مولفات سماحة مرجع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 6
جلد
6
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 6
جلد
6
بشخص واحد من صنف واحد،لكن يستحب البسط على الأصناف مع سعتها و وجودهم،بل يستحب مراعاة الجماعة التي أقلها ثلاثة في كل صنف منهم حتى ابن السبيل و سبيل اللّه،لكن هذا مع عدم مزاحمة جهة أخرى مقتضية للتخصيص.
[2756]الثالثة:يستحب(1)تخصيص أهل الفضل بزيادة النصيب بمقدار فضله،كما أنه يستحب ترجيح الأقارب و تفضيلهم على الأجانب و أهل الفقه و العقل على غيرهم و من لا يسأل من الفقراء على أهل السؤال، و يستحب صرف صدقة المواشي إلى أهل التجمل من الفقراء،لكن هذه جهات موجبة للترجيح في حد نفسها و قد يعارضها أو يزاحمها مرجحات اخر فينبغي حينئذ ملاحظة الأهم و الأرجح.
[2757]الرابعة:الإجهار بدفع الزكاة أفضل من الإسرار به،بخلاف الصدقات المندوبة فإن الأفضل فيها الإعطاء سرّا.
[2758]الخامسة:إذا قال المالك:أخرجت زكاة مالي أو لم يتعلق بمالي شيء.قبل قوله بلا بينة و لا يمين ما لم يعلم كذبه،و مع التهمة لا بأس بالتفحص و التفتيش عنه.
استحباب ذلك و ما بعده شرعا مبني على قاعدة التسامح في أدلة السنن،و هي غير تامة،و أما الرجحان المطلق فلا شبهة فيه.نعم،يثبت استحباب تقديم من لا يسأل من الفقراء على من يسأل.
[2759]السادسة:يجوز عزل الزكاة و تعيينها في مال مخصوص و إن كان من غير الجنس الذي تعلقت به(1)،من غير فرق بين وجود المستحق و عدمه على الأصح و إن كان الأحوط الاقتصار على الصورة الثانية،و حينئذ فتكون في يده أمانة لا يضمنها إلا بالتعدي أو التفريط،و لا يجوز تبديلها بعد العزل.
[2760]السابعة:إذا اتجر بمجموع النصاب قبل أداء الزكاة كان الربح للفقير بالنسبة و الخسارة(2)عليه،و كذا لو اتجر بما عزله و عينه للزكاة.
[2761]الثامنة:تجب الوصية بأداء ما عليه من الزكاة إذا أدركته الوفاة قبله،و كذا الخمس و سائر الحقوق الواجبة،و لو كان الوارث مستحقا جاز احتسابه عليه و لكن يستحب دفع شيء منه إلى غيره(3).
[2762]التاسعة:يجوز أن يعدل بالزكاة إلى غير من حضره من الفقراء خصوصا مع المرجحات و إن كانوا مطالبين،نعم الأفضل حينئذ الدفع إليهم
تقدم الاشكال بل المنع إذا كان من غير النقدين،و على هذا فالمالك مخيّر بين عزل عين الزكاة من النصاب،أو قيمتها من النقدين.
هذا إذا كان الاتجار باذن الحاكم الشرعي،و الاّ فهو باطل بالنسبة إلى مقدار الزكاة على تفصيل تقدم في المسألة(33)من فصل(زكاة الغلات).و به يظهر حال ما بعده.
بل الأظهر وجوبه لظهور صحيحة علي بن يقطين،قال:«قلت لأبي الحسن الأول عليه السّلام:رجل مات و عليه زكاة،و أوصى أن تقضى عنه الزكاة و ولده محاويج إن دفعوها أضرّ ذلك بهم ضررا شديدا؟فقال:يخرجونها فيعودون بها على أنفسهم،و يخرجون منها شيئا فيدفع إلى غيرهم» 1،في وجوب دفع شيء
من باب استحباب قضاء حاجة المؤمن إلا إذا زاحمه ما هو أرجح.
[2763]العاشرة:لا إشكال في جواز نقل الزكاة من بلده إلى غيره مع عدم وجود المستحق فيه،بل يجب ذلك إذا لم يكن مرجو الوجود بعد ذلك و لم يتمكن من الصرف في سائر المصارف،و مئونة النقل حينئذ من الزكاة، و أما مع كونه مرجو الوجود فيتخير بين النقل و الحفظ إلى أن يوجد،و إذا تلفت بالنقل لم يضمن مع عدم الرجاء و عدم التمكن من الصرف في سائر المصارف،و أما معهما فالأحوط الضمان(1)،و لا فرق في النقل بين أن يكون إلى البلد القريب أو البعيد مع الاشتراك في ظن السلامة و إن كان الأولى التفريق في القريب ما لم يكن مرجح للبعيد.
بل هو الأظهر،لصحيحة محمد بن مسلم،قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل بعث بزكاة ماله لتقسم فضاعت،هل عليه ضمانها حتى تقسّم؟فقال:إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها فهو لها ضامن حتى يدفعها،و إن لم يجد لها من يدفعها إليه فبعث بها إلى أهلها فليس عليه ضمان لأنها قد خرجت من يده الحديث…» 1فانها تدل على الضمان إذا وجد لها موضعا و أهلا و هو لم يدفعها إليه،و الفرض ان الموضع و الأهل لها يعم كل مصارفها الثمانية،و لا يختص بالفقراء.
و قريب منها صحيحة زرارة،و أما الروايات التي تدل على نفي الضمان مطلقا فلا بد من تقييد اطلاقها بهما.
فالنتيجة:ان المالك إذا كان متمكنا من دفع الزكاة إلى موضعها و مع ذلك
[2764]الحادية عشرة:الأقوى(1)جواز النقل إلى البلد الآخر و لو مع وجود المستحق في البلد،و إن كان الأحوط عدمه كما أفتى به جماعة،
في القوة اشكال بل منع،و الأظهر التفصيل بين نقل البعض و نقل الكل،و تدل عليه صحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في الرجل يعطى الزكاة يقسمها،أله أن يخرج الشيء منها من البلدة التي هو فيها إلى غيرها؟فقال:لا بأس» 1بتقريب أنها ظاهرة في جواز نقل شيء من الزكاة من بلدتها إلى بلدة أخرى لا كلها،فان نقل الكل بحاجة إلى دليل،و التعدي إليه بدونه لا يمكن باعتبار أنه يظهر من كثرة السؤال في الروايات عن جواز نقل الزكاة من بلدة إلى بلدة أخرى أنه يكون على خلاف المرتكز العرفي في الأذهان،هذا اضافة إلى أن مقتضى ظاهر اطلاق الصحيحتين المتقدمتين عدم الجواز،و على هذا فبما أن هذه الصحيحة ناصة في جواز نقل البعض فتصلح أن تكون قرينة على رفع اليد عن ظاهر الصحيحتين المتقدمتين تطبيقا لحمل الظاهر على النص.
فالنتيجة:جواز نقل المالك شيئا من زكاته إلى بلدة أخرى و تقسيم الباقي
و لكن الظاهر الإجزاء لو نقل على هذا القول أيضا،و ظاهر القائلين بعدم الجواز وجوب التقسيم في بلدها لا في أهلها فيجوز الدفع في بلدها إلى الغرباء و أبناء السبيل،و على القولين إذا تلفت بالنقل يضمن،كما أن مئونة النقل عليه لا من الزكاة،و لو كان النقل بإذن الفقيه لم يضمن و إن كان مع وجود المستحق في البلد،و كذا بل و أولى منه لو و كله في قبضها عنه بالولاية العامة ثم أذن له في نقلها.
[2765]الثانية عشرة:لو كان له مال في غير بلد الزكاة أو نقل مالا له من بلد الزكاة إلى بلد آخر جاز احتسابه زكاة عما عليه في بلده و لو مع وجود المستحق فيه،و كذا لو كان له دين في ذمة شخص في بلد آخر جاز احتسابه زكاة،و ليس شيء من هذه من النقل الذي هو محل الخلاف في جوازه و عدمه فلا اشكال في شيء منها.
[2766]الثالثة عشرة:لو كان المال الذي فيه الزكاة في بلد آخر غير بلده جاز له نقلها إليه(1)مع الضمان لو تلف(2)،و لكن الافضل صرفها في بلد المال.
[2767]الرابعة عشرة:إذا قبض الفقيه الزكاة بعنوان الولاية العامة برئت ذمة المالك و إن تلفت عنده بتفريط أو بدونه أو أعطى لغير المستحق اشتباها.
في اطلاقه اشكال بل منع،و الأظهر التفصيل بين نقل البعض و نقل الكل،فالأول جائز دون الثاني،كما مر في المسألة الحادية عشرة.
في الضمان اشكال بل منع،و الأظهر عدمه إذا كان النقل جائزا شرعا
[2768]الخامسة عشرة:إذا احتاجت الزكاة إلى كيل أو وزن كانت أجرة الكيال و الوزان على المالك لا من الزكاة(1).
[2769]السادسة عشرة:إذا تعدد سبب الاستحقاق في شخص واحد كأن يكون فقيرا و عاملا و غارما مثلا جاز أن يعطى بكل سبب نصيبا.
[2770]السابعة عشرة:المملوك الذي يشترى من الزكاة إذا مات و لا وارث له ورثه أرباب الزكاة دون الإمام عليه السّلام و لكن الأحوط(2)صرفه في الفقراء فقط.
هذا إذا قام المالك بعملية الكيل أو الوزن بدون الإذن من الحاكم الشرعي،فعندئذ لا محالة تكون أجرته عليه،و أما إذا قام بها باذن منه فتكون على الزكاة،و لا يجب على المالك شرعا أن يقوم بتلك العملية مجانا لأن وظيفته تخلية السبيل و رفع المانع من أخذ الزكاة،و أما إذا توقف الأخذ على مئونة زائدة فلا يجب عليه تحمل تلك المئونة.
و إن شئت قلت:ان للمالك و إن كانت ولاية على تعيين الزكاة و عزلها في مال معين،و لكن لا يجب عليه القيام بذلك مجانا،و حينئذ فان قام به بدون الإذن و الوكالة من الحاكم الشرعي كانت مئونته عليه إذا تطلّب المؤونة،و إن قام به مع الإذن و الوكالة منه كانت مئونته على الزكاة.
لا بأس بتركه،لأن موثقة عبيد بن زرارة قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام، عن رجل أخرج زكاة ماله ألف درهم،فلم يجد موضعا يدفع ذلك إليه،فنظر إلى مملوك يباع فيمن يريده،فاشتراه بتلك الألف الدراهم التي أخرجها من زكاته فاعتقه،هل يجوز ذلك؟قال:نعم لا بأس بذلك،قلت:فانه لما أن اعتق و صار حرا اتجر و احترف فأصاب مالا(كثيرا)ثم مات و ليس له وارث،فمن يرثه إذا لم يكن له وارث؟قال:يرثه الفقراء المؤمنون الذين يستحقون الزكاة،لأنه انما
[2771]الثامنة عشرة:قد عرفت سابقا أنه لا يجب الاقتصار في دفع الزكاة على مئونة السنة بل يجوز دفع ما يزيد على غناه(1)إذا أعطي دفعة فلا حد لأكثر ما يدفع إليه و إن كان الأحوط الاقتصار على قدر الكفاف خصوصا في المحترف الذي لا تكفيه حرفته،نعم لو أعطي تدريجا فبلغ
تقدم الاشكال فيه،بل المنع في المسألة(2)من أصناف المستحقين.
مقدار مئونة السنة حرم عليه أخذ ما زاد للإنفاق،و الأقوى أنه لا حدّ لها في طرف القلة أيضا من غير فرق بين زكاة النقدين و غيرهما،و لكن الأحوط عدم النقصان عما في النصاب الأول(1)من الفضة في الفضة و هو خمس دراهم،و عما في النصاب الأول من الذهب في الذهب و هو نصف دينار(2)،بل الأحوط مراعاة مقدار ذلك في غير النقدين أيضا،و أحوط من ذلك مراعاة ما في أول النصاب من كل جنس ففي الغنم و الإبل لا يكون أقل من شاة و في البقر لا يكون أقل من تبيع و هكذا في الغلات يعطى ما يجب في أول حد النصاب.
[2772]التاسعة عشرة:يستحب للفقيه أو العامل أو الفقير الذي يأخذ الزكاة الدعاء للمالك،بل هو الأحوط بالنسبة إلى الفقيه الذي يقبض بالولاية العامة.
[2773]العشرون:يكره لرب المال طلب تملك ما أخرجه في الصدقة الواجبة و المندوبة(3)،نعم لو أراد الفقير بيعه بعد تقويمه عند من أراد كان
الظاهر ان الأقل مكروه كما هو مقتضى الجمع بين الروايات الناهية عن الاعطاء بأقل من خمسة دراهم،و الروايات الناصة بجواز الاعطاء بالأقل.
فيه ان الظاهر من الروايات الناهية عن اعطاء الزكاة لفقير واحد بأقل من خمسة دراهم هو النهي عن ذلك في كل نصاب،لا النهي عن اعطائها بأقل عما في النصاب الأول في كل من الذهب و الفضة و الأنعام الثلاثة و الغلات الأربع.
فالنتيجة:ان المستفاد من هذه الروايات ان اعطاء الزكاة لكل فقير أقل من خمسة دراهم مكروه،سواء أ كان في النصاب الأول أو الثاني أو الثالث و هكذا، و بذلك يظهر حال ما في المتن.
بل الأحوط وجوبا ترك ذلك لروايتين..
المالك أحق به من غيره و لا كراهة،و كذا لو كان جزءا من حيوان لا يمكن للفقير الانتفاع به و لا يشتريه غير المالك أو يحصل للمالك ضرر بشراء الغير فإنه تزول الكراهة حينئذ أيضا،كما أنه لا بأس بإبقائه في ملكه إذا عاد إليه بميراث و شبهه من المملكات القهرية.
فصل في وقت وجوب إخراج الزكاة قد عرفت سابقا أن وقت تعلق الوجوب فيما يعتبر فيه الحول حولانه بدخول الشهر الثاني عشر،و أنه يستقر الوجوب بذلك و إن احتسب الثاني عشر من الحول الأول لا الثاني،و في الغلات التسمية،و أن وقت وجوب الإخراج في الأول هو وقت التعلق،و في الثاني هو الخرص و الصرم في النخل و الكرم و التصفية في الحنطة و الشعير(1)،و هل الوجوب بعد تحققه فوري أو لا؟أقوال ثالثها أن وجوب الإخراج و لو بالعزل فوري(2)و أما
تقدم ان وقت التعلق في النخل صدق التمر،و في الكرم صدق العنب شريطة أن لا يقل زبيبه عن النصاب،و في الحنطة و الشعير صدقهما،و قد مرّ ذلك في المسألة(5)من فصل زكاة الغلات.
في الفورية اشكال بل منع،و إن كانت أحوط.
نعم،قد يستدل على الفور بروايتين..
إحداهما:موثقة يونس:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:زكاتي تحل عليّ في شهر رمضان،أ يصلح لي أن أحبس منها شيئا مخافة أن يجيئني من يسألني (يكون عندي عدة؟)فقال عليه السّلام:إذا حال الحول فأخرجها من مالك،و لا تخلطها بشيء،ثم اعطها كيف شئت.قال:قلت:فإن أنا كتبتها و أثبّتها يستقيم لي؟
……….
الدفع و التسليم فيجوز فيه التأخير،و الأحوط عدم تأخير الدفع مع وجود المستحق و إمكان الإخراج(1)إلا لغرض كانتظار مستحق معين أو الأفضل فيجوز حينئذ و لو مع عدم العزل الشهرين و الثلاثة بل الأزيد و إن
بل هو الأظهر كما مرّ.
