مولفات سماحة مرجع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 3
جلد
3
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 3
جلد
3
الجمع بين القصر و التمام.
[1790]مسألة 14:يستحب قضاء النوافل الرواتب استحبابا مؤكدا،بل لا يبعد استحباب قضاء غير الرواتب من النوافل الموقتة دون غيرها،و الأولى قضاء غير الرواتب من الموقتات بعنوان احتمال المطلوبية،و لا يتأكد قضاء ما فات حال المرض،و من عجز عن قضاء الرواتب استحب له الصدقة عن كل ركعتين مدّ،و إن لم يتمكن فعن كل أربع ركعات بمدّ،و إن لم يتمكن فمدّ لصلاة الليل و مدّ لصلاة النهار،و إن لم يتمكن فلا يبعد مدّ لكل يوم و ليلة،و لا فرق في قضاء النوافل أيضا بين الأوقات.
[1791]مسألة 15:لا يعتبر الترتيب في قضاء الفوائت من غير اليومية لا بالنسبة إليها و لا بعضها مع البعض الآخر،فلو كان عليه قضاء الآيات و قضاء
اليومية يجوز تقديم أيهما شاء تقدم في الفوات أو تأخر،و كذا لو كان عليه كسوف و خسوف يجوز تقديم كل منهما و إن تأخر في الفوات.
[1792]مسألة 16:يجب الترتيب في الفوائت اليومية(1)بمعنى قضاء
هذا في الفوائت المترتبة بالأصالة كالظهرين و العشاءين في يوم واحد، و إلاّ فالأظهر عدم اعتبار الترتيب بينها،كما إذا فاتت من المكلف صلاة الصبح و الظهرين و العشاءين في يوم واحد أو أكثر،فإنه لا يلزم عليه أن يقوم بالاتيان بصلاة الصبح أولا،ثم بالظهرين و العشاءين على نحو الترتيب،بل له العكس،كما أن له أن يبدأ من الظهرين ثم العشاءين ثم صلاة الفجر و ذلك لأنّ الروايات الواردة في هذه المسألة تصنف إلى مجموعتين:
الأولى:تختص بالفوائت المترتبة بالاصالة،و هذه المجموعة خارجة عن محل الكلام فلا يمكن الاستدلال بها على اعتبار الترتيب بين الفوائت مطلقا.
الثانية:لا تدل على اعتبار الترتيب بينها،فإن عمدتها قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:(فابدأ باولاهن فأذّن لها و أقم ثم صلّها…) 1فإنه كما يحتمل أن يكون المراد ب(اولاهن)اولاهن فوتا ففوتا،يحتمل أن يكون المراد بذلك أولاهن قضاء فعلى الاحتمال الأول يدل على الترتيب،و على الثاني فلا يدل عليه و لا ظهور له في الأول،بل المناسب له هو الثاني بقرينة كلمة(الفاء)في قوله عليه السّلام:(فأذّن)فإنها تدل على أن من أراد قضاء الصلوات التي فاتت منه يبدأ بالأذان و الاقامة للصلاة التي يريد أن يقضيها أولا دون الصلوات الأخرى فإنه يكتفي فيها بالاقامة فحسب.
فالنتيجة:ان الصحيحة لو لم تكن ظاهرة في الخلاف فلا أقل أنها مجملة، و بذلك يظهر حال مجموعة من المسائل الآتية.
و إن شئت قلت:ان الترتيب في الفوائت اليومية غير معتبر،فلو علم المكلف بفوت الظهر و العصر في يوم واحد و كذلك المغرب و العشاء وجب أن
السابق في الفوات على اللاحق و هكذا،و لو جهل الترتيب وجب التكرار إلا أن يكون مستلزما للمشقة التي لا تتحمل من جهة كثرتها،فلو فاتته ظهر و مغرب و لم يعرف السابق صلى ظهرا بين مغربين أو مغربا بين ظهرين، و كذا لو فاتته صبح و ظهر أو مغرب و عشاء من يومين أو صبح و عشاء أو صبح و مغرب و نحوها مما يكونان مختلفين في عدد الركعات،و أما إذا فاتته ظهر و عشاء أو عصر و عشاء أو ظهر و عصر من يومين مما يكونان متحدين في عدد الركعات فيكفي الإتيان بصلاتين بنية الاولى في الفوات و الثانية فيه،و كذا لو كانت أكثر من صلاتين فيأتي بعدد الفائتة بنية الاولى فالاولى.
[1793]مسألة 17:لو فاتته الصلوات الخمس غير مرتبة و لم يعلم السابق من اللاحق يحصل العلم بالترتيب بأن يصلي خمسة أيام،و لو زادت فريضة اخرى يصلي ستة أيام،و هكذا كلما زادت فريضة زاد يوما.
[1794]مسألة 18:لو فاتته صلاة معلومة سفرا و حضرا و لم يعلم الترتيب صلى بعددها من الأيام،لكن يكرر الرباعيات من كل يوم بالقصر و التمام.
[1795]مسألة 19:إذا علم أن عليه صلاة واحدة لكن لا يعلم أنها ظهر أو عصر يكفيه إتيان أربع ركعات بقصد ما في الذمة.
[1796]مسألة 20:لو تيقن فوت إحدى الصلاتين من الظهر أو العصر لا على التعيين و احتمل فوت كلتيهما بمعنى أن يكون المتيقن إحداهما لا على التعيين و لكن يحتمل فوتهما معا فالأحوط الإتيان بالصلاتين و لا يكفي الاقتصار على واحدة بقصد ما في الذمة،لأن المفروض احتمال تعدده،إلا أن ينوي ما اشتغلت به ذمته أوّلا فإنه على هذا التقدير يتيقن إتيان واحدة صحيحة،و المفروض أنه القدر المعلوم اللازم إتيانه.
[1797]مسألة 21:لو علم أن عليه إحدى الصلوات الخمس يكفيه صبح و مغرب و أربع ركعات بقصد ما في الذمة مرددة بين الظهر و العصر و العشاء مخيرا فيها بين الجهر و الإخفات،و إذا كان مسافرا يكفيه مغرب و ركعتان مرددة بين الأربع،و إن لم يعلم أنه كان مسافرا أو حاضرا يأتي بركعتين مرددتين بين الأربع،و أربع ركعات مرددة بين الثلاثة،و مغرب.
[1798]مسألة 22:إذا علم أن عليه اثنتين من الخمس مرددتين في الخمس من يوم وجب عليه الإتيان بأربع صلوات،فيأتي بصبح إن كان أول يومه الصبح ثم أربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر ثم مغرب ثم أربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء،و إن كان أول يومه الظهر أتى بأربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر و العشاء ثم بالمغرب ثم بأربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء ثم بركعتين للصبح،و إن كان مسافرا يكفيه ثلاث صلوات ركعتان مرددتان بين الصبح و الظهر و العصر و مغرب ثم ركعتان
مرددتان بين الظهر و العصر و العشاء إن كان أول يومه الصبح،و إن كان أول يومه الظهر تكون الركعتان الأوّلتان مرددة بين الظهر و العصر و العشاء و الأخيرتان مرددتان بين العصر و العشاء و الصبح،و إن لم يعلم أنه كان مسافرا أو حاضرا أتى بخمس صلوات،فيأتي في الفرض الأول بركعتين مرددتين بين الصبح و الظهر و العصر ثم أربع ركعات مرددة بين الظهر و العصر ثم المغرب ثم ركعتين مرددتين بين الظهر و العصر و العشاء ثم أربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء،و إن كان أول يومه الظهر فيأتي بركعتين مرددتين بين الظهر و العصر(1)و أربع ركعات مرددة بين الظهر و العشاء ثم المغرب ثم ركعتين مرددتين بين العصر و العشاء و الصبح ثم أربع ركعات مرددة بين العصر و العشاء.
[1799]مسألة 23:إذا علم أن عليه ثلاثة من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس على الترتيب،و إن كان في السفر يكفيه أربع صلوات ركعتان مرددتان بين الصبح و الظهر و ركعتان مرددتان بين الظهر و العصر ثم المغرب ثم ركعتان مرددتان بين العصر و العشاء،و إذا لم يعلم أنه كان حاضرا أو مسافرا يصلي سبع صلوات ركعتين مرددتين بين الصبح و الظهر و العصر(2)ثم الظهر و العصر تامتين ثم ركعتين مرددتين بين الظهر ثم
بل العشاء أيضا إذ ليس بإمكاننا القطع بالاتيان بالعشاء قصرا إذا كان هو الفائت في الواقع مع صلاة الصبح،حيث إن الاتيان بركعتين مرددتين بين الظهر و العصر حينئذ يكون بلا مورد،و الاتيان بركعتين مرددتين بين العصر و العشاء و الصبح يكفى لإحدى الفائتتين دون الأخرى.
فيه أنه لا حاجة إلى ضم العصر اليهما لا غناء ضمها إلى الظهر في
المغرب ثم ركعتين مرددتين بين العصر و العشاء ثم العشاء بتمامه،و يعلم مما ذكرنا حال ما إذا كان أول يومه الظهر بل و غيرها.
[1800]مسألة 24:إذا علم أن عليه أربعا من الخمس وجب عليه الإتيان بالخمس على الترتيب،و إن كان مسافرا فكذلك قصرا،و إن لم يدر أنه كان مسافرا أو حاضرا أتى بثمان صلوات مثل ما إذا علم أن عليه خمسا و لم يدر أنه كان حاضرا أو مسافرا.
[1801]مسألة 25:إذا علم أن عليه خمس صلوات مرتبة و لا يعلم أن أولها أية صلاة من الخمس أتى بتسع صلوات على الترتيب،و إن علم أن عليه ستا كذلك أتى بعشر،و إن علم أن عليه سبعا كذلك أتى بإحدى عشرة صلاة و هكذا،و لا فرق بين أن يبدأ بأيّ من الخمس شاء إلا أنه يجب عليه
الترتيب على حسب الصلوات الخمس إلى آخر العدد،و الميزان أن يأتي بخمس و لا يحسب منها إلا واحدة،فلو كان عليه أيام أو أشهر أو سنة و لا يدري أول ما فات إذا أتى بخمس و لم يحسب أربعا منها يتيقن أنه بدأ بأول ما فات.
[1802]مسألة 26:إذا علم فوت صلاة معينة كالصبح أو الظهر مثلا مرات و لم يعلم عددها يجوز الاكتفاء بالقدر المعلوم على الأقوى،و لكن الأحوط التكرار بمقدار يحصل منه العلم بالفراغ خصوصا مع سبق العلم بالمقدار و حصول النسيان بعده،و كذا لو علم بفوت صلوات مختلفة و لم يعلم مقدارها لكن يجب تحصيل الترتيب بالتكرار في القدر المعلوم،بل و كذا في صورة إرادة الاحتياط بتحصيل التفريغ القطعي.
[1803]مسألة 27:لا يجب الفور في القضاء بل هو موسّع ما دام العمر إذا لم ينجر إلى المسامحة في أداء التكليف و التهاون به.
[1804]مسألة 28:لا يجب تقديم الفائتة على الحاضرة،فيجوز الاشتغال بالحاضرة في سعة الوقت لمن عليه قضاء،و إن كان الأحوط تقديمها عليها خصوصا في فائتة ذلك اليوم،بل إذا شرع في الحاضرة قبلها استحب له العدول منها إليها إذا لم يتجاوز محل العدول.
[1805]مسألة 29:إذا كانت عليه فوائت أيام و فاتت منه صلاة ذلك اليوم أيضا و لم يتمكن من إتيان جميعها أو لم يكن بانيا على إتيانها فالأحوط استحبابا أن يأتي بفائتة اليوم قبل الأدائية،و لكن لا يكتفي بها بل بعد الإتيان بالفوائت يعيدها أيضا مرتبة عليها.
[1806]مسألة 30:إذا احتمل اشتغال ذمته بفائتة أو فوائت يستحب له تحصيل التفريغ بإتيانها احتياطا،و كذا لو احتمل خللا فيها و إن علم بإتيانها.
[1807]مسألة 31:يجوز لمن عليه القضاء الإتيان بالنوافل على الأقوى، كما يجوز الإتيان بها بعد دخول الوقت قبل إتيان الفريضة كما مر سابقا(1).
[1808]مسألة 32:لا يجوز الاستنابة في قضاء الفوائت ما دام حيا و إن كان عاجزا عن إتيانها أصلا.
[1809]مسألة 33:يجوز إتيان القضاء جماعة سواء كان الإمام قاضيا أيضا أو مؤديا،بل يستحب ذلك،و لا يجب اتحاد صلاة الإمام و المأموم بل يجوز الاقتداء من كل من الخمس بكل منها.
[1810]مسألة 34:الأحوط لذوي الأعذار تأخير القضاء(2)إلى زمان رفع
قد مرّ في مبحث المواقيت.
الأقوى جواز البدار ظاهرا على أساس استصحاب بقائها،بل مع الاغماض عنه فايضا لا مانع منه بنية الرجاء و احتمال الأمر في الواقع،غاية الأمر أن المعذور إذا قام بالصلاة عن عذر و أتى بها فإن استمر عذره كفى،و إن لم يستمر و ارتفع و تمكن من الصلاة التامة في أثناء الوقت انكشف ان ما أتى به ليس مصداقا للصلاة المأمور بها فلا بد من الاعادة.
و إن شئت قلت:إن العذر إن كان ملازما له ما دام هو في قيد الحياة فوظيفته واقعا هي الصلاة الناقصة،و حينئذ فيجوز البدار إلى القضاء واقعا،و إن كان موقتا و غير ملازم له فوظيفته الواقعية هي الصلاة التامة و حينئذ فلا يجوز له البدار في الواقع،هذا بحسب الحكم الواقعي.
و أما بحسب الحكم الظاهري فلا مانع من جواز البدار في ظرف الشك و عدم العلم بارتفاع العذر،و من هنا يظهر انه لا وجه للاحتياط في المسألة الا على أساس احتمال أن الجزم بالنية معتبر في صحة العبادة،و لكن هذا الاحتمال ضعيف جدا حتى عنده قدّس سرّه.
العذر إلا إذا علم بعدم ارتفاعه إلى آخر العمر أو خاف مفاجأة الموت.
[1811]مسألة 35:يستحب تمرين المميز من الأطفال على قضاء ما فات منه من الصلاة كما يستحب تمرينه على أدائها سواء الفرائض و النوافل،بل يستحب تمرينه على كل عبادة،و الأقوى مشروعية عباداته.
[1812]مسألة 36:يجب على الولي منع الأطفال عن كل ما فيه ضرر عليهم(1)و على غيرهم من الناس،و عن كل ما علم من الشرع إرادة عدم وجوده في الخارج لما فيه من الفساد كالزنا و اللواط و الغيبة بل و الغناء على الظاهر(2)،و كذا عن أكل الأعيان النجسة و شربها مما فيه ضرر عليهم(3)، و أما المتنجسة فلا يجب منعهم عنها بل حرمة مناولتها لهم غير معلومة(4)، و أما لبس الحرير و الذهب و نحوهما مما يحرم على البالغين فالأقوى عدم وجوب منع المميزين منها فضلا عن غيرهم،بل لا بأس بإلباسهم إياها،و إن كان الأولى تركه بل منعهم عن لبسها.
هذا إذا كان الضرر معتدا به،و إلاّ فلا دليل عليه،و ولايته عليهم لا تقتضي منعهم من القيام بأي عمل و نشاط قد يؤدي إلى وقوعهم في الضرر.
في وجوب المنع عنه اشكال،و الأظهر عدم وجوبه،فإن الوجوب بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه،لأنّ دليل حرمة الغناء لا يدل عليه،و اهتمام الشارع بعدم وجوده في الخارج نهائيا و أنه مبغوض له مطلقا كما هو الحال في مثل قتل النفس المحترمة أو نحوه غير موجود.
هذا إذا كان معتدا به كما مرّ.
بل الظاهر أن عدمها معلوم.
فصل في صلاة الاستئجار يجوز الاستئجار للصلاة بل و لسائر العبادات عن الأموات إذا فاتت منهم،و تفرغ ذمتهم بفعل الأجير،و كذا يجوز التبرع عنهم،و لا يجوز الاستئجار و لا التبرع عن الأحياء في الواجبات و إن كانوا عاجزين عن المباشرة إلا الحج إذا كان مستطيعا و كان عاجزا عن المباشرة،نعم يجوز إتيان المستحبات و إهداء ثوابها للأحياء كما يجوز ذلك للأموات(1)، و يجوز النيابة عن الأحياء في بعض المستحبات.
[1813]مسألة 1:لا يكفي في تفريغ ذمة الميت إتيان العمل و إهداء ثوابه بل لا بد إما من النيابة عنه بجعل نفسه نازلا منزلته(2)أو بقصد إتيان ما عليه
هذا على القول بأن الثواب من باب الاستحقاق كاستحقاق الأجير الأجرة على المستأجر يكون على القاعدة.و أما على القول بأن الثواب ليس من باب الاستحقاق بل هو من باب التفضل كما هو الصحيح فلا موضوع للإهداء حينئذ،فإنه لا يستحق شيئا على المولى حتى يهديه لغيره،و عليه فلا مناص من الالتزام بأن المراد من الاهداء هو التضرع إلى المولى سبحانه و تعالى و الطلب منه بالتفضل على غيره إذا أراد بدلا عن التفضل عليه.
