قائمة

تخطى إلى المحتوى

مولفات سماحة مرج​ع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5

جلد

5

قائمة

قائمة

الصفحة الرئيسية مكتبة تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5

عنوان الكتاب : تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی

نام ناشر : محلاتي

الجزء : 5

عدد الصفحات: 292

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 5)


الجزء الخامس

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين و الصلاة و السلام على أشرف خلقه محمد و آله الطيبين الطاهرين

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 6)


تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 7)


كتاب الصّوم

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 8)


تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 9)


كتاب الصّوم و هو الإمساك عما يأتي من المفطرات بقصد القربة،و ينقسم إلى الواجب و المندوب و الحرام و المكروه بمعنى قلة الثواب،و الواجب منه ثمانية:صوم شهر رمضان،و صوم القضاء،و صوم الكفارة على كثرتها،و صوم بدل الهدي في الحج،و صوم النذر و العهد و اليمين،و صوم الإجارة و نحوها كالشروط في ضمن العقد،و صوم الثالث من أيام الاعتكاف،و صوم الولد الأكبر عن أحد أبويه،و وجوبه في شهر رمضان من ضروريات الدين،و منكره مرتد(1)

في اطلاقه اشكال بل منع،لأن انكار الضروري تارة يؤدي إلى إنكار الرسالة على أساس ان المنكر ملتفت إلى الملازمة بينها و بين ما أنكره،و اخرى لا يؤدي إلى انكارها،باعتبار أنه يرى عدم هذه الملازمة،ففي الأول لا شبهة في كفره،و لكن لا من جهة انكاره الضروري بل من جهة انكاره الرسالة،و هذا لا يختص بانكار الضروري،فان كل حكم يعلم أو يظن أو يحتمل باشتمال الرسالة عليه فهو حق إذا كانت الرسالة مشتملة عليه حقا و واقعا على نحو القضية الشرطية فانكاره يرجع إلى انكار الرسالة و تكذيبها اما قطعا،أو ظنا،أو احتمالا،و هذا يعني انه يحتمل فعلا بطلان الرسالة،و معنى ذلك انه ليس بمسلم لأن المعتبر في الإسلام هو الايمان و الالتزام بالرسالة اجمالا،فكل من آمن بها كذلك فهو مسلم حقيقة،و نقصد بالايمان الإجمالي بها هو الايمان بأن كل ما يحتمل أو يظن أو يقطع باشتمال الرسالة عليه فهو حق إذا كانت الرسالة مشتملة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 10)


……….

عليه واقعا،فإذا احتمل أن هذا الحكم مما جاء به الرسول صلّى اللّه عليه و آله فانكاره يؤدي إلى عدم الايمان برسالته و احتمال بطلانها.

و أما الثاني:فهل هو موجب للكفر أو لا؟فيه قولان:

ذهب جماعة من الفقهاء إلى الأول،بدعوى أنه يعتبر في الإسلام زائدا على الايمان برسالة الرسول صلّى اللّه عليه و آله أن لا يكون منكرا لضروري من ضروريات الدين،فكفر منكر الضروري مبني على اعتبار هذا القيد في تحقق الإسلام تعبدا،و قد استدل على ذلك بمجموعة من الروايات:

منها:قوله عليه السّلام في صحيحة عبد اللّه بن سنان:«من ارتكب كبيرة من الكبائر فزعم أنها حلال أخرجه ذلك من الإسلام و عذب أشد العذاب،و إن كان معترفا أنه ذنب و مات عليها أخرجه من الإيمان و لم يخرجه من الإسلام و كان عذابه أهون من عذاب الأول» 1.بدعوى أنه يدل على ان من ارتكب كبيرة باعتقاد أنها حلال يؤدي إلى كفره و خروجه عن الإسلام و مقتضى اطلاقه عدم الفرق بين أن يكون ملتفتا إلى الملازمة أو لا يكون ملتفتا إليها لشبهة أو جبت غفلته عنها مع ايمانه الإجمالي بالرسالة.

و الجواب:ان الظاهر من الصحيحة هو أن مرتكب الكبيرة ملتفت إلى أنها مما اشتملت عليه رسالة الرسول صلّى اللّه عليه و آله،و القرينة على ذلك هو استحقاقه أشد العذاب و العقوبة على ارتكابها،فلو كان انكاره لها لشبهة أدت إلى غفلته عن أنها مما اشتملت عليه الرسالة مع ايمانه الإجمالي بها لم يكن ملاك لاستحقاق أصل العقوبة و العذاب فضلا عن أشدها.

فالنتيجة:ان الصحيحة بقرينة العقاب تؤكد على ان انكار مرتكب الكبيرة انما هو على أساس التحدي و التمرد و عدم الايمان بالرسالة،و ان زعمه بالحلية انما هو بهذا الملاك لا بملاك الغفلة و الاعتقاد بأنها حلال مع الايمان بالرسالة اجمالا.و بذلك يظهر حال سائر الروايات أيضا.


 

1) <page number=”10″ />الوسائل:باب 2 من ابواب مقدمة العبادات الحديث:11.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 11)


يجب قتله(1)،و من أفطر فيه لا مستحلا عالما عامدا يعزّر بخمسة و عشرين سوطا(2)،فإن عاد عزّر ثانيا،فإن عاد قتل على الأقوى(3)،و إن كان الأحوط قتله في الرابعة،و إنما يقتل في الثالثة أو الرابعة إذا عزّر في كل من المرتين أو الثلاث،و إذا ادعى شبهة محتملة في حقه درئ عنه الحد.

و قد تحصل من ذلك أنه لا دليل على اعتبار هذا القيد في تحقق الإسلام، هذا من ناحية،و من ناحية اخرى ان الايمان بالمعاد من أظهر ما يشتمل عليه الايمان بالرسالة اجمالا،و ليس عنصرا مستقلا معتبرا في تحقق الإسلام،فانكاره بما أنه انكار للرسالة موجب للكفر لا بعنوانه إذ لا دليل على أن الايمان به عنصر ثالث معتبر في تحقق الإسلام زائدا على الايمان باللّه وحده و بالرسالة،و قد ذكرنا في بحث الفقه أن الآيات التي تنص على عطف الايمان باليوم الآخر على الايمان باللّه لا تدل على ذلك بوجه،فان هذا العطف انما يعبر عن أن الايمان بالمعاد دخيل في الإسلام،و أما أنه دخيل فيه مستقلا أو باعتبار انه من أوضح و أبده ما اشتملت عليه الرسالة فهو ساكت،بل هو في جملة من الآيات انما هو بغاية التهديد بالنار و التخويف بها في مقام التأكيد على ما اشتملت عليه الآيات من دون الدلالة على انه قيد مستقل في الإسلام كالأيمان باللّه.

هذا إذا كان ارتداده فطريا فانه يقتل تاب أم لم يتب،و أما إذا كان مليا فيستتاب،فان تاب لم يقتل و إلاّ قتل.

في التحديد بها اشكال بل منع حيث انه لم يرد إلاّ في رواية ضعيفة 1غير قابلة للاعتماد عليها.

و أما أصل التعزير فهو ثابت بنص قوله عليه السّلام في صحيحة بريد العجلي:

«على الإمام أن ينهكه ضربا» 2و أما من حيث القلة و الكثرة فهو بيد الامام حسب ما يراه من المصلحة.

بل هو المتعين شريطة جريان الحد عليه مرتين،و تنص على ذلك


 

1) <page number=”11″ />الوسائل باب:12 من أبواب ما يمسك عنه الصائم الحديث:1.
2) الوسائل باب:2 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 12)


……….

صحيحة يونس 1و موثقة سماعة 2.ثم ان المراد من الحد الوارد في الصحيحة الأعم من التعزير بقرينة أن الحد الشرعي المعين انما هو ثابت في موارد خاصة كالزنا و اللواط و شرب الخمر و ما شاكل ذلك،و لم يثبت في مطلق الكبائر و انما الثابت فيه التعزير و هو حد من قبل الشرع لكن من دون تعيينه كما،و من هنا يظهر انه لا وجه لما ذكره الماتن قدّس سرّه من أن الأحوط قتله في الرابعة لعدم الدليل عليه،بل هو نوع تعطيل في حدود اللّه تعالى،فمن أجل ذلك يكون هذا الاحتياط على خلاف الاحتياط.و تمام الكلام في ذلك في باب الحدود.


 

1) <page number=”12″ />الوسائل باب:5 من أبواب مقدمات الحدود الحديث:1.
2) الوسائل باب:2 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 13)


[فصل في النيّة]

فصل في النيّة يجب في الصوم القصد إليه مع القربة و الإخلاص(1)كسائر العبادات، و لا يجب الإخطار بل يكفي الداعي،و يعتبر فيما عدا شهر رمضان حتى الواجب المعين أيضا القصد إلى نوعه من الكفارة أو القضاء أو النذر مطلقا كان أو مقيدا بزمان معين،من غير فرق بين الصوم الواجب و المندوب،ففي المندوب أيضا يعتبر تعيين نوعه من كونه صوم أيام البيض مثلا أو غيرها من الأيام المخصوصة،فلا يجزئ القصد إلى الصوم مع القربة من دون تعيين النوع،من غير فرق بين ما إذا كان ما في ذمته متحدا أو متعددا،ففي صورة الاتحاد أيضا يعتبر تعيين النوع،و يكفي التعيين الإجمالي كأن يكون ما في ذمته واحدا فيقصد ما في ذمته و إن لم يعلم أنه من أيّ نوع و إن كان يمكنه الاستعلام أيضا،بل فيما إذا كان ما في ذمته متعددا أيضا يكفي التعيين الإجمالي كأن ينوي ما اشتغلت ذمته به أوّلا أو ثانيا أو نحو ذلك،و أما في شهر رمضان فيكفي قصد الصوم و إن لم ينو كونه من رمضان،بل لو نوى فيه غيره
تقدم في باب الصلاة ان النية تتمثل في ثلاثة عناصر:

الأول:نية القربة،و لا تصح العبادة بدونها على أساس ان عبادية العبادة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 14)


……….

متقومة بها.

الثاني:الخلوص في النية،بمعنى عدم الرياء فيها.

الثالث:أن ينوي الاسم الخاص للعبادة التي يريد أن يأتي بها المميّز لها شرعا إذا كان لها اسم كذلك،كصلاة الصبح و الظهر و العصر و المغرب و العشاء و صلاة الآيات و العيد و الاستسقاء و الجمعة و صلاة جعفر و النوافل الخاصة للفرائض و صلاة الليل و صلاة الاستئجار و الصلاة المنذورة و هكذا.و الجامع ان كل صلاة لها اسم خاص و عنوان مخصوص و لو ثانيا و بالعرض يقصد المصلي ذلك الاسم الخاص و العنوان المخصوص حينما يريد أن يصليها المميز لها شرعا.

نعم،إذا ثبت استحباب صلاة ركعتين استحبابا عاما بلا اسم و عنوان خاص كفى أن يصلي ركعتين بنية القربة بلا تعيين.

و أما الصوم فما كان له اسم خاص كصوم القضاء و الكفارة و صوم الاستئجار و النذر و اليمين و صوم أول الشهر و صوم يوم الغدير و صوم التعويض و صوم أيام البيض و صوم شهر رجب و شعبان و هكذا.و الجامع ان كل صوم كان له عنوان خاص و اسم مخصوص و لو ثانيا و بالعرض فإذا أراد المكلف أن يصوم ذلك الصوم يقصد اسمه الخاص المميز له شرعا،و على هذا فإن كان على ذمة المكلف أنواع من الصيام كصوم النذر و اليمين و الكفارة و القضاء مثلا، فان صام قاصدا واحدا منها باسمه الخاص المميز له شرعا صح و الاّ لم يقع عن شيء منها،و أما إذا كان واحد منها على ذمته غير معين بأن يعلم المكلف بأنّ ذمته مشغولة بصوم يوم واحد و لكن لا يدري أنه صوم كفارة أو قضاء أو نذر أو غيره ففي مثل ذلك يكفي أن يصوم يوما واحدا بقصد ما في الذمة حيث انه لا يتمكن من قصد الاسم الخاص المميز له شرعا،و أما إذا كان ذلك الواحد معينا و أراد المكلف الاتيان به فعليه أن يقصد اسمه الخاص و إن لم يكن له شريك، فإذا كان عليه قضاء عن شهر رمضان و أراد الاتيان به فلا يكفى أن ينوي صيام

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 15)


……….

هذا النهار قربة إلى اللّه تعالى،بل لا بد له أن ينوى الصيام قضاء عن شهر رمضان بنية القربة و الخلوص،فنية القضاء معتبرة،فلو صام بدون هذه النية لم يقع قضاء عنه و لم يخرج عن عهدته،و كذلك إذا كان عليه صوم بالنذر فإنّ على الناذر حينما يصوم أن ينوي بذلك الوفاء بالنذر،و إلاّ فلا يعتبر وفاء بالنذر،بل يبقى النذر على عهدته و هكذا،و السبب فيه ان الصوم في كل الأيام مستحب استحبابا عاما عدا الأيام الواجب فيها الصيام كأيام شهر رمضان،أو المحرم كصوم يوم عيد الفطر و عيد الأضحى و نحوهما و على هذا الأساس فإذا صام المكلف قربة إلى اللّه تعالى بدون أن يقصد القضاء أو الوفاء بالنذر أو غيره من أقسام الصيام الخاص لم يقع قضاء عن شهر رمضان أو وفاء بالنذر أو غيره،بل وقع صوما مستحبا بملاك ان المنوي هو طبيعي الصوم الجامع و هو ينطبق على الفرد الفاقد للخصوصية دون الواجد لها،فان انطباقه عليه بحاجة إلى التعيين،هذا كله في صوم غير شهر رمضان.

و أما صوم شهر رمضان فالظاهر أنه لا يعتبر فيه أن يصوم بقصد أنه من شهر رمضان بل يكفي وقوعه فيه و ان كان غافلا أو جاهلا أو ناسيا أنه شهر رمضان،لأن المستفاد من الآية الشريفة و الروايات هو ان الواجب هو الصيام في هذا الشهر و ايقاعه فيه واقعا و لا يستفاد منهما ان المكلف حينما أراد أن يصوم صوم شهر رمضان لا بد أن يقصد اسم شهر رمضان و عنوانه المميز له شرعا،لأن امتيازه عن سائر أقسام الصيام انما هو بزمانه ذاتا فلا يتوقف على القصد،فإذا صام فيه بنية القربة و الاخلاص صح و إن كان غافلا عن كونه شهر رمضان أو ناسيا له أو جاهلا به،هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى هل يصلح شهر رمضان لصوم آخر غير صومه كصوم الكفارة أو القضاء أو النذر أو ما شاكل ذلك،أو لا؟فيه قولان..

المعروف و المشهور بين الأصحاب عدم الصحة.

بدعوى:أن شهر رمضان لا يقبل صوما آخر غيره،و يمكن تخريج ذلك

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 16)


……….

بأحد الوجهين التاليين:

الأول:انه لا يقبل بنفسه صوما آخر غيره و إن لم تكن مزاحمة من قبل صومه،كما إذا كان المكلف مسافرا فانه لا يسوغ له أن يصوم صوم شهر رمضان، و لكن مع ذلك لا يجوز له أن يصوم فيه صوما آخر يكون مشروعا في السفر، كما لو نذر أن يكون صيامه في السفر.

الثاني:ان الأمر بالصوم فيه يقتضي النهي عن ضده العبادي و هو صوم آخر،و النهي عن العبادة يقتضي فسادها،فمن أجل ذلك لا يصح ايقاعه فيه.

و الجواب عن الوجه الأول:ان كل زمان سواء أ كان شهر رمضان أم كان غيره قابل بنفسه لايقاع الصوم فيه و هو الامساك و الاجتناب عن ممارسة المفطرات بنية القربة فعدم صحة صوم في زمان بحاجة إلى دليل كما في يومي العيدين،فإن الدليل قد دل على عدم صحة ايقاع الصوم فيهما في نفسه،و لا يوجد دليل في المقام على أن شهر رمضان لا يقبل صوما آخر غيره و إن لم يكن مزاحما له كما إذا أراد المسافر في شهر رمضان أن يصوم فيه اليوم المنذور صيامه في السفر.

قد يقال:ان روايات يوم الشك التي تنص على انه إذا صام فيه ناويا الندب أو القضاء ثم بان له بعد ذلك ان اليوم الذي صامه كان من شهر رمضان كفاه و اجزأه،فإن هذه الروايات تدل على أن شهر رمضان لا يصلح لصوم آخر غيره،و إلاّ فلا موجب للانقلاب.

و الجواب:ان عدم صحة الصوم الندبي أو القضائي في مورد الروايات و انقلابه إلى صوم شهر رمضان انما هو من جهة أنه مزاحم له باعتبار ان الشاك في ذلك اليوم مأمور بصومه في الواقع،فلا دلالة لها على عدم الصحة في فرض عدم المزاحمة أصلا.

و قد يجاب عن الوجه الثاني:بأن الأمر بشيء لا يقتضي النهي عن ضده العبادي لكي يقتضي فساده.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 17)


……….

و دعوى:انه يكفي في فساده عدم الأمر به،و لا يتوقف على النهي عنه، و المفروض انه لا شبهة في أن الأمر بالشيء يستلزم عدم الأمر بضده لاستحالة الأمر بالضدين معا في عرض واحد،و إن كانت صحيحة الاّ أنه بناء على القول بامكان الترتب لا مانع من فعلية الأمر بكلا الضدين معا ترتبا،غاية الأمر إذا كان الضدان متساويين كان الترتب من الطرفين،بمعنى ان الأمر بكل منهما مشروط بعدم الاشتغال بالآخر لبا و واقعا،و ان كان أحدهما أهم من الآخر كان الترتب من طرف واحد،فان الأمر بالمهم حينئذ مشروط بعدم الاشتغال بالأهم دون العكس،و على هذا فلا مانع من أن يكون المكلف مأمورا بصوم شهر رمضان أولا و إذا عصى و ترك الاشتغال به يكون مأمورا بصوم آخر على نحو الترتب.

و لكن للمناقشة في تطبيق مسألة الترتب على المقام مجال،و ذلك لأن الأمر بصوم الكفارة مثلا لا يمكن أن يجتمع مع الأمر بصوم شهر رمضان في زمن واحد على نحو الترتب.فإذا نوى صوم الكفارة من أول آن طلوع الفجر كان هذا الآن هو آن عدم الاشتغال بصوم شهر رمضان،و الفرض ان ذلك الآن هو آن سقوط أمره لا ثبوته،فإذن يكون ثبوت الأمر بصوم الكفارة مقارن لسقوط الأمر بصوم رمضان،فلا يجتمع الأمران في زمان واحد على نحو الترتب،و على هذا فان كان لدليل وجوب صوم الكفارة اطلاق يشمل شهر رمضان فلا مانع من التمسك باطلاقه لإثبات أمره،و لا يتوقف على الالتزام بالترتب،و إن لم يكن له اطلاق فلا يمكن الحكم بصحته لقصور المقتضي حينئذ.

و إن شئت قلت:ان صحة صوم آخر في شهر رمضان تبتني على أحد أمرين:

الأول:استكشاف انه واجد للملاك فيه.

الثاني:الالتزام بالترتب.

و كلاهما غير تام.

أما الأول:فلأنه لا طريق للعقل إلى ملاكات الأحكام الشرعية بحدودها

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 18)


……….

الواقعية كما و كيفا بقطع النظر عن ثبوت نفس تلك الأحكام،و على هذا فإذا لم يكن الأمر بصوم آخر غيره موجودا و ثابتا فيه فلا طريق لنا إلى احراز انه مشتمل على الملاك فيه.

و أما الثاني:فلأن الالتزام بالترتب انما هو فيما إذا لم يكن ترك الضد الواجب و عدم الاشتغال به مساوقا لسقوط أمره،و إلاّ فلا يجتمع أمره مع الأمر بضده في آن واحد ترتبا.و ما نحن فيه من هذا القبيل،فان الأمر بصوم شهر رمضان يسقط في الآن الأول من ترك الاشتغال به و الاّ لزم التكليف بغير المقدور،و عليه فثبوت الأمر بصوم آخر غيره في زمان سقوطه لا يتوقف على الترتب.

هذا اضافة إلى امكان المنع عن اطلاق أدلة وجوب سائر أنواع الصيام بالنسبة إلى شهر رمضان،أما صوم الكفارة فلأن المتفاهم العرفي من دليل وجوبه ارتكازا هو ايقاعه في غير شهر رمضان،و لا يفهم العرف منه الاطلاق.

و اما صوم النذر و العهد و اليمين و الشرط و نحو ذلك فلا شبهة في عدم اطلاق أدلتها على أساس أن مقتضى ما ورد في لسانها من«أن شرط اللّه قبل شرطكم»هو أن حكم اللّه تعالى قبل هذا الوجوب،فوجوب الوفاء بالنذر أو العهد أو الشرط منوط بأن لا يكون على خلافه الزام من قبل الشارع سواء اشتغل به أم لا.و عليه فلا مزاحمة بينه و بين وجوب صوم شهر رمضان فانه بصرف وجوده رافع له،و مع عدم المزاحمة فلا موضوع للترتب.

فالنتيجة:ان الترتب بين واجبين في كل مورد يقوم على أساس ثلاث ركائز مباشرة:

الاولى:عدم سقوط وجوب الواجب الأهم بصرف تركه و عدم الاشتغال به عصيانا و انه لا يزال باقيا يقتضي الاتيان به،و بما أن وجوب الواجب المهم مشروط به فهو يتحقق عند تحققه،و حينئذ فان قلنا بامكان الترتب فلا مانع من فعلية كلا الوجوبين في زمن واحد على نحو الترتب،و لا يلزم منه محذور طلب

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 19)


……….

الجمع بين الضدين و لا التمانع بينهما في الاقتضاء على تفصيل حققناه في علم الاصول.

و أما لو أنكرنا امكان القول بالترتب على أساس ان فعلية كلا الوجوبين في زمن واحد تستلزم طلب الجمع بين الضدين،فلا مناص عندئذ من رفع اليد عن أصل وجوب الواجب المهم لا عن اطلاقه و تقييده بعدم الاشتغال بالأهم باعتبار انه لا يرفع المحذور اللازم من فعلية كلا الوجوبين في آن واحد،و أما إذا سقط وجوب الواجب الأهم بصرف تركه و عدم الاشتغال به في وقته عصيانا كما في الواجب المؤقت المضيق فلا يجري فيه الترتب حيث لا يمكن اجتماع وجوب الواجب المهم معه في زمان واحد باعتبار أن زمان ثبوت وجوب المهم مساوق لزمان سقوط وجوب الأهم،فثبوته مقارن لسقوطه و هذا خارج عن مسألة الترتب امكانا و امتناعا.

الثانية:أن لا يكون الخطاب بالأهم بصرف وجوده رافعا للخطاب بالمهم،و الاّ فلا موضوع للترتب حيث انه متقوم باجتماع الخطابين في زمان واحد ترتبا،و أما إذا كان خطاب الأهم بصرف وجوده رافعا لخطاب المهم فهو خارج عن محل الكلام في المسألة،فان محل الكلام فيها هو ما إذا كان الخطاب بالمهم مشروطا بعدم الاشتغال بالأهم لا بعدم ثبوت خطابه.

الثالثة:أن يكون لخطاب المهم اطلاق قد قيد لبا بعدم الاشتغال بضد واجب لا يقل عنه في الأهمية،و أما إذا لم يكن له اطلاق في نفسه بالنسبة إلى حالتي الاشتغال بالأهم و عدم الاشتغال به فهو خارج عن مسألة الترتب و لا يكون من صغرياتها و عناصرها.

و لكن لم يتوفر شيء من هذه الركائز الثلاث في المقام.

أما الاولى:فلأن وجوب صوم شهر رمضان يسقط في الآن الأول من طلوع الفجر،و هو الآن الذي نوى المكلف صوما آخر دونه،و الفرض أن هذا الآن هو آن ثبوت وجوب صوم آخر،فيكون ثبوته مقارنا لسقوطه زمانا،و هذا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 20)


……….

خارج عن المسألة التي تبتني على اجتماع وجوبين في زمن واحد ترتبا.

و أما الثانية:فلأن صوما آخر غيره ان كان من قبيل الصوم النذري أو العهدي أو الشرطي أو الاستئجاري فقد مر أن وجوبه مشروط بعدم ثبوت وجوب آخر على الخلاف لا بعدم الاشتغال به،و الفرض ان وجوب صوم شهر رمضان بصرف ثبوته رافع له لا باشتغاله،و هذا خارج عن محل الكلام في مسألة الترتب.و إن كان من قبيل صوم الكفارة أو القضاء فقد مر أنه لا اطلاق لأدلته بالنسبة إلى شهر رمضان لانصرافها عنه ارتكازا.

و أما الثالثة:فقد ظهر مما مر أنها غير متوفرة حتى في صوم الكفارة و القضاء و نحوهما فضلا عن الصوم النذري و نحوه.

فالنتيجة:ان من نوى في شهر رمضان صوما آخر غير صوم شهر رمضان عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي لم يصح بملاك ان المقتضي قاصر،لا أن شهر رمضان بنفسه لا يصلح لصوم آخر غيره،كما انه لا يحسب من صوم شهر رمضان لأنّه غير قاصد صوم ذلك الشهر.

نعم،لو نذر الصوم في السفر فسافر في شهر رمضان فالظاهر انه لا مانع من أن يصوم فيه الصوم النذري لأن المقتضي غير قاصر،و الزمان صالح له في نفسه و المانع غير موجود.

و أما إذا نوى صوما آخر غيره جهلا بشهر رمضان أو نسيانا له فهل يجزئ عن صوم شهر رمضان أو لا؟ففيه و جهان:

الظاهر هو الوجه الأول،لأنه نوى الصوم المأمور به في هذا الشهر قاصدا به القربة و لكن اعتقد انه صوم قضاء أو كفارة،فيكون الخطأ في هذا الاعتقاد لا في المأمور به،و من المعلوم انه لا يضر بوقوعه في وقته بالكامل حيث انه من الخطأ في التطبيق.

و إن شئت قلت:انه أتى بالصوم الواجب بنية القربة في وقته واقعا،و لكن بما أنه لا يدري بذلك اما جهلا أو نسيانا بنى على انه صوم قضاء أو كفارة،و من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 21)


جاهلا أو ناسيا له أجزأ عنه،نعم إذا كان عالما به و قصد غيره لم يجزئه كما لا يجزئ لما قصده أيضا،بل إذا قصد غيره عالما به مع تخيل صحة الغير فيه ثم علم بعدم الصحة و جدّد نيته قبل الزوال لم يجزئه أيضا،بل الأحوط عدم الإجزاء إذا كان جاهلا بعدم صحة غيره فيه،و إن لم يقصد الغير أيضا بل قصد الصوم في الغد مثلا فيعتبر في مثله تعيين كونه من رمضان(1)،كما أن الأحوط في المتوخي-أي المحبوس الذي اشتبه عليه شهر رمضان و عمل بالظن-أيضا ذلك أي اعتبار قصد كونه من رمضان،بل وجوب ذلك لا يخلو عن قوة(2).

المعلوم أن هذا البناء القلبي لا يغير الواقع و لا يمنع من انطباق المأمور به على المأتي به في الخارج.

فالنتيجة:ان الصحة في هذا الفرض تكون على القاعدة فلا تحتاج إلى دليل.