نعم،إذا كان التأخير لغرض صحيح جاز،و لو تلفت لم يضمن،حيث ان هذا الفرض غير مشمول لإطلاق صحيحتي زرارة و محمد بن مسلم المتقدمتين،فان قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:«إذا وجد لها موضعا فلم يدفعها إليه فهو لها ضامن»منصرف عن مثل هذا الفرض،لأن الظاهر منه
كان الأحوط حينئذ العزل ثم الانتظار المذكور،و لكن لو تلفت بالتأخير مع إمكان الدفع يضمن(1).
[2774]مسألة 1:الظاهر أن المناط في الضمان مع وجود المستحق هو التأخير عن الفور العرفي(2)،فلو أخر ساعة أو ساعتين بل أزيد فتلفت من غير تفريط فلا ضمان و إن أمكنه الإيصال إلى المستحق من حينه مع عدم كونه حاضرا عنده،و أما مع حضوره فمشكل(3)خصوصا إذا كان مطالبا.
[2775]مسألة 2:يشترط في الضمان مع التأخير العلم بوجود المستحق، فلو كان موجودا لكن المالك لم يعلم به فلا ضمان لأنه معذور حينئذ في التأخير.
[2776]مسألة 3:لو أتلف الزكاة المعزولة أو جميع النصاب متلف فإن كان مع عدم التأخير الموجب للضمان يكون الضمان على المتلف فقط،
هذا إذا لم يكن التأخير لغرض صحيح،و الاّ فلا ضمان عليه لو تلفت كما مر.
تقدم ان الموجب للضمان تأخير دفعها إلى أهلها مع فرض وجوده و تمكنه من ايصالها إليه شريطة صدق التسامح عليه،و أن لا يكون التأخير لغرض صحيح و مصلحة أهم.
فيه ان المعيار في الضمان انما هو بصدق التقصير و التفريط عرفا،فان صدق ضمن،و الاّ فلا،و أما مع الشك في الصدق سواء أ كان من جهة الشبهة المفهومية أم الموضوعية،فلا ضمان للأصل.
و إن كان مع التاخير المزبور من المالك فكل من المالك و الأجنبي ضامن(1)،و للفقيه أو العامل الرجوع على أيهما شاء،و إن رجع على المالك رجع هو على المتلف،و يجوز له الدفع من ماله ثم الرجوع على المتلف.
[2777]مسألة 4:لا يجوز تقديم الزكاة قبل وقت الوجوب على الأصح(2)،فلو قدّمها كان المال باقيا على ملكه مع بقاء عينه،و يضمن تلفه القابض إن علم بالحال،و للمالك احتسابه جديدا مع بقائه أو احتساب عوضه مع ضمانه و بقاء فقر القابض،و له العدول عنه إلى غيره.
هذا مع الاختلاف في كيفية الضمان،فان ضمان المالك غير مستقر، و ضمان الأجنبي مستقر.
بل على الصحيح،حيث انه لا زكاة قبل وقت الوجوب حتى يمكن تقديمها،الاّ أن يكون التقديم بداعي أن ما يدفع إليه بحسب زكاة بعد حول الحول،أو وقت الوجوب،و عليه فالتعبير بالتقديم مبني على العناية و المجاز،فانه قرض فعلا،و على هذا فالروايات التي تنص على جواز التقديم و التعجيل.
منها:صحيحتي معاوية و حماد المتقدمتين لا بد من حملهما على هذا المعنى،أو ردّ علمها إلى أهله،إذ لا معنى لتقديم الزكاة قبل وقتها،فانه كتقديم الصلاة قبل دخول الوقت،و تنص على ذلك مجموعة من الروايات:
منها:صحيحة عمر بن يزيد قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يكون عنده المال،أ يزكّيه إذا مضى نصف السنة؟فقال:لا،و لكن حتى يحول عليه الحول و يحل عليه،انه ليس لأحد أن يصلي صلاة الاّ لوقتها،و كذلك الزكاة،و لا يصوم أحد شهر رمضان الاّ في شهره،الاّ قضاء،و كل فريضة انّما تؤدّى إذا حلّت» 1.
[2778]مسألة 5:إذا أراد أن يعطي فقيرا شيئا و لم يجيء وقت وجوب الزكاة عليه يجوز أن يعطيه قرضا فإذا جاز وقت الوجوب حسه عليه زكاة بشرط بقائه على صفة الاستحقاق و بقاء الدافع و المال على صفة الوجوب، و لا يجب عليه ذلك بل يجوز مع بقائه على الاستحقاق الأخذ منه و الدفع إلى غيره،و إن كان الأحوط الاحتساب عليه و عدم الأخذ منه.
[2779]مسألة 6:لو اعطاه قرضا فزاد عنده زيادة متصلة أو منفصلة فالزيادة له لا للمالك،كما أنه لو نقص كان النقص عليه،فإن خرج عن الاستحقاق أو أراد المالك الدفع إلى غيره يسترد عوضه لا عينه كما هو مقتضى حكم القرض،بل مع عدم الزيادة أيضا ليس عليه إلا رد المثل أو القيمة.
[2780]مسألة 7:لو كان ما أقرض الفقير في أثناء الحول بقصد الاحتساب عليه بعد حلوله بعضا من النصاب و خرج الباقي عن حده سقط الوجوب على الأصح،لعدم بقائه في ملكه طول الحول سواء كانت العين باقية عند الفقير أو تالفة فلا محل للاحتساب،نعم لو أعطاه بعض النصاب أمانة بالقصد المذكور لم يسقط الوجوب مع بقاء عينه عند الفقير فله الاحتساب حينئذ بعد حلول الحول إذا بقي على الاستحقاق.
[2781]مسألة 8:لو استغنى الفقير الذي أقرضه بالقصد المذكور بعين هذا المال ثم حال الحول يجوز(1)الاحتساب عليه لبقائه على صفة الفقر
في الجواز اشكال،و لا يبعد عدمه،فانه إذا صار غنيا بعين هذا المال
بسبب هذا الدين،و يجوز الاحتساب من سهم الغارمين أيضا،و أما لو استغنى بنماء هذا المال أو بارتفاع قيمته إذا كان قيميا و قلنا إن المدار قيمته يوم القرض لا يوم الأداء لم يجز الاحتساب عليه.
فصل في أن الزكاة من العبادات الزكاة من العبادات،فيعتبر فيها نية القربة،و التعيين(1)مع تعدد ما عليه بأن يكون عليه خمس و زكاة و هو هاشمي فأعطى هاشميا فإنه يجب عليه أن يعين أنه من أيهما،و كذا لو كان عليه زكاة و كفارة فانه يجب
يقع الكلام هنا في مرحلتين..
الأولى:في عبادية الزكاة.
الثانية:أن العبادة متقومة بالنية.
أما الكلام في المرحلة الأولى:فقد استدل على ان الزكاة عبادة بوجوه..
الوجه الأول:الاجماع،و قد ادعي في كلمات غير واحد من الأصحاب.
و فيه:ما ذكرناه غير مرّة من أن الاجماع انما يكون حجة و كاشفا عن ثبوت المسألة في زمن المعصومين عليهم السّلام و وصولها إلينا يدا بيد،إذا توفر فيه شرطان..
أحدهما:ثبوته بين الفقهاء المتقدمين جميعا الذين كان عصرهم متصلا بعصر أصحاب الأئمة عليهم السّلام.
و الآخر:أن لا يكون في المسألة ما يصلح أن يكون مدركا لها لدى الكل أو البعض.
و كلا الشرطين غير متوفر فيه.
أما الشرط الأول:فلأنه لا طريق إلى احراز اجماعهم و تسالمهم في المسألة.أما الطريق المباشر فهو مفقود على الفرض.و أما الطريق غير المباشر
التعيين،بل و كذا إذا كان عليه زكاة المال و الفطرة فإنه يجب التعيين على الأحوط(1)،بخلاف ما إذا اتحد الحق الذي عليه فإنه يكفيه الدفع بقصد ما في الذمة و إن جهل نوعه،بل مع التعدد أيضا يكفيه التعيين الإجمالي بأن ينوي ما وجب عليه أولا أو ما وجب ثانيا مثلا،و لا يعتبر نية الوجوب و الندب،و كذا لا يعتبر أيضا نية الجنس الذي تخرج منه الزكاة أنه من الأنعام أو الغلات أو النقدين،من غير فرق بين أن يكون محل الوجوب متحدا أو متعددا،بل و من غير فرق بين أن يكون نوع الحق متحدا أو متعددا كما لو كان عنده أربعون من الغنم و خمس من الإبل فإن الحق في كل منهما شاة أو كان عنده من أحد النقدين و من الأنعام،فلا يجب تعيين شيء من ذلك(2)سواء كان المدفوع من جنس واحد مما عليه أو لا فيكفي مجرد
بل على الأقوى،لأن زكاة الفطرة مباينة لزكاة المال،فانها متعلقة بالمال،و تلك متعلقة بالذمة،فإذا كانت عليه زكاة مال و زكاة فطرة،فأعطى مالا قاصدا به الزكاة من دون تعيين كونه زكاة فطرة أو مال،لم ينطبق شيء منهما عليه،لأن نسبة كل منهما إليه على حد سواء،فاذن وقوعه زكاة من كل منهما يتوقف على قصد التعيين.نعم إذا كانت عين النصاب موجودة و أعطى الزكاة منها تعيّن فيها،و لا يتوقف على نية أنها زكاة المال،و إنما تتوقف عليها زكاة الفطرة.
في اطلاقه اشكال بل منع،و يظهر وجهه مما مر.
قصد كونه زكاة،بل لو كان له مالان متساويان أو مختلفان حاضران أو غائبان أو مختلفان فأخرج الزكاة عن أحدهما من غير تعيين أجزأه و له التعيين بعد ذلك،و لو نوى الزكاة عنهما وزّعت،بل يقوى التوزيع مع نية مطلق الزكاة.
[2782]مسألة 1:لا إشكال في أنه يجوز للمالك التوكيل في أداء الزكاة، كما يجوز له التوكيل في الإيصال إلى الفقير،و في الأول ينوي الوكيل حين الدفع إلى الفقير عن المالك،و الأحوط تولي المالك للنية أيضا حين الدفع إلى الوكيل(1)،و في الثاني لا بد من تولي المالك للنية حين الدفع إلى الوكيل،و الأحوط استمرارها إلى حين دفع الوكيل إلى الفقير.
[2783]مسألة 2:إذا دفع المالك أو وكيله بلا نية القربة له أن ينوي بعد وصول المال إلى الفقير و إن تأخرت عن الدفع بزمان بشرط بقاء العين في يده أو تلفها مع ضمانه كغيرها من الديون،و أما مع تلفها بلا ضمان فلا محل للنية.
بل هو الأقوى و المتعين،و الاّ لم يتعين الزكاة في المال المدفوع إلى الوكيل،على أساس ان الزكاة بما أنها عبادة واجبة على المالك،فإذا قام إليها و دفعها لا بد أن يكون ذلك بنية القربة و الاخلاص،و الاّ بطلت،و لا تكفي نية القربة من الوكيل،لأنه واسطة في الايصال،و لا يكون مأمورا باخراج الزكاة و دفعها،و لا يوجد دليل على كفايتها،و بذلك تمتاز الزكاة عن سائر العبادات، فانها قابلة للوكالة على أساس ان الواجب فيها الاخراج و الاعطاء،و هو و إن كان أمرا تكوينيا،الاّ أنه قابل للاستناد إلى غير المباشر بالوكاله،و هذا بخلاف الصلاة و الصيام و الحج و نحوها،فانها غير قابلة للوكالة و الاستناد إلى غير المباشر،فمن أجل ذلك لا تشرع فيها الوكالة،و انما تشرع فيها النيابة بعد الموت،أو في حال
[2784]مسألة 3:يجوز دفع الزكاة إلى الحاكم الشرعي بعنوان الوكالة عن المالك في الأداء،كما يجوز بعنوان الوكالة في الإيصال،و يجوز بعنوان أنه ولي عام على الفقراء،ففي الأول يتولى الحاكم النية وكالة حين الدفع إلى الفقير(1)،و الأحوط تولي المالك أيضا حين الدفع إلى الحاكم،و في الثاني يكفي نية المالك حين الدفع إليه و إبقاؤها مستمرة إلى حين الوصول إلى الفقير و في الثالث أيضا ينوي المالك حين الدفع إليه لأن يده حينئذ يد الفقير المولّى عليه.
[2785]مسألة 4:إذا أدى ولي اليتيم أو المجنون زكاة مالهما يكون هو المتولي للنية.
[2786]مسألة 5:إذا أدى الحاكم الزكاة عن الممتنع يتولى هو النية عنه،
تقدم أن الصحيح في مثل هذا الفرض هو تولي المالك النية لأنه الدافع في الحقيقة،و الحاكم واسطة في الايصال و الدفع إلى
و إذا أخذها من الكافر يتولاها أيضا(1)عند أخذه منه أو عند الدفع إلى الفقير عن نفسه(2)لا عن الكافر.
[2787]مسألة 6:لو كان له مال غائب مثلا فنوى أنه إن كان باقيا فهذا زكاته و إن كان تالفا فهو صدقة مستحبة صح،بخلاف ما لو ردّد في نيته و لم يعين هذا المقدار أيضا فنوى أن هذا زكاة واجبة أو صدقة مندوبة فإنه لا يجزئ.
[2788]مسألة 7:لو أخرج عن ماله الغائب زكاة ثم بان كونه تالفا فإن كان ما أعطاه باقيا له أن يسترده،و إن كان تالفا استرد عوضه إذا كان القابض عالما بالحال،و إلا فلا.
هذا مبني على أن لا تتمشى نية القربة من الكافر،و قد سبق الكلام في ذلك في مبحث اشتراط الإسلام و الايمان.
و دعوى:ان مالك النصاب بما انه كافر فلا يتمكن من ايتاء الزكاة لعدم تمشي قصد القربة منه،و حينئذ فبما أن الحاكم الشرعي مأمور بايتائها ولاية أو وكالة،فلا دليل على أن صحة الايتاء منه تتوقف على نية القربة،لأن أمره بالتصدي للإيتاء بها كذلك ليس أمرا تعبديا.
مدفوعة:بأن الزكاة عبادة كالصلاة و الصيام و نحوهما،فكل من كان مأمورا بها لا بد من أن يأتي بها بداعي القربة إلى اللّه تعالى و إن كان أمره بها أمرا توصليا كأمر الحاكم الشرعي بايتائها،الاّ أنه تعلق بالايتاء العبادي في المرتبة السابقة،لا أنه منشأ لعباديته.
لا وجه لهذا التقييد بعد ما كان المكلف بها غيره،و لا يتوقف قصد القربة عليه،فان له أن يدفع من قبل الكافر نيابة،كما أن له أن يدفع من قبل نفسه ولاية،فمن أجل ذلك لا وجه للتقييد.
ختام فيه مسائل متفرقة
[2789]الأولى:استحباب استخراج زكاة مال التجارة و نحوه للصبي و المجنون تكليف للولي،و ليس من باب النيابة عن الصبي و المجنون، فالمناط فيه اجتهاد الولي أو تقليده فلو كان من مذهبه اجتهادا أو تقليدا وجوب إخراجها أو استحبابه ليس للصبي بعد بلوغه معارضته(1)و إن قلد من يقول بعدم الجواز،كما أن الحال كذلك في سائر تصرفات الولي في مال الصبي أو نفسه من تزويج و نحوه،فلو باع ماله بالعقد الفارسي أو عقد له النكاح بالعقد الفارسي أو نحو ذلك من المسائل الخلافية و كان مذهبه
بل له ذلك اذا رأى بحسب اجتهاده أو تقليده بطلان ما صنع الولي اجتهادا أو تقليدا،فان له ان يطالبه مما اعطاه زكاة من أمواله باسترداد عينه إن كانت باقية،و ببدله إن كانت تالفة،و السبب فيه ان اجتهاد الولي أو تقليده بما انه حكم ظاهري فيكون نافذا ما دام لم ينكشف خلافه بعلم أو علمي،و أما إذا انكشف خلافه بقيام حجة عليه فلا يكون نافذا،حيث أنها تكشف عن عدم ثبوته في الشريعة المقدسة من الأول،و عليه فإذا علم الصبي بعد بلوغه اجتهادا أو تقليدا بطلان اجتهاد الولي أو تقليده،و عدم جعل استحباب الزكاة أو وجوبها في ماله في الشريعة المقدسة،و يرى ان ماله الذى أدّى الولي إلى الفقير بعنوان الزكاة كان باقيا في ملكه،فله أن يأخذه إذا كانت عينه باقية،و يطالب الولي ببدله إذا كان تالفا،و قد يؤدى عمل كل منهما بما يقتضي تكليفه اجتهادا أو تقليدا إلى النزاع و الخصومة بينهما،فاذن لا بد من الرجوع إلى الحاكم الشرعي لخصم النزاع.