فيه اشكال بل منع،إذ يكفي في تحقق النيابة أن يقوم النائب بالعمل كالصلاة مثلا ناويا به ما هو في ذمة المنوب عنه و لا تدل أدلة النيابة على أكثر من
له و لو لم ينزل نفسه منزلته نظير أداء دين الغير،فالمتبرع بتفريغ ذمة الميت له أن ينزل نفسه منزلته و له أن يتبرع بأداء دينه من غير تنزيل،بل الأجير أيضا يتصور فيه الوجهان فلا يلزم أن يجعل نفسه نائبا بل يكفي أن يقصد إتيان ما على الميت و أداء دينه الذي للّه.
[1814]مسألة 2:يعتبر في صحة عمل الأجير و المتبرع قصد القربة، و تحققه في المتبرع لا إشكال فيه،و أما بالنسبة إلى الأجير الذي من نيته أخذ العوض فربما يستشكل فيه،بل ربما يقال من هذه الجهة إنه لا يعتبر فيه قصد القربة بل يكفي الإتيان بصورة العمل عنه،لكن التحقيق أن أخذ الاجرة داع لداعي القربة(1)كما في صلاة الحاجة و صلاة الاستسقاء حيث
فيه:إن الأمر بالوفاء بالاجارة يدعوا إلى الاتيان بالعمل المستأجر عليه،فإن كان العمل عباديا كالصلاة و نحوها لم يف بالاجارة إلاّ إذا أتى به عبادة، و إلاّ لم يأت بما هو متعلق الاجارة،و عليه فيكون الداعي إلى الاتيان به بنية القربة
إن الحاجة و نزول المطر داعيان إلى الصلاة مع القربة،و يمكن أن يقال إنما يقصد القربة من جهة الوجوب عليه من باب الإجارة،و دعوى أن الأمر الإجاري ليس عباديا بل هو توصلي مدفوعة بأنه تابع للعمل المستأجر عليه،فهو مشترك بين التوصلية و التعبدية(1).
[1815]مسألة 3:يجب على من عليه واجب من الصلاة أو الصيام أو غيرهما من الواجبات أن يوصي به خصوصا مثل الزكاة و الخمس و المظالم و الكفارات من الواجبات المالية(2)،و يجب على الوصي إخراجها من
مرّ أن الأظهر أنه توصلي و إن تعلق بالعبادة على أساس ما عرفت من أنه لا يصلح أن يكون منشأ لعبادية متعلقه.
فيه اشكال بل منع،فإن كون الكفارات من الواجبات المالية إنما هو بمعنى أن المكلف ملزم بصرف المال و اعطائه للفقراء،لا بمعنى أنه مديون لغيره حتى يصدق عليها عنوان الدين،و بما أن المستثنى من التركة قبل الارث هو عنوان الدين كتابا و سنة فيكون المتفاهم العرفي منه ما كانت ذمة الشخص مشغولة بمال غيره عرفا أو شرعا كالزكاة و الخمس،و أما اخراج حجة الإسلام من التركة قبل
أصل التركة في الواجبات المالية و منها الحج الواجب و لو بنذر و نحوه،بل وجوب إخراج الصوم و الصلاة من الواجبات البدنية أيضا من الأصل لا يخلو عن قوة(1)لأنها دين اللّه و دين اللّه أحق أن يقضى.
[1816]مسألة 4:إذا علم أن عليه شيئا من الواجبات المذكورة وجب إخراجها من تركته و إن لم يوص به،و الظاهر أن إخباره بكونها عليه يكفي
في القوة اشكال بل منع،لما مرّ من أن المستثنى من التركة في الكتاب و السنة الدين و هو لا يصدق على الصلاة و الصيام و نحوهما،و أما ما ورد في مجموعة من الروايات من اطلاق الدين على الصلاة و نحوها فلا يمكن الأخذ به، أما اولا فلأنها بأجمعها ضعيفة سندا،و أما ثانيا فإن اطلاق الدين عليها على أساس أنها دين الله تعالى و لا دليل على خروج هذا الدين من أصل التركة قبل الارث،فإن الكتاب و السنة يدلان على خروج الدين المالي العرفي و الشرعي من التركة و لا يدلان على خروج مطلق الدين منها و إن كان بدنيا رغم انه لا يصدق عليه الدين عرفا.
و أما ما ورد من:(أن دين الله أحق أن يقضى…) 1فهو على تقدير تماميته سندا فلا يدل على خروج ذلك الدين من الأصل،و إنما يدل على أنه أحق و أولى بالقضاء،و من المعلوم أنه لا ملازمة بين ذلك و بين خروجه من الأصل.
في وجوب الإخراج من التركة(1).
[1817]مسألة 5:إذا أوصى بالصلاة أو الصوم و نحوهما و لم يكن له تركة
في اطلاقه اشكال بل منع،لأنّ اخباره إن كان عن اشتغال ذمته بالدين المالي فهو حجة و نافذ على أساس أنه إقرار بالدين بلا فرق بين كونه شرعيا أو عرفيا،و بلا فرق بين كونه ثقة أو لا،و إن كان باشتغال ذمته بالدين البدني كالصلاة و الصيام و نحوهما فإن كان ثقة فهو حجة،و حينئذ فإذا كان له ولد أكبر وجب قضاؤهما عليه،و إن لم يكن ثقة لم يكن اخباره به حجة على الوارث،و عندئذ فلا يجب القضاء على ولده الأكبر،و أما حجة الإسلام فهل هي كالدين أو كسائر الواجبات؟فيه وجهان،الظاهر هو الوجه الثاني و ذلك لأنّ اخباره بالدين إنما هو نافذ بملاك نفوذ الاقرار للمقر له و له حينئذ إن يطالب به،و أما اخباره بثبوت حجة الإسلام في عهدته فلا يمكن أن يكون حجة على أساس حجة الاقرار و نفوذه للمقر له حيث ان اخباره بثبوتها لا يرجع إلى اقراره به لآخر كما هو الحال في الاخبار عن الدين،بل هو كإخباره عن ثبوت الصلاة في عهدته..
و دعوى الفرق بين اخباره عن ثبوت حجة الإسلام في عهدته و بين اخباره عن ثبوت الصلاة فيها فإنه على الأول مأمور بأن يبعث أحدا ليحج عنه إذا كان عاجزا عنه بالمباشرة،و على الثاني فلا تكليف عليه بالاستنابة في زمن حياته إذا كان عاجزا كذلك.
خاطئة..أولا:فلأنّ هذا الفرض يكون أخص من المدعى،فإن المدعى أعم من أن يكون ترك حجة الإسلام عن عجز أو عن عمد و التفات إلى الحكم الشرعي كما هو الحال في غيرها من الواجبات.و ثانيا:أن مجرد أنه مأمور بأن يبعث أحدا ليحج عنه في زمن حياته لا يوجب دخول اخباره بحجة الإسلام في ذمته في الاقرار،فإن ملاك حجية الاقرار غير متوفر فيه.
لا يجب على الوصي أو الوارث إخراجه من ماله و لا المباشرة إلا ما فات منه لعذر من الصلاة و الصوم(1)حيث يجب على الولي و إن لم يوص بها، نعم الأحوط(2)مباشرة الولد ذكرا كان أو أنثى مع عدم التركة إذا أوصى بمباشرته لهما و إن لم يكن مما يجب على الولي،أو أوصى إلى غير الولي بشرط أن لا يكون مستلزما للحرج من جهة كثرته،و أما غير الولد ممن لا يجب عليه إطاعته فلا يجب عليه،كما لا يجب على الولد أيضا استئجاره إذا لم يتمكن من المباشرة أو كان أوصى بالاستئجار عنه لا بمباشرته.
[1818]مسألة 6:لو أوصى بما يجب عليه من باب الاحتياط وجب إخراجه من الأصل أيضا(3)،و أما لو أوصى بما يستحب عليه من باب
في التخصيص بالعذر اشكال بل منع،و الأقوى هو العموم بملاك اطلاق دليل المسألة على تفصيل يأتي في فصل(قضاء الولي).
لا بأس بتركه و إن كان أجدر و أولى،و ذلك لأنّ الوصية لا تكون نافذة إلاّ في ثلث ما تركه الميت،و أما إذا لم تكن له تركة فلا موضوع للوصية،هذا من ناحية.
و من ناحية أخرى:إن الأب إذا لم تكن له تركة لم تكن وصيته لأولاده نافذة إذا كانت في الأمور المالية كالوصية بالاستيجار عنه لزيارة الحسين عليه السّلام في كل ليلة جمعة،أو قراءة القرآن أو ما شاكل ذلك من الاعمال التي يتوقف تنجيزها على بذل المال إذ لا دليل على وجوب اطاعة الوالد بهذا النطاق الواسع،و أما إذا لم تكن في الأمور المالية كالوصية لأولاده بالقيام بالاعمال الخيرية له مباشرة كقراءة القرآن و زيارة الحسين عليه السّلام و نحوهما فهل هي نافذة أو لا فيه وجهان:و الأظهر عدم نفوذها لأنّ النفوذ بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه غير دعوى وجوب اطاعة الوالد على الأولاد،و لكن اثبات هذه الدعوى بدليل بنحو تشمل المقام أيضا لا يمكن.
في اطلاقه اشكال بل منع و ذلك لأنّ الخارج من أصل التركة عنوانان…
الاحتياط وجب العمل به لكن يخرج من الثلث،و كذا لو أوصى بالاستئجار عنه أزيد من عمره فإنه يجب العمل به و الإخراج من الثلث،لأنه يحتمل أن يكون ذلك من جهة احتماله الخلل في عمل الأجير،و أما لو علم فراغ ذمته علما قطعيا فلا يجب و إن أوصى به،بل جوازه أيضا محل إشكال(1).
[1819]مسألة 7:إذا آجر نفسه لصلاة أو صوم أو حج فمات قبل الإتيان به
بل منع،و الأقوى عدم الجواز فضلا عن الوجوب لما مرّ من أن معنى النيابة هو أن يقوم النائب مقام المنوب عنه في الاتيان بعمله كالصلاة و نحوها،فإذا كانت ذمته فارغة واقعا فلا موضوع للنيابة،بل يكون الاتيان بالعمل حينئذ ناويا به ما هو في ذمته مع علمه بأن ذمته فارغة عند تشريع محرم.
فإن اشترط المباشرة بطلت الإجارة(1)بالنسبة إلى ما بقي عليه و تشتغل
في البطلان مطلقا اشكال بل منع،فإنه مبني على الالتزام بأحد أمرين..
الأول:أن يكون مرجع هذا الاشتراط إلى تقييد العمل المستأجر عليه.
الثانى:أن لا يمضي زمان يتمكن الأجير من الاتيان بالعمل فيه.
أما الأمر الأول:فالمرجع في ذلك هو العرف العام،و لا يبعد أن يكون ذلك شرطا بنظرهم لا قيدا،و تخلفه لا يوجب الا الخيار.
و أما الأمر الثانى:فإن قلنا انه يكفي في صحة الاجارة مضي زمان يتمكن الأجير من الاتيان بالعمل فيه فعندئذ إن مات الأجير بعد مضي ذلك الزمان فالاجارة صحيحة،و إن مات قبل ذلك فالاجارة باطلة،و إما إن قلنا بأن صحة الاجارة مرهونة بتمكن الأجير من تسليم العمل المستأجر عليه في مدة الاجارة فإن تمكن منه في تلك المدة و لم يقم بتسليمه فالاجارة صحيحة،و إن لم يتمكن منه فيها فالاجارة باطلة على أساس أنه مأمور بتسليم العمل في هذه المدة لا في أقل منها،و لكن الظاهر هو الأول،لأنّ مدة الاجارة إذا كانت أوسع من مقدار الاتيان بالعمل المستأجر عليه كما هو الغالب كان الأجير مخيرا بين أن يقوم به في أول الوقت أو آخره،و عليه فإذا مضى من الوقت مقدار منه يتمكن الأجير فيه من الاتيان بالعمل ثم مات أو عجز فالاجارة صحيحة لأنّ هذا الوقت من المبدأ إلى المنتهى وقت تسليم العمل،و أما صحة الاجارة فهي مرهونة بقدرة الأجير على تسليمه فإذا مضى من مدة الاجارة زمن يقدر على تسليمه فيه و لكنه لم يقم بذلك ثم مات أو عجز صحت الاجارة على أساس انه في ذلك الزمن مالك لعمله ذاتا، فإذا كان مالكا صح تمليكه لآخر بعقد الايجار باعتبار انه قادر على تسليمه فيه، غاية الأمر يثبت الخيار حينئذ للمستأجر،و إن لم يمض من المدة زمن كذلك بطلت الاجارة بالنسبة إلى الباقى.
ذمته بمال الإجارة إن قبضه فيخرج من تركته،و إن لم يشترط المباشرة وجب استئجاره من تركته إن كان له تركة،و إلا فلا يجب على الورثة كما في سائر الديون إذا لم يكن له تركة،نعم يجوز تفريغ ذمته من باب الزكاة أو نحوها أو تبرعا.
[1820]مسألة 8:إذا كان عليه الصلاة أو الصوم الاستئجاري و مع ذلك كان عليه فوائت من نفسه فإن وقت التركة بها فهو(1)،و إلا قدم الاستئجاري(2)
تقدم أن الواجبات البدنية كالصلاة و الصيام و نحوهما لا تخرج من الأصل،فإن الخارج منه الديون المالية،و بما أن العمل الاستيجاري دين في ذمة الميت فيجب اخراجه من الأصل دون تلك الواجبات.
مرّ أنّه قدم مطلقا و أمّا بناء على ما ذكره قدّس سرّه من أنّ الواجبات البدنية تخرج من أصل التركة كالديون فمقتضى القاعدة هو التقسيط لا التقديم،و ما ذكره قدّس سرّه من أنّ دين الناس مقدم على دين اللّه تعالى في مقام المزاحمة لا دليل عليه.
لأنه من قبيل دين الناس.
[1821]مسألة 9:يشترط(1)في الأجير أن يكون عارفا بأجزاء الصلاة و شرائطها و منافياتها و أحكام الخلل عن اجتهاد أو تقليد صحيح.
[1822]مسألة 10:الأحوط اشتراط عدالة الأجير(2)و إن كان الأقوى كفاية الاطمئنان بإتيانه على الوجه الصحيح و إن لم يكن عادلا.
[1823]مسألة 11:في كفاية استئجار غير البالغ و لو بإذن وليه إشكال(3) و إن قلنا بكون عباداته شرعية و العلم بإتيانه على الوجه الصحيح،و إن كان لا يبعد،و كذا لو تبرع عنه مع العلم المذكور.
[1824]مسألة 12:لا يجوز استئجار ذوي الأعذار خصوصا من كان
في الاشتراط اشكال بل منع،لأنّه إن أريد به أن معرفة الأجير دخيلة في صحة الاجارة،فيرد عليه:أن صحتها لا تتوقف عليها،و إنما تتوقف على تمكنه من الاتيان بالعمل الواقع عليه الاجارة،و من المعلوم أنه لا يتوقف على معرفته.
و إن أريد به أنها دخيلة في فراغ ذمة المنوب عنه…
فيرد عليه:أن فراغ ذمته متوقف على صحة عمله لا على معرفته بتمام اجزائه و شروطه تفصيلا،إذ يمكن أن يكون النائب جاهلا و مع ذلك يكون عمله صحيحا،كما إذا كان بناؤه في مقام العمل على الاحتياط في موارد الجهل،أو يكون جاهلا فيما يعذر فيه الجاهل.
بل الأظهر كفاية الوثاقة و إن لم يكن عادلا.
بل الأظهر عدم الكفاية و إن قلنا بمشروعية عباداته حيث انه لا ملازمة بينها و بين اجزائها عن عبادة غيره و بدليتها عنها فإن ذلك بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه.و أما نصوص النيابة فهي و إن كانت مطلقة إلاّ أنّ حديث الرفع يقيد اطلاقها بغير البالغ.
صلاته بالإيماء أو كان عاجزا عن القيام و يأتي بالصلاة جالسا و نحوه و إن كان ما فات من الميت أيضا كان كذلك،و لو استأجر القادر فصار عاجزا وجب عليه التأخير إلى زمان رفع العذر،و إن ضاق الوقت انفسخت الإجارة(1).
[1825]مسألة 13:لو تبرع العاجز عن القيام مثلا عن الميت ففي سقوطه عنه إشكال(2).
[1826]مسألة 14:لو حصل للأجير سهو أو شك يعمل بأحكامه على وفق تقليده أو اجتهاده(3)،و لا يجب عليه إعادة الصلاة.
[1827]مسألة 15:يجب على الأجير أن يأتي الصلاة على مقتضى تكليف الميت اجتهادا أو تقليدا(4)،و لا يكفي الإتيان بها على مقتضى تكليف
هذا إذا لم يمض من الوقت بمقدار كان الأجير متمكنا من الاتيان بالعمل المستأجر عليه فيه و إلاّ فالاجارة صحيحة كما مرّ في المسألة(7).
