مولفات سماحة مرجع الديني الشيخ الفيّــاض

المسائل المستحدثة
جلد
1
المسائل المستحدثة
جلد
1
نعم يجوز لهم ذلك بمقدار خبرتهم في مجال مهنة الطب لا أكثر و إما إذا مارسوا هذه المهنة خارج خبرويتهم و أدت هذه الممارسة إلى موت المريض فعليهم الدية.
(و لنفترض مثلاً الجراحة التجميلية و الحروق) و هو يعلم انه غير قادر على إجراء مثل هذه العملية لأنها تقع خارج مجال اختصاصه، و في حالة إجرائها من قبله فان هناك خطراً كبيراً على حياة المريض و من الممكن أن تؤدي إلى وفاة الشخص, و مع ذلك كله فان الطبيب أجرى العملية الجراحية للمريض و مات المريض بسبب إجراء العملية له السؤال هنا:
نعم يعتبر مثل هذا القتل قتل عمدٍ، إذا كان الممارس للعملية عالماً بأنها خارجة عن مجال اختصاصه و محتملاً إنها قد تؤدي إلى موت المريض, من جهة عدم معرفته بها و مع ذلك إذا أقدم عليها و أدت إلى موته فهو قتل عمدي و عليه القصاص أولا، و إذا لم يكن بسبب من الأسباب فالدية، كما أن لولي المقتول أن يعفو عن القصاص و يأخذ الدية بدلا عنه .
يظهر جوابه مما مر.
فان فيها خطراً كبيراً على المريض من ناحية انه ليس من الاختصاصيين في الجراحة العامة, و مع ذلك قام بإجراء العملية الجراحية للمريض و توفي المريض نتيجة إجراء هذه العملية الجراحية. السؤال هو:
القتل في مفروض المسألة عمدي و على القاتل القصاص إذا أحتمل احتمالا عقلائيا إنها تؤدي إلى موته كما مر.
يظهر جوابه مما تقدم .
و بجميع الوسائل الطبية الأصولية و اعتمد عليها في التشخيص و لكن هذه الفحوصات كانت أصلا خاطئة و الطبيب لا يعلم بذلك و أعطى الطبيب للمريض اعتماداً على هذه الفحوص الشعاعية و المختبرية حقنةً من الدواء عن طريق الوريد أدت إلى وفاة المريض. السؤال هو هل يضمن الطبيب في هذه الحالة ؟ و هل تترتب على الطبيب دية ؟
نعم يضمن الطبيب الدية في مفروض المسألة و القتل فيه خطئي.
التي لا يعلم الطبيب بخطئها و قام الممرض بإعطاء المريض هذه الحقنة الوريدية و أدت إلى موت المريض. فهل يكون الطبيب ضامناً و عليه دية ؟ أم يكون الممرض فقط ضامناً و عليه دية ؟ أم كلاهما ؟
لا يبعد أن تكون الدية على الطبيب الآمر للممرض بإعطاء المريض الحقنة المهلكة المعينة من قبله, على أساس أن تحركات الممرضين في علاج المرضى بأنواعه المختلفة في المستشفيات كإعطاء الأدوية و غيره يكون تلقائياً حسب النظام الرائج و المتّبع فيها.
لان بعض الأمراض تتشابه في أعراضها السريرية و تحجب التشخيص الصحيح حتى عن كثير من الأطباء الاختصاصيين ذوي الخبرة الكبيرة و أدى هذا التشخيص الخطأ إلى إعطاء حقنة وريدية من قبل الطبيب إلى المريض مما أدى إلى وفاة المريض. فهل يكون الطبيب ضامناً أم لا ؟ و هل تجب عليه الدية أم لا ؟
نعم يكون الطبيب ضامناً للدية و ان كان غير آثم في مفروض السؤال لأنه معذور و غير مقصّر.
حتى يكون على اطلاع و معرفة بآخر تطورات الوسائل العلاجية و التشخيصية و بالتالي يقوم بتقديم أفضل الخدمات للمرضى المسلمين و الحفاظ على حياتهم ؟
إذا أراد ممارسة عمل الطب و القيام بها وجب عليه ذلك حتى لا يكون مقصراً في أداء وظيفته و معاقباً شرعاً.
و لنفرض المرض (س) بواسطة الدواء (ص) و اليوم عالج هذا الطبيب المريض المصاب بالمرض (س) بواسطة الدواء (ص) و لكن المريض توفي و كان السبب هو الدواء (ص), و بعد الرجوع إلى الكتب الطبية الحديثة في آخر طبعاتها اتضح إن العلاج (ص) أصبح غير ملائم لعلاج المرض (س) و ذلك لكثرة مضاعفاته الجانبية و اكتشف للمرض (س) العلاج (ع) و قد أوصت الهيئات الطبية في الفترة الأخيرة الأطباء بعدم استعمال الدواء (ص) و استعمال الدواء (ع) مكانه. السؤال هو: هل يكون الطبيب ضامناً لأهل هذا المريض الذي مات من جراء استعمال الدواء (ص) ؟ و هل تجب عليه الدية أم لا ؟
نعم على الطبيب في مفروض المسألة الدية.
كما هو منصوص عليه في الكتب الطبية المعتمدة و المؤلفة من قبل الهيئات الطبية العالمية و التي هي نتائج بحوث و دراسات عميقة و طويلة أم يجوز له أن يجتهد في إعطاء العلاج مخالفاً بذلك الكتب الطبية و ذلك لعدم قناعته الشخصية بهذه الكتب تارة أو انه جرب إعطاء علاج آخر و نجح مرة أو مرتين تارة أخرى علماً انه في عمله هذا لا يستند إلى بحوث و دراسات و أسس علمية دقيقة إنما فقط اجتهاد شخصي معرضاً بذلك أرواح المسلمين إلى خطر كبير؟
لا يجوز له الاجتهاد في عملية العلاج الذي قد يعرض المريض إلى خطر الموت،بل على كل طبيب أن يمارس في عملية علاج المرضى جميع ما هو من متطلبات العلاج بدقة من التحليلات و الكشوفات و غيرهما.
حيث قام الطبيب بوضع حد لآلام هذا المريض و أنهى حياته شفقةً عليه. فهل تجب على الطبيب الدية فقط أم القصاص في الحالات التالية:
القصاص, و لا فرق في ذلك بين أن يكون المريض طالباً إنهاء حياته أولا، إذ لا اثر لمطالبة المريض و إذنه له.
يظهر جوابه مما تقدم.
نعم هو قتل عمد لا شبيه عمد.
نعم يجب عليه تغذيته بصورة قسرية إذا توقف إنقاذ حياته على ذلك, على أساس أن إنقاذ المسلم من الهلكة و الموت واجب شرعاً على كل من يكون قادراً عليه.
و كان بامكاني أن أقوم بتغذيته بصورة قسرية عن طريق الوريد و إنقاذ حياته من الموت ؟ فهل أكون ضامناً لأهل هذا المضرب عن الطعام أم لا ؟ و هل تجب عليّ الدية أم لا ؟
لا دية عليك في مفروض المسألة, و لكنك مسئول أمام الله تعالى و معاقب إذا كنت ملتفتاً إلى أن إنقاذ حياة المسلم واجب شرعاً على كل من كان يتمكن من ذلك.
علما أنه لو استمر في إضرابه عن الطعام سوف يموت بصورة مؤكدة ؟ أم أنه لا يحق لنا أصلا تغذيته و إنهاء إضرابه ؟
لا يجب الاستئذان منه في ذلك و لا من وليه،فان كان الإضراب خطراً على حياته وجب استنقاذها بأيّة وسيلة ممكنة و لو بصورة قسرية.
أو جرعة بدل جرعة أخرى علماً إن الطبيب إنسان غير معصوم من الخطأ و احتمال الخطأ وارد لدى الطبيب، فهل يكون الطبيب شرعاً مسئولاً عن مثل هذه الأخطاء في الحالتين التاليتين ؟
إذا كان الخطأ في كتابة كلمة بدل أخرى أو جرعة بدل جرعة أخرى مستنداً إلى تسامحه و عدم اهتمامه به و لو من جهة كثرة المراجعين فهو مقصر، فإذا أدى ذلك إلى موت المريض فعليه الدية مضافاً إلى الإثم، و ان لم يكن مستندا إلى تقصيره و تسامحه فلا إثم عليه و لكن عليه الدية.
يظهر جوابه مما تقدم .
مما يؤدي في أحيان كثيرة إلى صرف أدوية خاطئة من قبل الصيدلاني لان الصيدلاني لا يستطيع قراءة خطي بوضوح و قد حاولت تحسين خطي و لكن بدون فائدة فما يزال خطي غير واضح و صرف الأدوية الخاطئة ما زال مستمراً. سؤالي هو: هل أكون شرعاً مسئولاً عن أخطائي في كتابة الوصفات الطبية مع ما بذلته من جهد لمنع حدوث هذه الأخطاء أم لا ؟
إذا كان الخطأ في كتابة الوصفات الطبية مؤدياً إلى موت المريض أو شدة حالته المرضية فهو مسئول مضافاً إلى الدية إذا أدى ذلك إلى موت هذا المريض هذا، و وظيفته في هذه
الحالة أن يوصي المراجع له بالرجوع إليه مرة ثانية بعد شراء الدواء من الصيدلاني حتى يتأكد من صحة الدواء.
و ذلك لإثبات كفاءة العقاقير الجديدة و الطرق العلاجية المبتكرة حديثاً لرفع المستوى العلمي لعلم الطب و بالتالي رفع مستوى الخدمات المقدمة للإنسانية بصورة عامة و التخفيف من معاناة الإنسان في هذه الحياة. ما حكم التجارب الطبية على المريض في الحالات التالية:
كالصداع البسيط و الطفح الجلدي البسيط و لا يوجد في هذه العقاقير الجديدة التي هي تحت التجربة الآن ضرر كبير و مميت للمريض و لكن هذه التجارب تجرى بدون علم المريض و بدون موافقته ؟
لا يجوز إجراء هذه التجارب بدون الاستئذان من المريض و موافقته فيها إذا كانت مستلزمة للتصرف في بدنه.
كالصداع البسيط و الطفح الجلدي البسيط و لا يوجد فيها ضرر كبير و مميت للمريض و تجرى هذه التجارب بعلم المريض و موافقته عليها شفهياً و تحريرياً بخط يد المريض يعلن موافقته على إجراء هذه التجارب عليه و تحمل كافة مضاعفاتها.
لا بأس بها مع الإذن في الصورة المفروضة.
كالأمراض السرطانية و الأمراض القلبية و العصبية و فيها احتمال ضرر كبير على المريض الذي تحت التجربة و قد يكون مميتاً و تجرى بدون علم المريض و بدون موافقته ؟
لا تجوز هذه التجربة جزماً مع احتمال إنها قد تؤدي إلى الموت.
و مستعصية كالأمراض السرطانية و الأمراض القلبية و العصبية و فيها احتمال ضرر كبير و قد يكون مميتاً للمريض و تجرى بعلم و موافقة المريض شفهياً و تحريرياً بأذن خطي بخط يد المريض يعلن موافقته على إجراء التجارب و تحمل كافة مضاعفاتها ؟
لا يحق شرعاً لأي فرد من المرضى أن يأذن بإجراء مثل هذه التجربة عليه التي قد تؤدي إلى موته, فبالنتيجة إنها لا تجوز شرعاً فلو قام بهذه التجربة عالماً و عامداً و أدت إلى موت المريض فعليه القصاص إذا كان محتملاً بالاحتمال العقلائي .
نعم يجوز شريطة أن تكون التجارب بسيطة و لا تؤدي إلى ضرر معتد به أو إلى موت المريض و كانت بموافقته و إجازته و لا يجوز إذا كانت معقدة و قد تؤدي إلى ضرر كبير أو موت المريض .
يظهر جوابه مما مر.
كالأورام السرطانية و التي غالباً لا يرجى الشفاء منها و غالباً ما تنتهي حياة المريض بالموت بعد وقت معين ؟ و في حالة جواز ذلك هل يجب اخذ إذن المريض أو ولي أمر المريض ؟
يظهر مما تقدم من انه لو احتمل احتمالاً عقلائيا إنها تؤدي إلى موت المريض أو إلى ضرر كبير عليه لم تجز حتى مع الإذن لأنه لا يجعل الحرام حلالاً.
الخلوة مع المرأة الأجنبية ليست محرمة بنفسها إلا إذا كانت في معرض الوقوع في الحرام, و الله العالم.
نعم تجوز و لا سيما إذا لم يكن هناك طبيب حاذق غيره و لا تعد هذه المراجعة من الإعانة على الإثم, هذا إضافة إلى انه لا دليل على حرمة الإعانة على الإثم بهذا العرض العريض و المحرّم إنما هو التعاون مع الآخرين على الإثم و أيضا إن هذه المراجعة إنما هي من الإعانة على الإثم إذا علم إن الطبيب المذكور يصرف الأموال المأخوذة من المراجعين في الحرام مطلقا و الله العالم.
لا بأس بذلك بل هو المتعين إذا لم يكن هناك مانع من العقد المنقطع عليها. و الله العالم.
لأنه خارج اختصاص الطبيبة النسائية (كاختصاص الجراحة البولية أو الجراحة العامة) ما هو حكم دخول الطبيب لاستدراك حالة المريضة علماً بأنه ستحدث كشف العورة ؟ و المريضة لا تعلم بأن الجراح سيكمل العملية و هل يجب على الطبيب الاستئذان من المريضة أو ولي أمرها قبل الدخول أم لا ؟ و في حالة رفض أهل المريضة دخول الطبيب هل يجوز له ترك المريضة تموت دون إنقاذها من الوفاة ؟
في مفروض المسألة إذا كان ترك المريضة بحالها يؤدي إلى موتها وجب على الطبيب الأخصائي الدخول في غرفة العملية لإنقاذ حياتها و لا يتوقف على إذن أهلها لا في الدخول و لا في العملية بل لا يجوز لهم المنع من الدخول و العملية في هذه الحالة كما أنه لا يجوز على المريضة الامتناع عن الإذن فيها,نعم إذا لم يكن تركها موجباً لموتها فعندئذ أن
كانت المريضة بالغة عاقلة وجب الاستئذان منها في العملية دون أهلها و ان كانت غير بالغة أو مجنونة بالجنون المتصل من زمان صباها لزم الاستئذان من أبيها أو الجد من قبل الأب، هذا شريطة أن يكون بقاؤها بدون العملية حرجيا عليها. و الله العالم.
إذا لم تتمكن من إنقاذ حياة كليهما معاً و تمكنت من إنقاذ حياة احدهما فقط فهي مخيرة بين إنقاذ حياة الأم و إنقاذ حياة الطفل. و الله العالم .