الجواز ليس للصبي بعد بلوغه إفساده بتقليد من لا يرى الصحة(1)،نعم لو شك الولي بحسب الاجتهاد أو التقليد في وجوب الإخراج أو استحبابه أو عدمها و أراد الاحتياط بالإخراج ففي جوازه إشكال(2)لأن الاحتياط فيه معارض بالاحتياط في تصرف مال الصبي،نعم لا يبعد ذلك إذا كان الاحتياط وجوبيا،و كذا الحال في غير الزكاة كمسألة وجوب إخراج الخمس من أرباح التجارة للصبي حيث إنه محل للخلاف،و كذا في سائر التصرفات في ماله،و المسألة محل إشكال مع أنها سيالة.
[2790]الثانية:إذا علم بتعلق الزكاة بماله و شك في أنه أخرجها أم لا وجب عليه الإخراج للاستصحاب،إلا إذا كان الشك بالنسبة إلى السنين الماضية فإن الظاهر جريان قاعدة الشك بعد الوقت أو بعد تجاوز
ظهر مما مر ان الواجب على الصبي العمل بوظيفته الشرعية بعد البلوغ اجتهادا أو تقليدا،فاذا كان العقد بالفارسي باطلا بنظره اجتهادا أو تقليدا يرى أن ماله الذي باعه بهذا العقد يظل باقيا في ملكه،و لم ينتقل إلى ملك المشتري،كما ان المرأة التي عقدها له بالفارسي لم تصبح زوجة منه.
الظاهر انه لا اشكال في عدم الجواز،لأن التصرف في مال الصبي إذا كان على خلاف المصلحة و ضررا عليه لم يجز جزما،و عليه فان ثبت وجوب الزكاة في ماله شرعا فعلى الولي دفعها إلى أهلها و إن كان ضررا على الصبي،و إن لم يثبت،فان كانت الشبهة بعد الفحص يرجع إلى أصالة البراءة عنه،و لا يجوز له حينئذ ان يتصرف فيه باخراج الزكاة منه،و إن كانت قبل الفحص فيدور الأمر بين المحذورين،حيث ان الولي يعلم اما بوجوب اخراج الزكاة من ماله،أو بحرمة ذلك،و عندئذ فان امكن له الفحص و تأخير الواقعة حتى يظهر له الحال بعده فهو،و إلاّ فله اختيار أحدهما،ثم الفحص عما يقتضيه تكليفه،و بذلك يظهر الحال في سائر الموارد.
المحل(1)،هذا و لو شك في أنه أخرج الزكاة عن مال الصبي في مورد يستحب إخراجها كمال التجارة له بعد العلم بتعلقها به فالظاهر جواز العمل بالاستصحاب لأنه دليل شرعي و المفروض أن المناط فيه شكه و يقينه لأنه المكلف لا شك الصبي و يقينه،و بعبارة اخرى ليس نائبا عنه(2).
[2791]الثالثة:إذا باع الزرع أو الثمر و شك في كون البيع بعد زمان تعلق الوجوب حتى يكون الزكاة عليه أو قبله حتى يكون على المشتري ليس
في الجريان اشكال بل منع،اذ الظاهر انه لا موضوع لكلتا القاعدتين في المقام،أما قاعدة الشك بعد الوقت فهي تختص بذات الوقت،و لا تعم غيرها،و المفروض ان الزكاة ليست صاحبة الوقت لكي تفوت بفوات وقتها و يشك في وجوبها بعد خروجه.
و اما قاعدة التجاوز فهي تختص بما إذا كان للمشكوك محل معين شرعا، و عندئذ فإذا شك المكلف في الاتيان به بعد التجاوز عن محله الشرعي بالدخول في غيره المترتب عليه جرت القاعدة،و الفرض انه ليس للزكاة محل معين شرعا حتى يشك في الاتيان بها بعد التجاوز عن محلها الشرعي بالدخول في غيرها المترتب عليها.
فالنتيجة:انه لا مجال لهما في المسألة،فالمرجع هو استصحاب بقاء وجوبها.
الظاهر ان هذا سهو من قلمه الشريف،فان المعيار في جريان الاستصحاب في المقام انما هو بيقين الولي بالحدوث،و شكه في البقاء،باعتبار انه المكلف به،لا بيقين الصبي و شكه و إن كان نائبا عنه،لأن النيابة لا تقتضي أن يعمل النائب على طبق يقين المنوب عنه و شكه،دون يقينه و شكه و إن كانا على خلافهما،و لا فرق من هذه الناحية بين النيابة و الوكالة و الولاية،فان الكل مأمور بالعمل بوظيفته،و على هذا فبما ان الولي شاك في بقاء الاستحباب في حق
عليه شيء،إلا إذا كان زمان التعلق معلوما و زمان البيع مجهولا فإن الأحوط حينئذ إخراجه على إشكال في وجوبه(1)،و كذا الحال بالنسبة إلى
بل هو الأقوى،و ذلك لاستصحاب عدم البيع إلى زمان التعلق،و به يحرز موضوع وجوب الزكاة،و هو تعلق الزكاة به في زمان و عدم انتقاله إلى غيره في ذلك الزمان،و الأول محرز بالوجدان،و الثاني بالاستصحاب،و لا يجري استصحاب عدم التعلق في زمان البيع،فانه و إن كان مشكوكا،و لكن مع ذلك لا يجري،لا من جهة المعارضة باستصحاب عدم البيع في زمان التعلق بل في نفسه،لأن زمان البيع ان لوحظ على نحو الموضوعية و القيدية،بأن يكون المستصحب عدم التعلق المقيد بزمان البيع،فلا حالة سابقة له لكي يستصحب، و إن لوحظ على نحو المعرفية الصرفة إلى واقع زمان البيع فهو مردد بين زمانين طوليين نقطع بالتعلق في أحدهما،و بعدمه في الآخر،فلا شك في البقاء لكي يجري الاستصحاب لابتلائه بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد،و أما إذا كان الأمر بالعكس،بأن يكون تاريخ البيع معلوما دون التعلق،فلا مانع من استصحاب عدم التعلق في زمان البيع،و به يثبت عدم وجوب الزكاة عليه،لأنه باع في زمان وجدانا،و لم تتعلق الزكاة فيه بالاستصحاب،و به ينفى موضوع الوجوب و هو التعلق في زمان البيع،و لا يجري استصحاب عدم البيع في زمان التعلق بعين ما مر في الفرض الأول.
و من هنا يظهر حال ما إذا كان كلاهما مجهولي التاريخ،فان استصحاب عدم كل منهما في زمان الآخر لا يجري،لا من جهة المعارضة،بل في نفسه تطبيقا لنفس ما تقدم في الفرضين الأولين.
فالنتيجة:انه في فرض الجهل بتاريخ كليهما معا فالمرجع هو اصالة البراءة عن وجوب الزكاة،و اما في فرض الجهل بتاريخ أحدهما و العلم بتاريخ
المشتري إذا شك في ذلك فإنه لا يجب عليه شيء(1)إلا إذا علم زمان
في اطلاقه اشكال بل منع،إذ هاهنا ثلاث حالات..
الحالة الأولى:ما إذا كان تاريخ كلا الحادثين مجهولا.
الحالة الثانية:ما إذا كان تاريخ التعلق مجهولا و تاريخ البيع معلوما.
الحالة الثالثة:ما إذا كان تاريخ البيع مجهولا و تاريخ التعلق معلوما.
أمّا في الحالة الأولى:فلا يجري استصحاب عدم كل منهما في زمان الآخر في نفسه،إما بملاك عدم الحالة السابقة إذا لو حظ زمان الآخر على نحو الموضوعية،أو بملاك ابتلائه بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد إذا لو حظ على نحو الطريقية الصرفة إلى واقع زمان مردد بين زمانين طوليين يعلم بحدوث الحادث في أحدهما،و عدم حدوثه في الآخر،و لا شك في بقائه في شيء من الزمانين و معه لا موضوع للاستصحاب،و هذا معنى محذور الاستصحاب في الفرد المردد،و على هذا فبطبيعية الحال يشك المشتري في صحة البيع و فساده،فانه إن كان قبل التعلق صح،و إن كان بعده لم يصح بالنسبة إلى مقدار الزكاة،و في مثل هذه الحالة لا مانع من التمسّك بأصالة الصحة،إلاّ إذا علم بأن البائع غافل عن هذه الناحية،أو جاهل بأن البيع بالنسبة إلى مقدار الزكاة باطل،باعتبار ان أصالة الصحة من الأصول العقلائية التي تبتني على نكتة عقلائية،و هي الكاشفية و الأمارية،و ليست من الأصول التعبدية المحضة،فمع احتمال ان البائع حين البيع ملتفت إلى ما يعتبر في صحته من الشروط تجري الأصالة،و إلاّ فلا،و لكن لازم هذه الأصالة ليس تعلق الزكاة بعد البيع،فانها لا تثبت مداليلها الالتزامية العقلية،بل لازمها ان لا يحق للمشتري أن يرجع إلى البائع و يطالبه بالثمن،على أساس ان المشتري يعلم بأن العين المشتراة متعلقة للزكاة،سواء أ كان البيع قبل تعلقها أو بعده،لفرض عدم اخراج البائع زكاتها من
البيع و شك في تقدم التعلق و تأخره فإن الأحوط حينئذ إخراجه على إشكال في وجوبه(1).
[2792]الرابعة:إذا مات المالك بعد تعلق الزكاة وجب الإخراج من تركته،و إن مات قبله وجب على من بلغ سهمه النصاب من الورثة،و إذا لم يعلم أن الموت كان قبل التعلق أو بعده لم يجب الإخراج من تركته و لا على الورثة إذا لم يبلغ نصيب واحد منهم النصاب إلا مع العلم بزمان التعلق و الشك في زمان الموت فإن الأحوط حينئذ الإخراج(2)على
فيه:انه لا اشكال في عدم وجوبه،لأن الوجوب مبني على أن استصحاب عدم التعلق إلى زمان البيع يثبت انه تعلق بعد البيع،و هو لا يمكن الاّ على القول بالأصل المثبت.
بل هو الأقوى،بيان ذلك:ان المسألة تتمثل في ثلاث صور..
الأولى:أن يكون تاريخ كل من الموت و التعلق مجهولا و لا يدرى ان الموت متقدم على التعلق أو بالعكس.
الثانية:أن يكون تاريخ التعلق مجهولا و تاريخ الموت معلوما.
الثالثة:عكس ذلك.
الإشكال المتقدم،و أما إذا بلغ نصيب كل منهم النصاب أو نصيب بعضهم فيجب على من بلغ نصيبه منهم للعلم الإجمالي بالتعلق به إما بتكليف الميت في حياته أو بتكليفه هو بعد موت مورثه بشرط أن يكون بالغا عاقلا، و إلا فلا يجب عليه لعدم العلم الإجمالي بالتعلق حينئذ.
[2793]الخامسة:إذا علم أن مورثه كان مكلفا بإخراج الزكاة و شك في أنه أداها أم لا ففي وجوب إخراجه من تركته لاستصحاب بقاء تكليفه أو عدم
وجوبه للشك في ثبوت التكليف بالنسبة إلى الوارث،و استصحاب بقاء تكليف الميت لا ينفع في تكليف الوارث،و جهان أوجههما الثاني(1)لأن تكليف الوارث بالإخراج فرع تكليف الميت حتى يتعلق الحق بتركته(2)، و ثبوته فرع شك الميت و إجرائه الاستصحاب لا شك الوارث و حال الميت غير معلوم أنه متيقن بأحد الطرفين أو شاك،و فرق بين ما نحن فيه و ما إذا علم نجاسة يد شخص أو ثوبه سابقا و هو نائم و نشك في أنه طهّرهما أم لا حيث إن مقتضى الاستصحاب بقاء النجاسة مع أن حال النائم غير معلوم أنه شاك أو متيقن،إذ في هذا المثال لا حاجة إلى إثبات التكليف بالاجتناب
هذا هو الصحيح،و لكن لا لما ذكر في المتن،بل من جهة أن محل الكلام لما كان في النصاب التالف فالشك انما هو في اشتغال ذمة المالك ببدل الزكاة من المثل أو القيمة.و من المعلوم انه لا يمكن اثبات ذلك باستصحاب عدم الأداء الاّ على القول بالأصل المثبت.
و إن شئت قلت:ان الوارث يشك في ان المالك هل أخرج زكاة ماله البالغ حد النصاب قبل تلفه،أو لا؟فإن أخرجها فلا شيء عليه،و إن لم يخرجها فذمته مشغولة بها،و حينئذ فتكون حالها حال الدين،فتخرج من أصل التركة،و لكن لا يمكن اثبات اشتغال ذمته بها باستصحاب عدم الإخراج لأنه مثبت.
بل هو فرع ثبوتها في ذمته و إن لم يكن ملتفتا إليه،و لا شاكا،لأن النصاب إذا تلف بتفريط منه اشتغلت ذمته بها،سواء أ كان ملتفتا بالحال أم لا، و إذا شك الوارث في بقاء اشتغال ذمته بها فلا مانع من استصحاب بقائه،و لا يكون ثبوت هذا الحق و تعلقه بتركته بعد موته فرع التفاته و شكه.أو فقل:ان المالك و إن لم يكن شاكا حين الموت،و لكن إذا شك الوارث في بقاء اشتغال ذمته فلا مانع من استصحاب بقائه،و يترتب عليه وجوب خروجها من التركة، فاذن ثبوت شيء في ذمة المالك و عدم ثبوته لا يرتبطان بشك الميت و لا بيقينه
بالنسبة إلى ذلك الشخص النائم،بل يقال:إن يده كانت نجسة؛و الأصل بقاء نجاستها فيجب الاجتناب عنها،بخلاف المقام حيث إن وجوب الإخراج من التركة فرع ثبوت تكليف الميت و اشتغال ذمته بالنسبة إليه من حيث هو،نعم لو كان المال الذي تعلق به الزكاة موجودا أمكن أن يقال:
الأصل بقاء الزكاة فيه،ففرق بين صورة الشك في تعلق الزكاة بذمته و عدمه و الشك في أن هذا المال الذي كان فيه الزكاة أخرجت زكاته أم لا،هذا كله إذا كان الشك في مورد لو كان حيا و كان شاكا وجب عليه الإخراج(1)، و أما إذا كان الشك بالنسبة إلى الاشتغال بزكاة السنة السابقة أو نحوها مما يجري فيه قاعدة التجاوز و المضي و حمل فعله على الصحة فلا إشكال(2)
مرّ أن وجوب اخراج الزكاة من التركة يتوقف على ثبوت ضمانه و اشتغال ذمته بها،و هو لا يرتبط بشكه و يقينه في زمن حياته.
تقدم في المسألة الثانية انه لا موضوع لكلتا القاعدتين في المقام حتى إذا لم تكن عين الاموال الزكوية باقية.
و كذا الحال إذا علم اشتغاله بدين أو كفارة أو نذر أو خمس أو نحو ذلك(1).
فيه:ان جميع ما ذكر في المتن ليس من باب واحد.
