه صار كالمباح الأصلي،فيجوز لكلّ فرد حينئذ أن يأخذه،فإذا أخذه ملك.
المراد بالمشتركات:الطرق و الشوارع و المساجد و المدارس و الربط و المياه و المعادن.
أما الأول فهو الطريق المسمى بالشارع العام و الناس فيه شرع سواء،و لا يجوز التصرّف لأحد فيه بأحياء أو نحوه،و لا في أرضه ببناء حائط أو حفر بئر أو نهر أو مزرعة أو غرس أشجار و نحو ذلك ممّا يزاحم المارة عادة،هذا في غير الطريق المسبّل،و سوف يأتي حكمه و الفرق بينه و بين الطريق العام في الأرض الموات.و أمّا حفر بالوعة فيه ليجتمع فيها ماء المطر و نحوه،فلا إشكال في جواز؛لكونها من مصالحه و مرافقه.و كذا لا بأس بحفر سرداب تحته إذا أحكم أساسه و سقفه.كما أنّه لا بأس بالتصرّف في فضائه بإخراج روشن أو جناح أو فتح باب أو نصب ميزاب أو غير ذلك.
و الضابط:أن كلّ تصرّف في فضائه لا يكون مضرّا بالمارّة جائز.
فإن كان من قصده تجديده ثانيا،فالظاهر أنه لا يجوز للآخر اشتغال ذلك الفضاء،و إن لم يكن من قصده تجديده جاز له ذلك.
و هو المسمّى بالسكة المرفوعة و الدريبة، فهو ملك لأرباب الدور التي أبوابها مفتوحة إليه،دون كلّ من كان حائط داره إليه،و هو مشترك بينهم من صدره إلى ساقه،و حكمه حكم سائر الأموال المشتركة،فلا يجوز لكلّ واحد منهم التصرّف فيه بدون إذن الآخرين.نعم،يجوز لكلّ منهم فتح باب آخر و سدّ الباب الأوّل.
نعم،له فتح ثقبة و شباك إليها،و أمّا فتح باب لا للاستطراق،بل لمجرّد دخول الهواء أو الاستضاءة،فالظاهر أنّه لا مانع منه.
و كل ما يتعلّق بشئونه من دون إذن باقي الشركاء و إن كان فيهم القصر،و من دون رعاية المساواة معهم.
كالجلوس أو النّوم أو الصلاة أو البيع أو الشراء أو نحو ذلك،ما لم يكن مزاحما للمستطرقين،و ليس لأحد منعه عن ذلك و إزعاجه،كما أنّه ليس لأحد مزاحمته في قدر ما يحتاج إليه بوضع متاعه و الوقوف للمعاملة و غير ذلك.
فإن كان جلوسه جلوس استراحة و نحوها بطل حقّه،و إن كان لحرفة و نحوها،فإن كان
قيامه بعد استيفاء غرضه أو أنّه لا ينوي العود بطل حقّه أيضا،فلو جلس في محلّه غيره لم يكن له منعه.
و الجواب:أنّ السقوط غير بعيد حتى إذا بقي منه فيه متاع أو رجل أو بساط،على أساس أنّ الثابت لكلّ فرد حقّ الانتفاع فيه فما دام أنّه يمارس هذا الحق،فلا يجوز لغيره أن يزاحمه،و أما إذا ترك الانتفاع منه فقد انتفى حقّه بانتفاء موضوعه.و على هذا فالإنسان ما دام جالسا في الطريق للاستراحة أو للبيع و الشراء أو لغرض آخر،فلا يجوز لغيره مزاحمته،و أما إذا قام من مكانه،فلا يبقى له حقّ فيه؛لأنّ حقّه الجلوس،فإذا قام منه سقط بسقوط موضوعه،فعندئذ يجوز لغيره الجلوس فيه و لا يحقّ له أن يمنعه عن ذلك،و كذلك الحال في المسجد و نحوه ممّا تكون نسبته إلى الجميع على حدّ سواء،فإذا صلّى شخص في المسجد أو جلس فيه لقراءة القرآن أو غيرها،فما دام يمارس عمله فيه فلا يحقّ لأي فرد آخر أن يزاحمه،و أما إذا قام منه فلا حقّ له فيه بعد ذلك و إن كان ناويا العود إليه مرّة اخرى و الصلاة فيه،و من هنا إذا أخذ مكان فرد منه بالقوّة و صلّى فيه كانت صلاته صحيحة و إن كان آثما،و هذا شاهد على أنّ المكان ليس متعلّقا بحقّه،نعم لو كانت فترة الخروج منه و القيام قليلة جدا،بحيث لا تضرّ بوحدة الجلوس عرفا و اتّصاله،فعندئذ يبقى حقّه ببقاء تواجده فيه،كما إذا قام لشرب ماء لا يبعد منه إلاّ خطوات أو لغسل يديه أو وجهه أو نحو ذلك،فلا يقال عرفا:أنّه قام من مكانه،و لا يضرّ باستمرار جلوسه و تواجده فيه عرفا تخلل فترات القيام في أثنائه الذي هو أمر اعتيادي في مجلس واحد.
الأول:كثرة الاستطراق و التردّد و مرور القوافل و الوسائل النقلية في الأرض الموات.
الثاني:جعل الإنسان ملكه شارعا عاما و تسبيله تسبيلا دائميا لسلوك كافة الناس فيه،فإذا جعل ملكه كذلك لم يجز لأحد التصرّف فيه بإحياء أو نحوه، و إن لم يكن مزاحما للمارة على أساس أنّه وقف،فلا يجوز التصرّف في الوقف مما ينافي جهته،و لا فرق في ذلك بين أن يكون حدّه سبعة أذرع أو أقل أو أكثر، و سواء كان الزائد على الخمسة موردا-للحاجة كما هو الغالب في زماننا هذا-أم لا،و بذلك يمتاز الطريق المسبل عن الطريق المبتكر في الأرض الموات،فإنّه يجوز التصرّف في الزائد على الخمسة إذا لم تكن مزاحمة للمارة.
الثالث:من الطريق العام هو الواقع بين الأراضي العامرة للناس،كما إذا فرض وجود قطعة من الأرض الموات بين تلك الأراضي العامرة و أصبحت تلك القطعة طريقا عاما للناس من جهة كثرة الاستطراق و المرور منها،و ليس لهذا الطريق حدّ خاص سعة و ضيقا،فإنّه على ما هو عليه القطعة المذكورة من السعة، فلا يجب على الملاك توسعته إذا كان أقلّ من خمسة أذرع،و إن فرض أنه أصبح ضيقا على المارّة إلاّ بتدخّل ولي الفقيه على أساس مصلحة عامة.نعم،إذا كان زائدا على الخمسة و لم يكن الزائد موردا للحاجة،جاز التصرّف في الزائد بإحياء أو نحوه،و كذلك الحال فيما لو سبل شخص في وسط أرضه العامرة أو في أحد أطرافها المجاور لأرض غيره مقدارا معيّنا لعبور الناس،فإنّه لا يزيد و لا ينقص.
فلا يجوز إحياء ذلك الموات بمقدار يوجب نقص الشارع عن خمسة
أذرع،فإنّ ذلك حدّ الطريق المعيّن من قبل الشرع،و عليه فلو كان الإحياء إلى حدّ لا يبقى للطريق خمسة أذرع وجب عليه هدمه.نعم،لو أحيى شخص من أحد طرفيه،ثمّ أحيى آخر من طرفه الآخر بمقدار يوجب نقصه عن حدّه،لزم على الثاني هدمه دون الأوّل.
إمّا لعدم المقتضي أو لوجود المانع أو حدوث طريق آخر يوجب الاستغناء عن الطريق الأوّل،زال حكمه،بل ارتفع موضوعه و عنوانه،و عليه فيجوز التصرّف فيه بإحياء أو غيره، و قد تسأل:أنّ الطريق العام المبتكر في الأرض الموات بما أنّه لا يخضع لمبدإ الحقّ الخاص أو العام،و إنّما الثابت هو عدم جواز مزاحمة المارّة فيه،فهل يجوز تبديله بطريق آخر و تغييره أو لا؟
و الجواب:أنّه يجوز إذا لم تكن فيه مزاحمة للمارّة فيه،على أساس أنّه ليس فيه تفويت لحقّها،و كذلك الحال في الطريق بين الأراضي العامرة،فإنّه يجوز لأصحاب تلك الأراضي تبديله بطريق آخر بهذا الشرط.
فإن كان مسبلا فلا يجوز لأحد إحياء ما زاد عليها و تملّكه.و أما إذا كان غير مسبل،فإن كان الزائد موردا للحاجة لكثرة المارّة و الوسائط النقلية كما في العصر الحديث،فلا يجوز ذلك أيضا،و إلاّ فلا مانع منه.
و لا سيّما في البلدان الكبيرة المزدحمة بالسكان بحاجة إلى توسّع أكثر بكثير من الحدّ المنصوص في الرواية لإشباع حاجة الناس في النقل و الانتقال من هنا و هناك بالوسائل النقلية الحديثة،و لا موضوعية للحدّ المذكور للطريق العام،فإنّه إنّما هو بلحاظ حاجة
الناس فيختلف سعة الطريق و ضيقه باختلاف الحاجة في كلّ بلد و قرية.
و لا يجوز لأحد أن يزاحم الآخر فيه إذا كان الآخر سابقا عليه،لكن الظاهر تقدّم الصلاة على غيرها،فلو أراد أحد أن يصلّي فيه جماعة أو فرادى،فلا يجوز لغيره أن يزاحمه و لو كان سابقا عليه،كما إذا كان جالسا فيه لقراءة القرآن أو الدعاء أو التّدريس،بل يجب عليه تخلية ذلك المكان للمصلّي.و لا يبعد أن يكون الحكم كذلك حتى لو كان اختيار المصلّي هذا المكان اقتراحا منه،فلو اختار المصلّي مكانا مشغولا بغير الصلاة و لو اقترحا،يشكل مزاحمته بفعل غير الصلاة و إن كان سابقا عليه.
و إن كان الأولى للمنفرد حينئذ أن يخلي المكان للجامع إذا وجد مكانا آخر فارغا لصلاته،و لا يكون مناعا للخير.
فإن أعرض عنه بطل حقّه،و لو عاد إليه و قد أخذه غيره،فليس له منعه و إزعاجه.و أما إذا كان ناويا للعود،فإن بقي رحله فيه،فالمشهور بقاء حقّه،و لكنّه لا يخلو عن إشكال بل منع،على أساس أنّ المكان ليس متعلّقا لحقّه،فإن حقّه إنما هو الصلاة فيه،فما دام هو مشغول فيها لا يحقّ لأيّ فرد أن يزاحمه و يمنعه عن ذلك،فإذا فرغ منها ثم قام من مكانه انتهى حقّه بانتهاء موضوعه و إن كان ناويا العود إليه،و يجوز لغيره أن يصلّي مكانه.
و الجواب:الأقرب أنّه لا يوجب حقّ الأولويّة فيه،بلا فرق في ذلك بين أن يكون الفصل بين وضع الرحل فيه و مجيئه زمان طويل أو قصير،باعتبار أنّ لكل فرد حقا أن يصلّي في أي موضع من المسجد شاء و أراد،شريطة أن لا يكون الموضع مشغولا بالصلاة من قبل غيره،و وضع الرحل فيه لا يحدث له حقّا فيه، و عليه فيجوز لغيره رفع الرحل عنه و الصلاة في مكانه،إذا كان شغل المحلّ على نحو لا يمكن الصلاة فيه إلاّ برفعه.و هل أنّه يضمنه برفعه أو لا؟ وجهان الظاهر عدم الضّمان؛إذ لا موجب له بعد جواز رفعه للوصول إلى حقّه و هو الصلاة فيه.
فإن لكلّ فرد حقّا أن يمارس ما هو المطلوب فيها من الزيارة و الدعاء و قراءة القرآن و الصلاة في أي نقطة منها شاء،و ما دام هو مشغول فيها بشيء من الأعمال المذكورة لا يجوز لأيّ أحدّ أن يزاحمه و يمنعه من ذلك،و إذا فرغ و قام من مكانه سقط حقّه بسقوط موضوعه، من دون فرق بين أن يكون ناويا العود إليه أو لا،و حينئذ فلا مانع من أن يمارس غيره العمل فيه،و إذا عاد الأوّل لم يجز له أن يزاحمه و يمنعه عن العمل.