ما حكم الطبيب إذا كان الطبيب قاصراً ؟
إذا كان الطبيب هو المباشر في العلاج بأن قام بحقن المريض الإبرة أو إشرابه الدّواء ثمّ مات أثر ذلك فعليه الدية و ان كان قاصراً غاية الأمر لا يستحق العقوبة بينما إذا كان مقصراً استحق العقوبة أيضاً. و أما إذا وصف الطبيب الدواء أو أعطاه بيده و قام المريض بشربه باختياره و إرادته المستقلة فلا دية عليه و إما إذا مات بالعملية التي يقوم الطبيب بها مباشرة فان كان موته مستنداً إلى العملية فعليه الدية و إلا فلا. و الله العالم.
إذا كان علاجه منحصراً بتناول الخمر على أثر تشخيص الأطباء جاز له هذه النصائح كما جاز للمريض شربها و إلا فلا و الله العالم .
لا بأس بتناول الأدوية التي فيها الكحول حيث لا يصدق على تناولها تناول تلك المادة باعتبار أنها مستهلكة فيها و لا تناول النجس فان الكحول بتمام أنواعه المستعملة في الأدوية و غيرها محكوم بالطهارة عندنا و عليه فلا فرق بين حالة العلم به و الجهل. و الله العالم .
يظهر مما سبق.
ليس لأجور الفحص حدّ معين في الشرع و الضابط فيه أجرة مثل هذا العمل مع اخذ الكفاءة و الاختصاص بعين الاعتبار و هي تختلف باختلاف كفاءة الأطباء و اختصاصاتهم كما هو الحال في سائر أصحاب المهن و الحرف و على كل حال فالطريق الصحيح هو الإنصاف و العدل الذي اهتم به الإسلام. و الله العالم .
علماً إن هذه التجارب قد تؤدي إلى قتل الحيوان أو أصابته بأمراض تؤدي إلى إلحاق الأذى به. ما هو حكم مثل هذه التجارب على الحيوان, علماً إن الهدف من هذه التجارب اكتشاف أدوية جديدة لخدمة, الإنسان و تقليل معاناته من الأمراض؟
لا بأس بذلك. و الله العالم .
ينبغي أن يكون مثل هذه التجارب على الحيوان دون الإنسان. و الله العالم.
يظهر مما سبق.
و لكن الطبيب الجراح لم يخبر أهل المريض بذلك فهل يجب علي إخبار أهل المريض بذلك أم لا ؟ و ما هو حكمي في حالة السكوت ؟ و ما هو حكم الطبيب الجراح ؟
على الطبيب الجراح الدية إذا كان موته مستنداً إلى خطئهِ في العملية و إما إخبار أهل المريض بذلك فهو غير واجب عليك، لا يجوز للطبيب الجراح السكوت بل عليه المراجعة إلى أهل المقتول و إعطاء الدّية لهم أو إرضائهم بالعفو عنه. و الله العالم.
و هل تعتبر عملية فصل الدم إلى هذه المكونات عملية استحالة أم لا ؟ علماً انه بعد فصل هذه المكونات تعطي للمريض بواسطة أكياس خاصة و حسب حاجة المريض ؟
إذا كانت تلك المكونات من أجزاء الدم فهي نجسة. و الله العالم.
إذا كان غنيا يتصدق بثمنه إلى الفقراء و الله العالم.
(شراء الدواء عن طريق البطاقة الصحية الأصولية) و بإزاء مبلغ زهيد و بيعه خارج المستشفى بأسعار باهضة علماً إن هذا التصرف قد يؤدي إلى حرمان المريض داخل المستشفى من فرصة الحصول على دوائه.
أ) ما هو حكم الأخذ (الأشخاص) ؟ ب( ما هو حكم الطبيب الذي يعلم بذلك و يصرف لهم الدواء ؟
ج( ما هو حكم البيع ؟ د( ما هو حكم الأموال المأخوذة من هذا البيع ؟
لا يجوز ذلك كله لأنه يؤدي إلى اختلال النظام و الهرج و المرج و تضييع حقوق الآخرين و بذلك يظهر حكم الأموال المأخوذة من ذلك.
إن المريض إذا كان بالغاً عاقلاً فالمناط إنما هو بإذنه في علاجه, و إذا كان غير بالغ فالمناط بإذن وليه و الله العالم.
المقصود منه رضا المريض بالعلاج أو وليه و الله العالم.
إن العبرة إنما هي بالرضا القلبي للعلاج, و قد يكون الكاشف عنه اللفظ, و قد يكون الكتابة, و قد يكون الفعل, كمراجعته إلى الطبيب فإنها تكشف عن رضاه بالعلاج, و الله العالم .
ليس للإذن صيغة خاصة, و الله العالم.
إن المقصود بالإبراء هو الإبراء من الضمان و الدية على الجرح أثناء العملية, و الله العالم.
إنه لا يعتبر في الإبراء صيغة خاصة, بل هو بحاجة إلى مبرز في الخارج, سواء أ كان بالفعل أم بالكتابة أم بالقول, و الله العالم .
مر أنه ليس للإبراء صيغة خاصة و الله العالم.
لإنقاذ حياة المريض من الموت و لا سبيل لإنقاذه سوى التداخل الجراحي في هذه المسألة هناك حالتان:
و لكن ولي أمر المريض يرفض أجراء التداخل الجراحي لأسباب غير منطقية كعدم اقتناعه بالطبيب الجراح تارة أو عدم اقتناعه بالمستشفى أو عدم وجود ضرورة للعملية الجراحية حسب تقديره الشخصي علماً إن ولي أمر المريض ليس من ذوي الاختصاص في الطب فهل يسقط أخذ الإذن من ولي أمر المريض لإجراء التداخل الجراحي أم لا ؟
إن المريض إذا كان في حالة خطرة و بحاجة إلى تداخل جراحي لإنقاذ حياته وجب على الأطباء القيام بذلك للحفاظ على حياته, و لا يحتاج إلى الإذن من ولي أمره, بل لو منع الأطباء من القيام بالعملية المذكورة فلا قيمة لمنعه و لا أثر له,لأن وظيفة الأطباء أمام الله تعالى إنقاذ حياته بالقيام بتلك العملية مهما كان. و الله العالم.
أو أحد من أهله و لا يوجد مجال للاتصال بأهل المريض و أخذ الإذن فهل يسقط شرعاً اخذ الإذن من ولي أمر المريض للقيام بالعلاج ؟
نعم يسقط إذنه بل لا أثر لمنعه كما تقدم .
و لكنه آل إلى التلف اتفاقاً ؟ و لعدة أسباب منها عدم وجود أجهزة طبية كافية للعلاج, أو عدم وجود أدوية كافية أو عدم وجود وسائل إنقاذ الحياة السريعة كجهاز الصعق الكهربائي أو أكياس نقل الدم و ما شابه ذلك من الأمور التي هي خارج مسئولية الطبيب و ليس من واجبه توفيرها للمريض و إنما هو من واجب إدارة المستشفى ؟
لا تسقط الدية عن الطبيب بالإذن و الإبراء من المريض إذا كان موته مستنداً إلى العملية
و إن لم يكن الطبيب مقصراً فيها, إذ ليس بإمكان أي أحد أن يأذن بالعملية مطلقاً و ان كانت مؤدية إلى موته, ضرورة أن هذه السلطنة غير ثابتة للإنسان على نفسه, و عليه فلا قيمة لإبراء المريض ذمة الطبيب عن الدية, بل هي ثابتة إذا كانت العملية مؤدية إلى موته و إن أخذ الإبراء من المريض نفسه و أما بالنسبة إلى تلف الأعضاء, فالأمر كذلك إذا كانت الأعضاء من الأعضاء الرئيسية و إما إذا كانت من غير الرئيسية فلا دية على الطبيب مع الإذن و إبراء المريض إذا لم يكن الطبيب مقصراً فيه, و الله العالم.
إذ ربما قد يتصور المريض أن هذا الطالب طبيب فيسمح له بذلك و هل يكفي وجود قطعة مكتوباً عليها اسم الطالب تدل عليه معلقة على صدره ؟
إذا لم يتمكن من إحراز رضا المريض بالتدريب عليه عرف نفسه و يكفي في التعريف وجود قطعة مكتوب عليها اسم الطالب معلقة على صدره إذا كان المريض ملتفتا إليها.
نعم يجوز للمريض أن يرفض ذلك و لا فرق بين أن يكون المستشفى تعليميا أو غير تعليمي إلا في فرض الانحصار و ترتب مصلحة عامة عليه.
إذا كان التدريب عليه موجبا لسوء حال المريض أو ازدياد الألم وجب التوقف و أما إذا كان ذلك بسبب أخر لا للتدريب عليه و كان وجود التدريب و عدمه بالنسبة إليه على حد سواء فيجوز الاستمرار به شريطة أن لا يكون تصرفا في بدنه أكثر من اللازم و إلا فهو غير جائز إلا في حالة خاصة.
لا يجب و لا أثر لإذن المرافقين في ذلك فالمناط إنما هو بإذن المريض إذا كان بالغا و أما إذا
كان صبيا فيجوز لوليه أن يأذن بالتدريب عليه إذا لم يكن ضرريا و إلا فليس له الإذن به.
لا يجدي هذا الإذن في جواز التدريب عليه بعد فقدانه الوعي.
يظهر حكمه مما مر.
تقدم أنه لا أثر لإذن المرافقين سواء أ كان قبل فقدانه الوعي أم بعده.
يظهر حكمه مما مر.
يجوز فحصه بقصد العلاج.
إذا كان كشف الجريمة و إثباتها متوقفا على ذلك جاز. و أما تشريح جثة الميت الكافر أو مشكوك الإسلام فهو جائز في نفسه و لا مانع منه. و أما تشريح جثة الميت المسلم فهل هو جائز ؟ الجواب: عن ذلك بحاجة إلى تقديم مقدمة وجيزة و هي أن أي مجتمع في العالم المعاصر لا يمكن أن يكون في غنى عن علم الطب المناسب لعصره و إلا فهو مجتمع مريض و متخلف و ملحق بالمجتمع في القرون الأولى و لا قيمة له في العصر الحاضر و لذلك تكون نسبة الموت و الهلاك بين أفراد و طبقات هذا المجتمع أكثر بكثير من نسبة الموت بين أفراد طبقات المجتمعات المعاصرة الراقية المتحضرة و هذه المقدمة تتطلب من المجتمع
الإسلامي ككل الاهتمام الجاد و السعي الحثيث المتواصل في سبيل الوصول إلى العلوم المعاصرة المتقدمة و التكنولوجيا المتطورة منها علم الطب بكافة أنواعه و أقسامه لأن قوة كل مجتمع اقتصاديا و سياسيا و اجتماعيا و ثقافيا، ماديا و معنويا إنما هي بقوة العلم و التقنيات المتقدمة و من هنا على الدول الإسلامية جميعا توفير كافة الوسائل الممكنة و المتاحة في سبيل الوصول إلى تلك التقنيات و العلوم المعاصرة و بذلك تقدر أن تمنع من تدخل الأجنبي في شئونهم و بلادهم و على هذا الأساس فالمصلحة العليا العامة للإسلام تتطلب من المسلمين بذل أقصى الجهد في طريق الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة، منها علم الطب بكل تخصصاته حسب متطلبات حاجة المجتمع في العصر الحاضر و من الطبيعي أن الوصول إلى الطب المتطور يتوقف على تشريح جثة الميت المسلم في البلاد الإسلامية عملياً و على النظر إلى ما يحرم النظر إليه و ما يحرم مسه و هكذا و لكن من الواضح أن المصالح و المفاسد الشخصيتين لا تزاحمان المصلحة العامة في البلاد للإسلام و المسلمين فإذن تجوز ممارسة هذه الأعمال بغاية الوصول إلى المصلحة العامة التي بها تظهر شوكة الإسلام و تمنع من تدخل الأجنبي فلو كان الطب ضعيفا في المجتمع الإسلامي و غير متطور بحيث لا يسد حاجتهم فبطبيعة الحال كان ذلك يجرهم إلى فتح الطريق أمام الأجنبي و دعوتهم في الدخول إلى بلادهم للخدمة في مجال الصحة و من الواضح أنهم إذا دخلوا في بلاد المسلمين بغرض الخدمة المذكورة قاموا من وراء ذلك بنشر أفكارهم المضللة و ثقافتهم المبتذلة من جانب، و تشويه سمعة الإسلام و المسلمين من جانب أخر و لهذا يجب على المسلمين الاهتمام بالطب في كافة المجالات و الوصول إليه وسد حاجتهم به و أما ممارسة كل فرد من المسلمين يقوم بدراسة الطب تلك الأعمال مقدمة للوصول إليه فهي منوطة بالمواصفات التالية: الأول: أن تكون عنده مقدرة ذاتية على تحليل مسائل الطب. الثاني: الاهتمام الجاد و السعي المتواصل في سبيل الوصول إليه بما يناسب حاجة المجتمع في كل عصر. الثالث: أن يكون غرضه من وراء ذلك تقديم خدمة للمجتمع الإسلامي و الإنساني في مجال الصحة و إنقاذهم من الأمراض الخطرة و الموت، و التداوي و العلاج بما يناسب مستوى الصحة في العصر الحاضر فكل فرد إذا كانت هذه المواصفات متوفرة فيه
جاز له ممارسة الأعمال المذكورة مقدمة للوصول إلى المصلحة العليا العامة للإسلام و المسلمين شريطة أن لا يكون لها بديل و بذلك يظهر جواب السؤال الثاني.
بل يتضمن أيضا الدراسة على الأحياء (كدراسة الجروح و الكدمات) و دراسة البصمات و غيرها ؟
يظهر جوابه مما تقدم.
و هنا عندنا سؤالان هما:
لا يجوز للطبيب و لا الطبيبة هذا العمل إلا إذا كانت هناك مصلحة مهمة مترتبة عليه كإنقاذ النفس المحترمة و لا فرق في ذلك بين أن تكون حية أو ميتة.
لا يجوز لهم ذلك إلا مع المواصفات المتقدمة.
نعم يجوز لهم المساعدة بإحضار الأجهزة و الأدوات اللازمة في عملية التشريح طالما لم يكونوا مشتركين معه في العملية.
يجوز هذا العمل مع أخذ المواصفات المتقدمة بعين الاعتبار بأن يكون الغرض من وراء ذلك العمل تقديم خدمة للمجتمع بشكل أوسع فائدة و أكثر دقة و أما الأعضاء البسيطة فلا حكم لها و لا تجب إعادتها إلى الجثة.
يجوز ذلك نظريا و أما تطبيقيا فهو منوط بتوفر المواصفات و الشروط المتقدمة.
