تخطى إلى المحتوى

القسم الاستفتاءات ل​​مكتب المرج​ع الديني الشيخ الفيّــاض

سئوال:  ما هو الدور الواجب على رجل الدين في المجتمع لاسيما في هذا الوقت الذي كثرت فيه الشبهات ومقتضيات الضلالة والإنحراف؟
الجواب: يجب على العالم الديني الفقيه الجامع لشرائط الفتوى بيان الأحكام الشرعية حسب اجتهاده لمن كانت فتاواه حجة بالنسبة لهم، ويكفي أن ييسرها لهم بطريق الرسالة العملية، أو أن يفتح باب السؤال والإجابة عليه بالجلوس في مكان معين. وأما من دونه من العلماء ورجال الدين فوظيفتهم تبليغ الأحكام الشرعية للجاهلين بها بالإجابة على أسئلتهم، والمبادرة للتعليم لو رأوا مخالفة لحكم شرعي إلزامي وجوبي، أو تحريمي بسبب الجهل بالحكم الشرعي الكلي، وفي الخبر الصحيح عن الإمام الصادق عليه السلام : ((إنما يهلك الناس لأنهم لايسألون)). وفي الصحيح الآخر عن الصادق عليه السلام، قال : ((قرأت في كتاب على عليه السلام، أن الله لم يأخذ على الجهال عهداً بطلب العلم حتى أخذ على العلماء عهداً ببذل العلم للجهال، لأن العلم كان قبل الجهل)). وأما في أصول العقائد التي يجب على المكلفين العلم بها كالوحدانية والنبوة لحصول الإطمئنان والعلم بالعقيدة الصحيحة، وقد حوى الكتاب العزيز على جملة من تلك الأدلة، كما أن السنة الصحيحة المروية عن طريق الرجال الموثوق بهم عن الأئمة عليهم السلام فيها ما يكفي الباحث عن دينه للإطمئنان والعلم بالعقيدة الصحيحة، و أما كثرة الخابطين في الضلالة والشبهات فلا يحول دون وقوعهم في ذلك جهود العلماء فقط فإن أدلة أكثر العقائد وإعلامها منصوبة وواضحة لمن طلبها من أهلها وفي مظانها واتبع طريق العقل وطريقة العقلاء في تحصيلها منها السؤال من العلماء الذين ظهرت عدالتهم وتقواهم واستقامت سليقتهم بكثرة مدارسة العلم والأعراض عن طريق الدنيا. قال تعالى : (واسألوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون)، لكن عدم التزام أكثر أولئك المتحيرين بالتقوى الديني العام والميل مع الأهواء والإعتماد على الظنون التي لاتغني من الحق شيئاً والتأثر بالدعايات والإبتعاد العام عن منهج العلماء وتقوى الصلحاء، كلها أسباب للتردي في مهاوي الجهل والباطل، على أن الأمور الإعتقادية لاتشذ عن قاعدة وجوب رجوع الجاهل إلى العالم المستقرة عند العقلاء فلما لم يتعلم أولئك من أهل العلم ولم يسلكوا طريق أهل العدول واتبعوا أصحاب الأغراض الفاسدة والآراء الرثة الذين يزوقون كلامهم ببعض المأثور من دون فحص وتثبت، استحكمت في أذهان بعض الغافلين والمقصرين الشبهات. كما أن عقيدة الشيعة الإمامية الاثني عشرية واضحة وجلية من إمامة أمير المؤمنين عليه السلام إلى غيبة الإمام الثاني عشر القائم (عج)، ماخوذة جيلاً عن جيل وطبقة بعد طبقة من العلماء المشهورين المشهود لهم ـ حتى من مخالفيهم ـ بالورع والتقوى والعمل بسيرة المتدينين فهي متواترة متصلة بصاحب الشرع الشريف صلى الله عليه وآله، فلو كان فيها مجال للشك لشك فيها من قبلنا ــ بالإلتفات إلى أن العقائد تبتني على أدلة واضحة وقطعية وليست غامضة وظنية ليقال أن كثيراً من أخطاء السابقين في النظر تتضح للاحقين ــ فلو وجدوا فيها أو في أدلتها ضعفاً لساقوا التشكيك إليها ولقدحوا فيها لبرائتهم عن التقليد فيها والإتباع الأعمى. وما صدور فتاوى القتل بحق هذه الطائفة ومحاولات الإبادة التي تعرضت لها على مر التاريخ إلا دليل على عجزهم عن دحض حجة الحق وإثبات بطلان المذهب، مع أن المذاهب في الدين متعددة، ولم يعمل معها ما عمل مع هذه الطائفة. كما أنه كفى مرشداً لأصحاب التشكيك في الملجأ الذي يلجأ إليه في الشبهات والتحريفات، وأنه العلماء حكمة وقوع الغيبة الصغرى للإمام الثاني عشر الممتدة أكثر من سبعين سنة تمهيداً للإعتماد على العلماء في الغيبة الكبرى، فإن الشارع الحكيم لما علم انقطاع عموم المكلفين عن الإتصال بالإمام المعصوم لأسباب عرفنا بعضها لم يكن ليقيم العلماء حججاً على دينه ويرضاهم واسطة بينه وبين عباده إلاّ وهويعلم قيامهم بالأمر وقدرتهم على حفظ الدين بأصوله وفروعه، وإلا لم تكن له الحجة البالغة القائمة على خلقه على مر العصور والمتوقف قيامها على التعلم من العلماء..