في اعتبار التعيين اشكال بل منع،و الأظهر عدمه لما مر من أن المعتبر في صحة صوم شهر رمضان ايقاعه فيه واقعا بنية القربة و الاخلاص،و لا يعتبر فيها نية كونه من شهر رمضان حيث قد عرفت أنه جهة تعليلية لا تقييدية مقومة، فإذا نوى صوم الغد و كان في الواقع من شهر رمضان و أتى به بداع إلهي صح و إن لم يعلم انه من شهر رمضان،بل و إن كان معتقدا انه من شعبان و صام و نوى به التطوع أو القضاء ثم بان انه من شهر رمضان لما مر من انه إذا صام في هذا اليوم بنية القربة و الاخلاص يحسب من شهر رمضان غاية الأمر انه من جهة اعتقاده بأن هذا اليوم من شعبان قصد به التطوع أو القضاء و من المعلوم أن هذا القصد النفسي لا يؤثر لأنه قصد أمرا خارجا عن المأمور به و هو عنوان التطوع أو القضاء من جهة الخطأ في الاعتقاد و التطبيق.

في القوة اشكال بل منع،فان المحبوس أو نحوه إذا اشتبه عليه شهر

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 22)


……….

رمضان بسائر الشهور و علم اجمالا بوجوب صيام شهر من هذه الشهور وجب عليه أن يصوم تمام الشهور احتياطا و لا يضره العلم الإجمالي بحرمة الصوم في بعض الأيام من تلك الشهور كيومي العيدين،لأن حرمته فيهما بما أنها تشريعية فلا تمنع من الاحتياط،و لا فرق فيه بين أن يعلم مبدأ كل شهر و منتهاه أو لا يعلم،فانه إذا صام تمام أيام السنة فقد علم بأنه صام شهر رمضان.

و إن اشتبه بين ثلاثة أشهر أو أربعة أو أكثر وجب عليه الاحتياط فيها دون الأزيد لانحصار أطراف العلم الإجمالي بها،و أما إذا كان الاحتياط التام حرجيا فعليه أن يصوم بمقدار كان الزائد عليه حرجيا.و حينئذ يعلم إجمالا أن ما أتى به من الصيام أما أنه وقع قبل شهر رمضان أو بعده أو فيه،فعلى الأول لا أثر له، و على الثاني يجزئ قضاء،و على الثالث يجزئ أداء.

و أما إذا أراد أن يصوم قضاء في هذه الحالة فليس بامكانه ذلك في الشهر الأول لاحتمال انه شهر رمضان،و أما إذا دخل في الشهر الثاني فقد يقال كما قيل:

ان بامكانه أن يصوم قضاء لأنه حينما دخل في الشهر الثاني علم بأنه دخل في شهر آخر غير شهر رمضان و شك في بقائه فيه،فمقتضى الاستصحاب هو البقاء،و بضمه إلى الوجدان يثبت موضوع وجوب القضاء لأنه دخل في شهر آخر غير شهر رمضان وجدانا و بحكم الاستصحاب انه باق فيه و يترتب عليه جواز القضاء.

و فيه:انه مبني على الخلط بين واقع شهر آخر غير شهر رمضان و بين عنوانه،فانه ان لوحظ شهر آخر بما هو شهر آخر على نحو الموضوعية بحيث يريد أن يثبت عنوانه الجامع بالاستصحاب فلا أثر له،لأن موضوع الحكم هو واقعه الخارجي لا عنوانه الانتزاعي،و ان لوحظ على نحو المعرفية إلى واقعه خارجا فهو مردد بين ما هو مقطوع الارتفاع على تقدير حدوثه و ما هو مشكوك الحدوث،فلا يكون الشك فيه شكا في بقاء المتيقن لكي يستصحب،لأن الشهر الآخر في الواقع إن كان الأول فهو مقطوع الارتفاع،و إن كان الثاني فمشكوك

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 23)


[مسألة 1:لا يشترط التعرض للأداء و القضاء،و لا الوجوب و الندب،و لا سائر الأوصاف الشخصية]

[2360]مسألة 1:لا يشترط التعرض للأداء و القضاء،و لا الوجوب و الندب، و لا سائر الأوصاف الشخصية،بل لو نوى شيئا منها في محل الآخر صح إلا إذا كان منافيا للتعيين،مثلا إذا تعلق به الأمر الأدائي فتخيل كونه قضائيا،فإن قصد الأمر الفعلي المتعلق به و اشتبه في التطبيق فقصده قضاء صح،و أما إذا لم يقصد الأمر الفعلي بل قصد الأمر القضائي بطل(1)لأنه مناف للتعيين حينئذ،و كذا يبطل إذا كان مغيرا للنوع كما إذا قصد الأمر
الحدوث،فلا شك في بقاء الحادث المتيقن،فيكون استصحابه حينئذ من الاستصحاب في الفرد المردد،و هو ممتنع،و هذا نظير القسم الثاني من أقسام استصحاب الكلي،فانه لا مانع من جريانه بالنسبة إلى الجامع بين القصير و الطويل لتمامية أركانه فيه إذا كان موضوعا لأثر شرعي،و لا يجري بالنسبة إلى الفرد المردد بينهما لعدم الشك في بقاء متيقن،لأن القصير على تقدير حدوثه يكون مقطوع الارتفاع،و الطويل مشكوك الحدوث،فلا يكون الشك فيه متمحضا في بقاء المتيقن السابق لكي يجري الاستصحاب فيه.

فالنتيجة:انه لا يتمكن من القضاء الاّ بعنوان الرجاء.

في البطلان اشكال بل منع،لما مر من أن عنوان الأداء و القضاء ليسا من العناوين القصدية المقومة،إذ لا دليل على اعتبار أن يقصد وقوعه في الوقت أو في خارجه إلاّ في مقام التمييز،كما إذا كانت في ذمته صلاة ظهر مثلا أدائية و قضائية،فإنه إذا صلى في هذه الحالة صلاة باسم الظهر بدون أن ينوي الأداء أو القضاء لم تقع مصداقا لشيء منهما،و على هذا الأساس فإذا صلى صلاة الظهر أو العصر في الوقت و لكنه تخيل جهلا أو غفلة أن الوقت قد ولّى و قصد بها القضاء لم يضر لأنه قد أتى بالصلاة المأمور بها في وقتها بنية القربة و الاخلاص، غاية الأمر انه بسبب جهله أو غفلته تخيل خروج الوقت و قصد خصوصية زائدة عليها و هي وقوعها في الخارج و هو لا يضر.

و دعوى:ان ما قصد امتثاله و هو الأمر القضائي لا واقع له،و ماله واقع و هو

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 24)


الفعلي لكن بقيد كونه قضائيا مثلا(1)أو بقيد كونه وجوبيا مثلا فبان كونه أدائيا أو كونه ندبيا فإنه حينئذ مغير للنوع و يرجع إلى عدم قصد الأمر الخاص.

[مسألة 2:إذا قصد صوم اليوم الأول من شهر رمضان فبان أنه اليوم الثاني مثلا أو العكس]

[2361]مسألة 2:إذا قصد صوم اليوم الأول من شهر رمضان فبان أنه اليوم الثاني مثلا أو العكس صح،و كذا لو قصد اليوم الأول من صوم الكفارة أو غيرها فبان الثاني مثلا أو العكس،و كذا إذا قصد قضاء رمضان
الأمر الأدائي لم يقصد امتثاله،و في هذه الحالة كيف يمكن الحكم بالصحة.

مدفوعة..أما أولا:فلأن المكلف إذا كان في مقام الامتثال و أداء الوظيفة كان ناويا لامتثال الأمر الفعلي المتوجه إليه حيث انه لا يرى خصوصية لكونه أدائيا أو قضائيا فإذا كان الأمر الفعلي أدائيا و لكنه بسبب الجهل أو الغفلة تخيل انه قضائي و قصد امتثاله ثم بان أنه أدائي فانه من باب الاشتباه في التطبيق و امتثال الأمر الفعلي بعنوان آخر.

و أما ثانيا:فمع الاغماض عن ذلك و تسليم انه قصد خصوص امتثال الأمر القضائي فحسب فمع هذا يحكم بالصحة على أساس ان صحة العبادة التي تكون محبوبة بنفسها كالصلاة مثلا تتوقف على الاتيان بها مضافة إلى المولى سبحانه و تعالى،و لا فرق بين أن يكون محقق الاضافة قصد امتثال الأمر الواقعي الفعلي أو محبوبيتها أو الأمر الخيالي و الوهمي كما في المقام،فانه إذا أتى بها كذلك صحت و إن كان منشأ ذلك الأمر الخيالي باعتبار أن قصد الأمر طريق إلى الاتيان بها كذلك و لا موضوعية له.

مر ان التقييد بمعنى التضييق في مثل المسألة غير معقول،لأن الأمر الموجود فيها جزئي حقيقي و هو الأمر الأدائي،فلا يقبل التضييق لأن ما يقبل ذلك هو طبيعي الأمر دون فرده،فاذن مرد هذا التقييد إلى التعليق و الاشتباه في التطبيق لا في المأمور به،فما في المتن من جعل ذلك مغيرا للنوع غريب و به يظهر حال ما بعده.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 25)


السنة الحالية فبان أنه قضاء رمضان السنة السابقة و بالعكس.

[مسألة 3:لا يجب العلم بالمفطرات على التفصيل]

[2362]مسألة 3:لا يجب العلم بالمفطرات على التفصيل،فلو نوى الإمساك عن امور يعلم دخول جميع المفطرات فيها كفى.

[مسألة 4:لو نوى الإمساك عن جميع المفطرات]

[2363]مسألة 4:لو نوى الإمساك عن جميع المفطرات و لكن تخيل أن المفطر الفلاني ليس بمفطر فإن ارتكبه في ذلك اليوم بطل صومه،و كذا إن لم يرتكبه و لكنه لاحظ في نيته الإمساك عما عداه،و أما إن لم يلاحظ ذلك صح صومه على الأقوى(1).

[مسألة 5:النائب عن الغير لا يكفيه قصد الصوم بدون نية النيابة و إن كان متحدا]

[2364]مسألة 5:النائب عن الغير لا يكفيه قصد الصوم بدون نية النيابة و إن كان متحدا(2)،نعم لو علم باشتغال ذمته بصوم و لا يعلم أنه له أو نيابة
في اطلاقه اشكال بل منع،فانه ان اريد من عدم ملاحظة ذلك انه لا حظ في نيته الامساك عنه اجمالا في ضمن الامساك عن بقية المفطرات كذلك صح ما ذكره قدّس سرّه.

و ان اريد منه اهماله في نيته الامساك عن المفطرات بمعنى انه لم ينوه لا تفصيلا و لا إجمالا و لا عدمه كذلك،فلا شبهة في البطلان حيث ان المعتبر في صحة الصوم هو أن ينوي المكلف الامساك عن تمام المفطرات من الأكل و الشرب و الجماع و انزال المني بالملاعبة و الكذب على اللّه و نحوها مما يأتي تفصيلها اجمالا،فلو لم ينو الامساك عن مفطر و ان لم ينو ارتكابه أيضا لم يصح صومه لفقد شرطه المقوم له و هو نية الامساك عن كل ما يكون مفطرا و ناقضا للصوم،فلو كان مترددا في بعض لم يصح.

هذا هو الصحيح لأن النيابة أمر قصدي متقومة بقيام المكلف بالعمل بنية انه عمل المنوب عنه و لو لم ينو ذلك حين قيامه بالعمل لم يقع عنه،ضرورة ان وقوع فعل عن غير فاعله كوقوع الصلاة عن غير المصلي و الصوم عن غير الصائم و الحج عن غير الحاج و نحوها بحاجة إلى مئونة زائدة و هي قصد النيابة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 26)


عن الغير يكفيه أن يقصد ما في الذمة.

[مسألة 6:لا يصلح شهر رمضان لصوم غيره واجبا كان ذلك الغير أو ندبا]

[2365]مسألة 6:لا يصلح شهر رمضان لصوم غيره واجبا كان ذلك الغير أو ندبا،سواء كان مكلفا بصومه أو لا كالمسافر و نحوه،فلو نوى صوم غيره لم يقع عن ذلك الغير سواء كان عالما بأنه رمضان أو جاهلا و سواء كان عالما بعدم وقوع غيره فيه أو جاهلا،و لا يجزئ عن رمضان أيضا إذا كان مكلفا به مع العلم و العمد،نعم يجزئ عنه مع الجهل أو النسيان كما مرّ(1)،و لو نوى في شهر رمضان قضاء رمضان الماضي أيضا لم يصح قضاء و لم يجزئ عن رمضان أيضا مع العلم و العمد.

[مسألة 7:إذا نذر صوم يوم بعينه لا تجزئه نية الصوم بدون تعيين أنه للنذر و لو إجمالا]

[2366]مسألة 7:إذا نذر صوم يوم بعينه لا تجزئه نية الصوم بدون تعيين أنه للنذر و لو إجمالا كما مر(2)،و لو نوى غيره فإن كان مع الغفلة عن النذر صح، و إن كان مع العلم و العمد ففي صحته إشكال(3).

[مسألة 8:لو كان عليه قضاء رمضان السنة التي هو فيها و قضاء رمضان السنة الماضية]

[2367]مسألة 8:لو كان عليه قضاء رمضان السنة التي هو فيها و قضاء
بأن يقوم بالعمل بنية النيابة عن غيره.

تقدم تفصيل هذه المسألة بتمام صورها و شقوقها موسعا في النية.

مر وجه ذلك مفصلا في أول النية.

بل لا إشكال في الصحة لا من جهة مسألة الترتب لأن المقام ليس من صغريات تلك المسألة،بل من جهة أن غيره لا يخلو من أن يكون واجبا موسعا أو مضيقا.

فعلى الأول:لا مزاحمة بينهما لا مكان الأمر بالواجب الموسع مع الواجب المضيق في عرض واحد و بلا حاجة إلى تقييد أحدهما بعدم الاشتغال بالآخر على أساس ان الأمر في الواجب الموسع متعلق بالجامع بين الافراد الطولية و لا يسري منه إليها،و الفرض ان الاتيان بهذا الجامع مع الواجب المضيق جمعا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 27)


……….

مقدور بلا أية مزاحمة،و من هنا قلنا في علم الاصول أنه لا يلزم من الأمر بهما معا في عرض واحد محذور طلب الجمع بين الضدين.

و على الثاني:فقد تقدم ان الترتب بين الواجبين المضيقين غير معقول، فإذا فرضنا وجوب صوم في يوم معين بالنذر،و وجوب صوم في ذلك اليوم بعينه بسبب آخر،فلا يمكن الجمع بينهما،فعندئذ ان كان أحدهما أهم من الآخر وجب الاتيان به،و إن لم يأت به لزم الاتيان بالآخر على أساس حكم العقل بتقييده بعدم الاتيان بالواجب الأهم أو المساوي لبا،و أما عدم امكان الترتب فلأنه مبني على اجتماع الأمر بالأهم و المهم معا في زمن واحد ترتبا و هو لا يمكن في المقام،فان ثبوت الأمر بالصوم المهم مقارن لسقوط الأمر بالصوم الأهم،فان المكلف في الآن الأول من طلوع الفجر إذا نوى الاتيان بالصوم المهم و ترك الاتيان بالأهم تحقق الأمر بالأول في ذلك الآن و سقط الأمر من الثاني فيه،فيكون زمان ثبوته مقارنا لزمان سقوطه لا ثبوته فلا يجتمع الأمران في زمن واحد ترتبا.

فالنتيجة:ان المكلف إذا عصى و ترك الاشتغال بالصوم الأهم و أتى بالمهم صح لا على أساس الترتب،بل على أساس حكم العقل بتقييد اطلاق وجوب المهم بعدم الاشتغال بالأهم لبا،و لا فرق في ذلك بين أن يكون متعلق النذر طبيعي الصوم في يوم معين كيوم الجمعة مثلا،أو يكون حصة خاصة منه كصوم القضاء أو الكفارة أو نحوه.

ثم ان الفرض الثاني و هو وجوب الصومين في يوم واحد نادر التحقق في الخارج،و على تقدير تحققه فان كان وجوب أحدهما بالنذر و وجوب الآخر من قبل الشارع فلا يصلح الأول أن يزاحم الثاني لما تقدم من أن وجوب الوفاء بالنذر يرتفع بصرف ثبوت وجوب آخر من الشارع على أساس«أن شرط اللّه قبل شرطكم» 1،و معه لا مزاحمة بينهما حتى يترتب عليهما أحكام التزاحم،


 

1) <page number=”27″ />الوسائل باب:20 من أبواب المهور الحديث:6.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 28)


رمضان السنة الماضية لا يجب عليه تعيين أنه من أي منهما(1)،بل يكفيه نية الصوم قضاء،و كذا إذا كان عليه نذر ان كل واحد يوم أو أزيد،و كذا إذا كان عليه كفارتان غير مختلفتين في الآثار.

[مسألة 9:إذا نذر صوم يوم خميس معين،و نذر صوم يوم معين من شهر معين فاتفق في ذلك الخميس المعين]

[2368]مسألة 9:إذا نذر صوم يوم خميس معين،و نذر صوم يوم معين من شهر معين فاتفق في ذلك الخميس المعين يكفيه صومه و يسقط النذران،فإن قصدهما أثيب عليهما(2)،و إن قصد أحدهما أثيب عليه و سقط عنه الآخر.

[مسألة 10:إذا نذر صوم يوم معين فاتفق ذلك اليوم في أيام البيض مثلا]

[2369]مسألة 10:إذا نذر صوم يوم معين فاتفق ذلك اليوم في أيام البيض مثلا،فإن قصد وفاء النذر و صوم أيام البيض أثيب عليهما،و إن قصد النذر فقط أثيب عليه فقط و سقط الآخر،و لا يجوز أن يقصد أيام البيض دون وفاء النذر(3).

كما ان هذا الفرض خارج عن مورد كلام الماتن قدّس سرّه.

هذا صحيح،و لكن إذا لم يعين لم ينطبق إلاّ على الأول باعتبار ان الثاني مشتمل على خصوصية زائدة خارجة عن الطبيعي الجامع بينهما،و هي ترتب الفدية على تركه،و بها يمتاز عن الأول،و حينئذ فيكون له تعين في الواقع من هذه الناحية،فإن قصده فهو،و إلاّ انطبق على الفاقد لهذا التعين و هو الأول، و بذلك يظهر حال ما بعده.

هذا لا من جهة أن وجوب الوفاء بالنذر وجوب تعبدي لما مر من انه توصلي و إن تعلق بالعبادة،بل من جهة ان المكلف إذا قصد امتثال الوجوب التوصلي اثيب عليه باعتبار انه انقياد و اطاعة للمولى،و لا فرق بينه و بين الوجوب التعبدي من هذه الناحية،و انما الفرق بينهما من ناحية اخرى و هي ان الوجوب إذا كان توصليا لا يتوقف سقوطه على قصد الامتثال،و إذا كان تعبديا توقف عليه.

هذا من جهة ما مر من انه يعتبر في الوفاء بالنذر أن يكون الناذر

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 29)


[مسألة 11:إذا تعدد في يوم واحد جهات من الوجوب أو جهات من الاستحباب أو من الأمرين فقصد الجميع]

[2370]مسألة 11:إذا تعدد في يوم واحد جهات من الوجوب أو جهات من الاستحباب أو من الأمرين فقصد الجميع أثيب على الجميع،و إن قصد البعض دون البعض أثيب على المنويّ و سقط الأمر بالنسبة إلى البقية.

[مسألة 12:آخر وقت النية في الواجب المعين رمضانا كان أو غيره عند طلوع الفجر الصادق]

[2371]مسألة 12:آخر وقت النية في الواجب المعين رمضانا كان أو غيره عند طلوع الفجر الصادق،و يجوز التقديم في أيّ جزء من أجزاء ليلة اليوم الذي يريد صومه،و مع النسيان أو الجهل بكونه رمضان أو المعين الآخر يجوز متى تذكر إلى ما قبل الزوال إذا لم يأت بمفطر(1)،و أجزأه عن
قاصدا الوفاء به و إلا فلا يعتبر وفاء و يبقى النذر في عهدته.

في الجواز اشكال بل منع،نعم الأولى و الأجدر أن ينوي الصيام في هذه الحال برجاء أن يقبل اللّه تعالى منه،ثم يقضيه بعد شهر رمضان،و السبب في ذلك ان الصوم بما أنه عبادة فيجب أن تتوفر فيه النية الواجبة في كل عبادة من حين الشروع فيه،بأن ينوي الامساك عن تمام المفطرات و لو اجمالا بنية القربة و الاخلاص من أول طلوع الفجر إلى الغروب الشرعي،أي من المبدأ إلى المنتهى،و لا يجوز له تأخيرها عنه آنا ما،و إلاّ لبطل صومه لأنه واجب ارتباطي قد وقع جزء منه بدون نية القربة و الاخلاص،نعم لا مانع من تقديمها عليه.و هنا مجموعة تساؤلات:

الأول:إذا تأخرت النية عن طلوع الفجر و كان تأخرها عنه عن غفلة أو جهل ثم تفطن بالحال قبل أن يستعمل مفطرا،فهل يكفى أن ينوي الصيام و يصح،أو لا؟فيه و جهان:..الظاهر هو الوجه الثاني،و هو عدم الكفاية،لأنّ كفاية الصوم الناقص عن التام بحاجة الى دليل،و قد استدل على الكفاية بعدة وجوه لا يتم شيء منها،و عمدتها و جهان:

أحدهما:ما ينص من ان المسافر إذا قدم أهله قبل الزوال و لم يستعمل مفطرا في الطريق فعليه أن يصوم ذلك اليوم،يعنى ينوي الصيام بعد قدومه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 30)


……….

و حضوره،فإذا كان ذلك وظيفة المسافر الذي لم يكن مكلفا بالصوم ما دام في السفر و انما يكلف به بعد حضوره إذا كان قبل الزوال،فكونه وظيفة من كان مكلفا به من طلوع الفجر إلى المغرب بالأولوية فإذن لا مانع من التعدي عن مورد النص إلى المقام.

و الجواب:ان مورد النص هو المسافر شريطة وصوله إلى بلده قبل الزوال و عدم استعمال المفطر في الطريق،و التعدي منه إلى الحاضر الغافل عن صوم شهر رمضان أو الجاهل به و تفطن بالحال قبل الزوال بحاجة إلى قرينة،و لا قرينة لا في نفس النص و لا من الخارج.

و دعوى الأولوية هنا ممنوعة،فان الأولوية العرفية الارتكازية من النص لا توجد حيث ان العرف لا يفهم من النص عدم خصوصية لمورده،و لا يرى أولوية ثبوت حكمه للمقام لاحتمال ان للمسافر المذكور خصوصية و هي تدعوا إلى الاكتفاء بالصوم الناقص بدل الكامل.و الأولوية القطعية العقلية منوطة باحراز الملاك،و الفرض انه لا طريق للعقل إلى احرازه،و الأولوية الظنية لا أثر لها.

و ثانيهما:التمسك بحديث الرفع،بدعوى أن مقتضاه رفع اعتبار النية في حال الجهل و النسيان.

و الجواب:ان مفاده الرفع الظاهري بالنسبة إلى الجاهل في المسألة،و اما في الواقع فهو مكلف بالصوم،و حيث انه لم ينوه من الأول فلا يمكن الحكم بالاجزاء لدى انكشاف الخلاف في الأثناء،هذا اضافة إلى أن مفاد الحديث رفع الحكم دون اثبات وجوب الباقي.

و اما بالنسبة إلى الناسي فالرفع فيه و ان كان واقعيا،الاّ أن مفاد الحديث هو رفع وجوب الصوم التام عنه في المسألة،و اما وجوب الصوم عليه بقية النهار فهو بحاجة إلى دليل و لا يدل عليه حديث الرفع.و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط أن ينوي الصيام إذا تفطن بالحال برجاء الإجزاء،ثم يقضيه بعد ذلك.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 31)


……….

و اما إذا استعمل المفطر في الطريق ثم دخل بلدته قبل الزوال،فهل عليه أن يكف عن الاتيان بالمفطر طيلة النهار؟فمقتضى موثقة سماعة و صحيحة يونس أن عليه ذلك،و لكن لا بد من رفع اليد عن ظهورهما بقرينة نص صحيحة محمد بن مسلم في الجواز.

فالنتيجة:هو استحباب الامساك بقية النهار.

التساؤل الثاني:هل يجوز تقديم النية على طلوع الفجر،بأن ينوي الصيام من الليل؟

الظاهر جوازه،و تدل عليه السيرة القطعية الجارية بين المسلمين من لدن زمان التشريع إلى زماننا هذا،حيث أن عادة الناس جارية على النوم و الاستراحة في ظلام الليل في شهر رمضان و غيره،و لم يتعودوا على البقاء مستيقظين في ليالي شهر رمضان كلا أو بعضا إلى الفجر،فلو كانت النية معتبرة في صحة الصوم من طلوع الفجر فلا بد من التنبيه عليه على أساس ان اعتبار التقارن مع طلوع الفجر في النية أمر مغفول عنه عند الناس مع أنه لم يرد التنبيه على ذلك في شيء من الروايات،و هذا يكشف بشكل قاطع عن عدم اعتبار التقارن بينهما و جواز تقديمها عليه ما لم يعدل عنها،و تؤكد ذلك الروايات التي تنص بمختلف الألسنة على جواز النوم إلى طلوع الفجر،منها الروايات الواردة في نوم الجنب فانها تنص بالالتزام على جواز النوم طيلة الليل،و لكن الجنب إذا أراد أن ينام قبل أن يغتسل فلا بد أن يكون واثقا و مطمئنا بالانتباه قبل أن يطلع الفجر،فإذا نام في هذه الحالة و استمر نومه إلى طلوع الفجر فلا شيء عليه.فإذا نوى من أول الليل أن يصوم الغد و نام و استمر نومه طيلة الليل إلى أن طلع الفجر عليه و هو نائم فاستيقظ وسط النهار صح صومه،بل إذا دخل عليه شهر رمضان فنوى صوم الشهر كله صح ما لم يعدل،على أساس انه يكفي وجود الداعي الالهي في النفس و لو ارتكازا في صحة الصوم.

نعم،لا تصح نية الصوم قبل دخول شهر رمضان باعتبار أنه لا منشأ

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 32)


……….

للداعي الإلهي قبل دخوله.