بل لا اشكال في عدم السقوط إذ لا فرق فيه بين المتبرع و الأجير حيث أن ملاك عدم السقوط في كليهما واحد و هو أن ذمة الميت مشغولة بالصلاة التامة و هي صلاة المختار فلا تسقط بالصلاة الناقصة و هي صلاة العاجز باعتبار عدم انطباقها عليها.
في اطلاقه اشكال بل منع يظهر وجهه من المسائل الآتية.
في اطلاقه اشكال بل منع يظهر وجهه من خلال بيان صور المسألة:-
الأولى:إذا أوصى الميت بالاستئجار عنه في الصلاة و الصيام و نحوهما.
الثانية:إذا لم يوص به لا عموما و لا خصوصا و إن أوصى بالثلث و لكن جعل مصرفه باختيار الوصى.
الثالثة:إذا قام وليه بالاستئجار عنه.
نفسه،فلو كان يجب عليه تكبير الركوع أو التسبيحات الأربع ثلاثا أو جلسة الاستراحة اجتهادا أو تقليدا و كان في مذهب الأجير عدم وجوبها يجب
عليه الإتيان بها،و أما لو انعكس فالأحوط الإتيان بها أيضا لعدم الصحة عند الأجير على فرض الترك،و يحتمل الصحة إذا رضي المستأجر بتركها،و لا ينافي ذلك البطلان في مذهب الأجير إذا كانت المسألة اجتهادية ظنية لعدم العلم بالبطلان فيمكن قصد القربة الاحتمالية،نعم لو علم علما وجدانيا بالبطلان لم يكف لعدم إمكان قصد القربة حينئذ،و مع ذلك لا يترك الاحتياط.
[1828]مسألة 16:يجوز استئجار كل من الرجل و المرأة للآخر،و في الجهر و الإخفات يراعى حال المباشر،فالرجل يجهر في الجهرية و إن كان نائبا عن المرأة،و المرأة مخيرة و إن كانت نائبة عن الرجل.
[1829]مسألة 17:يجوز مع عدم اشتراط الانفراد الإتيان بالصلاة الاستئجارية جماعة إماما كان الأجير أو مأموما،لكن يشكل الاقتداء بمن يصلي الاستئجاري إلا إذا علم اشتغال ذمة من ينوب عنه بتلك الصلاة، و ذلك لغلبة كون الصلوات الاستئجارية احتياطية(1).
[1830]مسألة 18:يجب على القاضي عن الميت أيضا مراعاة الترتيب في فوائته(2)مع العلم به،و مع الجهل يجب اشتراط التكرار المحصل له
و فيه أنه لا وجه لتعليل عدم جواز الاقتداء بالغلبة،فانها علة لعدم حصول العلم بالاشتغال لا لعدم جواز الاقتداء إذ يكفي فيه عدم احراز الاشتغال، و هو لا يتوقف على الغلبة.
قد مرّ عدم اعتبار الترتيب في القضاء إلاّ في الصلاتين المترتبتين بالاصالة على تفصيل تقدم في المسألة(16)من صلاة القضاء و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.
خصوصا إذا علم أن الميت كان عالما بالترتيب.
[1831]مسألة 19:إذا استؤجر لفوائت الميت جماعة يجب أن يعين الوقت لكل منهم ليحصل الترتيب الواجب،و أن يعين لكل منهم أن يبتدئ في دوره بالصلاة الفلانية مثل الظهر،و أن يتمم اليوم و الليلة في دوره،و أنه إن لم يتمم اليوم و الليلة بل مضى وقته و هو في الأثناء أن لا يحسب ما أتى به و إلا لاختل الترتيب،مثلا إذا صلى الظهر و العصر فمضى وقته أو ترك البقية مع بقاء الوقت ففي اليوم الآخر يبدأ بالظهر و لا يحسب ما أتى به من الصلاتين.
[1832]مسألة 20:لا تفرغ ذمة الميت بمجرد الاستئجار بل يتوقف على الإتيان بالعمل صحيحا،فلو علم عدم إتيان الأجير أو أنه أتى به باطلا وجب الاستئجار ثانيا،و يقبل قول الأجير بالإتيان به صحيحا(1)،بل الظاهر جواز الاكتفاء ما لم يعلم عدمه حملا لفعله على الصحة(2)إذا انقضى وقته،
هذا إذا كان ثقة.
في الحمل على الصحة اشكال بل منع لأنّ موضوع أصالة الصحة هو ما إذا تحقق فعل في الخارج و شك في انطباق المأمور به عليه مع توفر شروطها العامة كأهلية الفاعل و صدور الفعل منه في الخارج و قابليته للاتصاف بالصحة و الفساد على أساس أن تلك الشروط من مقومات الاصالة،و بما أنّ صدور الفعل من الأجير في الخارج غير معلوم فلا يمكن التمسك بها،فإن مدلولها هو حكم الشارع بتطبيق المأمور به على المأتي به في الخارج و مع الشك في وجوده فيه فالموضوع غير محرز.نعم قد يدعى أن وقت الاجارة إذا انقضى كان امارة على أن الأجير قد أتى بالعمل بحيث يكون المستأجر واثقا و متأكدا من ذلك،و لكن قد يشك في صحته و فساده فلا مانع حينئذ من التمسك بالأصالة لا ثبات صحته،
و أما إذا مات قبل انقضاء المدة فيشكل الحال،و الأحوط تجديد استئجار مقدار ما يحتمل بقاؤه من العمل(1).
[1833]مسألة 21:لا يجوز للأجير أن يستأجر غيره للعمل إلا مع إذن المستأجر أو كون الإجارة واقعة على تحصيل العمل أعم من المباشرة و التسبيب،و حينئذ فلا يجوز أن يستأجر بأقل من الأجرة المجعولة له إلا أن يكون آتيا ببعض العمل و لو قليلا.
[1834]مسألة 22:إذا تبرع متبرع عن الميت قبل عمل الأجير ففرغت ذمة الميت انفسخت الإجارة(2)فيرجع المؤجر بالأجرة أو ببقيتها إن أتى ببعض العمل.
بل هو الأقوى إذا كان الاستئجار من قبل الميت واجبا،فإن المقدار الذي يكون المستأجر واثقا و متأكدا باتيان الأجير به فقد برئت ذمة الميت عنه فلا مقتضي للاستئجار ثانيا،و أما المقدار الذي لا يكون واثقا و متأكدا باتيانه فيجب عليه الاستئجار ثانيا لكي يحصل له الوثوق و الاطمئنان بفراغ ذمته منه.
في اطلاقه اشكال بل منع،فإن الاجارة إنما تنفسخ إذا لم يمض من حينها إلى زمان قيام المتبرع بالعمل زمن يتمكن الأجير من الاتيان بالعمل فيه،و إلاّ صحت و يرجع المستأجر إلى الأجير و يطالبه بقيمة العمل المستأجر عليه لا بالأجرة المسماة،نعم إذا بطلت يطالبه بالأجرة،و حينئذ فإن كان الأجير آتيا ببعض العمل استحق اجرة المثل بالنسبة إليه دون المسمّى.
نعم لو تبرع متبرع عن الاجير ملك الاجرة(1).
[1835]مسألة 23:إذا تبين بطلان الإجارة بعد العمل استحق الأجير اجرة المثل بعمله،و كذا إذا فسخت الإجارة من جهة الغبن لأحد الطرفين.
[1836]مسألة 24:إذا آجر نفسه لصلاة أربع ركعات من الزوال من يوم معين إلى الغروب فأخّر حتى بقي من الوقت مقدار أربع ركعات و لم يصلّ صلاة عصر ذلك اليوم ففي وجوب صرف الوقت في صلاة نفسه أو الصلاة الاستئجارية إشكال(2)من أهمية صلاة الوقت و من كون صلاة الغير من قبيل حق الناس المقدم على حق اللّه.
[1837]مسألة 25:إذا انقضى الوقت المضروب للصلاة الاستئجارية و لم يأت بها أو بقي منها بقية لا يجوز له أن يأتي بها بعد الوقت إلا بإذن جديد من المستأجر.
[1838]مسألة 26:يجب تعيين الميت المنوب عنه و يكفي الإجمالي،فلا يجب ذكر اسمه عند العمل بل يكفي من قصده المستأجر أو صاحب المال
هذا إذا لم يشترط المباشرة،و أما إذا اشترطت فعلى القول بأنها قيد للعمل المستأجر عليه كما هو ظاهر الماتن قدّس سرّه فتبطل الاجارة،فلا يملك الأجير الأجرة عندئذ،و على القول بأنها شرط كما هو غير بعيد فهو يملك الأجرة و لكن مع ثبوت الخيار حينئذ للمستأجر.
بل لا اشكال في وجوب صرف الوقت في صلاة نفسه على أساس أن فريضة الوقت أهم من الصلاة الاستئجارية،فإذا وقعت المزاحمة بينهما وجب تقديم الأولى على الثانية بملاك الأهمية،و أما تقديم حق الناس على حق اللّه تعالى فهو بعنوانه غير ثابت و لا دليل عليه،بل في كل مورد تقع المزاحمة بينهما فالمرجع هو قواعد باب المزاحمة.
أو نحو ذلك.
[1839]مسألة 27:إذا لم يعين كيفية العمل من حيث الإتيان بالمستحبات يجب الإتيان على الوجه المتعارف.
[1840]مسألة 28:إذا نسي بعض المستحبات التي اشترطت عليه أو بعض الواجبات مما عدا الأركان فالظاهر نقصان الاجرة بالنسبة(1)إلا إذا كان المقصود تفريغ الذمة على الوجه الصحيح.
[1841]مسألة 29:لو آجر نفسه لصلاة شهر مثلا فشك في أن المستأجر عليه صلاة السفر أو الحضر و لم يمكن الاستعلام من المؤجر أيضا فالظاهر وجوب الاحتياط بالجمع،و كذا لو آجر نفسه لصلاة و شك أنها الصبح أو الظهر مثلا وجب الإتيان بهما.
[1842]مسألة 30:إذا علم أنه كان على الميت فوائت و لم يعلم أنه أتى بها قبل موته أو لا فالأحوط الاستئجار عنه(2).
هذا إذا كانت الاجزاء غير الركنية و بعض المستحبات مأخوذة في متعلق الاجارة بالنص،و أما إذا كانت الاجارة على العمل الصحيح شرعا المبري لذمة الميت كما هو الغالب في الخارج فلا يترتب على نسيانها شيء باعتبار أن تلك الأجزاء غير دخيلة في الصحة حال النسيان،فإذا صلّى المصلي ناسيا لها صحت صلاته،و على هذا فالصلاة المستأجر عليها صحيحة في حالتي التفات المكلف إلى تلك الأجزاء و نسيانها لها فإذا كانت صحيحة و مبرئة للذمة فلا موجب لنقصان الأجرة.و أما لزوم الاتيان ببعض المستحبات فهو من جهة انصراف اطلاق الاجارة و من المعلوم أن هذا الانصراف يختص بحال كون المكلف ذاكرا لا ناسيا.
بل الأقوى ذلك فيما إذا كان الاستئجار واجبا من قبل الميت على الوصي أو الولي على تقدير وجود الفوائت في ذمته،و بما أن الوصي أو الولي كان يعلم بوجودها في ذمته و يشك في أنه أتى بها قبل موته أو لا،فيلجأ إلى استصحاب بقائها و يترتب عليه وجوب الاستئجار عنه.
فصل في قضاء الولي يجب على ولي الميت رجلا كان الميت أو امرأة على الأصح حرّا كان أو عبدا أن يقضي عنه ما فاته من الصلاة لعذر(1)من مرض أو سفر أو
في التخصيص اشكال بل منع،و الأظهر وجوب قضاء الفائت منه مطلقا و لو كان عن عمد و التفات،لإطلاق صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السّلام(في الرجل يموت و عليه صلاة أو صيام،قال:يقضي عنه أولى الناس بميراثه..) 1فان جملة(و عليه صلاة أو صيام)و إن وردت في كلام السائل،إلاّ أن الامام عليه السّلام في مقام الجواب لم يفصل بين ان ما عليه من صلاة أو صيام قد فات عنه عن عذر أو عن عمد و التفات.
و دعوى انصرافها الى ما عليه عن عذر…بعيدة عن الواقع جدا،فإن كلمة (عليه)تنص على ثبوت الفائت في ذمته،و من المعلوم انه لا فرق فيه بين أن يكون منشأه الترك العمدي أو العذرى،هذا من ناحية،و من ناحية أخرى أنه لا فرق بين أن يكون الميت رجلا أو امرأة و ذلك لقوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:(و اما الطمث و المرض فلا،و أما السفر فنعم…) 2فانه يدل على أنه يقضي عنها في السفر دون الطمث و المرض.
و المناقشة في دلالته على الوجوب بحمل السؤال في الصحيحة على السؤال عن اصل الجواز و المشروعية على أساس أن في مشروعية القضاء من
……….
حيض(1)فيما يجب فيه القضاء و لم يتمكن من قضائه(2)،و إن كان
في عدّ المرض و السفر من الأعذار المسوّغة لترك الصلاة اشكال بل منع.فإن المرض ليس بعذر للمريض في تركه الصلاة نهائيا بل هو يصلي كغيره حسب طاقته من الصلاة جالسا أو مضطجعا أو مع الايماء،و السفر لا يكون عذرا للمسافر في ترك الصلاة،فإنه يصلي على حسب وظيفته و هي الصلاة قصرا،و أما الحيض فإن كان مستوعبا لتمام الوقت فلا يوجب القضاء،و إن لم يكن مستوعبا لذلك بأن مضى من الوقت مقدارا تتمكن من الصلاة فيه ثم فاجأها الحيض، فعندئذ يجب عليها قضاء ما فات.
بل مع التمكن منه،إذا قد مرّ أن مقتضى التعليل في صحيحة أبي بصير عدم وجوب القضاء على الولي إذا لم يكن واجبا على الميت على أساس أن التعليل فيها بمثابة ضابط عام في المسألة و لا يختص بمورده فيعم الصلاة أيضا فإذا
الأحوط قضاء جميع ما عليه،و كذا في الصوم لمرض تمكن من قضائه و أهمل،بل و كذا لو فاته من غير المرض من سفر و نحوه و إن لم يتمكن من قضائه(1)،و المراد به الولد الأكبر،فلا يجب على البنت و إن لم يكن هناك ولد ذكر و لا على غير الأكبر من الذكور و لا على غير الولد من الأب و الأخ و العم و الخال و نحوهم من الأقارب،و إن كان الأحوط مع فقد الولد الأكبر قضاء المذكورين على ترتيب الطبقات،و أحوط منه قضاء الأكبر فالأكبر من الذكور ثم الإناث في كل طبقة حتى الزوجين و المعتق و ضامن الجريرة.
[1843]مسألة 1:إنما يجب على الولي قضاء ما فات عن الأبوين من صلاة نفسهما،فلا يجب عليه ما وجب عليهما بالاستئجار أو على الأب من صلاة أبويه من جهة كونه وليّا.
[1844]مسألة 2:لا يجب على ولد الولد القضاء عن الميت إذا كان هو الأكبر حال الموت،و إن كان أحوط خصوصا إذا لم يكن للميت ولد.
[1845]مسألة 3:إذا مات أكبر الذكور بعد أحد أبويه لا يجب على غيره من إخوته الأكبر فالأكبر.
هذا إذا كان العذر هو السفر دون غيره كما مرّ.
[1846]مسألة 4:لا يعتبر في الولي أن يكون بالغا عاقلا عند الموت، فيجب على الطفل إذا بلغ و على المجنون إذا عقل،و إذا مات غير البالغ قبل البلوغ أو المجنون قبل الإفاقة لا يجب على الأكبر بعدهما.
[1847]مسألة 5:إذا كان أحد الأولاد أكبر بالسن و الآخر بالبلوغ فالولي هو الأول.
[1848]مسألة 6:لا يعتبر في الولي كونه وارثا فيجب على الممنوع من الإرث بالقتل أو الرق أو الكفر(1).
[1849]مسألة 7:إذا كان الأكبر خنثى مشكلا فالولي غيره من الذكور(2)
في عدم الاعتبار اشكال بل منع،فإن ظاهر قوله عليه السّلام في الصحيحة:
(يقضى عنه أولى الناس بميراثه)هو الأولوية الفعليّة،يعني أن الولي هو أولى الناس بميراثه فعلا فلا يعم الممنوع من الارث كالقاتل أو الكافر أو العبد على أساس ظهور الاضافة في الفعلية و ارادة الأعم منها و من الشأنية بحاجة إلى قرينة.
في ولاية غيره اشكال،و الأظهر عدم ثبوت الولاية له و لا لغيره،أما بالنسبة إلى الحبوة فإن كان الخنثى المشكل في الواقع رجلا على أساس أنه ليس طبيعة ثالثة فهو أولى بها،و إن كان امرأة فالأولى بها غيره،فعندئذ ينشأ علم اجمالي بأن الحبوة أما أن تكون له أو لغيره،و لا يمكن لأي واحد منهما أن يتمسك باستصحاب عدم انتقالها إلى غيره فانه معارض باستصحاب عدم انتقالها اليه فيسقطان من جهة المعارضة،فإذن لا بد لهما من المصالحة و التراضي بينهما.