فإذا خصّها الواقف بطائفة خاصّة كالعرب أو العجم،أو بصنف خاص كطالبي العلوم الشرعية أو خصوص الفقه أو الكلام مثلا،فلا يجوز لغير هذه الطائفة أو الصنف السكنى فيها.و أمّا بالنسبة إلى مستحقّي السكنى بها فهي كالمساجد،فمن حاز غرفة و سكنها فهو أحقّ بها،و لا يجوز لغيره أن يزاحمه ما لم يعرض عنها و إن طالت المدّة،إلاّ إذا اشترط الواقف مدّة خاصة كخمس سنين مثلا،فعندئذ يلزمه الخروج بعد انقضاء تلك المدّة بلا مهلة.
أو يكون مشغولا بالتدريس أو بالتحصيل،فإذا تزوّج أو طرأ عليه العجز لزمه الخروج منها.و الضابط أن حقّ السكنى-حدوثا و بقاء-تابع لكيفية وقف الواقف بتمام شروطه،فلا يجوز السكنى لفاقدها حدوثا أو بقاء.
من المأكول و المشروب و الملبس و ما شاكل ذلك،كما لا يبطل بالخروج منها للسفر يوما أو يومين أو أكثر،و كذلك الأسفار المتعارفة التي تشغل مدّة من الزمن كالشهر أو الشهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر،كالسفر إلى الحجّ أو الزيارة، أو لملاقاة الأقرباء أو نحو ذلك مع نيّة العود و بقاء رحله و متاعه،فلا بأس بها ما لم تناف شرط الواقف.نعم،لا بدّ من صدق عنوان ساكن المدرسة عليه،فإن كانت المدّة طويلة بحيث توجب عدم صدق العنوان عليه بطل حقّه.
لم يجز لساكنها أن يبيت في مكان آخر،و لو بات فيه بطل حقّه.
إلاّ إذا كانت الحجرة حسب الوقف أو بمقتضى قابليّتها معدة لسكنى طالب واحد.
أحدهما:المياه المكشوفة على سطح الأرض كالبحار و الأنهار و العيون العامرة طبيعية.
ثانيهما:المياه المكنوزة في أعماق الأرض التي لا يمكن الوصول إليها إلاّ من خلال عمليّات الحفر و بذل الجهد،كمياه الآبار و العيون العامرة بشرية،و المياه بكلا نوعيها خاضعة لمبدإ الملكية العامة،سواء كانت في الأراضي الموات أم كانت في الأراضي المفتوحة عنوة،فعلى الأوّل فهي من الأنفال و ملك للإمام عليه السّلام.
و على الثاني فهي ملك للمسلمين كالأراضي.
و على كلا التقديرين فكل من شملته أخبار التحليل،كما أنّه مأذون في القيام بعملية إحياء هذه الأراضي جميعا و الاستفادة من ثرواتها الطبيعية،كذلك أنّه مأذون في الاستفادة من مياهها المكنوزة و المكشوفة،فإنّ لكلّ فرد منهم حقّ الانتفاع بها بقدر ما هو نتيجة عمله و جهده،و لا يجوز لأيّ أحد منهم أن يزاحم الآخر في ذلك و يمنعه منه،و على هذا فمياه الشطوط و الأنهار الكبار كدجلة و الفرات و ما شاكلهما،أو الصغار التي جرت بنفسها من العيون أو السيول أو ذوبان الثلوج و كذا العيون المتفجّرة من الجبال أو في أراضي الموات و غير ذلك من المشتركات في الانتفاع،و كذلك المياه المكنوزة في أعماق الأرض.
لأنّ الإسلام لم يعترف بالحيازة على أساس القوّة و التحكيم على الآخرين في ميدان المنافسة،و إنّما اعترف بها على أساس العمل و بذل الجهد في سبيل ذلك من دون مزاحمة الآخرين،و على هذا فكلّ ماء جرى بنفسه أو اجتمع في مكان بلا يد خارجية عليه،فهو من المباحات الأصلية،فمن حازه بإناء أو سحب منها بآلة أو حفر حفيرة و أوصلها بها أو استجدّ نهرا و أوصله بها أو نحو ذلك،ممّا يوجب جعلها في حوزته فهو أحقّ به،
و لا يجوز لغيره أن يزاحمه فيه.
الّتي يصل الإنسان إليها من خلال عمليّات الحفر و بذل الجهد و العمل في سبيل اكتشافها،أصبحت موردا لعلاقة الإنسان العامل بها على مستوى الحقّ دون الملك.نعم،لو كانت هذه العمليات و بذل الجهد لاكتشافها و الوصول إليها قبل تشريع الأنفال لمنحت علاقة العامل بها على مستوى الملك.
و لا يجوز لغيره أن يزاحمه فيه.
فإن كانت حصّة كلّ منهم من النهر بالسوية،اشتركوا في الماء بالسوية،و إن كانت بالتفاوت احقوا بالماء بتلك النسبة،و لا تتبع نسبة استحقاق الماء نسبة استحقاق الأراضي التي تسقى منه.
فلا يجوز لكلّ واحد من الشركاء التصرّف فيه من دون إذن الباقين.
و عليه فإن أباح كلّ منهم لسائر شركائه أن يقضي حاجته منه في كلّ وقت و زمان و بأيّ مقدار شاء،جاز له ذلك.
و إلاّ فلا محيص من تقسيمه بينهم بالأجزاء، بأن توضع في فم النّهر حديدة مثلا ذات ثقوب متعدّدة متساوية،و يجعل لكلّ منهم من الثقوب بمقدار حصّته.فإن كانت حصّة أحدهم سدسا و الآخر ثلثا
و الثالث نصفا،فلصاحب السدس ثقب واحد،و لصاحب الثلث ثقبان و لصاحب النصف ثلاثة ثقوب فالمجموع ستّة.
و الظاهر أنّها قسمة إجبار، فإذا طلبها أحد الشركاء اجبر الممتنع منهم عليها.و أمّا القسمة بالمهاياة و التناوب،فهي ليست بقسمة حقيقة حتى تكون لازمة،بل هي موقوفة على التراضي بينهم،فيجوز لكلّ منهم الرجوع عنها.نعم،الظاهر عدم جواز رجوع من استوفى تمام نوبته دون الآخر.
كان للجميع حقّ السقي منه و الانتفاع به بقدر حاجته،و ليس لأحد منهم شق نهر فوقها ليقبض الماء كلّه أو ينقصه عن مقدار احتياج الباقين.و عندئذ فإن كفى الماء للجميع من دون مزاحمة فهو،و إلاّ كان الحقّ للأسبق فالأسبق في الإحياء إن كان،و إلاّ قدم الأعلى فالأعلى و الأقرب إلى فوهة العين أو أصل النهر،و كذا الحال في الأنهار المملوكة المنشقّة من الشطوط،فإن كفى الماء للجميع، و إلاّ قدم الأسبق فالأسبق،أي:من كان شقّ نهره أسبق من شقّ نهر الآخر.
و هكذا إن كان هناك سابق و لاحق ،و إلاّ فيقبض الأعلى بمقدار ما يحتاج إليه،ثمّ ما يليه و هكذا.
و امّا إذا لم يقدم عليها إلاّ البعض لم يجبر الممتنع،كما أنّه ليس للمقدمين مطالبته بحصّته من المئونة،إلاّ إذا كان اقدامهم بالتماس منه و تعهّده ببذل حصّته.
و كان اقدام غير
القاصر متوقّفا على مشاركة القاصر،إما لعدم اقتداره من دونه أو لغير ذلك، وجب على ولي القاصر-مراعاة لمصلحته-مشاركته في الإحياء و التعمير و بذل المئونة من مال القاصر بمقدار حصّته.
شريطة أن لا يكون الأبعد أسبق منه في الإحياء و حيازة الماء،فإذا لم يكن فللأقرب أن يأخذ من الماء أو يحبسه للزرع إلى الشراك و للشجر إلى القدم و للنخل إلى الساق،ثمّ يرسل الماء إلى من هو دونه و هكذا الأقرب فالأقرب.
بحيث يوجب تعطيل هذه الرحى إلاّ بإذن صاحبها،و كذلك غير الرحى من الأشجار المغروسة على حافّتيه أو غيرها.
و الجواب:لا يجوز له ذلك،إلاّ أن يكون المرعى ملكا له،فيجوز له حينئذ أن يحميه.
الأول:المعادن الظاهرة،هي التي تكون طبيعتها المعدنية ظاهرة و بارزة، سواء كان الوصول إليها بحاجة إلى بذل جهد و عمل-كما إذا كانت في أعماق الأرض-أم لم يكن،و ذلك كالملح و القير و الكبريت و المومياء و الفيروزج و ما شاكل ذلك.
الثاني:المعادن الباطنة و هي التي لا يبدو جوهر معدنيّتها إلاّ ببذل جهد
و عمل في سبيل إنجازه،و ذلك كالذهب و الفضّة فإنّ المادّة الذهبية لا تصبح ذهبا بشكله الكامل الاّ بعد التصفية و التطوير العملي،ثمّ إنّ كلا النوعين من المعادن خاضعان لمبدإ الملكية العامة إذا كانا في الأراضي الموات أو المفتوحة عنوة، و يسمح لكلّ من شملته أخبار التحليل الانتفاع منهما على حدّ سواء،بحسب بذل الجهد و إنفاق العمل في سبيل حيازتها و إحيائها،و لا يجوز لأيّ أحد أن يزاحم الآخر في ذلك،و على هذا فالأولى تخضع لمبدإ الحقّ بالحيازة،فمن حاز منها شيئا كان أحقّ به قليلا كان أو كثيرا،و بقي الباقي على الاشتراك في الانتفاع.
و الثانية:تخضع لمبدإ الحقّ بالإحياء بعد اكتشافها و الوصول إليها.
غاية الأمر لا يجوز اكتشافه و الوصول إليه و استخراجه من الطريق الذي هو قام بحفره،و لكن لا مانع من القيام بالحفر لاكتشافه و الوصول إليه من طريق آخر و استخراجه من ذلك الطريق.نعم،لو كان طريق الوصول إليه منحصرا بما حفره ذلك الشخص،فعندئذ لا يبعد سقوط حقّه إذا طالت مدّة الإهمال و التعطيل بدرجة سقط الحفر عن الانتفاع به و الاستفادة منه،و إلاّ فللحاكم الشرعي أو وكيله إجباره على إتمام العمل أو رفع اليد عنه،إذا رأى في ذلك مصلحة.نعم،لو أبدى عذرا أمهله إلى أن يزول عذره ثمّ يلزمه على أحد الأمرين.
و الجواب:أنّ ملكية الأرض إذا كانت مجعولة من قبل اللّه تعالى ابتداء- كجعل ملكية الأراضي الموات للامام عليه السّلام و الأراضي المفتوحة عنوة للمسلمين
كافة-فكلّ ما فيها من المعادن و المياه و غيرها من الثروات الطبيعية ملك له عليه السّلام إذا كانت في أراضي الموات و للمسلمين إذا كانت في الأراضي المفتوحة عنوة،و إذا كانت مجعولة بأسباب خاصة كالإحياء و الشراء و نحوهما لم تخضع الأرض في مبدأ الملكية،فإنّ عملية الإحياء إنّما توجب علاقة المحيي بالأرض،سواء كانت على مستوى الملك أم كانت على مستوى الحق،و لا توجب علاقته بالمعادن سواء كانت في أعماق الأرض أم كانت على وجهها؛لأنّها موجودة مستقلّة في مقابل وجود الأرض،و نسبتها إليها نسبة المظروف إلى الظرف،و على هذا فمن أحيا أرضا كان أحقّ بها،و لا يوجب حصول الحقّ له بما كان فيها من الثروات الطبيعية،كالمعادن و المياه و نحوهما التي لها كيان مستقل،و قد مرّ أنّ أحقّية الشخص للمعادن على وجه الأرض مرتبطة بالحيازة بحسب بذل الجهد و العمل فيها،و أمّا أحقّيته للمعادن في أعماق الأرض،فإنّما هي باكتشافها و الوصول إليها بالحفر،و بكلمة:أنّ مصدر علاقة الإنسان بالمواد المعدنية إنّما هو عملية استخراجها،إذا كانت في أعماق الأرض،و هذا يعني:أنّ الإنسان يملك المادّة التي استخرجها،و لا يملك شيئا منها ما دام يظلّ في موضعه الطبيعي.نعم،هو باكتشافها و الوصول إليها من خلال عملية الحفر،أصبح أحقّ بها من الآخرين، و هذا الحقّ انّما هو على أساس أنّه خلق بعمله و جهده.
