قائمة

تخطى إلى المحتوى

مولفات سماحة مرج​ع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5

جلد

5

قائمة

قائمة

الصفحة الرئيسية مكتبة تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 صفحة 2

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 101)


من الطعام معه،و أما إذا علم بذلك فلا يجوز(1).

[مسألة 75:إذا ابتلع شيئا سهوا فتذكر قبل أن يصل إلى الحلق وجب إخراجه]

[2458]مسألة 75:إذا ابتلع شيئا سهوا فتذكر قبل أن يصل إلى الحلق وجب إخراجه و صح صومه،و أما إن تذكر بعد الوصول إليه فلا يجب،بل لا يجوز إذا صدق عليه القيء،و إن شك في ذلك فالظاهر وجوب إخراجه أيضا مع إمكانه عملا بأصالة عدم الدخول في الحلق(2).

[مسألة 76:إذا كان الصائم بالواجب المعين مشتغلا بالصلاة الواجبة فدخل في حلقه ذباب أو بقّ أو نحوهما]

[2459]مسألة 76:إذا كان الصائم بالواجب المعين مشتغلا بالصلاة الواجبة فدخل في حلقه ذباب أو بقّ أو نحوهما أو شيء من بقايا الطعام الذي بين أسنانه و توقف إخراجه على إبطال الصلاة بالتكلم ب‍«اخ»أو بغير ذلك،فإن أمكن التحفظ و الإمساك إلى الفراغ من الصلاة وجب(3)،و إن لم يمكن ذلك و دار الأمر بين إبطال الصوم بالبلع أو الصلاة بالإخراج،فإن لم يصل إلى الحدّ من الحلق كمخرج الخاء و كان مما يحرم بلعه في حد نفسه كالذباب و نحوه(4)وجب قطع الصلاة بإخراجه و لو في ضيق وقت
في عدم الجواز اشكال بل منع لما مر من أن جملة من الروايات تنص على جواز القلس و هو التجشؤ،و الممنوع انما هو التقيؤ اختيارا،و الفرض عدم صدق التقيؤ على القلس،بل قد تقدم في المسألة(69)أن مقتضى هذه الروايات جواز ابتلاع ما يخرج من الجوف إلى فضاء الفم بالقلس.

فيه انه لا أثر لهذه الأصالة في المقام الا على القول بالأصل المثبت، حيث ان الأثر الشرعي و هو بطلان الصوم مترتب على الأكل هنا و تلك الأصالة لا تثبت كون ابتلاعه أكلا.

على الأحوط لما تقدم في باب الصلاة من أنه لا دليل على حرمة قطعها.

في حرمة بلعه اشكال لأن حرمته ان كانت بملاك انه غير مذكى،ففيه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 102)


الصلاة(1)،و إن كان مما يحلّ بلعه في ذاته كبقايا الطعام ففي سعة الوقت للصلاة و لو بإدراك ركعة منه يجب القطع و الإخراج(2)،و في الضيق يجب البلع و ابطال الصوم تقديما لجانب الصلاة لأهميتها،و إن وصل إلى الحدّ فمع كونه مما يحرم بلعه وجب إخراجه بقطع الصلاة و إبطالها على
أن هذا العنوان لا يصدق عليه لأنه في مقابل الميتة،فان الحيوان إذا زهقت روحه بأسباب شرعية فهو مذكى،و إذا زهقت بغيرها فهو ميتة فلا يصدق على الحيوان الحي عنوان غير المذكى أو الميتة حتى يكون بلعه حراما،و كذلك الحال في الذباب و نحوه الذي لا يكون قابلا للتذكية فانه إذا زهقت روحه كان ميتة و إلاّ فلا يصدق عليه عنوان الميتة و لا غير المذكى.و إن كانت بملاك انه من الخبائث فلا دليل على حرمة أكلها مطلقا.

فالنتيجة:انه لا دليل على حرمة بلعه و إن كان الأجدر به و الأحوط وجوبا عدم جواز بلعه.

في وجوب القطع في هذه الحالة اشكال بل منع و لا سيما بناء على ما ذكرناه من الاشكال في ثبوت حرمة بلع الذباب أو نحوه،و ذلك لأن الصلاة أهم من الصيام و حرمة بلعه-على تقدير ثبوتها-،باعتبار أنها عماد الدين و معراج المؤمن و أهم الفرائض الإلهية و لذا لا تسقط عن المكلف بحال.

تقدم في باب الصلاة ان مورد حديث(من أدرك)صلاة الصبح، و التعدي منها إلى سائر الصلوات لا يخلو عن إشكال بل منع و إن كان الاحتياط لا يترك.

و على هذا فإذا لم يبق من الوقت إلاّ بمقدار ادراك ركعة واحدة فإن كان ذلك في غير صلاة الصبح فوظيفته ابطال الصوم ببلعه و عدم جواز قطع الصلاة، و إن كان ذلك في صلاة الصبح ففي وجوب قطعها و الاكتفاء بادراك ركعة واحدة منها في الوقت اشكال لأن ذلك وظيفة المضطر،و أما أن هذا المصلي مضطر إلى

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 103)


إشكال(1)،و إن كان مثل بقايا الطعام لم يجب و صحت صلاته،و صح صومه على التقديرين لعدم عدّ إخراج مثله قيئا في العرف.

[مسألة 77:قيل يجوز للصائم أن يدخل إصبعه في حلقه و يخرجه عمدا]

[2460]مسألة 77:قيل يجوز للصائم أن يدخل إصبعه في حلقه و يخرجه عمدا(2)،و هو مشكل مع الوصول إلى الحد فالأحوط الترك.

[مسألة 78:لا بأس بالتجشؤ القهري و إن وصل معه الطعام إلى فضاء الفم و رجع]

[2461]مسألة 78:لا بأس بالتجشؤ القهري و إن وصل معه الطعام إلى فضاء الفم و رجع،بل لا بأس بتعمد التجشؤ ما لم يعلم أنه يخرج معه شيء من الطعام(3)،و إن خرج بعد ذلك وجب إلقاؤه،و لو سبقه الرجوع إلى الحلق لم يبطل صومه و إن كان الأحوط القضاء.

قطع صلاته حفاظا على صومه و الاكتفاء بادراك ركعة منها في وقتها فهو غير معلوم،بل لا يبعد عدم جواز القطع لإهتمام الشارع بايقاع الصلاة بكاملها في الوقت،و أما إذا بنى على قطع صلاته حفاظا على الصوم فالأجدر به و الأحوط وجوبا أن يجمع بين ادراك ركعة منها في الوقت و القضاء في خارج الوقت.

لا اشكال في ذلك في سعة الوقت و تمكنه من ادراك الصلاة كلا فيه لما مر من أنه لا دليل على حرمة قطع الصلاة و لا سيما في مثل المقام،و أما في ضيق الوقت فقد مر آنفا انه لا يجوز قطعها و ابطالها حفاظا على الصوم و عدم بلع الحرام.

هذا هو الظاهر إذ لا يصدق على اخراجه عمدا عنوان التقيؤ عمدا و لا على ادخال الاصبع عنوان الأكل،فاذن لا اشكال في الجواز،فما ذكره الماتن قدّس سرّه من الاشكال في غير محله.

تقدم حكم هذه المسألة في المسألة(74)فراجع.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 104)


[فصل في ما يعتبر في مفطرية المفطرات]

فصل في ما يعتبر في مفطرية المفطرات المفطرات المذكورة ما عدا البقاء على الجنابة الذي مرّ الكلام فيه تفصيلا(1)إنما توجب بطلان الصوم إذا وقعت على وجه العمد و الاختيار،و أما مع السهو و عدم القصد فلا توجبه(2)،من غير فرق بين أقسام الصوم من الواجب المعين و الموسّع و المندوب،و لا فرق في
مر أن البقاء على الجنابة في النومة الثانية إلى أن طلع الفجر مفطر و إن لم يكن متعمدا فيه و عليه القضاء فقط دون الكفارة باعتبار أنها منوطة بالتعمد على البقاء بلا فرق بين النومة الاولى و الثانية.

ان تناول أي واحد من المفطرات المتقدمة من الصائم يبطل الصيام شريطة أن يكون عن قصد و التفات.

أما اعتبار القصد و العمد فيه فتدل عليه روايات في مختلف الأبواب على أساس تقييد بطلان الصوم بتناولها متعمدا.

منها:قوله عليه السّلام في صحيحة أبي بصير و سماعة:«على الذي أفطر صيام ذلك اليوم،إن اللّه عز و جل يقول:و أتموا الصيام إلى الليل،فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا» 1بتقريب ان هذا التعليل يدل على أن الأكل انما يكون مفطرا إذا كان متعمدا،و من الواضح ان العرف لا يفهم خصوصية للأكل،بل يفهم من ذلك التعليل ضابطا عاما و هو ان تناول أي واحد من المفطرات انما يبطل الصوم شريطة أن يكون عن عمد و قصد.


 

1) <page number=”104″ />الوسائل باب:50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 105)


……….

و منها:الروايات 1التي تقيد مفطرية الكذب و التقيؤ و البقاء على الجنابة بالتعمد.

و منها:الروايات 2التي تنص على وجوب القضاء و الكفارة على من افطر متعمدا.

و لكن هذه الروايات لا تدل على اختصاص الحكم في موردها و نفيه عن غير موردها لما ذكرناه في الاصول من عدم دلالة القيد على المفهوم و هو نفي الحكم عن غير مورده لدى انتفائه،و انما يدل على أن موضوع الحكم في القضية حصة خاصة و ينتفي شخص الحكم بانتفائها لا سنخه و هو انتفاؤه عن غير موردها أيضا،بل الغرض من الاستدلال بها اختصاص بطلان الصوم بما إذا مارس الصائم شيئا من المفطرات عن عمد و قصد،و أما إذا كان ذلك بدون القصد و العمد،كما إذا فتح شخص فم الصائم عنوة و صبّ ماء في جوفه فلا مقتضي للبطلان فان تلك الروايات لا اطلاق لها بالنسبة إلى هذه الحالة،و الدليل الآخر غير موجود،فمن أجل ذلك يكون اعتبار العمد و القصد في الحكم بالبطلان أمر متسالم عليه بين الأصحاب.

و أما اعتبار الالتفات و التذكر فيه فتنص عليه عدة من الروايات:

منها:صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«انه سئل عن رجل نسي فأكل و شرب ثم ذكر،قال:لا يفطر انما هو شيء رزقه اللّه فليتم صومه» 3.

و منها:موثقة عمار بن موسى:«انه سأل أبا عبد اللّه عن الرجل ينسى و هو صائم فجامع أهله،فقال:يغتسل و لا شيء عليه» 4.و منها غيرهما.

فالنتيجة:ان تناول هذه المفطرات انما يوجب القضاء و الكفارة إذا كان


 

1) <page number=”105″ />راجع الوسائل أبواب:2 و 16 و 29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك.
2) الوسائل:باب 8 و 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك.
3) الوسائل باب:9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
4) الوسائل باب:9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 106)


……….

من قصد و التفات،و في ضوء ذلك لا يجب القضاء و لا الكفارة في الحالات التالية:

الاولى:إذا وقع شيء من المفطرات المذكورة من الصائم بدون قصد منه،كما إذا فتح شخص فمه عنوة و زرق الماء إلى جوفه،أو عثرت رجلاه و وقع في الماء فانغمس رأسه كاملا فيه،أو وقع منه كذب على اللّه أو على رسوله صلّى اللّه عليه و آله بدون قصد و ارادة،و في كل ذلك لا يبطل صومه باعتبار أن أيا من الشرب و الارتماس و الكذب لم يقع منه عن قصد و التفات.

نعم،قد استثنى من هذه الحالة موردان..

أحدهما:ان من تمضمض بالماء فسبقه و دخل في جوفه قهرا فعليه القضاء الاّ إذا كان في وضوء لصلاة فريضة،و تدل عليه صحيحة حماد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه؟فقال:إن كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء،و إن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء» 1.

و مثلها موثقة سماعة في حديث قال:«سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه؟قال:عليه قضاؤه،و إن كان في وضوء فلا بأس» 2.و بهما يقيد اطلاق موثقة عمار الساباطي 3.

و الآخر:ان الصائم إذا لزق بزوجته و هو واثق من عدم نزول المني منه و لكن سبقه المني و خرج بدون قصد فعليه القضاء على الأحوط كما تقدم وجه ذلك في المفطر الرابع.

الثانية:ان الصائم إذا ارتكب بعض تلك المفطرات ناسيا انه صائم و غافلا عن صومه فلا شيء عليه و صيامه صحيح كما مر.


 

1) <page number=”106″ />الوسائل باب:23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
2) الوسائل باب:23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:3.
3) الوسائل باب:23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:5.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 107)


البطلان مع العمد بين الجاهل بقسميه(1)و العالم و لا بين المكره و غيره،فلو اكره على الإفطار فأفطر مباشرة فرارا عن الضرر المترتب على تركه بطل صومه على الأقوى،نعم لو وجر في حلقه من غير مباشرة
الثالثة:إذا اعتقد الصائم أن الشيء الفلاني ليس من المفطرات و ارتكبه معتقدا بذلك فلا شيء عليه و يصح صومه،كما إذا احتقن بالمائع معتقدا ان ما في الحقنة جامد و ليس بمائع،أو كذب على اللّه تعالى أو رسوله صلّى اللّه عليه و آله معتقدا أنه ليس بكذب و هكذا باعتبار ان الكذب عليه تعالى لم يصدر منه عن قصد و ارادة، لأن ما قصده لا واقع له،و ما له واقع و هو الكذب على اللّه تعالى لم يقصده.

ثم ان ما ذكرناه من اعتبار شرطين في مفطرية تلك المفطرات لا فرق فيه بين أقسام الصوم من الواجب و المندوب و المعين و الموسع لإطلاق الدليل.

بل فرق بينهما بالنسبة إلى وجوب الكفارة حيث ان الجاهل إذا كان بسيطا و كان مقصرا إذا مارس ما يشك في كونه مفطرا مع التفاته إلى عدم جواز ممارسته وجب عليه القضاء و الكفارة باعتبار انه مارس المفطر عامدا ملتفتا إلى عدم جوازه،فمن أجل ذلك لا يكون مشمولا لموثقة زرارة و أبي بصير قالا جميعا:«سألنا أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أتى أهله في شهر رمضان،و أتى أهله و هو محرم و هو لا يرى الاّ أن ذلك حلال له؟قال:ليس عليه شيء» 1حيث أنه لا يرى ان ما ارتكبه من المفطر حلال له،بل يرى انه غير جائز له،فاذن مقتضى اطلاقات الأدلة وجوب كل من القضاء و الكفارة عليه و إن كان قاصرا،أو كان جاهلا مركبا و ان كان مقصرا فهو مشمول لعموم الموثقة باعتبار انه يرى أن ما ارتكبه من المفطر حلال له،و كذلك يكون مشمولا لقوله عليه السّلام في صحيحة عبد الصمد:«أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شيء عليه» 2فان المتفاهم العرفي


 

1) <page number=”107″ />الوسائل باب:9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:12.
2) الوسائل باب:25 من أبواب تروك الاحرام الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 108)


……….

منه بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية انه يرى جواز ممارسة ذلك الأمر اعتقادا أو ظاهرا.و من هنا لا يعم الجاهل البسيط إذا كان مقصرا باعتبار انه يرى عدم جواز ارتكاب ذلك الأمر،فتكون الصحيحة منصرفة عنه.هذا من ناحية.

و من ناحية ثانية،هل تعم الموثقة و الصحيحة وجوب القضاء أيضا و تدلان بالالتزام على صحة الصوم و اختصاص مفطرية المفطرات بالعالم و الجاهل المقصر الملتفت،أو لا؟

الظاهر هو الثاني.لأن الشيء و إن كان باطلاقه يشمل القضاء أيضا،الاّ أن مناسبة الحكم و الموضوع تقتضى ان المراد منه الكفارة لا الأعم منها و من القضاء،و ذلك لأن القضاء مترتب على فوت المأمور به و بطلانه،و عدمه مترتب على صحة المأمور به،و بما أن نفي الشيء في الروايتين مترتب على ممارسة الصائم المفطر فهو يصلح أن يكون قرينة لدى العرف على ان المراد منه هو الكفارة فحسب باعتبار أنها مترتبة على ممارسة المفطر في نهار شهر رمضان، و الروايتان تنصان على عدم ترتبها عليها فيه إذا كان الممارس جاهلا بكونه مفطرا،فالجماع في نهار شهر رمضان موجب للكفارة،و لكن الموثقة تنص على ان من مارس الجماع فيه جاهلا و معتقدا جوازه فلا كفارة عليه.

فالنتيجة:اختصاص وجوب الكفارة على من مارس شيئا من المفطرات عامدا عالما أو جاهلا إذا كان ملتفتا شريطة أن لا يكون معذورا في ممارسته، و أما إذا كان معذورا فيها أو كان جاهلا مركبا كالغافل فلا تجب الكفارة عليه،و أما وجوب القضاء فهو مقتضى اطلاق الروايات التي تنص على بطلان الصيام بتناول الصائم شيئا من المفطرات و إن كان جاهلا بذلك،و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أنهما غير ظاهرتين في نفي الكفارة فحسب الاّ أنه لا شبهة في أنهما لا تكونان ظاهرتين في نفي الأعم منها و من القضاء،غاية الأمر أنهما مجملتان فلا ظهور لهما في نفي الكفارة فقط،و لا في نفي الأعم و ذلك لأن المناسبة المشار إليها آنفا لو لم تصلح أن تكون قرينة على ظهورهما في نفي

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 109)


منه لم يبطل.

[مسألة 1:إذا أكل ناسيا فظن فساد صومه فأفطر عامدا بطل صومه]

[2462]مسألة 1:إذا أكل ناسيا فظن فساد صومه فأفطر عامدا بطل صومه، و كذا لو أكل بتخيل أن صومه مندوب يجوز إبطاله فذكر أنه واجب.

[مسألة 2:إذا أفطر تقية من ظالم بطل صومه]

[2463]مسألة 2:إذا أفطر تقية من ظالم بطل صومه(1).

الكفارة فحسب فلا شبهة في أنها تسبب الاجمال فيهما،فاذن يدخل المقام في كبرى مسألة تعيّن الرجوع إلى العام إذا كان المخصص المنفصل مجملا.

و مع الاغماض عن ذلك أيضا و تسليم أنهما ظاهرتان في نفي الأعم فاذن لا بد من تقييد اطلاق روايات القضاء بهما على أساس ان النسبة بينهما عموم مطلق لاختصاص مورد الروايتين بالجاهل المركب و الجاهل البسيط المعذور، و عموم تلك الروايات للعالم و الجاهل بتمام أقسامه،فاذن لا بد من تخصيص عموم تلك الروايات بغير موردهما.

إلى هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتيجة و هي ان المنصرف عرفا من الروايتين المذكورتين هو نفي الكفارة فحسب دون الأعم منها و من القضاء، و على تقدير المنع عن هذا الظهور و الانصراف فلا ظهور لهما في نفي الأعم جزما،بل انهما مجملتان من هذه الناحية،فالمتيقن منهما هو نفي الكفارة فقط، و أما القضاء فالمرجع فيه هو اطلاقات الأدلة.

فالضابط العام المتحصل من هاتين الروايتين هو ان من مارس المفطر في نهار شهر رمضان معتقدا انه حلال له و لو ظاهرا فلا كفارة عليه،و أما بطلان الصوم و وجوب القضاء فهو مقتضى الإطلاقات،و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.

هذا هو الصحيح،إذ لا يوجد دليل خاص على الصحة في المقام.كما يوجد في باب الصلاة و أما ما ورد من جواز الافطار معهم تقية و اطلاقات أدلة التقية مثل قوله عليه السّلام:«التقية ديني و دين آبائي» 1و قوله عليه السّلام:«من لا تقية له لا


 

1) <page number=”109″ />راجع الوسائل باب:24 من أبواب الأمر و النهي.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 110)


[مسألة 3:إذا كانت اللقمة في فمه و أراد بلعها لنسيان الصوم فتذكر وجب إخراجها،و إن بلعها مع إمكان إلقائها بطل صومه]

[2464]مسألة 3:إذا كانت اللقمة في فمه و أراد بلعها لنسيان الصوم فتذكر وجب إخراجها،و إن بلعها مع إمكان إلقائها بطل صومه بل تجب الكفارة أيضا،و كذا لو كان مشغولا بالأكل فتبين طلوع الفجر.

[مسألة 4:إذا دخل الذباب أو البق أو الدخان الغليظ أو الغبار في حلقه من غير اختياره لم يبطل صومه]

[2465]مسألة 4:إذا دخل الذباب أو البق أو الدخان الغليظ أو الغبار في حلقه من غير اختياره لم يبطل صومه،و إن أمكن إخراجه وجب و لو وصل إلى مخرج الخاء.

[مسألة 5:إذا غلب على الصائم العطش بحيث خاف من الهلاك يجوز له أن يشرب الماء مقتصرا على مقدار الضرورة]

[2466]مسألة 5:إذا غلب على الصائم العطش بحيث خاف من الهلاك يجوز له أن يشرب الماء مقتصرا على مقدار الضرورة،و لكن يفسد صومه بذلك و يجب عليه الإمساك بقية النهار إذا كان في شهر رمضان،و أما في غيره من الواجب الموسّع و المعيّن فلا يجب الإمساك،و إن كان أحوط في الواجب المعيّن.

[مسألة 6:لا يجوز للصائم أن يذهب إلى المكان الذي يعلم اضطراره فيه إلى الإفطار بإكراه أو إيجار في حلقه أو نحو ذلك]

[2467]مسألة 6:لا يجوز للصائم أن يذهب إلى المكان الذي يعلم اضطراره فيه إلى الإفطار بإكراه أو إيجار في حلقه أو نحو ذلك،و يبطل صومه لو ذهب و صار مضطرا و لو كان بنحو الإيجار،بل لا يبعد بطلانه بمجرد القصد إلى ذلك فإنه كالقصد للإفطار.

[مسألة 7:إذا نسي فجامع لم يبطل صومه،و إن تذكر في الأثناء وجب المبادرة إلى الاخراج]

[2468]مسألة 7:إذا نسي فجامع لم يبطل صومه،و إن تذكر في الأثناء وجب المبادرة إلى الاخراج،و إلا وجب عليه القضاء و الكفارة.

دين له» 1و نحو ذلك فهو لا يدل على الصحة،فان الظاهر منها ان المصلحة انما هي في نفس التقية و هي الحفاظ على النفس أو العرض أو المال لا في العمل المتقى به الفاقد للجزء أو الشرط بعنوان ثانوي لكي يقتضي صحته،و قد تكلمنا حول هذه المسألة على ضوء مقتضى القاعدة مرة و على ضوء الروايات الواردة فيها بمختلف جهاتها و جوانبها مرة اخرى بشكل موسع في بحوثنا الفقهية.


 

1) <page number=”110″ />راجع الوسائل باب:24 من أبواب الأمر و النهي.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 111)


[فصل في ما يجوز ارتكابه للصائم]

فصل في ما يجوز ارتكابه للصائم

لا بأس للصائم بمصّ الخاتم أو الحصى و لا بمضغ الطعام للصبي و لا بزقّ الطائر و لا بذوق المرق و نحو ذلك مما لا يتعدى إلى الحلق،و لا يبطل صومه إذا اتفق التعدي إذا كان من غير قصد و لا علم بأنه يتعدى قهرا أو نسيانا،أما مع العلم بذلك من الأول فيدخل في الإفطار العمدي،و كذا لا بأس بمضغ العلك و لا ببلع ريقه بعده و إن وجد له طعما فيه ما لم يكن ذلك بتفتت أجزاء منه بل كان لأجل المجاورة،و كذا لا بأس بجلوسه في الماء ما لم يرتمس رجلا كان أو امرأة و إن كان يكره لها ذلك،و لا ببل الثوب و وضعه على الجسد،و لا بالسواك باليابس بل بالرطب أيضا لكن إذا أخرج المسواك من فمه لا يردّه و عليه رطوبة(1)و إلا كانت كالرطوبة الخارجية لا يجوز بلعها إلا بعد الاستهلاك في الريق،و كذا لا بأس بمصّ لسان الصبي أو الزوجة إذا لم يكن عليه رطوبة(2)و لا بتقبيلها أو ضمها أو نحو ذلك.

[مسألة 1:إذا امتزج بريقه دم و استهلك فيه يجوز بلعه على الأقوى]

[2469]مسألة 1:إذا امتزج بريقه دم و استهلك فيه يجوز بلعه على الأقوى،و كذا غير الدم من المحرمات و المحللات،و الظاهر عدم جواز
تقدم حكم ذلك في المفطر الأول و الثاني فراجع.

بل و معها أيضا،لإطلاق النص.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 112)


تعمد المزج و الاستهلاك للبلع(1)سواء كان مثل الدم و نحوه من المحرمات أو الماء و نحوه من المحللات،فما ذكرنا من الجواز إنما هو إذا كان ذلك على وجه الاتفاق.

في الظهور اشكال بل منع فانه إذا جاز البلع بعد الاستهلاك فلا وجه للمنع عن الاستهلاك و المزج عامدا ملتفتا ثم البلع بعد ما لم يصدق عليه عنوان الأكل و الشرب.

نعم،إذا جعل ذلك وسيلة لا دخال مقدار من الماء أو الطعام أو غيرهما إلى جوفه لم يجز لما تقدم من ان ادخال شيء في الجوف عن طريق الحلق مفطر و إن لم يكن من طريق الفم،بل و إن لم يصدق عليه عنوان الأكل أو الشرب،و أما إذا لم يصل إلى هذا الحد فلا مانع منه حيث لا يصدق انه أدخل منه في جوفه،و بدون الصدق لا يكون مصداقا للمفطر.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 113)


[فصل في ما يكره للصائم]

فصل في ما يكره للصائم يكره للصائم امور..

أحدها:مباشرة النساء لمسا و تقبيلا و ملاعبة خصوصا لمن تتحرك شهوته بذلك،بشرط أن لا يقصد الإنزال و لا كان من عادته،و إلا حرم إذا كان في الصوم الواجب المعين.

الثاني:الاكتحال بما فيه صبر أو مسك أو نحوهما مما يصل طعمه أو رائحته إلى الحلق،و كذا ذرّ مثل ذلك في العين.

الثالث:دخول الحمام إذا خشي منه الضعف.

الرابع:إخراج الدم المضعف بحجامة أو غيرها،و إذا علم بأدائه إلى الإغماء المبطل للصوم حرم،بل لا يبعد كراهة كل فعل يورث الضعف أو هيجان المرّة.

الخامس:السعوط مع عدم العلم بوصوله إلى الحلق،و إلا فلا يجوز على الأقوى.

السادس:شمّ الرياحين خصوصا النرجس،و المراد بها كل نبت طيّب الريح.