و أما بالنسبة إلى وجوب القضاء فالخنثى بما أنه يعلم اجمالا أما بوجوب ستر تمام البدن عليه في الصلاة أو بوجوب قضاء ما فات عن أبويه أو أحدهما، فيكون هذا العلم الإجمالي منجزا و مقتضاه وجوب القضاء عليه.
و دعوى:أن هذا العلم الإجمالي إنما يكون مؤثرا إذا كان بلوغ الخنثى بعد
و إن كان أصغر،و لو انحصر في الخنثى لم يجب عليه.
[1850]مسألة 8:لو اشتبه الأكبر بين الاثنين أو الأزيد لم يجب على واحد منهم،و إن كان الأحوط التوزيع أو القرعة.
[1851]مسألة 9:لو تساوى الولدان في السن قسّط القضاء عليهما(1)،
في التقسيط اشكال بل منع و ذلك لأنّ موضوع وجوب القضاء كما في الصحيحة هو أولى الناس بميراثه لا الولد الأكبر،و هو ينطبق على كل واحد منهما على حدّ سواء،فإذن يكون القضاء واجبا على الجامع و هو عنوان أولى الناس على نحو صرف الوجود المنطبق على الواحد و المتعدد،و نتيجة ذلك هي أن وجوب القضاء كفائي في فرض تعدد الولد الأكبر،و أما التقسيط فلا دليل عليه.
هذا مضافا إلى أنه لا يمكن في تمام الموارد،كما إذا كان الفائت عن الميت من الصلاة أو الصيام فردا لا زوجا.و الالتزام بالتقسيط فيما يمكن و الوجوب الكفائي فيما لا يمكن كما في المتن،غريب جدا،إذ لا يمكن استفادة ذلك من دليل واحد في المسألة.
إلاّ أن يقال:أن مقتضى القاعدة هو التقسيط،و لكن فيما لا يمكن فيه التقسيط لا بد من الالتزام بالوجوب الكفائي فيه من جهة العلم الخارجي بأن ذمة الميت لا تبقى مشغولة.
و لكن يرد عليه أنه لا مبرر لهذا العلم الخارجي و لا مانع من الالتزام بعدم
و يكلف بالكسر-أي ما لا يكون قابلا للقسمة و التقسيط كصلاة واحدة و صوم يوم واحد-كل منهما على الكفاية،فلهما أن يوقعاه دفعة واحدة و يحكم بصحة كل منهما و إن كان متحدا في ذمة الميت،و لو كان صوما من قضاء شهر رمضان لا يجوز لهما الإفطار بعد الزوال(1)،و الأحوط الكفارة على كل منهما(2)مع الإفطار بعده بناء على وجوبها في القضاء عن الغير
هذا على القول بالتقسيط و عدم جواز الافطار في القضاء حتى عن غيره على ما يأتي الكلام فيه في محله،و لكن قد مرّ أن القول بالتقسيط لا دليل عليه،فالمتعين هو القول بالوجوب الكفائى،و معه يجوز الافطار لأحدهما إذا كان واثقا و متأكدا من اتمام الآخر،و إلاّ لم يجز.
بل الأظهر ذلك إذا أفطر كل واحد منهما مع عدم الوثوق و الاطمئنان باتمام الآخر حيث انه يوجب العقوبة و الكفارة على تقدير القول بها في القضاء عن غيره.نعم إذا كان أحدهما واثقا باتمام الآخر و عدم افطاره جاز له الافطار،و حينئذ فإذا أفطر الآخر فالظاهر وجوب الكفارة عليه فحسب على أساس أن الاتمام وقتئذ
أيضا كما في قضاء نفسه.
[1852]مسألة 10:إذا أوصى الميت بالاستئجار عنه سقط عن الولي بشرط الإتيان من الأجير صحيحا.
[1853]مسألة 11:يجوز للولي أن يستأجر ما عليه من القضاء عن الميت.
[1854]مسألة 12:إذا تبرع بالقضاء عن الميت متبرع سقط عن الولي.
[1855]مسألة 13:يجب على الولي مراعاة الترتيب في قضاء الصلاة(1)، و إن جهله وجب عليه الاحتياط بالتكرار.
[1856]مسألة 14:المناط في الجهر و الإخفات على حال الولي المباشر لا الميت،فيجهر في الجهرية و إن كان القضاء عن الام.
[1857]مسألة 15:في أحكام الشك و السهو يراعي الولي تكليف نفسه اجتهادا أو تقليدا لا تكليف الميت،بخلاف أجزاء الصلاة و شرائطها فإنه يراعي تكليف الميت(2)،و كذا في أصل وجوب القضاء(3)فلو كان
تقدم عدم وجوبها إلاّ في الصلاتين المترتبتين بالاصالة كالظهرين و العشاءين.
مرّ حكم هذه المسألة بشكل موسع في المسألة(15)من صلاة الاستئجار.
بل المتبع فيه نظر الولي اجتهادا أو تقليدا حيث ان موضوع وجوب القضاء على الولي فوائت الميت،فإذا لم تكن بنظره فوائت على ذمته فلا موضوع لوجوب القضاء فيكون انتفاؤه بانتفاء الموضوع،و مثال ذلك:إذا كان رأي الميت
مقتضى تقليد الميت و اجتهاده وجوب القضاء عليه يجب على الولي الإتيان به و إن كان مقتضى مذهبه عدم الوجوب،و إن كان مقتضى مذهب الميت عدم الوجوب لا يجب عليه و إن كان واجبا بمقتضى مذهبه،إلا إذا علم علما وجدانيا قطعيا ببطلان مذهب الميت فيراعي حينئذ تكليف نفسه.
[1858]مسألة 16:إذا علم الولي أنّ على الميت فوائت و لكن لا يدري أنها فاتت لعذر من مرض أو نحوه أو لا لعذر لا يجب عليه القضاء(1)، و كذا إذا شك في أصل الفوت و عدمه.
[1859]مسألة 17:المدار في الأكبرية على التولد(2)لا على انعقاد
بل يجب لما مرّ من عدم الفرق في ذلك بين العذر و العمد في أول فصل قضاء الولي.
على الأحوط فيه و فيما بعده و في التوأمين لعدم الدليل في المسألة،
النطفة،فلو كان أحد الولدين أسبق انعقادا و الآخر أسبق تولدا فالولي هو الثاني،ففي التوأمين الأكبر أولهما تولدا.
[1860]مسألة 18:الظاهر عدم اختصاص ما يجب على الولي بالفوائت اليومية،فلو وجب عليه صلاة بالنذر الموقت و فاتت منه لعذر وجب على الولي قضاؤها.
[1861]مسألة 19:الظاهر أنه يكفي في الوجوب على الولي إخبار الميت(1)بأن عليه قضاء ما فات لعذر.
[1862]مسألة 20:إذ مات في أثناء الوقت بعد مضي مقدار الصلاة بحسب حاله قبل أن يصلي وجب على الولي قضاؤها.
[1863]مسألة 21:لو لم يكن ولي أو كان و مات قبل أن يقضي عن الميت وجب الاستئجار من تركته(2)،و كذا لو تبين بطلان ما أتى به.
[1864]مسألة 22:لا يمنع من الوجوب على الولي اشتغال ذمته بفوائت نفسه،و يتخير في تقديم أيهما شاء.
[1865]مسألة 23:لا يجب عليه الفور في القضاء عن الميت و إن كان أولى و أحوط.
[1866]مسألة 24:إذا مات الولي بعد الميت قبل أن يتمكن من القضاء
هذا فيما إذا كان الميت ثقة.
تقدم عدم وجوب الاستئجار إلاّ فيما إذا أوصى الميت به،و حينئذ تخرج من الثلث لا من الأصل و يكون في عرض وجوب القضاء على الولي لا في طوله كما في المتن.
ففي الانتقال إلى الأكبر بعده إشكال(1).
[1867]مسألة 25:إذا استأجر الولي غيره لما عليه من صلاة الميت فالظاهر أنّ الأجير يقصد النيابة عن الميت لا عنه.
بل الظاهر عدم الانتقال لأنّ الولي كما مرّ هو الأولى بميراثه المتعين في ولده الأكبر و لو بملاك أنه المتيقن بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية،فإذا مات فالانتقال إلى غيره بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه.
فصل في الجماعة و هي من المستحبات الأكيدة في جميع الفرائض خصوصا اليومية منها و خصوصا في الأدائية و لا سيما في الصبح و العشاءين و خصوصا لجيران المسجد أو من يسمع النداء،و قد ورد في فضلها و ذمّ تاركها من ضروب التأكيدات ما كاد يلحقها بالواجبات،ففي الصحيح:
«الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذّ-أي الفرد-بأربع و عشرين درجة»و في رواية زرارة:
«قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:ما يروي الناس أن الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمس و عشرين،فقال عليه السّلام:صدقوا.فقلت:
الرجلان يكونان جماعة،قال عليه السّلام:نعم و يقوم الرجل عن يمين الإمام»و في رواية محمد بن عمارة:
«قال:أرسلت إلى الرضا عليه السّلام أسأله عن الرجل يصلّي المكتوبة وحده في مسجد الكوفة أفضل أو صلاته مع جماعة،فقال عليه السلام:الصلاة في جماعة أفضل»،مع أنه ورد أن الصلاة في مسجد الكوفة تعدل ألف صلاة و في بعض الأخبار ألفين،بل في خبر:
«قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:أتاني جبرئيل مع سبعين ألف ملك بعد صلاة الظهر فقال:يا محمد إن ربك يقرؤك السلام و أهدى إليك هديتين لم
يهدهما إلى نبي قبلك،قلت:ما تلك الهديتان؟قال:الوتر ثلاث ركعات و الصلاة الخمس في جماعة،قلت:يا جبرائيل ما لأمتي في الجماعة؟قال:
يا محمد إذا كانا اثنين كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة مائة و خمسين صلاة، و إذا كانوا ثلاثة كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة ستمائة صلاة،و إذا كانوا أربعة كتب اللّه لكل واحد ألفا و مائتي صلاة،و إذا كانوا خمسة كتب اللّه لكل واحد بكل ركعة ألفين و أربعمائة صلاة،و إذا كانوا ستة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف و ثمانمائة صلاة،و إذا كانوا سبعة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف و ستمائة صلاة،و إذا كانوا ثمانية كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة عشرة الفا و مائتي صلاة و اذا كانوا تسعة كتب اللّه لكل واحد منهم ثمانية و ثلاثين ألفا و أربعمائة صلاة،و إذا كانوا عشرة كتب اللّه لكل واحد منهم بكل ركعة ستة و سبعين ألفا(و ألفين خ) و ثمانمائة صلاة،فإن زادوا على العشرة فلو صارت السماوات كلها قرطاسا و البحار مدادا و الأشجار أقلاما و الثقلان مع الملائكة كتّابا لم يقدروا أن يكتبوا ثواب ركعة،يا محمد صلّى اللّه عليه و آله تكبيرة يدركها المؤمن مع الإمام خير من ستين ألف حجة و عمرة و خير من الدنيا و ما فيها بسبعين ألف مرة،و ركعة يصليها المؤمن مع الإمام خير من مائة ألف دينار يتصدق بها على المساكين،و سجدة يسجدها المؤمن مع الإمام في جماعة خير من عتق مائة رقبة»و عن الصادق عليه السّلام:
«الصلاة خلف العالم بألف ركعة و خلف القرشي بمائة»و لا يخفى أنه إذا تعدد جهات الفضل تضاعف الأجر،فإذا كانت في مسجد السوق الذي تكون الصلاة فيه باثنتي عشرة صلاة يتضاعف بمقداره،و إذا كانت في مسجد القبيلة الذي تكون الصلاة فيه بخمسة و عشرين فكذلك،و إذا
كانت في المسجد الجامع الذي تكون الصلاة فيه بمائة يتضاعف بقدره، و كذا إذا كانت في مسجد الكوفة الذي بألف أو كانت عند علي عليه السلام الذي فيه بمائتي ألف،و إذا كانت خلف العالم أو السيد فأفضل،و إن كانت خلف العالم السيد فأفضل،و كلما كان الإمام أوثق و أورع و أفضل فأفضل، و إذا كان المأمومون ذوي فضل فتكون أفضل،و كلما كان المأمومون أكثر كان الأجر أزيد،و لا يجوز تركها رغبة عنها أو استخفافا بها،ففي الخبر:
«لا صلاة لمن لا يصلي في المسجد إلا من علة،و لا غيبة لمن صلى في بيته و رغب عن جماعتنا،و من رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته و سقطت بينهم عدالته و وجب هجرانه،و إذا دفع إلى إمام المسلمين أنذره و حذّره فإن حضر جماعة المسلمين و إلا أحرق عليه بيته» و في آخر:
«إنّ أمير المؤمنين عليه السلام بلغه أن قوما لا يحضرون الصلاة في المسجد فخطب فقال:إن قوما لا يحضرون الصلاة معنا في مساجدنا فلا يؤاكلونا و لا يشاربونا و لا يشاورونا و لا يناكحونا أو يحضروا معنا صلاتنا جماعة و إني لأوشك بنار تشعل في دورهم فأحرقها عليهم أو ينتهون،قال:
فامتنع المسلمون من مؤاكلتهم و مشاربتهم و مناكحتهم حتى حضروا لجماعة المسلمين»إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة،فمقتضى الإيمان عدم الترك من غير عذر لا سيما مع الاستمرار عليه فإنه كما ورد لا يمنع الشيطان من شيء من العبادات منعها،و يعرض عليهم الشبهات من جهة العدالة و نحوها حيث لا يمكنهم إنكارها لأن فضلها من ضروريات الدين.
[1868]مسألة 1:تجب الجماعة في الجمعة و تشترط في صحتها،و كذا العيدين مع اجتماع شرائط الوجوب،و كذا إذا ضاق الوقت عن تعلم
القراءة لمن لا يحسنها مع قدرته على التعلم(1)،و أما إذا كان عاجزا عنه
في وجوب الجماعة عليه اشكال بل منع،أما وجوبها الشرطي فلأنه لا دليل على أن صحة صلاته في هذه الحالة مشروطة بالجماعة و إلاّ لكانت باطلة، فإن ذلك بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه.نعم أنها واجبة بحكم العقل دفعا للعقاب.
و أما وجوبها النفسي فهو مبني على أن تكون الجماعة أحد فردي الواجب التخييرى،بأن يكون المصلي مخيرا بين الاتيان بالصلاة فرادى و الاتيان بها جماعة،فإذا تعذر احداهما تعين الأخرى،و لكن المبنى غير صحيح،فإن الخطابات الأولية الآمرة بالصلاة من الكتاب و السنة متوجهة إلى آحاد المكلفين، و من المعلوم أن مفاد تلك الخطابات هو أن كل واحد منهم مأمور بالقيام بصلاته بنفسه و الاتيان بها كذلك،و لا يدل شيء منها على مشروعية الجماعة أصلا.
و أما أدلة الجماعة التي تنص على مشروعيتها و تؤكد على افضلية الصلاة بهذه الكيفية في ضمن حدودها فلا تدل على أن الواجب في كل صلاة تشرع فيها الجماعة هو الجامع بين أن يقرأ المصلي بنفسه أو يكتفي بقراءة الامام،بل غاية ما تدل عليه هو أن قراءة الامام مسقطة عن قراءته شريطة توفر شروط الامامة فيه.
و النكتة في ذلك:أن أدلة مشروعية الجماعة ناظرة إلى استحبابها في الصلاة و تؤكد على الاتيان بها معها و لا نظر لها إلى أن الواجب على المصلي هو الجامع بين أن يقرأ بنفسه فيها أو يكتفي بقراءة الامام،فلو كنا نحن و تلك الأدلة التي تنص و تؤكد على فضيلة الجماعة لم نقل بالكفاية فانها بحاجة إلى دليل يدل على كفاية قراءة الامام عن قراءته و قد دل دليل خاص بصيغة:(ان الامام ضامن لقراءة المأموم دون سائر اجزاء صلاته…) 1و من المعلوم أن هذه الصيغة ظاهرة في أن قراءة الامام مسقطة عن قراءته في هذه الحالة لا أنها أحد عدلي الواجب.
و إن شئت قلت:أن نصوص الجماعة لا تدل على أن الاجتماع في الصلاة
أصلا فلا يجب عليه حضور الجماعة و إن كان أحوط،و قد تجب بالنذر و العهد و اليمين،و لكن لو خالف صحت الصلاة و إن كان متعمدا،و وجبت حينئذ عليه الكفارة،و الظاهر وجوبها أيضا إذا كان ترك الوسواس موقوفا عليها(1)،و كذا إذا ضاق الوقت عن إدراك الركعة بأن كان هناك إمام في حال الركوع(2)،بل و كذا إذا كان بطيئا في القراءة في ضيق الوقت،بل لا
في اطلاقه اشكال بل منع،فان الجماعة انما تجب إذا بلغت الوسوسة إلى درجة الحرمة و المبغوضية على أساس استلزامها ترك واجب أو فعل محرم، و إلاّ فلا دليل على حرمتها بعنوانها.و ما ورد في الرواية من نفي العقل عن الوسواسي معللا بأنه يطيع الشيطان لا يدل على الحرمة كما مر في المسألة(14) من مبطلات الصلاة.