هذه فرصة الانتفاع بها و الاستفادة منها،و ما دامت تلك الفرصة موجودة،فقد ظلّ حقّه و إن لم يمارس عملية الانتفاع و الاستفادة منها،و ليس لأيّ فرد أن يستخدم الحفرة التي حفرها في سبيل الوصول إليها و استخراجها من دون إذنه،كما ليس له أن يزاحمه في استخدامها،و إذا كانت المعادن متكوّنة على وجه الأرض،ملكها بعملية الأخذ و الاستيلاء عليها خارجا بحسب ما بذله من الجهد و العمل في سبيل ذلك،و يتحصّل من ذلك أنّ المناجم و المعادن الموجودة في
الأراضي المملوكة بالملكيّة الخاصة لا تخضع الأرض في مبدأ الملكية و لا في مبدأ الحقيّة إذا كانت متعلّقة للحقّ.
و الجواب:نعم،له ذلك بحسب إمكاناته المادية و العلمية و الاستفادة من الوسائل الحديثة و التقنيّات المتطوّرة،فإذا افترضنا أنّ فردا من جهة توفّر تلك الوسائل عنده استخرج من المواد المعدنيّة من أعماق الأرض أو حاز من المناجم المتكوّنة على وجه الأرض بكميّة كبيرة جدا و بدون كونه مزاحما للآخرين في الانتفاع بها ملك تلك الكمية،على أساس أنّ الإسلام قد اعترف بأنّ كلّ فرد يملك نتيجة عمله مهما كانت،و أنّ كلّ فرد حرّ في ممارسة أي نشاط اقتصادي مشروع بحسب طاقاته و إمكاناته في الإطار العام الإسلامي،و قد أكّد الإسلام على ذلك و أمر به و نهى عن الكسل و التسامح و الإهمال.
فلا يبعد أن يكون ذلك من باب الإجارة،بجعل اجرته نصف ما أخرجه من المواد المعدنيّة،و دعوى:أنّ الاجرة مجهولة،فمن أجل ذلك لا تصحّ الإجارة،مدفوعة:
بأن صاحب المعدن بحسب تجاربه و خبرته واثق و مطمئن بأن ما يستخرج منه لا يقل عادة عن كذا مقدار،فإذا كان الأجير واثقا بذلك فلا مانع من إجارته،غاية الأمر إذا ظهر بعد ذلك أنه مغبون فسخ الإجارة،و يمكن أن يكون ذلك جعالة، فإن حقيقة الجعالة ضمان عمل الغير بأمره به،و هذا نحو من ضمان الغرامة في الأعمال على حد ضمان الغرامة في الأموال،و بإمكان الجاعل تحديد الجعل،و هو أجرة مثل العمل،بمقدار محدّد،و ما نحن فيه كذلك،و يمكن أن يكون ذلك معاملة مستقلة،و حيث إنّها كانت مع التراضي فيحكم بصحّتها.
فلو دفع مالا إلى أحد بقصد القرض و هو تمليك عين على وجه الضّمان بمثلها إن كانت مثلية،و بقيمتها إن كانت قيميّة،و أخذه المدفوع له بهذا القصد صحّ القرض.
و الإقراض أفضل من الصّدقة.
نعم،يصحّ إقراض الكلي في المعين،كإقراض درهم من درهمين خارجيين.
فلا يصحّ إقراض الخمر و الخنزير،و لا يعتبر فيه تعيين مقداره و أوصافه و خصوصيّاته التي تختلف المالية باختلافها،سواء أ كان مثليا أم قيميا.نعم،على المقترض تحصيل العلم بمقداره و أوصافه مقدمة لأدائه،و هذا أجنبي عن اعتباره في صحة القرض.
ثبت في ذمة المقترض مثل ما اقترض،و عملية أداء المثل سواء أبقى على سعره وقت الأداء أم زاد أم تنزّل،و ليس للمقرض مطالبة المقترض بالقيمة،فإذا اقترض دينارا عراقيا مثلا،فالثابت في ذمّته هو الدينار العراقي دون قيمته،فإذا تنزّل سعره وقت الأداء-و إن كان فاحشا-لم يحقّ للمقرض أن يطالبه بقيمته،كما أنّه إذا زاد سعره كذلك،لم يجز للمقترض أن يكتفي بأداء قيمته وقت القرض،فإنّ الواجب عليه أن يؤدّي نفس الدينار،سواء أزاد سعره أم نقص.نعم،يجوز الأداء بالقيمة مع التراضي،و العبرة عندئذ بالقيمة وقت الأداء.
و إذا كان قيميا ثبتت في ذمّته قيمته وقت القرض.
لا تجب إعادة العين على المقترض.
و يصحّ تعجيل المؤجّل بإسقاط بعضه،و لا يصحّ تأجيل الحال بإضافة شيء؛لأنّه ربا.
و أما إذا كان مؤجّلا فكذلك بعد حلوله.و أما قبل حلوله،فهل للدّائن حقّ الامتناع من قبوله أو لا؟فيه وجهان و الظاهر أنّه ليس له ذلك،إلاّ إذا علم من الخارج أنّ التّأجيل حقّ للدائن أيضا.
لكن
الظاهر أنّ القرض لا يبطل بذلك،بل يبطل الشرط فقط،و يحرم أخذ الزيادة،فلو أخذ الحنطة مثلا بالقرض الربوي فزرعها جاز له التصرّف في حاصله،و كذا الحال فيما إذا أخذ مالا بالقرض الربوي،ثمّ اشترى به ثوبا.نعم،لو اشترى شيئا بعين الزيادة التي أخذها في القرض لم يجز التصرّف فيه.
فلو قال:أقرضتك دينارا بشرط أن تهب زيدا أو تصرف في المسجد أو المأتم درهما،لم يصح،و كذا إذا اشترط أن يعمر المسجد أو يقيم المأتم أو نحو ذلك ممّا لوحظ فيه المال فإنّه يحرم،و يجوز قبولها مطلقا من غير شرط،كما يجوز اشتراط ما هو واجب على المقترض،مثل:أقرضتك بشرط أن تؤدّي زكاتك أو دينك ممّا كان مالا لازم الأداء،و كذا اشتراط ما لم يلحظ فيه المال،مثل:أن تدعو لي أو تدعو لزيد:أن تصلي أنت أو تصوم،من غير فرق بين أن ترجع فائدته للمقرض أو المقترض و غيرهما،فالمدار في المنع ما لوحظ فيه المال و لم يكن ثابتا بغير القرض،فيجوز شرط غير ذلك،و لو شرط موضع التسليم لزم،و كذا إذا اشترط الرّهن،و لو شرط تأجيله في عقد لازم صحّ و لزم الأجل،بل الظاهر جواز اشتراط الأجل في عقد القرض نفسه،فلا يحقّ للدائن حينئذ المطالبة قبله.
فلا يجوز.و أما إذا باع المقترض المقرض شيئا بأقل من قيمته أو اشترى منه شيئا بأكثر من قيمته و شرط عليه أن يقرضه مبلغا من المال جاز،و لم يدخل في القرض الربوي.
بأن يؤدي بدل الدراهم دنانير و بالعكس،و يلزم عليه هذا الشرط إذا كانا متساويين في القيمة،أو كان ما شرط عليه أقلّ قيمة ممّا اقترضه.
و أمّا إذا شرطها للمقترض فلا بأس به،كما إذا أقرضه عشرة دنانير على أن يؤدّي تسعة دنانير،كما لا بأس أن يشترط المقترض على المقرض شيئا له.
و لو ببيع سلعته و متاعه أو عقاره أو مطالبة غريمة أو استقراضه إذا لم يكن حرجيا عليه أو إجارة أملاكه.و أما إذا لم يقدر عليه بذلك،فهل يجب عليه التكسّب اللائق بحاله و الأداء منه أو لا؟لا يبعد وجوبه.نعم،يستثنى من ذلك بيع دار سكناه و ثيابه المحتاج إليها و لو للتجمّل و خادمه و نحو ذلك،ممّا يحتاج إليه و لو بحسب حاله و شئونه.
و الضابط:هو كلّ ما احتاج إليه بحسب حاله و شرفه،و كان بحيث لولاه لوقع في عسر و شدّة أو حزازة و منقصة.و لا فرق في استثناء هذه الأشياء بين الواحد و المتعدّد،فلو كانت عنده دور متعدّدة و احتاج إلى كلّ منها لسكناه و لو بحسب حاله و شرفه لم يبع شيئا منها،و كذلك الحال في الخادم و نحوه.نعم،إذا لم يحتج إلى بعضها أو كانت داره أزيد ممّا يحتاج إليه،وجب عليه بيع الزائد.ثمّ إنّ المقصود من كون الدار و نحوها من مستثنيات الدين أنّه لا يجبر على بيعها لأدائه، و لا يجب عليه ذلك.و أمّا لو رضى هو بذلك و قضى به دينه،جاز للدائن أخذه و إن كان ينبغي له أن لا يرضى ببيع داره.
فإن لم تكن في سكناه في الدّار الموقوفة أيّة حزازة
و منقصة،فالأحوط بل الأظهر أنّ عليه أن يبيع داره المملوكة لأداء دينه.
وجب عليه بيعها بالأقل لأداء دينه.
نعم،إذا كان التفاوت بين القيمتين بمقدار لا يتحمّل عادة و لا يصدق عليه اليسر في هذه الحال لم يجب.
و لا فرق في ذلك بين أن يكون التبرّع به بإذن المدين أو بدونه،بل و إن منعه المدين عن ذلك.
فلو تلف قبل قبضه فهو من مال المدين،و تبقى ذمته مشغولة به.
و إذا مات الدائن بقي الأجل على حاله،و ليس لورثته مطالبته قبل انقضاء الأجل.
و على هذا فلو كان صداق المرأة مؤجّلا،و مات الزوج قبل حلوله،استحقّت الزوجة مطالبته بعد موته.و هذا بخلاف ما إذا ماتت الزوجة،فإنّه ليس لورثتها المطالبة قبل حلول الأجل،و هل يلحق بموت الزوج طلاقه أو لا؟
فيه وجهان،الظاهر هو الإلحاق؛لانصراف اشتراط التأجيل إلى جواز التأخير مع بقاء الزّوجية.
فلو كانت عليه ديون حالة و مؤجّلة،قسمت أمواله بين أرباب الديون الحالة و لا يشاركهم أرباب الديون المؤجّلة.
وجب على المستدين نيّة القضاء و الوصيّة به عند الوفاة،فإن جهل خبره و مضت مدّة يقطع بموته فيها، وجب تسليمه إلى ورثته،و مع عدم معرفتهم أو مع عدم التمكّن من الوصول إليهم يتصدّق به عنهم.و يجوز تسليمه إلى الورثة مع انقطاع خبره بعد مضي عشر سنين و إن لم يقطع بموته،بل يجوز ذلك بعد مضي أربع سنين من غيبته إذا فحص عنه في هذه المدّة.
كما إذا افترضنا أنهما باعا مالا مشتركا بينهما من أشخاص عديدة أو ورثا من مورثهما دينا على أشخاص،ثمّ قسما الدين بينهما بعد التعديل، فجعلا ما في ذمة بعضهم لأحدهما،و ما في ذمة الباقي لآخر لم تصح،و يبقى الدين على الاشتراك السابق بينهما.نعم،إذا كان لهما دين مشترك على واحد،جاز لأحدهما أن يستوفي حصته منه و يتعيّن الباقي في حصة الآخر،و هذا ليس من تقسيم الدين المشترك في شيء.
بل عليه الصبر و النظرة إلى الميسرة.
كانت عليه الدنانير الأولى.نعم،إذا اقترض الأوراق النقدية المسماة ب«اسكناس»ثمّ أسقطت عن الاعتبار،لم تسقط ذمّة المقترض بأدائها،بل عليه أداء قيمتها في زمن الإسقاط.
