تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 301)
لإحرامها،و الحاج بأي نوع من الحج يقطعها عند الزوال من يوم عرفة(1)، و ظاهرهم أن القطع في الموارد المذكورة على سبيل الوجوب،و هو الأحوط(2)و قد يقال بكونه مستحبا.
[مسألة 22:الظاهر أنه لا يلزم في تكرار التلبية أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام]
[3251]مسألة 22:الظاهر أنه لا يلزم في تكرار التلبية أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام،بل و لا بإحدى الصور المذكورة في الأخبار،
عالية،مع أن الأمر ليس كذلك باعتبار أنها واقعة بين الجبال.
فالنتيجة:في نهاية الشوط أنه ليس بامكاننا اثبات حد لوجوب قطع التلبية على المعتمر بعمرة مفردة بدون فرق بين أن يكون احرامه من أحد المواقيت المشهورة أو من أدنى الحل،و لكن مع ذلك فالأحوط و الأجدر بمن جاء من الخارج محرما و ملبيا أن يقطع التلبية إذا دخل في الحرم،و بمن أحرم من أدنى الحل كالتنعيم أو الجعرانة أن يقطع التلبية عند مشاهدة الكعبة أو المسجد.
هذا هو الصحيح و تنص عليه مجموعة من الروايات:
منها:صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام أنه قال:«الحاج يقطع التلبية يوم عرفة زوال الشمس» 1.
و منها:صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:قطع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة-الحديث-» 2.
و منها:غيرهما،و مقتضى اطلاقها عدم الفرق في ذلك بين حج التمتع و الافراد و القران.
بل هو الأظهر،لأن الروايات الآمرة بالقطع ظاهرة في الوجوب،و لا قرينة لا في نفس هذه الروايات و لا من الخارج على حمل الأمر فيها على الاستحباب.
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 302)
بل يكفي أن يقول:«لبيك اللهم لبيك»،بل لا يبعد كفاية تكرار لفظ لبيك.
[مسألة 23:إذا شك بعد الإتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أم لا]
[3252]مسألة 23:إذا شك بعد الإتيان بالتلبية أنه أتى بها صحيحة أم لا بنى على الصحة.
[مسألة 24:إذا أتى بالنية و لبس الثوبين و شك في أنه أتى بالتلبية أيضا حتى يجب عليه ترك المحرمات أو لا]
[3253]مسألة 24:إذا أتى بالنية و لبس الثوبين و شك في أنه أتى بالتلبية أيضا حتى يجب عليه ترك المحرمات أو لا يبني على عدم الإتيان بها فيجوز له فعلها و لا كفارة عليه.
[مسألة 25:إذا أتى بموجب الكفارة و شك في أنه كان بعد التلبية حتى تجب عليه أو قبلها]
[3254]مسألة 25:إذا أتى بموجب الكفارة و شك في أنه كان بعد التلبية حتى تجب عليه أو قبلها فإن كانا مجهولي التاريخ أو كان تاريخ التلبية مجهولا لم تجب عليه الكفارة،و إن كان تاريخ إتيان الموجب مجهولا فيحتمل أن يقال بوجوبها لأصالة التأخر،لكن الأقوى عدمه(1)،لأن الأصل لا يثبت كونه بعد التلبية.
هذا هو الصحيح،لأن استصحاب عدم الاتيان بما يوجب الكفارة في زمان التلبية لا يثبت أنه أتى به بعدها الاّ على نحو مثبت،و أما استصحاب عدم الاتيان بالتلبية في زمان الآخر-و هو زمان الاتيان بموجب الكفارة-فهو لا يجري في نفسه لأن زمان الآخر إن لوحظ على نحو الموضوعية و القيدية للمستصحب فلا حالة سابقة له لكي تستصحب،و إن لوحظ على نحو المعرفية الصرفة إلى واقع زمان الآخر،فواقع زمانه مردد بين زمانين يعلم بعدم التلبية في أحدهما و بوجودهما في الآخر،و حينئذ فلا يكون الشك متمحضا في البقاء باعتبار أن المستصحب في أحدهما مقطوع البقاء،و في الآخر مقطوع الارتفاع، فلا يكون شكا في بقائه في واقع زمانه حتى يجري الاستصحاب،لأنه مبتلى بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد،و من هنا يظهر حكم ما إذا كان كلاهما مجهولي التاريخ زمنا،فان استصحاب عدم كل منهما في زمن حدوث الآخر لا
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 303)
[الثالث من واجبات الإحرام:لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه]
الثالث من واجبات الإحرام:لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب على المحرم اجتنابه،يتّزر بأحدهما و يرتدي بالآخر،و الأقوى عدم كون لبسهما شرطا في تحقق الإحرام(1)،
يجري في نفسه،اما لعدم الحالة السابقة له،أو لابتلائه بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد-كما مر-و أما إذا كان التاريخ الزمني للتلبية مجهولا و التاريخ الزمني للآخر معلوما،فلا مانع من استصحاب عدم الاتيان بالتلبية إلى زمان الاتيان بالآخر،و يترتب عليه عدم وجوب الكفارة،و أما استصحاب عدم الاتيان بالآخر إلى زمان التلبية لا يجري تطبيقا لما مر.