بلحاظ أنه قد يلجأ إلى توليد امرأة في المستقبل و إنقاذ حياتها خاصة في دوامه في القرى و الأرياف ؟ و هل هناك فرق بين الطالب و الطالبة في الحكم ؟
إن كان الغرض من وراء النظر تقديم الخدمة للمجتمع الإسلامي في مجال الصحة و إنقاذ حياة عديد من النساء في المستقبل جاز و إلا فلا يجوز و لا فرق بين الطالب و الطالبة في حرمة النظر إلى العورة.
نعم يجوز الإخبار شريطة أن لا يؤثر في المريض و إلا فلا يجوز.
و يؤدي التدريب إلى لمس الجسد (مثل أخذ النبض) و هل يجوز للطالبة لمس المريض الرجل من أجل التدريب و التعلم ؟
يجوز التدريب على المريض مع الإذن و الإجازة و لا فرق في ذلك بين أن يكون المريض رجلا أو امرأة كما لا فرق بين الطالب و الطالبة و أما لمس الرجل المرأة و بالعكس فهو غير جائز إلا مع القفاز و أما النظر فلا بأس به إذا لم يكن مع الشهوة و به يظهر جواب السؤال العاشر.
يظهر جوابه مما تقدم.
و إذا أمتنع قد يؤدي ذلك إلى رسوبه، فهل يجوز اللمس في هذه الحالة ؟
لا يجوز في نفسه نعم إذا كان ترك اللمس حرجيا عليه جاز كما يجوز له اللمس مع القفاز شريطة أن لا يكون مثيرا للشهوة.
و هنا أسئلة:
لا يجب على الطلاب الاستئذان من المريض حيث إنهم كانوا يستمعون من الطبيب شرح حاله بغرض التعلم نعم إذا كانوا متصرفين في بدنه وجب عليهم الاستئذان منه و لا فرق في ذلك بين أن يكون في المستشفى التعليمي أو غيره.
إذا كان شرح حاله موجبا لإيذائه لم يجز.
إذا كان حضور الطلاب سببا لإيذائه وجب عليهم الابتعاد عنه و لا أثر للاستئذان من الأستاذ إذ لا ولاية له عليه.
بدعوى أن هذا الكشف جزء مهم من الشرح و تعلم الطلاب و أن هذا المستشفى تعليمي ؟
لا يجوز إجباره على ذلك إلا في فرض الانحصار فإنه حينئذ يجوز مع المواصفات المتقدمة.
و نتيجة ذلك يمتنع الطبيب من معالجة هذا المريض فهل يجوز ذلك ؟ و إذا وافق المريض مرغما فهل يجوز للطلاب التجمع حول المريض و الدراسة عليه ؟
إذا كان تواجد الطلاب مع الطبيب المعالج موجبا لإيذاء المريض وجب عليهم الابتعاد عنه مع فرض عدم انحصار التدريب عليه و في هذا الفرض لا يجوز إرغامه و إجباره على
ذلك و أما الطبيب المعالج فليس له الامتناع عن علاجه.
و إذا تضرر الشخص من جراء هذه النصيحة فهل يكون الطالب ضامنا ؟
لا يجوز للطالب إعطاء النصيحة إذا لم يعلم بالحال و إنها مفيدة أو مضرة و ضررها قليل أو كثير نعم لو علم بأنها لو كانت مضرة كان ضررها قليلا أولا ضرر فيها جاز.
و هل يجوز أن يأخذ أجرا مقابل ذلك إذا كان المستشفى تعليميا أو غير تعليمي ؟
يجوز للمريض أن يتعاون مع الطالب مجانا أو مع الأجرة و لا فرق في ذلك بين أن يكون المستشفى تعليميا أو غير تعليمي.
بدعوى أنه ينزعج أو يتضرر من ذلك ؟
له أن يراعي نظام المستشفى و عدم الإخلال به و أما في المستشفى الأهلي إذا أشترط صاحب المستشفى عليه في ضمن قبوله دخوله فيه التدريب عليه فلا يجوز له الامتناع.
و هناك سؤالان:
نعم يجوز له أن يسأل المريض عن حالته المرضية و عن تشخيص الأطباء مرضه و عن نوع علاجه.
نعم تجوز له الاستفادة من الوقت إلا إذا كانت على خلاف النظام المعمول به في
الجامعات و المعاهد و الكليات و عندئذ ينبغي العمل بالنظام.
لكي لا يكتشفوا الحالات الموجودة في المستشفى، فهل يجوز للطالب الذهاب إلى المستشفى في هذه الأيام لمعرفة الحالات الموجودة أو يقوم بسؤال الأطباء الموجودين هناك عن الحالات ؟
نعم يجوز في نفسه إلا إذا كان على خلاف النظام فحينئذ يراعى النظام العام.
نعم يجوز للمريض أن يرفض التدريب عليه.
نعم يجوز إجباره على ذلك من قبل الأطباء و الأساتذة إذا كانت في التدريب عليه مصلحة عامة للمجتمع في مجال الصحة كإنقاذ من ابتلى بهذه الحالة المرضية من الموت.
نعم يجوز لهم في هذه الحالة التدرب عليه شريطة توفر المواصفات المتقدمة فيهم.
حدثت حادثة أدت إلى قتل أحد الأشخاص و قد ترتبت الدية الشرعية على القاتل حسب الشريعة الإسلامية، و عند ما جاء القاتل لدفع الدية إلى ولي المقتول حسب القيمة المقدرة شرعا رفض ولي المقتول استلام الدية الشرعية و طالب بمضاعفة قيمة الدية و ذلك لأن المقتول كان من وجهاء العشيرة و البلد، و أنه لا يليق بشأنه أن تتساوى ديته مع دية عامة الناس. و السؤال: هو هل يجوز شرعا مضاعفة قيمة الدية الشرعية تبعا للمركز الاجتماعي و الوضع الاقتصادي للمقتول أم إن هذا الأمر غير جائز شرعا ؟
لا يحق لولي المقتول أن يطالب بمضاعفة الدية لمكانته الاجتماعية و المالية لأن الدية حكم شرعي مجعول من قبل الشارع على القاتل و نسبته إلى جميع المكلفين على حد سواء على أساس إن نسبة الناس جميعا إلى الله تعالى نسبة العبد إلى ربه بلا فرق في ذلك بين
الغني و الفقير و الرئيس و المرءوس و العربي و الأعجمي و الأبيض و الأسود و هكذا.
قمت في إحدى المرات و أنا في حالة غضب شديد بأن شتمت و أهنت إنسانا آخر و بعد أيام أبلغت من قبل رئيس العشيرة بأنه قد ترتب علي مبلغ من المال يدعى (الحشم) كتعويض عن الضرر الأدبي الذي لحق بهذا الشخص، و المال يدفع لهذا الشخص. و السؤال: فهل يجوز شرعا أخذ هذا المال تحت عنوان (الحشم) و هو: تعويض مادي عن الضرر الأدبي في حالة السب أو الشتم أو الإهانة أم لا يجوز ؟
لا يجوز شرعا أخذ المال تحت عنوان الحشم و العوض إذ لا دية فيه غير الإثم على شتمه و إهانته إنسانا مؤمنا و ارتكابه بذلك معصية كبيرة و استحقاقه الدخول في النار نعم كفارته التوبة إلى الله سبحانه و تعالى واقعا، بأن يكون نادما عما فعله قلبا لعل الله يغفره.
و بعد فترة جاء أحد الأشخاص و تقدم لخطبتها فوافق أهلها و وافقت الفتاة، و لكن ابن عمها لم يوافق و ادّعى بأن هذا الزواج لا يمكن أن يتم، لأنه عند ما رفضته هذه الفتاة كان قد نهى عليها (أي منع أي رجل من التقدم لخطبتها، لا لشيء سوى أنه حق أعطاه العرف العشائري لابن العم على بنت عمه)، علما أن هذه الفتاة بالغة عاقلة و ولي أمرها والدها حي يرزق و كلاهما موافقان على الزواج. و أما ابن العم فهو الآن يطالب بالحشم و هو: إعطاءه مبلغا من المال أو أخذ أذن منه كي يرفع النهي عن هذه الفتاة كي تستطيع الزواج. /1 فهل يكون هذا النهي نافذا شرعا ؟ و هل لهذا الرجل (ابن العم) حق شرعي في التدخل بشئون ابنة عمه مع وجود ولي أمرها أو عدم وجوده ؟ /2 هل يجب على الفتاة شرعا دفع هذا المال (الحشم) أو الاستئذان من ابن عمها قبل زواجها ؟ /3 هل من كلمة توجيهية لسماحتكم بخصوص هذا الموضوع للمؤمنين من أبناء و رؤساء العشائر ؟
ليس له أي حق شرعي في التدخل بشئون ابنة عمه و لا يكون نهيه نافذا و لا قيمة له و لا يجب على الفتاة الاستئذان من ابن عمها و ليس له المطالبة بالمال بعنوان الحشم فإنه خلاف الشرع. و غير خفي إن هذه التقاليد الموجودة عند العشائر تقاليد جاهلية بعيدة عن الإسلام،
و على الناس أن يبتعدوا عن تلك التقاليد الجاهلية و الالتزام بالتقاليد الإسلامية حيث إن سعادتهم في الدنيا و الآخرة إنما هي بها و العجب كل العجب من التزامهم بالتقاليد المذكورة مع وجود العلماء في المحافظات و المراجع العظام في النجف الأشرف و وجود حوزة علمية كبيرة فيه منذ أكثر من ألف سنة و إمكان الوصول إليهم بسهولة.
الذي يلحق بالإنسان المسلم (جراء سبه و شتمه أو الانتقاص من شخصيته و بالتالي الحط من كرامته أمام المجتمع و التقليل من شأنه وسط الناس) أم لا ؟ و إذا كانت الشريعة الإسلامية لم تقر هذا المبدأ فكيف عالجت هذا الجانب خصوصا بأنه يتصل مباشرة بكرامة الإنسان المسلم ؟
الإسلام قد حرم جميع ما يؤدي إلى حط كرامة المؤمن و هدرها و هتك حرمته و تنقيص شأنه و عليه عقوبة، و أما العوض فهو العقوبة الأخروية دون المال.
لا يجوز العقد بدون موافقة المرأة و رضاها به و بدونها باطل إذ ليس لأحد ولاية على المرأة لإعطائها بدل جزء من مبلغ الدية.
و هل هذا الزواج صحيح شرعا أم لا ؟
إن كانت المرأة راضية بالعقد بدون إجبار و إكراه فالزواج شرعي و لا بأس به و يترتب عليه تمام آثار الزواج الصحيح و إن لم تكن راضية به فالعقد باطل و حينئذ فإن كان الرجل جاهلا ببطلان العقد كان أولاده أولاد شرعيين لأنهم أولاد شبهة، و إن كان عالما ببطلانه كان أولاده أولاد زنا. و من هنا كان على أبناء العشائر و رؤسائهم الالتزام بالأحكام الشرعية دون التقاليد الجاهلية، و الرجوع إلى العلماء في الحدود و الديات و القصاص و لا يجوز لهم شرعا حل تلك القضايا بينهم على وفق التقاليد العشائرية الجاهلية، فإنها غير مشروعة و عليهم المسئولية أمام الله تعالى.
خصوصا بأن هذا التصرف لا يتناسب مع كون هذه العشائر عشائر مسلمة تدين بالدين الإسلامي ؟
يجب عليهم الالتزام بالتقاليد الإسلامية و الأحكام الشرعية و ترك التقاليد الجاهلية و من المؤسف جدا أنهم يعيشون في العراق الإسلامي العريق و بلد العلماء و الفقهاء منذ أكثر من ألف سنة و مع ذلك توجد فيهم نخوة الجاهلية و التأنف من الالتزام بالتقاليد الإسلامية رغم أنهم مسلمون معتقدون بالله و رسوله و بالأئمة الأطهار (ع) و لهذا يجب عليهم الرجوع في هذه المسائل إلى العلماء و ترك التصدي لها و إلا فعليهم عقوبة من الله تعالى.
أنا رجل صاحب عائلة كبيرة و ذو دخل محدود ابتليت كغيري من الناس بوجود أقارب لي تربطني بهم صلة النسب البعيد و هؤلاء الأقارب كثيرو المشاكل و ليسوا من أهل الدين و التدين و في كل مشكلة يقوم بها هؤلاء يقوم بعدها رئيس العشيرة بجمع الأموال من كل رجال العشيرة لدفع الديات أو الحشم أو الفصل الناتج من اعتدائهم على الآخرين و حسب العرف العشائري و الحالة متكررة و لسنوات طويلة إلى أن وصل الأمر بأغلبية الناس في العشيرة بحرمان أهلهم من المأكل و الملبس لتأمين الأموال المدفوعة في هذا الجانب و حتى اضطررت كغيري من أبناء العشيرة لأخذ القروض في سبيل سد هذه الأموال و السؤال هو:
لا يجوز إجبار أحد على أخذ الأموال منه و الآخذ غاصب و ضامن و عليه عقوبة عند الله تعالى.
الأموال المذكورة باقية في ملك أصحابها فلا يجوز التصرف فيها و يجب ردها إلى أصحابها.
يتصدون للقضاء بين الناس حسب العرف العشائري، علما إن هؤلاء الناس عادة لا يمتلكون نصيبا من العلم بالفقه الإسلامي و لا من التعلم الأكاديمي، بل إن علمهم جاء من خلال جلساتهم مع آبائهم و أجدادهم في مضايف العرب أو جلسات السمر و السهر و غالبا ما يكون الحكم اجتهاديا و لا يمت إلى الشريعة الإسلامية بأي صلة. السؤال هو:
لا يجوز لأحد التصدي للقضاء بين الناس إلا الفقيه الجامع للشرائط أو من يراه أهلا لذلك، و أما من تصدى للقضاء و هو غير عالم بالأحكام الشرعية فجزاؤه جهنم.
على هؤلاء أن يتقوا الله تعالى و الابتعاد عن التصدي للقضاء فإنه محرم عليهم شرعا و لا يكون حكمهم نافذا و الأخذ بحكمهم أخذ بالباطل فلا يجوز شرعا.
عليهم بتقوى الله و الابتعاد عن التصدي للقضاء لأن القضاء منهم جريمة بين الناس و تعدّ على حرمة الله تعالى.
(و هي ظاهرة قيام أحد الأشخاص من أهل المقتول بقتل أحد الأشخاص من أهل القاتل و بدون تعيين سواء كان أخا للقاتل أو أباه أو أمه أو ابن عمه أو خاله) انتقاما لموت الإنسان المقتول من عشيرتهم ؟
لا يجوز شرعا قتل أي شخص إذا لم يكن قاتلا و إن كان ذلك الشخص أبا للقاتل أو ابنه و هكذا و من قتله عامدا عالما فعليه القود و لولي المقتول أن يقتص من القاتل فحسب أو يعفو عنه و يأخذ منه الدية.