السابع:بلّ الثوب على الجسد.

الثامن:جلوس المرأة في الماء،بل الأحوط لها تركه.

التاسع:الحقنة بالجامد.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 114)


العاشر:قلع الضرس،بل مطلق إدماء الفم.

الحادي عشر:السواك بالعود الرطب.

الثاني عشر:المضمضة عبثا،و كذا إدخال شيء آخر في الفم لا لغرض صحيح.

الثالث عشر:إنشاد الشعر،و لا يبعد اختصاصه بغير المراثي أو المشتمل على المطالب الحقة من دون إغراق أو مدح الأئمة عليهم السّلام و إن كان يظهر من بعض الأخبار التعميم.

الرابع عشر:الجدال و المراء و أذى الخادم و المسارعة إلى الحلف و نحو ذلك من المحرمات و المكروهات في غير حال الصوم،فإنه تشتد حرمتها أو كراهتها حاله.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 115)


[فصل في كفارة الصوم]

فصل في كفارة الصوم المفطرات المذكورة كما أنها موجبة للقضاء كذلك توجب الكفارة إذا كانت مع العمد و الاختيار من غير كره و لا إجبار،من غير فرق بين الجميع حتى الارتماس(1)و الكذب على اللّه و على رسوله صلّى اللّه عليه و آله بل و الحقنة و القي على الأقوى.نعم الأقوى عدم وجوبها في النوم الثاني من الجنب بعد الانتباه(2)بل و الثالث و إن كان الأحوط فيها أيضا

على الأحوط وجوبا كما مرّ.

تقدم ان البقاء على الجنابة متعمدا إلى أن يطلع الفجر موجب للقضاء و الكفارة معا بلا فرق بين النوم الأول و الثاني و الثالث،و أما البقاء عليها بغير تعمد إلى الفجر فان كان في النوم الأول فلا شيء عليه و يصح صومه،و إن كان في النوم الثاني أو الثالث وجب عليه القضاء دون الكفارة،كما انه قد مر ان الصائم إذا مارس شيئا من المفطرات عامدا ملتفتا إلى عدم جوازه وجب عليه الكفارة أيضا،و أما إذا كان جاهلا به مركبا كالغافل أو بسيطا ملتفتا و لكن كان معذورا فلا كفارة عليه بمقتضى الموثقة 1و الصحيحة 2المتقدمتين.

نعم،إذا كان جاهلا ملتفتا غير معذور فقد مر ان عليه الكفارة باعتبار انه يرى عدم جواز ارتكابه فيكون من هذه الناحية كالعالم بكونه مفطرا،و أما إذا كان


 

1) <page number=”115″ />الوسائل باب:9 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:12.
2) الوسائل باب:25 من أبواب تروك الاحرام الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 116)


ذلك خصوصا الثالث،و لا فرق أيضا في وجوبها بين العالم و الجاهل المقصر و القاصر على الأحوط،و إن كان الأقوى عدم وجوبها على الجاهل خصوصا القاصر و المقصر غير الملتفت حين الإفطار.نعم،إذا كان جاهلا بكون الشيء مفطرا مع علمه بحرمته كما إذا لم يعلم أن الكذب على اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله من المفطرات فارتكبه حال الصوم فالظاهر لحوقه بالعالم في وجوب الكفارة.

[مسألة 1:تجب الكفارة في أربعة أقسام من الصوم]

[2470]مسألة 1:تجب الكفارة في أربعة أقسام من الصوم:

الأول:صوم شهر رمضان،و كفارته مخيرة بين العتق و صيام شهرين متتابعين و إطعام ستين مسكينا على الأقوى(1)،و إن كان الأحوط الترتيب
جاهلا بكون شيء مفطرا و إن كان مركبا و لكن كان عالما بحرمة هذا الشيء شرعا كالكذب على اللّه تعالى أو على خاتم المرسلين صلّى اللّه عليه و آله أو الأئمة الأطهار عليهم السّلام فلا يكون مشمولا للروايتين المتقدمتين.أما الصحيحة فلأن الظاهر منها عرفا هو الجهل بالحكم الوضعي و التكليفي معا،و أما الموثقة فهي تنص على نفي الكفارة عمن يرى أن ما صنعه و هو صائم حلال له،و مقتضى اطلاقها انه يرى حلية ذلك الشيء تكليفا و وضعا،فمن أجل ذلك لا يكون العالم بالحرمة الجاهل بالمفطر مشمولا لهما.و على هذا فإذا مارس ذلك الشيء و هو صائم في نهار شهر رمضان وجب عليه القضاء و الكفارة،و بذلك يظهر حال ما ذكره قدّس سرّه في المسألة.

هذا هو الصحيح،لأن الروايات التي تنص على التخيير و إن كانت معارضة بالروايات التي تنص على الترتيب،و تسقط من جهة المعارضة،الاّ ان مقتضى الأصل العملي هو التخيير دون الترتيب.

بيان ذلك:ان من الروايات الاولى صحيحة عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في رجل أفطر من شهر رمضان متعمدا يوما واحدا من غير عذر،

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 117)


فيختار العتق مع الإمكان و مع العجز عنه فالصيام و مع العجز عنه فالإطعام، و يجب الجمع بين الخصال إن كان الإفطار على محرم(1)كأكل المغصوب و شرب الخمر و الجماع المحرم و نحو ذلك.

قال:يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا،فان لم يقدر تصدق بما يطيق» 1فانها بمقتضى العطف بكلمة أو ظاهرة في التخيير.و من الثانية صحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال:

«سألته عن رجل نكح امرأته و هو صائم في شهر رمضان ما عليه؟قال:عليه القضاء و عتق رقبة،فان لم يجد فصيام شهرين متتابعين فان لم يستطع فاطعام ستين مسكينا،فان لم يجد فليستغفر اللّه تعالى» 2فانها بمقتضى كلمة(الفاء) ظاهرة في الترتيب،و حيث ان دلالة كل من كلمة(أو)على التخيير و كلمة(الفاء) على الترتيب مستندة إلى الوضع،فتقع المعارضة بين المجموعة الاولى و المجموعة الثانية،و لا ترجيح لإحداهما على الاخرى.(و ما قيل)من ان المجموعة الاولى مخالفة للعامة و الثانية موافقة لهم فلا بد من ترجيح الاولى على الثانية(مدفوع)بأنه لا أصل لذلك،فان العامة مختلفون في المسألة و إن نسب القول بالترتيب إلى المشهور و لكن جماعة كثيرة منهم ذهبوا إلى التخيير فيها،فاذن تسقطان معا من جهة المعارضة و يرجع إلى الأصل العملي في المسألة،و مقتضاه عدم اعتبار الترتيب بينهما حيث ان في اعتباره كلفة زائدة و ضيق على المكلف دون التخيير.

على الأحوط الأولى لضعف دليله اما سندا أو دلالة.

اما سندا،كرواية عبد السلام بن صالح الهروي قال:«قلت للرضا عليه السّلام:

يا بن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قد روى عن آبائك عليهم السّلام فيمن جامع في شهر رمضان أو»


 

1) <page number=”117″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
2) الوسائل باب:8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:9.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 118)


……….

أفطر فيه ثلاث كفارات،و روي عنهم عليهم السّلام أيضا كفارة واحدة،فبأي الحديثين نأخذ؟قال:بهما جميعا،متى جامع الرجل حراما أو أفطر على حرام في شهر رمضان فعليه ثلاث كفارات،عتق رقبة،و صيام شهرين متتابعين،و اطعام ستين مسكينا،و قضاء ذلك اليوم،و إن كان نكح حلالا أو أفطر على حلال فعليه كفارة واحدة،و إن كان ناسيا فلا شيء عليه 1»فانها و إن كانت تامة دلالة الاّ أنها ضعيفة سندا فلا يمكن الاعتماد عليها.

أما دلالة:كموثقة سماعة قال:«سألته عن رجل أتى أهله في شهر رمضان متعمدا؟فقال:عليه عتق رقبة و اطعام ستين مسكينا و صيام شهرين متتابعين و قضاء ذلك اليوم» 2فانها و إن كان لا بأس بها من ناحية السند،الاّ أنها ساقطة دلالة من جهتين..

الاولى:من جهة اختلاف النسخة،فانها مروية في كتاب التهذيب و الاستبصار للشيخ بكلمة(الواو)الظاهرة في الجمع،و في كتاب النوادر لأحمد بن محمد ابن عيسى بكلمة(أو)الظاهرة في التخيير،و نتيجة ذلك عدم ثبوت شيء من النسختين بحده شرعا من الامام عليه السّلام،و انما الثابت احداهما اجمالا، و بما ان نسبة مدلول احداهما إلى مدلول الاخرى نسبة الأقل إلى الأكثر فلا يكون العلم الإجمالي بثبوت احداهما مؤثرا باعتبار انه ينحل إلى العلم بوجوب الأقل تفصيلا و الشك في وجوب الأكثر بدوا على أساس أنهما متفقتان في وجوب احدى الخصال و مختلفتان في وجوب الجمع فيكون مشكوكا و يرجع إلى أصالة البراءة عنه.

الثانية:انه ليس في الموثقة ما يدل على أنه أتى أهله في نهار شهر رمضان حراما كما إذا أتاها في حال الحيض أو بعد الظهار،و حملها على ذلك بحاجة إلى قرينة و لا قرينة عليه لا من الخارج و لا من الداخل،فاذن تكون معارضة


 

1) <page number=”118″ />الوسائل باب 10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:10.
2) الوسائل باب:10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 119)


الثاني:صوم قضاء شهر رمضان إذا أفطر بعد الزوال،و كفارته إطعام عشرة مساكين(1)لكل مسكين مدّ،فإن لم يتمكن فصوم ثلاثة أيام، و الأحوط إطعام ستين مسكينا.

لروايات التخيير،و حيث ان روايات التخيير أقوى و أظهر منها دلالة فتصلح أن تكون قرينة على رفع اليد عن ظهورها في الجمع و حملها على التخيير،و مع الاغماض عن ذلك فتسقطان معا و يرجع إلى الأصل العملي في المسألة و هو أصالة البراءة عن وجوب الجمع بين الخصال حيث ان فيه كلفة زائدة،فالنتيجة التخيير و عدم وجوب الجمع.

في وجوب الكفارة اشكال و لا يبعد عدم وجوبها و إن كانت رعاية الاحتياط أولى و أجدر،و ذلك لأن الروايات الواردة في المسألة تتمثل في ثلاثة أصناف..

الأول:يتمثل في الرواية التي تنص على ان كفارته كفارة شهر رمضان، كموثقة زرارة قال:«سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل صام قضاء من شهر رمضان، فأتى النساء،قال:عليه من الكفارة ما على الذي أصاب في شهر رمضان،لأن ذلك اليوم عند اللّه تعالى من أيام شهر رمضان» 1.

الثاني:يتمثل في الرواية التي تنص على ان كفارته اطعام عشرة مساكين، و إن لم يمكن فصيام ثلاثة أيام،كصحيحة هشام بن سالم قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل وقع على أهله و هو يقضي شهر رمضان،فقال:إن كان وقع عليها قبل صلاة العصر فلا شيء عليه،يصوم يوما بدل يوم،و إن فعل بعد العصر صام ذلك اليوم و أطعم عشرة مساكين،فان لم يمكنه صام ثلاثة أيام كفارة لذلك» 2.


 

1) <page number=”119″ />الوسائل باب:29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:3.
2) الوسائل باب:29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 120)


……….

الثالث:يتمثل في الرواية التي تنص على انه لا كفارة فيه كموثقة عمار الساباطي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«انه سئل عن رجل يكون عليه أيام من شهر رمضان…إلى أن قال:سئل فان نوى الصوم ثم أفطر بعد ما زالت الشمس، قال:قد أساء و ليس عليه شيء الاّ قضاء ذلك اليوم الذي أراد أن يقضيه» 1.

و على هذا فالصنف الثاني منها يدل على ان كفارته اطعام عشرة مساكين، و مقتضى اطلاقه انه واجب سواء أ كان متمكنا من العتق أو صيام شهرين متتابعين أم لا،كما انه باطلاقه الناشي من السكوت في مقام البيان ينفي وجوب اطعام الزائد على العشرة.

و أما الصنف الأول فبما انه يدل على التخيير،أي وجوب الجامع على البدل بالدلالة اللفظية الوضعية نصا،فهو يصلح لتقييد اطلاق الصنف الثاني من كلا الجانبين.

فالنتيجة:ان كفارته كفارة صوم شهر رمضان،و حينئذ إذا لم يتمكن المكلف من شيء من الخصال فتقع المعارضة بين الصنفين،فان مقتضى الصنف الأول ان وظيفته التصدق بما يطيق،و مقتضى الصنف الثاني أن وظيفته الصيام ثلاثة أيام،و بما انه لا ترجيح في البين فيسقطان معا و يرجع إلى الأصل العملي،و مقتضاه عدم وجوب شيء منهما،و إن كان الأولى و الأجدر أن يجمع بينهما.

و أما الصنف الثالث،فبما انه ناص في نفي الكفارة عن قضاء شهر رمضان فيتقدم على كلا الصنفين الأولين و يكون قرينة على رفع اليد عن ظهورهما في وجوب الكفارة و حملهما على الاستحباب تطبيقا لقاعدة تقديم الأظهر على الظاهر و ان كانت رعاية الاحتياط أولى.


 

1) <page number=”120″ />الوسائل باب:29 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 121)


الثالث:صوم النذر المعين،و كفارته كفارة إفطار شهر رمضان(1).

و دعوى:انه يدل على نفي الكفارة بالاطلاق،على أساس احتمال أن يكون المنفي هو القضاء الثاني،يعني القضاء لقضائه الذي أفسده بالافطار بعد الزوال.

مدفوعة:بأنه لا يحتمل أن يكون للصوم القضائي الذي أفسده بالافطار بعد الزوال مضافا إلى قضاء ذلك اليوم قضاء آخر حتى يحتمل أن يكون المنفي في الرواية ذلك القضاء،فاذن لا محالة يكون المراد من الشيء المنفي فيها هو الكفارة،و على تقدير الاجمال فالكفارة هي القدر المتيقن منه،و اما الاطلاق بمعنى أن يكون المراد منه القضاء على القضاء دون الكفارة فهو غير محتمل باعتبار ان القضاء بدل و عوض عن الفائت الأصلي،فإذا أتى به برئت ذمته عن الفائت،و إذا أفسده في الأثناء بقيت ذمته مشغولة به،و لا يحتمل أن يكون افساده موجبا لاشتغال ذمته به أيضا-اضافة إلى اشتغال ذمته بالفائت الأصلي-لكي يجب عليه أن يصوم يومين:يوما بدلا عن الفائت الأصلي و يوما بدلا عن بدله، و إذا أفسده أيضا فعليه أن يصوم ثلاثة أيام و هكذا،و هذا كما ترى.فاذن مقتضى الصناعة عدم وجوب الكفارة في قضاء صوم شهر رمضان،و إن كانت رعاية الاحتياط أجدر و أولى.

بل الظاهر ان كفارته كفارة اليمين،و تنص عليه صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن قلت:للّه عليّ فكفارة يمين» 1.و تؤيد ذلك رواية حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سألته عن كفارة النذر،فقال:كفارة النذر كفارة اليمين» 2.

و في مقابلهما روايتان..


 

1) <page number=”121″ />الوسائل باب:23 من أبواب الكفارات الحديث:1.
2) الوسائل باب:23 من أبواب الكفارة الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 122)


الرابع:صوم الاعتكاف،و كفارته مثل كفارة شهر رمضان مخيرة بين الخصال،و لكن الأحوط الترتيب المذكور(1)،هذا و كفارة الاعتكاف
احداهما:رواية عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سألته عمن جعل اللّه عليه أن لا يركب محرما سماه فركبه،قال:لا و لا اعلمه الا قال:

فليعتق رقبة أو ليصم شهرين متتابعين أو ليطعم ستين مسكينا» 1.و هذه الرواية و إن كانت تامة دلالة الاّ أنها ضعيفة سندا لأن عبد الملك بن عمرو لم يثبت توثيقه.

و الاخرى:صحيحة علي بن مهزيار قال:«و كتب إليه يسأله:يا سيدي رجل نذر أن يصوم يوما فوقع ذلك اليوم على أهله،ما عليه من الكفارة؟فكتب إليه:يصوم يوما بدل يوم و تحرير رقبة مؤمنة» 2.و هذه الرواية و إن كانت صحيحة سندا الاّ أنها لا تدل على أن كفارته كفارة شهر رمضان لأنها كما تنسجم معها كذلك تنسجم مع كفارة اليمين،فلا ظهور لها في الاولى.و على هذا فصحيحة الحلبي الناصة في ان كفارة النذر كفارة اليمين ترفع الاجمال عن هذه الصحيحة و تقيد اطلاقها المقتضي لكون العتق واجبا تعيينيا،و توجب حمله على أنه أحد أفراد الواجب التخييري.

لا يترك،و ذلك لأن ما دل على أن كفارته كفارة الظهار كصحيحتي زرارة و أبي ولاّد الحناط 3معارض بما دل على ان كفارته كفارة شهر رمضان كموثقتي سماعة 4حيث ان الصحيحتين تدلان على ذلك بصيغة:«ان عليه ما على المظاهر»و الموثقتين تدلان بصيغة:«ان عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان متعمدا»فمن أجل ذلك لا يمكن الجمع العرفي الدلالي بينهما.فما


 

1) <page number=”122″ />الوسائل باب:23 من أبواب الكفارات الحديث:7.
2) الوسائل باب:7 من أبواب بقية الصوم الواجب الحديث:1.
3) الوسائل باب:6 من أبواب الاعتكاف الحديث:1 و 6.
4) الوسائل باب:6 من أبواب الاعتكاف الحديث:2 و 5.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 123)


مختصة بالجماع فلا تعم سائر المفطرات،و الظاهر أنها لأجل الاعتكاف لا للصوم و لذا تجب في الجماع ليلا أيضا.

و أما ما عدا ذلك من أقسام الصوم فلا كفارة في إفطاره واجبا كان كالنذر المطلق و الكفارة أو مندوبا فإنه لا كفارة فيها و إن أفطر بعد الزوال.

[مسألة 2:تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين و أزيد من صوم له كفارة]

[2471]مسألة 2:تتكرر الكفارة بتكرر الموجب في يومين و أزيد من صوم له كفارة،و لا تتكرر بتكرره في يوم واحد في غير الجماع و إن تخلل التكفير بين الموجبين أو اختلف جنس الموجب على الأقوى،و إن كان
في بعض الكلمات من حمل الأمر بالترتيب في الصحيحتين على الأفضلية بقرينة نص الموثقتين في التخيير غريب جدا،فانه ليس للأمر بالترتيب في الصحيحتين و للتخيير في الموثقتين عين و لا أثر،و انما الوارد في لسان الاولى هو«ان عليه ما على المظاهر»،و في لسان الثانية هو«ان عليه ما على الذي أفطر يوما من شهر رمضان»من دون الدلالة على ان كفارة الظهار هل هي على نحو الترتيب أو التخيير أو الجمع؟و كذلك كفارة الافطار عمدا في نهار شهر رمضان، و انما ثبت كون الاولى على نحو الترتيب و الثانية على نحو التخيير بدليل آخر في المرتبة السابقة،و على هذا فبما أن دلالة كل من الصحيحتين و الموثقتين على ذلك بلسان واحد فلا تكون دلالة احداهما أظهر من دلالة الاخرى،فلا محالة تقع المعارضة بينهما و تسقطان من جهة المعارضة و يرجع حينئذ إلى الأصل العملي،و مقتضاه عدم ثبوت الكفارة عليه لا ترتيبا و لا تخييرا،و لكن مع ذلك كان الأجدر به و الأحوط وجوبا أن يكفر على نحو الترتيب ككفارة الظهار.

و قد تجب عليه كفارة اخرى كما إذا جامع و هو صائم في نهار شهر رمضان أو صائم صيام قضاء شهر رمضان،فعليه كفارة الافطار زائدا على كفارة الاعتكاف، و إذا كان الاعتكاف منذورا فيه و جامع أهله فعليه كفارة ثالثة و هي كفارة مخالفة النذر.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 124)


الأحوط التكرار مع أحد الأمرين(1)،بل الأحوط التكرار مطلقا،و أما الجماع فالأحوط بل الأقوى تكريرها بتكرره(2).

[مسألة 3:لا فرق في الإفطار بالمحرم الموجب لكفارة الجمع بين أن تكون الحرمة أصلية كالزنا و شرب الخمر أو عارضية]

[2472]مسألة 3:لا فرق في الإفطار بالمحرم الموجب لكفارة الجمع(3) بين أن تكون الحرمة أصلية كالزنا و شرب الخمر أو عارضية كالوطئ حال الحيض أو تناول ما يضرّه.

[مسألة 4:من الإفطار بالمحرم الكذب على اللّه و على رسوله صلّى اللّه عليه و آله]

[2473]مسألة 4:من الإفطار بالمحرم الكذب على اللّه و على رسوله صلّى اللّه عليه و آله، بل ابتلاع النخامة إذا قلنا بحرمتها من حيث دخولها في
الاحتياط ضعيف جدا و لا منشأ له على أساس ان الكفارة في الروايات في غير الجماع و الامناء مترتبة على الافطار في نهار شهر رمضان متعمدا،و بما أن الافطار عبارة عن نقض الصوم على نحو صرف الوجود فهو لا ينطبق الاّ على الدفعة الاولى دون الثانية فالأكل مثلا بعنوانه ليس موضوعا لوجوب الكفارة بل بعنوان تحقق الافطار به،و هذا العنوان لا يصدق الاّ على الدفعة الاولى من الأكل على نحو صرف الوجود دون الثانية،فعدم الكفارة في الثانية انما هو من جهة عدم تحقق موضوعها،و لا فرق في ذلك بين تخلل التكفير بين الاولى و الثانية و عدمه،و لا بين كونهما من جنس واحد أو من جنسين،فان كل ذلك لا دخل له في المسألة أصلا لا حكما و لا موضوعا،و هذا بخلاف الجماع و الامناء فان الكفارة في الروايات مترتبة على نفس عنوانهما و على ذلك فبطبيعة الحال تتعدد الكفارة بتعدد الجماع و الامناء في نهار شهر رمضان عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي،لأن تعدد الحكم بتعدد موضوعه يكون على القاعدة فلا يحتاج إلى دليل.

بل هو المتعين فيه و كذلك في الامناء كما مر.

على الأحوط الأولى كما تقدم في المسألة(1)من(فصل المفطرات المذكورة…)و به يظهر حال المسائل الآتية.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 125)


الخبائث(1)،لكنه مشكل.

[مسألة 5:إذا تعذر بعض الخصال في كفارة الجمع وجب عليه الباقي]

[2474]مسألة 5:إذا تعذر بعض الخصال في كفارة الجمع وجب عليه الباقي.

[مسألة 6:إذا جامع في يوم واحد مرات وجب عليه كفارات بعددها]

[2475]مسألة 6:إذا جامع في يوم واحد مرات وجب عليه كفارات بعددها،و إن كان على الوجه المحرم تعددت كفارة الجمع بعددها.

[مسألة 7:الظاهر أن الأكل في مجلس واحد يعدّ إفطارا واحدا و إن تعددت اللقم]

[2476]مسألة 7:الظاهر أن الأكل في مجلس واحد يعدّ إفطارا واحدا و إن تعددت اللقم،فلو قلنا بالتكرار مع التكرار في يوم واحد لا تتكرر بتعددها، و كذا الشرب إذا كان جرعة فجرعة.

[مسألة 8:في الجماع الواحد إذا أدخل و أخرج مرات لا تتكرر الكفارة]

[2477]مسألة 8:في الجماع الواحد إذا أدخل و أخرج مرات لا تتكرر الكفارة و إن كان أحوط.

[مسألة 9:إذا أفطر بغير الجماع ثم جامع بعد ذلك يكفيه التكفير مرة]

[2478]مسألة 9:إذا أفطر بغير الجماع ثم جامع بعد ذلك يكفيه التكفير مرة(2)،و كذا إذا أفطر أولا بالحلال ثم أفطر بالحرام
تقدم الاشكال في كونها من الخبائث مطلقا في المسألة(69)من (فصل:فيما يجب الامساك عنه…)فراجع.

في الكفاية اشكال بل منع،و الظاهر عدم الكفاية لما مر من ان الكفارة في لسان الروايات مترتبة على عنوان الجماع في نهار شهر رمضان متعمدا، و مقتضى اطلاقها ان كل ما يصدق عليه هذا العنوان فهو موجب للكفارة و موضوع لها سواء أ كان مسبوقا بمفطر آخر من جماع أو غيره أم لا،فاذن تجب عليه في المسألة كفارتان..

احداهما:للإفطار العمدي.

و الاخرى:بالجماع.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 126)


تكفيه كفارة الجمع(1).

[مسألة 10:لو علم أنه أتى بما يوجب فساد الصوم و تردد بين ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفارة أيضا لم تجب عليه]

[2479]مسألة 10:لو علم أنه أتى بما يوجب فساد الصوم و تردد بين ما يوجب القضاء فقط أو يوجب الكفارة أيضا لم تجب عليه،و إذا علم أنه أفطر أياما و لم يدر عددها يجوز له الاقتصار على القدر المعلوم،و إذا شك في أنه أفطر بالمحلل أو المحرم كفاه إحدى الخصال(2)،و إذا شك في أن اليوم الذي أفطره كان من شهر رمضان أو كان من قضائه و قد أفطر قبل الزوال لم تجب عليه الكفارة،و إن كان قد أفطر بعد الزوال كفاه إطعام ستين مسكينا،بل له الاكتفاء بعشرة مساكين(3).

تقدم ان ثبوت كفارة الجمع على الافطار بالحرام محل اشكال بل منع،و على تقدير ثبوتها فلا تثبت في المسألة،لأن الافطار فيها ليس على الحرام و انما هو بالحلال،و ما هو بالحرام ليس مصداقا للإفطار،فاذن لا موضوع لكفارة الجمع فيها.

تقدم الاشكال في كفارة الجمع،بل المنع،و عليه فلا أثر لهذا الشك فانه مع العلم به كفى احدى الخصال فضلا عن صورة الشك.