و الجواب:أنّه لا يخلو عن إشكال بل لا يبعد عدم صحّته،فإذا باع الدائن
دينه بأقلّ منه،فلا يستحقّ المشتري من المدين الاّ بقدر ما دفعه إلى البائع، و يعتبر الزّائد ساقطا من ذمة المدين رأسا،و على هذا فتخريج خصم الكمبيالة على أساس بيع الدين بأقلّ منه مشكل،و بكلمة:أن نتيجة بيع الدين بأقلّ منه بمقتضى ظاهر النصوص سقوط الزائد عن ذمّة المدين،و لا تكون مشغولة بعد البيع إلاّ بما دفعه المشتري إلى الدائن من المبلغ بعنوان الثمن و برائتها عن الزائد، و مع هذا فالاحتياط بالتصالح في محلّه.
و لا فرق فيه بين أن يكون العوضان كلاهما دينا قبل البيع،كما إذا كان زيد مدينا لعمرو بحنطة في ذمّته، و عمرو مدينا لزيد بدينار كذلك،فإنّه لا يجوز بيع تلك الحنطة بذلك الدينار في الذمة؛لأنّه من بيع الدين بالدين أو يكون أحدهما دينا قبل البيع،فإنّه حينئذ يجوز بيعه بثمن حاضر،و لا يجوز بيعه بثمن في الذمة؛لأنّه داخل في بيع الدين بالدين الممنوع شرعا.
و لو أسلم الذمي بعد البيع لم يسقط استحقاقه المطالبة بالثمن،و ليس للعبد الاستدانة من دون إذن المولى،فإن فعل يضمن العين فيرد ما أخذ،و لو تلفت ففي ذمته مثله أو قيمته،و لو أذن المولى له لزمه دون المملوك و إن اعتق، و غريم المملوك أحد غرماء المولى،و لو أذن له في التجارة فاستدان لها،الزم المولى مع إطلاق الإذن،و إلاّ تبع به بعد العتق.
بلا فرق بين أن يكون التحويل بأقلّ مما دفعه أو أكثر.
سواء كان جهله بالحكم أم بالموضوع،ثمّ علم بالحال،فإن تاب فما أخذه له و عليه أن يترك فيما بعد.
فإن كان مخلوطا بالمال الحلال، فليس عليه شيء،و إن كان معلوما و معروفا و عرف صاحبه ردّه إليه،و إن لم يعرف عامله معاملة المال المجهول مالكه.
إقراض المؤمن من المستحبّات الأكيدة سيّما لذوي الحاجة منهم؛لما فيه من قضاء حاجة المؤمن و كشف كربته،و عن النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:«من كشف عن مسلم كربة من كرب الدنيا كشف اللّه عنه كربه يوم القيامة»و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:«من أقرض مؤمنا قرضا ينظر به ميسوره كان ماله في زكاة و كان هو في صلاة من الملائكة حتى يؤدّيه»،و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:«من أقرض أخاه المسلم كان له بكلّ درهم أقرضه وزن جبل احد من جبال رضوى و طور سيناء حسنات و إن رفق به في طلبه تعدّى على الصراط كالبرق الخاطف اللاّمع بغير حساب و لا عذاب،و من شكا إليه أخوه المسلم و لم يقرضه حرّم اللّه عز و جل عليه الجنّة يوم يجزي المحسنين».
و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«ما من مؤمن أقرض مؤمنا يلتمس به وجه اللّه إلاّ حسب اللّه له أجره بحساب الصدقة حتى يرجع ماله إليه»و عنه عليه السّلام أيضا:«مكتوب على باب الجنّة الصّدقة بعشرة و القرض بثمانية عشر»إلى غير ذلك من الروايات.
و لا بد فيه من الإيجاب و القبول من أهله،و لا يعتبر في الإيجاب و القبول التلفظ،بل يتحقّقان بالفعل أيضا،و في اشتراط الإقباض إشكال أقواه ذلك.
و أن يكون الرهن على حقّ ثابت في الذمة عينا كان أو منفعة.
و لو ضمّ مملوك غيره إلى مملوكه فرهنهما،لزم الرهن في ملكه و توقّف في الضّميمة على إجازة مالكها.
و لو استدان من الدائن دينا آخر و جعل الرهن على الأول رهنا
عليهما صحّ.
و لا بأس بتصرّف الراهن في المرهون تصرّفا لا ينافي حقّ الرهانة،و لا يجوز له التصرّف المنافي من دون إذن المرتهن،و تقدّم حكم بيع الراهن العين المرهونة مع علم المشتري و جهله في شروط العوضين.
فإن لم يرجع ذلك إلى الاشتراط في القرض أو في تأجيل الدين صحّ،و كذلك ما لو شرط استيفاءها بالاجرة مدّة،و إذا صحّ الشرط لزم العمل به إلى نهاية المدّة و إن برئت ذمة الراهن من الدين.
لم ينعزل ما دام حيّا.
لزمت الوصية و ليس للوارث إلزامه بردّ العين و استيفاء دينه من مال آخر.
فإذا مات المرتهن قامت ورثته مقامه.
و يضمن مع التفريط لمثله إن كان مثليا و إلاّ فلقيمته يوم التعدّي.نعم،لو شرط الراهن ضمانه على تقدير التلف،فالظاهر أنّه نافذ،و لا ينافي ذلك كونه أمينا كما تقدّم تفصيله في كتاب الإجارة و المضاربة.
فادّعى الراهن أنّ قيمتها ألف دينار مثلا و ادّعى المرتهن أنّها تسعمائة دينار، فالقول قول المرتهن مع يمينه،و كذلك إذا كان الاختلاف بينهما في التفريط و عدمه، فإنّ القول قول المرتهن في عدم التفريط مع يمينه،و أمّا إذا كان الاختلاف بينهما في مقدار الدين،فادّعى الراهن الأقل و المرتهن الأكثر فالقول قول الراهن مع يمينه.
و لو فضل من الدين شيء شاركهم في الفاضل،و لو فضل من الرّهن و له دين بغير رهن تساوي الغرماء فيه.
ضمن و عليه الاجرة.
فلا يجوز له التصرّف في الثمن إلاّ بإذن الراهن حتى بعد الأجل،باعتبار أنّه ماله،فلا يجوز له استيفاء حقّه منه إلاّ إذا امتنع بعد الأجل،فعندئذ يجوز له الاستيفاء من دون الإذن،كما أنّه لو لم يأذن في البيع حينئذ و امتنع من وفاء الدين،جاز للمرتهن البيع و الاستيفاء بلا إذن،و الأحوط-استحبابا-مراجعة الحاكم الشرعي.
فإن شرط الراهن عدم بيعه قبل الأجل بطل الرهن،و إلاّ لزم بيعه و يجعل ثمنه رهنا،فإن باعه الراهن أو وكيله فهو،و إن امتنع أجبره الحاكم،فإن تعذّر باعه الحاكم أو وكيله و مع فقده باعه المرتهن.
جاز أن يستوفي حقّه من الرهن ممّا في يده.
و في مقابل دفع هذا المبلغ فالمالك يقبل الإجارة بأقل من اجرة المثل و هل هذا جائز شرعا أو لا؟
و الجواب:أنّه يمكن تخريج ذلك فقهيّا بأوجه متعدّدة:
الوجه الأول:أنّ المستأجر يقبل دفع المبلغ المذكور للمالك بشروط:
1-أن لا يحقّ للمالك أن يخرجه من الدار بعد انتهاء فترة الإجارة،فإذا كان يرغب للسكنى فيها،كان المالك ملزما بتجديد الإجارة مرّة اخرى و هكذا.
2-أن لا يزيد على الاجرة التي عيّنها في بداية الإجارة لكل شهر أو سنة في الشهر الآتي أو السنة الاخرى و هكذا.
3-أن يكون له انتقال هذا الحق منه إلى غيره من دون الرجوع إلى المالك، و على ضوء هذا التخريج الفقهي إذا قبل المالك تلك الشروط فلا إشكال في جواز دفع المستأجر شرعا المبلغ المحدّد للمالك مقدّمة،و جواز أخذ المالك له شرعا.
الوجه الثاني:أن المبلغ المذكور رهن و وثيقة على الإجارة مع إذن المستأجر للمؤجر بالتصرّف فيه بكمال الحرية مع الضمان،و لا نعني بالضمان الضمان بالقرض،و هو التمليك على وجه الضمان بالمثل أو القيمة،لكي يجيء محذور الربا،بل الضمان بالعقد و هو المسمّى بالضمان المعاملي فإنه على نوعين:أحدهما:
نقل الدين من ذمة إلى ذمة اخرى،و الآخر التعهد بالشيء و جعله في عهدته و مسئوليته مع بقائه في ملك مالكه،و مردّ هذا التعهّد إلى اشتغال ذمة المتعهد ببدله على تقدير التلف،و الضمان هنا من النوع الثاني،ثم إن المؤجر يشترط على المستأجر أن يكون الربح ملكا له بنحو شرط النتيجة،لا بمعنى:أنه يدخل في
ملكه ابتداء،فإنه شرط مخالف لقانون المعاوضة و التبعيّة شرعا،بل بمعنى:أنه يدخل في ملكه في طول دخوله في ملك المستأجر،و هذا لا بأس به،و في مقابل ذلك يشترط المستأجر على المؤجر أن يتنازل عن الاجرة الاعتيادية و يؤجّر بأقل من اجرة المثل،و على ضوء هذا التخريج الفقهي أيضا لا إشكال في المسألة شرعا.
الوجه الثالث:أن دفع المبلغ المذكور قرض من المستأجر للمؤجّر،و لكن بجعل القرض شرطا في ضمن الإجارة،فيؤجّر المالك بأقلّ من اجرة المثل مشروطا بإقراض المستأجر مبلغا معيّنا له.نعم،لو شرط المستأجر على المؤجر أن يؤجّر بأقل من اجرة المثل في ضمن عقد القرض فهو ربا و محرّم.
فالقول قول مدّعي الوديعة إذا رجعت إلى دعوى ثبوت الدّين و عدم ثبوته،على أساس أن من يدّعي أنها الوديعة عنده ينكر الدّين،و من يدعي أنها رهن يثبت الدّين،فمن أجل ذلك يكون القول قول مدعي الوديعة،و أما إذا لم ترجع إليها،فالقول قول من يدّعي أنها رهن،فإنه يدعي في الحقيقة عدم جواز رجوع المالك إليها،و من يدعي أنها وديعة يدعي جواز رجوع المالك إليه، فلذلك يكون القول قول مدّعي الرهن دون الوديعة.
فالصغير ممنوع من التصرّف،حتى يبلغ و يعلم بنبت الشعر الخشن على العانة أو الاحتلام،من دون فرق في ذلك بين الذكر و الانثى،أو إكمال خمس عشرة سنة في الذكر و تسع في الانثى،و أما الحيض في الانثى فهل هو علامة للبلوغ أو لا؟و الجواب:أنّه كاشف عن سبق البلوغ لا أنّه علامة له،و الصبي كما أنّه لا ينفذ تصرّفه في أمواله لا ينفذ تصرّفه في ذمّته،فلا يصحّ منه البيع و الشراء في الذمة و لا الاقتراض و إن بلغ في وقت الأداء،و كذا لا ينفذ منه التزويج و الطلاق و لا إجارة نفسه و لا جعل نفسه عاملا في المضاربة و المزارعة و نحو ذلك،إلاّ بعد البلوغ و الرشد،و نقصد بالرشد زائدا على البلوغ أنّه صفة في الإنسان التي تبعث صاحبها على السلوك العقلائي في التصرّف في أمواله و معاملاته و تمنعه عن الإفساد و الصرف في الوجوه غير اللائقة و غير العقلائية.
فلا يصح تصرّفه إلاّ في أوقات إفاقته.
فيحجر السفيه من التصرّف في أمواله شرعا،و لا يكون تصرّفه فيها نافذا،و الظاهر اختصاص حجره بأمواله،فيجوز أن يكون وكيلا من قبل غيره في التصرّف في أمواله كالبيع و الشراء و نحوها،و يعلم الرشد بإصلاح ماله عند اختباره،بحيث يسلم من المغابنات و التصرّفات غير العقلائية، و لا يزول الحجر مع فقد الرشد و إن طعن في السن،و يثبت الرشد في الرجال بشهادة أمثالهم،و في النساء بشهادة الرجال و كذلك بشهادتهن.