التساؤل الثالث:ان نية القربة معناها ان أمر اللّه تعالى هو الداعي و الباعث على قيام المكلف بالعمل،و من المعلوم أنها بهذا المعنى لا تتوفر في تمام حالات الصيام،فان الصائم الذي ينام تمام النهار أو جله،أو يكون غافلا عن الطعام و الشراب أو ناسيا للصوم أو نحو ذلك من الحالات لا يكون الباعث على الامساك من المفطرات هو أمر اللّه تعالى بل هو نومه أو غفلته أو ما شاكل ذلك، فإذن كيف يمكن الحكم بصحة الصوم في تمام هذه الحالات؟

و الجواب:ان نية القربة و الخلوص المعتبرة في صحة الصوم ليست بمعنى وجودها في تمام حالات الصائم،بل بمعنى أن يكون في نفس المكلف باعث و دافع إلهي يمنعه عن الاتيان بالمفطرات فيما إذا لم يكن نائما أو غافلا، فالنائم و الغافل إذا علم من حاله انه لو لم ينم أو لم يغفل لا يأكل و لا يشرب من أجل اللّه تعالى كفاه ذلك في صحة الصوم،و بذلك يفترق الصوم عن سائر العبادات كالصلاة و نحوها،باعتبار ان حقيقة الصوم عبارة عن الامساك و الكف عن مجموعة من الأشياء التي جعلها الشارع مفطرا و ناقضا له،فمن أجل ذلك لا بتوقف على مئونة زائدة،حيث انه يكفي فيه تركها و إن لم يكن عن اختيار و إرادة كالصائم النائم في النهار،أو الغافل عنها أو نحو ذلك شريطة أن يكون في نفسه داع و دافع إلهي يمنعه عن الاتيان بالمفطرات كلا فيما إذا لم يكن نائما و لا غافلا،فإذا عرف من حاله و انه على نحو لو لم ينم أو لم يغفل لم يأت بها من أجل أمر اللّه تعالى كفاه ذلك في نية الصوم،و هذا بخلاف غيره من العبادات كالصلاة و نحوها،فانها مركبة من الأجزاء الوجودية و لا بد من مقارنة النية لكل الأجزاء،و هذا يعنى أنه لا بد من أن تصدر الصلاة بكامل أجزائها من المصلي بالارادة و الاختيار،و أن يكون كل جزء منها مقارنا مع النية لا بمعنى انه يجب على المصلي أن يكون ملتفتا إلى نيته التفاتا كاملا كما كان في الآن الأول،بل بمعنى أنه إذا نوى و كبر ثم ذهل عن نيته و واصل صلاته على هذه الحال من

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 33)


ذلك اليوم،و لا يجزئه إذا تذكر بعد الزوال،و أما في الواجب الغير المعين فيمتد وقتها اختيارا من أول الليل إلى الزوال دون ما بعده على الأصح،و لا فرق في ذلك بين سبق التردد أو العزم على العدم،و أما في المندوب فيمتد إلى أن يبقى من الغروب زمان يمكن تجديدها فيه على الأقوى.

[مسألة 13:لو نوى الصوم ليلا ثم نوى الإفطار ثم بدا له الصوم قبل الزوال فنوى و صام قبل أن يأتي بمفطر]

[2372]مسألة 13:لو نوى الصوم ليلا ثم نوى الإفطار ثم بدا له الصوم قبل الزوال فنوى و صام قبل أن يأتي بمفطر صح على الأقوى(1)،إلا أن يفسد صومه برياء و نحوه فإنه لا يجزئه لو أراد التجديد قبل الزوال على الأحوط(2).

[مسألة 14:إذا نوى الصوم ليلا لا يضره الإتيان بالمفطر بعده]

[2373]مسألة 14:إذا نوى الصوم ليلا لا يضره الإتيان بالمفطر بعده قبل
الذهول صحت صلاته ما دامت النية كامنة في أعماق نفسه على نحو لو سأله سائل:ما ذا تفعل؟لتذكر فورا انه يصلي بداع إلهي قربي،و بذلك تمتاز عبادية الصوم عن عبادية غيره كالصلاة و نحوها،ثم ان الواجب المعين الآخر بنذر أو نحوه هل يلحق في ذلك بصوم شهر رمضان أو لا؟

الظاهر هو الالحاق،فان الإجزاء بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه،و أما الروايات التي تنص على جواز نية الصوم قبل الزوال أو بعده فموردها الواجب غير المعين و الصوم المستحب و لا يعم الواجب المعين.

في الصحة اشكال بل منع،و الظاهر هو البطلان إذا كان ذلك في صوم شهر رمضان أو الواجب المعين الآخر كما مر،و اما في غير المعين فالأمر كما أفاده قدّس سرّه.

بل على الأقوى حتى في الواجب غير المعين،لأن هذا الفرض خارج عن مورد الروايات التي تدل على كفاية نية الصوم قبل الزوال لأن موردها من أراد أن يصوم قبل الزوال و لا يعم من نوى الصوم من طلوع الفجر و لكن أبطل صومه بالرياء و نحوه ثم أراد تجديد نيته.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 34)


الفجر مع بقاء العزم على الصوم.

[مسألة 15:يجوز في شهر رمضان أن ينوي لكل يوم نية على حدة]

[2374]مسألة 15:يجوز في شهر رمضان أن ينوي لكل يوم نية على حدة، و الأولى أن ينوي صوم الشهر جملة و يجدد النية لكل يوم،و يقوى الاجتزاء بنية واحدة للشهر كله،لكن لا يترك الاحتياط بتجديدها لكل يوم،و أما في غير شهر رمضان من الصوم المعين فلا بد من نيته لكل يوم(1)إذا كان عليه أيام كشهر أو أقل أو أكثر.

[مسألة 16:يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان يبني على أنه من شعبان]

[2375]مسألة 16:يوم الشك في أنه من شعبان أو رمضان يبني على أنه من شعبان فلا يجب صومه،و إن صام ينويه ندبا أو قضاء أو غيرهما،و لو بان بعد
فيه اشكال بل منع،و الظاهر عدم الفرق بينه و بين صوم شهر رمضان من هذه الناحية فان الملاك في كليهما واحد و هو كفاية وجود الداعي و الباعث الإلهي في نفس المكلف على نحو يمنعه عن ممارسة المفطرات إذا لم يكن نائما و لا غافلا عنها،فما دام هذا الداعي و الباعث الإلهي كامنا في أعماق نفسه لو لا النوم و الغفلة كفاه في صحة الصوم،و لا فرق فيه بين صوم شهر رمضان و غيره من الصوم الواجب بالنذر أو نحوه حيث ان المكلف يتهيأ و يستعد من الليل لصوم الغد و ينوي الاتيان به في ظرفه من الآن رغم ان أمره ليس بفعلى، و هذا ليس إلاّ من جهة ان أمره الاستقبالي الجزمي يصلح أن يكون محركا و داعيا له للعزم عليه،و لا يتوقف كونه داعيا من الليل على أن يكون فعليا،و لعل نظر الماتن قدّس سرّه إلى الفرق بين صوم شهر رمضان و غيره إلى ذلك،و هو أن وجوب صوم شهر رمضان بما أنه فعلي من الليل بمقتضى الآية الشريفة و الروايات على نحو الواجب المعلق فلا مانع من نيته من الليل دون وجوب صوم غيره فانه ليس بفعلي لعدم الدليل حيث ان الواجب المعلق و إن كان ممكنا في نفسه الاّ ان وقوعه بحاجة إلى دليل،فالنتيجة ان الليل هو زمان تهيؤ المكلف لصوم الغد الواجب عليه فلا مانع من نيته من الآن.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 35)


ذلك أنه من رمضان أجزأ عنه،و وجب عليه تجديد النية إن بان في أثناء النهار و لو كان بعد الزوال،و لو صامه بنية أنه من رمضان لم يصح و إن صادف الواقع(1).

[مسألة 17:صوم يوم الشك يتصور على وجوه]

[2376]مسألة 17:صوم يوم الشك يتصور على وجوه:

الأول:أن يصوم على أنه من شعبان،و هذا لا إشكال فيه سواء نواه ندبا أو بنية ما عليه من القضاء أو النذر أو نحو ذلك،و لو انكشف بعد ذلك أنه كان من رمضان أجزأ عنه و حسب كذلك.

الثاني:أن يصومه بنية أنه من رمضان،و الأقوى بطلانه و إن صادف الواقع.

الثالث:أن يصوم على أنه إن كان من شعبان كان ندبا أو قضاء مثلا و إن
ما ذكره الماتن قدّس سرّه في المسألة هو الصحيح لأنه مقتضى الجمع بين الروايات المتمثلة في ثلاث مجموعات:

الاولى:الروايات التي تنص على بطلان صوم يوم الشك و إن كان في الواقع من شهر رمضان.

منها:صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام:«في الرجل يصوم اليوم الذي يشك فيه من رمضان؟فقال:عليه قضاؤه و إن كان كذلك» 1.

و منها:صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«قال:في يوم الشك من صامه قضاه و إن كان كذلك» 2.

و منها:قوله عليه السّلام في موثقة عبد الكريم:«صم و لا تصم في السفر و لا العيدين و لا أيام التشريق و لا اليوم الذي يشك فيه» 3.و منها:غيرها 4.


 

1) <page number=”35″ />الوسائل باب:6 من أبواب وجوب الصوم و نيّته الحديث:1.
2) الوسائل باب:6 من أبواب وجوب الصوم و نيّته الحديث:5.
3) الوسائل باب:6 من أبواب وجوب الصوم و نيّته الحديث:3.
4) راجع الوسائل باب:6 من أبواب وجوب الصوم و نيّته.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 36)


……….

الثانية:الروايات التي تنص على صحة صوم يوم الشك إذا كان في الواقع من شهر رمضان و هي روايات كثيرة و قد علل فيها:«بأنه يوم وفق له» 1.

الثالثة:الروايات التي تنص على عدم جواز صوم يوم الشك بنية انه من شهر رمضان.منها:قوله عليه السّلام في موثقة سماعة:«انما يصام يوم الشك من شعبان و لا يصومه من شهر رمضان» 2.

و منها:صحيحة علي بن جعفر عن أخيه،قال:«سألته عمن يرى هلال شهر رمضان وحده لا يبصر غيره،أله أن يصوم؟فقال:إذا لم يشك فيه فليصم وحده،و إلاّ يصوم مع الناس إذا صاموا» 3.فانها ظاهرة في النهي عن صوم يوم الشك وحده بعنوان شهر رمضان لا مطلقا،و يشهد على ذلك قوله عليه السّلام في ذيل الموثقة،لأنه قد نهى أن ينفرد الانسان بالصيام في يوم الشك 4.و منها غير هما.

ثم ان بين المجموعة الاولى و الثانية معارضة بالتباين،فان مقتضى اطلاق الاولى أن صوم يوم الشك باطل بدون فرق بين أن يصوم من شعبان أو يصوم من شهر رمضان،و مقتضى اطلاق الثانية انه صحيح كذلك،و لكن المجموعة الثالثة بما أنها تفصل بين الصورتين تحكم على المجموعتين و تبين المراد من اطلاق كل منهما،فتقيد اطلاق المجموعة الاولى بما إذا صام يوم الشك من شهر رمضان،و اطلاق المجموعة الثانية بما إذا صام يوم الشك من شعبان استحبابا أو وجوبا،و بذلك ترتفع المعارضة بينهما نهائيا.

فالنتيجة:ان من صام يوم الشك من شعبان قضاء أو ندبا،فإن كان من شعبان صح كذلك و إن كان من رمضان أجزأ عنه و من صام عن رمضان بطل على كلا التقديرين.


 

1) <page number=”36″ />راجع الوسائل باب:5 من أبواب وجوب الصوم و نيته.
2) الوسائل باب:5 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث:4.
3) الوسائل باب:4 من أبواب أحكام شهر رمضان الحديث:2.
4) الوسائل باب:5 من أبواب وجوب الصوم و نيته الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 37)


كان من رمضان كان واجبا،و الاقوى بطلانه أيضا(1).

الرابع:أن يصومه بنية القربة المطلقة بقصد ما في الذمة و كان في
في القوة اشكال بل منع،و الأظهر الصحة،لأن مرجع ذلك ليس إلى الترديد في النية بل هو ينوي الصوم في هذا اليوم على أمل أنه إن كان من شعبان كان ندبا أو قضاء،و إن كان من شهر رمضان كان فرضا،فالترديد انما هو في تطبيق المنوي على ما في الخارج و منشأ هذا الترديد هو الشك في أن هذا اليوم من شعبان أو من شهر رمضان فانه يوجب التردد في انطباق المنوي و هو طبيعي الصوم على الندب أو على الفرض،فان اليوم المذكور إن كان في الواقع من شهر رمضان انطبق على الفرض و إن كان من شعبان انطبق على الندب،و لا يمكن أن يكون مرجع المسألة إلى الترديد في النية.

و إن شئت قلت:ان الشاك في أن هذا اليوم هل هو من شهر رمضان أو من شعبان يصوم فيه بقصد أمره الفعلي الجامع بين الندب و الفرض على أساس أنه إن كان من شهر رمضان يحسب منه،و إن كان من شعبان يحسب ندبا،فلا ترديد في نية الصوم فيه أصلا و انما الترديد في تطبيق المنوي من جهة الترديد في هوية ذلك اليوم و عنوانه الخاص.

ثم ان هذا الفرض خارج عن مورد الروايات التي تنص على البطلان 1.

أما أولا:فلأن دعوى اختصاص هذه الروايات بصوم يوم الشك بنية أنه من شهر رمضان تشريعا غير بعيدة،إذ احتمال حرمته ذاتا حتى برجاء انه من شهر رمضان ضعيف جدا.

و ثانيا:مع الاغماض عن ذلك و تسليم أنها مطلقة و مقتضى اطلاقها انه حرام و غير جائز حتى بعنوان الاحتياط و رجاء ادراك الواقع،الاّ أنها مختصة بما إذا صام في يوم الشك بعنوان انه من رمضان و لو رجاء،و لا تعم ما إذا صام فيه


 

1) <page number=”37″ />راجع الوسائل باب:5 و 6 من أبواب وجوب الصوم و نيّته.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 38)


ذهنه أنه إما من رمضان أو غيره بأن يكون الترديد في المنوي لا في نيته، فالأقوى صحته،و إن كان الأحوط خلافه.

[مسألة 18:لو أصبح يوم الشك بنية الإفطار ثم بان له أنه من الشهر]

[2377]مسألة 18:لو أصبح يوم الشك بنية الإفطار ثم بان له أنه من الشهر، فإن تناول المفطر وجب عليه القضاء،و أمسك بقية النهار وجوبا تأدبا،و كذا لو لم يتناوله و لكن كان بعد الزوال،و إن كان قبل الزوال و لم يتناول المفطر جدد النية و أجزأ عنه(1).

[مسألة 19:لو صام يوم الشك بنية أنه من شعبان ندبا أو قضاء أو نحوهما ثم تناول المفطر نسيانا و تبين بعده أنه من رمضان]

[2378]مسألة 19:لو صام يوم الشك بنية أنه من شعبان ندبا أو قضاء أو نحوهما ثم تناول المفطر نسيانا و تبين بعده أنه من رمضان أجزأ عنه أيضا،و لا يضرّه تناول المفطر نسيانا كما لو لم يتبين و كما لو تناول المفطر نسيانا بعد التبين.

[مسألة 20:لو صام بنية شعبان ثم أفسد صومه برياء و نحوه]

[2379]مسألة 20:لو صام بنية شعبان ثم أفسد صومه برياء و نحوه لم يجزئه عن رمضان و إن تبين له كونه منه قبل الزوال.

[مسألة 21:إذا صام يوم الشك بنية شعبان ثم نوى الإفطار و تبين كونه من رمضان قبل الزوال قبل أن يفطر فنوى]

[2380]مسألة 21:إذا صام يوم الشك بنية شعبان ثم نوى الإفطار و تبين كونه
بنية الجامع.

إلى هنا قد ظهر انه لا فرق بين هذا الوجه و الوجه الرابع بحسب الواقع، و الفرق بينهما انما هو في التعبير فقط لا في المقصود،لأن مرجع كلا الوجهين إلى أنه ينوي الصوم في هذا اليوم بنية أمره الفعلي و لا ترديد في ذلك أصلا، و الترديد إنما هو في انطباق الصوم المنوي على الفرض أو على الندب كما مر.

في الإجزاء اشكال بل منع،و الأقوى عدمه لما مر في المسألة(12) من اختصاص ذلك بالمسافر إذا قدم إلى بلده قبل الزوال و لم يأت بمفطر في الطريق،فان عليه أن ينوي الصيام من حين و وصوله إلى البلد،و لا دليل على كفايته لغير المسافر،و لكن مع هذا كان الأجدر و الأولى أن يمسك تشبيها بالصائمين ثم يقضيه بعد ذلك.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 39)


من رمضان قبل الزوال قبل أن يفطر فنوى صح صومه(1)،و أما إن نوى الإفطار في يوم من شهر رمضان عصيانا ثم تاب فجدد النية قبل الزوال لم ينعقد صومه،و كذا لو صام يوم الشك بقصد واجب معين ثم نوى الإفطار عصيانا ثم تاب فجدد النية بعد تبين كونه من رمضان قبل الزوال.

[مسألة 22:لو نوى القطع أو القاطع في الصوم الواجب المعين بطل صومه]

[2381]مسألة 22:لو نوى القطع أو القاطع في الصوم الواجب المعين بطل صومه سواء نواهما من حينه أو فيما يأتي،و كذا لو تردد،نعم لو كان تردده من جهة الشك في بطلان صومه و عدمه لعروض عارض لم يبطل و إن استمر ذلك إلى أن يسأل،و لا فرق في البطلان بنية القطع أو القاطع أو التردد بين أن يرجع إلى نية الصوم قبل الزوال أم لا،و أما في غير الواجب المعين فيصح لو رجع قبل الزوال(2).

ظهر مما مر أن الأقوى عدم الصحة.

في الصحة اشكال،و لا يبعد عدمها لأن الروايات التي تنص على امتداد زمان نية الصوم في الواجب غير المعين إلى الزوال موردها هو تارك نية الصوم من حين طلوع الفجر،فانه إذا أراد أن يصوم نذرا أو كفارة جدد النية شريطة أن يكون قبل الزوال و اما من كان ناويا للصوم من المبدأ ثم ابطل صومه بنية القطع أو القاطع،و بعد ذلك أراد أن يجدد نية الصوم قبل الزوال فهو خارج عن موردها،و التعدي بحاجة إلى قرينة باعتبار ان الحكم يكون على خلاف القاعدة.

و دعوى الأولوية ممنوعة،فانه إن أراد بها الأولوية العرفية الارتكازية، فيرد عليها أنها تبتني على أن يكون الحكم الثابت في مورد الروايات موافقا للارتكاز العرفي،فعندئذ يفهم العرف منها عدم خصوصية لموردها،و الفرض ان الحكم الثابت في موردها غير موافق للارتكاز العرفي و يكون على خلاف القاعدة،فاذن لا بد من الاقتصار على موردها،و لا يمكن التعدي منه إلى غيره بدون دليل.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 40)


[مسألة 23:لا يجب معرفة كون الصوم هو ترك المفطرات مع النية أو كفّ النفس عنها معها]

[2382]مسألة 23:لا يجب معرفة كون الصوم هو ترك المفطرات مع النية أو كفّ النفس عنها معها(1).

[مسألة 24:لا يجوز العدول من صوم إلى صوم واجبين كانا أو مستحبين أو مختلفين]

[2383]مسألة 24:لا يجوز العدول من صوم إلى صوم واجبين كانا أو مستحبين أو مختلفين،و تجديد نية رمضان إذا صام يوم الشك بنية شعبان ليس من باب العدول بل من جهة أن وقتها موسع لغير العالم به إلى الزوال(2).

و إن اريد بها الأولوية العقلية،فيرد عليها أنها تبتني على احراز الملاك و الفرض انه لا طريق للعقل إليه.و أما الأولوية الظنية فلا قيمة لها.

ثم أن المراد من نية القطع هو أن ينوي قطع التزامه بالامساك عن المفطرات.

باعتبار ان حقيقة الصوم عبارة عن ذلك الالتزام النفسي الإلهي و إن لم يقصد تناول المفطر،و المراد من نية القاطع هو نية تناول المفطر و الحركة نحوه، و بما أن هذه النية تقطع التزامه بالامساك عنها فتكون مبطله و إن لم يتناول المفطر في الخارج.

فيه ان عدم وجوب معرفة ذلك انما هو بملاك عدم ترتب أثر عملي عليها،لأن الواجب على الصائم هو الالتزام بالامساك عن كل المفطرات اجمالا بداع و باعث إلهي،و من المعلوم انه لا فرق فيه بين أن تكون حقيقة الصوم عبارة عن ترك المفطرات،أو عبارة عن كف النفس عنها باعتبار ان بالالتزام المذكور كما يتحقق ترك المفطرات كذلك يتحقق كف النفس،فاذن هذا البحث مجرد بحث علمي و لا أثر عملي له.

الظاهر أن هذا سهو من قلمه الشريف قدّس سرّه حيث قد صرح في المسألة(16)أنه جدد النية إذا انكشف الحال في أثناء النهار و لو كان بعد الزوال، فان يوم الشك إذا كان من شهر رمضان في الواقع يحسب صومه منه للنص المتقدم بلا فرق فيه بين أن ينكشف الخلاف لدى الصائم أو لا،و على تقدير انكشاف الخلاف لا فرق بين أن يكون قبل الزوال أو بعده و متى انكشف الخلاف يواصل في صومه ناويا به صوم شهر رمضان.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 41)


[فصل فيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات]

فصل فيما يجب الإمساك عنه في الصوم من المفطرات و هي امور..

[الأول و الثاني:الأكل و الشرب]

الأول و الثاني:الأكل و الشرب،من غير فرق في المأكول و المشروب بين المعتاد كالخبز و الماء و نحوهما و غيره كالتراب و الحصى و عصارة الأشجار و نحوها،و لا بين الكثير و القليل كعشر حبة الحنطه أو عشر قطرة من الماء أو غيرها من المائعات،حتى أنه لو بلّ الخياط الخيط بريقه أو غيره ثم ردّه إلى الفم و ابتلع ما عليه من الرطوبة بطل صومه إلا إذا استهلك ما كان عليه من الرطوبة بريقه على وجه لا يصدق عليه الرطوبة الخارجية،و كذا لو استاك و أخرج المسواك من فمه و كان عليه رطوبة ثم ردّه إلى الفم،فإنه لو ابتلع ما عليه بطل صومه(1)إلا مع الاستهلاك على الوجه المذكور،و كذا
على الأحوط فان الروايات الناهية عن الاستياك بالسواك الرطب 1و ان كانت ناصة في الارشاد إلى مانعية ذلك عن الصيام،الاّ أنها معارضة بصحيحة الحلبي:«قال:سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام:أ يستاك الصائم بالماء و بالعود الرطب يجد طعمه؟فقال:لا بأس» 2الناصة في عدم مانعيته عنه،فتسقطان من جهة المعارضة،فالمرجع هو أصالة البراءة عن المانعية.

و دعوى:انه لا معارضة بينهما على أساس أن الصحيحة بملاك نصها في


 

1) <page number=”41″ />راجع الوسائل باب:28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك.
2) الوسائل باب:28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 42)


يبطل بابتلاع ما يخرج من بقايا الطعام من بين أسنانه.

[مسألة 1:لا يجب التخليل بعد الأكل لمن يريد الصوم]

[2384]مسألة 1:لا يجب التخليل بعد الأكل لمن يريد الصوم و إن احتمل أن تركه يؤدي إلى دخول البقايا بين الأسنان في حلقه،و لا يبطل صومه لو دخل بعد ذلك سهوا،نعم لو علم أن تركه يؤدي إلى ذلك وجب عليه،و بطل صومه على فرض الدخول(1).

مدلولها تصلح أن تكون قرينة على رفع اليد عن ظهور الروايات الناهية في الحرمة و حملها على الكراهة،و مع امكان الجمع العرفي الدلالي بينهما لا تصل النوبة إلى المعارضة.

مدفوعة:بأنها مبنية على أن يكون مفاد كل منهما حكما تكليفيا بأن تكون الروايات الناهية عن الاستياك بالسواك الرطب ظاهرة في الحرمة،و الصحيحة ناصة في الجواز،و عندئذ فلا معارضه بينهما،و لكن الأمر ليس كذلك،فان المتفاهم العرفي من الروايات الناهية هو الارشاد إلى مانعية الاستياك بالسواك الرطب عن الصيام،و المتفاهم العرفي من الصحيحة هو الارشاد إلى عدم مانعيته،فاذن تكون المعارضة بينهما مستقرة،و بما انه لا ترجيح لإحداهما على الاخرى فتسقطان معا،فاذن مقتضى القاعدة عدم بطلان الصوم به و لكن مع ذلك كان الأجدر و الأحوط وجوبا الاجتناب عنه،و به يظهر حال ما قبله من حكمه قدّس سرّه ببطلان الصوم إذا بل الخياط الخيط بريقه أو غيره ثم رده إلى الفم و ابتلع ما عليه من الرطوبة،فان مقتضى القاعدة عدم بطلان الصوم به لأن عنوان الطعام و الشراب لا يصدق عليه،و لا يوجد دليل آخر على أنه مفطر،و مع هذا لا يترك الاحتياط.

بل يبطل مطلقا و ان فرض عدم الدخول اتفاقا باعتبار أن العلم بدخول الأجزاء الصغيرة من الطعام التي تتخلف بين الأسنان لا يجتمع مع نية الصوم و العزم عليه فانه إذا كان متأكدا و متيقنا بدخول تلك الأجزاء كلا أو بعضا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 43)


[مسألة 2:لا بأس ببلع البصاق و إن كان كثيرا مجتمعا]

[2385]مسألة 2:لا بأس ببلع البصاق و إن كان كثيرا مجتمعا،بل و إن كان اجتماعه بفعل ما يوجبه كتذكر الحامض مثلا،لكن الأحوط الترك في صورة الاجتماع خصوصا مع تعمد السبب.

[مسألة 3:لا بأس بابتلاع ما يخرج من الصدر من الخلط و ما ينزل من الرأس ما لم يصل إلى فضاء الفم]

[2386]مسألة 3:لا بأس بابتلاع ما يخرج من الصدر من الخلط(1)و ما ينزل من الرأس ما لم يصل إلى فضاء الفم،بل الأقوى جواز الجرّ من الرأس إلى الحلق،و إن كان الأحوط تركه،و أمّا ما وصل منهما إلى فضاء الفم فلا يترك الاحتياط فيه بترك الابتلاع.

في حلقه فمعناه أنه غير ناو الامساك عن كل المفطرات و لا يتوقف بطلان الصوم على دخولها في الحلق،نعم ان الكفارة تتوقف عليه.

فيه اشكال،و الأحوط وجوبا تركه،فان عنوان الأكل أو الشرب و إن لم يصدق عليه حيث ان المتبادر منه هو المتعارف،الاّ ان المفطر لا يكون منحصرا بما إذا دخل في الجوف عن طريق الفم،بل المستفاد من مجموعة من الروايات الواردة في أبواب متفرقة أن ما يدخل في الجوف من طريق الحلق فهو مفطر و إن لم يكن عن طريق الفم.

منها:صحيحة علي بن جعفر في كتابه عن أخيه موسى بن جعفر عليه السّلام قال:

«سألته عن الصائم هل يصلح له أن يصب في اذنه الدهن؟قال:إذا لم يدخل حلقه فلا بأس» 1فانه ينص على ان المعيار في كون شيء مفطرا انما هو بدخوله في الحلق و إن لم يكن عن طريق الفم.

و منها:موثقة سماعة في حديث قال:«سألته عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش فدخل حلقه؟قال:عليه قضاؤه» 2فانها تنص على أن المفطر هو الدخول في الحلق و إن لم يصدق عليه عنوان الشرب.


 

1) <page number=”43″ />الوسائل باب:24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:5.
2) الوسائل باب:23 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 44)


……….