في الاكتفاء بها اشكال بل منع حيث انه مبني على العلم بوجوب اطعام العشرة إما تعيينا أو في ضمن اطعام ستين مسكينا تخييرا بينه و بين العتق أو الصيام،و بما أن وجوب اطعام العشرة معلوم و الشك انما هو في الزائد عليه فيرجع فيه إلى أصالة البراءة عنه،و لكن الأمر في المقام لا يدور بين كون الواجب الأقل أو الأكثر،بل يدور بين المتباينين،لأن الوجوب في كفارة قضاء شهر رمضان تعلق باطعام عشرة مساكين تعيينا،و في كفارة شهر رمضان تعلق بالجامع على البدل لا باطعام ستين مسكينا تعيينا،و حيث ان أمر الكفارة في المقام مردد بين كفارة القضاء و كفارة شهر رمضان فيشك في انه ملزم باطعام العشرة أو بالجامع على نحو التخيير،فلا يكون الأمر بالعشرة متيقنا اما تعيينا أو

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 127)


[مسألة 11:إذا أفطر متعمدا ثم سافر بعد الزوال لم تسقط عنه الكفارة]

[2480]مسألة 11:إذا أفطر متعمدا ثم سافر بعد الزوال لم تسقط عنه الكفارة بلا إشكال،و كذا إذا سافر قبل الزوال للفرار عنها،بل و كذا لو بدا له السفر لا بقصد الفرار على الأقوى،و كذا لو سافر فأفطر قبل الوصول إلى حد الترخص،و أما لو أفطر متعمدا ثم عرض له عارض قهري من حيض أو نفاس أو مرض أو جنون أو نحو ذلك من الأعذار ففي السقوط و عدمه وجهان بل قولان أحوطهما الثاني و أقواهما الأول(1).

في ضمن الستين لفرض ان الأمر لم يتعلق بالستين بحده الخاص لتكون العشرة مأمورا بها في ضمنه،بل تعلق بالجامع بينه و بين العتق و الصيام،فاذن ليس في البين متيقن،و عليه فاصالة عدم تعلق الأمر بالعشرة معارضة بأصالة عدم تعلقه بالجامع بينها،فتسقطان من جهة المعارضة فيجب الاحتياط،و له حينئذ الاكتفاء باطعام الستين،فانه إذا اختار العتق أو الصوم فلا بد من ضم اطعام العشرة إليه أيضا.و لكن ذلك مبني على المشهور من وجوب الكفارة في قضاء شهر رمضان،و أما بناء على ما استظهرناه من عدم وجوبها فلا أثر لهذا الشك.

بل الأقوى هو الثاني،لأن مقتضى اطلاقات الأدلة من الكتاب و السنة هو أن على كل مكلف تتوفر فيه الشروط العامة و الخاصة أن ينوي الصوم عند طلوع الفجر و يبقى صائما إلى الليل،أو إلى أن يطرأ عليه ما يعفيه عنه كالسفر أو الحيض أو النفاس أو المرض أو نحو ذلك،و إن علم بأنه سيسافر قبل الظهر،أو علمت المرأة بأنها ستحيض بعد ساعة من النهار،فانه في كل الحالات مأمور بالصوم بمقتضى الاطلاقات و لا يجوز له تناول أي مفطر و إن كان يتيقن بطرو المانع عن الصوم أثناء النهار.

ثم ان هذه الاطلاقات تكشف عن انه مأمور بالصوم واقعا من عند طلوع الفجر إلى أن يطرأ عليه المانع عنه أثناء النهار لا ظاهريا و لا خياليا و لا تأديبيا تشبيها بالصائمين،لاختصاص الأول بالجاهل بالواقع،و الثاني بالجاهل به مركبا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 128)


[مسألة 12:لو أفطر يوم الشك في آخر الشهر ثم تبين أنه من شوال فالأقوى سقوط الكفارة]

[2481]مسألة 12:لو أفطر يوم الشك في آخر الشهر ثم تبين أنه من شوال فالأقوى سقوط الكفارة و إن كان الأحوط عدمه(1)،و كذا لو اعتقد
أو الغافل و الحال أنه مأمور به مطلقا حتى في فرض العلم بطرو المانع في الأثناء و عدم التمكن من اتمامه إلى الليل،و اختصاص الثالث بمن بطل صومه أثناء النهار فانه مأمور بالامساك طيلة النهار تشبيها بالصائمين.

فالنتيجة:ان أمره بالصوم في ذلك الزمن المحدود واقعي و على هذا الأساس فإذا مارس في هذه الحالة شيئا من المفطرات متعمدا كما إذا جامع أهله أو أكل أو شرب ثم سافر كان مشمولا للروايات التي تنص على أن من أفطر في نهار شهر رمضان عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي فعليه القضاء و الكفارة، و تؤكد ذلك صحيحة زرارة و محمد بن مسلم قالا:«قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:أيما رجل كان له مال حال عليه الحول فانه يزكيه،قلت له:فان وهبه قبل حلّه بشهر أو بيوم،قال:ليس عليه شيء أبدا،قال:و قال زرارة عنه:انه قال:انما هذا بمنزلة رجل أفطر في شهر رمضان يوما في اقامته ثم يخرج في آخر النهار في سفر فأراد بسفره ذلك ابطال الكفارة التي وجبت عليه،و قال:انه حين رأى هلال الثاني عشر وجبت عليه الزكاة،و لكنه لو كان وهبهما قبل ذلك لجاز و لم يكن عليه شيء بمنزلة من خرج ثم أفطر…» 1فانها تدل على عدم جواز الافطار قبل الخروج،فمن أفطر قبله فعليه الكفارة،و لا يمكن الغاء الكفارة بالسفر،و مقتضى اطلاقها وجوب الكفارة عليه بالافطار قبل الخروج بغاية السفر و إن كان ناويا السفر بعد ساعة.و من هنا يظهر انه لا فرق بين المانع الاختياري و المانع القهري،فما في المتن من الفرق بينهما لا يستند إلى أصل.

الاحتياط ضعيف فيه و فيما بعده،فان الكفارة مترتبة على الافطار في نهار شهر رمضان أو الجماع فيه متعمدا،و أما إذا لم يكن الافطار فيه أو الجماع


 

1) <page number=”128″ />الوسائل باب:58 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 129)


أنه من رمضان ثم أفطر متعمدا فبان أنه من شوال،أو اعتقد في يوم الشك في أول الشهر أنه من رمضان فبان أنه من شعبان.

[مسألة 13:قد مر أن من أفطر في شهر رمضان عالما عامدا إن كان مستحلا فهو مرتد]

[2482]مسألة 13:قد مر أن من أفطر في شهر رمضان عالما عامدا إن كان مستحلا فهو مرتد(1)،بل و كذا إن لم يفطر و لكن كان مستحلا له،و إن لم يكن مستحلا عزّر بخمسة و عشرين سوطا(2)،فإن عاد بعد التعزير عزّر ثانيا،فإن عاد كذلك قتل في الثالثة،و الأحوط قتله في الرابعة(3).

[مسألة 14:إذا جامع زوجته في شهر رمضان و هما صائمان مكرها لها كان عليه كفارتان و تعزيران خمسون سوطا]

[2483]مسألة 14:إذا جامع زوجته في شهر رمضان و هما صائمان مكرها لها كان عليه كفارتان و تعزيران خمسون سوطا(4)،فيتحمل عنها الكفارة و التعزير،و أما إذا طاوعته في الابتداء فعلى كل منهما كفارته و تعزيره،و إن أكرهها في الابتداء ثم طاوعته في الأثناء فكذلك على الأقوى،و إن كان
كذلك فلا موضوع للكفارة و لا أثر للاعتقاد الخاطئ فضلا عن الشك حيث انه لا يغير الواقع و لا يجعل غير شهر رمضان شهر رمضان حكما فانه بحاجة إلى دليل.

في اطلاقه اشكال بل منع تقدم ذلك في أول كتاب الصوم بشكل موسع فلا حاجة إلى الاعادة.

مر في أول الكتاب ان التحديد لم يرد الاّ في رواية ضعيفة،و الثابت انما هو أصل وجوب التعزير و تحديده كما و كيفا بيد الامام.

لا سبيل للاحتياط حيث لا تعطيل في حدود اللّه تعالى فيكون هذا الاحتياط خلاف الاحتياط،فالصحيح هو قتله في الثالثة شريطة اجراء الحد عليه مرتين كما تقدم في أول الكتاب.

على الأحوط،و الأقوى عدم الوجوب فانه بحاجة إلى دليل حيث ان ثبوت حكم شخص من كفارة أو تعزير على آخر يكون على خلاف مقتضى القاعدة فيتوقف ثبوته على دليل يدل عليه و لا دليل في المسألة الاّ رواية

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 130)


الأحوط كفارة منها و كفارتين منه،و لا فرق في الزوجة بين الدائمة و المنقطعة.

[مسألة 15:لو جامع زوجته الصائمة و هو صائم في النوم لا يتحمل عنها الكفارة و لا التعزير]

[2484]مسألة 15:لو جامع زوجته الصائمة و هو صائم في النوم لا يتحمل عنها الكفارة و لا التعزير،كما أنه ليس عليها شيء و لا يبطل صومها بذلك،و كذا لا يتحمل عنها إذا أكرهها على غير الجماع من المفطرات حتى مقدمات الجماع و إن أوجبت انزالها.

[مسألة 16:إذا أكرهت الزوجة زوجها لا تتحمل عنه شيئا]

[2485]مسألة 16:إذا أكرهت الزوجة زوجها لا تتحمل عنه شيئا.

[مسألة 17:لا تلحق بالزوجة الأمة إذا أكرهها على الجماع و هما صائمان فليس عليه إلا كفارته و تعزيره]

[2486]مسألة 17:لا تلحق بالزوجة الأمة إذا أكرهها على الجماع و هما صائمان فليس عليه إلا كفارته و تعزيره،و كذا لا تلحق بها الأجنبية إذا أكرهها عليه على الأقوى،و إن كان الأحوط التحمل عنها خصوصا إذا تخيل أنها زوجته فأكرهها عليه.

[مسألة 18:إذا كان الزوج مفطرا بسبب كونه مسافرا أو مريضا]

[2487]مسألة 18:إذا كان الزوج مفطرا بسبب كونه مسافرا أو مريضا أو
المفضل بن عمرو عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في رجل أتى امرأته و هو صائم و هي صائمة؟فقال:ان كان استكرهها فعليه كفارتان،و إن كان طاوعته فعليه كفارة و عليها كفارة،و إن كان اكرهها فعليه ضرب خمسين سوطا نصف الحد،و إن كان طاوعته ضرب خمسة و عشرين سوطا و ضربت خمسة و عشرين سوطا» 1و هذه الرواية و إن كانت تامة دلالة الا أنها ضعيفة سندا فلا يمكن الاعتماد عليها.

و على هذا فالمرأة إن كانت لا تزال مكرهة سقطت الكفارة عنها و التعزير بمقتضى حديث الرفع،و إن طاوعته في الأثناء فعليها الكفارة و التعزير،و قد مر أن تحديده بحد خاص لم يثبت و أمره بيد الامام.و به يظهر حال تمام ما ذكره الماتن قدّس سرّه في المسألة،كما انه يظهر بذلك حال جملة من المسائل الآتية.


 

1) <page number=”130″ />الوسائل باب:12 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 131)


نحو ذلك و كانت زوجته صائمة لا يجوز له إكراهها على الجماع(1)،و إن
هذا فيما إذا كان الاكراه مستلزما لإيذائها أو هدر كرامتها و توهينها أو نحو ذلك مما يكون حراما بعنوانه،أو كان المتوعد عليه شيئا لا يجوز ارتكابه كضربها أو شتمها أو غير ذلك،فعندئذ لا يجوز اكراهها من جهة استلزامه الوقوع في الحرام،و الا فلا دليل على حرمة الاكراه في نفسه و بعنوانه.و على هذا فإذا افترض ان اكراهها على الجماع لا يستلزم شيئا من ذلك،فهل يجوز حينئذ أو لا؟فيه و جهان مبنيان على ان التسبيب إلى الحرام حرام أو لا،لا شبهة في حرمة التسبيب إلى المحرمات التي قد اهتم الشارع بها بدرجة يعلم بعدم رضائه بوجودها في الخارج لا مباشرة و لا تسبيبا و ذلك كقتل النفس المحترمة و الزنا و اللواط و شرب الخمر و نحو ذلك،و لذا يجب أن يردع الأطفال عند ارتكابها و ممارستها بل المجانين.

و أما المحرمات التي لم يظهر أهميتها من أدلتها و لا من النكات الخارجية و المناسبات الارتكازية و لا من الأدلة الثانوية و ذلك كشرب النجس و أكل اللحم المشكوك تذكيته و أكل الجرّي و نحو ذلك فلا دليل على حرمة التسبيب إليها.

و إن شئت قلت:انه لا ريب في أن الخطابات الشرعية التحريمية ظاهرة في حرمة ممارسة متعلقاتها على المخاطب بها مباشرة،و لا تدل على حرمة التسبيب إليها لا بالمطابقة و لا بالالتزام،لأن التسبيب خارج عن متعلقاتها و لا يصدق عليه عنوان المتعلق كشرب الخمر أو الزنا أو أكل مال الغير أو الافطار في نهار شهر رمضان أو ما شاكل ذلك،و المفروض ان تلك الخطابات تدل على حرمة هذه الأفعال بعناوينها الخاصة و لا تدل على حرمة فعل آخر لا ينطبق عليه شيء منها.

فالنتيجة:ان الخطابات الشرعية لا تدل على حرمة التسبيب بالوضع أي بالدلالة اللفظية الوضعية،فاذن يكون الحكم بحرمته مبنيا على افتراض أحد أمرين..

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 132)


فعل لا يتحمل عنها الكفارة و لا التعزير،و هل يجوز له مقاربتها و هي نائمة إشكال(1).

الأول:أن تكون في تلك الخطابات قرينة على أن الغرض منها المنع عن ايجاد متعلقاتها في الخارج و إن كان بالتسبيب.

الثاني:ان من اهتمام الشارع بها بمختلف الطرق يستكشف ان وجودها مبغوض و ان كان بالتسبيب.

و لكن كلا الأمرين لا يتم في المسألة.

أما الأول:فمضافا إلى عدم توفر القرينة فيها كذلك انه لا يمكن أن يراد من النهي فيها الأعم من النهي النفسي و هو النهي عن ايجادها مباشرة و النهي الغيري و هو النهي عن التسبيب إليه،إذ لا يحتمل أن يكون النهي عن التسبيب نهيا نفسيا لعدم توفر ملاك النهي النفسي فيه،و حيث انه لا جامع بينهما فلا يمكن أن يراد من النهي فيها الأعم من النفسي و الغيري،فلا محالة يكون المراد منه النفسي.

و أما الثاني:فقد استكشفنا من مختلف الطرق و النكات الداخلية و الخارجية اهتمام الشارع ببعض المحرمات و عدم رضائه بوجوده مطلقا و لو بالتسبيب،بل يجب الردع عنه حتى الأطفال و المجانين.و أما ما لا يظهر من الشارع الاهتمام به فلا يمكن الحكم بحرمة التسبيب إليه.

و المقام من هذا القبيل،فان المكره بمقتضى حديث الرفع لم تجعل الحرمة عليه فلا يكون صدور الفعل المكره عليه منه بحرام،و التسبيب إليه لا دليل على حرمته،و على هذا فلو أكره الزوج زوجته على الجماع في نهار شهر رمضان فلا دليل على أنه حرام بملاك التسبيب و إن كانت رعاية الاحتياط أولى و أجدر،بل لا ينبغي تركه.

بل الظاهر انه لا اشكال في الجواز حيث ان المقاربة في هذه الحالة لا تتضمن اكراه الزوجة عليها فلا تكون محرمة من جهة التسبيب

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 133)


[مسألة 19:من عجز عن الخصال الثالث في كفارة مثل شهر رمضان تخير بين أن يصوم ثمانية عشر يوما أو يتصدق بما يطيق]

[2488]مسألة 19:من عجز عن الخصال الثالث في كفارة مثل شهر رمضان تخير بين أن يصوم ثمانية عشر يوما أو يتصدق بما يطيق(1)،و لو عجز أتى بالممكن منهما،و إن لم يقدر على شيء منهما استغفر اللّه و لو مرة بدلا عن الكفارة،و إن تمكن بعد ذلك منها أتى بها(2).

و لا من جهة الاكراه.

هذا هو المتعين بمقتضى قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان:

«…يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين أو يطعم ستين مسكينا،فان لم يقدر تصدق بما يطيق» 1.و مثله صحيحته الاخرى 2.و أما صوم ثمانية عشر يوما إذا عجز عن الخصال،فلا دليل على وجوبه لأن ما دل عليه و هو رواية أبي بصير ضعيف سندا فلا يمكن الاعتماد عليه.

هذا هو الظاهر لأن الروايات التي تنص على وجوب الكفارة لا يظهر من شيء منها تحديدها إلى وقت معين،فان قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان:«يعتق نسمة أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستين مسكينا،فان لم يقدر تصدق بما يطيق» 3ينص على وجوب الكفارة بهذا النحو من دون تحديده إلى أمد خاص و زمن مخصوص،و انما حدده بالقدرة عليها بقوله عليه السّلام:

«فان لم يقدر»و على تقدير انه لا يقدر عليها فوظيفته التصدق بما يطيق،فاذن مقتضى اطلاق الصحيحة و غيرها عدم توقيتها إلى وقت خاص و محدّد.

و نتيجة ذلك:انه لا ينتقل إلى البدل و هو التصدق بما يطيق،ثم الاستغفار الاّ في فرض استمرار عجزه عن المبدل في الواقع إلى نهاية المطاف،و الاّ فوظيفته المبدل.


 

1) <page number=”133″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
2) الوسائل باب:8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:3.
3) الوسائل باب:8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 134)


[مسألة 20:يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره]

[2489]مسألة 20:يجوز التبرع بالكفارة عن الميت صوما كانت أو غيره، و في جواز التبرع بها عن الحي إشكال،و الأحوط العدم خصوصا في الصوم(1).

نعم،إذا علم باستمراره أو اطمأن به،أو أثبت ذلك بالاستصحاب،ثم تبين خلافه يكشف عن عدم وجوب البدل عليه في الواقع و كان المبدل هو الواجب عليه،نعم إذا كان مؤقتا و ذهب وقته و انتهى انتقل إلى البدل واقعا.

بل هو الأقوى لأن سقوط الواجب عن المكلف بفعل غيره بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه،نعم إذا و كل غيره في العتق أو الاطعام و قام الوكيل بالعملية صح على أساس صحة الوكالة فيهما،اما في العتق فبملاك أنه أمر اعتباري فتكون صحة الوكالة فيه على القاعدة فلا تحتاج إلى مئونة زائدة،و أما الاطعام فهو و إن كان أمرا تكوينيا الاّ انه من الامور التكوينية القابلة للوكالة كالقبض و الاحياء و ما شاكلهما باعتبار ان الاطعام إذا صدر من الوكيل صح اسناده إلى الموكل حقيقة،فإذا و كل من عليه الاطعام غيره بالقيام به وكالة منه فقام به صح أن يقال:انه أدى وظيفته و قام بالعمل.

و أما الصوم فهو كالصلاة و نحوها،فالظاهر من دليل وجوبه اعتبار المباشرة فيه كالصلاة و نحوها،فلو و كل غيره في الصيام عنه وكالة فصام لم يصح استناده إليه،فلا يقال انه صام،كما انه لو و كل غيره في الصلاة وكالة عنه فصلى لم يصح استناد صلاته إليه،فلا يقال أنه صلى.فمقتضى القاعدة عدم صحة الوكالة فيه،فالصحة بحاجة إلى دليل.

فالنتيجة:ان المتفاهم العرفي من الأمر بالعتق و الاطعام هو الأعم من قيام الشخص بهما بالمباشرة أو بالوكالة،و هذا بخلاف الأمر بالصوم،فان المتفاهم العرفي منه اعتبار المباشرة،و أما إذا لم يكن العتق أو الاطعام بنحو الوكالة بل كان على نحو التبرع فلا يصح لعدم استناد فعل المتبرع إلى المتبرع عنه لكي يكون

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 135)


[مسألة 21:من عليه الكفارة إذا لم يؤدها حتى مضت عليه سنين لم تتكرر]

[2490]مسألة 21:من عليه الكفارة إذا لم يؤدها حتى مضت عليه سنين لم تتكرر.

[مسألة 22:الظاهر أن وجوب الكفارة موسّع فلا تجب المبادرة إليها]

[2491]مسألة 22:الظاهر أن وجوب الكفارة موسّع فلا تجب المبادرة إليها،نعم لا يجوز التأخير إلى حد التهاون.

[مسألة 23:إذا أفطر الصائم بعد المغرب على حرام من زنا أو شرب الخمر أو نحو ذلك لم يبطل صومه]

[2492]مسألة 23:إذا أفطر الصائم بعد المغرب على حرام من زنا أو شرب الخمر أو نحو ذلك لم يبطل صومه و إن كان في أثناء النهار قاصدا لذلك.

[مسألة 24:مصرف كفارة الإطعام الفقراء إما بإشباعهم و إما بالتسليم إليهم كل واحد مدا]

[2493]مسألة 24:مصرف كفارة الإطعام الفقراء إما بإشباعهم و إما بالتسليم إليهم كل واحد مدا،و الأحوط مدّان من حنطة أو شعير أو أرز أو خبز أو نحو ذلك،و لا يكفي في كفارة واحدة إشباع شخص واحد مرتين أو أزيد أو إعطاؤه مدّين أو أزيد بل لا بد من ستين نفسا،نعم إذا كان للفقير عيال متعددون و لو كانوا أطفالا صغارا يجوز إعطاؤه بعدد الجميع لكل واحد مدا.

[مسألة 25:يجوز السفر في شهر رمضان لا لعذر و حاجة]

[2494]مسألة 25:يجوز السفر في شهر رمضان لا لعذر و حاجة،بل و لو كان للفرار من الصوم،لكنه مكروه.

[مسألة 26:المدّ ربع الصاع]

[2495]مسألة 26:المدّ ربع الصاع(1)،و هو ستمائة مثقال و أربعة عشر مثقالا و ربع مثقال،و على هذا فالمد مائة و خمسون مثقالا و ثلاثة مثاقيل و نصف مثقال و ربع ربع المثقال،و إذا أعطى ثلاثة أرباع الوقية من حقة النجف فقد زاد أزيد من واحد و عشرين مثقالا،إذ ثلاثة أرباع الوقية مائة و خمسة و سبعون مثقالا.

الواجب هو الجامع بينهما.

هذا هو الصحيح و تنص عليه مجموعة من الروايات:

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 136)


……….

منها:صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«سألته عن رجل افطر يوما من شهر رمضان متعمدا؟قال:عليه خمسة عشر صاعا لكل مسكين مدّ،بمدّ النبي صلّى اللّه عليه و آله أفضل» 1فانها كما تدل على أن المد ربع الصاع،كذلك تدل على أن مد النبي صلّى اللّه عليه و آله أكثر منه بقرينة أنه أفضل.

و منها:صحيحة أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام في كفارة الظهار قال:«تصدق على ستين مسكينا ثلاثين صاعا لكل مسكين مدين مدين» 2فانها تنص على أن المد ربع الصاع.

و منها:صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله يتوضأ بمد و يغتسل بصاع،و المد رطل و نصف،و الصاع ستة أرطال» 3و منها غيرها.

و في مقابلها مجموعة اخرى من الروايات تنص على أن المد خمس الصاع:

منها:موثقة سماعة قال:«سألته عن الذي يجزي من الماء للغسل؟فقال:

اغتسل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بصاع،و توضأ بمد،و كان الصاع على عهده خمسة أمداد و كان المد قدر رطل و ثلاث أواق» 4.

و منها:رواية سليمان بن حفص بن المروزي قال:«قال أبو الحسن موسى بن جعفر عليهما السّلام:الغسل بصاع من ماء،و الوضوء بمد من ماء،و صاع النبي صلّى اللّه عليه و آله خمسة امداد،و المد وزن مائتين و ثمانين درهما» 5.و لكنها ضعيفة سندا فلا يمكن الاعتماد عليها،فاذن العمدة هي الموثقة،و هي معارضة للروايات المتقدمة التي تحدد الصاع بأربعة امداد و تنفى الزائد،و الموثقة تدل على أن الصاع خمسة أمداد،فتثبت الزائد فتكون المعارضة بينهما في الزائد فتسقطان


 

1) <page number=”136″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:10.
2) الوسائل باب:14 من أبواب الكفارات الحديث:6.
3) الوسائل باب:50 من أبواب الوضوء الحديث:1 .
4) الوسائل باب:50 من أبواب الوضوء الحديث:4.
5) الوسائل باب:50 من أبواب الوضوء الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 137)


……….

من جهة المعارضة،فلا يثبت الزائد.

و إن شئت قلت:ان المجموعة الاولى بما أنها وردت في مقام تحديد الصاع فتدل بالدلالة المطابقية على أنه أربعة امداد و بالدلالة الالتزامية على أنه ليس بأكثر منها و تسقط دلالتها الالتزامية من جهة المعارضة و تبقى دلالتها المطابقية سالمة.

و أما ما ورد في عدة من الروايات من التصدق بعشرين صاعا فهو لا ينافي الروايات المتقدمة..

أما أولا:فلأنها ليست في مقام بيان المسألة بتمام حدودها كما و كيفا، و انما هي في مقام بيان ان الافطار في نهار شهر رمضان متعمدا يوجب التصدق بعشرين صاعا من دون بيان زائد على ذلك،فاذن لا بد في رفع اجمالها من الرجوع إلى الروايات المفصلة.

و ثانيا:انه يظهر من نفس هذه الروايات ان الصاع يختلف باختلاف البلدان و الأزمان،و لعل الصاع في زمان صدور هذه الروايات غير الصاع في زمان النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله.و يدل عليه قوله في صحيحة جميل بن دراج:«فدخل رجل من الناس بمكتل من تمر فيه عشرون صاعا يكون عشرة أصوع بصاعنا» 1فاذن يكون الصاع كالرطل يختلف باختلاف البلدان.

و على الجملة فهذه الروايات الآمرة بالتصدق بعشرين صاعا على أساس اجمال كلمة الصاع لا تنافي الروايات المتقدمة التي تنص على التصدق لكل مسكين بمد و هو ربع الصاع،بل لو لم تكن كلمة الصاع مجملة فتقع المعارضة حينئذ بين الدلالة الالتزامية لتلك الروايات النافية للزائد على خمسة عشر صاعا و بين هذه الروايات المثبتة له فتسقطان من جهة المعارضة،و يرجع إلى الأصل العملي،و مقتضاه عدم ثبوت الزائد،هذا اضافة إلى أن الروايات المتقدمة أظهر من هذه الروايات دلالة بقرينة تقسيم الصاع فيها بأربعة أمداد و لكل مسكين مد،


 

1) <page number=”137″ />الوسائل باب:8 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 138)


……….