هذا هو الظاهر،و قد استدل على ذلك بعدة طوائف من الروايات:
الاولى:صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:يوجب الإحرام ثلاثة أشياء التلبية و الاشعار و التقليد،فاذا فعل شيء من هذه الثلاثة فقد أحرم» 1فانها تنص على أن من لبّى فقد أحرم،و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن يكون لابسا ثوبي الإحرام أو لا،و لا يوجد دليل على التقييد.
الثانية:الروايات التي تنص على أن المكلف ما لم يلب لم تحرم عليه اشياء معينة محدودة..
منها:صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:لا بأس أن يصلى الرجل في مسجد الشجرة و يقول الذي يريد أن يقوله و لا يلبّي،ثم يخرج فيصيب من الصيد و غيره فليس عليه فيه شيء» 2.
و منها:صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في الرجل يقع على أهله بعد ما يعقد الإحرام و لم يلبّ،قال:ليس عليه شيء» 3و منها غيرهما.
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 304)
……….
و لكن يمكن المناقشة فيها بدعوى أنها لا تدل على أن لبسهما ليس من واجبات الإحرام و غير مرتبط به،إذ يمكن أن يكون من واجباته و مع ذلك لا يتحقق الإحرام الاّ بالتلبية باعتبار أن المركب لا يتحقق الا بتحقق تمام أجزائه.
فالنتيجة:أنها لا تدل على أن لبس ثوبي الاحرام غير دخيل في الإحرام، بل هي ساكتة.
الثالثة:الروايات التي تدل على أن الإحرام يتحقق بالتلبية،فإذا لبى المكلف أصبح محرما..
منها:صحيحة معاوية بن وهب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث:«قال تحرمون كما أنتم في محاملكم و تقول:لبيك اللهم لبيك» 1.و منها غيرها،فان مقتضى اطلاقها تحقق الاحرام بالتلبية و إن لم تكن مسبوقة بلبس الثوبين.
الرابعة:الروايات التي تدل على أن من احرم و عليه قميصه وجب عليه نزعه،فانها تدل بالالتزام على صحة احرامه،و أنها غير مشروطة بلبس الثوبين، و الاّ لكان احرامه باطلا.
منها:صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في رجل أحرم و عليه قميصه فقال:ينزعه و لا يشقه،و إن كان لبسه بعد ما أحرم شقه و أخرجه مما يلى رجليه» 2.
و منها:صحيحته الأخرى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:اذا لبست قميصا و أنت محرم فشقه و اخرجه من تحت قدميك» 3فان مقتضى اطلاقها أنه إذا لبى أصبح محرما سواء أ كان لابسا لثوبي الإحرام أم لا.
الخامسة:الروايات التي تنص بالمنطوق على أن من احرم في قميصه جاهلا بالحكم فلا كفارة عليه و إذا كان عالما به فعليه الكفارة،و نتيجة ذلك أن احرامه صحيح على كلا التقديرين،غاية الأمر أن الفرق بينهما في وجوب
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 305)
……….
الكفارة و عدم وجوبها،فلا يكون القميص مانعا عن صحته،و لا لبس الثوبين شرطا لها.