(مع الأسف الشديد) و يقرها العرف العشائري و يحرض عليها أغلب الأحيان ؟
من المؤسف جدا أن يتعارف بين العشائر في بلد إسلامي كالعراق، التقاليد الجاهلية المخالفة للتقاليد الإسلامية رغم إنهم مسلمون و مؤمنون بالله و رسوله و الأئمة الأطهار (ع)، و رغم وجود العلماء و المراجع الكبار في الحوزة العلمية الكبيرة في النجف الأشرف.
و هو مسدس ناري إضافة إلى الدية الشرعية، فهل يجوز لولي المقتول المطالبة بآلة القتل إضافة إلى الدية الشرعية ؟
لا يحق له شرعا أن يطالب بأزيد من الدية الشرعية سواء كانت الإضافة آلة القتل أم غيرها.
بدعوى إن الدية للعشيرة كافة حسب العرف العشائري و ليست محصورة بأهل المقتول. فهل يجوز شرعا توزيع دية المقتول على أبناء العشيرة قاطبة و خارج نطاق الورثة الشرعيين للمقتول ؟
لا يجوز توزيع دية المقتول على غير ورثته الشرعيين، و أما ما فعله رئيس العشيرة فهو خلاف الشرع و ضامن للورثة.
و لكني فوجئت بأن عشيرة زوجي حسب عرفها العشائري لا تعطي من أموال الدية للنساء سواء كانت زوجة المقتول أو بنت المقتول. فهل يجوز شرعا حرمان زوجة المقتول و بنات المقتول من دية المقتول لا لشيء سوى لأنهن نساء و العرف العشائري لا يعطي للنساء أموال الدية ؟
لا يجوز حرمانهن من دية المقتول.
و لدي أخوان أصغر مني سناً و قد أخبرت من قبل رئيس العشيرة بأن حصتي من الميراث (ميراث الدية) هو أكبر من حصة إخواني الذكور الآخرين لأني أنا الابن الأكبر و للابن الأكبر منزلة خاصة تميزه عن باقي الأبناء في العرف العشائري. فهل يجوز لي شرعا أخذ حصة من ميراث الدية أكبر من حصة إخواني الذكور الآخرين، لا لشيء سوى لأني الأكبر و العرف العشائري يأمر بذلك ؟
لا يجوز لك أن تأخذ أزيد من حصتك الشرعية.
بالرغم من التطور العلمي الكبير الذي حققه الطب الحديث، بنعمة من الله و فضله و آلاءه، فلا تزال هناك حالات مرضية مستعصية يقف أمامها العلم الحديث عاجزا عن أداء العلاج الناجح إلا باستعمال الأعضاء و الأنسجة التي خلقها سبحانه و تعالى من خالق، في الجسم الإنسان مثل الكبد و الكلية و القرنية…. الخ، و يتم ذلك بنقل هذه الأعضاء و الأنسجة من المتبرعين بها أثناء حياتهم، بعد التأكد كل التأكد بعدم الضرر بالشخص المتبرع، أو بنقل هذه الأعضاء أو الأنسجة من جسم المتوفى إلى جسم المريض، مع موافقة ولي أمر المتوفى طبيعيا، أو بعد موافقة مسبقة منصوص عليها في وصية المتوفى يأذن بها للأطباء باستعمال عضو أو أعضاء أو أنسجة من جسمه بعد وفاته لإنقاذ حياة إنسان أخر لا يمكن إنقاذه إلا بزرع مثل تلك الأعضاء أو الأنسجة في جسم المريض و لما كانت شرعية هذا التداخل الطبي لا يزال فيها شيء من الغموض فنرجو من سماحتكم التفضل بتوضيح ذلك و لكم الأجر و الثواب ؟
يجوز شرعا لأي فرد التبرع بأي عضو من أعضائه غير الرئيسة للمريض و نقصد بها الأعضاء التي لا تتوقف حياة الإنسان عليها، و لا نقله من جسمه موجبا لتشوه صورته و هندامه و ذلك مثل الكبد و الكلية و الأنسجة و القرنية و الجلد و ما شابه ذلك كما يجوز له شرعا أن يأخذ المال بإزائها بأن يقوم ببيع كليته أو كبده أو أنسجته أو جلده أو غيرها، هذا إذا كانت حياة المريض لم تتوقف عليها. و أما في فرض توقفها على نقل عضو من هذه الأعضاء إليه فعلى المريض أو أهله توفيره و لو بأغلى الأثمان لإنقاذ حياته و أما مع عدم إمكان توفيره لإنقاذه من الموت.
إنه لا يجوز نقله حتى مع إذن الورثة به، إذ ليس لهم ولاية على التصرف في بدن الميت. نعم إذا أوصى الميت لذلك وجب تنفيذه، و ليس لورثته حينئذ المنع من تنفيذ الوصية. و أما إذا توقفت حياة المريض على ذلك فيجب على الطبيب أن يقوم بعملية النقل من بدن الميت إلى بدن المريض لإنقاذ حياته و إن لم يأذن بذلك ورثة الميت بل لا أثر لمنعهم عن ذلك فإن وظيفة الطبيب إنقاذ حياته بأي وسيلة متاحة له و أما الدية فهي لا تسقط و هي على الطبيب المباشر لنقل العضو من بدن الميت إلى بدن المريض و حيث إن الطبيب محسن و قام بعمل إنساني و هو إحياء النفس المحترمة فينبغي للمريض أو أوليائه أن يدفعوا الدية بدلا عن الطبيب و عوضا عن إحسانه، هذا كله شريطة الانحصار بأعضاء الميت و عدم إمكان النقل من بدن الحي إلى بدن المريض بسبب من الأسباب و الله العالم.
إن تعاليم الدين الإسلامي هي العامل الوحيد في المجتمع لتحقيق العدالة الاجتماعية و المحبة و السلام و الأمن و الأمان فيه لأن كل فرد في المجتمع الديني يعلم بأن حقه لا يضيع و لا تهدر كرامته و لا تهتك حرمته لا نفسا و لا مالا و لا عرضا و أنه يعيش فيه بسلام و أمن و أمان بلا خوف و لا ذلة و أن حياته فيه حياة كريمة بلا دغدغة و لا خوف على نفسه و لا على عرضه و لا على ماله و من الطبيعي إن ذلك من العوامل الإيجابية التي تؤثر في نفس الإنسان و علاقته مع الآخرين بالمودة و المحبة، و تتحقق العدالة الاجتماعية و الأمن و الأمان و السلام .
سماحة العلامة آية الله الشيخ محمد إسحاق الفياض دامت بركاته السلام عليكم و رحمة الله و بركاته: أضع بين أياديكم الكريمة مجموعة أسئلة معدة للبحث عن موقع المرأة المسلمة في النظام السياسي الإسلامي معدة كجزء من أطروحة لدرجة الدكتوراة.. و هو موضوع يطرق للمرة الأولى من خلال آراء المذاهب الإسلامية المختلفة و من خلال أطر الأنظمة السياسية المختلفة في الإسلام، راجية من الله سبحانه التوفيق لإثراء ساحة الفكر الإسلامي بإلقاء الضوء على الحقائق الإسلامية الجامعة لعناصر الأصالة و الثبات و التجدد في آن واحد، و أرجو من فضيلتكم التكرم بالإجابة عليها، و خلال مدة لا تتجاوز الأسبوعين إن أمكن ذلك، و ذلك بسبب ضيق الوقت المتاح في جدول البحث الزمني.. كما و أرجو أن تزودوني بعنوانكم الذي يمكنني من استمرار التواصل و المراجعة العلمية معكم.. أمدكم الله بنور قدرته و جزيل مثوبته.
إذ تقوم الدولة الإسلامية على مبدأ ((الحاكمية لله وحده بلا شريك))، فليس لأي فرد أو جماعة أو سلطة نصيب من الحاكمية، و المشرع هو الله سبحانه، فلا يملك أي أحد أن يشرع أو يغير مما شرعه الله للبشرية، و الحاكمية التي تمارسها الأمة في المجتمع هي خلافة بمعنى النيابة عن الله سبحانه و تعالى إذ هو مصدر السلطات. على ضوء ما تقدم: حيث أن المرأة جزء من الأمة التي لا تملك أي سلطة و لا حاكمية و لا صلاحية للتشريع إذ أنها لله وحده، و على المستوى التنفيذي فهي كالرجل مستخلفة على رعاية الأمانة الإلهية في تطبيق شرع الله وفق حدوده التي قررها الشارع جل و علا جملة و تفصيلا:
1. الرئاسة العليا للبلاد ؟
2. رئاسة الوزراء ؟ 3. الوزارة بأنواعها: التفويضية، التنفيذية، و الاستشارية ؟ 4. إمارة الاستكفاء ؟ 5. إمارة الاستيلاء ؟ 6. قيادة الجيوش بأنواعها: 7. الإمارة على الجهاد ضد المشركين ؟ 8. قيادة حروب المصالح مثل: قتال أهل البغي من المسلمين و المخالفين، و المحاربين و قطاع الطرق ؟ 9. ولاية الشرطة ؟ 10. ولاية الاستخبارات ” الشرطة السرية ” ؟
يجب على المرأة المسلمة أن، تستر بدنها و هندامها من الأجنبي، و أن تحافظ على كرامتها و شرفها و عفتها من تدنيس كل دنس أ فإذا كانت المرأة المسلمة كذلك، جاز لها التصدي لكل عمل لا ينافي واجباتها في الإسلام، سواء أ كان ذلك العمل عملا اجتماعيا كرئاسة الدولة مثلا أو غيرها من المناصب الأخرى، أم فرديا كقيادة السيارة و الطائرة و نحوها. و من الواضح أن تصدي المرأة للأعمال المذكورة لا يتطلب منها السفور و عدم الحفاظ على كرامتها الإسلامية كامرأة مسلمة، بل محافظتها عليها في حال تقلدها لمناصب كبيرة في الدولة تزيد من شأنها و قيمتها و مكانتها الاجتماعية و صلابتها في العقيدة و الإيمان. و الخلاصة:إن المرأة المسلمة إذا كانت قوية في إرادتها، و صلبة في عقيدتها و إيمانها بالله تعالى، و محافظة على شرفها و كرامتها، فلها أن تتصدى لكافة المناصب المشار إليها في السؤال الأول، و لا فرق من هذه الناحية بين الرجل و المرأة. هذا كله في الحكومات غير الشرعية، سواء أ كانت في البلاد الإسلامية أم في غيرها. و أما إذا كانت الحكومة شرعية، بأن تكون قائمة على أساس حاكمية الدين فهي تختلف عن الحكومة
غير الشرعية، فإن السلطة الحاكمة في الحكومة الشرعية متعينة من قبل الله تعالى وحده لا شريك له، إما بالتنصيص بالاسم و الشخص، كما في زمن الحضور أو بالصفات، كما في زمن الغيبة، بينما السلطة الحاكمة في الحكومة غير الشرعية إما إنها متعينة بالانتخابات العامة الحرة، أو مبتنية على القوة و القهر. و من هنا تكون للسلطة الحاكمة في الحكومة الشرعية سلطة واسعة في تنفيذ الدستور الإلهي و تطبيقه على كافة الاتجاهات: من الاتجاهات الاقتصادية و السياسية و الحقوقية و العدالة الاجتماعية و الثقافية و الأمنية و غيرها. ثمّ إن الفرق المذكور بين الحكومتين الشرعية و غير الشرعية إنما هو على أساس مذهب الشيعة الإمامية، فإن الحكومة على ضوء هذا المذهب إنما تكون شرعية إذا كانت قائمة على أساس أن مبدأ الحاكمية لله عز و جل، و إلا فهي غير شرعية فإذا كانت الحكومة شرعية فلا محالة يكون تعيين السلطة الحاكمة فيها من قبل الله تعالى، سواء أ كانت في زمن الحضور أو في زمن الغيبة، إذ كما أن ولاية الرسول الأكرم (ص) و الأئمة الأطهار (ع) تكون من قبل الله عز و جل، كذلك ولاية الفقيه في زمن الغيبة. و الخلاصة: أن الولاية و الخلافة سواء أ كانت في زمن الحضور أم في زمن الغيبة على ضوء مذهب الشيعة لا بد أن تكون مجعولة و منصوبة من قبل الله عز و جل، و أما إثباتها بالإجماع و آراء الناس فهو لا يمكن، و لا قيمة للإجماع في هذه المسألة. و أما على أساس مذهب أهل السنة فالثابت من قبل الله تعالى عندهم إنما هو رسالة الرسول الأكرم (ص) فقط، و أما خلافة الخلفاء و ولايتهم فإنما هي ثابتة بالإجماع و آراء الناس، لا بنص من الله تعالى، و على هذا الأساس فكل حاكم في البلاد الإسلامية إذا ثبتت حكومته على الناس و ولايته بآرائهم و اختيارهم فهو ولي أمر المسلمين، و حكمه نافذ و حكومته حكومة شرعية. و هذا هو الفارق بين مذهب الشيعة و مذهب أهل السنة. هذا من جهة.
إذا توفرت كافة شروط هذا المنصب فيها من الفقاهة و الأعلمية و العدالة و الاستقامة و القدرة التنفيذية للدستور الإلهي ؟
إن أكثر الفقهاء العظام لا يقولون بالثبوت.
القضاء في الإسلام هو فصل الخصومة بين المتخاصمين و إنهائها على طبق الموازين المقررة في الشرع. و القاضي الشرعي المنصوب من قبل الله تعالى هو من له الولاية شرعا على تطبيق الأحكام الشرعية، و إجراء الحدود، و إقامة التعزيرات، و خصم النزاعات و المرافعات بين المسلمين، و أخذ حقوق المظلومين من الظالمين بأي كيفية أتيحت له شرعا بغاية الحفاظ على مصالح المؤمنين الكبرى و هي العدالة الاجتماعية و خلق التوازن. و بكلمة إن ما هو ثابت في الإسلام للنبي الأكرم (ص) و الإمام (ع) مرتبطا بالدين الإسلامي في مرحلة تطبيق الشريعة، و إجراء الحدود، و الحفاظ بما يرى فيه مصلحة، فهو ثابت للفقيه الجامع للشرائط أيضا، على أساس أن الزعامة الدينية تمتد بامتداد الشريعة الخالدة، و لا يحتمل اختصاصها بزمن الحضور، لأنه لا ينسجم مع خلود هذه الشريعة. أجل أن الزعامة في زمن الرسول الأكرم (ص) متمثلة في الرسالة و في زمن الأئمة المعصومين (ع) متمثلة في الإمامة، و في زمن الغيبة متمثلة في الفقاهة للفقهاء الجامعين للشروط منها الأعلمية. غاية الأمر إن زعامة الفقهاء في زمن الغيبة في طول زعامة الرسول (ص) و الأئمة (ع) في زمن الحضور، و دونها مرتبة و كمالا كما ذكرناه في محله.