فانه يوجب حمل التصدق بالزائد على الاستحباب.هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى:ان المراد من الصاع في الروايات المتقدمة و غيرها مما ورد في زكاة الفطرة هو الصاع المدني المعبر عنه في بعض الروايات بصاع النبي صلّى اللّه عليه و آله كما في صحيحة سعد بن سعد الأشعري 1و غيرها المفسر بأربعة امداد و بستة أرطال كما ان المراد من الرطل هو الرطل المدني بقرينة أن هذا التفسير قد ورد في الروايات الحاكية لكمية الماء الذي كان النبي الأكرم صلّى اللّه عليه و آله قد توضأ به و اغتسل و قد حدد فيها الأول بمد و الثاني بصاع،و فسر الصاع فيها بستة أرطال،فان ذلك يدل على أن المراد من الرطل هو رطل بلده و يؤيد ذلك ما ورد من التصريح به في مجموعة من الروايات و لكن بما أنها ضعيفة سندا لا بأس بالتأييد بها دون الاستدلال.


 

1) <page number=”138″ />الوسائل باب:6 من أبواب زكاة الفطرة الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 139)


[فصل في موارد وجوب القضاء دون الكفارة]

فصل في موارد وجوب القضاء دون الكفارة يجب القضاء دون الكفارة في موارد:

[أحدها:ما مرّ من النوم الثاني بل الثالث]

أحدها:ما مرّ من النوم الثاني بل الثالث،و إن كان الأحوط فيهما الكفارة أيضا خصوصا الثالث(1).

[الثاني:إذا أبطل صومه بالاخلال بالنية]

الثاني:إذا أبطل صومه بالاخلال بالنية مع عدم الإتيان بشيء من
تقدم في الأمر الثامن(من المفطرات)باسهاب ان وجوب الكفارة مترتب على ترك الغسل متعمدا إلى طلوع الفجر و إن كان في النومة الاولى،و لا خصوصية للثانية و الثالثة،و أما إذا نام واثقا و متأكدا بالانتباه قبل طلوع الفجر بفترة تسع للغسل و لكن استمر به النوم إلى أن طلع الفجر عليه،فان كان في النومة الاولى فلا شيء عليه و صيامه صحيح،و إن كان في الثانية أو الثالثة فعليه القضاء دون الكفارة.

و إن شئت قلت:ان مقتضى القاعدة ان الاخلال بالصوم مطلقا و إن كان معذورا فيه موجب للبطلان و القضاء و يستثنى من ذلك صور:

الاولى:ان لا يصدر تلك المفطرات من الصائم ناسيا انه صائم و غافلا عن صيامه،و الاّ فلا شيء عليه.

الثانية:أن لا يعتقد بأن ما يصدر منه ليس شيئا من المفطرات المحددة في الشريعة المقدسة كما و كيفا،و لكنه كان في الواقع منها،و الاّ فلا شيء عليه كما مر.

الثالثة:أن لا يقع شيء منها بدون قصد و ارادة،كما إذا فتح حلقه عنوة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 140)


……….

وصب فيه الماء و دخل جوفه قهرا بدون ارادة و قصد،و الاّ فلا شيء عليه الاّ في حالتين كما تقدم.

الرابعة:ان الصائم إذا أكل أو شرب في وقت يشك في طلوع الفجر فيه معتمدا على الاستصحاب تاركا للفحص و التأكد من عدم طلوعه،ثم تبين له أن الفجر كان طالعا،فعليه أن يتم صومه و يقضي يوما آخر،و أما إذا أكل أو شرب بعد الفحص و التأكد مباشرة و الاعتقاد بعدم الطلوع،ثم ظهر له ان الفجر كان طالعا فلا شيء عليه.

و تنص على ذلك موثقة سماعة قال:«سألته عن رجل أكل أو شرب بعد ما طلع الفجر في شهر رمضان؟فقال:ان كان قام فنظر فلم ير الفجر فأكل ثم عاد فرأى الفجر فليتم صومه و لا اعادة عليه،و إن كان قام فأكل و شرب ثم نظر إلى الفجر فرأى انه قد طلع الفجر فليتم صومه و يقضى يوما آخر،لأنه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الاعادة» 1.

و أما إذا كان عاجزا عن الفحص و النظر كما إذا كان أعمى أو محبوسا أو نحو ذلك،فأكل أو شرب ثم تبين له ان الفجر كان طالعا،فالظاهر وجوب القضاء عليه لا من جهة الموثقة،فانها لا تعم العاجز عن الفحص و النظر لانصرافها عرفا إلى المتمكن منه،بل من جهة انه مقتضى القاعدة،و الخارج منه بالموثقة خصوص صورة الاعتقاد ببقاء الليل على أساس النظر و الفحص بشكل مباشر، و لو لم يحصل له الاعتقاد ببقائه من جهة النظر و الفحص و مع ذلك أكل أو شرب معتمدا على الاستصحاب فانه و إن لم يكن بآثم الاّ أنه إذا تبين له بعد ذلك ان الفجر كان طالعا حين أكل أو شرب فعليه أن يقضي صيامه،لأن هذه الصورة غير مشمولة للموثقة،حيث ان الظاهر من قوله عليه السّلام فيها:«إن كان قام فنظر و لم ير الفجر…»انه اعتقد بقاء الليل و عدم طلوع الفجر من جهة النظر و الفحص،و بما ان الموثقة تكون على خلاف القاعدة فلا بد من الاقتصار على موردها.


 

1) <page number=”140″ />الوسائل باب:44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 141)


……….

و دعوى:ان مقتضى التعليل في ذيلها و هو قوله عليه السّلام:«لأنه بدأ بالأكل قبل النظر»ان للفحص و النظر بصورة مباشرة موضوعية،و يؤكد ذلك قوله عليه السّلام في ذيل صحيحة معاوية بن عمار:«أما انك لو كنت أنت الذي نظرت ما كان عليك قضاؤه» 1فان مقتضى اطلاقه كفاية النظر و إن لم يوجب الاعتقاد أو الاطمينان بعدم الطلوع.

مدفوعة:بأن مقتضى الجمود على ظاهر اللفظ و إن كان ذلك،الاّ ان مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية تقتضى ان اناطة الحكم بالنظر انما هي بملاك انه إذا قام و نظر و لم ير الفجر حصل له الوثوق و الاطمئنان بعدم الطلوع، و لا يحتمل عرفا أن تكون للنظر بما هو موضوعية.

و هاهنا فروع..

الأول:ان من أكل أو شرب واثقا و معتقدا بقاء الليل و عدم طلوع الفجر بدون النظر و الفحص ثم تبين له بعد ذلك ان الفجر كان طالعا حين أكل أو شرب،فانه و إن كان ليس بآثم حين يفعل ذلك الا ان عليه اتمام صوم ذلك اليوم و القضاء بعد شهر رمضان،و لا فرق فيه بين أن يكون متمكنا من النظر و الفحص و لم يفحص و أن لا يكون متمكنا كالأعمى و المحبوس و نحوهما.

الثاني:ان من أكل أو شرب شاكا في طلوع الفجر معتمدا على استصحاب بقاء الليل بدون الفحص و التأكد،ثم بعد ذلك تبين له أن الفجر حينما أكل أو شرب كان طالعا،فان حكمه نفس ما تقدم.

الثالث:ان من نظر إلى الفجر و تأكد و لكن لم يثق بعدم الطلوع و كان يبقى شاكا فيه و مع ذلك أكل أو شرب معتمدا على الاستصحاب ثم تبين له بعد ذلك ان الفجر كان طالعا حين أكل أو شرب،فان عليه القضاء فقط.

الرابع:ان من شك في طلوع الفجر فنظر و تأكد بصورة مباشرة فاعتقد بعدم طلوعه فأكل أو شرب،ثم بعد ذلك تبين له ان الفجر حين أكل أو شرب


 

1) <page number=”141″ />الوسائل باب:46 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 142)


……….

كان طالعا،فانه لا شيء عليه و صيامه صحيح.

الخامس:ان هذا الحكم مختص بصوم شهر رمضان،و أما صوم غيره فيبطل بذلك و إن كان بعد النظر إلى الفجر و الفحص عنه مباشرة و حصول الاعتقاد بعدم طلوعه،و ذلك لعدم الدليل على الصحة و الحاقه بصوم شهر رمضان.

و دعوى:ان صحيحة معاوية بن عمار قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:آمر الجارية تنظر الفجر فتقول:لم يطلع بعد،فآكل،ثم انظر فأجد قد طلع حين نظرت،قال:اقضه،اما انك لو كنت أنت الذي نظرت لم يكن عليك شيء» 1مطلقة و تعم باطلاقها صوم غير شهر رمضان.

مدفوعة:بأن الصحيحة على تقدير صحة نسخة الفقيه تعم صوم غير شهر رمضان شريطة أن يكون له قضاء لا مطلقا،و أما على نسخة الكافي فهي مختصة بصوم شهر رمضان بقرينة الأمر باتمام صوم ذلك اليوم ثم القضاء، فالصحيحة من جهة اختلاف النسخة و عدم ثبوت نسخة الفقيه لا تدل على العموم.

السادس:ان من أكل أو شرب في آخر النهار اعتقادا منه بأن المغرب قد دخل،ثم تبين له بعد ذلك ان النهار كان لا يزال باقيا حين أكل أو شرب فان عليه القضاء بلا فرق فيه بين أن فحص و تأكد من دخول المغرب بصورة مباشرة فاعتقد بدخوله،ثم أكل أو شرب أو لم يفحص منه كذلك لاختصاص النص بالصحة و عدم وجوب القضاء في صورة الفحص و النظر إلى الفجر، و لا نص في المقام،و دعوى التعدي عنه إليه بحاجة إلى قرينة و لا قرينة عليه.و أما إذا أفطر و هو شاك في دخول المغرب و انتهاء النهار من دون حصول الوثوق و الاطمئنان بدخوله بشكل مباشر أو بأخبار ثقة أو أذانه فعليه القضاء و الكفارة سواء تبين له بعد ذلك ان النهار كان لا يزال باقيا حين


 

1) <page number=”142″ />الوسائل باب:46 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 143)


……….

افطر أم لم يتبين،فانه أفطر في نهار شهر رمضان عامدا ملتفتا إلى عدم جوازه.

نعم،إذا اتضح له بعد ذلك ان الوقت كان قد دخل حين أفطر فلا شيء عليه و صيامه صحيح.

السابع:ان من أفطر في آخر النهار ظانا أو معتقدا بأن الشمس قد غابت من جهة وجود السحاب أو نحوه في السماء،ثم رأى الشمس بعد ذلك و أنها كانت لا تزال باقية حين أفطر،فهل عليه قضاء أو لا؟فيه خلاف،فذهب جماعة من الأصحاب إلى عدم وجوب القضاء عليه و صحة صيامه،و قد استدل على ذلك بمجموعة من الروايات:

منها:صحيحة زرارة قال:«قال أبو جعفر عليه السّلام:وقت المغرب إذا غاب القرص،فان رأيته بعد ذلك و قد صليت أعدت الصلاة و مضى صومك تكف عن الطعام ان كنت قد أصبت منه شيئا» 1.

و منها:صحيحته الاخرى عن أبي جعفر عليه السّلام في حديث:«انه قال لرجل ظن ان الشمس قد غابت فافطر ثم أبصر الشمس بعد ذلك،قال:ليس عليه قضاء» 2.و منها غيرها.

و لكن هذه المجموعة معارضة بموثقة أبي بصير و سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في قوم صاموا شهر رمضان فغشيهم سحاب أسود عند غروب الشمس فرأوا انه الليل فافطر بعضهم،ثم ان السحاب انجلى فإذا الشمس،فقال:

على الذي أفطر صيام ذلك اليوم،ان اللّه عز و جل يقول: أَتِمُّوا الصِّيٰامَ إِلَى اللَّيْلِ ،فمن أكل قبل أن يدخل الليل فعليه قضاؤه لأنه أكل متعمدا» 3فانها تدل بوضوح على وجوب القضاء عليه في مفروض المسألة باعتبار ان مفادها الارشاد إلى بطلان صيامه به،فلا يمكن الجمع بينهما،فاذن تقع المعارضة بينها


 

1) <page number=”143″ />الوسائل باب:51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
2) الوسائل باب:51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.
3) الوسائل باب:50 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 144)


……….

و بين الصحيحتين،و بما أنها موافقة للكتاب تتقدم عليهما،و مع الاغماض عن ذلك فتسقطان معا،فيرجع إلى العام الفوقي،و مقتضاه وجوب القضاء.

و دعوى:ان الموثقة بما أنها موافقة للعامة و الصحيحتين مخالفة لهم، فاذن لا بد من الأخذ بهما و حمل الموثقة على التقية.

مدفوعة:بأن الأمر ليس كذلك،فان المسألة محل خلاف بينهم حيث قد نسب القول بعدم وجوب القضاء فيها إلى أكثر أهل العلم،و نسب القول بالوجوب إلى جماعة منهم.

نعم،ذكروا وجوب القضاء على من أكل شاكا في الغروب بدون ذكر الخلاف في المسألة شريطة عدم تبين الحال.و على الجملة فالعامة قد فرقوا بين ما إذا أكل أو شرب ظانا أو معتقدا بغروب الشمس و ما إذا أكل أو شرب شاكا فيه، و بما أن مورد الروايات هو الأول دون الثاني فلا ترجيح لبعضها على بعضها الآخر فيه،هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى ان الكفارة لا تجب لمجرد ترك نية الصيام و الاخلال بها بالرياء أو بنية القطع أو القاطع،و انما تجب بممارسة شيء من المفطرات شريطة توفر امور..

الأول:أن يرتكب المفطر قاصدا و عن اختيار.و أما إذا ارتكب لا عن قصد،كما إذا تمضمض بالماء عبثا فسبق الماء إلى جوفه فانه يوجب بطلان صومه و القضاء،و لكن لا كفارة عليه.

الثاني:أن لا يكون مكرها على الافطار،كما إذا أفطر بتهديد من ظالم أو للتقية،فان صومه يبطل بذلك و لكن لا كفارة عليه.

الثالث:أن لا يكون معتقدا جواز ارتكابه شرعا أما باعتقاد ان الصيام غير واجب عليه أساسا،أو أن هذا الشيء لم يجعله الشارع مفطرا،فانه إذا ارتكبه بناء على ذلك فصومه و إن بطل به الاّ أنه لا كفارة عليه،و بذلك يظهر حال ما ذكره الماتن قدّس سرّه من الفروع.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 145)


المفطرات،أو بالرياء أو بنية القطع أو القاطع كذلك.

[الثالث:إذا نسي غسل الجنابة و مضى عليه يوم أو أيام]

الثالث:إذا نسي غسل الجنابة و مضى عليه يوم أو أيام كما مر.

[الرابع:من فعل المفطر قبل مراعاة الفجر ثم ظهر سبق طلوعه و أنه كان في النهار]

الرابع:من فعل المفطر قبل مراعاة الفجر ثم ظهر سبق طلوعه و أنه كان في النهار،سواء كان قادرا على المراعاة أو عاجزا عنها لعمى أو حبس أو نحو ذلك أو كان غير عارف بالفجر،و كذا مع المراعاة و عدم اعتقاد بقاء الليل بأن شك في الطلوع أو ظن فأكل ثم تبين سبقه،بل الأحوط(1) القضاء حتى مع اعتقاد بقاء الليل،و لا فرق في بطلان الصوم بذلك بين صوم رمضان و غيره من الصوم الواجب و المندوب،بل الأقوى فيها ذلك حتى مع المراعاة و اعتقاد بقاء الليل.

[الخامس:الأكل]

الخامس:الأكل تعويلا على من أخبر ببقاء الليل و عدم طلوع الفجر مع كونه طالعا.

[السادس:الأكل إذا أخبره مخبر بطلوع الفجر لزعمه سخرية المخبر]

السادس:الأكل إذا أخبره مخبر بطلوع الفجر لزعمه سخرية المخبر أو لعدم العلم بصدقه.

[السابع:الإفطار تقليدا]

السابع:الإفطار تقليدا لمن أخبر بدخول الليل و إن كان جائزا له لعمى أو نحوه،و كذا إذا أخبره عدل(2)بل عدلان،بل الأقوى وجوب الكفارة أيضا إذا لم يجز له التقليد.

[الثامن:الإفطار لظلمة قطع بحصول الليل منها فبان خطأه و لم يكن في السماء علة]

الثامن:الإفطار لظلمة قطع بحصول الليل منها فبان خطأه و لم يكن في السماء علة،و كذا لو شك أو ظن بذلك منها،بل المتجه في الأخيرين الكفارة أيضا لعدم جواز الإفطار حينئذ،و لو كان جاهلا بعدم جواز الإفطار
بل الأقوى ذلك مع عدم الفحص و النظر،و أما معهما فقد مر أنه لا شيء عليه و يصح صومه.

بل ثقة واحد و إن لم يكن عدلا.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 146)


فالأقوى عدم الكفارة،و إن كان الأحوط إعطاؤها،نعم لو كانت في السماء علة فظن دخول الليل فأفطر ثم بان له الخطأ لم يكن عليه قضاء(1)فضلا عن الكفارة.

و محصّل المطلب أن من فعل المفطر بتخيل عدم طلوع الفجر أو بتخيل دخول الليل بطل صومه في جميع الصور إلا في صورة ظن دخول الليل مع وجود علة في السماء من غيم أو غبار أو بخار أو نحو ذلك من غير فرق بين شهر رمضان و غيره(2)من الصوم الواجب و المندوب،و في الصور التي ليس معذورا شرعا في الإفطار كما إذا قامت البينة على أن الفجر قد طلع و مع ذلك أتى بالمفطر أو شك في دخول الليل أو ظن ظنا غير معتبر و مع ذلك أفطر يجب الكفارة أيضا فيما فيه الكفارة.

[مسألة 1:إذا أكل أو شرب مثلا مع الشك في طلوع الفجر]

[2496]مسألة 1:إذا أكل أو شرب مثلا مع الشك في طلوع الفجر و لم
مر في الفرع السابع ان الأظهر وجوب القضاء عليه.

في اطلاقه اشكال بل منع،فان ما دل على عدم وجوب القضاء على من أفطر بظن دخول الليل من جهة وجود علة في السماء لو تم و لم يسقط بالمعارضة لا يعم تمام أنواع الصوم من الواجب بأقسامه من المعين و غيره و المندوب،بل غايته انه يعم صوم شهر رمضان و غيره مما له قضاء لا مطلقا.

و قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة الاولى:«مضى صومك…» 1و إن كان مطلقا و لكن المنصرف منه عدم وجوب اعادته بقرينة.قوله عليه السّلام قبله«اعدت الصلاة» 2فلا اطلاق له بلحاظ أنواعه.


 

1) <page number=”146″ />الوسائل باب:51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
2) الوسائل باب:51 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 147)


يتبيّن أحد الأمرين لم يكن عليه شيء(1).نعم لو شهد عدلان بالطلوع
لا تكليفا و لا وضعا.

أما الأول:فلأن مقتضى استصحاب بقاء الليل و عدم طلوع الفجر،جواز الأكل و الشرب.

و أما الثاني:فلأنه إن لم ينكشف الحال في الوقت فلا مقتضي لوجوب القضاء،و أما إذا علم بعد الأكل بطلوع الفجر،و لكن شك في انه هل كان طالعا حين الأكل،أو طلع بعد الانتهاء منه؟فلا مانع من استصحاب عدم طلوعه و بقاء الليل إلى الانتهاء من الأكل،و لا يعارضه استصحاب عدم الانتهاء من الأكل إلى زمان الطلوع لأنه لا يجري في نفسه لابتلائه بمحذور الاستصحاب في الفرد المردد،على أساس ان المكلف على يقين بأن الأكل اما أن وقع في زمان الطلوع،أو لم يقع في زمانه،بلحاظ أن واقع زمان الطلوع مردد بين زمان لم يقع فيه الأكل جزما و زمان قد وقع الأكل فيه كذلك،و على هذا فان لو حظ زمان الطلوع بما هو و بنحو الموضوعية و القيد لحادث آخر،بأن يريد اثبات عدم الانتهاء من الأكل في زمان الطلوع بما هو زمان الطلوع الذي يكون مرده إلى تقيد عدم الانتهاء من الأكل بزمان الطلوع،فليس لعدم الانتهاء من الأكل المقيد بهذا القيد حالة سابقة حتى تستصحب.و ان لو حظ بنحو المعرفية الصرفة إلى واقع زمان الطلوع باعتبار انه لا يمكن الاشارة إليه الا بعنوان انه زمان الطلوع من دون أخذ هذا العنوان في مورد التعبد الاستصحابي،فبما أن واقع ذلك الزمان مردد بين زمان نعلم بوقوع الأكل فيه،و زمان نعلم بعدم وقوعه فيه،فيكون هذا من الاستصحاب في الفرد المردد و هو ممتنع.

و إن شئت قلت:ان ملاحظة زمان الطلوع بالنسبة إلى الحادث الآخر و هو عدم انتهاء الأكل لا تخلو من أن تكون بنحو الموضوعية و القيد له،أو بنحو المعرفية و الطريقية الصرفة إلى واقع زمانه،و لا ثالث لهما،فعلى الأول ليس للحادث المقيد به حالة سابقة لكي تستصحب،بل الشك في أصل حدوث هذا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 148)


و مع ذلك تناول المفطر وجب عليه القضاء بل الكفارة أيضا و إن لم يتبين له ذلك بعد ذلك،و لو شهد عدل واحد بذلك فكذلك على الأحوط(1).

[مسألة 2:يجوز له فعل المفطر و لو قبل الفحص ما لم يعلم طلوع الفجر و لم يشهد به البينة]

[2497]مسألة 2:يجوز له فعل المفطر و لو قبل الفحص ما لم يعلم طلوع الفجر و لم يشهد به البينة،و لا يجوز له ذلك إذا شك في الغروب،عملا بالاستصحاب في الطرفين،و لو شهد عدل واحد بالطلوع أو الغروب فالأحوط ترك المفطر عملا بالاحتياط للإشكال في حجية خبر العدل
المقيد،و على الثاني فهو مردد بين زمانين نعلم بعدم انتهاء الأكل في أحدهما و انتهائه في الآخر،فليس هنا شك في بقاء الحادث في زمان حتى يجري الاستصحاب،بل المستصحب مردد بين مقطوع البقاء و مقطوع الانتهاء،فلا يمكن اجراء الاستصحاب فيه من جهة محذور الاستصحاب في الفرد المردد.

نعم،إذا أكل أو شرب من دون الفحص مباشرة ثم تبين ان الفجر كان طالعا حين أكل أو شرب فعليه القضاء كما تقدم.

بل على الأقوى حتى فيما إذا كان ثقة واحد،إذ لا فرق في حجية أخبار الثقة بين الشبهات الحكمية و الموضوعية،لأن عمدة الدليل على حجيتها سيرة العقلاء،و لا فرق فيها بين أن تكون في الموضوعات أو الأحكام،و لم يثبت ردع عن العمل بها في الموضوعات،و تؤكد السيرة في المقام صحيحتا العيص 1و الحلبي 2،أما الاولى فلأنها تنص على حجية قول من أخبر بطلوع الفجر باعتبار ان الامام عليه السّلام قد حكم فيها على من لم يعمل بقوله و أكل باتمام صوم اليوم و وجوب القضاء،فانه يدل على أن الأخبار بطلوع الفجر حجة شريطة أن يكون المخبر ثقة.و أما الثانية فلأنها تنص على حجية أذان بلال في


 

1) <page number=”148″ />الوسائل باب:47 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
2) الوسائل باب:42 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 149)


الواحد و عدم حجيته(1)،إلا أن الاحتياط في الغروب إلزامي و في الطلوع استحبابي نظرا للاستصحاب.

[التاسع:إدخال الماء في الفم للتبرد بمضمضة أو غيرها فسبقه و دخل الجوف]

التاسع:إدخال الماء في الفم للتبرد بمضمضة أو غيرها فسبقه و دخل الجوف فإنه يقضي و لا كفارة عليه،و كذا لو أدخله عبثا فسبقه،و أما لو نسي فابتلعه فلا قضاء عليه أيضا و إن كان أحوط،و لا يلحق بالماء غيره على الأقوى و إن كان عبثا،كما لا يلحق بالإدخال في الفم الإدخال في الأنف للاستنشاق أو غيره،و إن كان أحوط في الأمرين.

[مسألة 3:لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء لم يجب عليه القضاء]

[2498]مسألة 3:لو تمضمض لوضوء الصلاة فسبقه الماء لم يجب عليه القضاء سواء كانت الصلاة فريضة أو نافلة على الأقوى(2)،بل لمطلق الطهارة و إن كانت لغيرها من الغايات من غير فرق بين الوضوء و الغسل،
ثبوت الطلوع.

بل لا إشكال في حجيته،بل حجية قول الثقة الواحد كما مر.و عليه فإذا أخبر ثقة بطلوع الفجر أو الغروب ثبت،و لا مجال حينئذ للاستصحاب، نعم،لو لم يكن أخبار الثقة بالطلوع أو الغروب حجة لكان مقتضى الاستصحاب في الأول جواز الأكل و الشرب،و في الثاني عدم جوازهما.

في القوة اشكال بل منع،و الأظهر وجوب القضاء إذا تمضمض و أدار الماء في فمه عند الوضوء لصلاة نافلة فسبق الماء و دخل في جوفه قسرا و بدون قصد منه،نعم إذا كان ذلك قد حدث في الوضوء لصلاة فريضة لم يجب القضاء.و تنص على ذلك صحيحة حماد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في الصائم يتوضأ للصلاة فيدخل الماء حلقه؟فقال:ان كان وضوؤه لصلاة فريضة فليس عليه شيء،و إن كان وضوؤه لصلاة نافلة فعليه القضاء» 1.و تقيد هذه الصحيحة


 

1) <page number=”149″ />الوسائل باب:23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 150)


و إن كان الأحوط القضاء فيما عدا ما كان لصلاة الفريضة خصوصا فيما كان لغير الصلاة من الغايات.

[مسألة 4:يكره المبالغة في المضمضة مطلقا]

[2499]مسألة 4:يكره المبالغة في المضمضة مطلقا،و ينبغي له أن لا يبلع ريقه حتى يبزق ثلاث مرات.

[مسألة 5:لا يجوز التمضمض مطلقا مع العلم بأنه يسبقه الماء إلى الحلق أو ينسى فيبلعه]

[2500]مسألة 5:لا يجوز التمضمض مطلقا مع العلم بأنه يسبقه الماء إلى الحلق أو ينسى فيبلعه.

[العاشر:سبق المني بالملاعبة أو الملامسة إذا لم يكن ذلك من قصده و لا عادته]

العاشر:سبق المني بالملاعبة أو الملامسة إذا لم يكن ذلك من قصده و لا عادته على الأحوط،و إن كان الأقوى(1)عدم وجوب القضاء أيضا.

اطلاق قوله عليه السّلام في موثقة سماعة:«و إن كان في وضوء فلا بأس به» 1أي بالوضوء لصلاة فريضة.كما انه لا بد من رفع اليد بها عن اطلاق موثقة عمار و حمله على ما إذا كان دخول الماء في الجوف قسرا بسبب المضمضة في وضوء الفريضة.