و منها:ما ورد في روايات الكحل 1من نفي البأس عنه إذا لم يجد له طعما في الحلق فانها تؤكد على أن المعيار في المفطر هو ما يجده الانسان في الحلق و إن لم يكن عن طريق الفم،و هذه الروايات بقرينة ما في بعضها و إن كانت محمولة على حزازة الكحل و كراهته للصائم إذا كان له طعم في الحلق باعتبار أن المستفاد منها و من غيرها أن الصائم من أجل اللّه تعالى ينبغي له الامساك حتى من الطعم و الرائحة و نحوهما،الاّ أنها تدل على ان المعيار في المفطر انما هو بدخول شيء في الحلق،و مثلها ما ورد في بعض روايات ذوق الطعام و المرق.

فالنتيجة:ان مقتضى هذه الروايات عدم جواز ابتلاع ما يخرج من الجوف أو الصدر و يصل إلى الحلق كالبلغم و نحوه،و لكن مقتضى موثقة غياث بن إبراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا بأس أن يزدرد الصائم نخامته» 2جواز ابتلاع النخامة و إن وصلت إلى فضاء الفم على أثر ظهور الازدراد في ذلك، و القدر المتيقن منها و إن كان هو ما ينزل من الرأس،و أما شمولها لما يخرج من الصدر فهو غير معلوم،الاّ أن احتمال أن تكون للنخامة خصوصية بعيد عن المتفاهم العرفي،و لكن مع هذا يشكل الجزم بالعدم،فمن أجل ذلك فالأجدر و الأحوط وجوبا ترك ابتلاع ما يخرج من الصدر و يصل إلى الحلق.

ثم ان مقتضى اطلاق الموثقة عدم الفرق بين أن تكون النخامة واصلة إلى فضاء الفم أو الحلق بطبعها و بدون تدخل اختيار الصائم،أو واصلة باختياره و جرّها من الرأس إلى الحلق.و من هنا يظهر أن ما وصل إلى فضاء الفم فإن كان من الرأس جاز ابتلاعه و إن كان الأولى و الأجدر تركه،و إن كان من الصدر لم يجز ابتلاعه على الأحوط.

ثم ان اطلاق ما دل على بطلان الصوم بما يدخل في الحلق كما قيد بغير


 

1) <page number=”44″ />راجع الوسائل باب:25 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك.
2) الوسائل باب:39 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 45)


[مسألة 4:المدار صدق الأكل و الشرب و إن كان بالنحو الغير المتعارف]

[2387]مسألة 4:المدار صدق الأكل و الشرب و إن كان بالنحو الغير المتعارف،فلا يضر مجرد الوصول إلى الجوف إذا لم يصدق الأكل و الشرب، كما إذا صب دواء في جرحه أو شيئا في أذنه أو إحليله فوصل إلى جوفه(1).

مورد الموثقة كذلك قيد بغير القلس،و هو ما يخرج من الطعام من جوف الرجل من دون أن يكون تقيؤا بمقتضى مجموعة من الروايات التي تنص على أنه لا يفطر.

منها:صحيحة عبد اللّه بن سنان:«عن الرجل الصائم يقلس فيخرج منه شيء من الطعام أ يفطر ذلك؟قال:لا،قلت:فان ازدرده بعد أن صار على لسانه؟ قال:لا يفطره ذلك» 1.

و منها:صحيحة محمد بن مسلم قال:«سئل أبو جعفر عليه السّلام عن القلس يفطر الصائم قال:لا» 2.

و منها:موثقة عمار بن موسى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«سألته عن الرجل يخرج من جوفه القلس حتى يبلغ الحلق ثم يرجع إلى جوفه و هو صائم،قال:

ليس بشيء» 3.

هذا إذا لم يكن وصوله إلى الجوف من طريق الحلق،و الاّ فهو مفطر و إن لم يصدق عليه الأكل،و يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن جعفر المتقدمة:«إذا لم يدخل حلقه فلا بأس» 4،و مورده و إن كان الاذن و صب الدواء فيه،الاّ أن العرف لا يرى فيه خصوصية بل يرى بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية ان المانع عن الصوم انما هو دخول شيء من الطعام أو الشراب في المعدة من طريق الحلق،فالنتيجة:ان الممنوع امور..


 

1) <page number=”45″ />الوسائل باب:29 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:9.
2) الوسائل باب:30 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
3) الوسائل باب:30 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.
4) الوسائل باب:24 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:5.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 46)


نعم إذا وصل من طريق أنفه فالظاهر أنه موجب للبطلان إن كان متعمدا لصدق الأكل و الشرب حينئذ.

[مسألة 5:لا يبطل الصوم بإنفاذ الرمح أو السكين أو نحوهما]

[2388]مسألة 5:لا يبطل الصوم بإنفاذ الرمح أو السكين أو نحوهما بحيث يصل إلى الجوف و إن كان متعمدا.

[الثالث:الجماع]

الثالث:الجماع و إن لم ينزل للذكر و الانثى،قبلا أو دبرا صغيرا كان أو كبيرا حيا أو ميتا(1)واطئا كان أو موطوءأ،و كذا لو كان الموطوء بهيمة،بل
الأول:ادخال شيء في المعدة بالابتلاع و الأكل و إن لم يكن ذلك الشيء من الطعام أو الشراب كابتلاع أجزاء ترابية،و أما إذا لم يكن من طريق الابتلاع فلا يكون دخولها في المعدة مانعا عن الصوم و مفطرا كما إذا دخل الغبار الغليظ الذي يشتمل على أجزاء ترابية ظاهرة للعيان في المعدة من طريق الأنف أو من فتحة اخرى،فلا دليل على أن ذلك مبطل للصوم إذ لا يصدق عليه عنوان الطعام أو الشراب،و لا عنوان الأكل و الابتلاع،و لا يوجد دليل آخر يدل على أن مطلق دخول شيء في المعدة مبطل،و لكن مع ذلك كانت رعاية الاحتياط أولى و أجدر.

الثاني:ادخال الطعام أو الشراب في المعدة من طريق الحلق فانه مفطر مطلقا،أي سواء أ كان من طريق الفم أم الأنف أو الاذن أم من طريق فتحة مصطنعة.

الثالث:ادخال الطعام أو الشراب في المعدة من طريق فتحة طبية مصطنعة في غير الحلق.

تقدم في غسل الجنابة ان وجوب الغسل بالايلاج في دبر امرأة أو ذكر أو ميت أو بهيمة بدون انزال مبني على الاحتياط،و على هذا فإذا أولج الصائم في دبر امرأته أو دبر ذكر صغير أو كبير في نهار شهر رمضان بدون انزال عامدا ملتفتا فالأحوط و الأجدر وجوبا أن يجمع بين اتمام صيام اليوم بأمل أن يقبل اللّه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 47)


و كذا لو كانت هي الواطئة،و يتحقق بإدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها، فلا يبطل بأقل من ذلك،بل لو دخل بجملته ملتويا و لم يكن بمقدار الحشفة لم يبطل و إن كان لو انتشر كان بمقدارها.

[مسألة 6:لا فرق في البطلان بالجماع بين صورة قصد الإنزال به و عدمه]

[2389]مسألة 6:لا فرق في البطلان بالجماع بين صورة قصد الإنزال به و عدمه.

[مسألة 7:لا يبطل الصوم بالإيلاج في غير أحد الفرجين بلا إنزال]

[2390]مسألة 7:لا يبطل الصوم بالإيلاج في غير أحد الفرجين بلا إنزال،إلا إذا كان قاصدا له،فإنه يبطل و إن لم ينزل من حيث إنه نوى المفطر.

[مسألة 8:لا يضر بإدخال الإصبع و نحوه لا بقصد الإنزال]

[2391]مسألة 8:لا يضر بإدخال الإصبع و نحوه لا بقصد الإنزال.

[مسألة 9:لا يبطل الصوم بالجماع إذا كان نائما،أو كان مكرها]

[2392]مسألة 9:لا يبطل الصوم بالجماع إذا كان نائما،أو كان مكرها بحيث خرج عن اختياره(1)،كما لا يضر إذا كان سهوا.

[مسألة 10:لو قصد التفخيذ مثلا فدخل في أحد الفرجين لم يبطل]

[2393]مسألة 10:لو قصد التفخيذ مثلا فدخل في أحد الفرجين لم يبطل،و لو قصد الإدخال في أحدهما فلم يتحقق كان مبطلا من حيث إنه نوى المفطر.

تعالى منه،و القضاء بعد ذلك على أساس ان المفطر هو الجنابة،و الاشكال في أن الايلاج المذكور هل يوجب الجنابة أو لا قد مر أنه لا دليل على ذلك غير دعوى الشهرة أو الاجماع في المسألة مع وجود المخالف فيها.

هذا في مقابل ما إذا كان مكرها على الجماع بسبب التوعيد عليه من قبل جائر أو مكره أو من نفس المرأة،فان الجماع حينئذ يكون صادرا منه بالاختيار و الارادة فيبطل صومه.

فالنتيجة:ان الاكراه ان كان على نفس الجماع مباشرة على نحو لا يقدر على تركه لم يكن مبطلا،و إن كان عليه بسبب التوعيد على القتل أو نحوه فالجماع حينئذ و إن كان جائزا و لا كفارة عليه الاّ انه لما كان صادرا منه باختياره

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 48)


[مسألة 11:إذا دخل الرجل بالخنثى قبلا لم يبطل صومه و لا صومها]

[2394]مسألة 11:إذا دخل الرجل بالخنثى قبلا لم يبطل صومه و لا صومها، و كذا لو دخل الخنثى بالانثى و لو دبرا،أما لو وطأ الخنثى دبرا بطل صومهما(1)،و لو دخل الرجل بالخنثى و دخلت الخنثى بالانثى بطل صوم الخنثى دونهما،و لو وطأت كل من الخنثيين الاخرى لم يبطل صومهما.

[مسألة 12:إذا جامع نسيانا أو من غير اختيار ثم تذكر أو ارتفع الجبر وجب الإخراج فورا]

[2395]مسألة 12:إذا جامع نسيانا أو من غير اختيار ثم تذكر أو ارتفع الجبر وجب الإخراج فورا،فإن تراخى بطل صومه.

[مسألة 13:إذا شك في الدخول أو شك في بلوغ مقدار الحشفة لم يبطل صومه]

[2396]مسألة 13:إذا شك في الدخول أو شك في بلوغ مقدار الحشفة لم يبطل صومه(2).

[الرابع من المفطرات:الاستمناء]

الرابع من المفطرات:الاستمناء أي إنزال المني متعمدا بملامسة أو قبلة أو تفخيذ أو نظر أو تصوير صورة المواقعة أو تخيل صورة امرأة(3)
و ارادته فهو مبطل لصومه.

على الأحوط كما مر،هذا مع فرض عدم الانزال-كما هو المفروض في المسألة-و أمّا مع الانزال فالباطل هو صوم الواطئ،و أما بطلان صوم الموطوء فهو مبني على الاحتياط بلا فرق بين صورتي الانزال و عدمه.

هذا إذا لم ينو الدخول من الأول،و الاّ بطل من جهة نية المفطر.

في البطلان اشكال،و الأحوط وجوبا أن يواصل صيامه بنية القربة و الخلوص رجاء ثم يقضي بعد شهر رمضان،و السبب فيه ان الروايات التي تنص على حكم المسألة عمدتها روايتان..

احداهما:صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال:«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله في شهر رمضان حتى يمنى،قال:عليه من الكفارة مثل ما على الذي يجامع» 1.


 

1) <page number=”48″ />الوسائل باب:4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 49)


……….

و الاخرى:موثقة سماعة قال:«سألته عن رجل لزق بأهله فانزل،قال:عليه اطعام ستين مسكينا مد لكل مسكين» 1.و بما أنه قد جعل سبب خروج المني في الاولى العبث بالأهل،و في الثانية اللزوق بها فيكون المتفاهم العرفي منهما عدم الخصوصية لهما و امكان التعدي إلى ممارسة كل فعل يوجب انزال المني كاللعب بالآلة أو اليد،الاّ ان التعدي عنهما إلى مالا يكون معه انزال المني بممارسة شيء من تلك الأسباب و الأفعال،أي لا باليد و لا بالآلة و لا بالمداعبة و الملاعبة بأن يكون بالنظر أو بتخيل صورة المواقعة أو صورة امرأة خيالية أو واقعية لا يخلو عن إشكال.

و إن شئت قلت:ان كلمة الاستمناء لم ترد في شيء من الروايات لكي نأخذ باطلاقها و إنما الوارد فيها هو كلمة العبث و اللزوق و ما شاكلهما،و التعدي عنها إلى ممارسة عمل ما في الخارج كاللعب باليد أو بالآلة بقصد انزال المني بمكان من الامكان،و أما التعدي عنها إلى قصد انزال المني بدون ممارسة أي فعل في الخارج فهو بحاجة إلى عناية زائدة كقرينة داخلية،أو خارجية،أو احراز الملاك و القطع بعدم الخصوصية،أما القرينة فهي غير متوفرة،و أما دعوى احراز الملاك و القطع فهي على عهدة مدعيها،فمن أجل ذلك كان الأجدر به و الأحوط وجوبا أن يواصل صومه بأمل التقرب إلى اللّه تعالى رجاء ثم يقضي بعد شهر رمضان.

و أما إذا مارس شيئا من هذه الأفعال و لم يكن قاصدا بذلك انزال المني و لكن سبقه المني،و حينئذ فإن لم يكن واثقا و متأكدا من نفسه عدم نزوله، فالظاهر وجوب الكفارة و القضاء معا لأنه مارس ذلك عامدا ملتفتا إلى حاله،هذا اضافة إلى أنه لا يبعد أن تكون هذه الصورة مشمولة لإطلاق الروايتين المتقدمتين و عدم اختصاصهما بما إذا كان الصائم قاصدا لإنزال المني.و إن كان واثقا و متأكدا من نفسه عدم النزول فعليه القضاء فقط لإطلاق صحيحة الحلبي


 

1) <page number=”49″ />الوسائل باب:4 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 50)


……….

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«انه سئل عن رجل يمس من المرأة شيئا أ يفسد ذلك صومه أو ينقضه؟فقال:ان ذلك ليكره للرجل الشاب مخافة أن يسبقه المني» 1فان الظاهر منهما عرفا ان خروج المني منه مبطل و إن لم يكن قاصدا و لا متعودا،بل و إن كان واثقا من نفسه عدم سبقه و لكن سبقه اتفاقا.

و إن شئت قلت:ان تعليل الكراهة بخوف سبق المني يدل على أن سبقه مضر في نفسه و بقطع النظر عن خوفه،و لذلك جعل خوفه سببا للكراهة،فان كان واثقا من نفسه و متأكدا بعدم سبقه المني لم يكن تقبيلها و لمسها مكروها له، غاية الأمر يبطل صومه إذا سبقه اتفاقا،و تؤكد ذلك صحيحة محمد بن مسلم و زرارة جميعا عن أبي جعفر عليه السّلام:«انه سئل هل يباشر الصائم أو يقبّل في شهر رمضان؟فقال:إني أخاف عليه فليتنزّه من ذلك إلاّ أن يثق أن لا يسبقه منيّه» 2بتقريب أنها تدل على وجوب اجتناب الصائم عن مباشرة النساء أو تقبيلها شريطة أن لا يثق،و اما مع الوثوق فلا،و لا تدل على أن خروج المني مع الوثوق لا يكون مبطلا،بل الظاهر منها أنه مبطل مطلقا حتى مع الوثوق،غاية الأمر انه لا يجب الاجتناب معه باعتبار انه حجة و يكون عذرا له.

فالنتيجة:ان المستفاد من هاتين الصحيحتين ان الصائم إذا قبّل زوجته و داعب فسبقه المني بطل صومه و إن كان واثقا من نفسه عدم سبقه و غير قاصد له،غاية الأمر انه إذا لم يكن واثقا فقد مر وجوب الكفارة عليه أيضا،لأنه إذا داعب زوجته في هذه الحالة فسبقه المني كان متعمدا في ذلك،فمن أجل هذا يجب عليه أن لا يحدث منه هذا العمل كما هو ظاهر هذه الصحيحة.و من هنا يظهران المراد من الكراهة في الصحيحة الأولى أيضا ذلك.

و مع الاغماض عن هذا فلا شبهة في أن الأحوط و الأجدر عليه وجوبا أن يواصل صيامه بنية القربة و الخلوص ثم يقضيه.


 

1) <page number=”50″ />الوسائل باب:33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
2) الوسائل باب:33 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:13.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 51)


أو نحو ذلك من الأفعال التي يقصد بها حصوله،فإنه مبطل للصوم بجميع أفراده،و أما لو لم يكن قاصدا للإنزال و سبقه المني من دون إيجاد شيء مما يقتضيه لم يكن عليه شيء.

[مسألة 14:إذا علم من نفسه أنه لو نام في نهار رمضان يحتلم]

[2397]مسألة 14:إذا علم من نفسه أنه لو نام في نهار رمضان يحتلم فالأحوط تركه،و إن كان الظاهر جوازه خصوصا إذا كان الترك موجبا للحرج.

[مسألة 15:يجوز للمحتلم في النهار الاستبراء بالبول أو الخرطات]

[2398]مسألة 15:يجوز للمحتلم في النهار الاستبراء بالبول أو الخرطات و إن علم بخروج بقايا المني في المجرى،و لا يجب عليه التحفظ بعد الإنزال من خروج المني إن استيقظ قبله خصوصا مع الإضرار أو الحرج.

[مسألة 16:إذا احتلم في النهار و أراد الاغتسال فالأحوط تقديم الاستبراء]

[2399]مسألة 16:إذا احتلم في النهار و أراد الاغتسال فالأحوط تقديم الاستبراء إذا علم أنه لو تركه خرجت البقايا بعد الغسل فتحدث جنابة جديدة(1).

لا بأس بتركه.و إن كان ذلك أولى و أجدر،لأن الدليل الدال على مفطرية الجنابة في نهار شهر رمضان انما هو فيما إذا كانت بسبب الجماع،أو ممارسة شيء من الأفعال المتقدمة،و أما إذا لم تكن لا بالسبب الأول و لا بالثاني فلا دليل على أنها مفطرة.

و أما قوله عليه السّلام في صحيحة أبي سعيد القماط:«…لا شيء عليه و ذلك أن جنابته كانت في وقت حلال» 1فهو لا يدل على أن جنابته إذا كانت في وقت حرام فعليه شيء،لأنه ساكت عن حكم هذا الموضوع نفيا و اثباتا،لما ذكرنا في الاصول من أن القيد لا يدل على المفهوم و انما يدل على ان الموضوع في القضية حصة خاصة و بانتفائه ينتفي شخص الحكم بانتفاء تلك الحصة،و هذا ليس من المفهوم في شيء،و حيث أن في الصحيحة قد قيد الجنابة بوقت حلال


 

1) <page number=”51″ />الوسائل باب:13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 52)


……….

فهذا يدل على أن موضوع الحكم فيها حصة خاصة من الجنابة و بانتفائه ينتفي شخص الحكم الثابت لهذا الموضوع الخاص،و أما بالنسبة إلى حكم موضوع آخر و هو ما إذا كانت جنابته في وقت حرام فهو ساكت عنه نفيا و اثباتا،فلو دل دليل على ثبوته لم يكن معارضا له،و على هذا فالنتيجة أن الجنابة في نهار شهر رمضان ان كانت بالجماع أو بالمداعبة و الملاعبة و نحوها فهي مفطرة،و ان كانت بالاحتلام فلا.

و أما الجنابة في مفروض المسألة فبما أنها ليست بالجماع و لا بممارسة غيره من الأفعال فلا تكون مشمولة لأدلة مفطرية الجماع أو الاستمناء،و عندئذ فان قلنا بأنها مشمولة لروايات الاحتلام باعتبار أنها مستندة إليه و لو في نهاية المطاف حيث ان الخارج بعد الغسل هو من بقايا ما خرج قبله فمنشأ الكل هو الاحتلام فلا تكون مفطرة،و إن قلنا بعدم شمول تلك الروايات لها بدعوى أن الظاهر منها هو ما إذا كانت الجنابة مستندة إلى الاحتلام مباشرة،و أما إذا كانت مستندة إلى سبب آخر فلا تكون مشمولة لها،و على ذلك فيشك في مفطرية هذه الجنابة الجديدة،و بما انه لا دليل عليها فالمرجع هو أصالة البراءة عنها.

فالنتيجة:ان مقتضى القاعدة في المسألة جواز ترك الاستبراء قبل الاغتسال و إن علم بأنه صار جنبا بخروج بقايا المني منه بعد ذلك.

فاذن وظيفته أن يواصل صيامه بنية القربة و الخلوص و لا شيء عليه و إن كانت رعاية الاحتياط بعدم ترك الاستبراء قبل الاغتسال أولى و أجدر.

و من هنا يظهر حال المسألة المتقدمة،فان الصائم إذا احتلم في نهار شهر رمضان و تحرك المني من مكانه الأصلي ثم استيقظ قبل خروجه لم يجب عليه المنع منه و إن كان متمكنا،و حينئذ فإذا خرج و الحال هذه صار جنبا عامدا ملتفتا،و لكن مع ذلك لا يبطل صومه باعتبار أن هذه الجنابة مستندة إلى الاحتلام.و مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان روايات الاحتلام لا تشمل هذه الجنابة باعتبار أنها مستندة إلى اختيار المكلف و إرادته فمع هذا لا دليل على أنها

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 53)


[مسألة 17:لو قصد الإنزال بإتيان شيء مما ذكر و لكن لم ينزل بطل صومه]

[2400]مسألة 17:لو قصد الإنزال بإتيان شيء مما ذكر و لكن لم ينزل بطل صومه من باب نية إيجاد المفطر.

[مسألة 18:إذا أوجد بعض هذه الأفعال لا بنية الإنزال لكن كان من عادته الإنزال بذلك الفعل بطل صومه أيضا]

[2401]مسألة 18:إذا أوجد بعض هذه الأفعال لا بنية الإنزال لكن كان من عادته الإنزال بذلك الفعل بطل صومه أيضا إذا أنزل،و أما إذا أوجد بعض هذه و لم يكن قاصدا للإنزال و لا كان من عادته فاتفق أنه أنزل فالأقوى عدم البطلان،و إن كان الأحوط القضاء(1)خصوصا في مثل الملاعبة و الملامسة و التقبيل.

[الخامس:تعمد الكذب على اللّه تعالى أو رسوله أو الأئمة عليهم السّلام]

الخامس:تعمد الكذب على اللّه تعالى أو رسوله أو الأئمة عليهم السّلام(2)
مفطرة كما عرفت.

لا يترك حتى فيما إذا كان واثقا و متأكدا بعدم نزول المني منه و لكن سبقه اتفاقا،فان الأجدر به و الأحوط وجوبا أن يواصل صيامه بنية التقرب إلى اللّه تعالى رجاء ثم يقضي بعد شهر رمضان،و تقدم وجهه في ابتداء الأمر الرابع.

هذا هو الصحيح دون ما هو المشهور بين المتأخرين من أنه لا يكون مفطرا و إنما يوجب نقصا في كمال الصوم فحسب،حيث أن عمدة ما اعتمدوا عليه صحيحة محمد بن مسلم قال:«سمعت أبا جعفر يقول:لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال:الطعام و الشراب و النساء و الارتماس في الماء» 1

بدعوى أنها في مقام بيان أن حقيقة الصوم متقومة بالاجتناب عن هذه الأشياء و ترك ممارستها في الخارج،فإذا اجتنب الصائم عنها فقد صام شرعا سواء اجتنب عن غيرها أم لا،و عليه فهذه الصحيحة تصلح أن تكون قرينة على حمل الروايات التي تدل على مفطرية الكذب على اللّه و على رسوله صلّى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام 2على مفطريته بلحاظ كماله و تمامه لا أصله


 

1) <page number=”53″ />الوسائل باب:1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
2) راجع الوسائل باب:2 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 54)


……….

و حقيقته.

و الجواب أولا:ان لازم هذا البيان هو حمل سائر المفطرات أيضا بلحاظ مرتبة الكمال دون الأصل و الحقيقة إذ لا وجه لتخصيص ذلك بالكذب فكما أن الصحيحة قرينة على ان الاجتناب عنه غير داخل في حقيقة الصوم فكذلك قرينة على أن الاجتناب عن تعمد القيء و الحقنة بالمائع و الاصباح جنبا عامدا ملتفتا غير داخل في حقيقته.

فالنتيجة:ان لازم كون الصحيحة في مقام بيان حقيقة الصوم و أنها متقومة بالاجتناب عن الأشياء المذكورة و الامساك عنها هو حمل سائر المفطرات جميعا على المفطرية بلحاظ كمال الصوم بلا فرق بين هذا و ذاك.

و ثانيا:انه ليس في الصحيحة ما ينص و يؤكد على أنها في مقام بيان حقيقة الصوم و حصرها بالاجتناب عن الأربع المنصوصة فيها و لا قرينة على ذلك من الخارج أيضا،و اما نفسها فهي لا تدل على أن ممارسة ما عدا الأربع لا تضر بالصوم الاّ بالاطلاق و مقدمات الحكمة.فاذن حالها حال سائر المطلقات، فلا مانع من تقييد اطلاقها بأدلة مفطرية الكذب على اللّه أو رسوله صلّى اللّه عليه و آله أو الأئمة الأطهار عليهم السّلام،كما يقيده بأدلة سائر المفطرات كالتقيؤ عامدا ملتفتا و الحقنة بالمائع و الاصباح جنبا عالما عامدا و نحو ذلك.و على الجملة فليست في الصحيحة خصوصية تستدعي إبائها عن التخصيص و التقييد لفرض ان لسانها لسان الاطلاق لا لسان الآباء عن ذلك،و لا توجد قرينة تؤكد على أن الاجتناب عن الأربع المنصوصة فيها هو أصل الصوم و حقيقته لا من الداخل و لا الخارج.

فالنتيجة:ان الكذب على اللّه تعالى أو على رسوله الأمين صلّى اللّه عليه و آله أو على الأئمة المعصومين عليهم السّلام مفطر سواء أ كان الكذب في الحرام و الحلال،أم كان في القصص و المواعظ،أم في شيء آخر لإطلاق الأدلة،كما أنه لا فرق بين أن يكون بالقول أو بغيره،فان المعيار انما هو بصدق الكذب و لا موضوعية لصيغة الكذب.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 55)


سواء كان متعلقا بامور الدين أو الدنيا،و سواء كان بنحو الإخبار أو بنحو الفتوى،بالعربي أو بغيره من اللغات،من غير فرق بين أن يكون بالقول أو الكتابة أو الإشارة أو الكناية أو غيرها مما يصدق عليه الكذب،مجعولا له أو جعله غيره و هو أخبر به مسندا إليه لا على وجه نقل القول،و أما لو كان على وجه الحكاية و نقل القول فلا يكون مبطلا.

[مسألة 19:الأقوى إلحاق باقي الأنبياء و الأوصياء بنبينا صلّى اللّه عليه و آله]

[2402]مسألة 19:الأقوى إلحاق باقي الأنبياء و الأوصياء بنبينا صلّى اللّه عليه و آله(1) فيكون الكذب عليهم أيضا موجبا للبطلان،بل الأحوط إلحاق فاطمة الزهراء عليها السّلام بهم أيضا.

[مسألة 20:إذا تكلم بالخبر غير موجّه خطابه إلى أحد أو موجها إلى من لا يفهم معناه]

[2403]مسألة 20:إذا تكلم بالخبر غير موجّه خطابه إلى أحد أو موجها إلى من لا يفهم معناه فالظاهر عدم البطلان،و إن كان الأحوط القضاء(2).