فلا ينعقد تصرّف المملوك من دون إذن مولاه،و لو ملكه مولاه شيئا ملكه على الأصح،و كذا غيره إذا كان بإذن المولى.
و يحجر على المفلس بشروط أربعة:
1-ثبوت ديونه عند الحاكم.2-حلولها.3-قصور أمواله عنها.
4-مطالبة أربابها من الحاكم المنع،و الحجر من جهة مماطلته على غراماته،و إذا حجر عليه الحاكم لم يجز تصرّفه في ماله.
و الجواب:أنّ المشهور عدم المشاركة،على أساس أنّ أمواله بعد الحجر أصبحت متعلّقة لحقّ الغرماء الموجودين حين حكم الحاكم بالحجر،و على هذا فالاقتراض أو الاشتراء في الذمة لا يوجب اشتراك المقرض أو البائع معهم؛ لاستلزامه تضييع حقّهم،و لكنه لا يخلو عن إشكال،و لا يبعد الاشتراك باعتبار أن الثابت شرعا هو أنّ المدين إذا ماطل على غرمائه و رفع الأمر إلى الحاكم الشرعي،أمره الحاكم بتقسيم أمواله بينهم بحسب حصصهم فإن امتنع يقوم
الحاكم الشرعي بذلك،و ليست هناك أي إشارة إلى أنّ أمواله أصبحت متعلّقة لحقّ الغرماء؛إذ ليس هنا إلاّ حكم الحاكم بتقسيم الأموال و المنع من التصرّف فيها،و لا دلالة فيه على أنّ حقّهم تعلّق بها،و لا دليل على انّه ممنوع من كلّ التصرّف حتى من الاقتراض و الشراء في الذمة و غيرهما،و على هذا فإذا اقترض أو اشترى في الذمة،فإن كان قبل القسمة شارك المقرض أو البائع مع الغرماء فيها على الأظهر،كما أنّ المال المقروض أو المبيع يدخل في القيمة كسائر أمواله،و من هنا يظهر حكم ما إذا أتلف مال غيره بعد أمر الحاكم بالقسمة و قبل أعمالها خارجا.
و أولى من ذلك ما إذا أقرّ المفلس بدين سابق أو بعين كذلك،فإنّه نافذ حتّى لو قلنا بأنّ أمواله متعلّقة لحقّ الغرماء،و عدم جواز تصرّفه فيها،على أساس أنّ اقراره بذلك ليس تصرّفا في أمواله بعد الحجر من جديد،بل هو اعتراف منه بدين سابق و أن صاحبه من الغرماء،و كذلك اعترافه بالعين فإنّه ليس تصرّفا منه في أمواله من جديد حتى يكون ممنوعا،بل هو اعتراف بحقّ شخص قبل الحجر،و على هذا فإن كانت العين موجودة فعلا أخذها صاحبها، و إن كانت في الذمة شارك صاحبها مع الغرماء.
الظاهر أنّ له ذلك،باعتبار أنّه ليس من التصرّف في ماله بعد الحجر من جديد،بل هو إعمال حقه الثابت له قبل الفلس و الحجر،و لا مانع منه حتى على القول بأن أمواله متعلّقة لحقّ الغرماء.
فإن كان قبل حلول الأجل،فلا خيار له بين أن يأخذ العين و بين
الضرب مع الغرماء،و إن كان بعد حلول الأجل كان له الخيار بينهما،فله حينئذ أن يفسخ البيع و يأخذ العين من بين أمواله،و بين أن يشارك مع الغرماء بالثمن.
فيرجع البائع إليها إذا فسخ العقد و رجع إلى العين أو لا؟
و الجواب:أنّ الزيادة المتّصلة إذا كانت من قبيل السمن و الطول و نحوهما ممّا لا يمكن انفصاله عنها،فهي كالأصل ترجع إلى البائع،و أمّا إذا كانت من قبيل الصوف و الثمرة للشجرة و نحوهما ممّا يمكن انفصاله عن الأصل،فالظاهر أنّها لا ترجع إلى البائع،على أساس أنّها مال زائد على أصل المبيع،و الفسخ إنّما يقتضي رجوع المبيع إلى البائع من حينه لا من الأوّل،و من هنا يظهر حال الزيادة المنفصلة.
و الجواب:إن كان ذلك قبل حلول الأجل،فلا حقّ له لا في أخذ العين و لا في المشاركة مع الغرماء،و إن كان بعده كان من أحد الغرماء،و لا يجوز له أن يأخذ العين لأنّها ملك للمفلس و ذمته مشغولة ببدلها من المثل أو القيمة،و لا يكون فلسه سببا لخروجها عن ملكه و دخولها في ملك المقرض مرّة ثانية،فلا يكون المقرض كالبائع.
فهل له أن يفسخ البيع و يأخذ عين ماله أو يشارك مع الغرماء؟
و الجواب:أنّ الخلط إذا كان على نحو لا يعد ماله عرفا من التالف،فله
الفسخ و الرجوع إلى عين ماله،كما إذا كان المبيع حنطة و قد خلطها بحنطة اخرى أو بشعير،و إن عدّ تالفا كان من أحد الغرماء.
و كان الفرس موجودا في تركته،فحينئذ إن فسخ البائع البيع رجع الفرس إليه،و لا فرق في ذلك بين أن يكون ما تركه وافيا بدين غرمائه أو لا،أمّا على الأوّل فظاهر،و أما على الثاني فلأن الفرس بشخصه ملك للبائع و لا يحسب من تركته لكي يوزع على غرمائه،فإنّ التركة إنّما توزع عليهم بالنسبة إذا ظلّت في ملك الميّت،و الفرض أنّ الفرس في المثال قد خرج عن ملكه بفسخ البائع و عاد إلى ملكه مرّة ثانية،فمن أجل ذلك لا معنى لأن يكون البائع من أحد غرماء الميت و يوزع الفرس-كغيره-على الجميع بالنسبة،و أمّا إذا لم يفسخ البيع فيكون البائع من أحد الغرماء؛لأنّ الفرس حينئذ-كغيره من تركته-ملك للميّت، و ذمته مشغولة للبائع بثمنه.
ففي هذه الحالة إذا فسخ البائع البيع فليس له أخذ ما حصده أو الفرخ؛لأنّه ليس عين ماله،بل يرجع إليه بالبدل في ذمته من المثل أو القيمة،و عندئذ يكون البائع من أحد الغرماء.
و إذا كان في التركة عين زكوية قدمت الزكاة على الديون،و كذلك الخمس،و إذا كانا في ذمة الميت كانا كسائر الدّيون.
و أما قبله ففيه إشكال،و الجواز أظهر.
و لا بيع دار سكناه اللائقة بحاله و لا عبد خدمته و لا غيره ممّا يعسر عليه بيعه،كما تقدّم في كتاب الدين.
و لو مات من عليه الدين حل، و لا يحل بموت صاحبه.
و لو مات قدم الكفن و غيره من واجبات التجهيز.
و مع القسمة يطلق سراحه من الحبس و يزول الحجر بالأداء.
فإن فقدا فللوصي إذا كان وصيا في ذلك،فإن فقد فللحاكم،و في مال السفيه و المجنون اللذين عرض عليهما السفه و الجنون بعد البلوغ للحاكم خاصة.
الضمان هو نقل الدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن للمضمون له،و هو مفاد عقد الضمان.
بكلّ ما يدلّ على تعهّد الأوّل بالدين،و رضا الثاني بذلك.
فالتعليق على أمر مشكوك الحصول باطل.
و هنا معنى آخر للضمان،و هو:تعهّد الشخص بالشيء و جعله في مسئوليّته،و مرد هذا التعهد إلى اشتغال ذمته بقيمته على تقدير التلف،كما إذا تعهّد المستأجر بالعين المستأجرة،و معنى هذا التعهّد:أنّه جعلها على عهدته و مسئوليته،و مرجع ذلك إلى اشتغال ذمته بقيمتها على تقدير تلفها،و إذا كان هذا التعهّد متعلّقا بالدين فهو لا يتطلّب نقل الدين إلى ذمة المتعهّد من ذمة المدين بل يتطلّب تعهّد المتعهد بوفاء ذلك الدين:بمعنى أنّه جعل نفسه مسئولة عن أداء
الدين،أي:عن خروج المدين عن عهدة الدين و تفريغ ذمّته،و من هنا ليس للدائن أن يرجع ابتداء على الضامن و هو المتعهّد و يطالبه بالدين لأنّ الضامن بهذا المعنى ليس مسئولا مباشرا عن الدين،كما هو كذلك في الضامن بالمعنى الأوّل،بل هو مسئول و متعهّد بأداء المدين دينه و خروجه عن عهدته،و مثل هذا التعهّد يوجب ثقة الدائن بأنّ دينه مضمون،و استحقاقه المطالبة من الضامن و المتعهّد إذا امتنع المدين عن الوفاء و الأداء،فإذا امتنع عن ذلك اشتغلت ذمة المتعهّد بالأداء،على أساس أنّ أداء الدين ذو قيمة مالية،و هي قيمة الدين،فإذا تلف الأداء على الدائن بامتناع المدين عنه قصورا أو تقصيرا،فأصبح مضمونا على المتعهّد بمقتضى تعهّده،و تشتغل ذمّته بقيمة الأداء التي هي قيمة الدّين،و من هنا يظهر أنّ الضّمان بهذا المعنى لا يرجع إلى ضمّ ذمة إلى ذمة أو ضمّ مسئولية إلى مسئولية،فإنّ معنى الضمّ هو:أنّ كلا الشخصين من المدين و الضامن مسئول أمام الدائن في عرض واحد،و له أن يرجع إلى أي منهما شاء،و هذا بخلاف المقام، فإن المدين مسئول عن ذات المبلغ و مشغول الذمة بها،و الضامن مسئول عن أداء المدين ذلك المبلغ و خروجه عن عهدة مسئوليّته أمامه،فلهذا لا يرجع الدائن إلى الضامن ابتداء،بل بعد امتناع المدين عن الأداء قصورا أو تقصيرا، فتكون مسئولية الضامن في طول مسئوليّة المدين،و من الضمان بهذا المعنى ما إذا تعهد ثالث للبائع بوفاء المشتري للثمن،فإنّ معنى ذلك:أنّ المشتري إذا امتنع عن الوفاء و الأداء كان للبائع أن يرجع إلى الضامن و هو المتعهّد؛لأنّ مرجع تعهّده إلى اشتغال ذمّته بقيمة الأداء عند امتناع المشتري عنه،و منه قبول البنك للكمبيالة، فإنّ نتيجته اشتغال ذمّة البنك بقيمة الكمبيالة،لكن لا في عرض اشتغال ذمة المدين و لا بدلا عنه،بل في طول امتناعه عن الأداء كما مرّ.
و هذا الضمان موافق للارتكاز العقلائي و يتصوّر في الديون و الأعيان
الخارجية معا،و هو نوع من الضمان المعاملي و مشمول للعمومات،ثمّ إنّ الضمان بهذا المعنى ليس ضمانا مطلقا و منجزا،بل هو مشروط و معلّق على التلف أو امتناع المدين عن الأداء.
و أمّا في المديون فلا يعتبر شيء من ذلك،فلو ضمن شخص ما على المجنون أو الصغير من الدين صحّ.
و إلاّ لم يرجع.
و لا يجوز له الرجوع إلى المضمون عنه،و إذا أبرأ ذمّته عن بعضه برئت عنه،و لا يرجع إلى المضمون عنه بذلك المقدار،و إذا صالح المضمون له الضامن بالمقدار الأقل،فليس للضامن مطالبة المضمون عنه إلاّ بذلك المقدار دون الزائد،و كذا الحال لو ضمن الدين بمقدار أقل من الدين برضا المضمون له.و الضابط:أن الضامن لا يطالب المضمون عنه إلاّ بما خسر دون الزائد،و منه يظهر أنه ليس له المطالبة في صورة تبرّع أجنبي لأداء الدّين.
بلا فرق في ذلك بين الضمان بالمعنى الأول أو الثاني.