هذا على المشهور،و أما بناء على ما ذكرناه من الاشكال في التعدي عن مورد حديث(من ادرك)و هو صلاة الغداة إلى سائر الصلوات،فيكون الاحوط وجوبا في سائر الصلوات هو الجمع بين الجماعة بادراك ركعة منها في الوقت
يبعد وجوبها بأمر أحد الوالدين(1).
[1869]مسألة 2:لا تشرع الجماعة في شيء من النوافل الأصلية(2)و إن
في الوجوب اشكال بل منع لعدم الدليل على وجوب اطاعة الوالدين على الأولاد مطلقا فإن المستفاد من الآية الشريفة و بعض الروايات المعتبرة أن الواجب عليهم هو المعاشرة الحسنة معهما المتمثلة في التعايش السلمي بالمعروف المتضمن للحفاظ على كرامتهما دون أكثر من هذا،و بذلك يمتاز الوالدين عن سائر الناس حيث لا يجب عليهم تلك المعاشرة مع غيرهما.
في عدم المشروعية اشكال و إن كان الأجدر و الأحوط ترك الجماعة فيها،لأنّ الدليل الوحيد على عدم المشروعية الذي يمكن الاعتماد عليه هو قوله عليه السّلام في صحيحة الفضلاء:(قال صلّى اللّه عليه و آله:أيها الناس إنّ الصّلاة بالليل في شهر رمضان من النافلة في جماعة بدعة…) 1فانه ناص في أن الجماعة في نوافل شهر رمضان بدعه و غير مشروعة،و أما دلالته على أنها بدعة في مطلق النوافل فهي تتوقف على أن يقطع الانسان بعدم خصوصية لمورده و هي غير بعيدة و لا أقل من الوثوق بذلك و عدم خصوصية لليالي شهر رمضان،و يؤكد ذلك أن الظاهر من الصحيحة هو أن الجماعة في صلاة الليل بدعة باعتبار أنها نافلة،و عليه فالصحيحة تدل على عدم مشروعية الجماعة في النافلة مطلقا،فتكون حينئذ معارضة بروايات أخرى تنص على مشروعية الجماعة في النوافل،و مورد هذه الروايات و إن كان المرأة إلاّ أن العرف لا يفهم خصوصية لها بل يفهم منها مشروعية الجماعة في النوافل مطلقا أي بلا فرق بين جماعة النساء و جماعة الرجال،و لا يحتمل عادة كون الجماعة في مورد مشروعة للنساء دون الرجال،كما أن مورد صحيحة
وجبت بالعارض بنذر أو نحوه حتى صلاة الغدير على الأقوى إلا في صلاة الاستسقاء،نعم لا بأس بها فيما صار نفلا بالعارض كصلاة العيدين مع عدم اجتماع شرائط الوجوب،و الصلاة المعادة جماعة،و الفريضة المتبرع بها عن الغير،و المأتي بها من جهة الاحتياط الاستحبابي.
[1870]مسألة 3:يجوز الاقتداء في كل من الصلوات اليومية بمن يصلي الاخرى أيا منها كانت و إن اختلفا في الجهر و الإخفات،و الأداء و القضاء و القصر و التمام بل و الوجوب و الندب،فيجوز اقتداء مصلي الصبح أو المغرب أو العشاء بمصلي الظهر أو العصر،و كذا العكس،و يجوز اقتداء المؤدي بالقاضي و العكس،و المسافر بالحاضر و العكس،و المعيد صلاته بمن لم يصلّ و العكس،و الذي يعيد صلاته احتياطا استحبابيا أو وجوبيا
بمن يصلي وجوبا،نعم يشمل اقتداء من يصلي وجوبا بمن يعيد احتياطا و لو كان وجوبيا(1)،بل يشكل اقتداء المحتاط بالمحتاط إلا إذا كان احتياطهما من جهة واحدة.
[1871]مسألة 4:يجوز الاقتداء في اليومية أيا منها كانت أداء أو قضاء بصلاة الطواف كما يجوز العكس(2).
بل لا يجوز اقتداؤه به لعدم احرازه أن صلاة الامام صحيحة حتى تكون قراءته عوضا عن قراءته،اذ ان صلاته الأولى ان كانت صحيحة فالثانية فاسدة و ليست بمأمور بها و إنما هي صورتها لا واقع لها،و من المعلوم انه لا يجوز الاقتداء بمثل هذه الصلاة،و بما انه لم يحرز صحة صلاة الامام لم يحرز فراغ ذمته عن القراءة،و نتيجة ذلك انه لمّا لم يعلم ان ذمته قد برئت من الصلاة حكمت عليه قاعدة الاشتغال،و من هنا لا يجوز اقتداء المحتاط بالمحتاط على أساس احتمال ان صلاة الامام باطلة في الواقع و صلاة المأموم صحيحة،و احتمال أن يكون الأمر بالعكس،و نتيجة ذلك أن المأموم لم يحرز فراغ ذمته عن الصلاة و ليس بإمكانه الاكتفاء بها باعتبار ان صلاة الامام إذا كانت باطلة ظلت ذمة المأموم مشغولة بها من جهة انه تارك للقراءة عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعى،و بما أنه لم يعلم ببطلان صلاته لم يعلم بفراغ ذمته عنها،فقاعدة الاشتغال حينئذ محكمة،نعم إذا كان منشأ احتياطهما واحدا لا بأس باقتداء أحدهما بالآخر فإنه في الواقع أما أن تكون صلاة كليهما باطلة أو تكون صلاة كليهما صحيحة و احتمال كون صلاة أحدهما صحيحة دون الآخر غير محتمل فمن أجل ذلك لا بأس بالاقتداء في هذه الصورة.
في جواز الاقتداء فيها بصلاة الطواف و عكسه اشكال،بل لا يبعد عدم جوازه على أساس أنه بحاجة إلى دليل و لا دليل عليه،و أما صحيحة زرارة و الفضيل فانها تدل على مشروعية الجماعة في كل نوع من انواع الصلاة و ناظرة
[1872]مسألة 5:لا يجوز الاقتداء في اليومية بصلاة الاحتياط في الشكوك(1).
كما لا يجوز الاقتداء فيها بمن يصلي فوائت مشكوكة كذلك لا يجوز ائتمام من يصلي فوائت مشكوكة بمثله إلاّ في صورة واحدة و هي ما إذا علم بانه في حالة كون ذمته مدينة بتلك الصلوات فذمة امامه أيضا مدينة بها،كما إذا توضأ كلاهما بماء واحد وصليا الظهر و العصر و بعد ذهاب الوقت شكا في أن الماء الذي توضئا به معا هل كان طاهرا أم نجسا أو مباحا أو مغصوبا و ارادا أن يحتاطا استحبابا باعادة الصلاتين،ففي مثل هذه الحالة يجوز لكل منهما الاقتداء بالآخر إذا كان جديرا به.
و أما من يصلي صلاة الاحتياط علاجا للشك في صلاته فهل يجوز له أن يقتدي بمن يصلي صلاة الاحتياط أيضا؟فالظاهر عدم الجواز لا من جهة احتمال أنها نافلة لما مرّ من أن مشروعية الجماعة في النوافل غير بعيدة،بل من جهة أنه لا دليل على الجواز باعتبار أن صلاة الاحتياط لعلاج الشكوك ليست نوعا مستقلا للصلاة في الشريعة المقدسة،بل هي مجعولة لتدارك النقص المحتمل فيها،و من
و الأحوط ترك العكس أيضا و إن كان لا يبعد الجواز(1)،
بل عدم الجواز هو الأقوى لا من جهة احتمال أنها نافلة بل من جهة أن المقتضي للجواز قاصر في نفسه،فإن الصحيحة بعمومها كما مرّ ناظرة إلى مشروعية الجماعة في انواع الصلاة و عدم الفرق بين نوع و نوع دون اجزائها و حالاتها فلا تدل على مشروعية الاقتداء في نوع بنوع آخر منها،و بذلك يظهر حال ما بعده.
الأحوط ترك الاقتداء فيها و لو بمثلها من صلاة الاحتياط حتى إذا كان جهة الاحتياط متحدة و إن كان لا يبعد الجواز في خصوص صورة الاتحاد كما إذا كان الشك الموجب للاحتياط مشتركا بين الإمام و المأموم.
[1873]مسألة 6:لا يجوز اقتداء مصلي اليومية أو الطواف بمصلي الآيات أو العيدين أو صلاة الأموات،و كذا لا يجوز العكس،كما أنه لا يجوز اقتداء كل من الثلاثة بالآخر.
[1874]مسألة 7:الأحوط عدم اقتداء مصلي العيدين بمصلي الاستسقاء(1)،و كذا العكس و إن اتفقا في النظم.
[1875]مسألة 8:أقل عدد تنعقد به الجماعة في غير الجمعة و العيدين اثنان أحدهما الإمام سواء كان المأموم رجلا أو امرأة بل و صبيا مميزا على الأقوى،و أما في الجمعة و العيدين فلا تنعقد إلاّ بخمسة أحدهم الإمام.
[1876]مسألة 9:لا يشترط في انعقاد الجماعة في غير الجمعة و العيدين نية الإمام الجماعة و الإمامة(2)،فلو لم ينوها مع اقتداء غيره به تحققت
بل هو الأظهر،فلا يجوز الاقتداء مع اختلاف الصلاتين،فإذا صلى الامام صلاة الاستسقاء أو صلاة العيدين لم يجز لغيره أن يقتدي به حينئذ إلاّ في صلاة من نوع الصلاة التي يصليها الامام باعتبار أن الجماعة و إن كانت مشروعة في تلك الصلوات،إلاّ أن مشروعية الاقتداء في صلاة العيدين بصلاة الاستسقاء و بالعكس بحاجة إلى دليل،و أما الصحيحة فقد مرّ أنّه لا عموم لها من هذه الناحية.
كما أن من يصلي صلاة العيدين مأموما أو صلاة الاستسقاء أو الآيات كذلك فلا يجوز له أن يقتدي إلاّ بمن يؤدي نفس تلك الصلوات.
بل في غير الصلاة المعادة جماعة أيضا،و لعل اهمال الماتن قدّس سرّه لها من
الجماعة سواء كان الإمام ملتفتا لاقتداء الغير به أم لا،نعم حصول الثواب في حقه موقوف على نية الإمامة،و أما المأموم فلا بد له من نية الائتمام،فلو لم ينوه لم تتحقّق الجماعة في حقه و إن تابعه في الأقوال و الأفعال،و حينئذ فإن أتى بجميع ما يجب على المنفرد صحت صلاته و إلا فلا،و كذا يجب وحدة الإمام فلو نوى الاقتداء باثنين و لو كانا متقارنين في الأقوال و الأفعال لم تصح جماعة و تصح فرادى إن أتى بما يجب على المنفرد و لم يقصد التشريع،و يجب عليه تعيين الإمام بالاسم أو الوصف أو الإشارة الذهنية أو الخارجية فيكفي التعيين الإجمالي كنية الاقتداء بهذا الحاضر أو بمن يجهر في صلاته مثلا من الأئمة الموجودين أو نحو ذلك،و لو نوى الاقتداء بأحد هذين أو أحد هذه الجماعة لم تصح جماعة و إن كان من قصده تعيين أحدهما بعد ذلك في الأثناء أو بعد الفراغ.
[1877]مسألة 10:لا يجوز الاقتداء بالمأموم،فيشترط أن لا يكون إمامه مأموما لغيره.
[1878]مسألة 11:لو شك في أنه نوى الائتمام أم لا بنى على العدم و أتم منفردا و إن علم أنه قام بنية الدخول في الجماعة،نعم لو ظهر عليه أحوال الائتمام كالإنصات و نحوه فالأقوى عدم الالتفات و لحوق أحكام الجماعة(1)،و إن كان الأحوط الإتمام منفردا،و أما إذا كان ناويا للجماعة
في اطلاقه اشكال بل منع،فإنه إن كان واثقا و متأكدا من أن الحالة الطارئة عليه إنما هي بالائتمام و الدخول في الجماعة وجب عليه ترتيب أحكامها،
و رأى نفسه مقتديا و شك في أنه من أول الصلاة نوى الانفراد أو الجماعة فالأمر أسهل(1).
في اطلاقه اشكال بل منع على أساس أنه لم يجز أن ينوي من أول الصلاة الافراد ثم في الاثناء ينوي الائتمام،إذ لا دليل على مشروعية ذلك،و إنما يسوغ للمصلي أن ينوي الاقتداء من بداية صلاته،و على هذا فإذا شكّ المصلي في أنه دخل في الصلاة ناويا بها الافراد ثم عدل إلى الجماعة،أو ناويا بها الجماعة من الابتداء لم تجر قاعدة التجاوز و ان احتمل انه كان حين الدخول فيها أذكر لأمرين…
أحدهما:أن الشك هنا ليس في ترك جزء أو شرط بعد التجاوز عن محله الشرعي و إنما هو في أنه نوى الافراد أولا ثم عدل إلى الجماعة،أو نوى الجماعة من الأول فالشك إنما هو في صفة النية لا في أصل وجودها بمفاد كان التامة،و هو ليس موردا لقاعدة التجاوز فانها تثبت وجود الجزء أو الشرط بمفاد كان التامة،و لا تثبت صفة الموجود،هذا اضافة إلى أنه ليس لنية الصلاة افرادا أو جماعة محل معين.
و الآخر:أن قاعدة التجاوز إنما تجري لإثبات أن الصلاة تامة و لا نقص فيها بحيث لو لم تجر لكانت ناقصة و لا بد من الاتيان بها مرة ثانية،و لا يترتب هذا الأثر على جريانها في المقام،و ذلك لأنّ المصلي لما يشكّ في أنه نوى الافراد من الأول يعني يصلي بدون أن يكون لصلاته ارتباط شرعي بصلاة شخص آخر ثم يعدل إلى الجماعة و الائتمام،أو نوى الجماعة من الأول،يعني يصلي ناويا أن يتخذ من مصل آخر إماما له في صلاته،فهو إنما يوجب الشكّ في بطلان جماعته لا صلاته، و من المعلوم أن قاعدة التجاوز لا تثبت صحة جماعته و تحققها شرعا إذا كانت
[1879]مسألة 12:إذا نوى الاقتداء بشخص على أنه زيد فبان أنه عمرو فإن لم يكن عمرو عادلا بطلت جماعته و صلاته أيضا إذا ترك القراءة(1)أو أتى بما يخالف صلاة المنفرد،و إلا صحت على الأقوى،و إن التفت في الأثناء و لم يقع منه ما ينافي صلاة المنفرد أتم منفردا،و إن كان عمرو أيضا عادلا ففي المسألة صورتان:إحداهما أن يكون قصده الاقتداء بزيد و تخيّل أن الحاضر هو زيد و في هذه الصورة تبطل جماعته و صلاته أيضا(2)إن
في بطلان صلاته مطلقا اشكال بل منع،لأنها لا تبطل بترك القراءة فيما إذا كان معذورا في تركها بمقتضى اطلاق حديث لا تعاد،نعم إذا لم يكن معذورا فيه أو كان ما تركه مما يوجب البطلان و إن كان عن عذر كما إذا تورط في فترة اقتدائه بنقصان ركن فيها و لو سهوا بطلت صلاته و وجب عليه استئنافها من جديد.
و دعوى:ان حديث(لا تعاد)لا يشمل المقام باعتبار ان المصلي يكون تاركا للقراءة عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي و من المعلوم أن مثله لا يكون مشمولا لإطلاق الحديث لاختصاصه بما إذا ترك الجزء أو الشرط ناسيا أو جاهلا إذا كان معذورا أو كان مركبا و إن لم يكن معذورا.
خاطئة بأن منشأ الترك في المقام هو الغفلة عن كون الامام عمروا و الاعتقاد بأنه زيد فيكون غافلا و جاهلا مركبا كما هو الحال في سائر موارده.
بل الظاهر صحة الصلاة و الجماعة معا لأنّ البطلان مبني على أن يكون
خالفت صلاة المنفرد،الثانية أن يكون قصده الاقتداء بهذا الحاضر و لكن تخيّل أنه زيد فبان أنه عمرو و في هذه الصورة الأقوى صحة جماعته و صلاته،فالمناط ما قصده لا ما تخيله من باب الاشتباه في التطبيق.