[مسألة 21:إذا سأله سائل هل قال النبي صلّى اللّه عليه و آله كذا فأشار«نعم»]

[2404]مسألة 21:إذا سأله سائل هل قال النبي صلّى اللّه عليه و آله كذا فأشار«نعم»في
في الالحاق مطلقا اشكال،الاّ بناء على أن يكون المراد من الرسول في الروايات طبيعي الرسول لا خصوص خاتم المرسلين،و لكنه خلاف الظاهر من كلمة الرسول فيها،و لا سيّما بلحاظ اقترانها بالأئمة عليهم السّلام.و على هذا فلا دليل بالنسبة إلى سائر الأنبياء و حينئذ لا بد من التفصيل بين ما إذا رجع الكذب عليهم إلى الكذب على اللّه تعالى،و بين ما لم يرجع،فعلى الأول مفطر يقضي صومه بعد ذلك،و على الثاني فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن يواصل صيامه بأمل أن يقبل اللّه تعالى منه،ثم يقضي بعد ذلك رجاء.

بل هو الأقوى،لأن الوارد في نصوص الباب عنوان الكذب على اللّه تعالى أو على رسوله صلّى اللّه عليه و آله أو الأئمة عليهم السّلام،لا عنوان الاخبار عن شيء و لا يتوقف صدق الكذب على وجود سامع فضلا عن كونه ممن يفهم معنى الكلام،فإذا أتى بجملة خبرية مستندة إليه تعالى أو إلى خاتم المرسلين أو الأئمة عليهم السّلام بأن يقول:«قال اللّه تعالى كذا و كذا أو قال رسوله صلّى اللّه عليه و آله أو أحد الأئمة عليهم السّلام مع أنه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 56)


مقام«لا»أو«لا»في مقام«نعم»بطل صومه.

[مسألة 22:إذا أخبر صادقا عن اللّه أو عن النبي صلّى اللّه عليه و آله مثلا ثم قال:كذبت؛بطل صومه]

[2405]مسألة 22:إذا أخبر صادقا عن اللّه أو عن النبي صلّى اللّه عليه و آله مثلا ثم قال:

كذبت؛بطل صومه،و كذا إذا أخبر بالليل كاذبا ثم قال في النهار:ما أخبرت به البارحة صدق.

[مسألة 23:إذا أخبر كاذبا ثم رجع عنه بلا فصل لم يرتفع عنه الأثر]

[2406]مسألة 23:إذا أخبر كاذبا ثم رجع عنه بلا فصل لم يرتفع عنه الأثر فيكون صومه باطلا،بل و كذا إذا تاب بعد ذلك فإنه لا تنفعه توبته في رفع البطلان.

[مسألة 24:لا فرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب مكتوبا في كتاب من كتب الأخبار أولا]

[2407]مسألة 24:لا فرق في البطلان بين أن يكون الخبر المكذوب مكتوبا في كتاب من كتب الأخبار أولا،فمع العلم بكذبه لا يجوز الإخبار به و إن أسنده إلى ذلك الكتاب إلا أن يكون ذكره له على وجه الحكاية دون الإخبار، بل لا يجوز الإخبار به على سبيل الجزم مع الظن بكذبه(1)بل و كذا مع احتمال
تعالى او رسوله أو أحد الأئمة عليهم السّلام لم يقل بذلك،فهو كذب عليهم و ان لم تكن الجملة موجهة إلى أحد و لا نوى أخباره بها،غاية الأمر لا يصدق عليها عنوان الاخبار في هذا الفرض لا عنوان الكذب،و أما إذا كانت موجهة إلى أحد و لكنه لا يفهم معناها فيصدق عليها عنوان الإخبار أيضا إذ لا يعتبر في صدق الاخبار كون المخاطب ممن يفهم المعنى.

هذا هو الصحيح لأن الظن حيث انه لا دليل عليه فهو ملحق بالشك و الاحتمال فيكون الظن بالكذب كاحتماله،فلا يجوز للظان الاخبار عن الواقع جزما بمقتضى قوله تعالى: أَ تَقُولُونَ عَلَى اللّٰهِ مٰا لاٰ تَعْلَمُونَ 1و نحوه،و انما الكلام في بطلان الصوم به على أساس ان بطلانه مترتب على عنوان الكذب على اللّه تعالى أو على خاتم المرسلين صلّى اللّه عليه و آله أو على الأئمة الأطهار عليهم السّلام و بما أن


 

1) <page number=”56″ />الأعراف28/.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 57)


……….

الكذب منوط بعدم مطابقة الأخبار للواقع فمع عدم احراز انه مطابق له أو غير مطابق لم يحرز انه كذب،كما لم يحرز انه صدق،فكان يشك في أن أخباره هذا كذب على اللّه تعالى حتى يكون مفطرا أو لا حتى لا يكون مفطرا فالشبهة حينئذ تكون موضوعية و لا يمكن التمسك فيها باطلاقات أدلة مفطرية الكذب فيكون المرجع فيها أصالة البراءة عن مانعية هذا الإخبار عن الصوم.

قد يقال كما قيل:انه لا مجال لأصالة البراءة للعلم الإجمالي اما بكذبه أو كذب نقيضه و هذا العلم الإجمالي منجز،و معه لا يجوز له الاخبار بكل منهما، فإذا أخبر به فقد تعمد الكذب على اللّه تعالى على تقدير كونه مخالفا للواقع.

و لكن هذا غير صحيح،فان عدم جواز الاخبار بكل منهما جزما شيء و كونه مفطرا للصوم شيء آخر،لأن ملاك عدم جواز الاخبار هو أنه قول على اللّه تعالى بغير علم و هو غير جائز بمقتضى الآيات منها الآية المتقدمة.و اما ملاك كونه مفطرا للصوم فهو انطباق عنوان الكذب على اللّه تعالى عليه،و من المعلوم ان العلم الإجمالي بكذب أحدهما انما يوجب انطباق عنوان الكذب على الجامع بينهما دون كل واحد من فرديه،لأن انطباقه على كل واحد منهما مشكوك فيه كما هو الشأن في جميع موارد العلم الإجمالي،و من هنا إذا علم بأن أحد الإناءين خمر فشرب أحدهما دون الآخر لم يترتب عليه أثر شرب الخمر كاستحقاقه لإجراء الحد عليه و إن كان غير جائز.

فالنتيجة:ان المفطر للصوم عنوان الكذب على اللّه تعالى أو على رسوله صلّى اللّه عليه و آله أو الأئمة عليهم السّلام،فالحكم بنقض الصوم و بطلانه به منوط باحراز ان ما قاله الصائم كذب على اللّه أو رسوله.هذا.

فالصحيح في المسألة أن يقرب بطلان الصوم فيها بتقريب آخر و هو ان الصائم إذا كان ملتفتا إلى أن ما قاله من اللّه تعالى أو الرسول صلّى اللّه عليه و آله أو الأئمة الأطهار عليهم السّلام إما أنه مطابق للواقع أو غير مطابق،فعلى الأول صدق،و على الثاني كذب مبطل للصوم و مع هذا إذا قال ذلك من قبل اللّه تعالى بصورة الجزم فمعناه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 58)


كذبه إلا على سبيل النقل و الحكاية،فالأحوط لناقل الاخبار في شهر رمضان مع عدم العلم بصدق الخبر أن يسنده إلى الكتاب أو إلى قول الراوي على سبيل الحكاية.

[مسألة 25:الكذب على الفقهاء و المجتهدين و الرواة و إن كان حراما لا يوجب بطلان الصوم]

[2408]مسألة 25:الكذب على الفقهاء و المجتهدين و الرواة و إن كان حراما لا يوجب بطلان الصوم إلا إذا رجع إلى الكذب على اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله.

[مسألة 26:إذا اضطر إلى الكذب على اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله في مقام التقية من ظالم لا يبطل صومه به]

[2409]مسألة 26:إذا اضطر إلى الكذب على اللّه و رسوله صلّى اللّه عليه و آله في مقام التقية من ظالم لا يبطل صومه به(1)،كما أنه لا يبطل مع السهو أو الجهل المركب.

[مسألة 27:إذا قصد الكذب فبان صدقا دخل في عنوان قصد المفطر]

[2410]مسألة 27:إذا قصد الكذب فبان صدقا دخل في عنوان قصد المفطر
انه لم ينو الصوم،فان معنى نية الصوم التزام الصائم بالاجتناب عن ممارسة كل المفطرات حتى ما يحتمل كونه مفطرا في الواقع و الاّ لم يكن عازما و جازما على الامساك عنها.

و إن شئت قلت:ان العلم الإجمالي مانع عن جريان أصالة البراءة عن مفطرية كل منهما لأن جريانها في مفطرية أحدهما المعين دون الآخر ترجيح من غير مرجح و في كليهما يستلزم المخالفة القطعية العملية،و على هذا فإذا قصد الصائم الاتيان بأحدهما بصورة الجزم فمعناه انه لم ينو الاجتناب عن كل مفطر و إن كان محتملا.

فالنتيجة:ان بطلان الصوم ليس من أجل انه كذب على اللّه متعمدا،بل من أجل انه تعمد و قصد الاتيان به في الواقع و إن كان مفطرا،و هذا يضر بنية الصوم المعتبر فيها الجزم و اليقين بالامساك عن جميع المفطرات و لو اجمالا.

في عدم البطلان اشكال،و الأجدر به و الأحوط وجوبا أن يواصل صيامه بأمل أن يقبل اللّه تعالى منه رجاء،ثم يقضي بعد ذلك،فان دعوى انصراف الروايات التي تنص على مفطرية الكذب إلى الكذب المحرم المتعارف و إن كانت محتملة الاّ ان الوثوق و التأكد بها غير ممكن.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 59)


بشرط العلم بكونه مفطرا.

[مسألة 28:إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر]

[2411]مسألة 28:إذا قصد الصدق فبان كذبا لم يضر كما أشير إليه.

[مسألة 29:إذا أخبر بالكذب هزلا بأن لم يقصد المعنى أصلا لم يبطل صومه]

[2412]مسألة 29:إذا أخبر بالكذب هزلا بأن لم يقصد المعنى أصلا لم يبطل صومه(1).

[السادس:إيصال الغبار الغليظ إلى حلقه]

السادس:إيصال الغبار الغليظ إلى حلقه(2)،بل و غير الغليظ على الأحوط،سواء كان من الحلال كغبار الدقيق أو الحرام كغبار التراب و نحوه، و سواء كان بإثارته بنفسه بكنس أو نحوه أو بإثارة غيره بل أو بإثارة
هذا من جهة انه لا كذب في البين باعتبار ان الصدق و الكذب من أوصاف الخبر المتقوم بقصد الحكاية عن المعنى في الواقع،و بما انه لم يقصد الحكاية عن المعنى فيه فلا موضوع للكذب.

هذا فيما إذا كان مشتملا على أجزاء ترابية ظاهرة للعيان و إن كانت صغيرة فانه حينئذ يصدق على إيصاله إلى الحلق ابتلاعه و أكله،و أما إذا لم يصدق عنوان الابتلاع و الأكل فلا يكون مفطرا،كما إذا كانت أجزاؤه غير ظاهرة للعيان بأن تصاغرت إلى درجة لا يبدو لها وجود كالبخار.

قد يقال:بأن رواية سليمان بن جعفر المروزي قال:«سمعته يقول:إذا تمضمض الصائم في شهر رمضان،أو استنشق متعمدا،أو شم رائحة غليظة،أو كنس بيتا فدخل في أنفه و حلقه غبار فعليه صوم شهرين متتابعين،فان ذلك مفطر مثل الأكل و الشرب و النكاح» 1تنص على أن دخول الغبار في الحلق مفطر،و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين الغبار المشتمل على أجزاء ترابية ظاهرة للعيان و ان صغرت بحيث يصدق على دخوله في الحلق الابتلاع و الأكل و الغبار المشتمل على أجزاء ترابية دقيقة إلى درجة لا يبدو لها وجود في الخارج كالبخار،فاذن لا وجه للتفصيل و لا قرينة على حملها على النوع الأول،و الغبار


 

1) <page number=”59″ />الوسائل باب:22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 60)


……….

الناشي من كنس الدار يختلف فقد يكون غليظا بدرجة يبدو لأجزائه الترابية وجود في الخارج،و قد يكون خفيفا بدرجة لا يبدو لأجزائه وجود فيه.

و الجواب:ان الرواية ساقطة سندا،لأن في سندها سليمان بن جعفر المروزي و لا توثيق له في كتب الرجال.

و دعوى:أن الراوي فيها هو سليمان ابن حفص المروزي دون سليمان بن جعفر المروزي بقرينتين..

الاولى:أنه لا وجود لسليمان بن جعفر المروزي نهائيا.

و الثانية:ان الراوي عنه محمد بن عيسى بن عبيد و هو يروي كثيرا عن ابن حفص.

و لكن للمناقشة في كلتا القرينتين مجال.

أما القرينة الاولى:فلأن سليمان بن جعفر المروزي قد ورد في بعض نسخ هذه الروايه و غيرها،غاية الأمر لم يثبت انه سليمان بن جعفر المروزي،لا أنه ثبت عدمه و أنه لا وجود له،كيف مع ان الشيخ نقل عنه في الاستبصار في غير مورد،و احتمال التصحيف فيه و إن كان موجودا،الاّ ان الوثوق و الجزم به مشكل.

فالنتيجة:أن مجرد كون سليمان بن حفص المروزي مشهورا و كثير الرواية دون سليمان بن جعفر المروزي لا يوجب الوثوق و الاطمئنان بعدم الوجود للثاني،غايته أنه يوجب الظن به و لا قيمة له،فاحتمال ان الراوي في هذه الرواية هو سليمان بن جعفر المروزي موجود.

و أما القرينة الثانية:فلأن غاية ما توجب كثرة رواية محمد بن عيسى بن عبيد عن ابن حفص الظن بالحاق المشكوك بالأعم الأغلب لا أثر للظن و لا يصلح أن يكون قرينة على ان المراد منه هو ابن حفص المروزي.

و مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان المراد منه هو ابن حفص المروزي الاّ أنه لا توثيق له أيضا،غاية الأمر أنه ورد في اسناد كامل الزيارات و قد ذكرنا في

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 61)


الهواء مع التمكين منه و عدم تحفظه،و الأقوى إلحاق البخار الغليظ(1)
بحث الفقه غير مرة أن مجرد وروده في اسناده لا يكفى للتوثيق.

فالنتيجة:ان الرواية ضعيفة سندا سواء أ كان الراوي لها سليمان بن جعفر أم كان سليمان بن حفص.هذا اضافة إلى أن قوله«سمعته»لا يدل على أنه سمع من الامام عليه السّلام،إذ فرق بين أن يكون الاضمار بصيغة«سمعته»و بين أن يكون بصيغة«سألته»أو«قلت له»فانه إن كان بالصيغة الثانية فيمكن أن يقال انه بلحاظ علو مقامه لا يسأل عن غير الإمام عليه السّلام،و أما إن كانت بالصيغة الاولى فلا تتضمن هذه النكتة،إذ نقل ما سمعه من غير الامام عليه السّلام لا يكون مخالفا و منافيا لشأنه و علو مقامه،فاذن الرواية ساقطة من هذه الناحية أيضا.

إلى هنا قد ظهر ان الصحيح هو ما ذكرناه من أن الغبار إذا كانت أجزاؤه الترابية ظاهرة للعيان و وصلت إلى حلق الصائم و كان ذلك باختياره صدق انه ابتلعها و أكلها عامدا ملتفتا،و لا فرق فيه بين أن تكون اثارة تلك الأجزاء الترابية الواصلة إلى الحلق بقيام الصائم نفسه بعملية الكنس أو نحوه أو بقيام غيره،أو بسبب الهواء،و أما إذا كانت أجزاؤه الترابية على نحو لا يبدو لها وجود في الخارج فلا يكون دخولها في الحلق مفطرا و إن كان ذلك بتمكين الصائم و اختياره،على أساس انه لا يصدق عليه عنوان الابتلاع و الأكل،و يدل عليه ذيل موثقة عمرو بن سعيد 1الآتية.

في القوة اشكال بل منع،و الأظهر أنه لا يضر بالصوم،فان وصول البخار إلى الحلق ما دام بخارا كما هو المفروض في المسألة لا يصدق عليه عنوان الشراب،نعم إذا تبدل البخار ماء في الفم ثم دخل في الحلق فهو مفطر لصدق ذلك العنوان عليه و لكنه خلاف الفرض فيها.

فالنتيجة:ان البخار ما دام بخارا إذا دخل في حلق الصائم بتمكينه عامدا


 

1) <page number=”61″ />الوسائل باب:22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 62)


و دخان التنباك و نحوه(1)،و لا بأس بما يدخل في الحلق غفلة أو نسيانا أو قهرا أو مع ترك التحفظ بظن عدم الوصول و نحو ذلك.

[السابع:الارتماس في الماء]

السابع:الارتماس في الماء(2)،و يكفي فيه رمس الرأس فيه و إن كان
ملتفتا إلى الحكم الشرعي لم يكن مفطرا حيث لا يصدق عليه عنوان الشرب.

على الأحوط وجوبا حيث انه بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه غير دعوى الحاقه بالغبار،و هي ساقطة،لما مر من ان الغبار بعنوانه لا يكون مفطرا و انما حكمنا بكونه مفطرا إذا كانت أجزاؤه الترابية ظاهرة للعيان،فانه يصدق حينئذ على دخوله في الحلق عنوان الأكل و الابتلاع،و المفروض ان ذلك العنوان لا يصدق على دخول الدخان في الحلق،فمن أجل ذلك لا وجه لدعوى الالحاق.هذا اضافة إلى أن موثقة عمرو بن سعيد عن الرضا عليه السّلام قال:«سألته عن الصائم يتدخن بعود أو بغير ذلك فتدخل الدخنة في حلقه؟فقال:جائز و لا بأس به،قال:و سألته عن الصائم يدخل الغبار في حلقه؟قال:لا بأس» 1ظاهرة في ذلك.

هذا و إن كان مشهورا و لكنه لا يخلو من اشكال،فالأحوط و الأجدر به وجوبا أن لا يصنع الصائم ذلك،نعم قد استدل على المشهور بمجموعة من الروايات..

منها:صحيحة محمد بن مسلم قال:«سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول:لا يضر الصائم ما صنع إذا اجتنب ثلاث خصال:الطعام و الشراب،و النساء،و الارتماس في الماء» 2.

و منها:قوله عليه السّلام في صحيحته الاخرى:«و لا يغمس رأسه في الماء» 3.

و منها:صحيحة يعقوب بن شعيب عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:«لا يرتمس»


 

1) <page number=”62″ />الوسائل باب:22 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.
2) الوسائل باب:1 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
3) الوسائل باب:3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 63)


……….

«المحرم في الماء و لا الصائم» 1.

و منها:صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«الصائم يستنقع في الماء و لا يرمس رأسه» 2.

و منها:صحيحة حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:«لا يرتمس الصائم و لا المحرم رأسه في الماء» 3.و منها غيرها.

فان مفاد هذه الروايات الارشاد إلى مفطرية الارتماس و مانعيته عن الصوم كالطعام و الشراب و النساء،و اقتران نهي الصائم عن الارتماس في بعضها بنهي المحرم عنه لا يصلح أن يكون قرينة على أن المراد منه هو النهي التكليفي بقرينة أن المراد من نهي المحرم عنه هو النهي التكليفي،و ذلك لأن النهي في أمثال المقام ظاهر في الارشاد إلى المانعية بنفسه و حمله على التكليفي بحاجة إلى قرينة،و لكن قد قامت القرينة من الخارج على أن المراد منه في المحرم النهي التكليفي،و لا قرينة بالنسبة إلى الصائم،فالاقتران لو صلح للقرينية فانما يصلح إذا كان نهي المحرم عنه في نفسه ظاهرا في النهي التكليفي و الفرض عدمه في المقام هذا.

و لكن هذه الروايات معارضة بموثقة اسحاق بن عمار قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:رجل صائم ارتمس في الماء متعمدا عليه قضاء ذلك اليوم؟قال:

ليس عليه قضاؤه و لا يعودن» 4باعتبار ان الموثقة بلحاظ نفي القضاء عنه ناصة في عدم كون الارتماس مفطرا،و على هذا فان لو حظ الموثقة بالنسبة إلى سائر الصحاح دون الاولى فلا يبعد أن تكون قرينة على حمل النهي فيها على الكراهة و الحزازة،فانه و إن كان ظاهرا في الارشاد إلى المانعية كما مر،الاّ أنه قابل للحمل عليها،و من هنا كان نهي المحرم عنه محمولا على الحرمة التكليفية،مع انه ورد


 

1) <page number=”63″ />الوسائل باب:3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
2) الوسائل باب:3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:7.
3) الوسائل باب:3 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:8.
4) الوسائل باب:6 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 64)


……….

في سياق نهي الصائم عنه،و هذا دليل على أن هذا النهي الذي هو ظاهر في النهي الارشادي قابل للحمل على النهي التكليفي بقرينة،كما أن صدر الموثقة قرينة على حمل قوله عليه السّلام في ذيلها على الكراهة،و عليه فلو كنا نحن و الموثقة مع هذه الصحاح لم يبعد تقديم الموثقة عليها دلالة،و لا تصل النوبة إلى إعمال قواعد باب المعارضة،و إن لو حظ بالنسبة إلى الصحيحة الاولى فهي معارضة لها،فان الصحيحة ناصة في مفطرية الارتماس كالطعام و الشراب و النساء،فاذن لا بد من الرجوع إلى مرجحات باب المعارضة،و بما أنه لا ترجيح في البين فتسقطان معا من جهة المعارضة و يرجع حينئذ إلى الأصل العملي في المسألة و هو أصالة البراءة عن مفطرية الارتماس للصائم.

و دعوى:ان الموثقة موافقة للعامة،و الصحيحة مخالفة لهم فلا بد من تقديم الصحيحة عليها تطبيقا للترجيح بمخالفة العامة.

مدفوعة:بأن تطبيق هذا الترجيح منوط بكون الموثقة موافقة لكل مذاهب العامة على نحو لا تكون مندوحة للتخلص عن الحمل عليها،و أما إذا كانت موافقة لبعضها و مخالفة لبعضها الآخر فلا مقتضي لحملها على التقية تطبيقا للترجيح بمخالفة العامة لتوفر الطريق للتخلص عنها و المقام من هذا القبيل إذ نقل عن أحمد جواز الارتماس للصائم إلاّ إذا خاف أن يدخل الماء مسامعه، فحينئذ لا يجوز،و قد صرح بعضهم بالكراهة خوفا من دخول الماء في مسامعه في الغسل المشروع،و أما إذا غاص في الماء أو أسرف أو كان عابثا فهو مفطر، و عليه فجواز الارتماس و عدم بطلان الصوم به ليس أمرا اتفاقيا لدى العامة كلا، فاذن لا موجب لحملها على التقية لإمكان التخلص عنها.

فالنتيجة:انه لا ترجيح في البين،و مجرد عمل المشهور بالصحيحة لا يصلح أن يكون مرجحا في هذا الباب،فمقتضى القاعدة حينئذ عدم ثبوت مفطرية الارتماس،و لكن مع ذلك كان الأجدر به و الأحوط وجوبا أن لا يصنع ذلك في نهار شهر رمضان عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي،و إن صنع فعليه أن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 65)


سائر البدن خارجا عنه،من غير فرق بين أن يكون رمسه دفعة أو تدريجا على وجه يكون تمامه تحت الماء زمانا،و أما لو غمسه على التعاقب لا على هذا الوجه فلا بأس به و إن استغرقه،و المراد بالرأس ما فوق الرقبة بتمامه فلا يكفي غمس خصوص المنافذ في البطلان و إن كان هو الأحوط،و خروج الشعر لا ينافي صدق الغمس.

[مسألة 30:لا بأس برمس الرأس أو تمام البدن في غير الماء من سائر المائعات]

[2413]مسألة 30:لا بأس برمس الرأس أو تمام البدن في غير الماء من سائر المائعات،بل و لا رمسه في الماء المضاف،و إن كان الأحوط الاجتناب خصوصا في الماء المضاف(1).

[مسألة 31:لو لطخ رأسه بما يمنع من وصول الماء إليه ثم رمسه في الماء فالأحوط بل الأقوى بطلان صومه]

[2414]مسألة 31:لو لطخ رأسه بما يمنع من وصول الماء إليه ثم رمسه في الماء فالأحوط بل الأقوى بطلان صومه،نعم لو أدخل رأسه في إناء كالشيشة و نحوها و رمس الإناء في الماء فالظاهر عدم البطلان.

[مسألة 32:لو ارتمس في الماء بتمام بدنه إلى منافذ رأسه و كان ما فوق المنافذ من رأسه خارجا عن الماء كلا أو بعضا]

[2415]مسألة 32:لو ارتمس في الماء بتمام بدنه إلى منافذ رأسه و كان ما فوق المنافذ من رأسه خارجا عن الماء كلا أو بعضا لم يبطل صومه على الأقوى،و إن كان الأحوط البطلان برمس خصوص المنافذ كما مر.

[مسألة 33:لا بأس بإفاضة الماء على رأسه و إن اشتمل على جميعه ما لم يصدق الرمس في الماء]

[2416]مسألة 33:لا بأس بإفاضة الماء على رأسه و إن اشتمل على جميعه ما لم يصدق الرمس في الماء،نعم لو أدخل رأسه أو تمام بدنه في النهر المنصب من عال إلى السافل و لو على وجه التسنيم فالظاهر البطلان لصدق الرمس،و كذا في الميزاب إذا كان كبيرا و كان الماء كثيرا كالنهر مثلا.

يواصل صومه بأمل أن يقبل اللّه تعالى منه رجاء،ثم يقضي بعد ذلك.

لا يترك،فان الروايات الناهية عن الارتماس و إن قيدت النهي عنه في الماء الاّ ان من المحتمل قويا أن يكون هذا التقييد من باب الغالب،إذ الارتماس

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 66)


[مسألة 34:في ذي الرأسين إذا تميز الأصلي منهما فالمدار عليه]

[2417]مسألة 34:في ذي الرأسين إذا تميز الأصلي منهما فالمدار عليه، و مع عدم التميز يجب عليه الاجتناب عن رمس كل منهما،لكن لا يحكم ببطلان الصوم إلا برمسهما و لو متعاقبا(1).

[مسألة 35:إذا كان مائعان يعلم بكون أحدهما ماء يجب الاجتناب عنهما]

[2418]مسألة 35:إذا كان مائعان يعلم بكون أحدهما ماء يجب الاجتناب عنهما،و لكن الحكم بالبطلان يتوقف على الرمس فيهما.

[مسألة 36:لا يبطل الصوم بالارتماس سهوا أو قهرا أو السقوط في الماء من غير اختيار]

[2419]مسألة 36:لا يبطل الصوم بالارتماس سهوا أو قهرا أو السقوط في الماء من غير اختيار.

[مسألة 37:إذا ألقى نفسه من شاهق في الماء بتخيل عدم الرمس فحصل لم يبطل صومه]

[2420]مسألة 37:إذا ألقى نفسه من شاهق في الماء بتخيل عدم الرمس فحصل لم يبطل صومه.