أن أكثر الفقهاء يقولون بالتخصيص و عدم العموم. و أما القضاء العرفي بين الناس الذي لا يكون مبنيا على ثبوت الولاية و الزعامة الدينية للقاضي، فلا فرق فيه بين الرجل و المرأة.
يظهر جوابه مما تقدم، سواء أ كان القضاء قضاء شرعيا أم عرفيا.
يجوز للمرأة أن ترشح نفسها للدخول في البرلمان أو في سائر المجالس النيابية شريطة أن تحافظ على كيانها الإسلامي و كرامتها كامرأة مسلمة.
نعم لا مانع.
نعم لا مانع.
نعم لا مانع.
نعم لا مانع
إذا كانت الإجابة على السؤال الأول إن الاستخلاف الإلهي في المسئولية التنفيذية للدستور الإلهي من خلال الحكومة الإسلامية يجوز للإناث كما للذكور تقلد المناصب المذكورة أو بعضها أرجو الإجابة على السؤال الثالث و الرابع و الانتقال على السؤال الخامس ؟
إن المناصب المشار إليها في السؤال لا تعتبر من الولاية العامة، لأن الولاية العامة ثابتة للرسول الأكرم (ص) و الأئمة الأطهار (ع) و الفقهاء في زمن الغيبة في الجملة. و قد تقدم أن الحكومات في الدول الإسلامية كافة ليست بحكومات شرعية، لأن الحكومات الشرعية قائمة على أساس مبدأ الحاكمية لله عز و جل، و السلطة الحاكمة فيها متعينة من قبل الله تعالى، كما مرت الإشارة إليها أنفا.
العدالة. الكفاءة و الخبرة النوعية بحسب الولاية.
و هذه شروط بالإمكان توافرها في المرأة كما في الرجل. هل إذا توفرت في المرأة المسلمة تستطيع بها أن تتقلد المناصب الخمس عشر المذكورة في السؤال الأول أو بعضها، أم يشترط بالإضافة لها توفر شرط الذكورة فيحرم على المرأة تقلدها في الدولة الإسلامية ؟ و لما ذا ؟ نرجو توضيح ذلك بالأدلة الإسلامية ؟
إن أكثر فقهاء الطائفة من المتقدمين و المتأخرين لا يقولون بالولاية العامة للفقيه الجامع للشرائط منها الأعلمية، و القائل بها بينهم قليل. و أما من يقول بها للفقيه فإنما يقول إذا توفرت شروطها فيه كالأعلمية و العدالة و الكفاءة، و أما ثبوت هذه الولاية للمرأة المسلمة فقد مر الكلام فيه فلاحظ.
و هي السلطة التنفيذية، و وصف المؤمنين فيها بالذين تمكنوا من السلطة هو وصف للجهاز الحاكم و السلطة التنفيذية. وظيفة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الاجتماعية تحتاج إلى القدرة و السلطة: كجمع الصدقات و الموارد المالية، و تقسيم المال بين المسلمين بعدالة، و هي أمور تدخل في التنظيم الاقتصادي على المستوى العام للمجتمع.
في خطاب الآيات القرآنية و الأحاديث الشريفة ؟
و ما الدليل على ذلك ؟
إن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر فريضة إلهية واجبة على الكل بلا فرق بين الرجل و المرأة. و أما اختصاص هذه الفريضة بالرجل دون المرأة فهو غير محتمل كاختصاص سائر الفرائض الإلهية، لأن المرأة أيضا معنية بخطاب الآية المباركة و الأحاديث الشريفة، فإن اختصاص حكم في الشريعة المقدسة بطائفة دون أخرى منوط بتحقق موضوعه في هذه الطائفة دون الأخرى، كأحكام الحيض و الاستحاضة و النفاس و ما شاكلها، حيث إن اختصاصها بطائفة النساء من جهة اختصاص موضوعها بها، و إلا فأحكام الشريعة مشتركة بين الجميع. فإذن وجوب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر كوجوب الصلاة و الصيام و الحج و نحوها، و لا مقتضى للاختصاص، و مجرد أن الخطابات القرآنية موجهة إلى الذكور لا يدل على الاختصاص. أما أولا: فلأن الأحكام الشرعية المجعولة في الشريعة المقدسة لا يحتمل اختصاصها بطائفة دون أخرى تطبيقا لقاعدة الاشتراك في التكليف لأهل شريعة واحدة. و ثانيا: إن الخطابات القرآنية بحسب النوع موجهة إلى الناس أو الإنسان، و هو يعم الرجل و المرأة هذا من ناحية. و من ناحية أخرى إن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر ذات مراتب، منها أن يكون باللسان، و لا يعتبر فيه أن تكون لدى الآمر و الناهي سلطة تنفيذية، فمن كان قادرا عليه و لو بالنسبة إلى عائلته فقط وجب. و إذا كان الجواب أنها معنية بذلك:
تقدم جوابه في السؤال الأول فراجع.
أقول: إن هذا الفرض مبني على الخلط و عدم التمييز بين الدولة القائمة على أساس
مبدأ حاكمية الدين، و الدولة غير القائمة على هذا الأساس، فان السلطة الحاكمة في الأولى منتخبة و متعينة من قبل الله تعالى. و أما في الثانية فهي منتخبة من قبل الشعب، أو مبنية على الحكم بالقهر و الغلبة. و يتفرع من هذا المبدأ (عدة أسئلة:
تشكيل الدولة القائمة على أساس حاكمية الدين في زمن الغيبة مبني على أساس سلطة الحاكم الشرعي على أوضاع البلد بكافة اتجاهاتها من السياسية و الاقتصادية و العسكرية و الأمنية و الاجتماعية و الثقافية و نحوها، و أما إذا لم تكن له هذه السلطة الكافية فليس بامكانه تشكيل الدولة على أساس مبدأ حاكمية الدين، فإذن لا محالة يكون تشكيلها بالانتخاب و آراء الناس، و لكن مع هذا لا تسقط عنه وظيفته و مسئوليته أمام الله تعالى، فان واجبه في هذه الحالة أن يقوم بدعوة الناس و المسئولين إلى تشكيل دولة تحكم فيها الشريعة و لو في ظل الحاكم المنتخب من قبل الشعب، و المنع عن تشكيل دولة علمانية قائمة على أساس اللادينية، هذا من جانب. و من جانب آخر، إن على العلماء بمختلف أصنافهم أن يقوموا في مثل هذه الدولة بنشر الوعي الإسلامي بين الناس كافة و الوقوف ضد كل غزو فكري أجنبي، بكل الوسائل و الطرق المتاحة، و تزويدهم بالأفكار الإسلامية و القيم الدينية و الثقافة الإنسانية، لان الوظائف الدينية في الإسلام المتمثلة في الإتيان بالواجبات الشرعية، و الاجتناب عن المحرمات الإلهية، ليست مجرد الخروج عن المسئولية أمام الله تعالى، بل مضافا إلى ذلك إنها تزود الناس بالأخلاق الحميدة و الملكات الفاضلة و تجهزه بغريزة الدين و قوة الإيمان، و هذا أمر محسوس وجداني، و التجربة في ذلك أكبر برهان. و نتيجة ذلك هي أن أي مجتمع إذا كان متقيدا بالدين الإسلامي و أفكاره و تقاليده فهو يؤثر فيه و يجهزه بغريزة الدين، فإذا كان المجتمع مجهزا بها فبطبيعة الحال كان مجتمعا آمنا و متوازنا، و كل فرد فيه يعيش بلا خوف و لا قلق لا على نفسه و لا على عرضه و لا على ماله، و هذا هو معنى إن الدين الإسلامي مربٍ للبشر و يخلق الإنسان الكامل كالجبل الراسخ.
تقدم أن تشكيل الدولة الإسلامية على أساس مبدأ حاكمية الدين منوط بسلطة الحاكم الشرعي في تنفيذ الشريعة الإلهية، و إلا فالدولة غير إسلامية كما عرفت.
لا بأس بها سواء أ كانت في الدولة الإسلامية الشرعية أم في غيرها شريطة أن لا يكون خارجا عن دائرة الإسلام بأبعاده و اتجاهاته و مرافقه كافة.
أفراد الأمة الكفوئين ؟و عبر أجهزة الشورى و تشكيلاتها المختلفة ؟
إن هذا أمر ضروري في كافة أجهزة الدولة و مرافقها كانت الدولة إسلامية أم غيرها على تفصيل يأتي .
” وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. ” آل عمران / 104. الآية القرآنية تعبر عن فريضة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الاجتماعية، و التي ينبغي أن تقوم بها الأمة الإسلامية التي هي مصدر السيادة في الحكومة الإسلامية. كيف تعرفون الأمة ؟ و هل تصدي الأمة لفريضة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الاجتماعية تلك الفريضة الكفائية تستوجب استبعاد العناصر الأنثوية من المجموعة المتصدية حتى لو كان هؤلاء النسوة ممن يملكن العلم و الكفاءة الاختصاصية المطلوبة ؟
المراد من الأمة الجماعة، حيث أن الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر واجب على الكل كفاية، فإذا قام جماعة به سقط عن الآخرين، كما هو شأن كل واجب كفائي، كما أن المراد من الأمة الأعم من الرجال و النساء و لا فرق بينهما في التصدي لهذه الفريضة الاجتماعية المهمة .
و قد ذكرت الآية 12 من سورة الممتحنة بيعة النساء: ” يٰا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذٰا جٰاءَكَ الْمُؤْمِنٰاتُ يُبٰايِعْنَكَ عَلىٰ أَنْ لاٰ يُشْرِكْنَ بِاللّٰهِ شَيْئاً وَ لاٰ يَسْرِقْنَ وَ لاٰ يَزْنِينَ وَ لاٰ يَقْتُلْنَ أَوْلاٰدَهُنَّ وَ لاٰ يَأْتِينَ بِبُهْتٰانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لاٰ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبٰايِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللّٰهَ إِنَّ اللّٰهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ”
إلى الفريضة الفردية التي في إطار الموعظة الاجتماعية التي تستلزم القدرة و السلطة ؟
المراد بالمعروف في الآية الكريمة السنة التي سنها رسول الله (ص) فيكون ما سنه هو المعروف عند المسلمين. –
يظهر جوابه مما تقدم من أن المراد بالمعروف السنة التي سنها رسول الله (ص) لا فريضة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر. –
البيعة هي التعهد و التولية، و عقدها المبايعة بالخلافة، و هي معنى القبول و الإطاعة لها، فالآية تنص على أن الله عز و جل خاطب نبيه (ص) ((إِذٰا جٰاءَكَ الْمُؤْمِنٰاتُ يُبٰايِعْنَكَ .. فَبٰايِعْهُنَّ ..)) و المعنى ان المؤمنات إذا تولينك و بايعنك بإطاعتك، فأنت تقبل مبايعتهن بشروط كما في الآية فإذن ليس المراد منها عملية سياسية، بل عملية في دور الطاعة و الانقياد و الإيمان بالرسالة .
” وَ أَمْرُهُمْ شُورىٰ بَيْنَهُمْ ” و بمقتضى الآية: ” وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِنٰاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيٰاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ” التوبة / 71. التي تعبر عن فريضة الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر الفردية المنحصرة في إطار الموعظة. و بمقتضى عنوان التضحية و التواصي: “وَ تَوٰاصَوْا بِالْحَقِّ وَ تَوٰاصَوْا بِالصَّبْرِ ” العصر / 3. و بمقتضى وجوب اختيار الأكفأ إن وجد، و قد يكون الأكفأ امرأة في العلم و الفقاهة و الاجتهاد و العدالة و الاختصاص المطلوب. و بمقتضى مقياس تنوع الخبرات و الكفاءة النوعية لشئون الاسرة و الطفولة. –
إن سيادة الأمة على ضوء مذهب الإمامية تتحقق بقيام دولة على أساس مبدأ الحاكمية لله عز و جل،لا بالشورى أو آراء الناس، و عليه فبطبيعة الحال يكون تعيين السلطة الحاكمة فيها إنما هو بنص من الله تعالى بالاسم و الشخص، كما في زمن الحضور، أو الصفات المميزة، كما في زمن الغيبة، بينما تتحقق سيادة الأمة على ضوء سائر المذاهب الإسلامية بالشورى و آراء الناس لا بالنص، ما عدا رسالة الرسول (ص) فإنها ثابتة عندهم بالنص، هذا من ناحية. و من ناحية أخرى إن المشاورة بين أفراد الأمة الكفوئين و أجهزة الدولة و تشكيل الشورى من واجبات الدولة، لأن تبادل الأفكار و الخبرات العلمية و العملية، و المشاورة في الأمور الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية و الأمنية و الثقافية و التعليمية و غيرها أمر ضروري في كل دولة، سواء أ كانت شرعية أم لا، و لا فرق بين أن تكون أفراد الأمة الكفوئين من الرجال أو النساء، لأن تقلد المناصب الحكومية لا بد أن يكون بحسب الكفاءة و اللياقة،
سواء أ كان رجلا أم امرأة و عليه فيجوز للمرأة ترشيح نفسها لعضوية المجالس البرلمانية إذا كان عندها الكفاءة و اللياقة و الخبروية، سواء أ كانت في الدولة الإسلامية أم غيرها. –
يجوز توليها رئاسة اللجان البرلمانية. –
يجوز توليها رئاسة البرلمان.
و تضمن له جميع الحريات المسئولة، الحرية الشخصية و الفكرية و العقائدية و حرية التعبير و إبداء الرأي و الحرية السياسية و التي تعني أنه يستطيع إذا أراد أن يشغل المناصب الإدارية و يساهم في الأمور السياسية كالشورى و النصيحة و النقد و حرية التعبير في حدود القوانين الشرعية. – و الأصل العام في الإسلام المساواة بين الأفراد، و منها المساواة بين الذكر و الأنثى. فهل تستثنى المرأة من مساواتها بالرجل في ممارسة الحقوق و الحريات السياسية بأجمعها أو بعض منها ؟ و ما الدليل على ذلك من النصوص الصريحة القاطعة الدلالة ؟
لا تستثنى المرأة من مساواتها بالرجل في الحقوق الاجتماعية و الفردية و الفكرية و حرية التعبير، و إبداء الرأي، و الدخول في كافة الاستثمارات و الأنشطة المالية في الأسواق و البورصات العالمية و حيازة كافة الثروات الطبيعية و أحياء الأراضي البائرة و غيرها، كل ذلك في الحدود المسموح بها من قبل الشرع، فلا يسمح بالاستثمارات و الأنشطة الاقتصادية المحذورة المعيقة للقيم و المثل الدينية و الأخلاقية كالاستثمار بالربا و الاتجار بالخمور و الميتة و لحوم الخنزير، و المخدرات و الاحتكار و الغش و غير ذلك هذا
من جانب و من جانب أخر إن الدولة الإسلامية الشرعية تتكفل جميع الحقوق للإنسان المسلم و تقدم له الحرية بكل الاتجاهات و الأنشطة و لكن في الحدود المسموح بها شرعا لا مطلقا بأن لا تؤدي هذه الحرية إلى تفويت حقوق الآخرين و أن لا تعيق القيم و المثل الدينية و الأخلاقية كالكذب و الغيبة و نحوهما فإنه ليس حرا فيها و لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة.