[1880]مسألة 13:إذا صلى اثنان و بعد الفراغ علم أن نية كل منهما الإمامة للآخر صحت صلاتهما،أما لو علم أن نية كل منهما الإتمام بالآخر استأنف كل منهما الصلاة(1)إذا كانت مخالفة لصلاة المنفرد،و لو شكا فيما أضمراه
في الاستئناف اشكال و الأظهر عدمه،فإن عمدة الدليل على وجوب الاستئناف هي رواية السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السّلام عن أبيه قال:(قال أمير المؤمنين عليه السّلام في رجلين اختلفا فقال أحدهما:كنت امامك،و قال الآخر:انا كنت امامك،فقال:صلاتهما تامة،قلت:فإن قال كل واحد منهما كنت ائتم بك،قال:
صلاتهما فاسدة و ليستأنفا) 1فانها واضحة الدلالة على بطلان صلاة كليهما معا، و لكن لا يمكن الأخذ بهذه الرواية من ناحية السند باعتبار ان في سندها النوفلي و هو لم يثبت توثيقه،و مجرد وروده في اسناد كامل الزيارات و تفسير القمي لا
فالأحوط الاستئناف و إن كان الأقوى الصحة إذا كان الشك بعد الفراغ(1)أو
هذا بناء على بطلان الصلاة بائتمام كل منهما بالآخر،و حينئذ فإن علم به فلا اشكال في البطلان و إن شك فيه كان يشك في صحة صلاته على أساس أنه مانع عنها،و معه لا مانع من الرجوع إلى قاعدة الفراغ شريطة أن يكون المصلي ملتفتا إلى مانعية ذلك و كان في مقام الامتثال فعندئذ اذا شك بعد الفراغ من صلاته انه ائتم بصاحبه مع علمه بائتمام صاحبه به أو شكه فيه لا مانع من جريان قاعدة الفراغ باعتبار انه كان في مقام الامتثال فاحتمال انه ائتم به عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي غير محتمل،و احتمال أنه صنع ذلك غفلة و سهوا فهو خلاف الأصل، و عليه فلا تصل النوبة إلى الاستصحاب في المسألة و هو استصحاب عدم ائتمامه بصاحبه الجدير بالائتمام،و بالعكس،و استصحاب عدم ائتمام كل منهما بالآخر، فإن هذا الاستصحاب و إن كان لا مانع منه في نفسه إلاّ أنه محكوم في المسألة بالقاعدة،نعم لو لم تجر القاعدة كما إذا كان المصلي غافلا حين العمل فلا بأس بالتمسك به على أساس أن المانع من الصلاة إنما هو ائتمام كل منهما بالآخر في زمان ائتمام الآخر به واقعا،و مع الشك يستصحب عدمه و به يحرز عدم المانع من الصلاة.
و دعوى:انه لا مجال لجريان قاعدة الفراغ بملاك انه لا يحتمل أن يكون ائتمامه بالآخر عن غفلة و نسيان،بل لو كان فهو عن قصد و عمد حيث انه لا يرى ذلك خلاف وظيفته باعتبار انه يعتقد مشروعية هذا الائتمام لعدم علمه بائتمام صاحبه به.
مدفوعة:بأن المفروض في المسألة هو أن المصلي شاك في صحة صلاته
قبله مع نية الانفراد بعد الشك.
[1881]مسألة 14:الأقوى و الأحوط عدم نقل نيته من إمام إلى إمام آخر اختيارا و إن كان الآخر أفضل و أرجح،نعم لو عرض للإمام ما يمنعه من إتمام صلاته من موت أو جنون أو إغماء أو صدور حدث بل و لو لتذكر حدث سابق جاز للمأمومين تقديم إمام آخر(1)و إتمام الصلاة معه،بل
و الأظهر أن يكون ذلك الامام من أحد المأمومين بمقتضى قوله عليه السّلام في صحيحة علي بن جعفر عليه السّلام:(لا صلاة لهم إلاّ بإمام فليقدم بعضهم فليتم بهم ما بقي منها و قد تمت صلاته) 1و قوله عليه السّلام في صحيحة البقباق:(لا يؤم الحضري المسافر و لا المسافر الحضري فإن ابتلى بشىء من ذلك فأم قوما حضريين فإذا أتم الركعتين سلّم ثم أخذ بيد بعضهم فقدّمه فأمهم).
2
و أما قوله عليه السّلام في صحيحة الحلبى:(و يقدمون رجلا آخر) 3و إن كان مطلقا و يدل باطلاقه على جواز تقديم رجل اجنبي إلاّ أنه لا بد من تقييده بهما تطبيقا لمبدإ حمل المطلق على المقيد.
ثم إن المنصوص في الروايات المعتبرة من الأعذار موت الامام أثناء الصلاة و اعتلاله و صدور الحدث منه أو تذكره حدثا سابقا على الصلاة و سفره،و أما سائر
الأقوى ذلك لو عرض له ما يمنعه من إتمامها مختارا كما لو صار فرضه الجلوس،حيث لا يجوز البقاء على الاقتداء به لما يأتي من عدم جواز ائتمام القائم بالقاعد.
[1882]مسألة 15:لا يجوز للمنفرد العدول إلى الائتمام في الأثناء.
[1883]مسألة 16:يجوز العدول من الائتمام إلى الانفراد و لو اختيارا في
جميع أحوال الصلاة على الأقوى(1)و إن كان ذلك من نيته في أول الصلاة،
في اطلاقه اشكال بل منع و الأقوى عدم جواز العدول فيما إذا كان ناويا له من البداية كما إذا اقتدى بإمام و عول عليه في القراءة و هو ينوي الانفراد في الركعة الثانية أو في القنوت و إذا وصل الامام اليها و إلى القنوت انفرد عنه،فإذا فعل ذلك بطلت صلاته و عليه الاعادة من جديد و ذلك لما مرّ من أنه لا دليل على مشروعية الجماعة في بعض الصلاة دون بعضها،فإن صحيحة زرارة و الفضيل لا تدل على مشروعيتها كذلك باعتبار أن عمومها افرادي و لا نظر لها إلى ابعاض الصلوات و احوالها،و لا يوجد دليل آخر في المسألة.
و عليه فبطبيعة الحال تكون صلاته باطلة باعتبار ان الجماعة إذا لم تكن صحيحة لم يجز له التعويل على قراءة الامام و الاكتفاء بها،فحينئذ يكون تاركا للقراءة عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعى،نعم لو كان جاهلا بالمسألة و معتقدا بجواز العدول حتى في هذه الصورة لم تجب عليه الاعادة لمكان حديث(لا تعاد).
و أما إذا لم يكن ناويا العدول من البداية و لكن بدا له في الاثناء و عدل من الائتمام إلى الانفراد فحينئذ إن كان العدول قبل الركوع من الركعة الأولى أو الثانية وجب عليه أن يقرأ كما يقرأ المنفرد،و لا يمكن أن يكتفي بقراءة الامام باعتبار أن انفراده هذا من الائتمام كاشف عن بطلانه على أساس ما مرّ من انه لا دليل على مشروعية الائتمام في بعض اجزاء الصلاة فحسب،و بما أن محل القراءة يظل باقيا و هو متمكن منها فلا يجوز له تركها و إلا لكان تاركا لها عن عمد و التفات و معه تبطل صلاته.و إن كان بعد الدخول في الركوع يواصل في صلاته منفردا و لا شيء عليه، و أما ترك القراءة فبما أنه يكون معذورا فيه فيشمله حديث(لا تعاد)فيحكم بصحة صلاته شريطة أنه لم يتورط في زيادة ركن فيها أو نقصانه.
لكن الأحوط عدم العدول إلا لضرورة و لو دنيوية خصوصا في الصورة الثانية.
[1884]مسألة 17:إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام قبل الدخول في الركوع لا يجب عليه القراءة،بل لو كان في أثناء القراءة يكفيه بعد نية الانفراد قراءة ما بقي منها و إن كان الأحوط استئنافها خصوصا إذا كان في الأثناء.
[1885]مسألة 18:إذا أدرك الإمام راكعا يجوز له الائتمام و الركوع معه ثم العدول إلى الانفراد اختيارا،و إن كان الأحوط ترك العدول حينئذ خصوصا إذا كان ذلك من نيته أوّلا(1).
[1886]مسألة 19:إذا نوى الانفراد بعد قراءة الإمام و أتمّ صلاته فنوى الاقتداء به في صلاة اخرى قبل أن يركع الامام في تلك الركعة أو حال كونه
مرّ أن الأقوى بطلان جماعته إذا كان من نيته العدول من الأول،بل بطلان صلاته إذا كان ملتفتا إلى عدم جواز ذلك على أساس انه تارك للقراءة حينئذ عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي إلاّ أن يكون معتقدا بجواز ذلك فعندئذ صحت بمقتضى حديث(لا تعاد).نعم إذا لم يكن ناويا له من الأول و بنى على العدول بعد الركوع فعدل و واصل صلاته منفردا صحت شريطة عدم الاخلال بالركن،و به و بما ذكرناه في المسائل المتقدمة يظهر حال المسألة الآتية.
في الركوع من تلك الركعة جاز و لكنه خلاف الاحتياط(1).
[1887]مسألة 20:لو نوى الانفراد في الأثناء لا يجوز له العود إلى الائتمام.
نعم،لو تردّد في الانفراد و عدمه ثم عزم على عدم الانفراد صح(2)، بل لا يبعد جواز العود إذا كان بعد نية الانفراد بلا فصل(3)،و إن كان الأحوط عدم العود مطلقا.
[1888]مسألة 21:لو شكّ في أنه عدل إلى الانفراد أم لا بنى على عدمه.
[1889]مسألة 22:لا يعتبر في صحة الجماعة قصد القربة من حيث الجماعة بل يكفي قصد القربة في أصل الصلاة،فلو كان قصد الإمام من الجماعة الجاه أو مطلب آخر دنيوي و لكن كان قاصدا للقربة في أصل
لم يظهر وجه هذا الاحتياط،فإن المأموم إذا عدل إلى الانفراد على تفصيل قد مر و تمّت صلاته جاز له الائتمام به في صلاته الثانية بلا شبهة.
في الصحة اشكال بل منع لأنّ التردد ينافي البقاء على الائتمام باعتبار أن الائتمام أمر قصدي يتوقف على النية و لا يجتمع مع التردد،و عليه فإذا نوى الائتمام بعد التردد فهو ائتمام في اثناء الصلاة بعد كونه منفردا فيها،و لا دليل على صحة هذا الائتمام و جوازه،و على هذا فإذا كان هذا التردد قبل الركوع في الركعة الأولى أو الثانية وجب عليه أن يقرأ كما يقرأ المنفرد و إلاّ بطلت صلاته إلاّ إذا كان معذورا.
بل هو يبعد عن الصواب إذ لا شبهة في أن الائتمام بعد نية الانفراد و إن كان بلا فصل ائتمام جديد و ليس هو من الائتمام الأول و بقاء له،فإذا كان ائتماما جديدا فبما انه كان في أثناء الصلاة و مسبوقا بالانفراد فيها فلا دليل على مشروعيته.
الصلاة صحّ،و كذا إذا كان قصد المأموم من الجماعة سهولة الأمر عليه أو الفرار من الوسوسة أو الشك أو من تعب تعلم القراءة أو نحو ذلك من الأغراض الدنيوية صحت صلاته مع كونه قاصدا للقربة فيها،نعم لا يترتب ثواب الجماعة إلا بقصد القربة فيها.
[1890]مسألة 23:إذا نوى الاقتداء بمن يصلي صلاة لا يجوز الاقتداء فيها سهوا أو جهلا كما إذا كانت نافلة أو صلاة الآيات مثلا فإن تذكر قبل الإتيان بما ينافي صلاة المنفرد عدل إلى الانفراد و صحت،و كذا تصح إذا تذكر بعد الفراغ و لم تخالف صلاة المنفرد،و إلا بطلت(1).
[1891]مسألة 24:إذا لم يدرك الإمام إلا في الركوع أو أدركه في أول الركعة أو أثنائها أو قبل الركوع فلم يدخل في الصلاة إلى أن ركع جاز له الدخول معه و تحسب له ركعة(2)،و هو منتهى ما تدرك به الركعة في ابتداء
الظاهر أن مراد الماتن قدّس سرّه من المخالف و المنافي لصلاة المنفرد هو خصوص المنافي لها عمدا و سهوا،فإن المأموم إذا كان ائتمامه باطلا في الواقع إنما تصح صلاته منفردا شريطة أن لا يكون متورطا في الاتيان بالمنافي لصلاة المنفرد كزيادة ركن او نقصانه.
هذا هو المشهور و المعروف،و لكن الأجدر و الأولى أن لا يدخل في الجماعة إلاّ ان يدرك الامام حال تكبيرة الركوع و يقتدي به في ذلك الحال و ذلك:لأن الروايات التي تنص على أن من أدرك الامام و هو راكع ثم ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد ادرك الركعة معارضة بطائفة من الروايات التي تؤكد على عدم الاعتداد بركعة لم يشهد تكبيرها و عدم الدخول فيها على أساس أن مدلول هذه الطائفة هو الارشاد الى فساد الركعة التي لم يشهد المأموم تكبيرها و لم يدرك
الجماعة على الأقوى بشرط أن يصل إلى حد الركوع قبل رفع الإمام رأسه و إن كان بعد فراغه من الذكر على الأقوى،فلا يدركها إذا أدركه بعد رفع رأسه،بل و كذا لو وصل المأموم إلى الركوع بعد شروع الإمام في رفع الرأس و إن لم يخرج بعد عن حده على الأحوط(1)،و بالجملة إدراك الركعة في ابتداء الجماعة يتوقف على إدراك ركوع الإمام قبل الشروع في رفع رأسه،و أما في الركعات الاخر فلا يضر عدم إدراك الركوع مع الإمام بأن ركع بعد رفع رأسه بل بعد دخوله في السجود أيضا،هذا إذا دخل في الجماعة بعد ركوع الإمام،و أما إذا دخل فيها من أول الركعة أو أثنائها و اتفق أنه تأخر عن الإمام في الركوع فالظاهر صحة صلاته و جماعته(2)،فما هو
بل على الأظهر فان العبرة انما هي بعدم خروجه عن حد الركوع الشرعي و إن خرج عن حد ركوعه الشخصى،و من هنا اذا ابتدأ الامام برفع رأسه و خرج عن حد ركوعه الشخصي و لكنه لا يزال باقيا في حد الركوع الشرعي و هو الحد الأدنى من الركوع و واقفا فيه قليلا و اقترن به ركوع المأموم صدق انه أدرك الامام و هو راكع،و اما اذا ابتدأ برفع رأسه و استمر في النهوض الى القيام من دون الوقوف الى حده الشرعى،فلا يكفي اقتران ركوع المأموم به في هذا الحد و لا يصدق عليه انه أدرك الامام و هو راكع باعتبار أن عنوان الراكع لا يصدق في حال نهوضة الى القيام.
هذا اذا كان تأخره عنه عن عذر كالسهو او الزحام أو نحو ذلك،و لعلّ هذا هو مراده قدّس سرّه أيضا.
و النكتة فيه:ان الجماعة متقومة بمتابعة المأموم للإمام في افعاله،فيقف بوقوفه و يركع بركوعه و يسجد بسجوده و يجلس بجلوسه و هكذا،و هذا يعني ان المأموم اذا سبقه في فعل من افعاله فيها فهو منفرد عنه فيه فلا يكون مقتديا و متابعا
……….
المشهور من أنه لا بد من إدراك ركوع الإمام في الركعة الاولى للمأموم في ابتداء الجماعة و إلا لم تحسب له ركعة مختص بما إذا دخل في الجماعة في حال ركوع الإمام أو قبله بعد تمام القراءة(1)لا فيما إذا دخل فيها من أول الركعة أو أثنائها و إن صرح بعضهم بالتعميم،و لكن الأحوط الإتمام
في الحاقة بإدراك الامام في الركوع اشكال بل منع،و الأظهر انه ملحق بإدراك الامام في القراءة بمقتضى اطلاق قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:(إذا أدركت التكبيرة قبل أن يركع الامام فقد أدركت الصّلاة…) 2فإنه يدل على أن المأموم إذا أدرك الامام قائما حال التكبيرة للركوع صحت صلاته و كفت قراءة الامام عوضا عن قراءته،كما هو الحال فيما إذا أدرك الامام تكبيرة الاحرام أو القراءة.
حينئذ و الإعادة.
[1892]مسألة 25:لو ركع بتخيل إدراك الإمام راكعا و لم يدرك بطلت صلاته(1)،بل و كذا لو شك في إدراكه و عدمه(2)،و الأحوط في صورة
بل صحت صلاته منفردا لا جماعة إن كان واثقا بادراك الامام و هو راكع إذا نوى الائتمام به و كبر و ركع كما هو الظاهر من المتن إذ حينئذ لا مقتضي للبطلان إلاّ من جهة الاخلال بالقراءة و تركها،و لكن لما كان تركها باعتقاد انه يدرك الامام في الركوع قبل أن يرفع رأسه منه فيكون معذورا في تركها و معه لا قصور في حديث(لا تعاد)عن شموله.