في غير الماء حتى في الماء المضاف لو صادف فهو اتفاقي نادر جدا،فمن أجل ذلك لا يكون الانسان واثقا و متأكدا من الخصوصية في هذا التقييد،هذا اضافة إلى أن مقتضى مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية عدم الفرق بين الارتماس في الماء و الارتماس في سائر المائعات.

في التقييد اشكال بل منع،و الظاهر عدم الفرق في الحكم ببطلان الصوم احتياطا أو جزما بين أن يرمس في الماء بكليهما أو بأحدهما،فانه إذا نوى الرمس فيه بأحدهما فمعناه انه نواه و إن كان أصليا،و لازم ذلك هو انه غير ناو للصوم و غير ملتزم بترك كل المفطرات في الواقع حتى ترك ما يحتمل كونه مفطرا فيه،إذ معنى الصيام هو التزام المكلف بالامساك و الاجتناب عن كل ما هو مفطر في الواقع سواء كان معلوما أم مظنونا أم محتملا،و من الواضح ان بناءه على ارتكابه و ان كان مفطرا في الواقع لا ينسجم مع نية الصوم و التزامه بالترك و الامساك عن الكل،نعم لا تترتب الكفارة على رمس أحدهما لأنها مترتبة على رمس الرأس الأصلي في الماء و هو شاك فيه.

فالنتيجة:ان كل أثر شرعي مترتب على ارتكاب المعلوم بالاجمال عامدا

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 67)


[مسألة 38:إذا كان مائع لا يعلم أنه ماء أو غيره،أو ماء مطلق أو مضاف لم يجب الاجتناب عنه]

[2421]مسألة 38:إذا كان مائع لا يعلم أنه ماء أو غيره،أو ماء مطلق أو مضاف لم يجب الاجتناب عنه(1).

[مسألة 39:إذا ارتمس نسيانا أو قهرا ثم تذكر أو ارتفع القهر وجب عليه المبادرة إلى الخروج]

[2422]مسألة 39:إذا ارتمس نسيانا أو قهرا ثم تذكر أو ارتفع القهر وجب عليه المبادرة إلى الخروج و إلا بطل صومه(2).

ملتفتا لا يترتب على ارتكاب أحد أفراده كذلك كالكفارة في المقام و وجوب الحد المترتب على شرب الخمر،فانه إذا علم اجمالا بأن أحد الإناين خمر فشرب أحدهما دون الآخر لم يحد و إن كان شربه غير جائز الاّ أنه لا ملازمة بين عدم جواز شربه و بين وجوب الحد عليه كما مر.

بل وجب على الأحوط،و قد مر وجهه في المسألة(30).

الأحوط وجوبا الجمع بين اتمام الصيام بأمل أن يقبل اللّه تعالى منه رجاء و القضاء بعد ذلك على أساس ان الروايات الناهية عن ارتماس الصائم في الماء و ان كانت بالنظر البدوي ظاهرة في المنع عن احداثه دون الأعم منه و من الابقاء،و لكن بالنظر التحقيقي العرفي لا يكون الانسان واثقا و متأكدا بأن العرف يفهم من تلك الروايات ان المانع من الصوم هو احداث الارتماس فقط دون الأعم منه و من الابقاء،كما انه لا يكون متأكدا و واثقا على أنه لا يفهم منها ان المانع منه الأعم من الاحداث و الابقاء،فكلا الأمرين محتمل،و بما أنه لا يمكن الجزم بأحدهما فمن أجل ذلك يتعين عليه الاحتياط في المسألة بأن يواصل صيامه بنية التقرب إلى اللّه تعالى و الخلوص رجاء ثم يقضي بعد شهر رمضان.

فالنتيجة:ان الارتماس في الماء إن كان صادرا من الصائم نسيانا أو غفلة أو خطأ أو جهلا مركبا أو قهرا لم يكن مفطرا ما دام العذر موجودا،و أما إذا ارتفع العذر و لم يبادر إلى الخروج من الماء فالأحوط الجمع كما عرفت،و إن كان صادرا منه بارادته و اختياره عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي و إن كان بسبب الاكراه أو الوجوب عليه فهو مفطر على الأحوط كما مر،و بذلك يظهر حال

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 68)


[مسألة 40:إذا كان مكرها في الارتماس لم يصح صومه]

[2423]مسألة 40:إذا كان مكرها في الارتماس لم يصح صومه بخلاف ما إذا كان مقهورا.

[مسألة 41:إذا ارتمس لإنقاذ غريق بطل صومه]

[2424]مسألة 41:إذا ارتمس لإنقاذ غريق بطل صومه و إن كان واجبا عليه.

[مسألة 42:إذا كان جنبا و توقف غسله على الارتماس انتقل إلى التيمم إذا كان الصوم واجبا معينا]

[2425]مسألة 42:إذا كان جنبا و توقف غسله على الارتماس انتقل إلى التيمم إذا كان الصوم واجبا معينا،و إن كان مستحبا أو كان واجبا موسعا وجب عليه الغسل و بطل صومه(1).

[مسألة 43:إذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب المعين بطل صومه و غسله]

[2426]مسألة 43:إذا ارتمس بقصد الاغتسال في الصوم الواجب المعين بطل صومه و غسله(2)إذا كان متعمدا،و إن كان ناسيا لصومه صحا معا،
المسألتين الآتيتين.

في البطلان اشكال بل منع،و الأظهر عدم بطلانه بناء على ما هو الصحيح من امكان القول بالترتب،إذ لا مانع من أن يكون الأمر بالصوم مترتبا على ترك الارتماس حيث أنهما ليسا من الضدين اللذين لا ثالث لهما،بل لهما ثالث و هو أن يترك المكلف الارتماس و لا يصوم،باعتبار ان الصوم مركب من حصة خاصة من ترك الارتماس و هي تركه القربي لا مطلق تركه.

اما بطلان الصوم فهو مبني على الاحتياط كما مر،و اما بطلان الغسل الارتماسي فهو ممنوع،نعم قد يستدل عليه بأنه لما كان مفطرا للصوم فهو منهي عنه و معه لا يمكن الحكم بصحته،و هذا التخريج لا يتم لوجهين..

الأول:ان المكلف متى ما نوى الغسل الارتماسي بطل صومه على أساس بطلان الصوم بنية القاطع،و بعد البطلان لا يكون الارتماس منهيا عنه،فلا موجب حينئذ لبطلانه.

و لكن هذا الوجه انما يتم في غير شهر رمضان من الواجب المعين على أساس أن الصائم إذا أبطله لم يجب عليه الامساك في بقية النهار تشبيها بالصائمين،فمن أجل ذلك لا يكون الارتماس منهيا عنه،و هذا بخلاف صوم

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 69)


و أما إذا كان الصوم مستحبا أو واجبا موسّعا بطل صومه(1)و صح غسله.

شهر رمضان فانه إذا أبطله وجب عليه امساك بقية النهار تشبيها بالصائمين،ثم القضاء بعد الشهر المبارك،فلذلك يكون الارتماس منهيا عنه،هذا اضافة إلى ما ذكرناه في علم الاصول من أن ايجاب شيء لا يقتضي النهي عن ضده و لا عن نقيضه.

الثاني:ان النهي المتعلق بالغسل الارتماسي نهي غيري لا نفسي،فانه ناشئ من الأمر الضمني النفسي بتركه باعتبار انه جزء الصوم الواجب،و بما أن الغسل الارتماسي أحد فردي الغسل فالمأمور به هو الجامع بينه و بين الترتيبي، و قد ذكرنا في علم الاصول أنه لا تزاحم بين الواجب الموسع و هو الغسل في المقام و الواجب المضيق و هو الصوم على أساس أن ما تعلق به الوجوب في الواجب الموسع هو الجامع باعتبار ان الجامع بين المقدور و غير المقدور مقدور،فلا موجب لتقييده بالفرد المقدور حينئذ.

و على هذا فإذا عصى المكلف بترك الواجب المضيق و الاتيان بالفرد المزاحم له حكم بصحته بملاك انطباق الواجب عليه،فتكون الصحة حينئذ على القاعدة،و لا تتوقف على القول بالترتب.و فيما نحن فيه بما أن الصوم واجب مضيق و الغسل واجب موسع فلا يكون مزاحما له حيث انه لا مانع من الأمر بهما معا في عرض واحد،و ما هو مزاحم له و هو الفرد كالغسل الارتماسي لا يكون واجبا،و على هذا فإذا عصى المكلف و اغتسل ارتماسا فصومه و إن بطل إلا أنه لا موجب لبطلان غسله الارتماسي،فان الاتيان به انما هو بداعي امتثال الأمر المتعلق بالجامع بينه و بين غيره باعتبار أنه ينطبق عليه انطباق الطبيعي على فرده،و النهي الغيري بما أنه لا يكشف عن مبغوضية متعلقه فلا يمنع من الانطباق،و هذا الوجه يعم صوم شهر رمضان و غيره من الصوم الواجب المعين.

على الأحوط كما تقدم،و بذلك يظهر حال المسألة الآتية أيضا.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 70)


[مسألة 44:إذا أبطل صومه بالارتماس العمدي]

[2427]مسألة 44:إذا أبطل صومه بالارتماس العمدي فإن لم يكن من شهر رمضان و لا من الواجب المعين غير شهر رمضان(1)يصح له الغسل حال المكث في الماء أو حال الخروج(2)،و إن كان من شهر رمضان يشكل صحته حال المكث لوجوب الإمساك عن المفطرات فيه بعد البطلان أيضا(3)،بل يشكل صحته حال الخروج أيضا لمكان النهي السابق كالخروج من الدار الغصبية إذا دخلها عامدا،و من هنا يشكل صحة الغسل في الصوم الواجب المعين أيضا(4)سواء كان في حال المكث أو حال الخروج.

في استثناء ذلك اشكال بل منع و سيظهر وجهه في التعليق الآتي.

تقدم ان المأمور به هو احداث الغسل دون الأعم منه و من البقاء،و بما ان الغسل في حال المكث في الماء أو حال الخروج ابقاء له،فلا يكون مصداقا للغسل المأمور به فلا يجزئ.

هذا مبني على القول بصحة الغسل في حال المكث في الماء،أو حال الخروج،فعندئذ يشكل صحته في هذا الحال،و لكن في ضوء هذا القول لا اشكال في صحته لما مر من أن الواجب هو الجامع بين الغسل الترتيبي و الغسل الارتماسي،فإذا أتى بالارتماسي انطبق عليه الجامع فيحكم بصحته،و النهي الغيري المتعلق به على تقدير القول به لا يمنع منه كما عرفت.

تقدم انه بناء على ما هو الصحيح من ان المأمور به هو احداث الغسل دون الأعم منه و من الابقاء،فلا يصح الغسل حال المكث في الماء أو حال الخروج منه،و أما مع الاغماض عن ذلك و البناء عل صحته في هذه الحال،فلا اشكال في الصحة في محل الكلام،و هو ما إذا كان الواجب المعين غير صوم شهر رمضان،فانه إذا بطل لم يجب عليه الإمساك في بقية النهار فان وجوبه بعد البطلان حتى يوجب النهي عن المفطر مختص بصوم شهر رمضان إذا بطل أثناء النهار دون غيره،فلا موجب حينئذ للإشكال في صحته.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 71)


[مسألة 45:لو ارتمس الصائم في الماء المغصوب]

[2428]مسألة 45:لو ارتمس الصائم في الماء المغصوب فإن كان ناسيا للصوم و للغصب صح صومه و غسله(1)،و إن كان عالما بهما بطلا معا(2)، و كذا إن كان متذكرا للصوم ناسيا للغصب(3)،و إن كان عالما بالغصب ناسيا
هذا إذا لم يكن الناسي هو الغاصب و إلاّ بطل غسله باعتبار انه في نهاية المطاف مستند إلى سوء اختياره،و بما انه تصرف في ماء الغير بدون اذنه فيكون مبغوضا و لا يكون مشمولا لحديث الرفع لاختصاصه بمورد الامتنان، و لا امتنان في رفع المبغوضية عنه و العقوبة،فمن أجل ذلك يقع فاسدا لاستحالة كون المبغوض مصداقا للمحبوب.

على الأحوط في الصوم،فيه و فيما بعده كما مر.

على الأحوط في الصوم،و اما الغسل فهو صحيح فانه ان كان في نهار صوم يوم معين غير شهر رمضان فلا إشكال في صحته حيث انه لا يكون منهيا عنه بعد بطلان الصوم،و إن كان في صوم شهر رمضان فقد قيل في وجه بطلانه أنه منهي عنه على أساس وجوب امساك بقية النهار فيه بعد البطلان،فإذا كان الصائم ملتفتا إلى أن ارتماسه في هذا الماء مصداق للإفطار المحرم فلا يمكن أن يرتمس فيه بنية التقرب إليه تعالى فيقع فاسدا.

و لكن تقدم انه لا دليل على حرمة الارتماس بعنوان أنه ناقض للصوم و مفطر له،حيث ان الظاهر من النهي عنه في الروايات هو الارشاد إلى مفطريته عن الصوم لا حرمته تكليفا،و من هنا لو ارتمس في نهار شهر رمضان لم يستحق عقوبتين،احداهما على بطلان الصوم و تركه،و الاخرى على الارتماس.

و على هذا فلا يكون الارتماس مبغوضا الاّ بالغير،و هو لا يمنع من التقرب به بملاك انطباق الجامع عليه كما مر.

فالنتيجة:انه لا بأس بالاتيان به بداعي امتثال الأمر المتعلق بالجامع على ما مر تفصيله في المسألة(43)شريطة أن لا يكون الناسي هو الغاصب.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 72)


للصوم صح الصوم دون الغسل.

[مسألة 46:لا فرق في بطلان الصوم بالارتماس بين أن يكون عالما بكونه مفطرا أو جاهلا]

[2429]مسألة 46:لا فرق في بطلان الصوم بالارتماس(1)بين أن يكون عالما بكونه مفطرا أو جاهلا(2).

[مسألة 47:لا يبطل الصوم بالارتماس في الوحل و لا بالارتماس في الثلج]

[2430]مسألة 47:لا يبطل الصوم بالارتماس في الوحل و لا بالارتماس في الثلج.

[مسألة 48:إذا شك في تحقق الارتماس بنى على عدمه]

[2431]مسألة 48:إذا شك في تحقق الارتماس بنى على عدمه(3).

[الثامن:البقاء على الجنابة عمدا إلى الفجر الصادق في صوم شهر رمضان أو قضائه]

الثامن:البقاء على الجنابة عمدا إلى الفجر الصادق في صوم شهر رمضان أو قضائه،دون غيرهما من الصيام الواجبة و المندوبة على الأقوى، و إن كان الأحوط تركه في غيرهما أيضا خصوصا في الصيام الواجب موسّعا
على الأحوط كما مر.

هذا إذا لم يكن جهله مركبا،و إلاّ كان حكمه حكم الناسي و الغافل على أساس انه لا يمكن تكليف القاطع على خلاف قطعه.

هذا انما يتم بالنسبة إلى نفي الكفارة التي هي مترتبة على الارتماس عامدا ملتفتا إلى الحال دون وجوب القضاء الذي هو مترتب على بطلان الصوم، و ذلك لأن الشك في تحقق الارتماس العمدي إن كان من جهة الشبهة المفهومية فالمرجع فيه أصالة البراءة عن مانعية الأكثر و مفطريته،بناء على ما هو الصحيح من جريان البراءة في مسألة دوران الأمر بين الأقل و الأكثر الارتباطيين،و إن كان من جهة الشبهة الموضوعية فالمرجع فيه أصالة عدم تحققه عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي،و أما عدم تمامية ذلك بالنسبة إلى وجوب القضاء فلأنه مترتب على بطلان الصوم،و الفرض ان بطلانه لا يترتب على تحقق الارتماس في الخارج حيث يكفى فيه نية الارتماس و إن لم يتحقق خارجا.

فالنتيجة:ان الصائم إذا نوى الارتماس بطل صومه سواء ارتمس أم لم يرتمس،كما انه إذا ارتمس بدون النية قهرا أو غفلة لم يبطل.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 73)


كان أو مضيّقا،و أما الإصباح جنبا من غير تعمد فلا يوجب البطلان إلا في قضاء شهر رمضان على الأقوى(1)،و إن كان الأحوط إلحاق مطلق الواجب الغير المعين به في ذلك،و أما الواجب المعين رمضانا كان أو غيره فلا يبطل بذلك،كما لا يبطل مطلق الصوم واجبا كان أو مندوبا معينا أو غيره بالاحتلام في النهار،و لا فرق في بطلان الصوم بالإصباح جنبا عمدا بين أن تكون الجنابة بالجماع في الليل أو الاحتلام،و لا بين أن يبقى كذلك متيقظا أو
بل في صوم شهر رمضان أيضا شريطة أن يكون في النومة الثانية، بيان ذلك:

ان الروايات الواردة في هذه المسألة تصنف إلى خمس مجموعات..

المجموعة الاولى:ما يكون موردها النومة الاولى،و تنص فيه على ان من يجنب في أول الليل إذا نام و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فلا شيء عليه، و صيامه صحيح.و هي متمثلة في صحيحة معاوية بن عمار قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في أول الليل ثم ينام حتى يصبح في شهر رمضان؟ قال:ليس عليه شيء…الحديث» 1.

و مقتضى اطلاق هذه الصحيحة أنه لا فرق فيه بين أن يكون الرجل واثقا و متأكدا بالانتباه من النوم قبل طلوع الفجر أو لا.

المجموعة الثانية:ما يكون موردها النومة الاولى أيضا،و تنص فيه على أن من يصيبه الجنابة في شهر رمضان ليلا إذا نام قبل أن يغتسل و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فعليه أن يمسك طيلة النهار،ثم يقضي يوما آخر بدله بعد ذلك و هي متمثلة في عدة روايات:

منها:صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام قال:«سألته عن الرجل تصيبه الجنابة في رمضان،ثم ينام قبل أن يغتسل؟قال:يتم صومه،و يقضى ذلك»


 

1) <page number=”73″ />الوسائل باب:15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 74)


……….

اليوم،الاّ ان يستيقظ قبل أن يطلع الفجر،فان انتظر ماء يسخن أو يستقى فطلع الفجر فلا يقضى صومه-يومه- 1».

و منها:موثقة سماعة بن مهران قال:«سألته عن رجل أصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام و قد علم بها،و لم يستيقظ حتى يدركه الفجر؟فقال:

عليه أن يتم صومه و يقضي يوما آخر» 2.

و منها:غيرهما.

و مقتضى اطلاق هذه الروايات عدم الفرق بين أن يكون المجنب واثقا و متأكدا بالاستيقاظ قبل الفجر أو لا.

المجموعة الثالثة:ما يكون موردها النومة الثانية و تنص فيه على أن الجنب إذا نام و استيقظ من النوم ثم نام ثانيا و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فعليه أن يمسك ذلك اليوم و يقضي يوما آخر بدله بعد ذلك،و هي متمثلة في عدة نصوص:

منها:صحيحة ابن أبي يعفور قال:«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:الرجل يجنب في شهر رمضان ثم يستيقظ ثم ينام حتى يصبح؟قال:يتم يومه-صومه- و يقضي يوما آخر،و إن لم يستيقظ حتى يصبح أتم صومه-يومه-و جاز له» 3.

فانها تدل على حكم النومة الثانية،و أنها إذا استمرت به إلى أن طلع الفجر بطل صومه و عليه القضاء،و مقتضى اطلاقها عدم الفرق بين أن يكون متعمدا في ذلك أو لا،و نقصد بالثانية مقابل الاولى و إن كانت ثالثة و ما زاد.

و منها:ذيل صحيحة معاوية بن عمار المتقدمة:«قلت:فانه استيقظ ثم نام حتى أصبح؟قال:فليقض ذلك اليوم عقوبة» 4فانه يدل على بطلان صومه إذا ظل نائما في النومة الثانية إلى أن طلع الصبح،و مقتضى اطلاقه عدم الفرق بين أن


 

1) <page number=”74″ />الوسائل باب:15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:3.
2) الوسائل باب:15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:5.
3) الوسائل باب:15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.
4) الوسائل باب:15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 75)


……….

يكون متعمدا فيه أو لا،كما إذا نام ثانيا واثقا مطمئنا بالانتباه و لم ينتبه اتفاقا و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فعليه القضاء دون الكفارة.

المجموعة الرابعة:ما يكون موردها النومة الاولى و تنص فيه على اناطة بطلان الصوم و وجوب القضاء بتعمد البقاء على الجنابة إلى أن طلع الفجر،و هي متمثلة في صحيحة ابن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السّلام قال:«سألته عن رجل أصاب من أهله في شهر رمضان،أو اصابته جنابة ثم ينام حتى يصبح متعمدا؟ قال:يتم ذلك اليوم و عليه قضاؤه» 1و صحيحة الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام انه قال:«في رجل احتلم أول الليل،أو أصاب من أهله ثم نام متعمدا في شهر رمضان حتى أصبح،قال:يتم صومه ذلك ثم يقضيه إذا أفطر من شهر رمضان و يستغفر ربّه» 2.

المجموعة الخامسة:ما يكون موردها الأعم من النومة الاولى و الثانية و تنص فيه على ان الجنب في شهر رمضان ليلا إذا ترك الغسل متعمدا حتى طلع الفجر فعليه الكفارة،و هي متمثلة في صحيحة أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«في رجل أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح،قال:

يعتق رقبة،أو يصوم شهرين متتابعين،أو يطعم ستين مسكينا» 3و غيرها.

و بعد ذلك نقول:ان المجموعة الاولى معارضة للمجموعة الثانية بالتباين فان الاولى تدل على أن الجنب في شهر رمضان ليلا إذا نام و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فلا شيء عليه،و يصح صومه و إن كان متعمدا،و الثانية تدل على انه إذا نام و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فعليه أن يمسك طيلة النهار و يقضي يوما آخر و إن لم يكن متعمدا في ذلك،هذا،و لكن المجموعة الرابعة تصلح أن تكون قرينة عرفا على المصالحة بينهما على أساس أنها تدل على ان بطلان الصوم و وجوب الامساك و القضاء مختص بصورة ما إذا كان الجنب تاركا للغسل


 

1) <page number=”75″ />الوسائل باب:15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:4.
2) الوسائل باب:16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
3) الوسائل باب:16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 76)


……….

متعمدا،و عليه فتكون نسبتها إلى كل من المجموعتين نسبة الخاص إلى العام، فتقيد اطلاق الاولى بما إذا لم يكن متعمدا في ترك الغسل،و اطلاق الثانية بما إذا كان متعمدا فيه،فاذن لا معارضة بينهما لعدم اشتراكهما لا في الموضوع و لا في الحكم.

فالنتيجة:ان الجنب في النومة الاولى إذا لم يكن معذورا فيها و كان متعمدا وجب عليه أن يمسك ذلك اليوم تشبيها بالصائمين،ثم يقضي بعد ذلك.

و أما المجموعة الثالثة فبما أن موردها النومة الثانية فلا تصلح المجموعة الرابعة أن تكون قرينة على تقييد اطلاقها بما إذا كان متعمدا فيها باعتبار ان موردها النومة الاولى،و لا نظر لها إلى النومة الثانية لكي تدل على اعتبار قيد التعمد فيها أيضا،فاذن يكون اطلاقها محكم،و مقتضاه بطلان الصوم و وجوب الامساك طيلة النهار و القضاء بعد ذلك،و إن كان معذورا فيها و لم يكن متعمدا في ترك الغسل.

و أما المجموعة الخامسة فهي أيضا لا تصلح أن تكون مقيدة لإطلاقها باعتبار أنها ناظرة إلى تقييد وجوب الكفارة بقيد التعمد دون الأعم من وجوبها و وجوب القضاء،و من هنا لو لم تكن هذه المجموعة لم نقل بوجوب الكفارة زائدا على وجوب القضاء حيث لا يدل على وجوبها شيء من المجموعات المتقدمة،و انما تدل تلك المجموعات على وجوب القضاء فقط.

فالنتيجة المتحصلة من مختلف هذه المجموعات هي ما يلي..

أولا:ان الجنب في شهر رمضان ليلا بجماع أو احتلام أو غيره إذا كان واثقا و مطمئنا بأنه إذا نام قبل أن يغتسل انتبه من النوم قبل أن يطلع الفجر يسمح له أن ينام تاركا للاغتسال معتمدا على الانتباه آخر الليل،و في هذه الحالة إذا نام و استمر به النوم اتفاقا إلى أن طلع الفجر فلا شيء عليه و يصح صومه.

و ثانيا:إذا لم يكن واثقا و مطمئنا بذلك لا يسمح له أن ينام قبل أن يغتسل حيث يحتمل انه إذا نام يفوت منه الغسل قبل طلوع الفجر باعتبار انه لا يكون

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 77)


……….

معتادا على الانتباه و هو موجب لتفويت الملاك الملزم في الصوم في وقته على أساس ان وجوب الصوم فعلي بعد دخول شهر رمضان بمقتضى الكتاب و السنة،و هو يكشف عن تمامية ملاكه في وقته و وجوب تحصيل القدرة عليه بالاتيان بالمقدمات مطلقا حتى قبل طلوع الفجر و دخول الوقت،و قد ذكرنا في علم الاصول انه لا مانع من الالتزام بالشرط المتأخر في مرحلة الجعل و الاعتبار في كل مورد يدل عليه الدليل،و منه مسألتا وجوب الحج و وجوب الصيام،فان وجوب الحج موقوت بيوم عرفة و وجوب الصوم موقوت بطلوع الفجر،مع أن الحج يتوقف على السفر إلى الميقات و لوازمه و متطلباته قبل يوم عرفة و الصيام من الجنب يتوقف على الاغتسال قبل طلوع الفجر،و لا شبهة في أن المكلف مسئول عن طي المسافة إلى الميقات من قبل وجوب الحج و عن الاغتسال قبل الفجر من قبل وجوب الصيام،فمن أجل ذلك لا بد من الالتزام بالشرط المتأخر في هاتين المسألتين.

و على هذا الأساس يجب تحصيل القدرة على الواجب في ظرفه قبل دخول وقته من قبل مقدماته المفوتة على نحو يكون واثقا و مطمئنا بأن لا يفوت منه الواجب بماله من الملاك الملزم التام في ظرفه،و أما إذا احتمل أن ترك شيء يفوّت عليه الواجب بماله من الملاك الملزم في ظرفه فلا يسمح له تركه،و ما نحن فيه من هذا القبيل حيث ان الجنب كان يحتمل انه إذا نام قبل أن يغتسل لم يستيقظ من النوم قبل طلوع الفجر باعتبار انه لم يكن معتادا على الانتباه،أو كان و لكن دون مرتبة الوثوق و الاطمينان،و في هذه الحالة إذا نام و لم يغتسل و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فعليه القضاء و الكفارة باعتبار انه تارك للغسل متعمدا إلى طلوع الفجر،حيث ان وظيفته الشرعية الاتيان بالغسل قبل أن ينام،فلا يجوز له النوم قبل الاتيان به لاحتمال أنه يوجب تفويت الملاك الملزم منه في ظرفه، فإذا ترك الغسل عامدا ملتفتا إلى ذلك و نام و امتد به النوم إلى الطلوع كان تاركا له متعمدا فعليه امساك ذلك اليوم تأدبا و القضاء و الكفارة بعد ذلك،و لا فرق فيه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 78)


……….