أما الدين:فالظاهر انه لا مانع من استصحاب بقائه في الذمة إذا شك فيه، و يترتب عليه وجوب اخراجه من أصل التركة.
و اما الكفارة و النذر:فبما انه لا دليل على خروجهما من الأصل،فلا أثر لاستصحاب بقائهما في عهدة الميت بالنسبة إلى ذلك،باعتبار أنهما ليستا من الأمور المالية التي تخرج منه،و أما في نفسه فلا مانع،و يترتب عليه وجوب اخراجهما من الثلث إذا أوصى الميت به شريطة أن تعمهما الوصية نصا أو اطلاقا.
و اما الخمس:فحاله حال الزكاة،فانه ان كانت عين الأموال المتعلقة للخمس باقية و شك الوارث في اخراج خمسها،فلا مانع من استصحاب بقاء خمسها فيها،و يترتب عليه وجوب اخراجه من تلك الأعيان شريطة ان لا يكون الوارث ممن شملته اخبار التحليل.و كذلك إذا كان الخمس متعلقا بالذمة و شك
[2794]السادسة:إذا علم اشتغال ذمته إما بالخمس أو الزكاة وجب عليه إخراجهما(1)إلا إذا كان هاشميا فإنه يجوز أن يعطي للهاشمي بقصد ما في
في اطلاقه اشكال بل منع،حيث ان له أن يقتصر على اعطاء مال واحد بنية ما في الذمة للفقيه الجامع للشرائط باعتبار انه ولي الحقين،أو لمن يكون وكيلا عن مستحقيهما معا،أو للهاشمي إذا كان المالك هاشميا،و أما إذا لم يمكن شيء من ذلك فيجب عليه الاحتياط،و لا فرق فيه بين ان يعلم باشتغال ذمته اما بالخمس او الزكاة،أو يعلم بأن المال الموجود عنده اما متعلق للخمس أو الزكاة.
و دعوى:ان بامكان ذلك الشخص الرجوع إلى القرعة و تعيين ما في الذمة من الحق،أو ما في المال بها دون الاحتياط..
مدفوعة:بأنه لا اطلاق في روايات القرعة لكي تعم المقام باطلاقها لأنها تتمثل في ثلاث مجموعات..
الأولى:في دعوى النسب و اشتباهه.
الثانية:في اشتباه المعتق من العبيد.
الثالثة:في دعوى المال.و شيء منها لا يشمل المقام.
اما المجموعة الأولى و الأخيرة فواضح.و اما المجموعة الثانية فهي تختص بدعوى المال،و الفرض عدم الدعوى فيه في المقام.
نعم،قد ورد في بعض الروايات الضعيفة أن في كل مجهول قرعة،و لكن من جهة الضعف فيه لا يمكن الاعتماد عليه.
الذمة،و إن اختلف مقدارهما قلة و كثرة أخذ بالأقل(1)و الأحوط الأكثر.
[2795]السابعة:إذا علم إجمالا أن حنطته بلغت النصاب أو شعيره و لم يتمكن من التعيين فالظاهر وجوب الاحتياط بإخراجهما،إلا إذا أخرج
فيه اشكال بل منع،اما إذا كان مورد العلم الإجمالي مالين و جنسين، بأن علم إمّا بوجوب الخمس في هذا المال،او الزكاة في ذلك المال،فلا شبهة في وجوب الاحتياط و إن كان مقدار الخمس أكثر من مقدار الزكاة،لأن الأمر يدور بين المتباينين لا بين الأقل و الأكثر،فلا يكون متيقن في البين،و لعل هذا الفرض خارج عن محل كلام الماتن قدّس سرّه إذ لا يحتمل أن تكون الوظيفة فيه الأخذ بالأقل،و انما الكلام فيما إذا كان مورده مالا واحدا،و هو لا يدري انه متعلق للخمس فقط أو الزكاة،و في هذه الصورة إذا فرض انه إن كان متعلقا للخمس فهو عشرة دنانير مثلا،و إن كان للزكاة فهو ديناران و نصف دينار،و هذا و إن كان صورة من دوران الأمر بين الأقل و الأكثر،الاّ انه في الحقيقة من المتباينين،و هذا واضح إذا كان المالك للنصاب غير الهاشمي حيث انه يعلم اجمالا اما بوجوب اعطاء عشرة دنانير للسادة،او اعطاء دينارين و نصف لغير السادة،فلا يكون بينهما قدر متيقن،و كذلك الحال إذا كان المالك هاشميا،فانه يعلم اجمالا اما بوجوب اعطاء العشرة للهاشميين،أو وجوب اعطاء دينارين و نصف لأهل الزكاة،و من المعلوم ان الواجب يتعدد بتعدد الموضوع،فلا يكون بينهما قدر متيقن لكي يكون موجبا لانحلال العلم الإجمالي،و مجرد انطباق أهل الزكاة على الهاشمي لا يوجب انحلاله،لأن الموضوع ليس هو الفرد الخارجي الذي هو مجمع لكلا العنوانين،بل الموضوع هو الطبيعي الجامع،و هو متعدد،و لا فرق في ذلك بين العلم باشتغال ذمته إما بالخمس أو الزكاة،أو العلم بأن المال الذي لديه اما متعلق للخمس او الزكاة.
بالقيمة فإنه يكفيه إخراج قيمة أقلهما قيمة على إشكال(1)لأن الواجب
الظاهر عدم الكفاية،لأن مقتضى العلم الإجمالي بتعلق الزكاة باحداهما وجوب الاحتياط اما بدفع عينين من كل من النصابين،أو دفع بدلهما كذلك من أحد النقدين،أو من مال آخر من الإذن،و لا يجزئ دفع أقلهما قيمة، فانه مبنى على أن تكون في عهدة المالك قيمة العينين فإذا دار أمرها بين الأقل و الأكثر في المقام،فالأقل ثابت دون الأكثر،و لكن لا أساس لهذا المبنى،فان النصابين في مفروض المثال و هو الحنطة و الشعير ما داما باقيين فالزكاة متعلقة بهما عينا لا بعهدة المالك،و إذا تلفا بتفريط من المالك تعلق مثلها في عهدته لا قيمتها،و على هذا فلا فرق بين عين الزكاة و بين بدلها و هو المثل،فكما ان بين العينين في النصابين المذكورين تباين،و يكون العلم الإجمالي بوجوب إحداهما مؤثرا و مانعا عن جريان الأصل المؤمن في اطرافه،فكذلك بين مثليهما الثابتين في العهدة،فان العلم الإجمالي بوجوب أحدهما مؤثر،و اما مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان الثابت في العهدة القيمة دون المثل،فبما أن أمرها يدور بين الأقل و الأكثر،فالواجب يكون الأقل دون الاكثر،و المرجع فيه أصالة البراءة.
و دعوى أن الواجب هو الأكثر باعتبار انه بدل عن المبدل الذي هو منجز عليه بالعلم الإجمالي و إن كان أكثر قيمة من عدله.
مدفوعة:بأن تنجز المبدل انما هو من جهة العلم الإجمالي بينه و بين عدله،و بما أنه بين المتباينين فيكون منجزا،و الفرض انحلال هذا العلم الإجمالي في مرحلة الانتقال إلى البدل،باعتبار انه يكون بين الأقل و الاكثر، فوجوب الأقل معلوم تفصيلا و الأكثر مشكوك بالشك البدوي،و مجرد انه بدل عما هو أكثر قيمة لا أثر له،باعتبار انه موضوع آخر،و تنجزه بحاجة إلى وجود منجز له.
أولا هو العين و مردد بينهما إذا كانا موجودين بل في صورة التلف أيضا لأنهما مثليان،و إذا علم أن عليه إما زكاة خمس من الإبل أو زكاة أربعين شاة يكفيه إخراج شاة(1)،و إذا علم أن عليه إما زكاة ثلاثين بقرة أو أربعين شاة وجب الاحتياط إلا مع التلف فإنه يكفيه قيمة شاة،و كذا الكلام في نظائر المذكورات.
[2796]الثامنة:إذا كان عليه الزكاة فمات قبل أدائها هل يجوز إعطاؤها من تركته لواجب النفقة عليه حال حياته أم لا؟إشكال(2).
[2797]التاسعة:إذا باع النصاب بعد وجوب الزكاة و شرط على المشتري زكاته لا يبعد الجواز إلا إذا قصد كون الزكاة عليه لا أن يكون نائبا عنه فإنه مشكل(3).
هذا مبني على أن تكون الزكاة جزءا من النصاب،فإذا تلفت بتفريط من المالك اشتغلت ذمته ببدلها،و لكن قد تقدم ان زكاة الغنم تختلف عن زكاة البقر،فان زكاة الغنم جزء من النصاب و نسبتها إليه نسبة الكلي في المعين،و اما زكاة البقر فهي ليست جزءا من النصاب،بل هي الجامع بينه و بين غيره،و على هذا فلا تتلف زكاة البقر بتلف النصاب،فإذا تلف كلا النصابين معا علم اجمالا اما بوجوب تبيع أو تبيعة عليه،أو قيمة شاة،و كان هذا العلم منجزا و موجبا للاحتياط بالجمع باعطاء القيمة و التبيع معا.
الظاهر انه لا اشكال في الجواز،لأنه بعد الموت ليس من واجب النفقة عليه لكي يكون مشمولا لدليل المنع و إن كان واجب النفقة حين التعلق إلاّ ان المعيار انما هو بوقت الاعطاء،و الفرض انه في هذا الوقت ليس من واجب النفقة،هذا نظير ما اذ طلق زوجته بعد تعلق الوجوب،فانه يجوز له أن يدفع من زكاته اليها إذا كانت مستحقة،و اطلاق دليل جواز الدفع إلى غير واجب النفقة إذا كان أهلا لها محكم.
بل هو غير صحيح،لأنه إن اريد من كون الزكاة عليه انتقالها من ذمة
[2798]العاشرة:إذا طلب من غيره أن يؤدي زكاته تبرعا من ماله جاز و أجزأ عنه،و لا يجوز للمتبرع الرجوع عليه،و أما إن طلب و لم يذكر التبرع فأدّاها عنه من ماله فالظاهر جواز رجوعه عليه بعوضه لقاعدة احترام المال(1)،إلا إذا علم كونه متبرعا.
في اقتضاء هذه القاعدة الضمان اشكال بل منع،لأن مقتضاها عدم
[2799]الحادية عشرة:إذا وكّل غيره في أداء زكاته أو في الإيصال إلى الفقير هل تبرأ ذمته بمجرد ذلك أو يجب العلم بأنه أداها أو يكفي إخبار الوكيل بالأداء؟لا يبعد جواز الاكتفاء إذا كان الوكيل عدلا(1)بمجرد الدفع إليه.
[2800]الثانية عشرة:إذا شك في اشتغال ذمته بالزكاة فأعطى شيئا للفقير و نوى أنه إن كان عليه الزكاة كان زكاة و إلاّ فإن كان عليه مظالم كان منها و إلا فإن كان على أبيه زكاة كان زكاة له و إلا فمظالم له و إن لم يكن على أبيه شيء فلجدّه إن كان عليه و هكذا،فالظاهر الصحة.
[2801]الثالثة عشرة:لا يجب الترتيب في أداء الزكاة بتقديم ما وجب عليه أوّلا فأولا،فلو كان عليه زكاة السنة السابقة و زكاة الحاضرة جاز تقديم الحاضرة بالنية،و لو أعطى من غير نية التعيين فالظاهر التوزيع(2).
بل يكفى كونه ثقة و إن لم يكن عدلا،فإذا كان ثقة و دفعها إليه برئت ذمته باعتبار انه وضعها بيد من يثق بأنه يوصلها إلى أهلها،و عندئذ فان تلفت عنده فان كان بتفريط منه ضمن،و إلاّ فلا ضمان عليه أيضا.
في اطلاقه اشكال بل منع،لأن ذلك انما يتم فيما إذا كانت الزكاة
[2802]الرابعة عشرة:في المزارعة الفاسدة الزكاة مع بلوغ النصاب على صاحب البذر،و في الصحيحة منها عليهما إذا بلغ نصيب كل منهما،و إن بلغ نصيب أحدهما دون الآخر فعليه فقط،و إن لم يبلغ نصيب واحد منهما فلا يجب على واحد منهما و إن بلغ المجموع النصاب.
[2803]الخامسة عشرة:يجوز للحاكم الشرعي أن يقترض على الزكاة(1) و يصرفه في بعض مصارفها،كما إذا كان هناك مفسدة لا يمكن دفعها إلا بصرف مال و لم يكن عنده ما يصرفه فيه،أو كان فقير مضطر لا يمكن إعانته و رفع اضطراره إلا بذلك،أو ابن السبيل كذلك أو تعمير قنطرة أو مسجد أو نحو ذلك و كان لا يمكن تأخيره،فحينئذ يستدين على الزكاة و يصرف و بعد حصولها يؤدي الدين منها،و إذا أعطى فقيرا من هذا الوجه و صار عند حصول الزكاة غنيا لا يسترجع منه إذ المفروض أنه أعطاه بعنوان الزكاة،و ليس هذا من باب إقراض الفقير و الاحتساب عليه بعد ذلك إذ في تلك الصورة تشتغل ذمة الفقير،بخلاف المقام فإن الدين على الزكاة،و لا يضر عدم كون الزكاة ذات ذمة تشتغل لأن هذه الامور اعتبارية و العقلاء
في الاقتراض على الزكاة اشكال بل منع.
أما أولا:فلأن الزكاة حكم شرعي مجعول على الأموال الخاصة لدى توفر
يصححون هذا الاعتبار،و نظيره استدانة متولي الوقف لتعميره ثم الأداء بعد ذلك من نمائه مع أنه في الحقيقة راجع إلى اشتغال ذمة أرباب الزكاة من الفقراء و الغارمين و أبناء السبيل من حيث هم من مصارفها لا من حيث هم
هم،و ذلك مثل ملكيتهم للزكاة فإنها ملك لنوع المستحقين فالدين أيضا على نوعهم من حيث إنهم من مصارفه لا من حيث أنفسهم،و يجوز أن يستدين على نفسه من حيث ولايته على الزكاة(1)و على المستحقين(2) بقصد الأداء من مالهم،و لكن في الحقيقة هذا أيضا يرجع إلى الوجه الأول، و هل يجوز لآحاد المالكين إقراض الزكاة قبل أوان وجوبها أو الاستدانة لها على حذو ما ذكرنا في الحاكم؟وجهان(3)،و يجري جميع ما ذكرنا في الخمس و المظالم و نحوهما(4).
[2804]السادسة عشرة:لا يجوز للفقير و لا للحاكم الشرعي أخذ الزكاة من
هذا هو الصحيح،فان له أن يقترض لنفسه و يصرفه فيما دعت الحاجة و الضرورة إلى صرفه فيه من مصارف الزكاة،ثم يؤديه منها،و لا يرجع هذا إلى الوجه الأول و هو الاقتراض على الزكاة،أو على أهلها.
ظهر انه لا دليل على ولايته عليهم لكي يسوغ له الاقتراض على ذمتهم.
أقواهما العدم،اذ لا منشأ لهذه الولاية،و لا يوجد أي دليل عليها في نصوص الباب.
نعم،قد يتوهم أن نصوص تعجيل الزكاة قبل وقتها تدل عليها،و لكن لا أساس لهذا التوهم:
أما أولا:فلما تقدم من عدم امكان الأخذ بظاهر تلك النصوص.
و أما ثانيا:فمع الاغماض عن ذلك و تسليم الأخذ بظاهرها،أنها تدل على جواز التعجيل قبل وقتها،و لا تدل على جواز اقراضها قبل أوانها أو الاستدانة لها.