فالنتيجة:ان من أدار الماء في فمه و تمضمض به فان كان في حالة الوضوء لصلاة نافلة أو للكون على الطهارة أو للاستحباب أو كان عابثا أو لسبب آخر فسبق الماء و دخل في حلقه قهرا،وجب القضاء.و ان كان قد حدث ذلك في حالة الوضوء لصلاة فريضة،فلا شيء عليه،و صيامه صحيح.

بل الأقوى الوجوب كما تقدم تفصيل ذلك في المفطر الرابع (الاستمناء).


 

1) <page number=”150″ />الوسائل باب:23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 151)


[فصل في الزمان الذي يصح فيه الصوم]

فصل في الزمان الذي يصح فيه الصوم و هو النهار من غير العيدين،و مبدأه طلوع الفجر الثاني و وقت الإفطار ذهاب الحمرة من المشرق(1)،و يجب الإمساك من باب المقدمة في جزء من الليل في كل من الطرفين ليحصل العلم بإمساك تمام النهار، و يستحب تأخير الإفطار حتى يصلى العشاءين لتكتب صلاته صلاة الصائم،إلا أن يكون هناك من ينتظره للإفطار أو تنازعه نفسه على وجه يسلبه الخضوع و الإقبال و لو كان لأجل القهوة و التتن و الترياك فإن الأفضل حينئذ الإفطار ثم الصلاة مع المحافظة على وقت الفضيلة بقدر الإمكان.

[مسألة 1:لا يشرع الصوم في الليل،و لا صوم مجموع الليل و النهار]

[2501]مسألة 1:لا يشرع الصوم في الليل،و لا صوم مجموع الليل و النهار،بل و لا إدخال جزء من الليل فيه إلا بقصد المقدمية.

تقدم في بحث الأوقات ان الأظهر انتهاء الوقت باستتار القرص، و تنص عليه الروايات الكثيرة التامة من ناحية السند و الدلالة،و قد اختاره جماعة من الأصحاب منهم المحقق في الشرائع،بل نسب هذا القول إلى المشهور،و أما تحديد الوقت بذهاب الحمرة من المشرق ان اريد به ذهابها من دائرة الافق،فهو ملازم لاستتار القرص،لأن مقتضى كروية الأرض ثبوت الملازمة بين استتاره في طرف المغرب و ارتفاع الحمرة من دائرة الافق في طرف المشرق فاذن ليس هذا قولا آخر في مقابل القول باستتار القرص.

و ان اريد به ذهابها من قمة الرأس،فلا دليل عليه و لا هو مشهور بين الأصحاب،و مع ذلك لا ينبغي ترك الاحتياط.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 152)


[فصل في شرائط صحة الصوم]

فصل في شرائط صحة الصوم و هي امور:

الأول:الإسلام و الإيمان(1)،فلا يصح من غير المؤمن و لو في جزء من النهار،فلو أسلم الكافر في أثناء النهار و لو قبل الزوال لم يصح صومه، و كذا لو ارتد ثم عاد إلى الإسلام بالتوبة و إن كان الصوم معينا و جدّد النية قبل الزوال على الأقوى.

الثاني:العقل،فلا يصح من المجنون و لو أدوارا و إن كان جنونه في جزء من النهار و لا من السكران و لا من المغمى عليه و لو في بعض النهار
في شرطية الإسلام اشكال و لا يبعد العدم بناء على القول بتكليف الكفار بالفروع كما هو الأظهر صناعة.

و الوجه فيه:ان ما استدل به من الوجوه على اعتبار الإسلام في صحة العبادة لا يتم شيء منها و هي ما يلي:

الأول:دعوى الاجماع على عدم صحة الصوم من الكافر.

و الجواب:ان الاجماع الكاشف عن ثبوت هذا الشرط في الشريعة المقدسة و وصوله إلينا يدا بيد ممنوع،فان ثبوت اجماع كذلك منوط بتوفر أمرين..

أحدهما:تحقق هذا الاجماع بين القدماء من الأصحاب الذين يكون عصرهم في نهاية المطاف متصلا بعصر أصحاب الأئمة عليهم السّلام.

و الآخر:أن لا يكون في المسألة ما يصلح كونه مدركا لها.

و لكن كلا الأمرين غير متوفر:

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 153)


……….

أما الأمر الأول:فلا طريق لنا إلى احراز هذا الاجماع بينهم فان الطريق المباشر خلاف الفرض،و غير المباشر منحصر بأن يكون لكل واحد منهم كتاب استدلالي حول المسألة و اصل إلينا،و الفرض عدم الوصول،اما من جهة انه لا كتاب لكل منهم كذلك.أو كان و لكن لم يصل إلينا،و اما مجرد نقل الفتاوى منهم في المسألة فهو لا يكشف عن أن مدركها الاجماع.

و أما الأمر الثاني:فلأن من المحتمل قويا أن يكون مدرك المسألة أحد الوجهين الآتيين،فاذن ليس الاجماع فيها اجماعا تعبديا صرفا.

الثاني:الآيات التي تنص على حبط أعمال المشركين و الكافرين و عدم القبول منهم:

منها قوله تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ 1.

و منها قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ مٰاتُوا وَ هُمْ كُفّٰارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً 2.

و منها:قوله تعالى: وَ مٰا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقٰاتُهُمْ إِلاّٰ أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللّٰهِ وَ بِرَسُولِهِ 3.

و الجواب:اما عن الآية الاولى،فلأنها و إن دلت على ان الشرك يوجب حبط الأعمال و محوها و أنها ذهبت سدى،الا أنها لا تدل على ان المشرك إذا أتى بعبادة بتمام قيودها و شروطها منها نية القربة و الخلوص لم تقع صحيحة،إذ لا تدل على انه لا يتمكن من قصد القربة على أساس انه مشرك.

و إن شئت قلت:ان محل الكلام انما هو في اعتبار الإسلام في صحة العبادة و مانعية الكفر عنها،و على هذا فان أريد بمانعية الكفر ان الكافر لا يتمكن من نية القربة باعتبار ان كفره مانع منها،فيرد عليه أن ذلك بحاجة إلى دليل يدل


 

1) <page number=”153″ />الزمر65/.
2) آل عمران91/.
3) التوبة54/.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 154)


……….

على أن نية القربة منه لا تكون مقربة.و الآية الشريفة بمناسبة الحكم و الموضوع لا تدل على ذلك و انما تدل على ان بطلان عمل المشرك و حبطه انما هو من جهة انه أشرك في عمله.

و إن اريد بذلك ان الكفر بما هو كفر مانع عن صحة العبادة و ان كان الكافر آتيا بها بتمام أجزائها و شروطها منها قصد القربة…فيرده:انه لا دليل عليه.

و أما عن الآية الثانية:فلأنه لا ملازمة بين عدم قبول نفقاتهم و عدم صحة عباداتهم،مع ان قوله تعالى في ذيل الآية: وَ لاٰ يَأْتُونَ الصَّلاٰةَ إِلاّٰ وَ هُمْ كُسٰالىٰ 1يدل على ان الكفر لا يكون مانعا عنها و الاّ علل بالكفر لا بالكسل، بل يدل على أنهم مكلفون بها.

الثالث:ان الولاية شرط في صحة العبادات،و تدل عليه صحيحة محمد بن مسلم قال:«سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:كل من دان اللّه عز و جل بعبادة يجهد فيها نفسه و لا امام له من اللّه فسعيه غير مقبول و هو ضال متحير و اللّه شانئ لأعماله» 2.

بدعوى:ان من يكون اللّه تعالى شانئا لأعماله و مبغضا لأفعاله كيف يصح التقرب منه و هو ضال متحير؟

و الجواب:ان الصحيحة لا تدل على ان الولاية شرط للصحة و ان عبادات منكر الولاية فاسدة،بل الظاهر منها أنها شرط للقبول،أي لترتيب الآثار عليها كاستحقاق المثوبة و نحوها،و أما قوله عليه السّلام في الصحيحة:«و اللّه شانئ لأعماله» فالظاهر منه انه شانئ لأعماله من جهة الفاعل لا من جهة الفعل،و من هنا يظهر ان شرطية الايمان أيضا محل اشكال.

فالنتيجة:ان شرطية الإسلام و الايمان مبنية على الاحتياط.


 

1) <page number=”154″ />آل عمران91/.
2) الوسائل باب:29 من أبواب مقدمة العبادة الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 155)


و إن سبقت منه النية على الأصح(1).

الثالث:عدم الإصباح جنبا أو على حدث الحيض و النفاس بعد النقاء من الدم على التفصيل المتقدم(2).

الرابع:الخلو من الحيض و النفاس في مجموع النهار،فلا يصح من الحائض و النفساء إذا فاجأهما الدم و لو قبل الغروب بلحظة أو انقطع عنهما
فيه ان الأظهر صحة صوم المغمى عليه و كذلك السكران إذا نوى الصوم في اليوم المقبل ثم اغمي عليه بعد النية و استمر به إلى أن أفاق في أثناء اليوم.فعليه أن يواصل صيامه إلى الليل و يحسب من الصوم الواجب،و كذلك الحال إذا نوى الصوم من طلوع الفجر ثم اغمي عليه بعد ساعة أو أكثر و بعد ذلك أفاق يبقى على صيامه و يحسب من صيام شهر رمضان،بل الأمر كذلك إذا استمر به الاغماء إلى الليل.

نعم،إذا اغمي قبل أن ينوي صيام اليوم المقبل،كما اذا اغمي عليه قبل دخول شهر رمضان او بعده قبل أن ينوي الصيام للنهار الآتي كما إذا فاجأه الاغماء و ظل باقيا إلى أن طلع الفجر عليه ثم أفاق فلا يجب عليه أن يواصل صيام ذلك اليوم،أو فقل ان الاغماء ليس كالجنون،فان عدم التكليف في المجنون انما هو بملاك انه فاقد للعقل الذي هو من الشروط العامة للتكليف،بل هو كالنوم و بعد انتهاء مفعوله يفيق،فكما ان النوم لا يضر الصوم إذا كان مسبوقا بالنية فكذلك الاغماء،فلا فرق بينهما من هذه الناحية،و لا يلحق الاغماء بالجنون لأن الجنون مستند إلى الاختلال في دماغ المجنون فيكون فاقدا للعقل، و أما الاغماء فبما انه مستند إلى سبب آخر كالنوم فلا يكون فاقدا له،فمن أجل ذلك إذا كان مسبوقا بنية الصوم صح و إن بقي اغماؤه إلى الليل كما هو الحال في النوم.

تقدم انه لا دليل على الحاق النفاس بالحيض في(الثامن من المفطرات).

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 156)


بعد الفجر بلحظة،و يصح من المستحاضة إذا أتت بما عليها من الأغسال النهارية(1).

الخامس:أن لا يكون مسافرا سفرا يوجب قصر الصلاة مع العلم بالحكم في الصوم الواجب إلا في ثلاثة مواضع:

أحدها:صوم ثلاثة أيام بدل هدي التمتع.

الثاني:صوم بدل البدنة ممن أفاض من عرفات قبل الغروب عامدا، و هو ثمانية عشر يوما.

الثالث:صوم النذر المشترط فيه سفرا خاصة أو سفرا و حضرا دون النذر المطلق،بل الأقوى عدم جواز الصوم المندوب في السفر أيضا إلا ثلاثة أيام للحاجة في المدينة،و الأفضل إتيانها في الأربعاء و الخميس و الجمعة(2)،و أما المسافر الجاهل بالحكم لو صام فيصح صومه و يجزئه حسبما عرفته في جاهل حكم الصلاة إذ الإفطار كالقصر و الصيام كالتمام في الصلاة،لكن يشترط أن يبقى على جهله إلى آخر النهار،و أما لو علم بالحكم في الأثناء فلا يصح صومه،و أما الناسي فلا يلحق بالجاهل في الصحة،و كذا يصح الصوم من المسافر إذا سافر بعد الزوال،كما أنه يصح
سبق ذلك في المسألة(49)من(فصل ما يجب الامساك عنه في الصوم)و قلنا هناك أن صحة صوم المستحاضة بالاستحاضة الكبرى مشروطة بالاغسال الليلية و النهارية على الأظهر.

بل على الأقوى،لظهور رواياتها في تعين مشروعية الصوم المندوب في السفر في هذه الأيام الثلاثة فقط.

منها:صحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام صمت أول يوم الأربعاء و تصلّي ليلة الأربعاء عند اسطوانة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 157)


صومه إذا لم يقصر في صلاته كناوي الإقامة عشرة أيام و المتردد ثلاثين يوما و كثير السفر و العاصي بسفره و غيرهم ممن تقدم تفصيلا في كتاب الصلاة.

السادس:عدم المرض أو الرمد الذي يضره الصوم(1)لإيجابه
أبي لبابة و هي اسطوانة التوبة التي كان ربط نفسه إليها حتى نزل عذره من السماء،و تقعد عندها يوم الأربعاء،ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها مما يلى مقام النبي صلّى اللّه عليه و آله ليلتك و يومك و تصوم يوم الخميس ثم تأتي الاسطوانة التي تلي مقام النبي صلّى اللّه عليه و آله و مصلاه ليلة الجمعة فتصلي عندها ليلتك و يومك و تصوم يوم الجمعة…الخ» 1.

و منها:صحيحته الاخرى قال:«قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:صم الأربعاء و الخميس و الجمعة وصل ليلة الأربعاء و يوم الاربعاء عند الاسطوانة التي تلي رأس النبي صلّى اللّه عليه و آله،و ليلة الخميس و يوم الخميس عند اسطوانة أبي لبابة،و ليلة الجمعة و يوم الجمعة عند الاسطوانة التي تلي مقام النبي صلّى اللّه عليه و آله…الخ» 2.

و منها:صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:إذا دخلت المسجد فان استطعت أن تقيم ثلاثة أيام الأربعاء و الخميس و الجمعة فتصل بين القبر و المنبر،يوم الأربعاء عند الاسطوانة-إلى أن قال:و تصوم تلك الثلاثة الأيام» 3.

فان هذه الصحاح ظاهرة في مشروعية الصوم في هذه الأيام الثلاثة في السفر،و لا يمكن التعدي عنها إلى سائر الأيام.

لا يخفى أن هذا الشرط و ما قبله كعدم السفر و الخلو من الحيض و النفاس كما أنها تكون من شروط الصحة كذلك تكون من شروط الوجوب،


 

1) <page number=”157″ />الوسائل باب:12 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:1.
2) الوسائل باب:11 من أبواب المزار الحديث:4.
3) الوسائل باب:11 من أبواب المزار الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 158)


شدته أو طول برئه أو شدة ألمه أو نحو ذلك،سواء حصل اليقين بذلك أو الظن بل أو الاحتمال الموجب للخوف،بل لو خاف الصحيح من حدوث المرض لم يصح منه(1)،و كذا إذا خاف من الضرر في نفسه أو غيره أو
فمن أجل ذلك ذكرها الماتن قدّس سرّه في كلا المقامين.

و الوجه فيه:ان ظاهر أدلتها أنها كما تكون من شروط الترتب و دخيلة في الصحة كذلك تكون من شروط الاتصاف و دخيلة في الوجوب،و قد ذكرنا في مباحث علم الاصول أن كل شرط من شروط الترتب إذا كان غير اختياري يتعين أخذه شرطا و قيدا للوجوب أيضا،و لا يمكن الاقتصار على تقييد الواجب به،إذ مع الاقتصار يكون الوجوب مطلقا و فعليا،فإذا كان الوجوب كذلك كان محركا و باعثا نحو الاتيان بالواجب المقيد به و هو غير معقول لعدم كونه مع هذا القيد اختياريا.

هذا إذا أدى الصوم إلى حدوث مرض أو طول برئه أو شدته أو صداعا لا يتحمل عادة،أو رمدا شديدا،أو حمى عالية شريطة أن يكون ذلك بمرتبة يهتم العقلاء بالتحفظ منها عادة،حيث ان الشدة و طول المرض و الضرر و الخوف جميعا ذات مراتب و درجات متفاوتة،و من المعلوم ان المراد منها في الروايات ليس تمام مراتبها،بل المراد منها خصوص مرتبة خاصة و هي المرتبة المتعارفة التي يهتم العقلاء بالحفاظ عليه،و أما إذا أدى إلى مرتبة بسيطة من الشدة أو طول المرض،أو حدوث مرض ضئيل كحمى يوم-مثلا-إذا صام تمام شهر رمضان مما لا يراه العقلاء من المرض الذي يكون مانعا عن ممارسة مهامه فلا يوجب الافطار.

و من هنا يظهر ان ما ورد في بعض الروايات من ان الصائم إذا وجد ضعفا فله الافطار ليس المقصود منه مطلق درجات الضعف،إذ لا شبهة في أن صيام شهر رمضان و لا سيما إذا كان في البلاد الحارة و في فصل الصيف يوجب مرتبة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 159)


عرضه أو عرض غيره أو في مال يجب حفظه و كان وجوبه أهم في نظر الشارع من وجوب الصوم(1)،و كذا إذا زاحمه واجب آخر أهم منه،و لا يكفي الضعف و إن كان مفرطا ما دام يتحمل عادة،نعم لو كان مما لا يتحمل
من الضعف غالبا،بل لا يبعد أن يكون المتفاهم العرفي منه بمناسبة الحكم و الموضوع ان المراد من وجدان الصائم الضعف هو الذي يراه الناس عادة مانعا عن مواصلة صيامه و سائر مهامه.

ثم ان المرض أمر نسبي في الأشخاص،فالانسان السالم صحيا كالشاب صحيح البدن تكون حمى اليوم أو اليومين أو الأكثر بسيطة بالنسبة إليه و لا تمنعه عن القيام بمهامه الدينية و الدنيوية،و لكنها بالنسبة إلى الانسان المتداعي صحيا شديدة و تمنعه عن ممارسة وظائفه،و على هذا الأساس فكل شخص مكلف بحسب حاله من القوة و الطاقة.هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى:انه لا فرق بين أن يكون المكلف واثقا و متأكدا بالضرر الصحي أو ظانا به،أو مجرد احتمال شريطة أن يكون ذلك الاحتمال يبعث الخوف و الخشية في النفس كما إذا خاف على عينه من الرمد أو العمى أو نحو ذلك،نعم إذا كان احتمال الضرر الصحي بمرتبة ضئيلة لا تبعث على القلق و الخوف فلا يسوغ الافطار إلا إذا قال الطبيب الماهر الثقة بعد فحصه و التأكيد عليه أنه مريض و يضره الصوم فان عليه أن يعمل بقوله و ان لم يوجب القلق و الخوف في نفسه على أساس حجية قوله بملاك انه من أهل الخبرة و الثقة.

فيه:ان الابتلاء بالواجب الأهم ليس من شرائط صحة الصوم حيث ان المكلف إذا بنى و ترك الاشتغال بالأهم و صام صح من باب الترتب.

نعم،بناء على القول بعدم امكان الترتب من ناحية،و عدم امكان استكشاف الملاك فيه في هذه الحالة من ناحية اخرى كان ذلك من شرائط الصحة،و به يظهر حال ما بعده،و لا فرق بينهما الاّ في نقطة واحدة و هي:ان

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 160)


عادة جاز الإفطار،و لو صام بزعم عدم الضرر فبان الخلاف بعد الفراغ من الصوم ففي الصحة إشكال فلا يترك الاحتياط بالقضاء(1)،
الواجب في الأول معنون بعنوان ثانوي كحفظ النفس المحترمة و حفظ المال و العرض،و في الثاني معنون بعنوان واقعي أولى كالإنفاق على العائلة أو نحوه، و تظهر الثمرة بينهما في ان المكلف إذا احتمل ان صومه يؤدي إلى تلف النفس المحترمة أو المال أو العرض وجب عليه ترك الصوم و المحافظة عليها،فلو صام في هذه الحالة لم يصدق انه كان يحافظ على تلك الواجبات،و لو تلفت لكان مسئولا أمامها،و هذا بخلاف ما إذا كان الشيء واجبا بعنوان أولى،فان مجرد احتماله لا يصلح أن يزاحم الواجب الآخر في مقام الامتثال ما لم يحرزه بالعلم الوجداني أو التعبدي باعتبار أن الواجبين إذا كانا واصلين إلى المكلف كان كل منهما يقتضي تحريكه نحو الاتيان بمتعلقه فمن أجل ذلك تقع المزاحمة بينهما،و أما إذا كان أحدهما وصل إليه دون الآخر فلا يقتضي غير الواصل تحريك المكلف نحو الاتيان به لكي يزاحم الواصل.

و أما إذا وقعت المزاحمة بينهما كما إذا كان الصوم حرجيا عليه إذا مارس عمله الذي يرتزق منه و لا يتمكن من الجمع بينهما فانه يجوز له حينئذ ترك الصيام شريطة أن لا يكون بامكانه تبديل عمله بعمل آخر يتمكن من الجمع بينه و بين الصوم،أو تأجيله إلى ما بعد شهر رمضان بصورة غير محرجة،كما إذا كان عنده مال موفر أو دين يرتزق منه،و الاّ سقط عنه وجوب الصوم،و عندئذ فهل يسمح له أن يأكل أو يشرب و يمارس ما يمارس المفطر كيفما شاء و أراد؟أو لا بد من أن يقتصر على الحد الأدنى من ذلك و هو الذي يدفع به الحرج و المشقة عن نفسه.

مقتضى القاعدة و إن كان هو الأول الاّ أنه مع ذلك فالأحوط وجوبا هو الثاني.

بل هو الأقوى،فإذا صام باعتقاد عدم الضرر الصحي و اطمئنانا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 161)


و إذا حكم الطبيب بأن الصوم مضر و علم المكلف من نفسه عدم الضرر يصح صومه،و إذا حكم بعدم ضرره و علم المكلف أو ظن كونه مضرا وجب عليه تركه و لا يصح منه.

[مسألة 1:يصح الصوم من النائم و لو في تمام النهار إذا سبقت منه النية في الليل]

[2502]مسألة 1:يصح الصوم من النائم و لو في تمام النهار إذا سبقت منه
بالسلامة ثم بان بعد اتمام الصوم انه كان على خطأ و كان الصوم قد أضرّ به صحيا،ففي مثل ذلك بطل صومه لعدم الأمر به،فان مقتضى الآية الشريفة و الروايات هو ان المريض لا يكون مكلفا بالصوم في الواقع سواء أ كان عالما بمرضه أم كان جاهلا به،فمن أجل ذلك لا يمكن الحكم بصحة صومه الاّ دعوى انه مشتمل على الملاك حتى في هذه الحالة.و لكن لا أساس لهذه الدعوى حيث انه لا طريق إلى اشتماله على الملاك فيها مع فرض عدم الأمر به.

نعم،قد يقال:ان نفي وجوب الصوم الضرري إذا كان من جهة حكومة قاعدة لا ضرر فلا يمنع من الحكم بالصحة كما هو الحال في الوضوء و الغسل الضرريين،لأن نفي الوجوب انما هو للامتنان و لا امتنان في الحكم بفساد الصوم الصادر من الصائم باعتقاد عدم الضرر فيه،بل هو على خلاف الامتنان، فلا يكون مشمولا للقاعدة،معللا بأن الضرر الواقعي ما لم يصل إلى المكلف لا يكون رافعا للتكليف لعدم الامتنان في رفعه،و على هذا فوجوب الصوم في مفروض المسألة قد ظل بحاله،و الفرض ان المكلف قد أتى به بنية القربة،فلا مناص حينئذ من الحكم بالصحة،و بذلك يفترق ما إذا كان عدم وجوب الصوم الضرري من جهة القاعدة عما إذا كان من جهة المرض.

و الجواب:انه لا فرق بينهما في مقام الثبوت بين أن يكون الدليل على تقييد اطلاق أدلة وجوب الصيام قاعدة لا ضرر أو الآية الشريفة و الروايات،فان القاعدة توجب تقييد موضوع وجوب الصيام بمن لا يكون الصوم ضرريا عليه، و الآية الشريفة تقيده بمن لا يكون مريضا،و مرد كليهما واحد،فالاختلاف

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 162)


……….

بينهما في مقام الاثبات في لسان الدليل لأن لسان القاعدة لسان الحكومة و هو نفي وجوب الصوم الضرري في الشريعة المقدسة و ان المجعول فيها هو الصوم غير الضرري،و لسان الآية و الروايات لسان التقييد و التخصيص،و من المعلوم ان حكومة القاعدة على اطلاقات الأدلة الأولية حكومة واقعية لا علمية و توجب تقييد اطلاقاتها واقعا،و لا يمكن أن يقال ان المكلف إذا علم ان الصيام ضرري عليه كان وجوبه مرفوعا بقاعدة لا ضرر،و إن لم يعلم انه ضرري كان ثابتا في الواقع و إن كان ضرريا إذ لا يحتمل أن يكون المنفي في القاعدة هو الضرر الواصل المعلوم لعدم قرينة في القاعدة على ذلك و لا من الخارج.

و إن شئت قلت:ان وجوب الصوم إذا كان ضرريا فهو منفي عن الامة في الشريعة المقدسة امتنانا،و من المعلوم ان هذا النفي لا يختص بصورة العلم بالضرر لإطلاق دليله حيث ان جهل المكلف بالضرر لا يوجب أن لا يكون في نفيه امتنان،بل هو للامتنان غاية الأمر ان المكلف جاهل به معتقدا عدم الضرر في الواقع،و على ذلك فإذا أتى بالصوم باعتقاد انه لا ضرر فيه ثم بان انه ضرري، فالحكم بفساده يكون على القاعدة و لا يكون على خلاف الامتنان،لأن ما هو على خلاف الامتنان الحكم بوجوب الصوم عليه في هذه الحال،لا الحكم بعدم وجوبه و أنه فاسد إذا أتى به،لأن الحكم بالفساد مستند إلى شمول القاعدة للضرر الواقعي و عدم اختصاصها بالضرر المعلوم،فانه يوجب تضييق دائرة المأمور به و عدم انطباقه على الفرد المأتي به في الخارج و هو الصوم الضرري في الواقع،فما في هذا القول من أن الضرر الواقعي ما لم يصل إلى المكلف لا يكون رافعا للتكليف لعدم الامتنان فيه فهو غريب جدا،إذ لا شبهة ان في رفع التكليف الضرري في الواقع امتنان على الامة غاية الأمر ان من كان من الامة جاهلا به فهو جاهل في الحكم الامتناني لا أنه لا امتنان بالنسبة إليه،و عليه فتخصيص دليل لا ضرر بالضرر الواصل المعلوم بحاجة إلى قرينة و لا قرينة عليه لا في نفس هذا الدليل و لا من الخارج.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 163)


……….