و الجواب:أن الثبوت لا يخلو عن قوة؛إذ لا مانع من أن يشترط لكل من
الضامن و المضمون له الخيار في عقد الضمان،و لا ينافي مقتضاه،فإنه انتقال الدين من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن،أو تعهد الضامن بالأداء عند امتناع المدين،و إذا ثبت الخيار و فسخ العقد كان مقتضاه انتقال الدين من ذمة الضامن إلى مكانه الأول،و هو ذمة المضمون عنه في الضمان بالمعنى الأول،و رفع التعهد و المسئولية عن الضامن في الضمان بالمعنى الثاني،و رجوعه إلى حالته الأولى، و هي الحالة قبل التعهد و المسئولية،و لا مانع من ذلك؛لأن فسخ العقد معناه حله و رفع مقتضاه،سواء كان مقتضاه التعهد بشيء و قبول مسئوليته،أم نقل مال من ملك شخص إلى ملك آخر،أو من ذمة فرد إلى ذمة فرد آخر.
فيكون الأجل للضمان لا للدين،فلو أسقط الضامن الأجل و أدّى الدين حالا،فله مطالبة المضمون عنه كذلك،و كذا إذا مات الضامن قبل انقضاء الاجل المذكور،فإنه قد حلّ،و إذا أدّاه الورثة من تركته،كان لهم الرجوع على المضمون عنه.
فليس له مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.
و كذا الحال إذا مات الضامن في الأثناء،فإن المضمون له يأخذ المال المضمون من تركته حالا،و لكن ليس لورثته مطالبة المضمون عنه قبل حلول الأجل.
فالظاهر جواز الرجوع إليه بعد أداء الدين؛لأنّه المتفاهم العرفي من إذنه بذلك.
-كما إذا كان أجله ثلاثة أشهر مثلا و ضمنه بمدة شهر و أداه بعد هذه المدّة،و قبل حلول الأجل
-فليس له مطالبة المضمون عنه بذلك قبل انقضاء الأجل الأول،و هو أجل الدين،و إذا ضمنه بأكثر من أجله،ثم أسقط الزائد و أدّاه،فله مطالبة المضمون عنه بذلك،و كذا الحال إذا مات الضامن بعد انقضاء أجل الدين و قبل انقضاء المدة الزائدة.
فالظاهر أن للضامن أن يطالب المضمون عنه بذلك،و كذا الحال إذا أخذه منه ثم رده إليه بعنوان الهبة أو نحوها،و هكذا إذا مات المضمون له و ورث الضامن ما في ذمته.
على أساس أنّ الدّين ينتقل به من ذمة المضمون عنه إلى ذمة الضامن،فلا يبقى موضوع للرهن على الدين في ذمته، و كذلك ينفك بالضمان بالمعنى الثاني،فإنّ الضامن إذا تعهد بالأداء لو امتنع المدين عنه و جعله في عهدته و مسئوليته،لم يبق موضوع للرهن و الوثيقة.
فعلى الأول يقسط الدين عليهما،و على الثاني يكون كل واحد منهما ضامنا بالمعنى الثاني،و هو تعهد كل منهما بأداء الدين إذا امتنع المدين عنه،و أما الضمان بالمعنى الأول-و هو انتقال الدين إلى ذمة كل منهما في عرض الآخر-فهو غير متصور،و أمّا على نحو تعاقب الأيدي فقد تقدّم أنّ ضمان غير من تلف المال تحت يده من الأيادي السابقة، بمعنى:التعهد و جعل إيصال المال إلى صاحبه في عهدتها و مسئوليتها لا اشتغال
ذمتها ببدله من المثل أو القيمة على الأظهر،و على هذا فإذا أبرأ المضمون له في المقام أحدهما بخصوصه،برأت ذمته من التعهّد و المسئولية دون الآخر.
و لا يصح ضمانه لأحدهما لا على التعيين،حتى الضمان بالمعنى الثاني و هو التعهد و الالتزام بالأداء عند امتناع المدين عنه،فإن متعلقه إذا لم يكن معينا خارجا فلا أثر له،و كذا الحال إذا كان شخصان مديونين لواحد،فضمن عنهما شخص،فإن كان ضمانه عنهما أو عن أحدهما المعين صح،و إن كان عن أحدهما لا على التعيين لم يصح.
لم يجز له أن يفي الدين من الخمس أو الزكاة أو المظالم.و لا فرق في ذلك بين أن تكون ذمة الضامن مشغولة بها فعلا أم لا.
صح أن يضمن عنه شخص للحاكم الشرعي أو وكيله بكلا معنيي الضمان.
هذا إذا كان الضمان بالمعنى الأول،و أمّا إذا كان بالمعنى الثاني-و هو جعل أداء الدين في عهدته و مسئوليّته-فهل الأمر كذلك أيضا أو لا؟و الجواب:نعم،و ذلك لما مرّ من أنّ مردّه إلى اشتغال ذمّته بقيمة الأداء على تقدير امتناع المدين عنه و هي قيمة الدين،و على هذا فهو مدين،و إذا مات أخرج دينه من أصل تركته،و حينئذ فإن كان الضمان بإذن المضمون عنه ترجع الورثة إلى المضمون عنه و إلاّ فلا.
و أما ضمانه
لنفقاتها الآتية فالظاهر أنّه لا مانع منه أيضا،على أساس أنّها دين على الزوج، فإذا ضمن عنه انتقلت إلى ذمّة الضامن،و أمّا ضمانها بمعنى آخر و هو التعهّد بها على تقدير امتناع الزوج عن الإنفاق،فلا إشكال فيه.و أمّا نفقة الأقارب فلا يصحّ ضمانها بمعنى:نقل الدين من ذمّة إلى ذمّة بلا إشكال لأنّها مجرد تكليف و لا ذمة في البين.نعم،لا بأس بضمانها بمعنى التعهّد بها على تقدير الامتناع عن الإنفاق.
بمعنى:كون العين في عهدة الضامن و مسئوليته،و أثر ذلك وجوب ردّ بدلها من المثل أو القيمة عند تلفها و الامتناع من ردّها.و من هذا القبيل ضمان شخص عهدة الثمن للمشتري،إذا ظهر المبيع مستحقّا للغير أو ظهر بطلان البيع من جهة اخرى،و الضابط:أنّ الضمان في الأعيان الخارجية بمعنى التعهّد لا بمعنى الثبوت في الذمة،فهو قسم آخر من الضمان كما تقدّم شرحه.
إذا ظهر كون الأرض مستحقة للغير،بمعنى اشتغال ذمته به فعلا؛لأنّه غير معقول؛إذ لم يحدث المشتري فيها شيئا حتى تكون ذمّته مشغولة بدركه بعد،و أمّا ضمانه بمعنى التعهّد به على التقدير المذكور،فلا مانع منه.
سواء أ كان لخوف غرق السفينة أم لمصلحة اخرى من خفّتها أم نحوها،و هكذا إذا أمره بإعطاء دينار مثلا لفقير أو أمره بعمل لآخر أو لنفسه، فإنّه يضمن إذا لم يقصد المأمور المجانية.
-كما إذا ادعى
المديون الضمان و أنكره الدائن-فالقول قول الدائن،و هكذا إذا ادّعى المديون الضمان في تمام الدين،و أنكره المضمون له في بعضه.
و إذا اعترف بالضمان و اختلفا في مقداره،بأن يدّعي الدائن الضمان في تمام الدين و يدّعي الضامن الضمان في بعضه أو في اشتراط التعجيل،إذا كان الدين مؤجّلا،بأن يدّعي الدائن التعجيل و يدّعي الضامن عدمه،فالقول قول الضامن، و إذا اختلف الدائن و المدين في اشتراط التأجيل مع كون الدّين حالا،أو في وفائه للدين،أو في إبراء المضمون له،كما إذا ادّعى المدين اشتراط التأجيل و الدائن عدمه أو الوفاء بالدين،و الدائن عدم الوفاء أو الإبراء و الدائن عدمه،فإنّ القول قول الدائن في جميع هذه الفروض.
أو في وفاء الضامن للدين،أو في مقدار الدين المضمون،أو في اشتراط شيء على المضمون عنه،قدم قول المضمون عنه في جميع هذه الموارد.
فليس له مطالبة المضمون عنه؛لاعترافه بأنّ المضمون له أخذ المال منه ظلما.
فليس للضامن الرجوع إلى المضمون عنه إذا لم يصدّقه في ذلك.
فتبرأ ذمّة غير الضامن الأخير و تشتغل ذمّته للدائن،فإذا أداه رجع به إلى سابقه و هو إلى سابقه و هكذا إلى أن ينتهي إلى المدين الأول،هذا
إذا كان الضّمان بإذن المضمون عنه،و إلاّ فلا رجوع عليه،فلو كان ضمان زيد بغير إذن عمرو،و كان ضمان بكر بإذن زيد و أدّى بكر الدين،رجع به إلى زيد و لا يرجع زيد إلى عمرو.
الحوالة هي تحويل المدين ما في ذمّته من الدّين إلى ذمّة غيره بإحالة الدائن عليه.
بكلّ ما يدلّ عليهما من لفظ أو فعل أو كتابة.
كما يعتبر عدم التفليس في المحيل إلاّ في الحوالة على البريء،فإنّه يجوز فيها أن يكون المحيل مفلسا،و يعتبر في المحيل و المحال الاختيار،و في اعتباره في المحال عليه إشكال، و الأظهر عدم الاعتبار إلاّ في الحوالة على البريء أو بغير الجنس،فيعتبر عندئذ قبول المحال عليه برضاه و اختياره.
فلا تصحّ الحوالة مما يستقرضه.
فإذا كان
شخص مدينا لآخر بمنّ من الحنطة و دينار،لم يصحّ أن يحيله بأحدهما من غير تعيين.نعم،يصحّ أن يحيله بالجامع و جعل تعيينه بيد المحال.
و إن لم يعلم المحيل و المحال بجنسه أو مقداره حين الحوالة.فإذا كان الدين مسجّلا في الدفتر،فحوّله المدين على شخص قبل مراجعته فراجعه،و أخبر المحال بجنسه و مقداره صحّت الحوالة.
و إن لم يكن المحال عليه فقيرا و لا مماطلا في أداء الحوالة.
و إذا تصالح المحال مع المحال عليه على أقلّ من الدين،لم يجز أن يأخذ من المحيل إلاّ الأقل.
أو عملا لا يعتبر فيه المباشرة،كخياطة ثوب و نحوها،بل و لو مثل الصلاة و الصوم و الحجّ و الزيارة و القراءة و غير ذلك،و لا فرق في ذلك بين أن تكون الحوالة على البريء أو على المشغول ذمته،كما لا فرق بين أن يكون المال المحال به مثليا أو قيميّا.
فليس للمحيل و المحال فسخه.نعم،لو كان المحال عليه معسرا حين الحوالة،و كان المحال جاهلا به جاز له الفسخ بعد علمه بالحال و إن صار غنيّا فعلا لأنّ الخيار لا يزول بتبدّل فقره باليسار،و أمّا إذا كان حين الحوالة موسرا أو كان المحال عالما بإعساره،فليس له الفسخ،أمّا على الأوّل فلأنّ الفقر الطارئ لا يوجب الخيار،و أمّا على الثاني فلأنّه لا يجب على
المحال قبول الحوالة،و لو كان على غير مما طل لأنّه غير ملزم بقبول الدين من غير المدين له مباشرة،و لكن إذا قبلها لزم و إن كانت على فقير معسر،و على هذا فإذا علم بإعسار المحال عليه،و مع ذلك قبل الحوالة عليه فلا خيار له.
فإذا كان بطلب من المحال عليه و كان مدينا،فله أن يطالب المحال عليه بما أدّاه،و أمّا إذا لم يكن بطلبه،أو لم يكن مدينا له،فليس له ذلك.
و كذا إذا ضمن شخص عنه برضا المحال.
و ادّعى المحيل أنّ له عليه مالا و أنكره المحال عليه،فالقول قوله مع عدم البيّنة،فيحلف على براءته.
سواء أ كانت قبل حلول النجم أم بعده،و بها يتحرّر المكاتب لبراءة ذمّته لمولاه،و تشتغل ذمّته للمحال،و لا يتوقّف تحرّره على قبوله الحوالة،لفرض أنّه مدين لمولاه.