فيه ان المظالم تختلف عن الزكاة و الخمس،فان الزكاة و الخمس متعلقتان بالأعيان،و المظالم متعلقة بالذمة،و على هذا فان كانت المظلمة من
المالك ثم الرد عليه المسمى بالفارسية ب«دست گردان»أو المصالحة معه بشيء يسير أو قبول شيء منه بأزيد من قيمته أو نحو ذلك فإن كل هذه حيل في تفويت حق الفقراء،و كذا بالنسبة إلى الخمس و المظالم و نحوهما،نعم لو كان شخص عليه من الزكاة أو المظالم أو نحوهما مبلغ كثير و صار فقيرا لا يمكنه أداؤها و أراد أن يتوب إلى اللّه تعالى لا بأس بتفريغ ذمته بأحد الوجوه المذكورة(1)،و مع ذلك إذا كان مرجو التمكن بعد ذلك الأولى أن
بل بخصوص الوجه الأول شريطة أن يكون الرد من الفقير عن طيب
يشترط عليه أداءها بتمامها عنده.
[2805]السابعة عشرة:اشتراط التمكن من التصرف فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام و النقدين معلوم،و أما فيما لا يعتبر فيه كالغلات ففيه خلاف و إشكال(1).
و الأظهر اعتباره،لأن مورد أكثر روايات الباب و إن كان خصوص ما
[2806]الثامنة عشرة:إذا كان له مال مدفون في مكان و نسي موضعه بحيث لا يمكنه العثور عليه لا يجب فيه الزكاة إلا بعد العثور و مضيّ الحول من حينه،و أما إذا كان في صندوقه مثلا لكنه غافل عنه بالمرة فلا يتمكن من التصرف فيه من جهة غفلته و إلا فلو التفت إليه أمكنه التصرف فيه يجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول و يجب التكرار إذا حال عليه أحوال،فليس هذا من عدم التمكن الذي هو قادح في وجوب الزكاة.
[2807]التاسعة عشرة:إذا نذر أن لا يتصرف في ماله الحاضر شهرا أو شهرين أو أكرهه مكره على عدم التصرف أو كان مشروطا عليه في ضمن عقد لازم،ففي منعه من وجوب الزكاة و كونه من عدم التمكن من التصرف
الذي هو موضوع الحكم إشكال(1)،لأن القدر المتيقن ما إذا لم يكن المال حاضرا عنده أو كان حاضرا و كان بحكم الغائب عرفا.
[2808]العشرون:يجوز أن يشتري من زكاته من سهم سبيل اللّه كتابا أو قرآنا أو دعاء و يوقفه و يجعل التولية بيده أو يد أولاده،و لو أوقفه على اولاده و غيرهم ممن يجب نفقته عليه فلا بأس به أيضا،نعم لو اشترى خانا أو بستانا و وقفه على من تجب نفقته عليه لصرف نمائه في نفقتهم فيه إشكال(2).
[2809]الحادية و العشرون:إذا كان ممتنعا من أداء الزكاة لا يجوز للفقير المقاصة من ماله إلا بإذن الحاكم الشرعي في كل مورد.
[2810]الثانية و العشرون:لا يجوز إعطاء الزكاة للفقير من سهم الفقراء للزيارة أو الحج أو نحوهما من القرب،و يجوز من سهم سبيل اللّه.
[2811]الثالثة و العشرون:يجوز صرف الزكاة من سهم سبيل اللّه في كل قربة حتى إعطاؤها للظالم لتخليص المؤمنين من شرّه إذا لم يمكن دفع شره إلا بهذا.
الظاهر انه لا اشكال في منعه عن وجوب الزكاة لما تقدم في أول الكتاب في الشرط الخامس(و هو التمكن من التصرف)من أن عدم التمكن منه المانع من وجوب الزكاة أعم من العقلي و الشرعي،و تمام الكلام هناك.
بل منع لما تقدم من أنه لا يجوز اعطاء الزكاة و لو من سهم سبيل اللّه لمن تجب عليه نفقته،بلا فرق في ذلك بين أن يجعل الزكاة بمثابة رأس مال له و يستفيد من نمائه و منافعه،أو يصرف نفس الزكاة عليه،لأن المستفاد من الروايات التي تنص على عدم جواز اعطاء الزكاة له بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أعم من صرف نفس الزكاة فيه،أو جعلها بمثابة رأس مال له
[2812]الرابعة و العشرون:لو نذر أن يكون نصف ثمر نخله أو كرمه أو نصف حب زرعه لشخص بعنوان نذر النتيجة(1)و بلغ ذلك النصاب وجبت الزكاة على ذلك الشخص أيضا،لأنه مالك له حين تعلق الوجوب، و أما لو كان بعنوان نذر الفعل فلا تجب على ذلك الشخص،و في وجوبها على المالك بالنسبة إلى المقدر المنذور إشكال(2).
[2813]الخامسة و العشرون:يجوز للفقير أن يوكّل شخصا يقبض له الزكاة من أي شخص و في أي مكان كان،و يجوز للمالك إقباضه إياه مع علمه بالحال و تبرأ ذمته و إن تلفت في يد الوكيل قبل الوصول إلى الفقير،و لا مانع من أن يجعل الفقير للوكيل جعلا على ذلك.
[2814]السادسة و العشرون:لا تجري الفضولية في دفع الزكاة(3)،فلو أعطى فضولي زكاة شخص من ماله من غير إذنه فأجاز بعد ذلك لم يصح، نعم لو كان المال باقيا في يد الفقير أو تالفا مع ضمانه بأن يكون عالما
لا يصح نذر النتيجة في المسألة،لأنه بمجرده لا يكون مملكا،بل يتوقف الملك على تمليك المالك بسبب من الاسباب،و هو غير حاصل.
بل منع،و الأظهر عدم وجوبها لما تقدم من ان وجوب الوفاء بالنذر يمنع من التصرف في متعلقه،فيكون فاقدا لشرط التمكن المعتبر في وجوبها.
في عدم الجريان اشكال،و لا يبعد الجريان،و ذلك لأن القبض او
بالحال يجوز له الاحتساب إذا كان باقيا على فقره.
[2815]السابعة و العشرون:إذا وكّل المالك شخصا في إخراج زكاته من ماله أو أعطاه له و قال:ادفعه إلى الفقراء؛يجوز له الأخذ منه لنفسه إن كان فقيرا مع علمه بأن غرضه الإيصال إلى الفقراء(1)،و أما إذا احتمل كون غرضه الدفع إلى غيره فلا يجوز.
[2816]الثامنة و العشرون:لو قبض الفقير بعنوان الزكاة أربعين شاة دفعة أو تدريجا و بقيت عنده سنة وجب عليه إخراج زكاتها،و هكذا في سائر الأنعام و النقدين.
بل مع الجهل به أيضا يجوز له الأخذ منه بمثل ما يعطى لغيره،
[2817]التاسعة و العشرون:لو كان مال زكوي مشتركا بين اثنين مثلا و كان نصيب كل منهما بقدر النصاب فأعطى أحدهما زكاة حصته من مال آخر أو منه بإذن الآخر قبل القسمة ثم اقتسماه فإن احتمل المزكي أن شريكه يؤدي زكاته فلا إشكال،و إن علم أنه لا يؤدي ففيه إشكال(1)من حيث تعلق الزكاة بالعين فيكون مقدار منها في حصته.
الأظهر عدم الاشكال في القسمة،فان الاشكال مبني على عدم ثبوت
[2818]الثلاثون:قد مر أن الكافر مكلف بالزكاة و لا تصح منه(1)و إن كان لو أسلم سقطت عنه،و على هذا فيجوز للحاكم إجباره على الإعطاء له أو أخذها من ماله قهرا عليه،و يكون هو المتولي للنية،و إن لم يؤخذ منه حتى مات كافرا جاز الأخذ من تركته،و إن كان وارثه مسلما وجب عليه،كما أنه لو اشترى مسلم تمام النصاب منه كان شراؤه بالنسبة إلى مقدار الزكاة فضوليا،و حكمه حكم ما إذا اشترى من المسلم قبل إخراج الزكاة،و قد مر سابقا.
[2819]الحادي و الثلاثون:إذا بقي من المال الذي تعلق به الزكاة و الخمس مقدار لا يفي بهما و لم يكن عنده غيره فالظاهر وجوب التوزيع بالنسبة(2)،
تقدم الإشكال في اعتبار الإسلام و الايمان في صحة العبادة في المسألة(1)من فصل زكاة الأنعام،و المسألة(16)و(17)في أوائل كتاب الزكاة.
في الوجوب اشكال بل منع،اذ لا منشأ له الا إذا افترض تمامية أحد
بخلاف ما إذا كانا في ذمته و لم يكن عنده ما يفي بهما فإنه مخير بين التوزيع و تقديم أحدهما،و إذا كان عليه خمس أو زكاة و مع ذلك عليه من دين الناس و الكفارة و النذر و المظالم و ضاق ماله عن أداء الجميع فإن كانت العين التي فيها الخمس أو الزكاة موجودة وجب تقديمهما على البقية،و إن لم تكن موجودة فهو مخير بين تقديم أيّهما شاء(1)و لا يجب التوزيع و إن كان أولى،نعم إذا مات و كان عليه هذه الأمور و ضاقت التركة
في اطلاقه اشكال،فان وجوب الوفاء بالنذر لا يصلح أن يزاحم أيّ واجب آخر بمقتضى ما دل على أن شرط اللّه قبل شرطكم،فان الظاهر منه عرفا أن وجوب الوفاء بالنذر أو العهد أو اليمين أو ما شاكل ذلك لا يزاحم أيّ وجوب وضعه اللّه تعالى.
و اما وجوب الكفارة فهو يصلح أن يزاحم وجوب الزكاة و الخمس و الدين،و حينئذ لا بد من تطبيق قواعد باب المزاحمة،و في ضوء هذه القواعد لا بد من تقديم وجوب الزكاة أو الخمس على وجوب الكفارة تطبيقا لتقديم الأهم على المهم و لو احتمالا.
و اما الدين المعجل المطالب به فعلا فالظاهر تقديمه على وجوب الكفارة لأمرين..
أحدهما:ان وجوب الكفارة مشروط بالقدرة الشرعية على ما يستفاد من أدلتها،و ظاهرها أن المراد من القدرة المأخوذة في موضوع وجوبها القدرة التكوينية في مقابل العجز التكويني الأعم من الاختياري و الاضطراري، و وجوب الدين مشروط بالقدرة العقلية.
وجب التوزيع بالنسبة(1)كما في غرماء المفلس،و إذا كان عليه حج واجب أيضا كان في عرضها(2).
[2820]الثانية و الثلاثون:الظاهر أنه لا مانع من إعطاء الزكاة للسائل بكفه، و كذا في الفطرة،و من منع من ذلك كالمجلسي رحمه اللّه في زاد المعاد في باب زكاة الفطرة لعل نظره إلى حرمة السؤال و اشتراط العدالة في الفقير،و إلا فلا دليل عليه بالخصوص،بل قال المحقق القمي قدّس سرّه:لم أر من استثناه فيما رأيته من كلمات العلماء سوى المجلسي في زاد المعاد،قال:و لعله سهو منه و كأنه كان يريد الاحتياط فسها و ذكره بعنوان الفتوى.
[2821]الثالثة و الثلاثون:الظاهر بناء على اعتبار العدالة في الفقير عدم جواز أخذه أيضا،لكن ذكر المحقق القمي رحمه اللّه أنه مختص بالإعطاء بمعنى أنه لا يجوز للمعطي أن يدفع إلى غير العادل،و أما الآخذ فليس مكلفا بعدم الأخذ(3).
هذا في غير الكفارة و النذر حيث أنهما ليسا من الواجبات المالية، فلذلك لا يخرجان من الأصل.
بل الحج مقدم عليها للنص.
هذا غريب من المحقق القمي قدّس سرّه،فان العدالة إذا كانت شرطا في الآخذ للزكاة كالفقر لم يجز له أخذها إذا كان فاقدا لها،كما انه لم يجز اذا كان
[2822]الرابعة و الثلاثون:لا إشكال في وجوب قصد القربة في الزكاة، و ظاهر كلمات العلماء أنها شرط في الإجزاء فلو لم يقصد القربة لم يكن زكاة و لم يجزئ،و لو لا الإجماع أمكن الخدشة فيه،و محل الإشكال غير ما إذا كان قاصد للقربة في العزل و بعد ذلك نوى الرياء مثلا حين دفع ذلك المعزول إلى الفقير،فإن الظاهر إجزاؤه و إن قلنا باعتبار القربة إذ المفروض تحققها حين الإخراج و العزل.
[2823]الخامسة و الثلاثون:إذا وكّل شخصا في إخراج زكاته و كان الموكل قاصدا للقربة و قصد الوكيل الرياء ففي الإجزاء إشكال(1)،و على عدم الإجزاء يكون الوكيل ضامنا.
بل الظاهر الاجزاء لأن المالك اذا نوى القربة إلى اللّه تعالى بتوكيله له في اخراج زكاته الواجبة عليه و دفعها إلى أهلها كفى،لأنه بذلك قد قصد التقرب إليه تعالى باخراج زكاته و إن نوى الوكيل الرياء في دفعها إلى الأهل،لأن المعيار انما هو بنية الموكل القربة،و المفروض انه قد نوى التقرب في اخراجها و دفعها،باعتبار أن اخراج الوكيل اخراج للموكل حقيقة، و لا أثر لعدم قصد الوكيل التقرب به،لأنه لا يكون مأمورا به و أجنبيا عنه ما عدا كونه واسطة في الايصال،و بذلك تمتاز الزكاة عن سائر العبادات لأنها قابلة للوكالة و الاستناد إلى غير المباشر حقيقة دون غيرها كالصلاة و الصيام و الحج،كما مر تفصيل ذلك في المسألة(1)من(فصل:الزكاة من العبادات).
[2824]السادسة و الثلاثون:إذا دفع المالك الزكاة إلى الحاكم الشرعي ليدفعها للفقراء فدفعها لا بقصد القربة،فإن كان أخذ الحاكم و دفعه بعنوان الوكالة عن المالك أشكل الاجزاء كما مر(1)و إن كان المالك قاصدا للقربة حين دفعها للحاكم،و إن كان بعنوان الولاية على الفقراء فلا إشكال في الإجزاء إذا كان المالك قاصدا للقربة بالدفع إلى الحاكم لكن بشرط أن يكون إعطاء الحاكم بعنوان الزكاة،و أما إذا كان لتحصيل الرئاسة فهو مشكل،بل الظاهر ضمانه حينئذ و إن كان الآخذ فقيرا(2).
[2825]السابعة و الثلاثون:إذا أخذ الحاكم الزكاة من الممتنع كرها يكون هو المتولي للنية،و ظاهر كلماتهم الإجزاء(3)و لا يجب على الممتنع
الظاهر انه لا اشكال في الاجزاء إذا نوى المالك القربة و الاخلاص حين دفعها إلى الحاكم أو إلى وكيله باعتبار ان الزكاة تنعزل بذلك و تتعين في المال المدفوع به و إن لم يكن الحاكم و الوكيل قاصدا القربة عند الايصال إلى الفقير،هذا اضافة إلى أن ما ذكرناه سابقا من اعتبار نية القربة في ايتاء الزكاة مبنى على الاحتياط.
في الضمان اشكال بل منع،لأن عزل الزكاة يتحقق بدفعها إلى الحاكم و تتعين بذلك،و قد مر ان العزل إذا كان مع القربة و الاخلاص كفى و إن كان الايصال إلى الفقير بغرض آخر كالرياء أو طلب الرئاسة أو نحو ذلك،و قد صرح الماتن قدّس سرّه في المسألة الرابعة و الثلاثين كفاية دفع الزكاة إلى الفقير رياء إذا كانت معزولة مع القربة.
هذا هو الصحيح على أساس ان الحاكم الشرعي بما انه ولي على الزكاة،فاذا امتنع المالك عن ادائها قام الولي مقامه في ايتاء الزكاة بتمام شروطه،منها نية القربة و الاخلاص،فاذا قام الولي باخراج الزكاة من مال المالك الممتنع و كان يدفعها إلى أهلها ناويا به القربة إلى اللّه تعالى
بعد ذلك شيء و إنما يكون عليه الإثم من حيث امتناعه،لكنه لا يخلو عن إشكال بناء على اعتبار قصد القربة،إذ قصد الحاكم لا ينفعه فيما هو عبادة واجبة عليه.