إذا كانت الدولة غير إسلامية كالدول الأوربية مثلا، أو دول إسلامية لا تحكم بحكم القرآن مثل معظم الدول الإسلامية الحالية ؟
إن تصدي المرأة في الدولة القائمة على أساس مبدأ حاكمية الدين للسلطة الحاكمة، و منصب القضاء و الإفتاء فقط مورد إشكال عند الفقهاء كما تقدم دون التصدي لسائر المناصب فيها. و أما إذا لم تكن الدولة إسلامية فيجوز لها أن تتقلد كافة المناصب فيها بلا استثناء.
فإذا كان الناس مسلطين على أموالهم، بمعنى أنه لا يجوز لأحد أن يتصرف فيها إلا بإذنهم، فهم بطريق أولى مسلطون على أنفسهم فلا يجوز لأحد أن يتصرف في مقدراتهم و شئونهم دون إذنهم. فعلى قاعدة أن الناس مسلطون على أموالهم و أنفسهم، و المرأة إنسانة من الناس مسلطة على أموالها و نفسها، فلا بد أن تكون الدولة المتصرفة واقعة موقع رضاها ابتداءً من رئاسة الدولة الى السلطة التشريعية في انتخاب اعضائها. بناءً على ما تقدم هل يجيز الإسلام للمرأة الانتخاب: انتخاب رئيس الدولة، و أعضاء السلطة، و أعضاء السلطة التشريعية و سائر المجالس الانتخابية ؟
نعم يجوز للمرأة أن تشترك في انتخاب رئيس الدولة و أعضاء السلطة الحاكمة و أعضاء السلطة التشريعية و سائر المجالس الانتخابية كافة.
هل تعادل نصف شهادة الرجل كما هو الحال في بعض القضايا الاجتماعية و القضايا الفقهية ؟ أي أن تصويت المرأة في القضايا السياسية هل يتعين بصوت واحد أم بنصف صوت ؟
إن شهادة المرأة في جميع القضايا السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية تعادل شهادة الرجل، و لا فرق بينهما، و كذلك صوتها كصوت الرجل، و أما أن شهادة المرأة نصف شهادة الرجل فهي إنما تكون في موارد خاصة للنص الخاص في الشرع .
يقوم على خصائص الذكورة و الأنوثة، و على هذا الأساس أوجب على الرجل النفقة على زوجته و عياله و جعل له القوامة عليهم. فهل يصح قياس توزيع الأدوار في الحياة العامة على مقياس توزيعها داخل الأسرة الذي يقوم على الذكورة و الأنوثة، أم أنه لا يصح باعتبار كون الأسرة و الحياة العامة حقلين مختلفين و المقياس في توزيع الأدوار في كل منهما يختلف عن الآخر ؟
إن نظام الأسرة في الإسلام قد بني على أساس أن ثقل أدوار الحياة في داخل الأسرة بتمام عناصرها على الرجل دون المرأة للحفاظ على كيان المرأة و كرامتها و قيامها بأدوار التربية. و مع هذا لا يمنع الشرع المرأة من القيام بأعمال لا تنافي كرامتها و كيانها الإسلامي. و أما في الحياة العامة فلا فرق بين الرجل و المرأة في كافة أبعادها.
و هل تنحصر هذه الدرجة في الحياة الأسرية أم تنسحب أيضا على الحياة العامة ؟
إن المراد من الدرجة في الآية الكريمة المنزلة، حيث إن منزلة الرجل في داخل الأسرة هي أنه قوّام على المرأة، و معنى ذلك أن أمر المرأة بيده، فإنه متى شاء الاستمتاع بها ليس لها الامتناع. كما أن إطلاق سراحها بالطلاق بيده، و هذا الحكم مختص بداخل الأسرة،و بدل المنزلة الثابتة للرجل في نظام الأسرة أن للمرأة حقوقاً عليه كالنفقة بما يليق بشأنها و كرامتها و حالها من المسكن و الملبس و الأطعمة و الأشربة و المعيشة معه بسلام و أمن و غيرهما من الحقوق، و أما في خارج الأسرة فلا فرق بين الرجل و المرأة في جميع أدوار الحياة العامة و شئونها من الحياة السياسية و الاقتصادية و التعليمية و غيرها.
أم أنها تمتد الى قوامة الرجال على النساء في الحياة العامة بكافة شئونها ؟
إن قوامة الرجل على المرأة تقتصر في الحياة الأسرية، و أما في الحياة العامة، فلا فرق بينهما كما تقدم.
و ما معنى هذا النقص تحديداً إذا صحت هذه الأحاديث في نسبتها إلى الرسول صلى الله عليه و آله و سلم ؟ و كيف تكون ناقصة عقل و شهادتها مقبولة، و ذات أهلية مالية ؟ لما ذا لا يحجر عليها
في التصرف في الأمور المالية التي تخصها، أو على الأقل بعدم السماح لها بالتصرف إلا بإذن الزوج أو الولي ؟ هل لهذا النقص أثر يترتب عليه حرمانها من الحقوق و الواجبات السياسية في الحياة العامة ؟
إن الحديث غير معتبر فلا يصح نسبته إلى الرسول الأكرم (ص)، هذا إضافة الى أنه غير قابل للتصديق ضرورة أنه خلاف ما هو المحسوس و المشاهد في الخارج، لأن المشاهد و المحسوس فيه أن عقل المرأة لا يقل عن عقل الرجل في كافة الميادين العلمية التي للمرأة فيها حضور و وجود، هذا إضافة إلى أنه يظهر من الآيات و الروايات أنه لا فرق بين الرجل و المرأة في ذلك. و لعل هذا الحديث على تقدير اعتباره ناظر إلى أن طبيعة المرأة بحسب النوع حساسة و ذات مشاعر الحب ورقة القلب و الميل الى الزينة و الجمال أكثر من طبيعة الرجل، فلهذا قد تغلب هذه الإحساسات و المشاعر على عقلها و تفكيرها في الحياة العامة، لا أن كل امرأة كذلك، إذ قد توجد امرأة أكثر صلابة في إرادتها و قوة قلبها من الرجل، و لهذا تسمى بالمرأة الحديدية.
إن الحديث غير معتبر، بل غير قابل للتصديق لأن معناه أن المرأة بما هي مرأة لا تتمكن من إدارة البلاد و شئونها كافة، و أن ولايتها عليها تؤدي إلى سقوطها بتمام اتجاهاتها الحيوية، و هذا ليس إلا من جهة نقصان عقلها و قصور تفكيرها، و قد تقدم أن هذا خلاف الوجدان في كافة المعاهد العلمية و الساحات الاجتماعية التي للمرأة فيها حضور.
يظهر جوابه مما تقدم.
و هم قوم كسرى لما ولوا أمرهم لبنت كسرى بعد وفاته، و هي فتاة لا تعي من الأمور شيئا، أم قاله على نحو التشريع الذي يحرم على كل امرأة تولي الرئاسة العليا للبلاد ؟
قد عرفت أن الحديث مضافاً الى أنه غير قابل للتصديق، لم يثبت.
يظهر جوابه مما تقدم.
يظهر جوابه مما تقدم.
و التي تعني أنه إذا ما ورد لفظ عام على سبب خاص لم يقصر السبب بل يعم بعمومه ؟
يظهر جوابه مما سبق.
نعم إذا كان تمام سلسلة سنده إلى الإمام (ع) من الثقات.
نعم إذا كان تمام سلسلة سندها إلى الإمام (ع) من الثقات لا مطلقا من جهة و لم يكن مضمونها مخالفا للكتاب و السنة من جهة أخرى .
نعم إذا كانت مفيدة للاطمئنان و الوثوق.
إن أكثر الفقهاء (رض) قد ادعوا الإجماع على المنع عن تصدي المرأة لمنصب القضاء و الإفتاء و الولاية العامة في الدولة الإسلامية فقط و هي التي تقوم على أساس حاكمية الدين، و أما تصدي المرأة لمناصب أخرى فيها سواء أ كانت سياسية أم اقتصادية أم اجتماعية أم حقوقية أو غيرها فلا مانع منه و لا إجماع في البين. و أما حجية الإجماع فهي منوطة بكشفه عن ثبوته في زمن المعصومين (ع) و وصوله إلينا يدا بيد و إلا فلا دليل على حجيته بلا فرق في ذلك بين أن يكون الإجماع قوليا أو سكوتيا و أما سيرة المتشرعة فإن كانت في زمن المعصومين (ع) فهي حجة من جهة إمضاء المعصوم لها و إن كانت متأخرة عن زمن المعصومين (ع) فلا تكشف عن الإمضاء فلا تكون حجة و إذا كان الإجماع أو السيرة حجة فهو دليل على تشريع ثابت لا يتغير بتغير الزمان و المكان كالكتاب و السنة و ليس في الشريعة المقدسة أحكام موقّتة مختصة بزمن خاص أو أحكام مختصة بمكان خاص ضرورة أن الأحكام الشرعية تشريعات أبدية عامة للبشر كافة على وجه الكرة الأرضية بلا فرق بين الرجال و النساء و الأسود و الأبيض وقارة و أخرى و إنها ثابتة بنحو واحد و بشكل معين و محدد و لا يتغير بتغير الحياة العامة و تطورها وقتا بعد وقت و قرنا بعد أخر فإن الصلاة في عصر الحجر هي الصلاة في عصر الذرة و الفضاء، فإنها كما فرضت على الذي يقود الأشياء بقوة اليد و يحرث الأرض بمحراثه اليدوي كذلك فرضت على من يقود الأشياء بقوة الكهرباء و يزاول عملية تحريك الآلة بقوة الذرة لأن الصلاة التي يصليها من يقود الأشياء بقوة اليد و يحرث الأرض بمحراثه اليدوي هي نفس الصلاة التي يصليها من يقود الأشياء و يحركها بقوة الكهرباء فلا فرق بين الصلاة في عصر النبي الأكرم (ص) و الصلاة في هذا العصر و هو عصر الذرة و عصر الفضاء، لأنها لا تتطور بتطور الحياة العامة الطبيعية و كذلك سائر الأحكام الشرعية كالصيام و الحج و نحوها من الواجبات و المحرمات مثلا الكذب محرم في الشريعة المقدسة و هو
لا يتغير بتغير الزمان و المكان و لا يتطور بتطور الحياة العامة و كذلك الغيبة و السرقة و غيرهما، و النكتة في ذلك هي أن علاقة الإنسان بالعبادات علاقة معنوية روحية و هي لا تتأثر بتأثر الحياة العامة و لا تتطور بتطورها عصرا بعد عصر و قرنا بعد قرن لوضوح أن العبادات التي لها دور كبير في الإسلام علاقة بين العبد و ربه و هي علاقة روحية معنوية لا تتغير بتغير الزمان أو المكان و لا تتأثر بتأثر الحياة و تطورها بينما علاقة الإنسان بالطبيعة علاقة مادية تتأثر بتأثر الحياة العامة و تتطور بتطورها وقتا بعد وقت و لهذا تكون الحياة العامة في هذا العصر أكثر تطورا من الحياة العامة في العصور المتقدمة. و من هنا تكون للعبادات في الإسلام دور تربوي روحي و تقوي علاقة الإنسان بخالقه المطلق المبدع و هي الإيمان بالله وحده لا شريك له و توجب ترسيخ هذه العلاقة في النفوس فإنها تعالج الجانب السلبي من مشكلة الإنسان الكبرى، حيث إنها ترفض الضياع و الإلحاد و اللاانتماء و تضع الإنسان موضع المسئولية أمام الله تعالى في كافة اتجاهاته و تحركاته لأنها تتحكم بالإنسان و تهذب سلوكه في جميع مرافق حياته و تجعلها موافقة لمرضاته تعالى و تقدس و لهذا يكون دور العبادات في الإسلام دور الارتباط بالمطلق و ترسيخ هذا الارتباط و تقويته، و تربية الإنسان و جعله إنسانا عدلا مستقيما بحيث يرفض مشكلة الضياع و الانتماء من جهة و مشكلة الغلو في الانتماء و الانتساب من جهة أخرى و هي الوثنية و الشرك، فإن المشرك يحول ما ينتمي إليه في العبادات من الصنم المحدود إلى المطلق مع أنه لا حول له و لا قوة و لا شعور و مصنوع بأيدي الإنسان و هذا ناشئ من الجهل و الضلال و الغرور و ضياع الطريق من جهة و حس الحاجة إلى الارتباط بالمطلق في مسيرته و حركته من جهة أخرى و بسبب هاتين الجهتين يقوم بقلب الحقيقة و جعل ما ليس بحقيقة حقيقة مطلقة من خلال الأوهام و الأفكار الخاطئة المضلة التي تجعله أعمى بتمام المعنى و بتصويره إلها يعبد، و هل من المعقول أن يصل الإنسان إلى هذه الدرجة من الانحطاط يفقد عقله و شعوره و يجعل ما هو مصنوع بيده إلهاً.
فالعلاج الوحيد لهاتين المشكلتين و هما: مشكلة الضياع و الإلحاد و اللاانتماء، و مشكلة الوثنية و الشرك هو الإيمان بالله وحده لا شريك له الذي قدمته شريعة السماء إلى الإنسان على سطح الكرة الأرضية فإنه سيف ذو حدين فبأحدها يقطع دابر الإلحاد و بالآخر يقطع دابر الوثنية و الشرك. و هذا الإيمان (بالقادر المطلق) يضع الإنسان موضع المسئولية
أمام الله تعالى في مسيرته و حركته و سلوكه في كافة الاتجاهات من الاجتماعية و الفردية و العائلية و الدينية و التعليمية و غيرها و يهذب سلوكه إلى الطريق المستقيم و العدل و يبعده عن التصرفات اللامسئولة و المنحرفة و السلوكيات غير المستقيمة المعيقة للقيم و المثل الدينية و الأخلاقية و يستمد حركته و مسيرته في الكون من الكتاب و السنة و يطلب العون من الله تعالى لأنه القادر المطلق فدور الإيمان بالله دور ارتباط الإنسان بالمطلق و دور الاستقرار و الطمأنينة في النفوس و دور الهداية و عدم الضياع و دور اعتماد الإنسان المؤمن في كل مرحلة من مراحل مسيرته الطويلة الشاقة. و أما في الدولة غير الإسلامية و هي التي لا تقوم على أساس مبدأ الدين سواء أ كانت في البلاد الإسلامية أم كانت في غيرها فيجوز للمرأة أن تتصدى كل منصب من المناصب الحكومية بلا استثناء حتى رئاسة الدولة.