و دعوى:ان مقتضى الروايات التي تنص على أن من ركع و لم يدرك الامام في الركوع لم يدرك ركعة و قد فاتت منه،أن صلاته باطلة باعتبار أن ركوعه الذي لم يقترن بركوع الامام لم يحسب من الصلاة…
بعيدة جدا لأنّ تلك الروايات ناظرة إلى أن المأموم إذا نوى الائتمام به و كبر و ركع قبل أن يرفع الامام رأسه فقد أدرك ركعة جماعة و صحت صلاته على أساس صحة الائتمام،و أما إذا ركع بعد رفع الامام رأسه من الركوع فلم يدرك ركعة جماعة فتبطل صلاته جماعة على أساس بطلان الائتمام،و لا نظر لها إلى صحة صلاته و بطلانها منفردا أصلا حيث أنها ليست في مقام البيان من هذه الناحية نهائيا،و لا مانع من كون هذه الركعة باطلة جماعة و صحيحة منفردا،لأنّ ملاك بطلانها جماعة شيء و هو عدم ادراكه الامام في الركوع و ملاك صحتها شيء آخر و هو حديث(لا تعاد).
فيه أن الأظهر في هذه الصورة صحة صلاته جماعة،فانها تختلف عن الصورة المتقدمة و هي ما إذا اعتقد المأموم ادراك الامام و هو راكع،فإذا نوى الائتمام به و كبر و ركع معتقدا بذلك ثم تبين له الخلاف صحت صلاته منفردا لا
الشك الإتمام و الإعادة أو العدول إلى النافلة و الإتمام ثم اللحوق في الركعة الأخرى.
[1893]مسألة 26:الأحوط عدم الدخول إلا مع الاطمئنان بإدراك ركوع
الإمام و إن كان الأقوى جوازه مع الاحتمال،و حينئذ فإن أدرك صحت و إلا بطلت(1).
[1894]مسألة 27:لو نوى و كبّر فرفع الإمام رأسه قبل أن يركع أو قبل أن يصل إلى حد الركوع لزمه الانفراد أو انتظار الإمام قائما إلى الركعة الأخرى(2)فيجعلها الاولى له،إلا إذا أبطأ الإمام بحيث يلزم الخروج عن صدق الاقتداء،و لو علم قبل أن يكبّر للإحرام عدم إدراك ركوع الإمام لا يبعد جواز دخوله و انتظاره إلى قيام الإمام للركعة الثانية(3)مع عدم فصل
مرّ أنها صحت منفردا لا جماعة.
تقدم أن الانفراد هو المتعين في مفروض المسألة إذا كان ناويا الائتمام به معتقدا أنه يدركه راكعا ثم تبين له الخلاف.نعم يتخير بين أن يواصل صلاته منفردا و بين أن يعدل إلى النافلة فينويها نافلة و يتمها بالكامل،كما أن له إن شاء أن يقطع النافلة و يلتحق بالامام في ركعة لاحقة.و أما لزوم التخيير بين الانفراد أو الانتظار فلا دليل عليه،هذا اضافة إلى ما مرّ من أن صلاته في المسألة صحيحة منفردا لا جماعة،و هذا يعني أن ركوعه صحيح و يكون ركوعا للركعة الأولى من صلاته منفردا،و عليه فلا يكون انتظاره قائما للإمام إلى الركعة الأخرى و الاقتداء به فيها مشروعا،فإنه أن جعلها بذلك الركعة الأولى له فهو خلف الفرض،و إن جعلها الركعة الثانية له باعتبار أن الركعة الأولى قد تحققت كان لازم ذلك الائتمام به في أثناء الصلاة مسبوقا بالانفراد و هو غير مشروع و لا دليل عليه.
بل هو بعيد فإن الائتمام بما انه خلاف الأصل فمشروعيته في كل مورد بحاجة إلى دليل،و قد ثبتت مشروعيته اثناء تكبيرة الاحرام و القراءة و بعد اكمالها و قبل الركوع و بعده إذا ركع و الامام راكع،و لا فرق في الأخير بين أن يكون في ركوع الركعة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة،و أما الائتمام به بعد رفع رأسه
يوجب فوات صدق القدوة،و إن كان الأحوط عدمه.
[1895]مسألة 28:إذا أدرك الإمام و هو في التشهد الأخير يجوز له الدخول معه بأن ينوي و يكبر ثم يجلس معه و يتشهد فإذا سلّم الإمام يقوم
فيصلي من غير استئناف للنية و التكبير،و يحصل له بذلك فضل الجماعة و إن لم يحصل له ركعة.
[1896]مسألة 29:إذا أدرك الإمام في السجدة الاولى أو الثانية من الركعة الأخيرة و أراد إدراك فضل الجماعة نوى و كبّر و سجد معه السجدة أو السجدتين و تشهد(1)ثم يقوم بعد تسليم الإمام و يستأنف الصلاة و لا يكتفي بتلك النية و التكبير(2)،و لكن الأحوط إتمام الاولى بالتكبير الأول
في الائتمام به في السجدة الأولى من الركعة الأخيرة و في بقية السجود من سائر الركعات اشكال بل منع،لعدم الدليل على مشروعية هذا الائتمام و ما دل عليها قاصر من ناحية السند.نعم قد ثبت جواز الائتمام في خصوص السجدة الأخيرة من صلاة الامام كما مرّ.
في اطلاقه اشكال بل منع،فإن من أدرك الامام في السجدة الأخيرة من الصلاة فبإمكانه حينئذ إذا أراد إدراك فضل الجماعة أن يكبر ناويا الائتمام به و يهوي إلى السجود فيسجد و الامام ساجد ثم يتشهد مع الامام بنفس النية السابقة فإذا سلّم الامام قام لصلاته و أتمها،ففي مثل ذلك لا يجب عليه أن يكبر تكبيرة الاحرام من جديد ناويا الانفراد،و يدل على ذلك قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:(إذا أدرك الامام و هو في السجدة الأخيرة من صلاته فهو مدرك لفضل الصّلاة مع الامام…) 1فإنه ظاهر في أن من أراد أن يدرك ثواب الجماعة كان له أن يقوم بهذا العمل،بأن يكبر تكبيرة الاحرام لصلاته منفردا ناويا الاقتداء به في السجدة الأخيرة لإدراك الثواب و الفضل،و من هنا لا يحتسب ذلك من الصلاة و إنما يعطى للملتحق بالجماعة فيها أو في التشهد الأخير ثوابها،فإن احتساب ذلك من الصلاة إنما هو فيما إذا أدرك الامام و هو راكع أو قبله كما مرّ،فإذن مقتضى الصحيحة أن زيادة السجدة و إن كانت عمدية إلاّ أنها لا تضر،و أما إذا أدرك الامام
ثم الاستئناف بالإعادة.
[1897]مسألة 30:إذا حضر المأموم الجماعة فرأى الإمام راكعا و خاف أن يرفع الإمام رأسه إن التحق بالصف نوى و كبّر في موضعه و ركع ثم مشى في ركوعه أو بعده أو في سجوده أو بعده أو بين السجدتين أو بعدهما أو حال القيام للثانية إلى الصف،سواء كان لطلب المكان الأفضل أو للفرار عن كراهة الوقوف في صف وحده أو لغير ذلك،و سواء كان المشي إلى
الامام أو الخلف أو أحد الجانبين بشرط أن لا يستلزم الانحراف عن القبلة و أن لا يكون هناك مانع آخر من حائل أو علوّ أو نحو ذلك،نعم لا يضرّ البعد الذي لا يغتفر حال الاختيار على الأقوى إذا صدق معه القدوة و إن كان الأحوط اعتبار عدمه أيضا،و الأقوى عدم وجوب جرّ الرجلين حال المشي بل له المشي متخطيا على وجه لا تنمحي صورة الصلاة،و الأحوط ترك الاشتغال بالقراءة و الذكر الواجب أو غيره مما يعتبر فيه الطمأنينة حاله، و لا فرق في ذلك بين المسجد و غيره.
فصل في شرائط الجماعة يشترط في الجماعة مضافا إلى ما مر في المسائل المتقدمة أمور:
أحدها:أن لا يكون بين الإمام و المأموم حائل يمنع عن مشاهدته(1)، و كذا بين بعض المأمومين مع الآخر ممن يكون واسطة في اتصاله بالإمام كمن في صفه من طرف الإمام أو قدّامه إذا لم يكن في صفه من يتصل بالإمام،فلو كان حائل و لو في بعض أحوال الصلاة من قيام أو قعود أو ركوع أو سجود بطلت الجماعة من غير فرق في الحائل بين كونه جدارا أو غيره و لو شخص إنسان لم يكن مأموما،نعم إنما يعتبر ذلك إذا كان المأموم رجلا،أما المرأة فلا بأس بالحائل بينها و بين الإمام أو غيره من المأمومين مع كون الإمام رجلا بشرط أن تتمكن من المتابعة بأن تكون عالمة بأحوال الإمام من القيام و الركوع و السجود و نحوها،مع أن الأحوط فيها أيضا عدم الحائل،هذا و أما إذا كان الإمام امرأة أيضا فالحكم كما في الرجل.
فيه أن عنوان(الحائل)لم يرد في شيء من الروايات،و إنما الوارد فيها عنوانان:أحدهما(ما لا يتخطّى)و قد فسر ذلك بقدر مسقط جسد الانسان إذا سجد،و الآخر عنوان(سترة أو جدار)فإذن يعتبر في صحة الجماعة و الائتمام هذان الأمران،هما عدم الفصل بينهما بأكثر من ذلك و عدم وجود سترة أو جدار تمنع عن مشاهدته.
الثاني:أن لا يكون موقف الإمام أعلى من موقف المأمومين علوّا معتدا به دفعيا كالأبنية و نحوها لا انحداريا على الأصح(1)،من غير فرق بين المأموم الأعمى و البصير و الرجل و المرأة،و لا بأس بغير المعتد به مما هو دون الشبر(2)،و لا بالعلو الانحداري حيث يكون العلو فيه تدريجيا على
هذا إذا لم يكن علو مكان الامام و انخفاض مكان المأموم محسوسا، و إلاّ لم يجز على أساس أن الأرض المنحدرة تارة يكون انحدارها واضحا و محسوسا،و أخرى غير محسوس،كما إذا كانت مسرحة و تنخفض تدريجيا، فعلى الأول لا يجوز لا يجوز للإمام أن يقف في الأعلى و يقف المأموم في موضع منخفض عن ذلك حسا بقدر شبر أو أزيد و على الثاني يجوز للإمام أن يقف في أي موضع منها.
و إن شئت قلت:أن مقتضى نص موثقة عمار:أن الأرض إذا كانت منبسطة جاز للإمام أن يقف في أي موضع منها شاء و لا يضر انحدارها و انخفاضها تدريجيا إذا كان غير واضح و محسوس و إن طالت الصفوف و بلغ انخفاض مكان المأموم في الصف الأخير عن مكان الامام تدريجيا أكثر من شبر بل ذراع أو أزيد ما دام لم يصدق أن موقف الامام أعلى من موقف المأموم.نعم إذا كانت الجماعة في سفح الجبال مثلا صدق أن موقف الامام أعلى و أرفع من موقف المأمومين،فالعبرة إنما هي بصدق ذلك،فإن صدق لم يجز الائتمام به و إن كان بقدر شبر أو أقل،كما إذا كانت ساحة المسجد مرتفعة عن ساحة أخرى مجاورة بقدر شبر أو أقل بقليل فحينئذ إذا وقف الامام في ساحة المسجد و المأموم في الساحة الأخرى صدق أن موقف الامام أرفع و أعلى من موقف المأموم فلا يصح الائتمام به.
تقدم أن العبرة إنما هي بصدق ارتفاع موقف الامام عن موقف المأموم عرفا و أما تحديد ذلك الارتفاع بالشبر تارة و بغيره أخرى فلم يثبت.لأنّ موثقة عمار
وجه لا ينافي صدق انبساط الأرض،و أما إذا كان مثل الجبل فالأحوط ملاحظة قدر الشبر فيه،و لا بأس بعلوّ المأموم على الإمام و لو بكثير.
الثالث:أن لا يتباعد المأموم عن الإمام بما يكون كثيرا في العادة إلا إذا كان في صفّ متصل بعضه ببعض حتى ينتهي إلى القريب،أو كان في صف ليس بينه و بين الصف المتقدم البعد المزبور و هكذا حتى ينتهي إلى القريب،و الأحوط احتياطا لا يترك أن لا يكون بين موقف الإمام و مسجد المأموم(1)أو بين موقف السابق و مسجد اللاحق أزيد من مقدار الخطوة
بل الأظهر ذلك و تدل عليه صحيحة زرارة بقوله عليه السّلام:(ان صلّى قوم و بينهم و بين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بإمام،و أي صف كان أهله يصلون بصلاة الامام و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة) 1بتقريب:انه لا يمكن أن يراد من البعد المكاني المحدد بما لا يتخطى الانسان الاعتيادي البعد بين موقف المأموم و موقف الامام أو موقف المأموم أمامه إذ لا يحتمل أن يكون ذلك معتبرا في صحة الائتمام،إذ قلّما توجد جماعة مشروعة في الخارج أن يكون مسجد المأموم متصلا بموقف الامام أو موقف المأموم أمامه على نحو يكون الفصل بينهما مضرا و إن كان قليلا حيث قد حدّد ما لا يتخطى في نفس الصحيحة بقدر مسقط جسد الانسان إذا سجد،و معنى ذلك أن الواجب على كل مأموم أن يراعي في الفاصل بين الموقفين أن لا يزيد على ذلك المقدار و إذا زاد لم يجز الائتمام باعتبار أنه ليس بإمام بنص قوله عليه السّلام في الصحيحة:
(إن صلّى قوم..الخ..)و على هذا الأساس فبطبيعة الحال تكون الصحيحة في مقام
التي تملأ الفرج،و أحوط من ذلك مراعاة الخطوة المتعارفة،و الأفضل بل الأحوط(1)أيضا أن لا يكون بين الموقفين أزيد من مقدار جسد الإنسان إذا سجد بأن يكون مسجد اللاحق وراء موقف السابق بلا فصل.
فيه أنه لا وجه لهذا الاحتياط لما مرّ من أن ذلك لو كان معتبرا و لو احتياطا بين موقف الامام و موقف المأمومين و كذا بين كل صف و صف كان لازمه بطلان كثير من الجماعات،حيث أن لازم ذلك أن يكون مسجد المأموم متصلا بموقف الامام في الصف الأول أو متصلا بموقف المأموم امامه في سائر الصفوف، مع أن الامام و المأموم لا يراعي ذلك و يكون على خلاف ما هو المرتكز في اذهان المتشرعة.هذا اضافة إلى أن موثقة عمار تدل على نفي البأس عن وجود الطريق بين الامام و المأموم رغم أن الغالب تكون سعة الطريق أكثر مما يتخطى،و صحيحة عبد اللّه بن سنان فإنها تدل على أن الحد الفاصل بين الامام و المأموم أقله مربض عنز و أكثره مربض فرس،و من المعلوم أن مربض الفرس اكثر بكثير مما يتخطاه الانسان العادي بخطوة واسعة.
الرابع:أن لا يتقدم المأموم على الإمام في الموقف،فلو تقدم في الابتداء أو الأثناء بطلت صلاته(1)إن بقي على نية الائتمام،و الأحوط تأخره عنه،و إن كان الأقوى جواز المساواة(2)،و لا بأس بعد تقدم الإمام في الموقف أو المساواة معه بزيادة المأموم على الإمام في ركوعه و سجوده لطول قامته و نحوه،و إن كان الأحوط(3)مراعاة عدم التقدم في
بل بطلت جماعته دون صلاته فإنها تصح منفردا شريطة عدم الاخلال بوظيفة المنفرد فيما لا يعذر فيه الجاهل.
هذا فيما إذا كان المأموم واحدا فإنه يقوم عن يمين الامام و يقتدي به دون خلفه و يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:(الرّجلان يؤم أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه…). 1ثم إن مقتضى اطلاق الصحيحة جواز مساواتهما في الموقف حقيقة،و مع الاغماض عن الاطلاق و الشك في جوازها فالمرجع هو الأصل العملي و هل هو أصالة البراءة أو اصالة الاشتغال؟الظاهر هو الثانى،و ذلك:لأن الشك ان كان في اجزاء الصلاة الواجبة و شروطها فالمرجع هو أصالة البراءة بناء على ما هو الصحيح من جريانها في مسألة الأقل و الأكثر الارتباطيين،و إن كان فيما يعتبر في الجماعة دون أصل الواجب فالمرجع فيه هو اصالة الاشتغال على أساس أن مرد هذا الشك إلى الشك في سقوط القراءة عن ذمة المأموم بقراءة الامام،و قد تقدم في أول بحث الجماعة أن ظاهر الروايات أن قراءة الامام مسقطة عن الواجب و هو قراءة المأموم لا أنها أحد عدلي الواجب.
و أما إذا كان أكثر من واحد فلا يجوز أن يساووه في الموقف بل يجب أن يقوموا خلفه،و يدل على ذلك قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:(فإن كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه…).
لا يترك هذا الاحتياط،فإن صحيحة محمد بن مسلم و إن لم تدل على
جميع الأحوال حتى في الركوع و السجود و الجلوس،و المدار على الصدق العرفي.
[1898]مسألة 1:لا بأس بالحائل القصير الذي لا يمنع من المشاهدة(1).