منها:صحيحة عبد الصمد بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث:«ان رجلا اعجميا دخل المسجد يلبّي و عليه قميصه،فقال لأبي عبد اللّه عليه السّلام:اني كنت رجلا اعمل بيدي و اجتمعت لي نفقة فجئت أحج لم أسأل أحدا عن شيء و افتوني هؤلاء أن أشق قميصي و انزعه من قبل رجلي،و أن حجّي فاسد.و أن علي بدنة،فقال له:متى لبست قميصك أبعد ما لبّيت أم قبل؟قال:قبل أن ألبّي، قال:فاخرجه من رأسك فانه ليس عليك بدنة و ليس عليك الحج من قابل،أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه-الحديث-» 1.
قد يقال:إن قوله عليه السّلام فيها:«أي رجل ركب…الخ»يدل بمقتضى مفهوم القيد أنه إذا ركب أمرا بغير جهالة فعليه شيء يعني الحج و الكفارة معا،باعتبار أنهما المراد من المنطوق فيها،فاذن تدل الصحيحة بمقتضى مفهومها على فساد الحج و هو ليس الاّ من جهة فساد الإحرام و اشتراط صحته بلبس ثوبيه.
و الجواب:أن المفهوم المطلوب من القيد لا يجدي في المقام،لأن مفهوم القيد كما ذكرناه في علم الأصول موجبة جزئية إذا كان المنطوق سالبة كلية، و سالبة جزئية إذا كان المنطوق موجبة كلية،و على هذا الأساس فغاية ما تدل الصحيحة عليه بمقتضى مفهوم القيد هو ثبوت شيء في الجملة عند انتفاء الجهالة،و القدر المتيقن منه الكفارة.
فالنتيجة:أن الصحيحة لا تدل على أن لبس الثوبين معتبر في صحة الاحرام.
و قد يستدل على أن صحة الاحرام مشروطة بلبس الثوبين بصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:إن لبست ثوبا في إحرامك لا يصلح لك لبسه فلبّ و أعد غسلك،و إن لبست قميصا فشقه و أخرجه من تحت
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 306)
……….
قدميك» 1بتقريب ان الأمر بالتلبية ارشاد إلى فساد الإحرام الأول من جهة انتفاء شرطه و هو لبس الثوبين.
و الجواب:أنها لا تدل على أن فساد الإحرام انما هو من جهة أن صحته مشروطة بلبسهما،بل إنها تدل على أن فساده انما هو من جهة أنه لبس ما لا يصلح له أن يلبسه،و لا تدل على أن فساده انما هو من جهة أنه غير لابس لثوبيه، هذا اضافة إلى أن ظهور الأمر بالتلبية في الإرشاد الى الفساد لا يخلو عن اشكال.
و نذكر فيما يلي جملة من التساؤلات:
الأول:أن الحج إذا فسد من جهة فساد احرامه،فما هو الموجب للكفارة فإنها انما تترتب على ممارسة المحرم محرمات الإحرام،و أما إذا كان احرامه فاسدا فلا يكون ارتكابها موضوعا للكفارة.
و الجواب:أن وجوب الكفارة عليه إنما هو من جهة افساده احرامه عامدا و عالما بالحال،و لا مانع من الالتزام بذلك بعد ظهور الصحيحة فيه،و ليست الكفارة على ممارسة المحرم محرمات الاحرام ليقال أنه لا موضوع لها.
الثاني:أن لبس الثوبين هل هو شرط للإحرام و من واجباته،او انه واجب مستقل.
و الجواب انه واجب مستقل على الأظهر كما عرفتم.
الثالث:هل ان الاحرام عبارة عن التلبية،أو أنه مسبب عنها؟
و الجواب:الظاهر هو الثاني،لأن المستفاد من الروايات الآمرة بالتلبية أن المكلف إذا لبّى قاصدا للعمرة أو الحجة اعتبره الشارع محرما و تترتب عليه آثاره و هي حرمة أشياء معينة عليه نظير ما إذا توضأ المكلف أو اغتسل،فان الشارع اعتبره متطهرا،فاذن تكون التلبية موضوعا للإحرام و سببا له بحكم الشارع لا أنها بنفسها مصداق له.
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 307)
بل كونه واجبا تعبديا(1).
و الظاهر عدم اعتبار كيفية مخصوصة في لبسهما،فيجوز الاتزار بأحدهما كيف شاء و الارتداء بالآخر أو التوشح به أو غير ذلك من الهيئات، لكن الأحوط لبسهما على الطريق المألوف،و كذا الأحوط عدم عقد الإزار في عنقه(2)،بل عدم عقده مطلقا و لو بعضه ببعض،و عدم غرزه بإبرة و نحوها،و كذا في الرداء الأحوط عدم عقده،لكن الأقوى جواز ذلك كله في كل منهما ما لم يخرج عن كونه رداء أو إزارا.