أم أنه إجماع في مساحة الأحكام غير الثابتة و لا يصح أن يكون دليلا لزمان و مكان أخر ؟
ب / ج: يظهر جوابهما مما تقدم.
لا يمكن الاعتماد على القياس في استنباط شيء من أحكام الشريعة على أساس أن الأحكام الشرعية تابعة للملاكات الواقعية، و لا طريق لنا إليها. و القياس في كل مورد منوط بإحراز الملاك في المقيس عليه، و هو غير ممكن في الأحكام الشرعية، فلهذا لا موضوع للقياس فيها، و من هنا ورد الشجب و الاستنكار للعمل بالقياس في الروايات، منها قوله (ع): (السنة إذا قيست محق الدين) و هكذا.
يظهر مما تقدم من أنه لا يجوز العمل به إطلاقا .
تقدم أنه لا فرق بين الرجل و المرأة في النظام الإسلامي العام بكافة أشكاله و ألوانه من العقائدي و العملي و السياسي و الاقتصادي و الحقوقي و غيرها ما عدا المناصب الثلاثة المشار إليها آنفا عند أكثر الفقهاء.
إن منشأ هذا الاختلاف اختلاف الظروف و المحيط، لا أن واجبات المرأة في الشريعة المقدسة في عصر الرسالة تختلف عن واجباتها في العصور المتأخرة ضرورة إن الأحكام الشرعية الثابتة في الشريعة المقدسة للرجال و النساء على السواء أحكام خالدة لا يمكن أن تتغير بتغير الزمان و الحياة العامة الطبيعية لأن تلك الأحكام علاقة معنوية و روحية بين العبد و ربه، و لهذا لا تتأثر بتأثر الحياة و تغيرها و تطورها عصرا بعد عصر، و قرنا بعد أخر فان الصلاة هي الصلاة منذ عصر البعثة، فلا تتغير بتغير الزمان و مرور الوقت لأن من يحرك الأشياء بقوة اليد يصلي و من يحرك الأشياء بقوة الذرة يصلي نفس الصلاة، و النكتة ما عرفت من أنها علاقة روحية معنوية بين الإنسان و ربه، لا تتأثر بتأثر الحياة العامة و تطورها، بينما علاقة الإنسان بالطبيعة علاقة مادية تتأثر بتأثر الحياة و تتطور بتطورها وقتا بعد وقت و قرنا بعد قرن، و لهذا لا يمكن القول بأن واجبات المرأة في صدر الإسلام تختلف عن واجباتها في هذا العصر.
ج) أم أنه بسبب الفهم الضيق للآيات و الروايات بخصوص دور المرأة ؟ د) أم أن الإسلام واقعا لا يقر للمرأة واجبات و حقوق سياسية ؟
ب / ج/ د / يظهر الجواب مما تقدم من انه لا فرق بين الرجل و المرأة، و لا موضوع لهذه الأسئلة حينئذ.
إن فهم الفقهاء الأحكام الشرعية من النصوص التشريعية المتمثلة في الآيات القرآنية و الأحاديث الشريفة لا يتأثر بالظروف السياسية و الأوضاع الاجتماعية المتغيرة. و النكتة في ذلك أن قيامهم بعملية استنباط الأحكام الشرعية إنما هو بتطبيق القواعد الأصولية العامة على عناصرها الخاصة، و هذا لا يرتبط بالظروف السياسية و الأوضاع الاجتماعية و الثقافية. نعم قد يخطأ الفقيه في تكوين القواعد العامة في الأصول نظريا، و قد يخطأ في تطبيقها على عناصرها الخاصة في الفقه، و منشأ هذا الخطأ أحد أمور: الأول: المقدرة الفكرية الذاتية، فإن لاختلاف الفقهاء في تلك المقدرة أثراً كبيراً في تحديد القواعد و النظريات العامة و تكوينها بصيغة أكثر دقة و عمقاً و تطبيقها على عناصرها الخاصة كذلك. الثاني: المقدرة العلمية بصورة مسبقة، فإن لاختلاف الفقهاء في تلك المقدرة العلمية أثرا بارزا في تكوين القواعد العامة بصيغة أكثر صرامةً و أدق تحديداً و كذلك في تطبيقها. الثالث: غفلة الفقهاء أحياناً خلال دراسة تلك القواعد النظرية المعمقة و ممارستها عما يفرض دخله في تكوينها أو تطبيقها. الرابع: اختلاف ظروفهم الحياتية و البيئية التي يعيشون فيها، فإنه قد يكون منشأً للخطأ، و لكنه نادر. فالنتيجة: إن الظروف السياسية في البلد و الأوضاع الاجتماعية العامة لا تؤثر في فهم الفقهاء و استنباطهم الأحكام الشرعية من القواعد العامة الأصولية.
تقدم أن أكثر الفقهاء يقولون بأن المرأة لا تتولى هذا المنصب.
أم يتوجه الخطاب بها ليشمل سائر نساء المسلمين؟
إن هذه الآيات مختصة بنساء النبي الأكرم (صلى الله عليه و آله و سلم).
كالمضاجعة و الخروج من المنزل بإذن الزوج مع الحقوق السياسية و الاجتماعية للدولة الإسلامية هل تقدم الحقوق الزوجية أم حقوق الأمة و الدولة الإسلامية ؟
إن حق الزوج على الزوجة الاستمتاع بها متى شاء و في أي وقت أراد، و لا يحق للزوجة الامتناع و الخروج من البيت المنافي لهذا الحق و ليعلم أن ثبوت هذا الحق للزوج على الزوجة إنما هو بالمقدار المتعارف الاعتيادي و هذا المقدار لا ينافي توظيف المرأة و خروجها من البيت بمقدار ستة ساعات أو ثمانية باعتبار إن الرجل نوعا يخرج من البيت بهذا المقدار في نفس الوقت. و إما إذا كانت المطالبة من باب العناد و المنع من التوظيف فهل تجب على المرأة الإطاعة ؟ فيه وجهان و لا يبعد عدم الوجوب، هذا نظير ما إذا طلب من المرأة الاستمتاع طول (24) ساعة فان إطاعته غير واجبة في هذا الفرض لانصراف الأدلة عن مثل هذه الفروض نعم لو كانت الوظيفة واجبة على المرأة في الدولة الإسلامية من قبل ولي الأمر لمصلحة عامة فلا يحق لزوجها أن يمنعها من الوظيفة و ان كانت منافية لحقه و إلا فالوظيفة غير واجبة على المرأة حتى تصلح أن تزاحم الواجب. نعم لو كانت المرأة موظفة في الدولة كأن تكون معلمة أو متصدية لمنصب
من المناصب فيها، و أقدم الرجل على الزواج بها على الرغم من أنها موظفة، و قبلت المرأة شريطة أن تبقى في الوظيفة و جرى العقد بينهما على هذا الشرط، فلا يحق للرجل حينئذ أن يمنعها من الوظيفة ، أو أن المرأة اشترطت على الرجل في ضمن عقد الزواج التوظيف في الحكومة، فإذا رضي الرجل بالعقد كذلك، و جرى العقد بينهما على هذا الشرط، فليس له أن يمنعها من ذلك، و إما المضاجعة فهي حق الزوجة على الزوج لا العكس.
إن للمرأة أن تشرط على الرجل في ضمن عقد النكاح شروطا، فإذا رضي الرجل بها و جرى العقد بينهما على هذه الشروط وجب عليه الوفاء بها.
تحديد مدة غياب الزوج عن زوجته. – العطاء للمولود الذي فطمته أمه و ليس قبل ذلك، ثمّ العدول عن ذلك إلى قانون العطاء لكل مولود.
نعم يجوز تحديد المهور إذا رأى الحاكم الشرعي فيه مصلحة عامة باعتبار أنها غير محددة في الشريعة المقدسة، و كذلك له تحديد غياب الزوج إلى مدة معينة إذا رأى فيه مصلحة كذلك. و أما تغيير الحكم الشرعي فهو ليس من صلاحية الحاكم الإسلامي مهما كانت مرتبته و مقامه حتى النبي الأكرم (ص) فليس له ذلك، لأنه بمقتضى الآية الكريمة ((وَ مٰا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوىٰ إِنْ هُوَ إِلاّٰ وَحْيٌ يُوحىٰ)) ليس له هذا الحق .
تقدم أنه يجب على المرأة المسلمة الحفاظ على كرامتها و شرفها و عفتها و نجابتها و حجابها كمرأة مسلمة مؤمنة في كافة الحالات و الاتجاهات من الاجتماعية و الفردية و العائلية و السياسية و الاقتصادية و التعليمية و ما شاكلها كما أنه يجب على الرجل المسلم أيضا الحفاظ على كرامته و شرفه و عزته و دينه كرجل مسلم و مؤمن في تمام الحالات السياسية و غيرها و لا فرق بين الرجل و المرأة من هذه الناحية كما أن على كل من يتقلد منصباً من المناصب الحكومية إسلامية كانت أم غيرها أن يكون هدفه من وراء ذلك خدمة الإسلام و المسلمين و البلد بمختلف جهاته لتحقيق الأمن و الاستقرار و العدالة الاجتماعية و التوازن لا أن يكون هدفه الكرسي و الوصول إلى المصالح الشخصية و لو بذبح المصالح النوعية الاجتماعية و لا فرق في ذلك أيضا بين الرجل و المرأة. 6 / شوال / 1424 ه محمد إسحاق الفياض
بسم الله الرحمن الرحيم
1. معالجة مشكلة المعاملات الربوية في البنوك و المؤسسات النقدية، و تحويلها نظريا إلى المعاملات المشروعة في الإسلام. 2. تطبيق هذه النظرية مرتبطة بالعناصر التالية: 1) عملية التحويل لا تقلل من دور البنوك في طبيعة الحياة الاقتصادية، و نشاطاتها في الحركة التجارية و فوائدها. 2) عملية تطبيق وظيفة المسلمين ككل بحكم اعتقادهم بالإسلام و مسئوليتهم أمام الله تعالى. 3) عملية التطبيق تدل على أصالة المسلمين و استقلالهم في تشريعاتهم المستمدة من الكتاب و السنة. 3. الخدمات البنكية التقليدية في مختلف جوانب الحياة الاقتصادية للإنسان الاجتماعية و الفردية، و تخريج هذه الخدمات من الناحية الشرعية. 4. الأسهم و السندات: و هي متمثلة في الأوراق المالية التي تصدرها الشركات المساهمة بقيمة اسمية محددة، و تتغير أسعارها كسائر السلع، و تخريج أحكام تداولها من الناحية الشرعية. 5. التعامل في الأسواق المالية (البورصات) و حكمه من وجهة النظر الشرعية.
بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على محمد و آله الطيبين الطاهرين
هدف هذه الرسالة:الحصول على فتواكم بخصوص عملي (وضعي الخاص) في المصرف، بعد اطلاعكم على النقاط المدرجة أدناه.
أنا على علم بالحكم الشرعي بخصوص العمل المصرفي، و الذي أبنيه على فتوى السيد الخوئي (قدس سره) بحرمة العمل في البنك، إذا كان له علاقة بالربا. فأنا لست بصدد الحكم الشرعي العام، و لكني بصدد فتواكم في وضعي الخاص، في البيئة الجديدة للعمل المصرفي، في ظل الظروف الحالية التي نعيشها في المنطقة مع مراعاة:
أ) طبيعة عملي. ب) البيئة الجديدة للعمل المصرفي.5) بنوك باسماء أخرى. 6) حاجتنا لمصرفيين إسلاميين. 7) ظروف الحصول على وظيفه في المنطقة. 8) علاقة العمل البعيد عن الربا.9) أعمال أخرى في البنك.
تخصصي هو الحساب الآلي، و أعمل حاليا في قسم نظم المعلومات، و أنا مدير لبعض من الفنيين و المشغلين لأجهزة و برامج الحاسب الآلي، و عملي هو إدارة هؤلاء الأفراد لتقديم خدمات فنّيّة متعلقة بتركيب و تشغيل هذه الأجهزة لموظفي و عملاء البنك هذه الأجهزة تشغل برامج تحسب الفائدة و برامج كثيرة ليس لها علاقة بالفائدة بل بالعكس، فقد أجزم ان معظم الاجهزة لا تستخدم لأغراض ربوية بل تستخدم لبعث الرسائل الالكترونية أو لطباعتها، أو لتحضير جداول أو خلافه. مثلي بإمكانه القيام بنفس الأعمال في شركة الكهرباء أو في مستشفى، لا يتغير إلا اسم الشركة . ليس لي أي علاقة مباشرة بالربا.
مصارفنا في المنطقة لا تقوم فقط باعمال ربوية، بل تقدم من الخدمات غير الربوية، و هذه المعاملات غير الربوية تمثل نسبة من إجمالي عمليات المصارف اليومية و كذلك اجمالي ارباح المصارف، و التالي أمثلة على هذه الخدمات:
لعب دور الوسيط بين تاجرين في بلدين مختلفين لاستلام البضائع و تسليم الاموال.
اصدار خطاب ضمان لتاجر معين حتى يعرف في السوق التجاري.
اصدار خطاب كفالة لمقاول يضمن البنك حفظ بعض من ماله لصاحب المشروع حال اخلال المقاول بالمواصفات المتفق عليها.
يوفر البنك أجهزة آلية تعمل على مدار الساعة لصرف النقود. فبإمكان المؤمن ان يسحب من حسابه الخاص من أي جهاز في اي مكان في العالم بالعملة المحلية للبلد الذي هو فيه.
و هي أجهزة آلية تمكن مستخدمها شراء احتياجاته من المتجر مثلا و الدفع باستخدام بطاقة بلاستيكيه.