و من ذلك يظهر ان قياس الصوم الضرري بالوضوء و الغسل الضرريين قياس مع الفارق فان المكلف إذا كان معتقدا بعدم ضرر في استعمال الماء و توضأ به كالمكلف السليم،ثم تبين وجود الضرر فيه،حكم بصحة الوضوء إذا كان الضرر المنكشف يسيرا،لا من جهة أمره الوجوبي،بل من جهة أمره الاستحبابي النفسي،فانه غير مرفوع بقاعدة لا ضرر.

نعم،إذا كان الضرر المنكشف خطيرا يحرم شرعا تحمله و ارتكابه بطل من جهة ان الحرام لا يمكن أن يقع مصداقا للواجب،و كذلك الحال في الغسل، و هذا بخلاف الصوم في شهر رمضان،فانه إذا سقط وجوبه من جهة الضرر أو نحوه لا دليل على استحبابه فيه،فان الصوم و إن كان مستحبا في كل الأيام،و لكن فيما عدا الأيام التي تجب فيها الصيام كأيام شهر رمضان و الأيام التي يحرم فيها الصيام،و عليه فإذا سقط وجوبه فيها من جهة قاعدة لا ضرر فلا دليل على استحبابه فيها نفسيا لكي يحكم بصحته من أجله.

فاذن يكون الحكم بصحة الوضوء أو الغسل الضرري انما هو على أساس استحبابه النفسي لا من جهة اختصاص قاعدة لا ضرر بالضرر الواصل، بل لا مانع من الحكم بصحة الوضوء أو الغسل الضرري مع العلم به إذا كان الضرر يسيرا لا خطيرا،فان وظيفته حينئذ و ان كان التيمم،الاّ أنه إذا أصر على الوضوء و توضأ على الرغم من الضرر صح منه الوضوء بملاك الأمر الاستحبابي النفسي و محبوبيته في ذاته.

و أما إذا صام باعتقاد الضرر و أكمل صيامه ثم تبين عدم الضرر فيه في الواقع و انه كان مخطئا في اعتقاده حكم بصحته شريطة توفر أمرين..

أحدهما:أن يكون صيامه بنية القربة،كما إذا كان جاهلا بأن المريض لا يكون مكلفا بالصوم أو عالما به و لكن كان معتقدا بمحبوبية الصوم ذاتا و امكان التقرب به من هذه الناحية و إن لم يكن واجبا عليه.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 164)


النية في الليل،و أما إذا لم تسبق منه النية فإن استمر نومه إلى الزوال بطل صومه و وجب عليه القضاء إذا كان واجبا،و إن استيقظ قبله نوى و صح(1)، كما أنه لو كان مندوبا و استيقظ قبل الغروب يصح إذا نوى.

[مسألة 2:يصح الصوم و سائر العبادات من الصبي المميز على الأقوى من شرعية عباداته]

[2503]مسألة 2:يصح الصوم و سائر العبادات من الصبي المميز على الأقوى من شرعية عباداته،و يستحب تمرينه عليها،بل التشديد عليه لسبع، من غير فرق بين الذكر و الانثى في ذلك كله.

[مسألة 3:يشترط في صحة الصوم المندوب]

[2504]مسألة 3:يشترط في صحة الصوم المندوب مضافا إلى ما ذكر أن لا يكون عليه صوم واجب من قضاء أو نذر(2)أو كفارة أو نحوها مع
و الآخر:أن لا يكون الضرر الخيالي بنظره من الضرر الخطير و المهلك، و الاّ كان الصوم بنظره مبغوضا عند اللّه تعالى فلا يتمكن من التقرب به.

مرّ في المسألة(12)في(فصل في النية)ان الأظهر فيه هو البطلان،إذ لا دليل على الصحة هنا فانه مختص بالمسافر إذا ورد في بلده قبل الزوال و لم يأت بشيء من المفطرات في الطريق.

في منعه عن صحة الصوم المندوب اشكال،و الأظهر عدم المنع،لأن الدليل في المسألة قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبي و الكناني:«انه لا يجوز أن يتطوع الرجل بالصيام و عليه شيء من الفرض» 1،فانه لا يبعد القول بأن المتفاهم العرفي من الفرض هو المفروض في الشريعة المقدسة ذاتا في مقابل النفل كذلك،كصيام قضاء شهر رمضان و صيام التكفير و التعويض،و أما الصوم الواجب بالنذر و العهد و الشرط و نحوها فهو ليس بفرض في ذاته بل هو نفل، و انما طرأ عليه الوجوب بسبب الالتزام النذري أو العهدي أو الشرطي أو نحو ذلك،و على الجملة فالصوم الواجب بالنذر لا يعد من الفرائض،و من هنا إذا نذر


 

1) <page number=”164″ />الوسائل باب:28 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 165)


التمكن من أدائه،و أما مع عدم التمكن منه كما إذا كان مسافرا و قلنا بجواز الصوم المندوب في السفر أو كان في المدينة و أراد صيام ثلاثة أيام للحاجة فالأقوى صحته(1)،و كذا إذا نسي الواجب و أتى بالمندوب فإن الأقوى صحته إذا تذكر بعد الفراغ،و أما إذا تذكر في الأثناء قطع و يجوز تجديد النية حينئذ للواجب مع بقاء محلها كما إذا كان قبل الزوال،و لو نذر التطوع على الإطلاق صح و إن كان عليه واجب،فيجوز أن يأتي بالمنذور
صلاة النافلة فلا تعد أنها فريضة،بل هي نافلة و إن كانت واجبة بالعرض بسبب النذر-مثلا-حيث ان النوافل في مقابل الفرائض في الشريعة المقدسة و إن عرض عليها الوجوب بعنوان ثانوي،و على هذا فلا تشمل الصحيحة النفل و إن صار واجبا بالعرض و لذلك بنوا على ان الجماعة لا تشرع في النوافل و إن صارت واجبة بالعرض.

و في ضوء ذلك إذا كان عليه صوم واجب بالنذر أو العهد فلا يمنع عن الصوم المستحب و من هذا القبيل ما إذا استأجر نفسه للصيام عن غيره،فانه و ان وجب عليه بالاستئجار الاّ أنه لا يمنع عن الصيام المندوب،ثم انه لا فرق في منع الفرض عن التطوع بين أن يصوم صياما مستحبا عن نفسه أو عن غيره تبرعا.

نعم،له أن يؤجر نفسه للصيام عن الغير رغم ان عليه فرض من قضاء صيام شهر رمضان أو نحوه،و في هذه الحالة إذا صام عنه اجارة صح ذلك منه لأنه لا يصدق عليه عنوان التطوع المنهي عنه في الصحيحة فلا يكون مشمولا لها.

في القوة اشكال بل منع،و الأظهر عدم الصحة حيث ان مقتضى اطلاق الصحيحة 1عدم مشروعية التطوع لمن عليه فرض في كل حالاته من السفر و الحضر و نحوهما،إذ لا يبدو منها ان عدم مشروعية التطوع انما هو


 

1) <page number=”165″ />أي صحيحة الحلبي و الكناني الآنفة الذكر.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 166)


قبله بعد ما صار واجبا(1)،و كذا لو نذر أياما معينة يمكن إتيان الواجب قبلها،و أما لو نذر أياما معينة لا يمكن إتيان الواجب قبلها ففي صحته
بملاك ان المكلف بدل أن يصوم صياما مستحبا يصوم ما عليه من الفرض،و أما إذا لم يتمكن من الفرض كما في السفر،أو بنى على عدم الاتيان به في الوقت المحدد،أو إلى الأبد،فلا مانع من أن يصوم تطوعا في السفر كصيام ثلاثة أيام في المدينة المنورة لقضاء الحاجة في أيام الأربعاء و الخميس و الجمعة،أو في ذلك الوقت أو إلى الأبد،و ذلك لأن الظاهر منها عدم المشروعية مطلقا حتى في هذه الحالات على أساس أنها تدل على أن عدم مشروعية التطوع على الشخص منوط بثبوت الفرض في ذمته،و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين حالاته من السفر و الحضر و البناء على الاتيان به،أو عدم الاتيان به مطلقا،أو في الوقت المحدّد،لأنّ المناط بثبوت الفرض على عهدته،فما دام ثابتا كان مانعا عن التطوع.

و إن شئت قلت:ان ظاهر الصحيحة هو ان من كانت ذمته مشغولة بالصوم الواجب كصيام قضاء شهر رمضان أو الكفارة أو نحوها لا يشرع التطوع به في حقه و تقييد ذلك بما إذا كان الرجل متمكنا من الاتيان بالفرض بحاجة إلى قرينة و لا قرينة عليه.

و دعوى:ان مناسبة الحكم و الموضوع تقتضى هذا التقييد.

مدفوعة:باعتبار ان المكلف متمكن من الجمع بين التطوع و الفرض معا لسعة الوقت،و مع هذا لا يمكن أن يكون نهي المولى عن التطوع بملاك المزاحمة،فلا محالة يكون بملاك آخر و هو اشتغال ذمته بالفرض كما هو مقتضى اطلاق الصحيحة،و به يظهر حال ما بعده تطبيقا لعين ما مر.

في الجواز اشكال بل منع،فانه إن نذر التطوع مقيدا بالاتيان به قبل الفرض بطل لأنه غير مشروع و لا رجحان فيه،و ان نذره مطلقا و غير مقيد بأن يكون قبل الاتيان بالفرض كصيام القضاء أو نحوه فهو و إن كان صحيحا باعتبار

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 167)


إشكال(1)من أنه بعد النذر يصير واجبا و من أن التطوع قبل الفريضة غير جائز فلا يصح نذره،و لا يبعد أن يقال إنه لا يجوز بوصف التطوع و بالنذر يخرج عن الوصف و يكفي في رجحان متعلق النذر رجحانه و لو بالنذر(2)،و بعبارة اخرى المانع هو وصف الندب و بالنذر يرتفع المانع.

[مسألة 4:الظاهر جواز التطوع بالصوم إذا كان ما عليه من الصوم الواجب استئجاريا]

[2505]مسألة 4:الظاهر جواز التطوع بالصوم إذا كان ما عليه من الصوم الواجب استئجاريا،و إن كان الأحوط تقديم الواجب.

ان متعلق النذر الجامع و هو راجح،الاّ ان رجحانه انما هو بلحاظ تطبيقه على التطوع و الاتيان بالصوم المستحب بعد الاتيان بالفرض،و لا يجوز تطبيقه على التطوع و الاتيان به قبل الاتيان بالفرض لأنه غير مشروع فلا يمكن أن يكون مصداقا للوفاء بالنذر.

و من هنا يظهر حال ما إذا نذر أياما معينة فانه ان كان مقيدا بطل،و إن كان مطلقا صح،و لكن في مقام الامتثال و التطبيق لا بد من تطبيق الصيام في تلك الأيام على التطوع بصيام الأيام بعد الاتيان بالفرض باعتبار ان تطبيق الجامع على هذا الفرد راجح،و أما تطبيقه على الفرد الآخر و هو صيام تلك الأيام تطوعا قبل الاتيان بالفرض مرجوح فلا يكون مصداقا للوفاء بالنذر.

بل الظاهر انه لا اشكال في فساده باعتبار ان متعلق النذر في مفروض المسألة بما انه صيام الأيام قبل الاتيان بالصيام الواجب كصيام القضاء فلا يكون مشروعا،فمن أجل ذلك لا اشكال في فساد النذر المتعلق به كما مر.

فيه انه لا شبهة في عدم كفاية الرجحان الجائي من قبل النذر،إذ لا بد أن يكون متعلقه راجحا في المرتبة السابقة بقطع النظر عن تعلق النذر به،و الاّ لأمكن تصحيح النذر بتعلقه بكل ما هو غير مشروع،و هذا باطل جزما،ضرورة ان النذر لا يكون مشرعا.

و من هنا لا يمكن أن يكون ذلك مراده قدّس سرّه بل مراده ما أشار إليه بعده من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 168)


……….

ان المانع من صحة النذر انما هو وصف الندب و التطوع و لا يمكن تعلق النذر بالصوم موصوفا بهذا الوصف،لأنه بهذا الوصف غير مشروع،و أما تعلقه بذات الصوم فلا مانع منه لأن ذاته محبوبة و راجحة،و به يرتفع المانع باعتبار انه صار واجبا،و لكن ذلك أيضا غير صحيح لأن النهي عن التطوع في وقت الفريضة تعلق بذات الصيام المستحب،و عنوان التطوع و الندب عنوان انتزاعي قد أخذ في لسان الدليل مشيرا إلى ما هو متعلق النهي،و هو ذات الصيام المندوب،فإذا كانت منهيا عنها و غير مشروعة لمن تكون ذمته مشغولة بقضاء شهر رمضان أو نحوه فلا يمكن الحكم بصحة النذر المتعلق بها.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 169)


[فصل في شرائط وجوب الصوم]

فصل في شرائط وجوب الصوم و هي امور..

الأول و الثاني:البلوغ و العقل،فلا يجب على الصبي و المجنون إلا أن يكملا قبل طلوع الفجر،دون ما إذا كملا بعده فإنه لا يجب عليهما و إن لم يأتيا بالمفطر بل و إن نوى الصبي الصوم ندبا،لكن الأحوط(1) مع عدم إتيان المفطر الإتمام و القضاء إذا كان الصوم واجبا معينا،و لا فرق في الجنون بين الإطباقي و الأدواري إذا كان يحصل في النهار و لو في جزء منه،و أما لو كان دور جنونه في الليل بحيث يفيق قبل الفجر فيجب عليه.

الثالث:عدم الإغماء،فلا يجب معه الصوم و لو حصل في جزء من
فيه ان الاحتياط و إن كان استحبابيا الاّ أنه لا منشأ له باعتبار ان الصوم من البداية إلى النهاية واجب واحد مركب من الأجزاء الطولية الارتباطية و غير قابل للتبعيض الا بالدليل،و عليه فإذا طلع الفجر و هو غير بالغ ثم بلغ أثناء النهار لم يكن مكلفا بالصوم من الأول لكونه فاقدا لأحد الشروط العامة للتكليف و هو البلوغ،و أما تكليفه ببقية أجزاء الصوم فهو بحاجة إلى دليل و لا يوجد دليل عليه، و لا فرق فيه بين أن يكون ناويا للصوم ندبا أو لا،إذ على التقدير الأول لا يجب عليه اتمامه بنية الفرض فانه يتوقف على وجود دليل،نعم إذا و أصل صيامه إلى الليل فلا قضاء عليه،فما في المتن من الاحتياط بالجمع بين الاتمام و القضاء لا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 170)


النهار،نعم لو كان نوى الصوم قبل الإغماء فالأحوط إتمامه(1).

الرابع:عدم المرض الذي يتضرر معه الصائم،و لو برئ بعد الزوال و لم يفطر لم يجب عليه النية و الإتمام،و أما لو برئ قبله و لم يتناول مفطرا فالأحوط أن ينوي و يصوم،و إن كان الأقوى عدم وجوبه(2).

الخامس:الخلو من الحيض و النفاس،فلا يجب معهما و إن كان حصولهما في جزء من النهار.

السادس:الحضر،فلا يجب على المسافر الذي يجب عليه قصر
وجه له أصلا،إذ لا مقتضى للقضاء حينئذ نهائيا،و على التقدير الثاني لا يجب عليه ترك الأكل و الشرب و نحوهما،لأن مورد الروايات التي تنص على وجوب الامساك طيلة النهار تشبيها بالصائمين غير المقام و هو من كان مكلفا بالصيام من طلوع الفجر فصام و في أثناء النهار بطل صيامه،فانه مأمور بالامساك بقية النهار.

بل الأقوى ذلك كما مر في شروط الصحة.

في القوة اشكال،فان هنا حالتين للمكلف..

الاولى:أن يكون مرضه بعد الفجر و في الساعات الاولى من النهار يتطلب منه أن يفطر في تلك الساعات بتناول دواء أو نحوه و هو ملتفت إلى ذلك و يراه وظيفة شرعية له باعتبار أن عافيته تتوقف عليه،و في هذه الحالة إذا تسامح و تماهل و لم يتناول شيئا من المفطر و شفي في أثناء النهار و استعاد صحته و قوته لم يجب عليه أن يواصل امساكه تأدبا و تشبيها باعتبار أنه كان ناويا الافطار من الساعة الاولى من الفجر،فان شمول ما دل على وجوب الامساك كذلك للمقام لا يخلو عن اشكال بل منع،لأن مورده من نوى الصوم من الفجر، و إن كانت رعاية الاحتياط أولى و أجدر.

الثانية:ان مرضه لا يتطلب منه أن يمارس مفطرا في الساعات الاولى من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 171)


……….

النهار فلا يكون ناويا الافطار و لم يتناول مفطرا أيضا اما بسبب نومه أو بآخر و عفي من المرض أثناء النهار،و في هذه الحالة فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن يواصل امساكه تأدبا و تشبيها بالصائمين،ثم يقضيه بعد ذلك،إذ احتمال ان هذه الصورة مشمولة لما دل على وجوب هذا الامساك بقية النهار محتمل،و هذا المقدار يصلح أن يكون مبررا لهذا الاحتياط،و لا فرق فيه بين أن استعاد عافيته قبل الزوال أو بعده،و أما وجوب القضاء فهو على أساس انه لا دليل على وجوب الصوم في بقية النهار في المسألة و تجديد النية فيها و أجزائه عن الصوم في تمام النهار إذا استعاد صحته قبل الزوال باعتبار ان الدليل مختص بالمسافر إذا رجع إلى وطنه و وصل قبل الزوال فيه و لم يفطر في الطريق.

فالنتيجة:ان الحالة الثانية تمتاز عن الحالة الاولى في ان الامساك التأدبي واجب فيها على الأحوط دون الاولى،و أما في وجوب القضاء فلا فرق بينهما،كما انه لا فرق بينهما في عدم وجوب الصوم في بقية النهار بعنوان فريضة اليوم.

و هنا حالة ثالثة:و هي ما إذا اعتقد المكلف بأنه مريض و لم يستعد صحته بعد و في أثناء النهار تبين انه استعاد صحته قبل طلوع الفجر و انه كان مأمورا بالصوم في ذلك اليوم،غاية الأمر انه جاهل بحاله،ففي هذه الحالة إذا كان تبين الحال بعد الزوال فلا اشكال في وجوب قضاء ذلك اليوم عليه،و إذا كان قبل الزوال فهل يجب عليه أن يصوم بقية النهار؟الظاهر عدم الوجوب لأن الدليل على كفاية صوم نصف اليوم عن تمام اليوم تختص بالمسافر كما مر،و بما أن الحكم يكون على خلاف القاعدة فالتعدي عن مورده إلى سائر الموارد بحاجة إلى قرينة و لا توجد قرينة لا في نفس الدليل و لا في الخارج،و أما وجوب الامساك عليه تأدبا و تشبيها بالصائمين فهو ثابت بلا فرق بين أن يكون انكشاف الخلاف قبل الزوال أو بعده باعتبار انه مأمور بالصوم في الواقع من الأول،غاية الأمر انه أخطأ في اعتقاده و لم ينو الصوم من الأول،بل هو ثابت حتى فيما إذا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 172)


الصلاة بخلاف من كان وظيفته التمام كالمقيم عشرا و المتردد ثلاثين يوما و المكاري و نحوه و العاصي بسفره،فإنه يجب عليه التمام إذ المدار في تقصير الصوم على تقصير الصلاة،فكل سفر يوجب قصر الصلاة يوجب قصر الصوم و بالعكس(1).

[مسألة 1:إذا كان حاضرا فخرج إلى السفر]

[2506]مسألة 1:إذا كان حاضرا فخرج إلى السفر فإن كان قبل الزوال وجب عليه الإفطار،و إن كان بعده وجب عليه البقاء على صومه(2)،و إذا كان مسافرا و حضر بلده أو بلدا يعزم على الإقامة فيه عشرة أيام فإن كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر وجب عليه الصوم،و إن كان بعده أو تناول
أتى بالمفطر على أساس انه من موارد وجوب هذا الامساك.

هذا هو مقتضى صريح النص في المسألة،و قد أشار الماتن قدّس سرّه إلى خروج مجموعة من الموارد عن هذا العموم.

في وجوب البقاء اشكال،و لا يترك الاحتياط بالجمع بين البقاء على الصوم و القضاء و السبب في ذلك ان الروايات الواردة في المسألة متمثلة في مجموعتين:

الاولى:الروايات التي تنص على التفصيل بين قبل الزوال و بعده،بمعنى ان السفر إن كان قبل الزوال وجب الافطار،و إن كان بعده وجب البقاء على الصوم.

منها:صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«انه سئل عن الرجل يخرج من بيته و هو يريد السفر و هو صائم قال:فقال:إن خرج من قبل أن ينتصف النهار فليفطر و ليقض ذلك اليوم،و إن خرج بعد الزوال فليتم يومه» 1.

و منها قوله عليه السّلام في صحيحة عبيد بن زرارة:«إن خرج قبل الزوال فليفطر


 

1) <page number=”172″ />الوسائل باب:5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 173)


……….

و إن خرج بعد الزوال فليصم» 1.

و منها:غيرهما 2.فان مقتضى اطلاقها ان من خرج قبل الزوال فحكمه الافطار و إن لم يبيت النية ليلا،و من خرج بعد الزوال فحكمه البقاء على الصيام و إن بيّت النية ليلا.

الثانية:الروايات التي تنص على التفصيل بين تبييت النية ليلا و عدم تبييتها كذلك،بمعنى انه إذا بيت النية ليلا و سافر وجب الافطار،و الاّ وجب البقاء على الصيام.

منها:موثقة علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى عليه السّلام:«في الرجل يسافر في شهر رمضان أ يفطر في منزله؟قال:إذا حدّث نفسه في الليل بالسفر أفطر إذا خرج من منزله،و إن لم يحدّث نفسه من الليلة ثم بدا له في السفر من يومه أتم صومه» 3.

فان مقتضى اطلاق هذه الموثقة انه إذا اتخذ قرارا بالسفر من الليل و سافر في النهار فوظيفته الافطار و ان كان سفره بعد الزوال،و ان لم يتخذ قرارا به من الليل و بدا له أن يسافر في النهار فسافر فوظيفته الصيام و إن كان سفره قبل الزوال،فاذن كل من المجموعتين من الروايات تتضمن قضيتين شرطيتين، و هما في المجموعة الاولى على ما يلي:

1-إذا سافر الشخص في نهار شهر رمضان قبل الزوال وجب عليه الافطار و إن لم ينو السفر من الليل.

2-و إذا سافر بعده وجب البقاء على الصيام و إن نوى السفر من الليل و اتخذ قراره.

و في المجموعة الثانية على النحو التالي:


 

1) <page number=”173″ />الوسائل باب:5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:3.
2) راجع الوسائل باب:5 من أبواب من يصح منه الصوم.
3) الوسائل باب:5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:10.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 174)


……….

1-إذا نوى السفر من الليل و سافر في النهار وجب عليه الافطار و إن كان سفره بعد الزوال.

2-و إذا لم ينو السفر من الليل و بدا له أن يسافر في النهار فسافر وجب البقاء على الصيام و إن كان سفره قبل الزوال.

و عليه فتقع المعارضة بين اطلاق الشرطية الثانية في المجموعة الاولى من الروايات و اطلاق الشرطية الاولى في المجموعة الثانية منها بالعموم من وجه،و كذلك تقع المعارضة بين اطلاق الشرطية الاولى في المجموعة الاولى و اطلاق الشرطية الثانية في المجموعة الثانية،فان مورد الالتقاء بين الاطلاقين في الفرض الأول هو ما إذا نوى السفر من الليل و سافر في النهار بعد الزوال،لأن مقتضى اطلاق الأولى وجوب بقائه على الصيام،و مقتضى اطلاق الثانية وجوب الافطار عليه،و مورد الالتقاء بين الاطلاقين في الفرض الثاني هو السفر قبل الزوال بدون اتخاذ أيّ قرار به من الليل،فان مقتضى اطلاق الاولى وجوب الافطار فيه،و مقتضى اطلاق الثانية وجوب البقاء على الصيام،و بما انه لا ترجيح لأحد الاطلاقين على الاطلاق الآخر في كلا الموردين فيسقطان معا،و يرجع إلى العام الفوقي كالآية الشريفة و الروايات.

منها قوله عليه السّلام:«إذا قصرت افطرت» 1و مقتضاه وجوب الافطار في كلا الموردين.

أما صحيحة رفاعة قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يعرض له السفر في شهر رمضان حين يصبح،قال:يتم صومه» 2فقد يقال:ان هذه الصحيحة بما أنها أخص من المجموعة الاولى فتقيد اطلاقها بما إذا نوى السفر من الليل.

و الجواب:ان تقييدها بها يتوقف على اثبات ان الرواية مشتملة على نسخة«حين يصبح»لا«حتى يصبح»و هو غير ثابت،فان الرواية منقولة بكل


 

1) <page number=”174″ />الوسائل باب:4 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:1.
2) الوسائل باب:5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:5.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 175)


……….

منهما و لا ترجيح في البين.

و دعوى:ان اشتمالها على نسخة«حتى يصبح»غلط معللا بأن من خرج قبل الفجر حتى أصبح و هو مسافر فلا خلاف و لا اشكال في وجوب الافطار عليه.

مدفوعة:بأن ذلك لا يصلح أن يكون قرينة على ان النسخة غلط،غاية الأمر ان الرواية في ضوء هذه النسخة معارضة للروايات الدالة على وجوب الافطار فيه،هذا اضافة إلى أن من المحتمل أن يكون السؤال عن السفر في شهر رمضان بالليل و ينتهى إلى الصبح إما بالوصول إلى بلده أو مكان اقامته،و من المعلوم ان هذا السفر لا يوجب الافطار.

و مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان الثابت هو نسخة«حين يصبح»لا «حتى يصبح»الاّ أنه لا يبعد أن يكون المراد من عروض السفر له العزم عليه و نيته و أنها تعرض له حين الصبح،و أما تلبسه بالسفر الخارجي فيمكن أن يكون في الساعات الاولى من النهار،و يمكن أن يتحقق بعد الزوال،أو لا أقل من اجمال الصحيحة من هذه الناحية.

فالنتيجة:انه لا يمكن الاستدلال بها على اعتبار نية السفر من الليل في وجوب الافطار.