فأحال المكاتب سيّده عليه بمال الكتابة،فقبلها صحّت الحوالة و ينعتق المكاتب،سواء أدّى المحال عليه المال للسيّد أم لا.
فمع عدم قيام البيّنة يقدم قول منكر الحوالة،سواء أ كان هو
الدائن أم المدين.
فأحال بكر عمروا على زيد، فإن كانت الحوالة بالعملة الأجنبيّة،فهي حوالة على البريء،باعتبار أنّ ذمّة زيد مشغولة بالدينار العراقي الداخلي دون العملة الأجنبيّة،فصحّة هذه الحوالة منوطة بقبول المحال عليه،و إن كان الغرض منها المحاولة لتسديد الدّين الذي عليه من عمرو،فهو من الوفاء بغير الجنس،فإذا رضى الدائن بذلك فلا مانع منه،و يمكن أن تصبح الحوالة هنا حوالة على المدين واقعا إذا سبقتها مبادلة بين العملة الداخلية و العملة الأجنبيّة،بأن يبيع بكر ما في ذمّة زيد من العملة الداخلية بالعملة الأجنبيّة،فإذا قبل زيد اشتغلت ذمّته بالعملة الأجنبيّة،و بعد ذلك إذا أحال بكر عمروا على زيد بالعملة الأجنبيّة،كانت من الحوالة على المدين،هذا كلّه في التحويل الخارجي و أمّا في التحويل الداخلي،كما إذا كان كلّ من زيد و بكر في المثال مدينا بالعملة الداخلية،فتكون الحوالة حوالة على المدين.
الكفالة هي التعهّد بإحضار المدين و تسليمه إلى الدائن عند طلبه ذلك.
و القبول من الدائن بكلّ ما يدلّ على رضاه بذلك.
و لا يشترط في الدائن البلوغ و الرشد و العقل و الاختيار،فتصحّ الكفالة للصبيّ و السفيه و المجنون إذا قبلها الولي.
و لا يشترط العلم بمبلغ ذلك المال.
فلا شبهة في صحة الكفالة،و أمّا إذا لم يكن ثابتا في الذمة فعلا،و لكن وجد سببه كالجعل في عقد الجعالة و كالعوض في عقد السبق و الرماية و ما شاكل ذلك،ففي صحّة الكفالة في هذه الموارد إشكال،و الصحّة أقرب.
إلاّ بالإقالة،أو بجعل الخيار له.
فأخذ المكفول له المال من الكفيل،فإن لم يأذن المكفول لا في الكفالة و لا في الأداء،فليس للكفيل الرجوع عليه و المطالبة بما أدّاه،و إذا أذن في الكفالة و الأداء أو أذن في الأداء فحسب،كان له أن يرجع عليه،و إن أذن له في الكفالة دون الأداء،فالظاهر عدم رجوعه عليه بما أدّاه،و إن كان غير متمكّن من إحضاره عند طلب المكفول له ذلك.
فإذا احتاج إلى الاستعانة بشخص قاهر،و لم تكن فيها مفسدة دينيّة وجبت الاستعانة به.
فالظاهر أنّها على الكفيل،إلاّ إذا كان صرفها بإذن من المكفول.
بطلت الكفالة.
فهو بحكم الكفيل يجب عليه إحضاره لديه،و إلاّ فيضمن عنه دينه،و يجب عليه تأديته له.
الأول:أن يسلم الكفيل المكفول إلى المكفول له.الثاني:أن يؤدّي دينه.الثالث:ما إذا أبرأ المكفول له ذمّة المدين.
الرابع:ما إذا مات المدين.الخامس:ما إذا رفع المكفول له يده عن الكفالة.
الصلح عقد شرعي للتراضي و التسالم بين شخصين في أمر من تمليك عين أو منفعة أو إسقاط دين أو حقّ أو غير ذلك مجانا،أو بعوض.
فيفيد فائدة البيع إذا كان الصلح على عين بعوض،و فائدة الهبة إذا كان على عين بغير عوض،و فائدة الإجارة إذا كان على منفعة بعوض،و فائدة الإبراء إذا كان على إسقاط حقّ أو دين.
و هو مال الصلح،و يعتبر في الأوّل و الثاني البلوغ و العقل و الاختيار و جواز التصرّف فيما يقع الصلح عليه،بأن لا يكون محجورا بالسفه و غيره،و يعتبر في المصالح عليه صحّة التملّك بأن لا يكون خمرا أو خنزيرا،و متى توفّرت شروطه صار لازما من الطرفين،و تجري فيه جميع الخيارات إلاّ خيار المجلس و الحيوان و التأخير.
سواء أ كان مع العوض أم بدونه.و كذا إذا تعلّق بدين على غير المصالح له أو حقّ
قابل للانتقال،كحقّي التحجير و الاختصاص،و منه حقّ الاختصاص لمن بيده الأراضي المفتوحة عنوة،و إذا تعلّق بدين على المتصالح أفاد سقوطه.و كذا الحال إذا تعلّق بحقّ قابل للإسقاط و غير قابل للنقل و الانتقال،كحقّ الشفعة و نحوه.
و أمّا ما لا يقبل الانتقال و لا الإسقاط،فلا يصحّ الصلح عليه،و منه حقّ مطالبة الدين الثابت للدائن في الدين الحال،و منه حقّ المدين أن لا يقبل أداء الدين في غير بلد الدين،و منه حقّ الدائن أن لا يقبل تسلم الدين إلاّ في بلده، و منه حقّ العزل الثابت للموكل في الوكالة،و منه حقّ الرجوع الثابت للزوج في الطلاق الرجعي،و منه حقّ الرجوع في البذل الثابت للزوجة في الخلع،و غير ذلك.
كأن يصالح شخصا على أن يسكن داره أو يلبس ثوبه في مدّة،أو على أن يكون جذوع سقفه على حائطه،أو يجري ما على سطح داره،أو يكون ميزابه على عرصة داره،أو يكون الممرّ و المخرج من داره أو بستانه،أو على أن يخرج جناحا في فضاء ملكه،أو على أن يكون أغصان أشجاره في فضاء أرضه،و غير ذلك.و لا فرق فيه بين أن يكون بلا عوض أو معه.
كما يجري في البيع و نحوه.
فإذا اختلط مال أحد الشخصين بمال الآخر جاز لهما أن يتصالحا على الشركة بالتساوي أو بالاختلاف،كما يجوز لأحدهما أن يصالح الآخر بمال خارجي معيّن،و لا يفرق في ذلك بين ما إذا كان التمييز بين المالين متعذّرا،و ما إذا لم يكن متعذّرا.
حتى مع إنكار المدّعى عليه،و يسقط بهذا الصلح حقّ الدعوى،و كذا يسقط حقّ اليمين الذي كان للمدّعي على المنكر،فليس للمدّعي بعد ذلك تجديد المرافعة،و لكن هذا قطع للنزاع ظاهرا،و لا يحلّ لغير المحقّ ما يأخذه بالصلح،إلاّ إذا كان معذورا في اعتقاده بأنّه محقّ،و ذلك مثل ما إذا ادّعى شخص على آخر بدين فأنكره،ثمّ تصالحا على النّصف،فهذا الصلح و إن أثر في سقوط الدعوى،و لكن المدّعي لو كان محقّا فقد وصل إليه نصف حقّه، و يبقى نصفه الآخر في ذمّة المنكر،و حينئذ فإن كان المنكر معذورا في اعتقاده و يرى نفسه محقّا لم يكن عليه إثم،و إلاّ فهو آثم،و يجب عليه أن يدفع نصفه الآخر إليه أيضا.نعم،لو رضي المدّعي بالصلح به عن جميع ما في ذمّته،فقد سقط حقّه.
لما عرفت من أنّ الصلح يصحّ مع الإقرار و الإنكار.و أمّا لو قال:
بعني أو ملّكني،كان إقرارا.
و لا تعتبر فيه صيغة خاصة.
و يتصرّف في لبنها و يعطي له مقدارا معيّنا من الدهن مثلا صحّت المصالحة،بل لو آجر نعاجه من الراعي سنة على أن يستفيد من لبنها بعوض مقدار معيّن من دهن أو غيره،صحّت الإجارة.
و أمّا المصالحة عليه فتحتاج إلى القبول.
لم تبرأ ذمّته عن المقدار الزائد،إلاّ أن يعلم برضا الدائن بالمصالحة بهذا المقدار،حتّى لو علم بمقدار الدّين أيضا.
إذا كان ممّا يكال أو يوزن مع العلم بالزيادة في أحدهما على الأحوط الأولى،و لا بأس بها مع احتمال الزيادة.
كما إذا كان زيد مديونا لعمرو بعشرة أمنان من حنطة مثلا و مديونا لخالد بعشرة أمنان من شعير،أو على شخصين مع التفاضل و إن كان الدينان من المكيل أو الموزون و كانا من جنس واحد،على أساس أنّ التفاضل إنّما هو ربا في بيع المكيل أو الموزون لا في مطلق المعاملة.نعم،لو فرض أنّ الصلح ليس بعقد مستقل بل هو بيع في مثل المقام بصورة الصلح،لم تجز إلاّ إذا كانا متساويين في الكيل أو الوزن،أو لم يكونا من جنس واحد،و لكن مع هذا فالأحوط و الأولى ترك المصالحة مع التفاضل إذا كان العوضان في المال المصالح عليه من المكيل أو الموزون.
إذا كان الغرض إبراء ذمّة المديون من بعض الدين و أخذ الباقي منه نقدا.هذا فيما إذا كان الدين من جنس الذهب أو الفضّة أو غيرهما من المكيل أو الموزون،بل قد مرّ أنّ الأظهر جواز الصلح فيه بأقلّ منه على نحو تكون النتيجة هي المعاوضة و المبادلة بينهما دون الإبراء،و إن كان الأولى و الأجدر تركه،و أمّا في غير ذلك فلا إشكال في جواز الصلح بالأقل،سواء كان الأقل دينا أم كان غيره،و قد تسأل:هل يجوز بيع الدين المؤجّل بالأقل نقدا أو لا؟و الجواب:أنّ جوازه لا يخلو عن إشكال كما
تقدّم،بلا فرق في ذلك بين بيع الدّين المؤجّل بالأقل حالا أو بيع الدين الحال بالأقل،و على هذا فبيع الكمبيالات المؤجّلة من البنوك و المصارف بالأقل نقدا لا يخلو عن إشكال.
حتى فيما إذا كان بلا عوض و كانت فائدته فائدة الهبة،و لا ينفسخ إلاّ بتراضي المتصالحين بالفسخ أو بفسخ من جعل له حقّ الفسخ في ضمن الصلح.
نعم،لو أخّر تسليم المصالح به عن الحد المتعارف،أو اشترط تسليمه نقدا فلم يعمل به،فللآخر أن يفسخ المصالحة،لكن من جهة تخلف الشرط لا من جهة التأخير،و أمّا الخيارات الباقية فهي تجري في عقد الصلح.
و أمّا الأرش-و هو أخذ التفاوت بين قيمتي الصحيح و المعيب-ففيه إشكال،و لا يبعد عدمه.
ترجع إلى المصالح نفسه أو إلى غيره أو جهة عامة في حياة المصالح أو بعد وفاته صحّ،و لزم الوفاء بالشرط.
و إن كان لا يجوز ذلك في البيع على ما مرّ.
و للآخر سلعة تسوى ثلاثين،و اشتبهتا و لم تتميّز إحداهما عن الأخرى،فإن تصالحا على أن يختار أحدهما فلا إشكال،و إن تشاجرا بيعت السلعتان و قسم الثمن بينهما بالنسبة،فيعطى لصاحب العشرين سهمان و للآخر ثلاثة أسهم.هذا
فيما إذا كان المقصود لكلّ من المالكين المالية،و أمّا إذا كان مقصود كلّ منهما شخص المال من دون نظر إلى قيمته و ماليّته،كان المرجع في التعيين هو القرعة.
و الإقرار إخبار عن حقّ ثابت على المخبر أو نفي حقّ له على غيره،و لا يختصّ بلفظ،بل يكفي كلّ لفظ دال على ذلك عرفا و لو لم يكن صريحا،و كذا تكفي الإشارة المعلومة.