[2826]الثامنة و الثلاثون:إذا كان المشتغل بتحصيل العلم قادرا على الكسب إذا ترك التحصيل لا مانع من إعطائه من الزكاة(1)إذا كان ذلك العلم مما يستحب تحصيله،و إلا فمشكل.
في اعطائه من سهم الفقراء اشكال بل منع إذا لم يكن تحصيل العلم واجبا عينيا عليه،و قد تقدم تفصيل ذلك في المسألة(8)من(فصل:في أصناف المستحقين).
[2827]التاسعة و الثلاثون:إذا لم يكن الفقير المشتغل بتحصيل العلم الراجح شرعا قاصدا للقربة لا مانع من إعطائه الزكاة،و أما إذا كان قاصدا للرياء أو للرئاسة المحرمة ففي جواز إعطائه إشكال من حيث كونه اعانة على الحرام(1).
[2828]الأربعون:حكي عن جماعة عدم صحة دفع الزكاة في المكان المغصوب نظرا إلى أنه من العبادات فلا يجتمع مع الحرام،و لعل نظرهم إلى غير صورة الاحتساب على الفقير من دين له عليه إذ فيه لا يكون تصرفا في ملك الغير،بل إلى صورة الإعطاء و الأخذ حيث إنهما فعلان خارجيان، و لكنه أيضا مشكل من حيث إن الإعطاء الخارجي مقدمة للواجب و هو الإيصال الذي هو أمر انتزاعي معنوي(2)،فلا يبعد الإجزاء.
فيه اشكال بل منع،فان صدق الاعانة يتوقف على أنه كان يقصد من وراء اعطاء الزكاة له اعانته على ما نواه من الرياء أو الرئاسة المحرمة،و أما إذا كان الاعطاء له بما انه فقيرا و طالب علم ديني،فلا يصدق عليه عنوان الاعانة، هذا اضافة إلى ما مر في الوصف الثاني من(فصل:في اوصاف المستحقين)ان عدم جواز اعطاء الزكاة لمن يكون اعطاؤها له اعانة على الإثم مبني على الاحتياط.
فيه:ان الواجب هو ايتاء الزكاة و اعطاؤها للفقير،و ايصالها اليه خارجا،فالايصال عنوان للواجب الذي هو فعل خارجي،و مع ذلك لا يكون مصداقا للغصب،لأن الغصب من مقولة الأين التي هي عبارة عن كون الغاصب في المكان المغصوب،و هو لا يختلف باختلاف حالاته و أوضاعه،و لا يقيد بكونه على حالة واحدة و وضع واحد فيه،بل له الخيار في النقلة من نقطة إلى
[2829]الحادية و الأربعون:لا إشكال في اعتبار التمكن من التصرف في وجوب الزكاة فيما يعتبر فيه الحول كالأنعام و النقدين كما مر سابقا،و أما ما لا يعتبر فيه الحول كالغلات فلا يعتبر التمكن من التصرف فيها قبل حال تعلق الوجوب بلا إشكال،و كذا لا إشكال في أنه لا يضر عدم التمكن بعده إذا حدث التمكن بعد ذلك،و إنما الإشكال و الخلاف في اعتباره حال تعلق الوجوب،و الأظهر عدم اعتباره(1)،فلو غصب زرعه غاصب و بقي مغصوبا إلى وقت التعلق ثم رجع إليه بعد ذلك وجبت زكاته.
مر في المسألة(17)ان الأظهر اعتباره،و لكن لا ثمرة بين القولين.
فصل في زكاة الفطرة و هي واجبة إجماعا من المسلمين،و من فوائدها أنها تدفع الموت في تلك السنة عمن أديّت عنه،و منها أنها توجب قبول الصوم،فعن الصادق عليه السّلام أنه قال لوكيله:«اذهب فأعط عن عيالنا الفطرة أجمعهم و لا تدع منهم أحدا فإنك إن تركت منهم أحدا تخوّفت عليه الفوت.قلت:و ما الفوت؟قال عليه السّلام:الموت»و عنه عليه السّلام:إن من تمام الصوم إعطاء الزكاة كما أن الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله من تمام الصلاة لأنه من صام و لم يؤد الزكاة فلا صوم له إذا تركها متعمدا و لا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلّى اللّه عليه و آله،إن اللّه تعالى قد بدأ بها قبل الصلاة و قال: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكّٰى وَ ذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّٰى 1و المراد بالزكاة في هذا الخبر هو زكاة الفطرة كما يستفاد من بعض الأخبار المفسرة للآية.
و الفطرة إما بمعنى الخلقة،فزكاة الفطرة أي زكاة البدن من حيث إنها تحفظه عن الموت أو تطهّره عن الأوساخ،و إما بمعنى الدين أي زكاة الإسلام و الدين،و إما بمعنى الإفطار لكون وجوبها يوم الفطر.
و الكلام في شرائط وجوبها،و من تجب عليه،و في من تجب عنه، و في جنسها،و في قدرها،و في وقتها،و في مصرفها،فهنا فصول..
فصل في شرائط وجوبها و هي أمور..
الأول:التكليف،فلا تجب على الصبي و المجنون(1)و لا على وليهما أن يؤدي عنهما من مالهما،بل يقوى سقوطها عنهما بالنسبة إلى عيالهما أيضا(2).
الثاني:عدم الإغماء(3)،فلا تجب على من أهلّ شوال عليه و هو مغمى عليه.
في عدم وجوب الفطرة عليه اشكال،و الاحتياط لا يترك،إذ لا دليل على عدم الوجوب الاّ الاجماع المدعى في كلمات بعض الأصحاب،و لكن قد ذكرنا غير مرة انه ليس بامكاننا الاعتماد على الاجماع في المسألة لإثباتها شرعا.
و اما حديث رفع القلم المتضمن للمجنون فهو ضعيف سندا،فلا يمكن الاعتماد عليه،و على هذا فالأحوط و الأجدر بالولي اخراج زكاة فطرته من ماله.
في سقوطها عن المجنون بالنسبة إلى عياله أيضا اشكال،و الاحتياط لا يترك كما مر.
فيه اشكال،بل منع،اذ لا دليل على أن الاغماء مانع عن وجوب الفطرة غير دعوى عدم وجدان الخلاف في المسألة.و هذه الدعوى على تقدير ثبوتها لا أثر لها فضلا عن ان ثبوتها محل اشكال بل منع.هذا اضافة إلى ما مر من أن الاغماء ملحق بالنوم لا بالجنون لا حكما و لا موضوعا.
الثالث:الحرية،فلا تجب على المملوك و إن قلنا إنه يملك(1)،سواء كان قنا أو مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا مشروطا أو مطلقا(2)و لم يؤد شيئا فتجب فطرتهم على المولى،نعم لو تحرر من المملوك شيء وجبت عليه و على المولى بالنسبة(3)مع حصول الشرائط.
في اعتبار هذا الشرط على القول بأنه يملك اشكال بل منع،اذ لا دليل عليه غير دعوى الاجماع،و قد مر انه لا يمكن الاعتماد عليها في اثبات المسألة شرعا.
و ان شئت قلت:بناء على القول بانه لا يملك،فعدم وجوب الفطرة عليه انما هو من جهة فقره،لا من جهة انه مملوك،فاذن ليس هذا الشرط شرطا آخر في مقابل الغناء،و اما بناء على القول بأنه يملك،فلا دليل على اعتبار هذا الشرط غير نقل الاجماع في المسألة.
و اما الروايات التي تنص على أن فطرة المملوك على مولاه فلا تدل على عدم وجوب الفطرة عليه مباشرة،لأن الظاهر منها أن وجوب فطرته عليه انما هو بملاك العيلولة كسائر افراد عائلته.
لكن الظاهر وجوب الفطرة عليه و إن قلنا بعدم وجوبها على سائر المماليك،و ذلك لصحيحة علي بن جعفر:«انه سأل اخاه موسى بن جعفر عليه السّلام عن المكاتب هل عليه فطرة شهر رمضان أو على من كاتبه و تجوز شهادته؟ قال عليه السّلام:الفطرة عليه،و لا تجوز شهادته» 1فانها تنص على أن فطرته عليه لا على من كاتبه،و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن يكون مشروطا أو مطلقا.
فيه:ان الظاهر وجوبها عليه شريطة توفر سائر شروطها من البلوغ و الغناء و نحوهما،لإطلاق أدلة وجوب الفطرة،و لا دليل على التقييد غير الاجماع المدعى على اعتبار الحرية،فانه على تقدير ثبوته لا يشمل المقام،و اما
الرابع:الغنى،و هو أن يملك قوت سنة له و لعياله زائدا على ما يقابل الدين و مستثنياته فعلا أو قوة بأن يكون له كسب يفي بذلك،فلا تجب على الفقير و هو من لا يملك ذلك و إن كان الأحوط إخراجها(1)إذا كان مالكا لقوت السنة و إن كان عليه دين،بمعنى أن الدين لا يمنع من وجوب الإخراج و يكفي ملك قوت السنة،بل الأحوط(2)الإخراج إذا كان مالكا
بل لا يبعد ذلك،لأن المستفاد من مجموعة روايات الباب أن من يقدر على أن يكف نفسه عن الزكاة فهي لا تحل له،سواء أ كان ذلك من جهة وجود المال الكافي لمؤنة سنته عنده أم كان من جهة انه صاحب مهنة أو حرفة أو قدرة على الاكتساب.و ينص عليه قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:«لا تحل الصّدقة لغنى،و لا لذى مرة سوى،و لا لمحترف و لا لقوى» 1فان مقتضى اطلاقه ان الصدقة محرمة على هؤلاء و إن كانوا مدينين و عاجزين عن الأداء إذا كانوا قادرين على أن يكفوا أنفسهم عن صرف الزكاة في اعاشتهم،و يؤكد ذلك جعل سهم الغارمين في الكتاب و السنة في مقابل سهم الفقراء،فان هذا يدل على أن المستحق لهم الفقراء غير المستحق لسهم الغارمين،لأن المستحق للأول هو الفقير،أي من لا تكون عنده مؤنة السنة،و المستحق للثاني هو المديون العاجز عن الأداء و إن كانت عنده مؤنة السنة بالفعل،او بالقوة فلا يحق للأول أن يأخذ من سهم الغارمين،و لا للثاني أن يأخذ من سهم الفقراء.
فالنتيجة:ان وجوب الفطرة على من كانت عنده مؤنة السنة و إن كان مديونا و عاجزا عن الأداء غير بعيد،فلا يحق له أن يأخذ من سهم الفقراء،و يحق له أن يأخذ من سهم الغارمين.
فيه ان الاحتياط ضعيف جدا،و لا يوجد أي منشأ له لا نصا و لا فتوى،
عين أحد النصب الزكوية أو قيمتها و إن لم يكفه لقوت سنته،بل الأحوط إخراجها إذا زاد على مئونة يومه و ليلته صاع.
[2830]مسألة 1:لا يعتبر في الوجوب كونه مالكا مقدار الزكاة زائدا على مئونة السنة،فتجب و إن لم يكن له الزيادة على الأقوى و الأحوط(1).
[2831]مسألة 2:لا يشترط في وجوبها الإسلام،فتجب على الكافر(2)
هذا هو الصحيح لإطلاق نصوص الباب..
منها:صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سئل عن رجل يأخذ من الزكاة عليه صدقة الفطرة؟قال:لا» 1فانها تنص على أن من يأخذ الزكاة لا تجب عليه الفطرة،و على هذا فالخارج من اطلاقات أدلة وجوب زكاة الفطرة على كل رأس هو من يستحق الزكاة،و اما من لا يستحقها فهو يظل باقيا تحت الاطلاقات،و يعم ذلك من كانت لديه مؤنة السنة فقط دون الأكثر لصدق انه ممن لا يستحقها.
فالنتيجة:ان الفطرة واجبة على من كانت عنده مؤنة السنة فحسب دون الزائد تطبيقا لتلك الاطلاقات.
و دعوى:ان الفطرة لو وجبت عليه بدون الزيادة على المئونة عنده لانقلب فقيرا،فاذن يلزم من فرض وجوبها انتفاؤه بانتفاء موضوعه.
مدفوعة:بأن مجرد وجوبها لا يوجب انقلابه فقيرا لكي يلزم من فرض وجوده عدمه،و انما يوجب فقره دفعها إلى أهلها خارجا،فاذا دفعها إلى مستحقها صار فقيرا،فعندئذ يجوز له أن يأخذ من الزكاة بما تتم به مؤنة سنته.
هذا هو الأظهر فان مقتضى اطلاقات الآيات و الروايات التي تؤكدها
لكن لا يصح أداؤها منه(1)،و إذا أسلم بعد الهلال سقط عنه،و أما المخالف إذا استبصر بعد الهلال فلا تسقط عنه.
[2832]مسألة 3:يعتبر فيها نية القربة كما في زكاة المال،فهي من العبادات،و لذا لا تصح من الكافر.
[2833]مسألة 4:يستحب للفقير إخراجها أيضا،و إن لم يكن عنده إلا صاع يتصدق به على عياله ثم يتصدق به على الأجنبي بعد أن ينتهي الدور، و يجوز أن يتصدق به على واحد منهم أيضا،و إن كان الأولى و الأحوط الأجنبي،و إن كان فيهم صغير أو مجنون يتولى الولي له الأخذ له و الإعطاء عنه،و إن كان الأولى و الأحوط أن يتملك الولي لنفسه ثم يؤدي عنهما.
[2834]مسألة 5:يكره تملك ما دفعه زكاة وجوبا أو ندبا(2)سواء تملكه صدقة أو غيرها على ما مرّ في زكاة المال.
[2835]مسألة 6:المدار في وجوب الفطرة إدراك غروب ليلة العيد جامعا
تقدم الاشكال في ذلك في المسألة(11)من(فصل:زكاة الأنعام)، و المسألة(16)و(17)في أوائل كتاب الزكاة.و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.
بل الأحوط وجوبا تركه،و قد مر تفصيله في المسألة(20)من(فصل:
بقية أحكام الزكاة-فيه مسائل).
للشرائط،فلو جنّ أو أغمي عليه(1)أو صار فقيرا قبل الغروب و لو بلحظة بل أو مقارنا للغروب لم تجب عليه،كما أنه لو اجتمعت الشرائط بعد فقدها قبله أو مقارنا له وجبت،كما لو بلغ الصبي أو زال جنونه و لو الأدواري أو أفاق من الإغماء أو ملك ما يصير به غنيا أو تحرّر و صار غنيا أو أسلم الكافر فإنها تجب عليهم،و لو كان البلوغ أو العقل أو الإسلام مثلا بعد الغروب لم تجب،نعم يستحب إخراجها إذا كان ذلك بعد الغروب إلى ما قبل الزوال من يوم العيد.