و أما موثقة سماعة قال:«سألته عن الرجل كيف يصنع إذا أراد السفر؟قال:

إذا طلع الفجر و لم يشخص فعليه صيام ذلك اليوم،و إن خرج من أهله قبل طلوع الفجر فليفطر و لا صيام عليه-الحديث-» 1فهي تدل بمقتضى شرطيتها الاولى بقرينة مقابلتها للشرطية الثانية ان من أراد السفر بعد طلوع الفجر و سافر فعليه الصيام ذلك اليوم،سواء أ كان سفره قبل الزوال أم كان بعده،فاذن تكون الموثقة في ضوء شرطيتها الاولى معارضة للمجموعة الاولى على ضوء شرطيتها الاولى بالعموم من وجه،فان الموثقة عام من ناحية كون السفر قبل


 

1) <page number=”175″ />الوسائل باب:5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:8.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 176)


فلا و إن استحب له الإمساك بقية النهار(1)،و الظاهر أن المناط كون الشروع في السفر قبل الزوال أو بعده لا الخروج عن حد الترخص،و كذا في الرجوع المناط دخول البلد،لكن لا يترك الاحتياط بالجمع إذا كان الشروع قبل الزوال و الخروج عن حد الترخص بعده،و كذا في العود إذا كان
الزوال أو بعده،و خاص من ناحية انه لم يتخذ قرارا بالسفر من الليل،و أما المجموعة الاولى فهي عام من ناحية تبييت النية ليلا و عدم تبييتها كذلك، و خاص من ناحية اختصاصها بالسفر قبل الزوال،فيكون مورد الالتقاء بينهما هو ما إذا سافر قبل الزوال بدون أن ينوي السفر من الليل،فان مقتضى اطلاق الموثقة وجوب الصوم،و مقتضى اطلاق المجموعة الاولى وجوب الافطار، و بما انه لا ترجيح لإطلاق احداهما على اطلاق الاخرى فيسقطان معا،فالمرجع هو العام الفوقي،و مقتضاه وجوب القصر عليه.

فالنتيجة:ان هذه الموثقة تكون من جملة الروايات المعارضة للمجموعة الاولى.

و أما صحيحة رفاعة بن موسى قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام:عن الرجل يريد السفر في شهر رمضان؟قال:إذا أصبح في بلده ثم خرج فان شاء صام و إن شاء أفطر» 1فهي مخالفة للآية الشريفة و الروايات فلا بد من طرحها.

لحد الآن قد تبين ان من سافر في نهار شهر رمضان قبل الزوال يفطر سواء نوى السفر من الليل أم لا،و أما من سافر بعده فمقتضى القاعدة و إن كان وجوب الافطار أيضا،و لكن مع ذلك فالأحوط وجوبا أن يجمع بين البقاء على الصوم و اتمامه و القضاء بعد ذلك،فلا يعتبر تبييت النية و اتخاذ قرار السفر من الليل في وجوب الافطار.

هذا إذا تناول المفطر في الطريق و وصل إلى بلدته أو بلدة اقامته قبل


 

1) <page number=”176″ />الوسائل باب:5 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:7.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 177)


الوصول إلى حد الترخص قبل الزوال و الدخول في المنزل بعده.

[مسألة 2:قد عرفت التلازم بين إتمام الصلاة و الصوم،و قصرها و الإفطار لكن يستثنى من ذلك موارد]

[2507]مسألة 2:قد عرفت التلازم بين إتمام الصلاة و الصوم،و قصرها و الإفطار لكن يستثنى من ذلك موارد..

أحدها:الأماكن الأربعة،فإن المسافر يتخير فيها بين القصر و التمام في الصلاة و في الصوم يتعين الإفطار.

الثاني:ما مر من الخارج إلى السفر بعد الزوال،فإنه يتعين عليه البقاء على الصوم مع أنّه يقصّر في الصلاة.

الثالث:ما مر من الراجع من سفره،فإنه إن رجع بعد الزوال يجب عليه الإتمام مع أنه يتعين عليه الإفطار.

[مسألة 3:إذا خرج إلى السفر في شهر رمضان لا يجوز له الإفطار إلا بعد الوصول إلى حد الترخص]

[2508]مسألة 3:إذا خرج إلى السفر في شهر رمضان لا يجوز له الإفطار إلا بعد الوصول إلى حد الترخص،و قد مر سابقا وجوب الكفارة عليه إن أفطر قبله.

[مسألة 4:يجوز السفر اختيارا في شهر رمضان]

[2509]مسألة 4:يجوز السفر اختيارا في شهر رمضان،بل و لو كان للفرار من الصوم كما مر،و أما غيره من الواجب المعين فالأقوى(1)عدم جوازه
الزوال،و أما إذا وصل بعد الزوال فلا دليل على استحباب الامساك بقية النهار.

بل الأقوى جوازه،و تدل عليه صحيحة علي بن مهزيار في حديث قل:«كتبت إليه-يعني إلى أبي الحسن عليه السّلام-:يا سيدي:رجل نذر أن يصوم يوما من الجمعة دائما ما بقي فوافق ذلك اليوم يوم عيد فطر أو أضحى أو أيام التشريق أو سفر أو مرض،هل عليه صوم ذلك اليوم أو قضاؤه؟و كيف يصنع يا سيدي؟فكتب إليه:قد وضع اللّه عنه الصيام في هذه الأيام كلها و يصوم يوما بدل يوم إن شاء اللّه» 1،بتقريب ان مقتضى اطلاقها جواز السفر و إن لم تكن ضرورة


 

1) <page number=”177″ />الوسائل باب:10 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 178)


إلا مع الضرورة،كما أنه لو كان مسافرا وجب عليه الإقامة لإتيانه مع الإمكان.

[مسألة 5:الظاهر كراهة السفر في شهر رمضان قبل أن يمضي ثلاثة و عشرون يوما إلا في حج أو عمرة]

[2510]مسألة 5:الظاهر كراهة السفر في شهر رمضان قبل أن يمضي ثلاثة و عشرون يوما إلا في حج أو عمرة أو مال يخاف تلفه أو أخ يخاف هلاكه.

[مسألة 6:يكره للمسافر في شهر رمضان،بل كل من يجوز له الإفطار التملي من الطعام و الشراب]

[2511]مسألة 6:يكره للمسافر في شهر رمضان،بل كل من يجوز له الإفطار التملي من الطعام و الشراب،و كذا يكره له الجماع في النهار،بل الأحوط تركه و إن كان الأقوى جوازه.

في البين،و لا يمنع وجوب الصوم في يوم معين بنذر أو نحوه من السفر فيه فحاله حال صوم شهر رمضان من هذه الناحية.

و مثلها صحيحة زرارة قال:«ان أمي كانت جعلت عليها نذرا نذرت للّه في بعض ولدها في شيء كانت تخافه عليه أن تصوم ذلك اليوم الذي يقدم فيه عليها،فخرجت معنا إلى مكة فاشكل علينا صيامها في السفر،فلم ندر تصوم أو تفطر،فسألت أبا جعفر عليه السّلام عن ذلك،فقال:لا تصوم في السفر،ان اللّه قد وضع عنها حقه في السفر،و تصوم هي ما جعلت على نفسها،فقلت له:فما ذا ان قدمت ان تركت ذلك،فقال:لا إني أخاف أن ترى في ولدها الذي نذرت فيه بعض ما تكره» 1فانها تدل بوضوح على انه لا يمنع عن السفر كصوم شهر رمضان،غاية الأمر على المسافر أن يقضيه بعد ذلك،فاذن لا وجه للماتن قدّس سرّه من الحكم بعدم جواز السفر الاّ مع الضرورة.


 

1) <page number=”178″ />الوسائل باب:13 من أبواب النذر و العهد الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 179)


[فصل في موارد جواز الإفطار]

فصل في موارد جواز الإفطار وردت الرخصة في إفطار شهر رمضان لأشخاص،بل قد يجب:

الأول و الثاني:الشيخ و الشيخة إذا تعذر عليهما الصوم،أو كان حرجا و مشقة(1)،فيجوز لهما الإفطار لكن يجب عليهما في صورة المشقة بل
الظاهر انه لا يعتبر في عدم وجوب الصيام على من أصيب بشيخوخة أن يكون الصيام حرجا عليه و كلفة و مشقة لا تتحمل عادة،بل الضابط فيه ان شيخوخة المكلف إذا بلغت درجة أضعفته عن الصيام فهو غير واجب عليه،و لا يلزم بلوغها درجة تجعل الصيام حرجيا حيث ان الظاهر من الاطاقة في الآية الشريفة 1و الضعف في الروايات كما في صحيحة عبد اللّه ابن سنان 2و صحيحة الحلبي 3هو صعوبة الصوم عليه لا بلوغه بدرجة العسر و الحرج، لأن الاطاقة عبارة عن تحمل التعب و الصعوبة في العمل بدرجة يتحمل عادة لا بدرجة لا يتحمل كذلك.

و من هنا يكون المتبادر من قوله تعالى: وَ لاٰ تُحَمِّلْنٰا مٰا لاٰ طٰاقَةَ لَنٰا بِهِ 4هو ما يصعب علينا مزاولته و ممارسته،لا ما يخرج عن قدرتنا.

ثم ان الظاهر من الآية الشريفة و هي قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ


 

1) <page number=”179″ />البقرة184/.
2) الوسائل باب:15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:5.
3) الوسائل باب:15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:9.
4) البقرة286/.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 180)


في صورة التعذر أيضا التكفير(1)بدل كل يوم بمد من طعام،و الأحوط

فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ


1

بضميمة ذيلها و هي قوله عز و جل: وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ 2هو ان هؤلاء مخيرون بين الصيام إذا شاءوا و الافطار و اعطاء الفدية بدلا عنه،و هذا المعنى هو الظاهر من سياق هذه الآية.

و دعوى:ان قوله تعالى: وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ 3من متممات الخطاب السابق في صدر الآية و بيان ان الفائدة من الصوم ترجع إلى الصائمين، لا من متممات قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ 4و الا لكان مقتضى السياق الاتيان بصيغة الغيبة لا بصيغة الخطاب.

مدفوعة:بأن حمله على بيان ان فائدة الصيام تعود إلى المكلفين الصائمين لا إليه سبحانه و تعالى من البعد بمكان،لأن كل من آمن باللّه وحده و برسوله يعلم ان فائدة التكاليف ترجع إليه سواء أ كانت فائدة دينية أم كانت دنيوية،فاذن صيغة هذا الخطاب لا تنسجم مع صيغة الخطاب السابق في صدر الآية،فان هذه تتكفل حكما ترخيصيا و تلك تتكفل حكما الزاميا،و من هنا تناسب هذه الصيغة قوله تعالى: وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ 5و أما العدول من الغيبة إلى الخطاب فلعل نكتته بيان أن الصوم أهم من الفدية.

في وجوب التكفير اشكال بل منع،فان الآية الشريفة لا تدل على وجوب التعويض عن ترك الصيام بالفدية في هذه الصورة باعتبار أنها غير مشمولة للآية.

و أما الروايات فلا تشمل تلك الصورة.

منها:صحيحة عبد اللّه بن سنان قال:«سألته عن رجل كبير ضعف عن صوم شهر رمضان،قال:يتصدق كل يوم بما يجزئ من طعام مسكين» 6فانها


 

1) <page number=”180″ />البقرة184/.
2) البقرة184/.
3) البقرة184/.
4) البقرة184/.
5) البقرة184/.
6) الوسائل باب:15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:5.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 181)


……….

مختصة بمن أضعفته شيخوخته عن الصيام،و لا تعم من أعجزته عنه نهائيا، و مثلها صحيحة الحلبي.

و منها:صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام في قول اللّه عز و جل:

«و على الذين يطيقونه فدية طعام مسكين،قال:الشيخ الكبير و الذي يأخذه العطاش» 1فانها حيث قد وردت في تفسير الآية الكريمة فلا تدل على أكثر مما دلت عليه الآية الشريفة،و قد مر ان الآية الشريفة لا تشمل المكلف العاجز عن الصيام.

و منها:صحيحته الاخرى قال:«سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول:للشيخ الكبير و الذي به العطاش لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان و يتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام و لا قضاء عليهما،و إن لم يقدرا فلا شيء عليهما» 2فانها ظاهرة عرفا في تمكن كل منهما على الصيام،فلا تعم صورة العجز عنه.

و دعوى:أنها باطلاقها تشمل العاجز أيضا.

مدفوعة:بأن قوله عليه السّلام في الصحيحة:«لا حرج عليهما أن يفطرا في شهر رمضان»بحكم النص في تمكنهما من الصيام بدون كونه حرجيا عليهما،و الا لم يكن فرق بينهما و بين غيرهما في جواز الافطار على أساس كونه حرجيا مع ان صريح الصحيحة في مقام بيان العناية بهما و اختصاص هذا الحكم لهما و انه لا حرج و لا إثم عليهما في الافطار فيه،فيكون ذلك امتنانا عليهما باعتبار انه ترخيص لهما في الافطار مراعاة لابتلائهما بمرض الشيخوخة و العطاش على الرغم من ان صعوبة الصوم عليهما ليست بدرجة كونه حرجيا كما مر.

فالنتيجة:ان وجوب الفدية مختص بمقتضى الآية الشريفة و الروايات


 

1) <page number=”181″ />الوسائل باب:15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:3 .
2) الوسائل باب:15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 182)


مدان،و الأفضل كونهما من حنطة،و الأقوى(1)وجوب القضاء عليهما لو تمكنا بعد ذلك.

الثالث:من به داء العطش،فإنه يفطر سواء كان بحيث لا يقدر على الصبر أو كان في مشقة،و يجب(2)عليه التصدق بمد،و الأحوط مدان،من غير فرق بين ما إذا كان مرجو الزوال أم لا،و الأحوط بل الأقوى(3)
بغير العاجز عن الصيام،و أما العاجز فلا دليل على وجوب الفدية عليه.

في القوة اشكال بل منع،أما على القول بوجوب الفدية عليهما تعيينا و عدم مشروعية الصوم لهما فلا مقتضى للقضاء،لفرض ان الصوم غير مشروع لهما لكي يصدق على تركه عنوان الفوت،هذا اضافة إلى أن قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:«و يتصدق كل واحد منهما في كل يوم بمد من طعام و لا قضاء عليهما» 1نص في نفي القضاء.

و أما على القول بالتخيير بين الصوم و الفدية،فبما ان الواجب هو الجامع بينهما و هو عنوان أحدهما،و الفرض أنهما قد أتيا بالجامع في ضمن أحد فرديه و هو الفدية فلا مقتضي للقضاء أيضا.

في الوجوب اشكال بل منع،لعدم الدليل عليه،بل مقتضى صحيحة محمد بن مسلم 2المتقدمة الواردة في تفسير الآية الشريفة و بيان المراد منها وجوبه على المتمكن ممن أصيب بمرض الشيخوخة أو العطاش دون العاجز.

(3)في القوة اشكال بل منع،حيث انه لا مقتضي لوجوب القضاء،فان ذا العطاش اما مأمور بالفدية خاصة دون الصوم أو بالجامع بينهما، فيكون حاله حال من أصيب بمرض الشيخوخة فيدخل في قوله تعالى:

وَ عَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعٰامُ مِسْكِينٍ


3

كما هو مقتضى صحيحة


 

1) <page number=”182″ />الوسائل باب:15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:1.
2) الوسائل باب:15 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:3.
3) البقرة184/.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 183)


وجوب القضاء عليه إذا تمكن بعد ذلك،كما أن الأحوط(1)أن يقتصر على مقدار الضرورة.

محمد بن مسلم المتقدمة.

و دعوى:ان ذا العطاش داخل في المريض،و لا شبهة في وجوب القضاء عليه.

مدفوعة:بأنه و إن كان ممن أصيب بهذا المرض الاّ ان حكمه يختلف عن حكم المريض لأنه مكلف بالفدية خاصة،أو بالجامع بينهما و بين الصيام بمقتضى صحيحة محمد بن مسلم الناصّة في أنه كالشيخ و الشيخة،و قد مر أنه لا مقتضى للقضاء على كلا التقديرين.

لا وجه لهذا الاحتياط و إن كان أولى و أجدر لما مر من أن ذا العطاش كالشيخ أو الشيخة بنص صحيحة محمد بن مسلم،و مقتضى اطلاقها عدم وجوب الاقتصار على مقدار الضرورة.

قد يقال:ان مقتضى الصحيحة و ان كان ذلك،الاّ ان موثقة عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«في الرجل يصيبه العطاش حتى يخاف على نفسه؟قال:يشرب بقدر ما يمسك رمقه و لا يشرب حتى يروى» 1تدل على وجوب الاقتصار على مقدار الضرورة.

و الجواب:ان الظاهر عرفا من ذي العطاش في مورد الموثقة هو من يصيبه العطاش بسبب عارض كشدة حرارة الجو أو نحوها بدرجة يخاف على نفسه دون ذي العطاش الذي أصيب بداء العطش و يعاني صعوبة و مشقة في الصيام من أجله كالشيخ و الشيخة،و حينئذ فله أن يصوم و يتحمل الصعوبة،و له أن يفطر و يعوض عنه بالفدية.


 

1) <page number=”183″ />الوسائل باب:16 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 184)


الرابع:الحامل المقرب التي يضرها الصوم أو يضر حملها،فتفطر و تتصدق(1)من مالها(2)بالمد أو المدين و تقضي بعد ذلك.

نعم،إذا وصلت حالته المرضية إلى درجة يتعذر عليه الصيام نهائيا فلا يجب عليه التعويض عنه بالفدية.

و من هنا يظهر انه كالمصيب بمرض الشيخوخة فلا يكون مأمورا بالاقتصار على مقدار الضرورة.

في اطلاقه اشكال بل منع،و الأظهر اختصاص وجوب التصدق بما يكون الصوم مضرا بحمل الحامل لا بصحتها،و تدل عليه صحيحة محمد بن مسلم قال:«سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:الحامل المقرب و المرضع القليلة اللبن لا حرج عليهما أن تفطرا في شهر رمضان لأنهما لا تطيقان الصوم،و عليهما أن تتصدق كل واحد منهما في كل يوم تفطر فيه بمد من طعام،و عليهما قضاء كل يوم أفطرتا فيه تقضيانه بعد» 1بتقريب ان تقييد الموضوع بهذا الوصف يدل على ان الصوم يضر بالحمل و الولد و ان التعويض بالتصدق بدلا عن الصيام من أجل أنه يضر بهما.

و أما إذا كان مضرا بصحة المرأة الحامل أو المرضعة القليلة اللبن دون الحمل أو الولد فمعناه ان شروط وجوب الصيام التي مر الكلام في تلك الشروط التي منها أن لا يكون الصوم مضرا بصحة الصائم،غير متوفرة فيها،و من الواضح ان الصحيحة منصرفة عن ذلك و ظاهرة عرفا في ان الصوم يضر بالحمل أو الولد.

هذا التقييد ليس من جهة ان الصدقة مشروطة بأن تكون من مال المتصدق،فان هذا الاشتراط غير ثابت جزما حتى في مثل الزكاة الواجبة المالية و البدنية،بل من جهة ان الخطاب بالتصدق متوجه إليها مباشرة الظاهر في


 

1) <page number=”184″ />الوسائل باب:17 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 185)


الخامس:المرضعة القليلة اللبن إذا أضربها الصوم أو أضر بالولد، و لا فرق بين أن يكون الولد لها أو متبرعة برضاعه أو مستأجرة،و يجب عليها التصدق بالمد أو المدين أيضا من مالها و القضاء بعد ذلك،و الأحوط بل الأقوى الاقتصار على صورة عدم وجود من يقوم مقامها في الرضاع تبرعا أو باجرة من أبيه أو منها أو من متبرع(1).

التصدق بمالها في مقابل مال زوجها.

هذا هو المتعين لأن صحيحة محمد بن مسلم 1المتقدمة قد قيدت جواز الافطار لهما بعدم الاطاقة الظاهر في عدم القدرة عرفا على الصيام،و على هذا فان كانت هناك امرأة تقوم مقام المرضعة القليلة اللبن في ارضاع الولد فمعناه أنها متمكنة من الصيام و قادرة عليه عرفا،فلا تكون مشمولة للصحيحة لكي يجوز لها الافطار.


 

1) <page number=”185″ />الوسائل باب:17 من أبواب من يصح منه الصوم الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 186)


[فصل في طرق ثبوت هلال رمضان و شوال للصوم و الإفطار]

فصل في طرق ثبوت هلال رمضان و شوال للصوم و الإفطار و هي امور..

الأول:رؤية المكلف نفسه.

الثاني:التواتر.

الثالث:الشياع المفيد للعلم(1)،و في حكمه كل ما يفيد العلم و لو بمعاونة القرائن،فمن حصل له العلم بأحد الوجوه المذكورة وجب عليه العمل به و إن لم يوافقه أحد،بل و إن شهد و ردّ الحاكم شهادته.

الرابع:مضي ثلاثين يوما من هلال شعبان أو ثلاثين يوما من هلال رمضان،فإنه يجب الصوم معه في الأول و الإفطار في الثاني.

الخامس:البينة الشرعية،و هي خبر عدلين سواء شهدا عند الحاكم و قبل شهادتهما أو لم يشهدا عنده أو شهدا و ردّ شهادتهما،فكل من شهد
بل الاطمئنان،فانه إذا كثر عدد الشهود فمرة يستند العلم إلى نفس الكثرة بما هي كثرة،إذ لا يحتمل على ضوء مبدأ الاستقراء خطأ الجميع،على أساس ان التصادف لا يمكن أن يكون دائميا،فمن أجل ذلك يمتنع اجتماع عدد كبير من الناس على الكذب في موضوع واحد،فانه كلما زاد عدد الشهود ينمو احتمال المطابقة و بالمقابل يضعف احتمال الخطأ بنفس هذه الدرجة،فاذا وصل تجمّع القيم الاحتمالية الكبيرة حول محور واحد الى درجة اليقين أدّى الى افناء قيمة احتمال المضاد للمطلوب.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 187)


عنده عدلان يجوز بل يجب عليه ترتيب الأثر من الصوم أو الإفطار(1)، و لا فرق بين أن تكون البينة من البلد او من خارجه،و بين وجود العلة في
و اخرى يستند العلم أو الاطمئنان إلى الشياع الناشي من الكثرة لا بما هي كثرة،فان الكثرة العددية و إن كانت عاملا أساسيا على حصول العلم أو الاطمئنان الاّ أنها ليست كل العامل،بل لا بد من أن يؤخذ في الحساب عوامل اخرى كأوصاف الشهور و حالاتهم بالنظر إلى أنفسهم تارة كمدى صدقهم أو كذبهم أو خطأهم أو مبالاتهم في الشهادة و بالنظر إلى الأشخاص الذين عجزوا عن الرؤية مع أن ظروفهم كظروف الشهود من حيث صفاء الجو الصالح للرؤية و نحوه،أو غير ذلك من العوامل التي لها دخل في حصول اليقين أو الاطمئنان، فلا بد من أخذ كل العوامل في الحساب من العوامل الداخلية و الخارجية التي لها دخل بشكل أو بآخر في حصول اليقين أو الاطمئنان للمكلف بالرؤية،منها الوسائل العلمية الحديثة أو الحسابات الفلكية،فانها و إن لم تكن كافية لإثبات رؤية الهلال شرعا الاّ أنها إذا كانت موافقة لأقوال الشهود فهي من العوامل الايجابية التي تؤكد الوثوق و الاطمئنان الحاصل منها في نفس المكلف و تزيل الشكوك منها و تبعث على اليقين أو الاطمئنان بها،و إذا كانت مخالفة لها فهي من العوامل السلبية التي قد تزيل من نفس الانسان الوثوق و الاطمئنان بها و تخلق الشكوك فيها.

هذا شريطة أن لا تكون هناك عوامل سلبية تؤدي إلى الوثوق بكذب البينة و وقوعها في خطأ،كما إذا ادعى اثنان بالشهادة بالرؤية من بين جمع كبير من الناس الذين استهلوا و لم يستطيعوا أن يروه رغم انهم جميعا استهلوا في نفس الجهة التي استهل إليها الشاهدان و عدم امتيازهما عنهم في القدرة البصرية و نحوها من العوامل التي لها دخل في الرؤية و الاّ فلا تقبل لأن هذه العوامل تسبب الوثوق بكذبها و خطأها في الواقع،و هذا معنى ما ورد في مجموعة من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 188)


السماء و عدمها،نعم يشترط توافقهما في الأوصاف فلو اختلفا فيها لا اعتبار بها،نعم لو أطلقا أو وصف أحدهما و أطلق الاخر كفى،و لا يعتبر اتحادهما في زمان الرؤية مع توافقهما على الرؤية في الليل،و لا يثبت بشهادة النساء،و لا بعدل واحد و لو مع ضم اليمين.

السادس:حكم الحاكم الذي لم يعلم خطأه و لا خطأ مستنده(1)كما
الروايات:«إذا رآه واحد رآه مأئة» 1فان جماعة كبيرة من الناس إذا كانوا مستهلين في جهة واحدة مع تقاربهم في القدرة البصرية و صفاء الجو و نحوهما، ففي هذه الحالة إذا ادعى اثنان منهم رؤية الهلال دون الباقين فهو غير قابل للتصديق عادة،فلا محالة يكون محمولا على الخطأ و الاشتباه.

هذا هو المشهور بين الأصحاب و هو غير بعيد،و ذلك لصحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«إذا شهد عند الامام شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الامام بافطار ذلك اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس،و إن شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بافطار ذلك اليوم و أخر الصلاة إلى الغد فصلى بهم» 2بتقريب ان المراد من الامام مطلق من بيده الأمر لا الإمام المعصوم عليه السّلام كما هو مقتضى سياق الصحيحة،و عليه فتشمل الصحيحة الحاكم الشرعي باعتبار انه أحد مصاديقه.

و قد أورد عليها بأن المراد من الامام هو الامام المعصوم عليه السّلام المفترض الطاعة لا مطلق من بيده الأمر حتى يشمل الحاكم الشرعي أيضا.

و الجواب:ان حمل الامام في الصحيحة على الامام المعصوم عليه السّلام بحاجة إلى قرينة حيث ان سياق الصحيحة من صدرها إلى ذيلها ظاهر عرفا في ان المراد من الامام المكرر فيها مطلق من بيده الأمر لا خصوص الامام


 

1) <page number=”188″ />الوسائل باب:11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:10.
2) الوسائل باب:6 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 189)


……….

المعصوم عليه السّلام،فان التعبير بقوله عليه السّلام:«إذا شهد عند الامام-و-أمر الامام»ظاهر في أنه عليه السّلام في مقام بيان الحكم الكلي في الشريعة المقدسة،لا في مقام بيان أمر الامام المعصوم بذلك،و الا لكان مساقها مساق سائر الروايات كقوله عليه السّلام في صحيحة منصور بن حازم:«إذا شهد عندكم شاهدان مرضيان بأنهما رأياه فاقضه» 1و قوله عليه السّلام:«إذا رأيتم الهلال فافطروا…أو شهد عليه بينة عدل من المسلمين» 2و غير ذلك،فتغيير السياق في هذه الصحيحة قرينة على ما ذكرناه، و ان أمر الامام بافطار ذلك اليوم بعنوان الوظيفة لا بعنوان أنه أمر شخصي من الامام المفترض الطاعة،فان حمله عليه بعيد عن المتفاهم العرفي.

فالنتيجة:ان المتفاهم العرفي من الرواية ان أمر الامام بافطار ذلك اليوم بعنوان الوظيفة على أساس الولاية كناية عن ان هذا اليوم عيد،و بما ان من بيده الأمر في زمن الغيبة هو المجتهد الجامع للشرائط فله أن يتصدى ذلك الأمر.