هذا إذا كان مما يتخطاه الانسان و إلاّ ففيه بأس،و يدل عليه قوله عليه السّلام في صحيحة زرارة:(و أىّ صف كان أهله يصلون بصلاة الامام و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة و إن كان سترا أو جدارا…) 1على أساس أن الضمير في كان يرجع إلى الموصول فيدل حينئذ على أن بين صف وصف و بين امام و مأموم إذا كان سترا أو جدارا بقدر لا يمكن للإنسان أن يتخطاه فهو مانع عن الائتمام،و أما إذا كان بإمكانه أن يتخطاه فلا يكون مانعا،هذا يتخطاه فهو مانع عن الائتمام،و أما إذا كان بإمكانه أن يتخطاه فلا يكون مانعا،هذا على رواية الفقيه،و أما في الكافي فقد روى الرواية هكذا:(و أىّ صف كان أهله يصلون بصلاة أمام و بينهم و بين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس لهم بصلاة،فإن كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة إلاّ من كان في حيال الباب..) 2.و حينئذ تختلف رواية الفقيه عن رواية الكافي في نقطة و تتحد معها في
في أحوال الصلاة و إن كان مانعا منها حال السجود كمقدار الشبر بل أزيد
أيضا،نعم إذا كان مانعا حال الجلوس فيه إشكال لا يترك معه الاحتياط(1).
[1899]مسألة 2:إذا كان الحائل مما يتحقق معه المشاهدة حال الركوع لثقب في وسطه مثلا أو حال القيام لثقب في أعلاه أو حال الهوي إلى السجود لثقب في أسفله فالأحوط و الأقوى فيه عدم الجواز،بل و كذا لو كان في الجميع لصدق الحائل معه أيضا(2).
[1900]مسألة 3:إذا كان الحائل زجاجا يحكي من وراءه فالأقوى عدم جوازه للصدق.
[1901]مسألة 4:لا بأس بالظلمة و الغبار و نحوهما،و لا تعدّ من الحائل، و كذا النهر و الطريق إذا لم يكن فيهما بعد ممنوع في الجماعة.
[1902]مسألة 5:الشبّاك لا يعد من الحائل،و إن كان الأحوط الاجتناب معه خصوصا مع ضيق الثقب،بل المنع في هذه الصورة لا يخلو عن قوة لصدق الحائل(3)معه.
بل هو الأقوى حتى فيما إذا كان الساتر مما يمكن أن يتخطاه الانسان بأوسع خطوات الرجل المتعارف و ذلك مضافا إلى قاعدة الاشتغال،أنه لا يبعد كونه مانعا عن صدق الاجتماع الذي هو المقوم لحقيقة الجماعة.
تقدم أن عنوان الحائل لم يرد في شيء من الروايات،و الوارد فيها إنما هو عنوان الساتر،و الظاهر أنه لا يصدق مع وجود الثقب فيه بحيث يشاهد الامام أو يشاهد من يشاهده مباشرة أو بالواسطة كالشبابيك المخرّمة و الزجاج فإن كل ذلك لا يمنع عن صدق الاجتماع.و بذلك يظهر حال المسألة الآتية.
تقدم أن العبرة إنما هي بصدق عنوان الساتر فإن صدق من جهة ضيق الثقب كان مانعا عن صحة الائتمام حيث لا يصدق معه اسم الاجتماع،و إلاّ فلا و إن
[1903]مسألة 6:لا يقدح حيلولة المأمومين بعضهم لبعض و إن كان أهل الصف المتقدم الحائل لم يدخلوا في الصلاة إذا كانوا متهيئين لها.
[1904]مسألة 7:لا يقدح عدم مشاهدة بعض أهل الصف الأول أو أكثره للإمام إذا كان ذلك من جهة استطالة الصف،و لا أطولية الصف الثاني مثلا من الأول.
[1905]مسألة 8:لو كان الإمام في محراب داخل في جدار و نحوه لا يصح اقتداء من على اليمين أو اليسار ممن يحول الحائط بينه و بين الإمام،و يصح اقتداء من يكون مقابلا للباب لعدم الحائل بالنسبة إليه،بل و كذا من على جانبيه ممن لا يرى الإمام لكن مع اتصال الصف على الأقوى و إن كان الأحوط العدم،و كذا الحال إذا زادت الصفوف إلى باب المسجد فاقتدى من في خارج المسجد مقابلا للباب و وقف الصف من جانبيه فإن الأقوى صحة صلاة الجميع و إن كان الأحوط العدم بالنسبة إلى الجانبين.
[1906]مسألة 9:لا يصح اقتداء من بين الأسطوانات مع وجود الحائل بينه و بين من تقدمه إلا إذا كان متصلا بمن لم تحل الأسطوانة بينهم،كما أنه يصح إذا لم يتصل بمن لا حائل له لكن لم يكن بينه و بين من تقدمه حائل مانع.
[1907]مسألة 10:لو تجدد الحائل في الأثناء فالأقوى بطلان الجماعة و يصير منفردا(1).
هذا إذا كان الحائل ساترا يمنع عن صدق الاجتماع و إلاّ فلا تبطل الجماعة.
[1908]مسألة 11:لو دخل في الصلاة مع وجود الحائل جاهلا به لعمى أو نحوه لم تصح جماعة،فإن التفت قبل أن يعمل ما ينافي صلاة المنفرد أتم منفردا،و إلا بطلت(1).
[1909]مسألة 12:لا بأس بالحائل الغير المستقر كمرور شخص من إنسان أو حيوان أو غير ذلك،نعم إذا اتصلت المارّة لا يجوز و إن كانوا غير مستقرين لاستقرار المنع حينئذ.
[1910]مسألة 13:لو شك في حدوث الحائل في الأثناء بنى على عدمه، و كذا لو شك قبل الدخول في الصلاة في حدوثه بعد سبق عدمه،و أما لو شك في وجوده و عدمه مع عدم سبق العدم فالظاهر عدم جواز الدخول إلا مع الاطمئنان بعدمه(2).
هذا فيما اذا كان المنافي لصلاة المنفرد منافيا لها عمدا و سهوا كالاخلال بالركن،و إلاّ صحت صلاته منفردا.
هذا هو الصحيح،أما إذا كان مسبوقا بالوجود فهو واضح،و أما إذا بدأت صلاة الجماعة فيشك من المأمومين في وجود الساتر الذي يمنع عن صدق اسم الاجتماع عرفا منذ بداية الصلاة سواء أ كان مصدر هذا الشك الشك في حدوثه بمفاد كان التامة قبل البدء بالصلاة جماعة أم كان من جهة توارد الحالتين المتضادتين،فيكون هذا الشك مانعا عن الائتمام و لا يسوغ للشاك الدخول في هذه الجماعة و الاعتماد على الصلاة فيها على أساس أن مرد هذا الشك إلى الشك في أن صلاته في تلك الجماعة هل هي مسقطة عن الصلاة الواجبة في ذمته أو لا؟ باعتبار أن الساتر بين الامام و المأمومين،أو بين صف و آخر ان كان موجودا في الواقع لم تكن مسقطة عنها لبطلانها حينئذ جماعة و منفردا،اما جماعة فلوجود الساتر و أما منفردا فلأنّه تارك للقراءة عامدا و ملتفتا فلا يعمه حديث(لا تعاد).و إن
[1911]مسألة 14:إذا كان الحائل مما لا يمنع عن المشاهدة حال القيام و لكن يمنع عنها حال الركوع أو حال الجلوس و المفروض زواله حال الركوع أو الجلوس هل يجوز معه الدخول في الصلاة؟فيه و جهان و الأحوط(1)كونه مانعا من الأول،و كذا العكس لصدق وجود الحائل بينه
بل هو الأقرب،فإنه لا يبعد أن يكون مشمولا لقوله عليه السّلام في الصحيحة:
(فإن كان بينهم سترة أو جدار فليست تلك لهم بصلاة).
1
و إن شئت قلت:انه لا تصح صلاة الجماعة مع وجود جدار أو أي ساتر آخر بين الامام و المأمومين،أو بين صف و صف آخر على نحو يمنع عن صدق الاجتماع عرفا،و كذلك لا تصح مع وجود فواصل و فراغات بين الامام و المأمومين و بين صف و آخر بمقدار يمنع عن صدق الاجتماع،و قد حددت تلك الفواصل و الفراغات في الصحيحة بما لا يمكن أن يتخطاه الانسان العادى،و فسّر ذلك فيها بقدر جسد الانسان إذا سجد،و يراعى هذا المقدار بين موضع سجوده و موقف امامه أو موقف المأموم الذي أمامه،كما أنها حددت وجود الستار و الجدار بينهم
و بين الإمام.
[1912]مسألة 15:إذا تمت صلاة الصف المتقدم و كانوا جالسين في مكانهم أشكل بالنسبة إلى الصف المتأخر لكونهم حينئذ حائلين غير مصلين.
نعم إذا قاموا بعد الإتمام بلا فصل و دخلوا مع الإمام في صلاة اخرى لا يبعد بقاء قدوة المتأخرين(1).
[1913]مسألة 16:الثوب الرقيق الذي يرى الشبح من ورائه حائل لا يجوز معه الاقتداء.
[1914]مسألة 17:إذا كان أهل الصفوف اللاحقة غير الصف الأول متفرقين بأن كان بين بعضهم مع البعض فصل أزيد من الخطوة التي تملأ
بل هو الظاهر لأنّ العبرة إنما هي ببقاء اسم الاجتماع عرفا،و من المعلوم ان ائتمام الصف المتقدم بالامام ثانيا بعد اتمام الصلاة الأولى بلا فصل زمني لا يضر بصدق الاجتماع و لا يكون مشمولا لدليل مانعية الساتر لعدم صدق الساتر عليه.كما أن الصف المتأخر إذا أمكنه أن يتقدم فورا و يأخذ المكان المناسب و يواصل صلاته بعد اتمام الصف المتقدم صحت صلاته جماعة و لا يضر هذا المقدار من الفصل بصدق الاجتماع عرفا.
الفرج فإن لم يكن قدامهم من ليس بينهم و بينه البعد المانع و لم يكن إلى جانبهم أيضا متصلا بهم من ليس بينه و بين من تقدمه البعد المانع لم يصح اقتداؤهم،و إلا صح،و أما الصف الأول فلا بد فيه من عدم الفصل بين أهله، فمعه لا يصح اقتداء من بعد عن الإمام أو عن المأموم من طرف الإمام بالبعد المانع.
[1915]مسألة 18:لو تجدد البعد في أثناء الصلاة بطلت الجماعة و صار منفردا،و إن لم يلتفت و بقي على نية الاقتداء فإن أتى بما ينافي صلاة المنفرد من زيادة ركوع مثلا للمتابعة أو نحو ذلك بطلت صلاته و إلا صحت.
[1916]مسألة 19:إذا انتهت صلاة الصف المتقدم من جهة كونهم مقصرين أو عدلوا إلى الانفراد فالأقوى بطلان اقتداء المتأخر للبعد،إلا إذا عاد المتقدم إلى الجماعة بلا فصل(1)،كما أن الأمر كذلك من جهة
في كفاية ذلك في صحة جماعة الصف المتأخر اشكال بل منع،لأنّ ظاهر الصحيحة أن البعد بين الامام و المأموم و بين كل صف و صف إذا كان بقدر ما لا يتخطاه الانسان العادي فهو مانع عن تحقق الجماعة،لأنّ قوامها باجتماع الامام و المأمومين في موقف واحد من بداية الائتمام به في الصلاة الى نهايته،و على هذا فالبعد المذكور مانع حدوثا و بقاء و لو في آن واحد،و لا يقاس هذا بالساتر على أساس أن المانع هناك عرفا هو الساتر الثابت دون غيره و هو ما يحدث و يزول و الصحيحة منصرفة عنه،و هذا بخلاف البعد المانع من الجماعة،فإنه إذا تحقق و لو في آن واحد فلا جماعة في ذلك الآن و لا ائتمام فيه،و قد مرّ أنها متقومة باجتماع الامام و المأمومين في موقف واحد من بداية الائتمام إلى نهايته،و لا دليل
الحيلولة أيضا على ما مر.
[1917]مسألة 20:الفصل لعدم دخول الصف المتقدم في الصلاة لا يضر بعد كونهم متهيئين للجماعة،فيجوز لأهل الصف المتأخر الإحرام قبل إحرام المتقدم،و إن كان الأحوط خلافه(1)،كما أن الأمر كذلك من حيث الحيلولة على ما سبق.
[1918]مسألة 21:إذا علم بطلان صلاة الصف المتقدم تبطل جماعة المتأخر من جهة الفصل أو الحيلولة(2)و إن كانوا غير ملتفتين للبطلان،نعم
فيه ان الاحتياط و إن كان استحبابيا إلاّ أنه لا منشأ له،فإن المأمومين المتقدمين مكانا إذا كانوا في حالة تهيّؤهم لتكبيرة الاحرام و تأهبهم للافتتاح لم يشكلوا حاجبا أو فاصلا بين الامام و من تأخر عنهم من المأمومين و حينئذ فيجوز للمأموم المتأخر أن ينوي الائتمام و يكبر للإحرام إذا رأى أن المأمومين المتقدمين متهيئون للتكبيرة،كما إذا كانوا قد رفعوا أيديهم حتى يكبروا،و الوجه في ذلك أن المستفاد من الصحيحة و غيرها من الروايات أن الجماعة قد تحققت باجتماع الناس خلف امام شريطة توفر شروطها العامة،فإذا تهيئوا و تأهبوا للائتمام به جاز في هذه الحالة لكل واحد منهم أن ينوي الائتمام و يكبر و إن كان في الصف المتأخر،و لا يعتبر فيها أن ينوي الصف المتقدم الائتمام به و يكبر أولا ثم يكبر المتأخر فالمتأخر و هكذا بالترتيب،و لا يدل على اعتبار ذلك شيء من الروايات.
فالنتيجة:أنهم إذا كانوا متهيئين و متأهبين للائتمام و التكبيرة لم يكونوا في هذه الحالة مانعين من ائتمام المأموم المتأخر لا من جهة البعد المكاني بينه و بين الامام و لا من جهة وجود الحاجب و الساتر.
في البطلان اشكال بل منع لأنّ مانعية وجود المأمومين المتقدمين في
مع الجهل بحالهم تحمل على الصحة و لا يضر،كما لا يضر فصلهم إذا كانت صلاتهم صحيحة بحسب تقليدهم و إن كانت باطلة بحسب تقليد الصف المتأخر.
[1919]مسألة 22:لا يضر الفصل بالصبيّ المميز ما لم يعلم بطلان صلاته(1).
[1920]مسألة 23:إذا شك في حدوث البعد في الأثناء بنى على عدمه، و إن شك في تحققه من الأول وجب إحراز عدمه إلا أن يكون مسبوقا بالقرب كما إذا كان قريبا من الإمام الذي يريد أن يأتم به فشك في أنه تقدم عن مكانه أم لا.
[1921]مسألة 24:إذا تقدم المأموم على الإمام في أثناء الصلاة سهوا أو جهلا أو اضطرارا صار منفردا،و لا يجوز له تجديد الاقتداء،نعم لو عاد بلا
بل مع العلم بالبطلان كما مرّ،و من هنا لا فرق بين أن تكون عباداته شرعية أو تمرينية.
فصل لا يبعد بقاء قدوته(1).
[1715]مسألة 25:يجوز على الأقوى(2)الجماعة بالاستدارة حول الكعبة،و الأحوط عدم تقدم المأموم على الإمام بحسب الدائرة،و أحوط منه عدم أقربيته مع ذلك إلى الكعبة،و أحوط من ذلك تقدم الإمام بحسب الدائرة و أقربيته مع ذلك إلى الكعبة.
بل هو بعيد جدا فإن تقدم المأموم على الامام مكانا اذا كان مبطلا لصلاته جماعة كان مبطلا لها و لو آنا ما،لأنّ مقتضى اطلاق صحيحة محمد بن مسلم أن تأخر المأموم عن الامام أو تساويه شرط في صحة الجماعة من البداية إلى النهاية على نحو الاستمرار بل هو مقوم لمفهوم الائتمام،فلا وجه حينئذ للفرق في الاخلال بهذا الشرط بين العود إليه بلا فصل و بين عدم العود فانه على كلا التقديرين يكون منفردا و لا أثر لعوده ثانيا،فإنه ائتمام به بعد الانفراد،و لا دليل على مشروعيته،كما أن مقتضى اطلاق الصحيحة عدم الفرق بين أن يكون الاخلال به عامدا و ملتفتا إلى الحكم الشرعي أو سهوا أو اضطرارا.
في القوة اشكال،و لا يبعد عدم الجواز،فإن مقتضى صحيحة محمد بن مسلم: 1ان المأموم ان كان اكثر من واحد قاموا خلف الامام،و إن كان واحدا قام على يمينه..هو عدم مشروعية الجماعة على نحو الاستدارة،و الدليل الخاص على المشروعية غير موجود.و دعوى جريان السيرة من المسلمين عليها في زمان المعصومين عليهم السّلام و وصولها إلينا…مجازفة،و على تقدير ثبوتها فهي ثابتة بين ابناء العامة دون الخاصة،و دعوى الامضاء…لا أساس لها،بل الصحيحة تدل على الردع.