تقدم الكلام فيهما آنفا،ثم انه على تقدير اعتبار هذه الشروط، فالأظهر هو ما في المتن من عدم الفرق بينهما و بين المولود و من أسلم،لأن النص و إن كان مختصا بالأخيرين،الاّ أن المتفاهم العرفي من التعليل فيه عدم الفرق بينهما،و هو متمثل في صحيحة معاوية بن عمار قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مولود ولد ليلة الفطر،عليه فطرة؟قال:لا،قد خرج الشهر، و سألته عن يهودي أسلم ليلة الفطر،عليه فطرة؟قال:لا» 1لأن قوله عليه السّلام:
«قد خرج الشهر»بمثابة التعليل لعدم وجوب الفطرة،حيث ان المستفاد منه عرفا ان المعيار في وجوب الفطرة انما هو بكون المكلف واجدا لشروط التكليف قبل خروج الشهر،و أما إذا خرج الشهر و هو فاقد لها فلا شيء عليه و إن صار واجدا بعد ذلك.و تؤيد ذلك رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في المولود يولد ليلة الفطر و اليهودي و النصراني يسلم ليلة الفطر؟قال:ليس عليهم فطرة،ليس الفطرة الاّ على من أدرك الشهر» 2فانها و إن كانت أوضح دلالة من الأولى،الاّ انها ضعيفة سندا بعلي بن حمزة.فمن أجل ذلك لا يمكن الاستدلال بها،و لكن لا بأس بالتأييد.هذا اضافة إلى أن احتمال خصوصية لإسلام اليهودي
فصل في من تجب عنه يجب إخراجها بعد تحقق شرائطها عن نفسه و عن كل من يعوله حين دخول ليلة الفطر(1)،من غير فرق بين واجب النفقة عليه و غيره و الصغير و الكبير و الحرّ و المملوك و المسلم و الكافر و الأرحام و غيرهم حتى المحبوس عنده و لو على وجه محرّم،و كذا تجب عن الضيف بشرط صدق كونه عيالا له و إن نزل عليه في آخر يوم من رمضان،بل و إن لم يأكل عنده شيئا لكن بالشرط المذكور و هو صدق العيلولة عليه عند دخول ليلة الفطر بأن يكون بانيا على البقاء عنده مدة(2)،و مع عدم الصدق تجب على نفسه، لكن الأحوط أن يخرج صاحب المنزل عنه أيضا حيث ان بعض العلماء اكتفى في الوجوب عليه مجرد صدق اسم الضيف،و بعضهم اعتبر كونه
سبق أن مبدأ وقت الوجوب من غروب الشمس،و على هذا فيجوز اخراج الفطرة من ذلك الوقت إلى يوم العيد على تفصيل سوف يأتي بيانه إن شاء اللّه تعالى،و من هنا يكون اخراجها من الواجب الموسع.
فيه اشكال بل منع،إذ لا يتوقف صدق العيلولة عرفا على البقاء عنده مدة،بل قد يصدق على البقاء لديه ليلة واحدة،فالمعيار انما هو بصدق العيلولة، و يدور الحكم مدارها وجودا و عدما،و تنص على ذلك مجموعة من الروايات..
منها:صحيحة عمر بن يزيد قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يكون عنده الضيف من اخوانه،فيحضر يوم الفطر يؤدى عنه الفطرة؟فقال:نعم،
……….
عنده تمام الشهر،و بعضهم العشر الأواخر،و بعضهم الليلتين الأخيرتين، فمراعاة الاحتياط أولى،و أما الضيف النازل بعد دخول الليلة فلا تجب الزكاة عنه و إن كان مدعوا قبل ذلك(1).
[2836]مسألة 1:إذا ولد له ولد أو ملك مملوكا أو تزوج بامرأة قبل الغروب من ليلة الفطر أو مقارنا له وجبت الفطرة عنه إذا كان عيالا له،و كذا غير المذكورين ممن يكون عيالا،و إن كان بعده لم تجب،نعم يستحب الإخراج عنه إذا كان ذلك بعده و قبل الزوال من يوم الفطر.
[2837]مسألة 2:كل من وجبت فطرته على غيره سقطت عن نفسه و إن كان غنيا و كانت واجبة عليه لو انفرد،و كذا لو كان عيالا لشخص ثم صار وقت الخطاب عيالا لغيره،و لا فرق في السقوط عن نفسه بين أن يخرج عنه من وجبت عليه أو تركه عصيانا أو نسيانا،لكن الأحوط الإخراج عن نفسه حينئذ(2)،نعم لو كان المعيل فقيرا و العيال غنيا فالأقوى وجوبها على نفسه
هذا إذا لم يصدق عليه عنوان العيلولة،و الا وجبت الفطرة عنه.
بل هو الأقوى إذا كان المعيل ناسيا أو غافلا،لأنه في هذه الحالة بما أنه لا يعقل جعل التكليف له فلا يكون مشمولا لإطلاق أدلة الاستثناء التي تنص على أن زكاة المعال على المعيل،لأنها لا تعم ما إذا كان المعيل ناسيا أو غافلا أو جاهلا مركبا في الواقع،و على هذا فالمعال في هذه الحالة كان يبقى مشمولا لإطلاقات أدلة وجوب زكاة الفطرة لأن الخارج منها هو المعال الذي يكون المعيل مكلفا باخراج زكاته لا مطلقا،فاذن لا مانع من التمسك بها لإثبات وجوب الزكاة على المعال نفسه شريطة أن تكون شروطه متوفرة فيه.
فالنتيجة:ان أدلة الاستثناء في نفسها قاصرة عن شمول الناسي أو ما بحكمه،فيكون حاله حال المعيل الفقير.
و لو تكلف المعيل الفقير بالإخراج على الأقوى،و إن كان السقوط حينئذ لا يخلو عن وجه(1).
[2838]مسألة 3:تجب الفطرة عن الزوجة سواء كانت دائمة أو متعة مع العيلولة لهما،من غير فرق بين وجوب النفقة عليه أولا لنشوز أو نحوه، و كذا المملوك و إن لم تجب نفقته عليه،و أما مع عدم العيلولة فالأقوى عدم الوجوب عليه و إن كانوا من واجبي النفقة عليه،و إن كان الأحوط الإخراج خصوصا مع وجوب نفقتهم عليه،و حينئذ ففطرة الزوجة على نفسها إذا كانت غنية و لم يعلها الزوج و لا غير الزوج أيضا،و أما إن عالها أو عال المملوك غير الزوج و المولى فالفطرة عليه مع غناه.
[2839]مسألة 4:لو أنفق الولي على الصغير أو المجنون من مالهما سقطت الفطرة عنه و عنهما(2).
[2840]مسألة 5:يجوز التوكيل في دفع الزكاة إلى الفقير من مال الموكل و يتولى الوكيل النية(3)،و الأحوط نية الموكل أيضا على حسب ما مرّ في زكاة المال،و يجوز توكيله في الإيصال و يكون المتولي حينئذ هو نفسه، و يجوز الإذن في الدفع عنه أيضا لا بعنوان الوكالة،و حكمه حكمها،بل
بل لا وجه له،لأن المعيل إذا لم يكن مكلفا باخراج زكاة المعال واقعا، فبطبيعة الحال يكون التكليف باخراجها متوجها إليه بمقتضى الاطلاقات، و عندئذ فسقوطه عنه بقيام المعيل بأدائها بحاجة إلى دليل،و مقتضى القاعدة عدم السقوط،لأن سقوط المأمور به عن شخص بفعل غيره بحاجة إلى دليل.
مر في الأمر الأول من(فصل:شرائط وجوبها)الاشكال في سقوط الفطرة عن المجنون.
تقدم في المسألة(35)من الختام،و المسألة(1)من(فصل:الزكاة من
يجوز توكيله أو إذنه في الدفع من ماله بقصد الرجوع عليه بالمثل أو القيمة، كما يجوز التبرع به من ماله بإذنه أو لا بإذنه(1)،و إن كان الأحوط عدم الاكتفاء في هذا و سابقه.
[2841]مسألة 6:من وجب عليه فطرة غيره لا يجزئه إخراج ذلك الغير عن نفسه سواء كان غنيا أو فقيرا و تكلف بالإخراج،بل لا تكون حينئذ فطرة حيث إنه غير مكلف بها،نعم لو قصد التبرع بها عنه أجزأه على الأقوى(2)،و إن كان الأحوط العدم.
في كفاية ذلك اشكال بل منع،لأن مقتضى القاعدة عدم سقوط الواجب عمن يجب عليه الا بقيامه بالاتيان به مباشرة،و اما سقوطه بالنيابة أو الوكالة أو بالاذن لقيام غيره بالاتيان به فهو بحاجة إلى دليل،و قد دل الدليل على ذلك في باب الزكاة،حيث ان المالك لا يكون ملزما بالاتيان بها مباشرة،فان له أن يوكل آخر في اخراجها و دفعها إلى اهلها،أو يأذن بذلك،أو بالدفع عن ماله ثم الرجوع إليه شريطة أن يكون ذلك المال من أحد النقدين،أو إذا لم يكن من أحدهما كان باجازة من الحاكم الشرعي،و أما إذا تبرع آخر زكاة غيره بدون اذنه و أمره،فلا يكون مجزيا،و لا يتعين زكاة،على أساس انه غير مستند إلى المالك،و كفايه ذلك و اجزاؤه بحاجة إلى دليل،و لا دليل عليه،لأن المقدار الثابت بالدليل هو ان يكون ذلك باذن منه حتى يستند إليه و يصدق انه أخرج زكاته.
نعم،ان ذلك يكفي في الدين،فاذا تبرع شخص وفاء دين آخر بدون اذنه كفى في سقوطه عن ذمته للنصوص الخاصه،بل السيرة العقلائية.
سبق أنه لا يجزئ الاّ ان يكون باذنه و أمره،و لا يقاس ذلك بالدين للفرق بينهما من وجوه..
[2842]مسألة 7:تحرم فطرة غير الهاشمي على الهاشمي(1)كما في زكاة المال،و تحل فطرة الهاشمي على الصنفين،و المدار على المعيل لا العيال، فلو كان العيال هاشميا دون المعيل لم يجز دفع فطرته إلى الهاشمي،و في العكس يجوز.
[2843]مسألة 8:لا فرق في العيال بين أن يكون حاضرا عنده و في منزله أو منزل آخر أو غائبا عنه،فلو كان له مملوك في بلد آخر لكنه ينفق على نفسه من مال المولى يجب عليه زكاته،و كذا لو كانت له زوجة أو ولد كذلك،كما أنه إذا سافر عن عياله و ترك عندهم ما ينفقون به على أنفسهم يجب عليه زكاتهم،نعم لو كان الغائب في نفقة غيره لم يكن عليه سواء كان الغير موسرا مؤديا أو لا،
هذا هو الصحيح و لكن لا للإجماع،لما ذكرناه غير مرة من انه لا يمكن الاعتماد على الاجماع في المسألة،بل للروايات التي تنص على حرمة زكاة غير الهاشمي على الهاشمي.
مرة:بلسان الصدقة.
و أخرى:بلسان الزكاة.
و ثالثة:بلسان الزكاة المفروضة.
و رابعة:بلسان الصدقة الواجبة،و كل هذه العناوين تشمل الفطرة بضميمة
و إن كان الأحوط(1)في الزوجة و المملوك إخراجه عنهما مع فقر العائل أو
و فيه:انه لا منشأ لهذا الاحتياط و كذا ما بعده،لعدم خصوصية لهما من هذه الناحية،فالروايات مطبقة كلا على أن العبرة انما هي بصدق عنوان العيلولة،
عدم أدائه،و كذا لا تجب عليه إذا لم يكونوا في عياله و لا في عيال غيره، و لكن الأحوط في المملوك و الزوجة ما ذكرنا من الإخراج عنهما حينئذ أيضا.
[2844]مسألة 9:الغائب عن عياله الذين في نفقته يجوز أن يخرج عنهم بل يجب إلا إذا وكّلهم أن يخرجوا من ماله الذي تركه عندهم(1)أو أذن لهم في التبرع عنه.
[2845]مسألة 10:المملوك المشترك بين مالكين زكاته عليهما بالنسبة إذا كان في عيالهما(2)معا و كانا موسرين،و مع إعسار أحدهما تسقط و تبقى حصة الآخر،و مع إعسارهما تسقط عنهما،و إن كان في عيال أحدهما وجبت عليه مع يساره،و تسقط عنه و عن الآخر مع إعساره و إن كان الآخر موسرا،لكن الأحوط إخراج حصته،و إن لم يكن في عيال واحد منهما سقطت عنهما أيضا،و لكن الأحوط الإخراج مع اليسار كما عرفت مرارا،
هذا شريطة أن يكون واثقا بالاخراج،و الاّ فلا يسقط عنه،و به يظهر حال ما بعده.
في التوزيع بالنسبة اشكال،لأن الروايات التي تنص على وجوب الفطرة على المعيل عن كل من تعول من صغير أو كبير،حر أو مملوك لا تعم المقام،لأنها ظاهرة عرفا في وجوب فطرة كل فرد و رأس على من يعوله،و على هذا فان صدق على العبد المشترك عنوان العيلولة لكل منهما مستقلا وجبت فطرته على الكل مستقلا بمقتضى اطلاق الروايات،غاية الأمر أنها تسقط عن ذمة كل منهما بقيام الآخر بها باعتبار ان الواجب فطرة واحدة لا اكثر.و إن لم يصدق عليه عنوان العيلولة لكل منهما لم تجب فطرته على أي منهما،و إن صدق عنوان العيلولة لهما معا،بمعنى أن نصفه عيال لأحدهما و نصفه الآخر
و لا فرق في كونهما عليهما مع العيلولة لهما بين صورة المهاياة و غيرها و إن كان حصول وقت الوجوب في نوبة أحدهما(1)،فإن المناط العيلولة المشتركة بينهما بالفرض،و لا يعتبر اتفاق جنس المخرج من الشريكين، فلأحدهما إخراج نصف صاع من شعير و الآخر من حنطة،لكن الأولى بل الأحوط الاتفاق.
فيه ان الظاهر كون فطرته على من دخل وقت الوجوب و هو عنده،
[2846]مسألة 11:إذا كان شخص في عيال اثنين بأن عالاه معا فالحال كما مر في المملوك بين شريكين(1)إلا في مسألة الاحتياط المذكور فيه(2)،نعم الاحتياط بالاتفاق في جنس المخرج جار هنا أيضا،و ربما يقال بالسقوط عنهما،و قد يقال بالوجوب عليهما كفاية(3)،و الأظهر ما ذكرنا.
[2847]مسألة 12:لا إشكال في وجوب فطرة الرضيع على أبيه إن كان هو المنفق على مرضعته سواء كانت أما له أو أجنبية،و إن كان المنفق غيره فعليه،و إن كانت النفقة من ماله فلا تجب على أحد،و أما الجنين فلا فطرة له إلاّ إذا تولد قبل الغروب،نعم يستحب(4)إخراجها عنه إذا تولد بعده إلى ما قبل الزوال كما مر.
مرّ الاشكال في وجوب فطرته عليهما على نحو الاشتراك و بالنسبة.
الظاهر أن هذا من سهو القلم،حيث أن مورد الاحتياط الاستحبابي في المسألة المتقدمة هو ما إذا كان العبد المشترك عيالا لأحدهما دون الآخر، فانه في هذه الحالة إذا كان المعيل معسرا و المالك الآخر موسرا كان الأحوط و الأجدر به اخراج حصته،و اما في هذه المسألة فالمفروض انه عيال لكليهما معا،في هذه الحالة اذا كان أحدهما معسرا وجبت على الآخر حصته.
فالنتيجة:أن هذه المسألة خارجة عن مورد الاحتياط موضوعا.
هذا اذا صدق عليه عنوان العيلولة لكل منهما مستقلا،و في هذه الحالة فكما يمكن أن تكون فطرته واجبة عليهما بوجوب كفائي يمكن أن تكون واجبة بوجوبين مشروطين.
فيه:ان الاستحباب مبني على تمامية قاعدة التسامح في أدلة السنن، و هي غير تامة.
[2848]مسألة 13:الظاهر عدم اشتراط كون الإنفاق من المال الحلال، فلو أنفق على عياله من المال الحرام من غصب أو نحوه وجب عليه زكاتهم(1).
[2849]مسألة 14:الظاهر عدم اشتراط صرف عين ما أنفقه أو قيمته بعد صدق العيلولة،فلو أعطى زوجته نفقتها و صرفت غيرها في مصارفها وجب عليه زكاتها،و كذا في غيرها.
[2850]مسألة 15:لو ملك شخصا مالا هبة أو صلحا أو هدية و هو أنفقه على نفسه لا يجب عليه زكاته،لأنه لا يصير عيالا له بمجرد ذلك،نعم لو كان من عياله عرفا و وهبه مثلا لينفقه على نفسه فالظاهر الوجوب.