و من ذلك كله يظهر ان نفوذ حكم الحاكم لو لم يكن أقوى فلا شبهة انه أحوط،و تؤكد ذلك ان الحكومة الشرعية الاسلامية تمتد بامتداد الرسالة حيث أنها تعبير آخر عنها،و من المعلوم أنها ليست محدودة بأمد معين كعصر العصمة بل تمتد إلى يوم القيمة.و على هذا فلا بد في كل عصر من وجود شخص يقوم بتطبيق الرسالة ان أمكن،و هو منحصر في عصر الغيبة بالمجتهد الجامع للشرائط،فإذا اتيحت له فرصة التطبيق كلا أو بعضا وجب أن يقوم به،و من الواضح ان القيام به لا يمكن بدون الولاية،فاذن ثبوت ولاية التطبيق اجتماعيا و فرديا و سياسيا و اقتصاديا و هكذا لا يحتاج إلى دليل خاص،بل هي امتداد للولاية العامة بامتداد الرسالة السماوية،و لكن في حدود ضيقة.

و أما قوله عليه السّلام في التوقيع الصادر:«و أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فانهم حجتي عليكم و أنا حجة اللّه» 3فهو لا يدل على نفوذ حكم


 

1) <page number=”189″ />الوسائل باب:11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:4.
2) الوسائل باب:11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:6.
3) الوسائل باب:11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:9.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 190)


إذا استند إلى الشياع الظني(1).

و لا يثبت بقول المنجمين و لا بغيبوبة الشفق في الليلة الاخرى،و لا برؤيته يوم الثلاثين قبل الزوال(2)فلا يحكم بكون ذلك اليوم أول الشهر،
الحاكم باعتبار ان مسألة الهلال ليست من الحوادث التي لا بد من الرجوع فيها إلى المجتهد الجامع للشرائط في عصر الغيبة حيث ان لإثباتها طرقا اخرى فللناس أن يلجئوا في اثباتها إلى تلك الطرق بلا حاجة إلى مراجعة المجتهد فيه، هذا اضافة إلى أن التوقيع غير ثابت سندا.

و أما مقبولة عمر بن حنظلة 1،فمضافا إلى ضعفها سندا فهي ساقطة دلالة أيضا لأنها تنص على نفوذ حكم الحاكم و القاضي في موارد الترافع و التنازع لا مطلقا،فالتعدي بحاجة إلى دليل.

فالنتيجة:ان العمدة في المسألة صحيحة محمد بن قيس المتقدمة.

هذا فيما إذا لم ير الحاكم حجية الشياع الظني فانه إذا اعتمد عليه في حكمه خطأ لم يكن نافذا حتى عنده إذا نبه على خطأ مستنده.

نعم،إذا رأى الحاكم ان الشياع الظنّي حجة كان حكمه نافذا و إن لم ير غيره أنه حجة،اما في باب القضاء فلا شبهة في ذلك،و أما في المقام فأيضا يكون الأمر كذلك لأن المعيار في نفوذ حكمه انما هو نظره الاجتهادى.

فالنتيجة:ان خطأه ان كان في التطبيق لا يكون حكمه نافذا،و إن كان في الاجتهاد و النظر كان حجة.

في عدم ثبوت الهلال بذلك اشكال بل منع،و الأقوى الثبوت،و تنص عليه روايتان..

الاولى:موثقة عبد اللّه بن بكير و عبيد بن زرارة قالا:«قال أبو عبد اللّه عليه السّلام:

إذا رؤي الهلال قبل الزوال فذلك اليوم من شوال،و إذا رؤي بعد الزوال فذلك


 

1) <page number=”190″ />الوسائل باب:11 من أبواب صفات القاضي الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 191)


……….

اليوم من شهر رمضان» 1.

الثانية:صحيحة حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:إذا رأوا الهلال قبل الزوال فهو لليلة الماضية،و إذا رأوه بعد الزوال فهو لليلة المستقبلة» 2.و مثلها صحيحة محمد بن عيسى 3،فانها واضحة الدلالة على ان رؤية الهلال قبل الزوال امارة على انه لليلة الماضية،و ان هذا اليوم هو الأول من الشهر.

و في مقابل هذه الروايات روايتان أخريان تدلان على انه لا عبرة برؤية الهلال في النهار:

احداهما:صحيحة محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السّلام قال:«قال أمير المؤمنين عليه السّلام:إذا رأيتم الهلال فافطروا،أو شهد عليه عدل(و أشهدوا عليه عدولا)من المسلمين،و إن لم تروا الهلال الا من وسط النهار أو آخره فاتموا الصيام إلى الليل» 4فانها تنص على انه لا أثر لرؤية الهلال وسط النهار.

و الاخرى:موثقة اسحاق بن عمار قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هلال شهر رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان؟فقال:لا تصمه الاّ أن تراه، فان شهد أهل بلد آخر انهم رأوه فاقضه،و إذا رأيته من وسط النهار فاتم صومه إلى الليل» 5.

و غير خفي ان دلالة هاتين الروايتين على ذلك تبتني على أن يحسب مبدأ النهار من طلوع الفجر،و حينئذ فيقع وسط النهار قبل الزوال.و لكن الصحيح انه يحسب من طلوع الشمس لأن النهار اسم لفترة خاصة من الزمن و هي فترة بياض اليوم الواقعة بين طلوع الشمس و غروبها،فلا يكون ما بين الطلوعين


 

1) <page number=”191″ />الوسائل باب:8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:5.
2) الوسائل باب:8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:6.
3) الوسائل باب:8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:4.
4) الوسائل باب:8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:1.
5) الوسائل باب:8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 192)


……….

جزء من النهار،و من هنا قد ورد في مجموعة من الروايات في باب الزوال ان الزوال هو منتصف النهار و وسطه،أو لا أقل من الاجمال،فاذن لا معارض للروايات المتقدمة التي تنص على التفصيل بين رؤية الهلال قبل الزوال و بعده و لا مناص من الأخذ بها.

و دعوى:ان اعراض المشهور عنها يوجب سقوطها عن الحجية.

مدفوعة:بما حققناه في علم الاصول من ان اعراض المشهور انما يوجب ذلك شريطة توفر أمرين..

أحدهما:أن يكون ذلك الاعراض من قدماء الأصحاب الذين يكون عصرهم امتدادا لعصر أصحاب الأئمة عليهم السّلام.

و الآخر:أن لا يكون اعراضهم عنها في المسألة لسبب أو لآخر.

و في المقام كلا الأمرين غير متوفر.

أما الأول:فلأنه لا طريق لنا إلى اثبات اعراضهم عنها في المسألة،أما الطريق المباشر فهو مفروض العدم،و أما غير المباشر فهو منحصر بوصول آرائهم إلينا إما من طريق النقل،أو من طريق وصول كتبهم الاستدلالية حول المسألة،و كلاهما مفقود،فان الواصل إلينا في المسألة انما هو فتاويهم من طريق النقل على خلاف هذه الروايات،و من المعلوم أن مجرد ذلك لا يكشف عن اعراضهم عنها،إذ كما يحتمل ذلك يحتمل أن تكون مستندة إلى سبب آخر كان أرجح أو مساويا لتلك الروايات بنظرهم،كاحتمال انهم استندوا إلى الروايتين المتقدمتين في المسألة باحتساب وسط النهار فيهما من مبدأ طلوع الفجر و ترجيحهما على تلك الروايات،أو لا أقل من معارضتهما لها و السقوط بسبب المعارضة فلا دليل حينئذ على كفاية رؤية الهلال قبل الزوال.

و أما الثاني:فقد ظهر انه لا يمكن احراز ان اعراضهم عنها يكون تعبديا صرفا لاحتمال أنه مستند إلى ما مرّ الآن.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 193)


و لا بغير ذلك مما يفيد الظن و لو كان قويا(1)إلا للأسير و المحبوس.

[مسألة 1:لا يثبت بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية]

[2512]مسألة 1:لا يثبت بشهادة العدلين إذا لم يشهدا بالرؤية،بل شهدا شهادة علمية.

كمدة بقاء الهلال في الافق قرابة ساعة أو أكثر،و عدم غيابه الاّ بعد الشفق،أو سعة حجمه،أو يكون الهلال على شكل دائرة و هو ما يسمى بتطوق الهلال،فانه قد يحصل الظن عند ما يرى الهلال لأول مرة بهذه الكيفية أو بتلك المدة انه ابن ليلة سابقة و لم يكن جديدة الولادة.

و لكن لا يمكن اتخاذ هذه الحالات الطارئة على الهلال أمارة شرعية على اثبات بداية الشهر القمري في الليلة الماضية،على أساس ان خروج القمر من المحاق قد يكون قبل فترة قصيرة كما إذا خرج من المحاق قبل ست ساعات من الغروب مثلا و رؤي بعد الغروب فانه لا يبدو واضحا،و لا يبقى مدة في الافق،و هذا بخلاف ما إذا خرج من المحاق من الليلة الماضية،فانه سوف يبدو واضحا في الافق في الليلة الآتية و يبقى فيه مدة أطول.

فاذن منشأ طرو الحالات المذكورة على الهلال انما هو من جهة اختلاف فترة خروجه من المحاق قبل رؤيته،فان كانت تلك الفترة قصيرة يبدو الهلال في الافق ضعيفا و لا يبقى الاّ في زمن قصير،و إن كانت طويلة يبدو واضحا في الافق و نيرا و قد يكون على شكل دائرة و يبقى مدة أطول،فمن أجل ذلك لا قيمة لتلك الحالات،و إذا حصل الظن منها ان الهلال ابن الليلة الماضية و لم يكن حديث الولادة فلا اعتبار به و إن كان قويا ما لم يصل إلى درجة الاطمئنان.

نعم،في صحيحة ابن مرازم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«إذا تطوق الهلال فهو لليلتين،و إذا رأيت ظل رأسك فيه فهو لثلاث» 1ان تطوق الهلال امارة


 

1) <page number=”193″ />الوسائل باب:9 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 194)


[مسألة 2:إذا لم يثبت الهلال و ترك الصوم ثم شهد عدلان برؤيته يجب قضاء ذلك اليوم]

[2513]مسألة 2:إذا لم يثبت الهلال و ترك الصوم ثم شهد عدلان برؤيته يجب قضاء ذلك اليوم،و كذا إذا قامت البينة على هلال شوال ليلة التاسع و العشرين من هلال رمضان أو رآه في تلك الليلة بنفسه.

[مسألة 3:لا يختص اعتبار حكم الحاكم بمقلديه]

[2514]مسألة 3:لا يختص اعتبار حكم الحاكم بمقلديه،بل هو نافذ بالنسبة إلى الحاكم الآخر أيضا(1)إذا لم يثبت عنده خلافه.

[مسألة 4:إذا ثبت رؤيته في بلد آخر و لم يثبت في بلده]

[2515]مسألة 4:إذا ثبت رؤيته في بلد آخر و لم يثبت في بلده فإن كانا
على انه ابن الليلة السابقة.

و لكن الظاهر انه لا يمكن الأخذ بهذه الصحيحة،فان تطوق الهلال لو كان من احدى الطرق الشرعية كالرؤية و البينة و الشياع المفيد للعلم أو الاطمئنان لاشتهر بين الأصحاب في عصر الأئمة الأطهار عليهم السّلام و لكثر السؤال عنه في امتداد ذلك العصر لسبب أو لآخر،كما كثر السؤال عن سائر الطرق،مع انه لم يرد في شيء من الروايات ما عدا الرواية المتقدمة رغم طول الزمان و كثرة الابتلاء بالواقعة لا سؤالا و لا جوابا و لا ابتداء،بل كان على الامام عليه السّلام أن ينبه عليه بطريق أو بآخر باعتبار انه مغفول عنه عن الأذهان العامة.

و إن شئت قلت:ان تطوق الهلال لو كان امارة على اثبات بداية الشهر القمري الشرعي من الليلة الماضية لكان على الامام عليه السّلام بيان ذلك و التأكيد عليه باعتبار انه ليس من الطرق العادية المتعارفة المرتكزة في الأذهان من ناحية، و لكثير ما يترتب عليه من الآثار من ناحية اخرى،فلو كان امارة شرعا فبطبيعة الحال ينبه عليها في الروايات في مورد أو آخر،مع انه ليس منه فيها عين و لا أثر في طول فترة العصمة غير رواية واحدة،و بذلك يطمئن الانسان بأنه ليس طريقا شرعيا لإثبات بداية الشهر القمري،و على هذا فلا بد من رد علم الصحيحة إلى أهله للاطمئنان بعدم مطابقتها للواقع.

لإطلاق صحيحة محمد بن قيس المتقدمة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 195)


متقاربين كفى،و إلا فلا(1)إلا إذا علم توافق أفقهما و إن كانا متباعدين.

فيه اشكال بل منع،و الأظهر ثبوت الهلال في كل البلدان إذا رؤي في بلد واحد سواء كانت البلدان مختلفة في خطوط الطول و العرض و متغايرة فيها بمعنى أن يكون الغروب في أحد البلدين قبل الغروب في الآخر بمدة طويلة أم لا.

بيان ذلك:ان الشهر القمري تبدأ دورته الشهرية بخروج القمر من المحاق،و قد تطول هذه الدورة تسعة و عشرين يوما،و قد تطول ثلاثين يوما، و هي دورة القمر حول الأرض،و بما ان نصفه يواجه الشمس فيكون مضيئا و نصفه الآخر لا يواجه الشمس فيكون مظلما كالأرض غاية الأمر ان الأرض تدور حول الشمس و تطول دورتها سنة كاملة،و أما القمر فيدور حول الأرض و تطول دورته شهرا كاملا و تنتهي بدخول المحاق و هو ما يقع على الخط الوهمي بين مركزي الأرض و الشمس،هذا من ناحية،و من ناحية اخرى ان خروج القمر من المحاق طبيعيا لا يكفى شرعا في بداية الشهر القمري،فان الشهر القمري لدى الشرع مرتبط بتوفر أمرين..

أحدهما:خروج القمر من المحاق و شروعه في التحرك و الابتعاد عن الخط الوهمي الموصل بين مركزي الشمس و الأرض،فيقابل عندئذ جزء من نصفه المضيء الأرض.

و الآخر:أن يكون ذلك الجزء المقابل للأرض قابلا للرؤية بالعين المجردة.

و من ناحية ثالثة:ان خروج القمر من المحاق طبيعيا و هو ابتعاده في تحركه عن الخط الموصل بين مركزي الأرض و الشمس أمر تكويني لا يختلف باختلاف بقاع الأرض،فانه ما دام يسبح في ذلك الخط الوهمي بين المركزين فهو في المحاق و غائب عن أهل كل بقاع الأرض على أساس ان حجم الشمس الكبير عدة مرات عن حجم الأرض يمنع عن مواجهة جزء من القمر لأية بقعة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 196)


……….

من بقاع الأرض من أقصاها إلى أدناها،فإذا تحرك و ابتعد عن ذلك الخط يسيرا خرج عن المحاق.

و من المعلوم ان ذلك أمر كوني محدد لا يتأثر باختلاف بقاع الأرض، فمن أجل ذلك لا معنى لافتراض كون خروج القمر من المحاق أمرا نسبيا.

أو فقل:ان الدورة الطبيعية للقمر تنتهي بدخوله في المحاق و هو انطباق مركز القمر على الخط الوهمي بين مركزي الشمس و الأرض،و تبدأ دورته الجديدة بخروجه عن الانطباق،و أما تفسير المحاق بأنه عبارة عن مواجهة الوجه المظلم للقمر بكامله لبقعة ما على وجه الأرض فهو بهذا التفسير و إن كان نسبيا فيكون القمر داخلا في المحاق في بلد و غير داخل فيه في بلد آخر الاّ انه تفسير خاطئ و لا واقع موضوعي له،فان الدورة الطبيعية للقمر لا تتأثر ببقاع الأرض من بقعة لأخرى،بل هي محددة بداية و نهاية،فنهايتها بانطباق مركز القمر على الخط الوهمي بين مركزي الشمس و الأرض،و بدايتها بالخروج من هذا الانطباق،و لا معنى لافتراض النسبية فيه.

فالنتيجة:ان دورته الطبيعية التكوينية ظاهرة كونية محددة لا تتأثر بأي عامل و سبب آخر.

ثم ان الشهر القمري الشرعي مرتبط-مضافا إلى ذلك-برؤية الهلال بالعين المجردة على ما نطقت به الآية الشريفة و الروايات.كقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ 1و قوله عليه السّلام:«صم للرؤية و أفطر للرؤية» 2و نحوه،و على هذا الأساس فبما ان بقاع الأرض تختلف في خطوط الطول فان البلدان الواقعة في النصف الشرقي من الكرة الارضية كما تختلف عن البلدان الواقعة في النصف الغربي منها في الشروق و الغروب بنسب متفاوتة حيث ان الشمس قد تغرب في بلد بعد غروبها عن بلد آخر بدقائق قليلة،أو بساعة أو ساعات،كذلك تختلف في رؤية الهلال على أساس ان الهلال إذا خرج عن


 

1) <page number=”196″ />البقرة185/.
2) الوسائل باب:3 من أبواب احكام شهر رمضان الحديث:13 و 19.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 197)


……….

المحاق فكلما ابتعد عنه زاد الجزء المضيء من القمر المواجه للأرض كما و كيفا إلى أن يصبح بعد ساعات ممكن الرؤية،كما إذا خرج القمر عن المحاق قبيل الغروب بزمن قليل في بلد كباكستان-مثلا-فان الجزء الخارج منه لضئالته لا يمكن رؤيته،و لكنه بعد ساعات قابل للرؤية لازدياد ذلك نورا و حجما كلما ابتعد عن المحاق،فيمكن أن لا يرى الهلال في بلد و يرى في بلد آخر يتأخر غروب الشمس فيه عن غروبها في البلد الأول بساعتين أو أكثر.

فالنتيجة:ان رؤية الهلال تختلف باختلاف البلدان الواقعة في خطوط الطول،بل ربما في العرض فيمكن رؤية الهلال في بعضها و لا يمكن في بعضها الآخر،فلا شبهة في ان امكان رؤية الهلال أمر نسبي،و في ضوء ذلك هل يكون حلول الشهر القمري الشرعي أيضا أمر نسبي و يختلف فيه بلد عن بلد و أفق عن أفق؟بمعنى أن يكون لكل بلد و أفق شهره القمري الخاص كطلوع الشمس الذي يختلف باختلاف البلدان و الآفاق،أو انه ظاهرة كونية مطلقة لا تختلف باختلاف بقاع الأرض و بلدانها و آفاقها و لا يتأثر بذلك نهائيا؟

فيه نظريتان:قد أجيب عن النظرية الاولى:بأن من الخطأ قياس ذلك بطلوع الشمس،فانه يتولد من مواجهة الشمس للأرض على أساس ان الأرض بحكم كرويتها و حركتها حول نفسها مواجهة لها بتمام بقاعها و أجزائها بالتدريج،فتطلع على بقعة قبل طلوعها على بقعة اخرى و هكذا دو إليك،فيكون أمرا نسبيا كغروبها،و هذا بخلاف خروج القمر عن المحاق و تولده منه،فانه ظاهرة كونية محددة تعبر عن ابتعاد القمر عن الخط الوهمي بين مركزي الشمس و الأرض و لا تتأثر باختلاف بقاع الأرض حيث لا صلة لهذه الظاهرة بها،فاذن لا معنى لافتراض النسبية فيه.

و هذا الجواب لا يتم،لأنه إن أريد به ان الشهر القمري يبدأ بخروج القمر من المحاق فقط،و هو ظاهرة كونية محددة لا تتأثر بهذا الجزء من الأرض أو بذاك.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 198)


……….

فيرده،ان هذا بداية الدورة التكوينية الطبيعية للقمر حول الأرض لا بداية الشهر القمري الشرعي،و من المعلوم أنّه لا معنى لافتراض النسبية فيها،لأن انتهاء تلك الدورة بدخول القمر في المحاق أي بين مركزي الشمس و الأرض، و بدايتها بخروجه منه،و كلتاهما ظاهرة كونية لا تتأثر بأي عامل آخر،و أما بداية الشهر القمري فهي ترتبط اضافة إلى وجود هذا العامل الكوني و هو خروج القمر من المحاق إلى عامل آخر و هو ان الجزء المضيء منه المواجه للأرض ممكن الرؤية بالعين الاعتيادية.

و ان اريد به ان الشهر القمري الشرعي يبدأ اضافة إلى ذلك-أي خروج القمر من المحاق-بامكان رؤية ذلك الجزء الخارج منه المواجه للأرض.

فيرد عليه،انه لا مانع من افتراض كونه أمرا نسبيا يتأثر باختلاف بقاع الأرض،بأن رؤي الهلال في هذه البقعة من الأرض دون تلك،و يترتب على ذلك ان الشهر القمري الشرعي يبدأ في كل بقعة من الأرض إذا كانت رؤية هلاله ممكنة في تلك البقعة.

فالنتيجة:ان خروج القمر من المحاق و إن كان حادثا كونيا محددا مطلقا و لا يتأثر بأي عامل آخر،الاّ أنه ليس مبدءا للشهر القمري الشرعي،بل هو مبدأ للشهر القمري الطبيعي لأن مبدأ الأول مضافا إلى ذلك مرتبط شرعا برؤية ذلك الجزء الخارج من المحاق بالعين المجردة،و الرؤية كما يمكن أن تأخذها كأمر نسبي تختلف باختلاف بقاع الأرض و بلدانها،يمكن أن تأخذها كأمر مطلق لا تختلف باختلافها،فعلى الأول يرتبط مبدأ الشهر في كل بلد بامكان الرؤية في ذلك البلد بالذات فيكون لكل بلد شهره القمري الخاص،فيبدأ في البلاد الواقعة في الافق الغربي في ليلة سابقة و في البلاد الواقعة في الافق الشرقي في ليلة متأخرة،فيختلف شهر تلك البلاد عن شهر هذه البلاد بيوم واحد.و على الثاني يكون مبدأ الشهر القمري واحدا بالنسبة إلى كل أهل بقاع الأرض،فإذا رأى الهلال في بقعة من الأرض كفى للآخرين،و على ذلك فلمعرفة ان للشهر

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 199)


……….

القمري الشرعي بداية واحدة بالنسبة إلى الجميع،أو ليس له بداية واحدة كذلك فلا بد من الرجوع إلى الشرع و تحقيق حال نصوص باب الرؤية لنرى هل أنها ربطت بداية الشهر في كل منطقة بامكان الرؤية في تلك المنطقة بالذات،أو ربطت بداية الشهر في كل المناطق بامكان الرؤية في أية منطقة كانت؟و الظاهر هو الثاني،و ذلك لأمور..

الأول:ان السكوت العام الحاكم على روايات الرؤية البالغة من الكثرة حد التواتر الإجمالي الواردة في مختلف الموارد و الحالات بمختلف الألسنة عن الاشارة إلى اختلاف البلدان في الافق أو تقاربها فيه،يؤكد ان بداية الشهر القمري الشرعي واحدة لجميع بقاع الأرض،و الاّ لكان اللازم الاشارة فيها إلى حدود اختلاف البلدان في الافق و عدم ثبوت الهلال في بلد إذا كان مختلفا مع بلد الرؤية فيه،مع انه ليست في شيء منها الاشارة إلى ذلك لا تصريحا و لا تلويحا،و هذا قرينة تؤكد على أن الشهر القمري الشرعي شهر واحد لكل البلدان على وجه الأرض.

الثاني:ان المراد من تقارب البلدين في الافق وقوعهما في منطقة من الأرض يجعل عدم انفكاك امكان الرؤية في أحدهما بالذات عن امكان الرؤية في الآخر كذلك.

و المراد من اختلاف البلدين في الافق وقوع كل منهما في منطقة من الأرض على نحو يجعل الرؤية في أحدهما ممكنة و في الآخر غير ممكنة بذاتها.هذا كله نظريا و أما عمليا،فلا يمكن تطبيق هذه النظرية تطبيقا كاملا على البلاد الاسلامية ككل فضلا عن تمام بقاع الأرض لاختلافها في الافق على نحو يجعل الرؤية في بعضها ممكنة و في الآخر غير ممكنة بل على بلد واحد كإيران -مثلا-من شرقه إلى غربه.

الثالث:ان جملة من النصوص تدل على أن رؤية الهلال في بقعة ما على وجه الأرض بداية للشهر القمري في كل البقاع.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 200)


[مسألة 5:لا يجوز الاعتماد على البريد البرقي-المسمى بالتلگراف-في الإخبار عن الرؤية]

[2516]مسألة 5:لا يجوز الاعتماد على البريد البرقي-المسمى بالتلگراف-في الإخبار عن الرؤية إلا إذا حصل منه العلم(1)بأن كان البلدان متقاربين(2)و تحقق حكم الحاكم أو شهادة العدلين برؤيته هناك.

[مسألة 6:في يوم الشك في أنه من رمضان أو شوال يجب أن يصوم]

[2517]مسألة 6:في يوم الشك في أنه من رمضان أو شوال يجب أن يصوم،و في يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان يجوز الإفطار و يجوز أن يصوم لكن لا بقصد أنه من رمضان كما مر سابقا تفصيل الكلام فيه،و لو
منها:موثقة اسحاق بن عمار قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن هلال شهر رمضان يغم علينا في تسع و عشرين من شعبان،فقال:لا تصمه الاّ أن تراه،فان شهد أهل بلد آخر أنهم رأوه فاقضه» 1فانها تدل باطلاقها على عدم الفرق بين أن يكون البلد الآخر و هو بلد الرؤية مشتركا مع بلده في الافق أو مختلفا معه فيه على نحو تجعل الرؤية فيه ممكنة دونه،كما أنّها مطلقة من ناحية ان شهادتهم بالرؤية بعد شهر رمضان بمدة أو في أثنائه.

و منها:صحيحة أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«انه سئل عن اليوم الذي يقضى من شهر رمضان،فقال:لا يقضه الاّ أن يثبت شاهدان عدلان من جميع أهل الصلاة متى كان رأس الشهر-الحديث-» 2فانها تدل على ان بداية الشهر القمري في كل بلد لا ترتبط بامكان الرؤية في ذلك البلد،بل مقتضى اطلاقها أنها ربطت بداية الشهر القمري في كل البلدان بامكان الرؤية في بعضها.

و منها غيرهما 3.

بل يكفى الاطمئنان أيضا.

مر ان التقارب غير معتبر.


 

1) <page number=”200″ />الوسائل باب:8 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:3.
2) الوسائل باب:11 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:5.
3) راجع الوسائل باب:8 و 11 من أبواب أحكام شهر رمضان.

 

الصفحات: 1 2 3
Pages ( 2 of 3 ): «1 2 3»