و استفادته من الكلام بالدلالة المطابقية أو التضمنيّة،فلو استفيد من كلام آخر-على نحو الدلالة الالتزامية-كان نافذا أيضا،فإذا قال:الدار التي أسكنها اشتريتها من زيد،كان ذلك إقرارا منه بكونها ملكا لزيد سابقا،و هو يدّعي انتقالها منه إليه، و من هذا القبيل ما إذا قال أحد المتخاصمين في مال للآخر:بعنيه،فإنّ ذلك يكون اعترافا منه بمالكيّته له.
كان للمقرّ له إلزامه و مطالبته به،و ذلك بأن يكون المقرّ به مالا في ذمّته أو عينا خارجية أو منفعة أو عملا أو حقّا،كحقّ الخيار و الشفعة و حقّ الاستطراق في ملكه أو إجراء الماء في نهره أو نصب الميزاب على سطح داره و ما شاكل ذلك،
و أمّا إذا أقر بما ليس للمقرّ له إلزامه به،فلا أثر له،كما إذا أقرّ بأنّ عليه لزيد شيئا من ثمن خمر أو قمار و نحو ذلك،لم ينفذ إقراره.
فإن كان رجوعا عن إقراره لم يسمع و لا أثر له.فلو قال لزيد:لك عليّ عشرون دينارا،ثمّ قال:لا بل عشرة دنانير،الزم بالعشرين،و أمّا إذا لم يكن رجوعا،بل كان قرينة على بيان مراده،لم ينفذ الإقرار إلاّ بما يستفاد من مجموع الكلام،فلو قال لزيد:لك عليّ عشرون دينارا إلاّ خمسة دنانير،كان هذا إقرارا على خمسة عشر دينارا فقط، و لا ينفذ إقراره إلاّ بهذا المقدار.
فلا ينفذ إقرار الصبي و المجنون و لا إقرار العبد بالنسبة إلى ما يتعلّق بحقّ المولى من دون تصديقه مطلقا، و لو كان ممّا يوجب الجناية على العبد نفسا أو طرفا،و أمّا بالنسبة إلى ما يتعلّق به نفسه مالا كان أو جناية،فيتبع به بعد عتقه،و ينفذ إقرار المريض في مرض موته على الأظهر.
و لو أقرّ للعبد فهو له-لو قيل بملكه-كما هو الظّاهر.
فإن فسّره بما لا يملك لم يقبل.
فإنّ العين تدفع للأوّل،و يغرم بدلها من المثل أو القيمة للثاني،على أساس أنّ لازم إقراره أنّه قد أتلف العين على عمرو،فيكون ضامنا لبدلها من المثل أو القيمة،و هذا إقرار على نفسه فيكون حجّة؛إذ لا فرق في حجيّة الإقرار بين المدلول المطابقي و المدلول الالتزامي،فإنّه كما يكون حجّة في الأوّل كذلك يكون حجة في الثاني،و إذا أقرّ
بالنقد كان الظاهر منه نقد البلد،إلاّ إذا كانت هناك قرينة،و كذلك إذا أقرّ بالكيل أو الوزن.
و لو أقرّ بالدين المؤجل ثبت المؤجل،و لم يستحقّ المقرّ له المطالبة به قبل الأجل،و لو أقرّ بالمردّد بين الأقل و الأكثر ثبت الأقل.
فإن عيّن أحدهما فالدار له،إلاّ إذا ادّعى الآخر أنّه صاحب الدار،و يعلم المقرّ بذلك،فحينئذ كان له إلزام المقرّ على اليمين بعدم العلم بالحال،فإن حلف المقرّ على ذلك سقطت دعواه العلم عليه،و أمّا دعواه أصل ملكيّة الدار فهي ظلّت بحالها،و عندئذ فإن تمكّن من إقامة بيّنة على ما ادّعاه من ملكيّة الدار كانت الدار له،و إلاّ فعلى من عيّنه المقرّ اليمين،و إن لم يعين المقرّ أحدهما و ادّعى عدم المعرفة بالحال و صدّقاه في ذلك،سقط عنه الإلزام بالتعيين،و على هذا فإن ادّعى كلّ منهما ملكيّة الدار،فإن كانت لأحدهما بيّنة دون الآخر،فالدار له،و إن لم تكن لأيّ منهما بيّنة،فإن حلف أحدهما و نكل الآخر حكم له،و أمّا إذا كانت لكلّ منهما بيّنة أو حلف كلاهما معا سقطت الدعوى،و حينئذ فهل يحكم بالتصالح بينهما و تنصيف الدار،أو يرجع إلى القرعة و تعيين المالك بها؟فيه وجهان الأظهر الوجه الثاني.
فإن كان المقرّ به دينا على ذمة المقرّ سقط حقّه،و لا أثر للإقرار حينئذ،و لا يطالب المقرّ بشيء و إن كان عينا خارجيّة،قيل:إنّ للحاكم الشرعي انتزاعها من يده بمقتضى إقراره،و لكن الظاهر عدمه،على أساس أنّه يؤخذ بإقراره،بملاك أنّه يثبت به الحقّ على نفسه
للمقرّ له،فإذا فرض أنّ المقرّ له قد أسقط حقّه عنه و أنكره،ظلّ إقراره بلا أثر، و حينئذ فإن علم المقرّ بأنّ المقرّ له كان مشتبها و أنّ له عليه حقّا،وجب إيصاله إليه بأيّ وسيلة متاحة له،و إن لم يكن ذلك،فإن انقطع أمله عن إيصاله إليه نهائيا تصدّق به من قبله،و إلاّ فعليه الانتظار إلى أن يتمكّن،و إن حصل له التردّد من إنكار المقرّ له و احتمل أنّ المال لغيره،فعندئذ بما أنّ أمره يدور بين كونه للمقرّ له أو لغيره فيرجع إلى القرعة،و لو قال:لك أحد هذين المالين ممّا كان تحت يده،الزم بالتعيين،فإن عيّن في أحدهما اخذ به،و حينئذ فإن صدّقه المقرّ له فهو المطلوب، و إن أنكره سقط حقّه،و على هذا فإن كان المقرّ عالما بالحال و باشتباه المقرّ له وجب ردّ ماله إليه بأي طريق متاح له،و إن لم يمكن ذلك،فإن يئس عن ذلك نهائيا تصدّق به من قبله،و إلاّ فعليه أن ينتظر،و أمّا إذا ادّعى المقرّ له ملكية غير ما عيّنه المقرّ،فعليه أن يثبت ذلك،و إلاّ فالقول قول المقرّ مع يمينه،و إن لم يعيّن في أحدهما و ادّعى عدم العلم بالحال،فحينئذ إن ادّعى المقرّ له العلم بملكيّة أحدهما معينا،قبل منه؛لعدم المعارض له،و إلاّ فالمرجع القرعة.هذا إذا كان المال مالا خارجيا تحت يد المقرّ،و أمّا إذا كان في الذمة،فلا مجال للرجوع إلى القرعة،فلا بدّ عندئذ من التراضي و التصالح بينهما.
كان عليه إقامة البيّنة عليها أو إحلاف المشتري على إقباض الثمن.
نفذ إقراره مع احتمال صدقه في ما عليه من وجوب إنفاق أو حرمة نكاح أو مشاركة في إرث و نحو ذلك،و أمّا بالنسبة إلى غير ما عليه من الأحكام ففيه تفصيل،فإن كان الإقرار بالولد فيثبت النسب بإقراره مع احتمال صدقه و عدم المنازع إذا كان الولد صغيرا
و كان تحت يده،و لا يشترط فيه تصديق الصغير و لا يلتفت إلى إنكاره بعد بلوغه،و يثبت بذلك النسب بينهما و بين أولادهما و سائر الطبقات.و أمّا في غير الولد الصغير فلا أثر للإقرار إلاّ مع تصديق الآخر،فإن لم يصدّقه الآخر لم يثبت النسب،و إن صدّقه و لا وارث غيرهما توارثا،و في ثبوت التوارث مع الوارث الآخر إشكال،و الأظهر عدمه و إن كان الاحتياط في محلّه،و كذلك في تعدّي التوارث إلى غيرهما من أنسابهما حتى إلى أولادهما،فإنّه لم يثبت و إن كان الاحتياط أولى و أجدر،و لو أقرّ بولد أو غيره،ثمّ نفاه بعد ذلك لزم إقراره و لا أثر لنفيه.
و لو كان مساويا دفع بنسبة نصيبه من الأصل،و لو أقر باثنين فتناكرا لم يلتفت إلى تناكرهما، فيعمل بالإقرار و لكن تبقى الدعوى قائمة بينهما،و لو أقرّ بأولى منه في الميراث،ثمّ أقرّ بأولى من المقرّ له أولا،كما إذا أقرّ العمّ بالأخ،ثمّ أقر بالولد،فإن صدّقه المقرّ له أولا دفع إلى الثاني،و إلاّ فإلى الأوّل و يغرم للثاني على تفصيل قد مرّ في المسألة (1145).
كان للثالث النّصف و للثاني السدس،و لو كانا معلومي النسب لا يلتفت إلى إنكاره، و كذلك الحكم إذا كان للميّت ولدان و أقرّ أحدهما له بثالث و أنكره الآخر،فإنّ نصف التركة حينئذ للمنكر و ثلثها للمقرّ و للمقرّ له السدس.و إذا كانت للميّت زوجة و اخوة مثلا،و أقرّت الزوجة بولد له،فإن صدّقتها الاخوة كان ثمن التركة للزوجة و الباقي للولد،و إن لم تصدّقها أخذت الاخوة ثلاثة أرباع التركة و أخذت الزوجة ثمنها و الباقي و هو الثمن للمقرّ له.
و لو شهد الأخوان بابن للميّت و كانا عدلين كان أولى منهما و يثبت النسب،و لو كانا فاسقين لم يثبت النسب،و يثبت الميراث إذا لم يكن لهما ثالث،و إلاّ كان إقرارهما نافذا في حقّهما دون غيرهما.
و لا بدّ في الوكالة من الإيجاب و القبول بكلّ ما يدلّ عليهما من لفظ أو فعل، و لا يعتبر فيها اتّصال القبول بالإيجاب،كما لا يشترط فيها التنجيز،فلو علّقها على شرط غير حاصل حال العقد أو مجهول الحصول حينه فالظاهر الصحّة، و يصحّ تصرّف الوكيل حينئذ عند تحقّق الشرط.
و لكن يعتبر في عزل الموكل له بإعلامه به،فلو تصرّف قبل علمه به صحّ تصرّفه.
و تلف متعلّقها،و بإيقاع الموكل متعلّق الوكالة،كما إذا وكّل شخصا في بيع داره ثمّ قام بنفسه ببيعها و مباشرة.
و الجواب:الأظهر أنّها لا تبطل بذلك،على أساس أنّه لا دليل على البطلان غير دعوى الإجماع في المسألة و هي غير ثابتة.
سواء كان الزوج غائبا أم حاضرا،
بل يصحّ توكيل الزّوجة في أن تطلّق نفسها بنفسها وكالة،أو بأن توكّل الغير عن الزوج أو عن نفسها،فإذا اشترطت الزوجة على الزوج في ضمن عقد النكاح الوكالة منه في طلاق نفسها إذا لم ينفق عليها مدّة ستّة أشهر أو أقل أو أكثر،أو كان غائبا عنها في تلك المدّة،أو أمر آخر صحّ،و لها أن تطلّق نفسها بنفسها أو بتوكيل غيرها وكالة إذا لم يف بالشرط،و قد تسأل:هل يصحّ لها أن تشترط عليه الوكالة في الطلاق عند عروض الجنون أو الإغماء عليه أو لا؟
و الجواب:أنّ الصحّة لا تخلو عن قوّة.
و يعلم ذلك ببناء العرف و المتشرعة عليه.
إلاّ إذا علم أنّه ذكره من باب أحد الأفراد.
نعم،إذا:قال أنت وكيلي في أن تقرّ عليّ بكذا لزيد مثلا، كان هذا إقرارا منه لزيد به.
و بنقد البلد و ابتياع الصحيح دون الأعم،و تسليم المبيع و تسليم الثمن بالشراء و الردّ بالعيب.
بأن يوكّل كلّ من المدّعي و المدّعى عليه شخصا من قبله في القيام بوظائفهما في مقام المرافعة و الخصومة،فالشخص إذا كان وكيلا و محاميا عن المدّعي،