و يكفي فيهما المسمى و إن كان الأولى بل الأحوط أيضا كون الإزار مما يستر السرة و الركبة(3)،و الرداء مما يستر المنكبين،و الأحوط عدم
هذا اذا فرض كونه جزءا من الإحرام،و أما إذا كان واجبا مستقلا ففي كونه تعبديا لا يخلو عن اشكال.
بل هو الأقوى،و تدل على ذلك صحيحتان:
الاولى:صحيحة سعيد الأعرج:«إنه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يعقد ازاره في عنقه قال:لا» 1فانها ظاهرة في المنع و عدم الجواز،و لا توجد قرينة على رفع اليد عن هذا الظهور.
الثانية:صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر:«قال:المحرم لا يصلح له أن يعقد ازاره على رقبته،و لكن يثنيه على عنقه و لا يعقده» 2فانها واضحة الدلالة على المنع عن العقد على عنقه و عدم جوازه،و أما العقد على غير العنق فلا بأس به،لعدم الدليل على منعه.
بل اعتبار ذلك هو الأقوى إذا كان صدق الازار متوقفا عليه عرفا،و الاّ فلا دليل عليه،و كذلك الحال في الرداء.
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 308)
الاكتفاء بثوب طويل(1)يتزر ببعضه و يرتدي بالباقي إلا في حال الضرورة.
و الأحوط كون اللبس قبل النية و التلبية(2)،فلو قدمهما عليه أعادهما بعده(3)،و الأحوط ملاحظة النية في اللبس،و أما التجرد فلا يعتبر فيه النية و إن كان الأحوط و الأولى اعتبارها فيه أيضا.
[مسألة 26:لو أحرم في قميص عالما عامدا أعاد،لا لشرطية لبس الثوبين،لمنعها]
[3255]مسألة 26:لو أحرم في قميص عالما عامدا أعاد،لا لشرطية لبس الثوبين،لمنعها كما عرفت،بل لأنه مناف للنية حيث إنه يعتبر فيها العزم على ترك المحرمات(4)التي منها لبس المخيط،و على هذا فلو لبسهما فوق القميص أو تحته كان الأمر كذلك أيضا،لأنه مثله في المنافاة للنية،إلا أن يمنع كون الإحرام هو العزم على ترك المحرمات بل هو البناء على تحريمها على نفسه فلا تجب الإعادة حينئذ،هذا،و لو أحرم في القميص جاهلا بل أو ناسيا أيضا نزعه و صح إحرامه،أما إذا لبسه بعد الإحرام فاللازم شقه و إخراجه من تحت،و الفرق بين الصورتين من حيث النزع و الشق تعبد،لا لكون الإحرام باطلا في الصورة الاولى كما قد قيل.
فالنتيجة:أن المعيار انما هو بالصدق العرفي لا بما ذكره الماتن قدّس سرّه من الضابط.
بل هو الأظهر،لأن ظاهر روايات الباب اعتبار التعدد.
و الأظهر كفاية التقارن،بأن لا يكون اللبس بعد التلبية.
في الاعادة اشكال بل منع،لما تقدم من عدم كون لبس الثوبين شرطا في صحة الاحرام،بل هو واجب مستقل،و حينئذ فمقتضاه الإثم دون الاعادة.
تقدم عدم اعتبار ذلك في صحة الحج أو العمرة،بل العزم على ممارستها لا يضر بصحته.و النكتة في ذلك أن تلك المحرمات محرمات مستقلة و لا يكون وجودها مانعا عنها.
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 309)
[مسألة 27:لا يجب استدامة لبس الثوبين بل يجوز تبديلهما و نزعهما لإزالة الوسخ أو للتطهير]
[3256]مسألة 27:لا يجب استدامة لبس الثوبين(1)بل يجوز تبديلهما و نزعهما لإزالة الوسخ أو للتطهير،بل الظاهر جواز التجرد منهما مع الأمن من الناظر أو كون العورة مستورة بشيء آخر.