[2851]مسألة 16:لو استأجر شخصا و اشترط في ضمن العقد أن يكون نفقته عليه لا يبعد وجوب إخراج فطرته،نعم لو اشترط عليه مقدار نفقته فيعطيه دراهم مثلا ينفق بها على نفسه لم تجب عليه،و المناط الصدق العرفي في عدّه من عياله و عدمه.
[2852]مسألة 17:إذا نزل عليه نازل قهرا عليه و من غير رضاه و صار ضيفا عنده مدة هل تجب عليه فطرته أم لا؟إشكال(2)،و كذا لو عال
باعتبار أن وجوبها يدور مدار صدق عنوان العيلولة،و من المعلوم انه لا يعتبر في صدقها أن يكون الانفاق عليهم من المال الحلال.
نعم ان الفطرة لا بد أن تكون من المال الحلال،و الاّ فلا تكون مجزية.
الظاهر عدم الاشكال في وجوب فطرته اذا صدق عليه عنوان العيلولة كما هو المفروض لإطلاق الأدلة،و عدم الدليل لتقييد اطلاقها بما إذا كانت العيلولة برضا المعيل و اختياره،فان قوله عليه السّلام في صحيحة عمر بن يزيد المتقدمة
شخصا بالإكراه و الجبر من غيره،نعم في مثل العامل الذي يرسله الظالم لأخذ مال منه فينزل عنده مدة ظلما و هو مجبور في طعامه و شرابه فالظاهر عدم الوجوب لعدم صدق العيال و لا الضيف عليه.
[2853]مسألة 18:إذا مات قبل الغروب من ليلة الفطر لم يجب في تركته
شيء،و إن مات بعده وجب الإخراج من تركته(1)عنه و عن عياله،و إن كان عليه دين و ضاقت التركة قسّمت عليهما بالنسبة.
[2854]مسألة 19:المطلقة رجعيا فطرتها على زوجها(2)دون البائن إلا إذا كانت حاملا ينفق عليها.
[2855]مسألة 20:إذا كان غائبا عن عياله أو كانوا غائبين عنه و شك في حياتهم فالظاهر وجوب فطرتهم مع إحراز العيلولة على فرض الحياة.
في الوجوب اشكال بل منع،لأن وجوب الفطرة تكليف متعلق باعطاء المال المحدّد شرعا من دون جعل حق فيه للغير،فمن أجل ذلك ليس من الواجبات المالية كزكاة المال و الخمس حتى تخرج من الأصل،و من هنا تسقط عن الذمة إذا أخّر اخراجها إلى ما بعد صلاة العيد لمن يصليها،أو إلى ما بعد الزوال لمن لم يصلها،فلو كانت من الواجبات المالية كالخمس و الزكاة فلا معنى لسقوطها.و به يظهر حال ما بعده.
هذا شريطة صدق العيلولة عليها،لما مر من أن وجوب الفطرة يدور مدار صدقها وجودا و عدما،لا مدار الزوجية و لا وجوب النفقة،و عليه فلا فرق بين الرجعية و البائن.
فصل في جنسها و قدرها و الضابط في الجنس القوت الغالب لغالب الناس(1)،و هو الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الأرز و الأقط و اللبن و الذرة و غيرها،و الأحوط
فيه:ان هذا العنوان لم يرد في شيء من الروايات المعتبرة،و انما ورد ذلك في رواية ابراهيم بن محمد الهمداني 1،و هي ضعيفة سندا.
بيان ذلك:ان روايات الباب تصنف إلى مجموعتين..
الأولى:تمثل الفطرة في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و الأقط،و هي روايات كثيرة.
الثانية:تمثلها في ما يغذون عيالهم من لبن أو زبيب أو غيرهما.
و لا تنافي بين المجموعتين،فان المجموعة الأولى تنص على وجوب اخراج الفطرة من الأطعمة الخاصة المذكورة،و اما بالنسبة إلى غيرها فهي ساكتة، و لا تدل لا على الكفاية و لا على عدمها.و المجموعة الثانية تنص على وجوب اخراج الفطرة عما يغذون القوم من الأطعمة،و اما بالنسبة إلى ما لا يصدق عليه ذلك العنوان فهي ساكتة عنه نفيا و اثباتا،فلذلك لا تعارض بينهما.
فالنتيجة:انه يكفى الحنطة أو الشعير او التمر او الزبيب او الأقط و إن لم تكن من الغذاء الغالب في البلد،كما انه يكفى كل ما ينطبق عليه عنوان الغذاء الغالب في البلد و إن لم يكن من الأطعمة المذكورة.
الاقتصار على الأربعة الاولى(1)و إن كان الأقوى ما ذكرنا،بل يكفي الدقيق و الخبز(2)و الماش و العدس،و الأفضل إخراج التمر ثم الزبيب ثم القوت الغالب(3)،هذا إذا لم يكن هناك مرجح من كون غيرها أصلح بحال الفقير و أنفع له،لكن الأولى و الأحوط حينئذ دفعها بعنوان القيمة(4).
[2856]مسألة 1:يشترط في الجنس المخرج كونه صحيحا فلا يجزئ المعيب(5)،و يعتبر خلوصه فلا يكفي الممتزج بغيره من جنس آخر أو
فيه:انه لا منشأ لهذا الاحتياط اصلا،فانها إن كانت من الغذاء الغالب في البلاد دون غيرها يتعين الاقتصار عليها،باعتبار أن كلا العنوانين متوفران فيها،لا أنه أولى و أجدر،و إن لم يكن منحصرا بها فلا وجه للأولوية أيضا مع التصريح بكفاية اللبن إذا كان من الغذاء الغالب.
في الاجزاء به اشكال بل منع،لأن الحنطة أو الشعير و إن كان لا موضوعية له حسب المتفاهم العرفي بمناسبة الحكم و الموضوع،و كفاية تمام مشتقاته شريطة أن لا تقل عن صاع،و على هذا فعدم كفاية صاع من الخبز على أساس أن مشتق الحنطة فيه يكون أقل من صاع فلذلك لا يكفى،نعم إذا كان مشتق الحنطة فيه لا يقل عن صاع كفى.
تقدم الكلام فيه في أول هذا الفصل.
بل يتعين ذلك على مذهبه قدّس سرّه إذا كان المال المدفوع مما لا ينطبق عليه أحد العناوين المنصوصة،نعم بناء على ما قويناه من عدم كفاية دفع القيمة عنها الاّ إذا كانت من أحد النقدين فلا يكفى،و أما إذا لم ينطبق عليه عنوان الغذاء الغالب في البلاد و لكن ينطبق عليه غيره مما هو منصوص فلا معنى للاحتياط بدفعها بعنوان القيمة.
الظاهر هو الاجزاء شريطة أن لا يكون العيب بدرجة يوجب سقوطه
تراب أو نحوه إلا إذا كان الخالص منه بمقدار الصاع أو كان قليلا يتسامح به.
[2857]مسألة 2:الأقوى الاجتزاء بقيمة أحد المذكورات من الدراهم و الدنانير أو غيرهما من الأجناس الاخر(1)،و على هذا فيجزئ المعيب و الممزوج و نحوهما بعنوان القيمة،و كذا كل جنس شك في كفايته فإنه يجزئ بعنوان القيمة.
[2858]مسألة 3:لا يجزئ نصف الصاع مثلا من الحنطة الأعلى و إن كان يسوى صاعا من الأدون أو الشعير مثلا إلا إذا كان بعنوان القيمة.
[2859]مسألة 4:لا يجزئ الصاع الملفق من جنسين بأن يخرج نصف صاع من الحنطة و نصفا من الشعير مثلا إلا بعنوان القيمة.
[2860]مسألة 5:المدار قيمة وقت الإخراج لا وقت الوجوب،و المعتبر قيمة بلد الإخراج لا وطنه و لا بلد آخر،فلو كان له مال في بلد آخر غير بلده و أراد الإخراج منه كان المناط قيمة ذلك البلد لا قيمة بلده الذي هو فيه.
في الاجتزاء بها اشكال بل منع،فانه بحاجة إلى دليل يدل عليه،على أساس أن مقتضى القاعدة عدم اجزاء غير المأمور به عن المأمور به،و قد دل الدليل على الاجزاء فيما إذا كانت القيمة من أحد النقدين لا مطلقا.
نعم،قد يتوهم أن موثقة اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:لا بأس بالقيمة في الفطرة» 1تدل على كفاية القيمة مطلقا و إن لم تكن من أحد النقدين.
[2861]مسألة 6:لا يشترط اتحاد الجنس الذي يخرج عن نفسه مع الذي يخرج عن عياله،و لا اتحاد المخرج عنهم بعضهم مع بعض،فيجوز أن يخرج عن نفسه الحنطة و عن عياله الشعير أو بالاختلاف بينهم أو يدفع عن نفسه أو عن بعضهم من أحد الأجناس و عن آخر منهم القيمة أو العكس.
[2862]مسألة 7:الواجب في القدر الصاع عن كل رأس من جميع الأجناس حتى اللبن على الأصح(1)و إن ذهب جماعة من العلماء فيه إلى كفاية أربعة أرطال،و الصاع أربعة أمداد و هي تسعة أرطال بالعراقي،فهو ستمائة و أربعة عشر مثقالا و ربع مثقال بالمثقال الصيرفي،فيكون بحسب حقة النجف-التي هي تسعمائة مثقال و ثلاثة و ثلاثون مثقالا و ثلث مقال- نصف حقة و نصف وقية و أحد و ثلاثون مثقالا إلا مقدار حمصتين، و بحسب حقة الإسلامبول-و هي مائتان و ثمانون مثقالا-حقتان و ثلاثة أرباع الوقية و مثقال و ثلاثة أرباع المثقال،و بحسب المن الشاهي-و هو ألف و مائتان و ثمانون مثقالا-نصف منّ إلاّ خمسة و عشرون مثقالا و ثلاثة أرباع المثقال.
بل هو الصحيح،للروايات الكثيرة التي تنص على ذلك،و في بعض منها أن السنة قد جرت بصاع،و في مقابلها روايات تتمثل في ثلاث
……….
……….
فصل في وقت وجوبها و هو دخول ليلة العيد جامعا للشرائط و يستمر إلى الزوال لمن لم يصلّ صلاة العيد،و الأحوط عدم تأخيرها عن الصلاة إذا صلاها(1)
بل هو الأظهر،و تدل على ذلك روايتان..
احداهما:موثقة اسحاق بن عمار قال:«سألته عن الفطرة؟فقال:اذا عزلتها فلا يضرّك متى اعطيتها قبل الصلاة أو بعد الصلاة» 1بتقريب أنها تدل على أساس مفهوم الشرط ان الفطرة اذا لم يعزلها لا يكون مخيرا في اعطائها قبل الصلاة أو بعدها،بل يتعين اعطاؤها قبل الصلاة.
و الأخرى:صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في حديث قال:
«و اعطاء الفطرة قبل الصلاة أفضل،و بعد الصلاة صدقة» 2بتقريب ان الصحيحة لو كانت في مقام بيان وقت الفضيلة لإعطائها و أنه قبل صلاة العيد و أما أصل وقتها فهو يمتد إلى ما بعدها،لكانت الجملة الثانية لغوا،حيث أنها لا تفيد اكثر مما يستفاد من الجملة الأولى،مع أن الظاهر منها عرفا بقرينة تبديل الفطرة في الجملة الأولى بالصدقة في الجملة الثانية أن المراد منها معنى آخر ليس هو نفس الفطرة الواجبة،و الاّ فلا مبرر لهذا التبديل.أو فقل أن المقابلة بين الجملتين تدل على أن اعطاء الفطرة إن كان قبل الصلاة فهو اعطاء فطرة واجبة،و إن كان بعدها فهو اعطاء صدقة مستحبة،فاذن تكون الجملة الأولى في مقام بيان تحديد
……….
فيقدمها عليها و إن صلى في أول وقتها،و إن خرج وقتها و لم يخرجها فإن كان قد عزلها دفعها إلى المستحق بعنوان الزكاة،و إن لم يعزلها فالأحوط الأقوى عدم سقوطها(1)بل يؤديها بقصد القربة من غير تعرض للأداء و القضاء.
[2863]مسألة 1:لا يجوز تقديمها على وقتها في شهر رمضان على الأحوط(2)،كما لا إشكال في عدم جواز تقديمها على شهر رمضان،نعم إذا أراد ذلك أعطى الفقير قرضا ثم يحسب عند دخول وقتها.
[2864]مسألة 2:يجوز عزلها في مال مخصوص من الأجناس أو غيرها
مرّ أن الأقوى سقوطها عن المصلى صلاة العيد إذا لم يؤد الفطرة قبل الانتهاء من الصلاة،و عن غير المصلي لها إذا لم يؤدها إلى الزوال،و إن كان الأحوط و الأجدر الاتيان بها بعد ذلك بنية الرجاء.
لكن الأقوى الجواز،و قد نص على ذلك قوله عليه السّلام في صحيحة الفضلاء المتقدمة:«و هو في سعة أن يعطيها من أول يوم يدخل من
بقيمتها(1)،و ينوي حين العزل،و إن كان الأحوط تجديدها حين الدفع أيضا،و يجوز عزل أقل من مقدارها أيضا فيلحقه الحكم و تبقى البقية غير معزولة على حكمها،و في جواز عزلها في الأزيد بحيث يكون المعزول مشتركا بينه و بين الزكاة وجه،لكن لا يخلو عن إشكال(2)،و كذا لو عزلها في مال مشترك بينه و بين غيره مشاعا و إن كان ماله بقدرها.
[2865]مسألة 3:إذا عزلها و أخّر دفعها إلى المستحق فإن كان لعدم تمكنه من الدفع لم يضمن لو تلف،و إن كان مع التمكن منه ضمن(3).
[2866]مسألة 4:الأقوى جواز نقلها بعد العزل إلى بلد آخر(4)و لو مع وجود المستحق في بلده و إن كان يضمن حينئذ مع التلف،و الأحوط عدم النقل إلا مع عدم وجود المستحق.
شريطة ان تكون من أحد النقدين كما مر في المسألة(2)من(فصل:
في جنسها و قدرها).
بل الظاهر عدم تحقق العزل به،لأن المتفاهم العرفي من روايات العزل تعيين الفطرة في مال معين في الخارج،و هو لا ينسجم مع الشركة،و من هنا لو عزل نصف ماله عن نصفه الآخر بنية ان الفطرة في هذا النصف لا يصدق عليها أنها معزولة،و به يظهر حال ما بعده.
هذا شريطة أن يصدق عليه عنوان التعدي و التفريط،و الاّ فلا ضمان.
في القوة اشكال بل منع،حتى مع عدم وجود المستحق من أهل الولاية،و تنص على ذلك روايتان..
احداهما:موثقة الفضيل عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«كان جدي صلّى اللّه عليه و آله يعطى
[2867]مسألة 5:الأفضل أداؤها في بلد التكليف بها(1)و إن كان ماله بل و وطنه في بلد آخر،و لو كان له مال في بلد آخر و عينها فيه ضمن بنقله عن ذلك البلد إلى بلده أو بلد آخر مع وجود المستحق فيه.
[2868]مسألة 6:إذا عزلها في مال معين لا يجوز له تبديلها بعد ذلك(2).
تقدم ان الأظهر وجوب ادائها في بلدتها،و به يظهر حال ما بعده.
هذا هو الصحيح لأن الثابت بالروايات انما هو ولاية المالك على العزل،و اما ولايته على التبديل بعد العزل فلا دليل عليها.
نعم،للفقيه الجامع للشرائط تكون ولاية على ذلك حيث أن له أن يضعها حيث يشاء،و يصنع فيها ما يرى من التبديل أو نحوه.و ينص عليه ذيل موثقة الفضيل المتقدمة في المسألة(4).