بين أن يكون في نيته الاغتسال إذا انتبه قبل طلوع الفجر أو لا يكون في نيته ذلك،فانه على كلا التقديرين إذا نام في هذه الحالة رغم انه غير مسموح له و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فهو بمثابة من ترك الغسل و هو مستيقظ متعمدا،حيث ان صدق ذلك انما هو بملاك انه ترك ما هو وظيفته شرعا و هو الاغتسال و عدم جواز النوم قبله،و لا أثر لنية الاغتسال إذا انتبه قبل الفجر مع عدم اعتياده على الانتباه قبله.

نعم،إذا كان الجنب مطمئنا و متأكدا بأنه إذا نام انتبه من النوم قبل طلوع الفجر فحينئذ إذا نام ناويا الاغتسال بعد الانتباه و قبل أن يطلع الفجر و لكن استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فلا شيء عليه و يصح صومه،و أما إذا نام و ليس من نيته الاغتسال بعد الانتباه و قبل الفجر و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فهو تارك للغسل متعمدا فيكون بمثابة المستيقظ التارك لذلك،و عليه في هذه الحالة وجوب القضاء و الكفارة معا.

و ثالثا:إذا نام الجنب معتمدا على وثوقه و اطمئنانه بالانتباه و انتبه في الأثناء و حينئذ إذا أراد أن ينام ثانيا فإن كان واثقا و مطمئنا بالانتباه قبل طلوع الفجر يسمح له أن ينام و الاّ فلا،كما هو الحال في النوم الأول،و في هذه الحالة التي يسمح له بالنوم ثانيا إذا نام واثقا بالانتباه و لم ينتبه و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر،فالظاهر بطلان صومه و وجوب الامساك في ذلك اليوم عليه و قضائه بعد ذلك لما مر من اطلاق دليل المسألة و عدم المقيد له،و بذلك تفترق النومة الثانية عن الاولى حيث لا يجب القضاء في النومة الاولى في هذه الحالة.

فالنتيجة:ان الحكم التكليفي يفترق عن الحكم الوضعي في النومة الثانية فيجوز له أن ينام ثانيا مع الوثوق و الاطمئنان بالانتباه،و لكن إذا نام و لم ينتبه اتفاقا و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر وجب أن يمسك طيلة النهار ثم يقضي بعد ذلك.

و رابعا:أن وجوب القضاء لا ينفك عن وجوب الكفارة في النومة الاولى

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 79)


……….

فان الجنب إذا كان مطمئنا بالانتباه في هذه النومة و لكن لم ينتبه و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فلا شيء عليه و يصح صومه،و إن لم يكن مطمئنا بالانتباه فنام قبل أن يغتسل و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فعليه القضاء و الكفارة معا، لأنه حينئذ كالمستيقظ التارك للغسل متعمدا كما مر.و ينفك عن وجوب الكفارة في النومة الثانية إذا نام ثانيا مطمئنا بالانتباه و لكن لم ينتبه و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر،فانه يجب عليه القضاء حينئذ دون الكفارة كما تقدم.

و خامسا:إذا احتلم في حالة النوم ليلا و صار جنبا،فان استمر به النوم الذي احتلم فيه إلى أن طلع الفجر فلا شيء عليه و يصح صومه،كما نص عليه في ذيل صحيحة ابن أبي يعفور المتقدمة 1،و إن أفاق من نومه الذي احتلم فيه و نام ثانيا قبل أن يغتسل فإن لم يكن واثقا و مطمئنا بالانتباه و لم ينتبه و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فعليه القضاء و الكفارة مع الامساك طيلة النهار تأديبا و تشبيها بالصائمين،و إن كان واثقا و مطمئنا بالانتباه و لكن لم ينتبه اتفاقا و امتد به النوم إلى أن أصبح فالأجدر به و الأحوط وجوبا أن يصوم ذلك اليوم بأمل أن يقبل اللّه تعالى منه رجاء،ثم يقضى بعد ذلك على أساس احتمال أن هذه النومة من النومة الثانية له فتكون مشمولة لإطلاق المجموعة الثالثة من الروايات.هذا إضافة إلى ان من المحتمل قويا أن قوله عليه السّلام في صحيحة ابن أبي يعفور:«يتم يومه و يقضي يوما آخر» 2راجع إلى كلا النومين بعد النوم الذي احتلم فيه.

فالنتيجة في نهاية المطاف ان المعيار العام لجواز نوم الجنب في شهر رمضان ليلا انما هو بالوثوق و الاطمئنان بأنه لن يفوت عليه الغسل قبل طلوع الفجر على أساس انه معتاد بالانتباه بلا فرق فيه بين النومة الاولى و الثانية، و هكذا،كما ان المعيار في وجوب الكفارة انما هو بتعمد البقاء على الجنابة إلى الفجر و إن كان في النومة الاولى،و أما وجوب القضاء فهو لا يدور مدار عنوان


 

1) <page number=”79″ />الوسائل باب:15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.
2) الوسائل باب:15 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 80)


نائما بعد العلم بالجنابة مع العزم على ترك الغسل(1)،و من البقاء على الجنابة عمدا الإجناب قبل الفجر متعمدا في زمان لا يسع الغسل و لا التيمم،و أما لو وسع التيمم خاصة فتيمم صح صومه(2)
التعمد بل قد يجب القضاء بدون صدق ذلك.

مر أن العزم على ترك الغسل غير معتبر في صدق عنوان تعمد البقاء على الجنابة،بل يكفى أن ينام و لا يكون واثقا و متأكدا بالانتباه قبل طلوع الفجر، و في هذه الحالة لا يجوز له أن ينام قبل أن يغتسل،فإذا ترك الاغتسال و نام و ظل نائما إلى أن طلع الفجر صدق انه ترك الغسل متعمدا،فعليه القضاء و الكفارة.

نعم،إذا نام و كان واثقا و مطمئنا بالانتباه و لكن استمر به النوم اتفاقا إلى أن طلع الفجر فإن كان في النومة الاولى فلا شيء عليه،و إن كان في النومة الثانية بطل صومه و لكن يجب عليه أن يمسك طيلة النهار ثم يقضى بعد ذلك.

و من هنا يظهر أن ما في المتن من الحكم بأن الاصباح جنبا مبطل للصوم شريطة توفر أمرين..

أحدهما:أن يكون ذلك عمديا.

و الآخر:أن يكون مع العزم على ترك الغسل،غير صحيح.وجه الظهور ما عرفت من أن صوم الجنب قد يبطل بالاصباح جنبا من دون أن يكون ذلك عمديا،كما أنه قد يبطل به عمدا بدون العزم على الترك و مع التردد،بل مع العزم على الغسل على تقدير الانتباه إذا لم يكن معتادا عليه كما مر تفصيله.

بملاك اطلاق أدلة مشروعية التيمم،بتقريب أن موضوع وجوب التيمم عدم وجدان الماء بمقتضى الآية الشريفة 1و غيرها،و هذا يعني ان المسوغ له الجامع بين عدم تيسر الماء و عدم تيسر استعماله مع توفره عنده، و متى لم يتيسر للمكلف الماء أو استعماله فوظيفته التيمم،و لا فرق فيه بين أن


 

1) <page number=”80″ />النساء43/ و المائدة6/.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 81)


……….

يكون عدم التيسر باختيار المكلف أو بغير اختياره،فالتقييد بالثاني بحاجة إلى قرينة و لا قرينة لا في نفس الأدلة و لا من الخارج.

و دعوى:ان الظاهر من الدليل عرفا كالآية الشريفة و نحوها عدم الوجدان و التيسر بالطبع لا مطلقا.

مدفوعة:بأن منشأ ظهورها العرفي في ذلك أما الوضع أو الانصراف،و كلا الأمرين غير ثابت.أما الأول فلأن وضع كلمة عدم التيسر لحصة خاصة منه و هي عدم التيسر بالطبع لا الأعم منه و من عدم التيسر بالاختيار غير محتمل،إذ لا شبهة في أن اطلاق كلمة عدم التيسر على عدم التيسر بالاختيار ليس اطلاقا مجازيا،فإذا أخذت في لسان الدليل كان المتبادر منها عرفا المعنى الجامع دون حصة خاصة.

و أما الأمر الثاني،فلأن الانصراف ممنوع،لأن كلمة عدم الوجدان في الآية الشريفة و غيرها مستعملة في الجامع لا في أحد فرديه و هو عدم الوجدان بالطبع حتى تكون كثرة الاستعمال فيه منشأ للانصراف،هذا من ناحية.

و من ناحية اخرى ان الآية الشريفة و كذلك غيرها لو كانت ظاهرة في عدم وجدان الماء بالطبع فقط دون الأعم فلا وجه للتفصيل بين الصلاة و الصوم في حالة ما إذا كان عدم الوجدان مستندا إلى سوء اختيار المكلف و الحكم بصحة الصلاة في هذه الحالة دون الصوم،بدعوى انه يمكن اثبات مشروعية التيمم في تلك الحالة في باب الصلاة على أساس ما دل على أنها لا تسقط بحال،و بضمه إلى ما دل على أنها مشروطة بالطهارة من ناحية،و ما دل على أن التراب أحد الطهورين من ناحية اخرى ينتج مشروعية التيمم لها في هذه الحالة،و بذلك تمتاز الصلاة عن الصوم.

و لكن لا يمكن المساعدة على هذه الدعوى،لأنها مبنية على دلالة ذلك الدليل على اثبات موضوعها و هو الصلاة باعتبار أنها متقومة بالطهور،و بدونه فلا صلاة و في تلك الحاله بما أن المكلف لا يتمكن من الطهارة المائية و الطهارة

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 82)


و إن كان عاصيا(1)في الإجناب،و كما يبطل الصوم بالبقاء على الجنابة متعمدا كذا يبطل بالبقاء على حدث الحيض و النفاس إلى طلوع الفجر(2)، فإذا طهرت منهما قبل الفجر وجب عليها الاغتسال أو التيمم،و مع تركهما
الترابية غير مشروعة لها فلا صلاة حينئذ لكي تجب عليه و لا تسقط عنه، و الفرض ان مدلول هذا الدليل عدم سقوطها و هو متفرع على ثبوتها و الاّ فلا معنى للسقوط،و الفرض ان ثبوتها يتوقف على مشروعية التيمم في المرتبة السابقة،فمن أجل ذلك لا يمكن تطبيق الدليل المذكور على هذه الحالة.

فالنتيجة:ان شمول الحديث للصلاة في الحالة المذكورة يتوقف على مشروعية التيمم لها في المرتبة السابقة،فلو توقفت المشروعية على الشمول لها لدار،فمن أجل ذلك لا يمكن التمسك بالحديث في المقام لإثبات عدم سقوط الصلاة عنه.

و دعوى ان الحديث يدل على عدم السقوط بالدلالة المطابقية،و على مشروعية التيمم بالدلالة الالتزامية على أساس انه لولاها لكانت الدلالة المطابقية لغوا محضا…

مدفوعة:بأنها تتوقف على شمول الحديث للصلاة في المقام فلو كان الشمول متوقفا عليها لدار.

هذا باعتبار انه قد فوّت بسوء اختياره عامدا ملتفتا الملاك الملزم المترتب على الغسل.

و إن شئت قلت:ان الواجب عليه أولا هو الصوم المشروط بالغسل من الجنابة قبل أن يطلع الفجر،و إذا عجز عنه انتقل الأمر إلى التيمم،و على هذا فإذا كان المكلف متمكنا من الغسل لم يجز له تعجيز نفسه عنه بسوء اختياره،و إذا صنع ذلك عصى و استحق العقوبة.

في الحاق النفاس بالحيض في هذا الحكم اشكال بل منع،لعدم

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 83)


عمدا يبطل صومها،و الظاهر اختصاص البطلان بصوم رمضان،و إن كان الأحوط إلحاق قضائه به أيضا،بل إلحاق مطلق الواجب بل المندوب أيضا، و أما لو طهرت قبل الفجر في زمان لا يسع الغسل و لا التيمم أو لم تعلم بطهرها في الليل حتى دخل النهار فصومها صحيح واجبا كان أو ندبا على الأقوى.

[مسألة 49:يشترط في صحة صوم المستحاضة على الأحوط الأغسال النهارية التي للصلاة]

[2432]مسألة 49:يشترط في صحة صوم المستحاضة على الأحوط الأغسال النهارية التي للصلاة(1)دون ما لا يكون لها،فلو استحاضت قبل
الدليل على أن النفاس حيض و يترتب عليه تمام أحكام الحيض الا ما خرج، و النص في المقام انما ورد في الحيض و هو قوله عليه السّلام في موثقة أبي بصير:«ان طهرت بليل من حيضتها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت عليها قضاء ذلك اليوم» 1و التعدي إلى النفاس بحاجة إلى دليل باعتبار ان النفاس موضوع آخر في الروايات و له أحكام خاصة،نعم قد يشترك مع الحيض في الحكم و أما ما ورد من أن النفاس حيض محتبس فهو ساقط من ناحية السند.

فالنتيجة:ان مقتضى القاعدة عدم ترتب أحكام الحيض على النفاس الاّ ما ثبت بالدليل و بما أنه لا دليل على الحاق النفاس بالحيض في المسألة فلا يمكن الحكم بأن البقاء على حدث النفاس إلى أن طلع الفجر متعمدا مبطل للصوم كالبقاء على حدث الحيض كذلك.

بل هو الأظهر لصحيحة علي بن مهزيار قال:«كتبت إليه عليه السّلام:امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان،ثم استحاضت فصلت و صامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكل صلاتين،هل يجوز(يصح)صومها و صلاتها أم لا؟ فكتب عليه السّلام:تقضي صومها و لا تقضي صلاتها،لأن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يأمر


 

1) <page number=”83″ />الوسائل باب:21 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 84)


……….

(فاطمة)و المؤمنات من نسائه بذلك» 1فانها تدل على أمرين..

أحدهما:أنها تنص على ترتب بطلان صوم المستحاضة الكبرى على عدم قيامها بأعمالها من الاغسال للفرائض اليومية كصلاة الفجر و الظهرين و العشاءين،و ظاهر ذلك أن صحة صومها منوطة بقيامها بأعمالها من الأغسال كلا.و أما اشتمالها على ما هو خلاف الضرورة الفقهية و هو عدم قضاء الصلاة رغم بطلانها لا يضر بحجية قوله عليه السّلام:«تقضي صومها»فان سقوط بعض فقرات الرواية عن الحجية من جهة وجود المعارض،أو كونه على خلاف الضرورة الفقهية لا يقدح بحجية بعضها الآخر الذي لا معارض له،و لا يكون على خلاف الضرورة.فإذن على المستحاضة الكبرى أن تؤدي ما عليها من الأغسال أو ما يقوم مقامها من التيمم في حالة وجود مسوغاته لصلاة الفجر و الظهرين و العشاءين من الليلة التي تصوم في فجرها،فصيام يوم الخميس-مثلا-إنما يصح منها إذا أدت ما عليها من الغسل لصلاة العشاءين من ليلة الخميس و لصلاة الفجر و لصلاة الظهرين،و إن اخلت بشيء من ذلك بطل صومها،و عليها امساك ذلك اليوم تشبيها بالصائمين ثم تقضي بعد ذلك.

و لا وجه لتخصيص الغسل في الصحيحة بالنهاري،فانها مطلقة من هذه الناحية على أساس ان الامام عليه السّلام في مقام الجواب قد رتب البطلان على المفروض في السؤال و هو ترك الغسل لكلا الصلاتين الشامل للظهرين و العشاءين معا،و لا موجب لتخصيص ذلك بالأول،فانه لا ينسجم مع لفظة (كل)بل لا يبعد شمولها الغسل لصلاة الفجر أيضا.

و إن كانت جملة(الغسل لكل صلاتين)فيها قاصرة عن شموله،الاّ ان المتفاهم العرفي منها اناطة البطلان فيها بعدم قيام المستحاضة بأعمالها و وظائفها الشرعية.و من المعلوم ان من اعمالها الغسل لصلاة الفجر،بل لو لم نقل بالشمول فلا شبهة في أنه الأحوط و الأجدر وجوبا،كما ان الظاهر منها عرفا


 

1) <page number=”84″ />الوسائل باب:18 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 85)


الإتيان بصلاة الصبح أو الظهرين بما يوجب الغسل كالمتوسطة(1)أو الكثيرة فتركت الغسل بطل صومها،و أما لو استحاضت بعد الإتيان بصلاة الفجر أو بعد الإتيان بالظهرين فتركت الغسل إلى الغروب لم يبطل صومها،و لا يشترط
أن صحة صومها مشروطة بالغسل على نحو الشرط المقارن أو المتقدم دون المتأخر،ثم انه لا يعتبر في صحة صومها أن يكون غسلها لصلاة الفجر قبل الفجر كغسلي الجنابة و الحيض،لأن ظاهر الصحيحة ان المستحاضة الكبيرة إذا عملت بوظائفها الشرعية و أدت أغسالها النهارية و الليلية صح صومها و الاّ بطل، و لا تدل على اعتبار خصوصية زائدة في صحته لم تكن معتبرة في صحة صلاتها فما هو المعتبر في صحة صلواتها النهارية و الليلية من الأغسال هو المعتبر في صحة صومها بلا زيادة أو نقيصة لا كما و كيفا.

و من هنا يظهر ان المعتبر في صحة صومها هو أغسالها النهارية و الليلية دون طهارتها من حدث الاستحاضة لأنها مستمرة باستمرار خروج الدم منها، فلا يمكن ان تطهرت بها مطلقا.

نعم،يحكم الشارع بحصول الطهارة منها بمقدار أداء صلاة أو صلاتين من دون تفريق.

فالنتيجة:ان ما هو المعتبر في صحة صلاتها كفى ذلك في صحة صومها.

الظاهر ان صحة صوم المستحاضة بالاستحاضة الوسطى ليست مشروطة بأن تعمل بأعمالها و هي غسل واحد في كل يوم و الوضوء لكل صلاة، لعدم الدليل على ذلك،لأن مورد صحيحة علي بن مهزيار 1المستحاضة بالاستحاضة الكبرى بقرينة جعل وظيفتها الغسل لكل صلاتين و هو لا ينطبق عليها.


 

1) <page number=”85″ />الوسائل باب:18 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 86)


فيها الإتيان بأغسال الليلة المستقبلة و إن كان أحوط(1)،و كذا لا يعتبر فيها الإتيان بغسل الليلة الماضية بمعنى أنها لو تركت الغسل الذي للعشاءين لم يبطل صومها لأجل ذلك(2)،نعم يجب عليها الغسل حينئذ لصلاة الفجر فلو تركته بطل صومها من هذه الجهة،و كذا لا يعتبر فيها ما عدا الغسل من الأعمال،و إن كان الأحوط اعتبار جميع ما يجب عليها من الأغسال و الوضوءات و تغيير الخرقة و القطنة،و لا يجب تقديم غسل المتوسطة و الكثيرة على الفجر و إن كان هو الأحوط.

[مسألة 50:الأقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة]

[2433]مسألة 50:الأقوى بطلان صوم شهر رمضان بنسيان غسل الجنابة
هذا الاحتياط ضعيف جدا و لا منشأ له،لأن المستفاد عرفا من اطلاق صحيحة علي بن مهزيار هو أن غسل المستحاضة بالاستحاضة الكبرى لصلاتي المغرب و العشاء شرط في صحة صومها غدا دون اليوم الماضي فانه غير محتمل،أو فقل ان غسل الليل اما أن لا يكون شرطا في صحة صومها أصلا لا في الماضي و لا في المستقبل،أو شرط في صحته في المستقبل كما هو الظاهر.

بل بطل لما مر من ظهور الصحيحة في أن غسلها لصلاتي المغرب و العشاء شرط في صحة صومها غدا و لا يكفى غسلها لصلاة الصبح،و لعل اكتفاء الماتن قدّس سرّه به بتخيل ان المعتبر في صحة صومها أن تكون طاهرة من حدث الاستحاضة حين طلوع الفجر و تحصل بغسلها لصلاة الصبح قبل الفجر.و لكن تقدم انه لا دليل على وجوب الاتيان به قبل طلوع الفجر هذا،مضافا إلى أن ظاهر الصحيحة اعتبار غسلها لصلاتي العشاءين في صحة صومها في الغد.

فالنتيجة:ان المستحاضة الكبرى انما تكون على يقين من صحة صومها إذا أدت في الليلة التي تصوم نهارها لغسل المغرب و العشاء و في النهار الذي تصوم فيه لغسل صلاة الصبح و غسل صلاتي الظهرين،و لا يعتبر فيها ما عدا الأغسال من الأعمال.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 87)


ليلا قبل الفجر حتى مضى عليه يوم أو أيام(1)،و الأحوط إلحاق غير شهر رمضان من النذر المعين و نحوه به و إن كان الأقوى عدمه،كما أن الأقوى عدم إلحاق غسل الحيض و النفاس لو نسيتهما بالجنابة في ذلك و إن كان أحوط.

[مسألة 51:إذا كان المجنب ممن لا يتمكن من الغسل لفقد الماء أو لغيره من أسباب التيمم وجب عليه التيمم]

[2434]مسألة 51:إذا كان المجنب ممن لا يتمكن من الغسل لفقد الماء أو لغيره من أسباب التيمم وجب عليه التيمم،فإن تركه بطل صومه،و كذا لو كان متمكنا من الغسل و تركه حتى ضاق الوقت.

[مسألة 52:لا يجب على من تيمم بدلا عن الغسل أن يبقى مستيقظا حتى يطلع الفجر]

[2435]مسألة 52:لا يجب على من تيمم بدلا عن الغسل أن يبقى مستيقظا حتى يطلع الفجر فيجوز له النوم بعد التيمم قبل الفجر على الأقوى،و إن كان الأحوط البقاء مستيقظا لاحتمال بطلان تيممه(2)بالنوم كما على القول بأن التيمم بدلا عن الغسل يبطل بالحدث الأصغر.

[مسألة 53:لا يجب على من أجنب في النهار بالاحتلام أو نحوه من الأعذار أن يبادر إلى الغسل فورا]

[2436]مسألة 53:لا يجب على من أجنب في النهار بالاحتلام أو نحوه من الأعذار أن يبادر إلى الغسل فورا و إن كان هو الأحوط.

[مسألة 54:لو تيقظ بعد الفجر من نومه فرأى نفسه محتلما لم يبطل صومه]

[2437]مسألة 54:لو تيقظ بعد الفجر من نومه فرأى نفسه محتلما لم يبطل صومه،سواء علم سبقه على الفجر أو علم تأخره أو بقي على الشك،لأنه لو
بل شهر تماما كما هو مورد صحيحة الحلبي الناصة في البطلان و وجوب القضاء.

فيه ان الاحتمال ضعيف لما تقدم في مبحث التيمم من أنه إذا كان بدلا عن الوضوء انتقض بكل ما ينتقض الوضوء به،و اضافة إلى ذلك ينتقض بتيسّر الماء للوضوء،و إذا كان بدلا عن الغسل انتقض بكل ما ينتقض الغسل به اضافة إلى انتقاضه بتيسّر الماء للغسل،و لا ينتقض هذا التيمم البديل عن الغسل بما ينتقض به الوضوء كالبول أو النوم أو الريح أو نحو ذلك،فإذا تيمم الجنب بدلا عن الغسل ثم بال أو نام ظل تيممه عن الجنابة نافذ المفعول،و عليه أن

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 88)


كان سابقا كان من البقاء على الجنابة غير متعمد،و لو كان بعد الفجر كان من الاحتلام في النهار،نعم إذا علم سبقه على الفجر لم يصح منه صوم قضاء رمضان مع كونه موسّعا(1)،
يتوضأ من أجل البول أو النوم إن تيسّر له الوضوء و إلاّ تيمم بدلا عنه.

في الحكم بعدم الصحة اشكال و لا يبعد الصحة و ذلك لأن مورد الروايات 1التي تنص على أن البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر مانع عن صحة صوم قضاء رمضان و إن لم يكن عن تعمد هو الرجل الملتفت إلى جنابته بالليل و لكن لم يغتسل إلى أن طلع الفجر اما عامدا ملتفتا،أو بغير عمد، كما إذا نام بعد العلم بها أو غير ذلك،فلا يعم من احتلم في حالة النوم و لم يستيقظ إلى أن طلع الفجر عليه باعتبار انه غير ملتفت إلى جنابته قبل الفجر.

و دعوى:ان المعيار انما هو البقاء على الجنابة إلى طلوع الفجر و لا خصوصية لالتفات الشخص إليها قبل الفجر و عدم التفاته.

مدفوعة:فان احتمال ان البقاء على الجنابة التي يكون الجنب ملتفتا إليها إلى أن طلع الفجر دخيل في الحكم و هو بطلان صوم قضاء رمضان،موجود إذ لا مجال للإنسان أن يكون على يقين بعدم دخله فيه حيث ان هذا اليقين بعد قصور الدليل في مقام الاثبات عن الشمول لا يمكن الاّ من طريق احراز الملاك و عدم دخل خصوصية الالتفات فيه،و الفرض انه لا طريق إلى احرازه،فاذن احتمال دخلها فيه موجود و لا دافع له،و معه لا يمكن التعدي عن مورد هذه الروايات إلى المسألة في المقام،و لكن مع ذلك كان الأجدر به و الأحوط أن يواصل فيه بأمل أن يقبل اللّه تعالى منه و ببدله بعد ذلك.


 

1) <page number=”88″ />راجع الوسائل باب:19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 89)


و أما مع ضيق وقته فالأحوط الإتيان به(1)و بعوضه.

بل هو الأظهر في مفروض المسألة،و هو ما إذا لم يعلم بجنابته من الليل إلى أن طلع الفجر كالمحتلم في حال النوم و لم يستيقظ إلى الفجر كما عرفت،و أما إذا علم بها من الليل و لم يغتسل إلى أن طلع الفجر فيتعين عليه الاتيان بعوضه،و تنص على ذلك مجموعة من الروايات:

منها:صحيحة عبد اللّه بن سنان انه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام:«عن الرجل يقضي شهر رمضان فيجنب من أول الليل و لا يغتسل حتى يجيء آخر الليل و هو يرى ان الفجر قد طلع،قال:لا يصوم ذلك اليوم و يصوم غيره» 1.

و منها:موثقة سماعة قال:«سألته عن رجل اصابته جنابة في جوف الليل في رمضان فنام و قد علم بها و لم يستيقظ حتى أدركه الفجر؟فقال عليه السّلام:عليه أن يتم صومه و يقضي يوما آخر،فقلت:إذا كان ذلك من الرجل و هو يقضى شهر رمضان؟قال:فليأكل يومه ذلك و ليقض،فانه لا يشبه شهر رمضان شيء من الشهور» 2.

فانهما تدلان بوضوح على بطلان صوم ذلك اليوم و الاتيان ببدله في يوم آخر بلا فرق بين أن يكون ذلك مع سعة الوقت أو ضيقه،كما إذا كان عليه قضاء يوم أو يومين من هذه السنة و هو في آخر شهر شعبان و لم يبق منه إلاّ يوم أو يومين،و لعل احتياط الماتن قدّس سرّه مع ضيق الوقت و احتمال اختصاص البطلان بالموسع من جهة قوله عليه السّلام في صحيحة ابن سنان:«لا تصم هذا اليوم و صم غدا» 3.و لكن من المعلوم انه لا يدل على عدم البطلان في المضيق لأن مورده الموسع حيث فرض تمكنه من صوم يوم الغد،و لا يدل على أنه إذا لم يتمكن من صوم الغد صح صوم اليوم هذا،إضافة إلى أن المتفاهم العرفي من صوم الغد هو صوم يوم آخر لا الغد الحقيقي.