و بكلمة:إن المعتبر في صحة الاحرام أن يأتي به بعنوان أنه جزء من العمرة أو الحجة،فإذا أتى به كذلك اعتبره الشارع محرما و حرمت عليه حينئذ اشياء معينة،و حيث ان حرمة هذه الأشياء متأخرة عن عقد الإحرام تأخر الحكم عن الموضوع،فلا يمكن أن يكون العزم على تركها مأخوذا في صحة الاحرام،و الاّ لزم أن تكون صحة الإحرام متأخرة عن العزم على تركها تأخر المشروط عن الشرط،مع أن الفرض تأخر حرمتها عن صحة الاحرام تأخر الحكم عن الموضوع،فمن أجل ذلك لا يمكن أن يكون العزم على تركها معتبرا في صحته.و بذلك يظهر حال ما ذكره الماتن قدّس سرّه في المسألة.
هذا هو الصحيح،فانه يجوز نزعهما للتطهير أو غيره،و تدل على ذلك صحيحة زيد الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:سئل عن امرأة حاضت و هي تريد الإحرام فتطمث،قال:تغتسل و تحتشي بكرسف و تلبس ثياب الإحرام و تحرم،فإذا كان الليل خلعتها و لبست ثيابها الأخرى حتى تطهر» 1فان موردها و إن كان المرأة و لا يعتبر فيها ثوب خاص للإحرام،الاّ أن ما تلبسه من الثياب حال الإحرام فهو ثياب احرامها،و يجوز لها نزعه.
فالنتيجة:أن وجوب الاستدامة انما هو في مقابل عدم جواز لبس ثوب لا يسوغ له لبسه كالقميص و نحوه لا مطلقا.
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 310)
[مسألة 28:لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام و في الأثناء للاتقاء عن البرد و الحر]
[3257]مسألة 28:لا بأس بالزيادة على الثوبين(1)في ابتداء الإحرام و في الأثناء للاتقاء عن البرد و الحر،بل و لو اختيارا.
(قد تمّ كتاب الحج بعون اللّه و صلّى اللّه على محمّد و آله الطاهرين)
الأمر كما افاده قدّس سرّه فانه مضافا إلى أن روايات الباب لا تدل على الانحصار بهما،أن جواز الزيادة منصوص في صحيحتي الحلبي 1و معاوية بن عمار 2.هذا تمام ما أوردناه في مسائل حج العروة،و قد تم بعونه تعالى و توفيقه.
نذكر في الختام مسألتين:
الاولى:
قد تسأل أنه هل يعتبر في ثوبي الاحرام الشروط المعتبرة في لباس المصلي أو لا؟
الجواب:ان المعروف و المشهور بين الأصحاب الاعتبار،و قد يستدل على ذلك بصحيحة حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:كل ثوب تصلى فيه فلا بأس أن تحرم فيه» 3.
و لكن للمناقشة في دلالتها على ذلك مجال،فانها لا تدل على أن كل ثوب لا تجوز الصلاة فيه لا يجوز الإحرام فيه لأنها ساكتة عن حكم هذه الصورة، و على هذا فيرجع فيها إلى مقتضى القاعدة،و مقتضاها جواز الإحرام فيه كالثوب من غير المأكول.
و تؤكد ذلك صحيحة زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال:«سألته عما يكره للمحرم أن يلبسه،فقال:يلبس كل ثوب الا ثوبا يتدرعه» 4بتقريب أنها
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 311)
……….
باطلاقها تعم الثوب المتخذ من اجزاء ما لا يؤكل أيضا،لأن المستثنى منه الدرع فحسب،و لكن مع هذا فمراعاة الاحتياط أولى و أجدر.
الثانية:
قد تسأل عن أنه هل يعتبر في الازار أن يكون ساترا للبشرة و غير حاك عنها أو لا؟
و الجواب:أنه لا دليل على اعتبار ذلك فيه،و صحيحة حريز المتقدمة لا تدل على أن كل ما لا تجوز الصلاة فيه لا يجوز الاحرام فيه،فاذن لا دليل على أن الازار إذا لم يكن ساترا فالاحرام فيه باطل و إن كان الأحوط و الأجدر اعتبار أن يكون ساترا.
تمّت تعليقاتنا على كتاب الحجّ من العروة الوثقى
و الحمد للّه ربّ العالمين
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 312)
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 313)
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 314)
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 315)
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 316)
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 317)
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج ۹ 318)