فالنتيجة:انه لا فرق بين أن يكون وقته موسعا أو مضيقا.


 

1) <page number=”89″ />الوسائل باب:19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.
2) الوسائل باب:19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:3.
3) الوسائل باب:19 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 90)


[مسألة 55:من كان جنبا في شهر رمضان في الليل لا يجوز له أن ينام قبل الاغتسال]

[2438]مسألة 55:من كان جنبا في شهر رمضان في الليل لا يجوز له أن ينام قبل الاغتسال إذا علم أنه لا يستيقظ قبل الفجر للاغتسال،و لو نام و استمر إلى الفجر لحقه حكم البقاء متعمدا فيجب عليه القضاء و الكفارة،و أما إن احتمل الاستيقاظ جاز له النوم و إن كان من النوم الثاني أو الثالث أو الأزيد فلا يكون نومه حراما و إن كان الأحوط(1)ترك النوم الثاني فما زاد و إن اتفق استمراره إلى الفجر غاية الأمر وجوب القضاء أو مع الكفارة في بعض الصور كما سيتبين.

[مسألة 56:نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال الاستيقاظ أو العلم به إذا اتفق استمراره إلى طلوع الفجر على أقسام]

[2439]مسألة 56:نوم الجنب في شهر رمضان في الليل مع احتمال الاستيقاظ أو العلم به إذا اتفق استمراره إلى طلوع الفجر على أقسام، فإنه إما أن يكون مع العزم على ترك الغسل و إما أن يكون مع التردد في الغسل
بل هو حرام بحكم العقل و إن كان من النوم الأول،لما مر من ان المكلف إذا كان واثقا و مطمئنا بالاستيقاظ من النوم قبل طلوع الفجر جاز له النوم،و أما إذا لم يكن واثقا و مطمئنا بذلك فلا يجوز له أن ينام قبل أن يغتسل لاحتمال انه يفوّت عليه الملاك الملزم في وقته و هو مساوق لاحتمال العقوبة لعدم المؤمن في البين،و في هذه الحالة إذا نام و لم يغتسل و استمر به النوم إلى أن طلع عليه الفجر كان تاركا للغسل متعمدا،باعتبار ان وظيفته شرعا أن يغتسل قبل أن ينام،فإذا ترك الاغتسال عامدا ملتفتا إلى الحكم الشرعي و نام فمعناه أنه كان متعمدا فيه،و عليه حينئذ امساك ذلك اليوم تأديبا و تشبيها بالصائمين ثم القضاء و الكفارة بلا فرق بين أن يكون في النوم الأول أو الثاني أو الثالث،كما انه لا فرق بين أن يكون ناويا للغسل على تقدير الانتباه من النوم قبل أن يطلع الفجر بزمن يسع للاغتسال،أو لا يكون ناويا له،فانه على كلا التقديرين يكون تاركا لوظيفته شرعا عامدا ملتفتا،فعليه القضاء و الكفارة على ما مر تفصيله.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 91)


و عدمه(1)و إما أن يكون مع الذهول و الغفلة عن الغسل و إما أن يكون مع البناء على الاغتسال حين الاستيقاظ مع اتفاق الاستمرار،فإن كان مع العزم على ترك الغسل أو مع التردد فيه لحقه حكم تعمد البقاء جنبا،بل الأحوط ذلك إن كان مع الغفلة و الذهول أيضا،و إن كان الأقوى لحوقه بالقسم الأخير(2)،و إن كان مع البناء على الاغتسال أو مع الذهول على ما قوينا فإن كان في النومة الاولى بعد العلم بالجنابة فلا شيء عليه و صح صومه(3)،و إن كان في النومة
فيه تفصيل،فان المكلف في المسألة لا يخلو من أن يكون واثقا و مطمئنا بالانتباه قبل طلوع الفجر بزمن يسع للغسل فيه،أو لا يكون واثقا و مطمئنا منه،فعلى الأول يسمح له أن ينام قبل أن يغتسل معتمدا على أنه سينتبه من النوم و يغتسل،و لكن إذا لم ينتبه اتفاقا و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر فلا شيء عليه و صيامه صحيح،هذا إذا كان عازما على الغسل،و أما إذا كان عازما على ترك الغسل،أو كان مترددا فيه و استمر به النوم إلى الفجر فهو تارك للغسل متعمدا و عليه مضافا إلى الامساك طيلة النهار القضاء و الكفارة.

أما على الأول فهو ظاهر،و أما على الثاني فلأن وظيفته شرعا أن يكون عازما على الاغتسال قبل طلوع الفجر حتى لا يبقى على الجنابة عامدا ملتفتا إلى أن يطلع الفجر،و عليه فإذا بقى مترددا فيه و هو مستيقظ إلى الفجر صدق انه ترك الغسل متعمدا،و كذلك إذا نام مترددا فيه بعد الانتباه.

بل الأقوى لحوقه بالنسيان،فان الغفلة و الذهول من افراده فيكون مشمولا لصحيحة الحلبي الدالة على وجوب القضاء على من نسي غسل الجنابة إلى أن طلع الفجر دون الكفارة.

هذا إذا كان واثقا و مطمئنا بالانتباه،و إلا فعليه القضاء و الكفارة اضافة إلى امساك ذلك اليوم كما مر.و أما الذهول عن الغسل فقد عرفت أنه ملحق بالنسيان و فيه القضاء فقط اضافة إلى الامساك طيلة النهار دون الكفارة.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 92)


الثانية بأن نام بعد العلم بالجنابة ثم انتبه و نام ثانيا مع احتمال الانتباه فاتفق الاستمرار و وجب عليه القضاء فقط دون الكفارة على الأقوى(1)،و إن كان في النومة الثالثة فكذلك على الأقوى،و إن كان الأحوط ما هو المشهور من وجوب الكفارة أيضا في هذه الصورة،بل الأحوط وجوبها في النومة الثانية أيضا،بل و كذا في النومة الاولى أيضا إذا لم يكن معتاد الانتباه،و لا يعد النوم الذي احتلم فيه من النوم الاول بل المعتبر فيه النوم بعد تحقق الجنابة فلو استيقظ المحتلم من نومه ثم نام كان من النوم الأول لا الثاني.

[مسألة 57:الأحوط إلحاق غير شهر رمضان من الصوم المعين به في حكم استمرار النوم الأول أو الثاني أو الثالث]

[2440]مسألة 57:الأحوط إلحاق غير شهر رمضان من الصوم المعين به في حكم استمرار النوم الأول أو الثاني أو الثالث حتى في الكفارة في الثاني و الثالث إذا كان الصوم مما له كفارة كالنذر و نحوه(2).

بل الكفارة أيضا على الأظهر لما سبق من أن الجنب إذا كان واثقا و مطمئنا بالانتباه قبل طلوع الفجر بزمن يسع للغسل فيه جاز له أن ينام قبل أن يغتسل،فإذا نام و لم ينتبه و استمر به النوم إلى أن طلع الفجر،فان كان في النوم الأول فلا شيء عليه و يصح صومه،و إن كان في النوم الثاني فالأظهر وجوب القضاء عليه دون الكفارة،اضافة إلى امساك ذلك اليوم،هذا هو الفارق بين النوم الأول و الثاني كما تقدم.

و أما إذا لم يكن واثقا و مطمئنا بالانتباه فلا يسمح له أن ينام قبل أن يغتسل سواء أ كان في النوم الأول أم الثاني،و إذا نام و لم يغتسل و امتد به النوم إلى أن طلع الفجر فعليه القضاء و الكفارة معا إضافة إلى الامساك طيلة النهار،و لا فرق فيه بين النوم الأول أو الثاني،فما نسب إلى المشهور في هذه الحالة كما في المتن هو الصحيح.

تقدم أنه لا دليل على الالحاق لأن الروايات مختصة بصوم شهر

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 93)


[مسألة 58:إذ استمر النوم الرابع أو الخامس فالظاهر أن حكمه حكم النوم الثالث]

[2441]مسألة 58:إذ استمر النوم الرابع أو الخامس فالظاهر أن حكمه حكم النوم الثالث(1).

[مسألة 59:الجنابة المستصحبة كالمعلومة في الأحكام المذكورة]

[2442]مسألة 59:الجنابة المستصحبة كالمعلومة في الأحكام المذكورة.

[مسألة 60:ألحق بعضهم الحائض و النفساء بالجنب في حكم النومات]

[2443]مسألة 60:ألحق بعضهم الحائض و النفساء بالجنب في حكم
رمضان،و لا يمكن التعدي عنه إلى سائر الصيام،لأن التعدي بحاجة إلى قرينة و لا قرينة عليه لا في نفس تلك الروايات و لا من الخارج،فإذن يكون البقاء على الجنابة متعمدا إلى الصبح مبطلا لصوم شهر رمضان و موجبا للقضاء و الكفارة اضافة إلى امساك ذلك اليوم بلا فرق في ذلك بين النوم الأول أو الثاني أو الثالث، فالفرق بين النوم الأول و الثاني و ما زاد انما هو في البقاء على الجنابة من دون تعمد،فانه في الأول لا يوجب بطلان الصوم و له أن يواصل فيه و لا شيء عليه و صيامه صحيح،و في الثاني و ما زاد يوجب البطلان و عليه الامساك بقية النهار ثم القضاء فقط دون الكفارة،فما ذكره الماتن قدّس سرّه من الاحتياط الوجوبي هنا مخالف لما ذكره قدّس سرّه في الأمر الثامن من أن الالحاق مبني على الاحتياط الاستحبابي في المسألة و اختصاص ابطال البقاء على الجنابة متعمدا بصوم شهر رمضان دون غيره.

سبق انه لا فرق بين النوم الثاني و الثالث و ما زاد،فان المعيار العام لذلك ما عرفت من أن الجنب إذا كان مطمئنا بالانتباه يسمح له أن ينام سواء أ كان في النوم الأول أم الثاني أم الثالث و ما زاد،و الاّ لم يسمح له ذلك و إن كان في النوم الأول،نعم يختلف النوم الأول عن الثاني و ما زاد في وجوب القضاء كما تقدم.

و أما الثاني فهو لا يختلف عن الثالث و ما زاد،و قد سبق ان الوارد في الروايات انما هو النوم الثاني فقط دون ما فوقه.

و دعوى:ان النوم إذا زاد عن الثاني يكشف عن تساهل الجنب و تسامحه

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 94)


النومات،و الأقوى عدم الإلحاق و كون المناط فيهما صدق التواني في الاغتسال(1)فمعه يبطل و إن كان في النوم الأول و مع عدمه لا يبطل و إن كان في النوم الثاني أو الثالث.

[مسألة 61:إذا شك في عدد النومات بنى على الأقل]

[2444]مسألة 61:إذا شك في عدد النومات بنى على الأقل.

[مسألة 62:إذا نسي غسل الجنابة و مضى عليه أيام و شك في عددها]

[2445]مسألة 62:إذا نسي غسل الجنابة و مضى عليه أيام و شك في عددها يجوز له الاقتصار في القضاء على القدر المتيقن،و إن كان الأحوط تحصيل اليقين بالفراغ.

[مسألة 63:يجوز قصد الوجوب في الغسل و إن أتى به في أول الليل]

[2446]مسألة 63:يجوز قصد الوجوب في الغسل و إن أتى به في أول الليل(2)،لكن الأولى مع الإتيان به قبل آخر الوقت أن لا يقصد الوجوب بل يأتي به بقصد القربة.

[مسألة 64:فاقد الطهورين يسقط عنه اشتراط رفع الحدث للصوم فيصح صومه مع الجنابة]

[2447]مسألة 64:فاقد الطهورين يسقط عنه اشتراط رفع الحدث للصوم فيصح صومه مع الجنابة أو مع حدث الحيض أو النفاس.

في أداء الوظيفة و هي الغسل قبل طلوع الفجر،و معه يصدق انه تارك للغسل متعمدا.

مدفوعة..أولا:بعدم الملازمة بين الأمرين.

و ثانيا:لا يسمح له أن ينام إذا كان الأمر كذلك و إن كان من النوم الثاني بل الأول.

و ثالثا:انه خلاف الفرض حيث ان المفروض انه مطمئن بالانتباه قبل أن يطلع الفجر.

هذا في الحائض فقط لما مر في المسألة(48)في ضمن الأمر الثامن من عدم الدليل على الحاق النفساء بالحائض.

في الجواز اشكال بل منع،و الأقوى عدم الجواز،لأنه مبني على القول

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 95)


[مسألة 65:لا يشترط في صحة الصوم الغسل لمسّ الميت]

[2448]مسألة 65:لا يشترط في صحة الصوم الغسل لمسّ الميت كما لا يضرّ مسه في أثناء النهار.

[مسألة 66:لا يجوز إجناب نفسه في شهر رمضان إذا ضاق الوقت عن الاغتسال أو التيمم]

[2449]مسألة 66:لا يجوز إجناب نفسه في شهر رمضان إذا ضاق الوقت
بوجوب المقدمة،و قد ذكرنا في علم الاصول أن مقدمة الواجب غير واجبة،فإن الملازمة بين إرادة شيء و إرادة مقدمته،و محبوبية شيء و محبوبية مقدمته في مرحلة المبادئ و إن كانت مطابقة للوجدان،و لكن الملازمة بين وجوبه و وجوب مقدمته في مرحلة الجعل و الاعتبار غير معقولة،لأنه إن اريد بها ترشح الوجوب الغيري للمقدمة من الوجوب النفسي لذيها بصورة قهرية كترشح المعلول عن العلة،فهو غير معقول،لأن الوجوب أمر اعتباري لا واقع موضوعي له لكي يترشح و يتولد منه وجوب آخر،هذا اضافة إلى ان جعل الحكم فعل اختياري للمولى و قائم به مباشرة و لا يمكن ترشحه من وجوب ذي المقدمة بصورة قهرية و الاّ فهو خلف.و إن اريد بها أن جعل الوجوب للمقدمة من قبل المولى ملازم لجعل الوجوب لذيها تبعا،فيرد عليه أن جعل الوجوب للمقدمة بحاجة إلى نكتة مبررة له،و تلك النكتة اما فرض وجود ملاك ملزم فيها، و الفرض عدم وجوده،و من هنا لا يكون وجوبها على تقدير ثبوته بداعي البعث و التحريك المولوي لكي يكون مركزا لحق الطاعة و الادانة و حكم العقل بالمسؤولية أمامه،و اما أن يكون متمما لإبراز الملاك الملزم القائم بذي المقدمة، و الفرض ان وجوب ذيها يكفى لذلك فلا يحتاج إلى متمم،هذا اضافة إلى أن وجوب ذي المقدمة وحده يكفى لتحريك المكلف بحكم العقل نحو الاتيان به بتمام قيوده و شروطه المأخوذة فيه،كما أنه يحكم بلزوم الاتيان بالمقدمات التي يتوقف عليها امتثال الواجب بدون أخذ تلك المقدمات قيدا له من قبل الشرع كقطع المسافة إلى الميقات و ما يتبعه من اللوازم و التبعات و نحوه،و مع حكم العقل بذلك لا مجال لجعل الوجوب لها شرعا لأنه لغو و جزاف.

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 96)


عن الاغتسال أو التيمم،بل إذا لم يسع للاغتسال و لكن وسع للتيمم(1)،و لو ظن سعة الوقت فتبين ضيقه فإن كان بعد الفحص صح صومه و إن كان مع ترك الفحص فعليه القضاء على الأحوط(2).

تقدم الكلام فيه في(الأمر الثامن)و قلنا هناك ان ذلك غير جائز بحكم العقل و انه مستحق للإدانة و العقوبة و لكن مع هذا إذا فعل ذلك وجب عليه التيمم،فإذا تيمم صح صومه و لا شيء عليه من القضاء و الكفارة.

في الاحتياط اشكال بل منع،لأنه ان اعتمد في اجناب نفسه على استصحاب بقاء الوقت إلى زمان الغسل ثم بان ضيقه و عدم تمكنه من الغسل فيه قبل أن يطلع الفجر فلا شيء عليه و يصح صومه لأنه ليس متعمدا في الاصباح جنبا،و قد مر أن المبطل للصوم هو البقاء على الجنابة متعمدا لا مطلق البقاء إلاّ في النومة الثانية كما مر.

و إن لم يعتمد في ذلك على الاستصحاب لمكان غفلته عنه و انما اعتمد على الظن رغم التفاته إلى أنه لا يكون حجة و احتمال أنه يؤدي إلى تفويت الواجب في ظرفه بماله من الملاك الملزم فهو من المتعمد بالبقاء على الجنابة على أساس ان وظيفته في هذه الحال هي ترك الإجناب.فإذا أجنب فيها عامدا ملتفتا إلى عدم جوازه صدق البقاء على الجنابة متعمدا.

فالنتيجة:انه ان اعتمد في اجناب نفسه على الحجة في المسألة فلا شيء عليه و صومه صحيح،و إن لم يعتمد فيه على حجة فعلية أن يمسك ذلك اليوم و يقضى بعد ذلك لصدق التعمد،و من هنا يظهر أنه لا يجوز التمسك في المقام بالتعليل الوارد في موثقة سماعة و هو قوله عليه السّلام:«لأنه بدأ بالأكل قبل النظر فعليه الاعادة» 1فان المتفاهم العرفي منه و إن كان عدم خصوصية للأكل و التعدي منه إلى مطلق المفطر،الاّ ان البقاء على الجنابة إلى أن يطلع الفجر لا يكون مفطرا


 

1) <page number=”96″ />الوسائل باب:44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:3.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 97)


……….

مطلقا الاّ في بعض الحالات كما تقدم،و انما المفطر حصة خاصة منه و هو البقاء على الجنابة متعمدا،فان صدق على الإجناب في الحالة المذكورة عنوان البقاء على الجنابة متعمدا فهو مفطر و موجب للقضاء و الكفارة و إن قام بالفحص و النظر إذا لم يؤد إلى الوثوق و الاطمينان ببقاء الوقت بمقدار يسع للاغتسال فانه في هذه الحالة لا يمنع عن صدق التعمد،و إن لم يصدق عليه ذلك العنوان لم يكن مفطرا و إن كان لم يقم بالفحص و النظر كما إذا أجنب نفسه في حالة الشك ببقاء الوقت أو الظن اعتمادا على الاستصحاب،فانه يمنع عن صدق عنوان التعمد مع أن مقتضى التعليل في الموثقة بطلان الصوم.

و إن شئت قلت:ان التعليل في مورد الموثقة لا ينطبق على المسألة باعتبار وجود الفرق بينهما و هو ان جواز الإجناب في الليل يتوقف على احراز أن يبقى من الليل بمقدار يتمكن من الاغتسال فيه،و من المعلوم ان احراز هذا المقدار من الوقت غير ميسور لغالب الناس بالفحص و النظر،و هذا بخلاف مورد التعليل في الموثقة،فان تشخيص كون هذا الأكل قبل الفجر أو بعده ميسور لكل أحد غالبا و نوعا حيث انه يتوقف على النظر إلى الافق،فإذا نظر إليه يعرف ان الفجر طلع أو لا،و على هذا فلا مانع من التعدي عن مورد الموثقة إلى أي مفطر يشترك مع الأكل في هذه النكتة و لا يمكن التعدي عنه إلى المسألة في المقام لعدم اشتراك المفطر فيها معه في تلك النكتة،هذا اضافة إلى أن الأكل بعنوانه مفطر دون البقاء على الجنابة فانه بعنوان التعمد مفطر لا مطلقا.

و أما رواية ابراهيم بن مهزيار قال:«كتب الخليل بن هاشم إلى أبي الحسن عليه السّلام رجل سمع الوطء و النداء في شهر رمضان فظن أن النداء للسحور فجامع و خرج فإذا الصبح قد أسفر،فكتب بخطه:يقضى ذلك اليوم إن شاء اللّه تعالى» 1فهي و إن كانت لا بأس بها دلالة الاّ أنها ضعيفة سندا،إذ لم يثبت توثيق ابراهيم بن مهزيار،و مجرد وروده في اسناد كامل الزيارات لا يجدي.


 

1) <page number=”97″ />الوسائل باب:44 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 98)


[التاسع من المفطرات:الحقنة بالمائع]

التاسع من المفطرات:الحقنة بالمائع و لو مع الاضطرار إليها لرفع المرض،و لا بأس بالجامد و إن كان الأحوط اجتنابه أيضا(1).

[مسألة 67:إذا احتقن بالمائع لكن لم يصعد إلى الجوف]

[2450]مسألة 67:إذا احتقن بالمائع لكن لم يصعد إلى الجوف بل كان بمجرد الدخول في الدبر فلا يبعد عدم كونه مفطرا و إن كان الأحوط تركه.

[مسألة 68:الظاهر جواز الاحتقان بما يشك في كونه جامدا أو مائعا]

[2451]مسألة 68:الظاهر جواز الاحتقان بما يشك في كونه جامدا أو مائعا(2)،و إن كان الأحوط تركه.

[العاشر:تعمد القيء]

العاشر:تعمد القيء و إن كان للضرورة من رفع مرض أو نحوه،و لا بأس بما كان سهوا أو من غير اختيار،و المدار على الصدق العرفي فخروج مثل
فيه انه ضعيف و لا منشأ له بعد نص موثقة ابن فضال 1في جواز الحقنة بالجامد،و عليه فلا بد من تقييد اطلاق صحيحة ابن أبي نصر 2بما إذا كانت الحقنة بالمائع.هذا اضافة إلى أن دعوى انصراف الاحتقان في الصحيحة إلى الاحتقان بالمائع غير بعيدة.

هذا بناء على انصراف الاحتقان في الصحيحة إلى الاحتقان بالمائع كما هو غير بعيد فانه حينئذ إذا شك في كون شيء من المائع أو الجامد لم يمكن التمسك بالصحيحة لأنه من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية،فالمرجع عندئذ الأصل العملي و هو أصالة البراءة عن مانعية الاحتقان به،و أما بناء على عدم الانصراف و اطلاق الصحيحة فيرجع في مورد الشك في الخروج إلى اطلاقها لأن الخارج منه هو الجامد بمقتضى الموثقة،و إذا شك فيه مفهوما لم يمكن التمسك باطلاق الدليل المخصص لا جماله،فاذن يكون المرجع هو اطلاقها،نعم إذا كانت الشبهة موضوعية لم يمكن التمسك به و يرجع حينئذ إلى اصالة البراءة.


 

1) <page number=”98″ />الوسائل باب:5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:2.
2) الوسائل باب:5 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:4.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 99)


النواة أو الدود لا يعدّ منه.

[مسألة 69:لو خرج بالتجشؤ شيء ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلا]

[2452]مسألة 69:لو خرج بالتجشؤ شيء ثم نزل من غير اختيار لم يكن مبطلا،و لو وصل إلى فضاء الفم فبلعه اختيارا بطل صومه و عليه القضاء و الكفارة(1)،بل تجب كفارة الجمع إذا كان حراما من جهة خباثته أو غيرها(2).

[مسألة 70:لو ابتلع في الليل ما يجب عليه قيؤه في النهار فسد صومه]

[2453]مسألة 70:لو ابتلع في الليل ما يجب عليه قيؤه في النهار فسد صومه(3)إن كان الإخراج منحصرا في القيء،و إن لم يكن منحصرا فيه لم
على الأحوط حيث ان الروايات الواردة في القلس 1تدل على أن ما يخرج من الطعام به و إن وصل إلى فضاء الفم ثم ازدرده لا يكون مفطرا،و بها تقيد اطلاق ما دل على بطلان الصيام بما يدخل في الحلق على ما تقدم تفصيله في المسألة(2)من المفطر الأول و الثاني،و لكن مع ذلك كان الأجدر به و الأحوط وجوبا القضاء و الكفارة.

في الوجوب اشكال بل منع صغرى و كبرى.

أما الاولى:فلأن كونه من الخبائث حتى بالنسبة إلى نفس الشخص فهو ممنوع،و على تقدير انه من الخبائث و لكن لا دليل على حرمة أكل الخبائث مطلقا.

و أما الثانية:فلما سيأتي في ضمن البحوث القادمة من أنه لا دليل على وجوب كفارة الجمع في الافطار بالحرام،فان عمدته رواية عبد السلام بن صالح الهروي 2و هي ضعيفة سندا.

هذا شريطة أمرين..

أحدهما:القول بعدم امكان الترتب.


 

1) <page number=”99″ />راجع الوسائل باب:30 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك.
2) الوسائل باب:10 من أبواب ما يمسك عنه الصائم و وقت الامساك الحديث:1.

 

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 5 100)


يبطل إلا إذا اختار القيء مع إمكان الإخراج بغيره،و يشترط أن يكون مما يصدق القيء على إخراجه و أما لو كان مثل درّة أو بندقة أو درهم أو نحوها مما لا يصدق معه القيء لم يكن مبطلا.

[مسألة 71:إذا أكل في الليل ما يعلم أنه يوجب القيء في النهار من غير اختيار]

[2454]مسألة 71:إذا أكل في الليل ما يعلم أنه يوجب القيء في النهار من غير اختيار فالأحوط القضاء(1).

[مسألة 72:إذا ظهر أثر القيء و أمكنه الحبس و المنع وجب إذا لم يكن حرج و ضرر]

[2455]مسألة 72:إذا ظهر أثر القيء و أمكنه الحبس و المنع وجب إذا لم يكن حرج و ضرر.

[مسألة 73:إذا دخل الذباب في حلقه وجب إخراجه مع إمكانه،و لا يكون من القيء]

[2456]مسألة 73:إذا دخل الذباب في حلقه وجب إخراجه مع إمكانه،و لا يكون من القيء،و لو توقف إخراجه على القيء سقط وجوبه و صح صومه.

[مسألة 74:يجوز للصائم التجشؤ اختيارا و إن احتمل خروج شيء]

[2457]مسألة 74:يجوز للصائم التجشؤ اختيارا و إن احتمل خروج شيء
و الآخر:كون وجوب القيء أهم من وجوب الصوم،فعندئذ لا أمر بالصوم،و بدونه لا يمكن الحكم بصحته،و أما إذا كانا متساويين فيرجعان إلى الواجبين المشروطين بحكم العقل،و حينئذ لا يمكن الحكم بفساد الصوم إلاّ لدى الاشتغال بالقيء خارجا،و أما إذا كان وجوب الصوم أهم من وجوب القيء فهو يظل على وجوبه التعييني من دون تقييد اطلاقه بعدم الاشتغال بالقيء خارجا و حينئذ فان قام بعملية القيء في الخارج بطل صومه لمكان المفطر،و الاّ صح.

و أما بناء على القول بامكان الترتب فيصح الصوم مطلقا لدى ترك القيء خارجا و إن كان وجوب القيء أهم من وجوبه.

لا بأس بتركه و إن كانت رعايته أولى و أجدر على أساس أن روايات الباب ناصة في أن تقيؤ الصائم إذا كان عامدا ملتفتا إلى عدم جوازه مفطر و إلاّ فلا،و أما إذا كان التعمد في منشأه و سببه قبل وقت الصيام و لكن في وقته كان التقيؤ خارجا عن قدرته و اختياره و كان بغير عمد فهو لا يكون مفطرا بمقتضى الروايات.

الصفحات: 1 2 3
Pages ( 1 of 3 ): 1 23»