و يوجد الكثير من الخدمات الأخرى و التي ليس لها أي علاقة مباشرة بالربا و لكن يقتطع البنك مبلغا معينا باتفاق الطرفين، البنك و طالب الخدمة اذن مصارف اليوم هي شركات خدمات، تبيع خدماتها لمن يطلبها و كذلك يقوم المصرف باعطاء القروض واخذ الفوائد عليها فينبغي ان يؤخذ بعين الاعتبار هذه الخدمات غير الربوية. فاذا قلنا بان البنك يقدم ثلاثين خدمة لعملائه، و ليس منها إلا ثلاث تتعلق بالفائدة، أ لا يحسن بنا ان نغير مفهومنا للعمل المصرفي. بعبارة اخرى ان الصورة الراسخة في اذهان الناس على ان البنك لا يتعامل الا بالربا ليست صحيحة، بل هناك خدمات كثيره لا تتعلق بالفائدة الربوية، و المصارف اليوم تعمل جاهدة لزيادة الخدمات غير الربوية و زيادة ايراداتها.
يتواجد عندنا في منطقتنا (و في العالم أيضا) شركات تتعامل بالاستثمار، او بالمتاجرة تقوم بما يقوم به البنك، فما هو حكم العمل بهذه الشركات ؟ بل يوجد شركات تتعامل ظاهرا في اعمال غير مصرفية مثل شركات بيع المرطبات أو شركات النفط، و يكون لها قسم خاص يسمى بالخزينة، وظيفته ادارة اموال الشركة و الحصول على التمويل المالي لمشاريعها، مثل اصدار سندات ذات فائدة ثابتة للاقتراض من عامة الناس، أو الاستدانة من طرف بنسبة ما و اقراض نفس المبلغ لطرف آخر بنسبة اعلى، واخذ الفائدة المتمثلة في الفارق بين النسبتين، من ضمنها المصاريف الادارية. فهل العمل في مثل هذه الشركات جائز ؟
مع اني لست مصرفيا بل خبير حاسب آلي، الا انه لا يخفى على سماحتكم بان القوة الاقتصادية و للأسف هي التي تسير حركة عالمنا اليوم. فالمصارف تمثل البنية الاساسية في الاقتصاد و ادارة الأموال، و القائمون عليها ربما يؤثرون على مسيرتها حسب رغباتهم و توجهاتهم. و للأسف لا يوجد عندنا نحن المؤمنين الكثير من العلماء المتخصصين في علم الاموال و المصارف التجارية كما يعرفه الغرب او كما يعرفه العالم و نحن جزء من هذا العالم، فهو علم يتجدد و يتغير حسب تغير المعاملات التجارية. فانتم على علم بمعاهدة التجارة الدولية و كل دولة لا تشارك فيها سيضيق عليها الخناق اقتصاديا، و الدول الاوربية وحدت عملتها لمواجهة التحديات المالية القادمة و اليهود و للأسف هم اساتذة فنّ ادارة الاموال فتراهم مثلا يستغلون الظروف الاقتصادية المرتبطة بامور سياسية للتحكم في سياسات دول أخرى و أنا لا أقلل من معرفة فقهائنا في احكام المعاملات المصرفية و الاتحادات التاجرية و لكن انى لهم معرفتها اذا لم تنقل لهم عن طريق ابنائهم المؤمنين الثقات. فهل ترون سماحتكم الحاجة لأن يكون هناك مؤمنون يعملون في القطاع المصرفي ؟ هؤلاء ليسوا ربويين، بل لا توجد لديهم حسابات توفير، و خسروا الكثير من التطور الوظيفي بسبب عدم رغبتهم بالقيام بأعمال ربوية، و هم ملتزمون بالأحكام الشرعية و لهم نشاطات في خدمة المجتمع. و أحد الأمور التالية قد يكون سببا لعملهم في المصارف: 1) طلب الرزق. 2) نقل مستجدات التغيير في الاعمال المصرفية لسماحتكم. 3) تقديم الاستشارات المالية لعموم المؤمنين و تنبيههم لما قد يؤدي بهم إلى الربح أو الخسارة في المعاملات الدولية. 4) عدم ترك الفرصة لغير المسلمين في التحكم في ثروات بلادنا بإعطاء توصيات خاطئة للمسئولين. 5) الاهتمام بأموال المؤمنين. و من يوجد اليوم من يحفظ رأسماله في بيته. بل حتى رواتب الحوزات العلمية تحفظ بالبنوك، أ ليس الأجدر أن يقوم المؤمنون بإدارة أموالهم. 6) قد يكونون هؤلاء هم البذرة في تكوين المصرف الإسلامي المثالي، و الذي نبحث
عنه جميعا، فللأسف يندر في المنطقة اليوم ما يمكن أن يطلق عليه المصرف الإسلامي المثالي، و إنشاء مثل هذا المصرف يحتاج إلى كفاءات تعرف النظام البنكي العالمي و المعاملات الدولية.
صعب مؤخرا على مثقفينا الحاصلين على شهادات جامعية و في تخصصات تقنية مثل علوم الكمبيوتر و الهندسة الكهربائية الحصول على وظيفة مناسبة لمؤهلاتهم في قطاعات معينة، حيث يوجد طلب لمثل هؤلاء في البنوك. عمل هؤلاء لا يختلف في البنك عن عملهم في قطاعات أخرى لو حصل لهم. فقد يتخرج الشاب و لا تتوفر له شيء من متطلبات الحياة و العصر التي أصبحت شبه ملحة، و لا يوجد وظيفة لمدة سنة أو أكثر إلا في البنك. فما ذا يصنع ؟ أ يجلس عاطلا عن العمل يعوله أباه و الذي كان ينتظر طويلا مساعدة ابنه ؟ لقد مر ببعض من الملتزمين الكثير من الضغوط النفسية و الأسرية و الاجتماعية التي دعتهم لكره انفسهم و اعتزال الناس و احسوا بانهم عالة على المجتمع و تأسفوا لزواجهم المبكر و تأسفوا لانجابهم الاطفال في سن مبكرة لعدم قدرتهم على اعالتهم ؟ فاذا لم يجد مثل هؤلاء غير البنك للعمل فيه. هل يجلسون عالة في بيوتهم، أم يعملون في البنك في اعمال غير ربوية مباشرة ؟
حسب ما فهمت من فتوى السيد الخوئي (قدس سره) بأنه يرى حرمة العمل في البنك ان كان له علاقة بالربا من قريب أو بعيد. و عسى ان افهم العلاقة الربوية القريبة مثل مسئول القروض و الذي يحدد الفائدة، أو الكاتب للفائدة، أو من يحصل الفائدة، لكني لا أفهم العلاقة البعيدة . فهل يوجد على وجه المعمورة من لا يتعامل مع البنك. فالموظف عندنا يستلم راتبه عن طريق البنك، و المزارع يودع أمواله في البنك . و كل من له علاقة بالبنك له علاقة بالربا من بعيد. الدولة هنا تستثمر أمواله في بنوك محلية و خارجية تتعاطى الربا و تجني منها الارباح و تصرف من هذه الارباح رواتب الموظفين و الاطباء و المهندسين، هؤلاء الموظفون يعلمون بان رواتبهم تصرف من الدولة عن طريق البنوك، لكنهم لا يعلمون جزما ان كانت مصادر رواتبهم ربويه ام لا، فالاموال مختلطه و مشتركه ربوية و غير ربوية فليس لهؤلاء الموظفين علاقة بعيدة بالربا ؟ و ما الفرق بينهم و بين العاملين في البنك ان كانوا جميعا (في الدولة أو في البنك) يتعاملون مع آلات و اجهزة ؟ هلا وضح سماحتكم هذه العلاقة البعيدة ؟
يوجد في البنك عمال متعاقدون عن طريق شركات اخرى لوظائف مختلفه مثل: مترجم، مزارع، مهندس تلفونات و خلافهم. دوامهم يوميا في البنك، و لكن تدفع رواتبهم عن طريق شركتهم بعد اخذها نسبة معينة. قد ينتهي عقد شركتهم مع البنك في اية لحظة. ما هو حكم عمل هؤلاء كمتعاقدين مع البنك ؟
وفقا للمفهوم الجديد لتعريف البنك و هو تقديمه خدمات أخرى غير ربوية كما مر في ضل ظروفنا الخاصة، و ظروف و مخاطر الاقتصاد العالمي.
الجواب: 1 ان المحرم شرعا من الخدمات المصرفية بوجه مطلق و قطعي هو القروض الربوية.
و الجواب: ان القروض الربوية محرمة شرعا على المقرض و المقترض و كاتبها و شاهدها و لا تتجاوز حرمتها عن حدود هؤلاء الاشخاص بعناوينهم الخاصة المحددة على اساس ان كل بيع موضوعه في الخارج و يدور مداره وجودا و عدما و على هذا فكل من كان يعمل في البنوك و المصارف و لا ينطبق عليه احد هذه العناوين الخاصة المحددة فلا يكون عمله محرما و ان كان مربوطا بالقرض الربوي بجهة من الجهات بدون ان يكون مصداقا له . و بكلمة أن كل من يكون شغله في البنوك و المصارف القروض الربوية، بان يكون عمله الاقراض او الاقتراض او كتابة ذلك و تسجيله في السجلات فانه محرم و أما من يكون شغله فيها سائر الخدمات البنكية التقليدية فلا يكون محرما 1) كبيع الأسهم و السندات المحلية و الدولية على تفصيل يأتي. 2) بيع و شراء العملات الأجنبية. 3) عملية عقد التأمين. 4) الحوالات الداخلية و الخارجية.
5) تخزين البضائع المستوردة و المصدرة 6) خصم الأوراق التجارية. 7) الاعتمادات التي تلعب دور الوسيط بين المصدر و المستورد. 8) الضمانات. 9) الكفالات. 10) الصراف الآلي. 11) بطاقات الائتمان. 12) و غيرها من الخدمات الجارية في المصارف و المؤسسات النقدية في العالم. و المعيار الكلي لذلك ان كل من عمل في البنوك و المصارف فان كان عمله القروض الربوية و كتابتها فهو حرام، و إن كان سائر الخدمات البنكية المشار إلى جل منها فهو جائز شرعا. و أما عمل عملاء البنوك و المصارف في تلك الخدمات قد ترتبط بالتصرف في أموالها، منها الفوائد الربوية كنقلها من مكان إلى مكان آخر أو حسابها أو المحافظة عليها و غير ذلك فهو جائز شريطة أن يكون ذلك مسبوقا بأذن من الحاكم الشرعي أو وكيله و ستأتي الاشارة الى هذه الخدمات البنكية تفصيلا و تخريجها شرعا. و بذلك يظهر حكم الوظيفة في الشركات الاستثمارية التي تقوم بما يقوم به البنك أيضا فان من تكون وظيفته في هذه الشركات عملية الاقراض و الاقتراض الربوي أو كتابة ذلك فهي محرمة شرعا و الا فلا باس بها. 2 لا شبهة في ان البنوك و المصارف النقدية من اهم و اكبر المؤسسات المالية في العالم ككل، و لها دور أساسي في تدعيم الحركات التجارية و الاقتصادية و توسيعها و تطويرها بشكل أكثر عمقا و حركة بمرور العصور و الاوقات، و لكن تاسيس هذه المؤسسات و المصارف و تطويرها و توسيعها في كل عصر بما يناسب ذلك العصر و تهيئة الكوادر الفنية لها و المتخصصين فيها ليس من وظائف علماء المسلمين و فقهائهم، بل هي من وظائف الدولة الإسلامية و رجال أعمال المسلمين و اصحاب الاختصاص في ادارة الاموال و المصارف التجارية عالميا و محليا، فان عليهم جميعا بحكم ايمانهم بالاسلام كعقيدة و مسئوليتهم أمام الله تعالى التحكم على ثروات البلاد بتاسيس المصارف و المؤسسات المالية و الشركات التجارية الخارجية و الداخلية
و ايجاد الشغل للناس المؤمنين و الشباب المثقفين و تهيئة الكوادر الفنية و المتخصصة و تحريك الحياة الاقتصادية في الاسواق الداخلية و الخارجية و الاستفادة من تجارب المتخصصين في الاقتصاد و استخدامهم في تشغيل الحياة الاقتصادية في البلاد و دخولهم في المعاهدات الدولية و الاتفاقيات الاقتصادية و تحريك الحركات التجارية في البلد لرفع مستوى معيشة الناس و ايجاد النشاط في الاسواق المالية، و تقديم التسهيلات بكافة اشكالها من التجارية و الزراعية و الصناعية و غيرها، و في ذلك خدمة لأنفسهم و في نفس الوقت يكون خدمة للناس المؤمنين بل خدمة للدين ايضا، فان أتاحة فرصة العمل امام الشباب المثقفين سد منيع عن انحرافاتهم السلوكية و اللااخلاقية و أما وظيفة العلماء فهي ارشاد الناس و بيان وظائفهم الشرعية في التعامل بهذه المؤسسات و المصارف المالية و تخريجها من وجهة النظر الاسلامية، كما هو الحال في الشركات التجارية العالمية و المحلية، و الصناعات و الزراعات و غيرها من المشاريع المالية فان تاسيسها و توسيعها و تطويرها ليس من وظيفة العلماء، فان وظيفتهم بيان حدودها في دائرة الشرع كما و كيفا و وظائف الناس في التعامل بها من وجهة نظر الشارع نعم وظيفة العلماء دعوة الحكومة و رجال الاعمال ببذل اقصى الجهد الجاد بكافة الوسائل الممكنة و المتاحة في دعم الحركات الاقتصادية بكافة اشكالها و انواعها و تأسيس المعاهد و الكليات المتخصصة للتقنيات العالية و ارسال المفكرين و المبدعين و المثقفين من الشباب الى الخارج للتزود بالعلوم المعاصرة و التكنلوجيا المتقدمة بمختلف انواعها من الطبية و الهندسية و الاقتصادية و الامنية و العسكرية و هكذا لأن تخلف بلاد المسلمين في هذه التقنيات و التكنلوجيا سبب لاضطراباتهم و مشاكلهم الداخلية و الخارجية و منشأ لإيجاد التطرف و الارهاب باسم الاسلام مع ان الاسلام برئ منه تماما لان الاسلام دين عدل و سلم و رأفة و هو الدين الوحيد الذي اهتم بحياة البشر اهتماما بالغا و شجب القتل و استنكر غاية الاستنكار بقوله تعالى ((مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسٰادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمٰا قَتَلَ النّٰاسَ جَمِيعاً)) ((وَ مَنْ أَحْيٰاهٰا فَكَأَنَّمٰا أَحْيَا النّٰاسَ جَمِيعاً)) و من هنا على قادة المسلمين رص صفوفهم و توحيد كلمتهم و اتخاذ موقف موحد تجاه الشرق و الغرب و الاهتمام الجاد و السعي الحثيث بكافة الطرق و الوسائل في تكوين مجتمع مترقي امن من التطرف و الارهاب لان من العوامل المؤثرة في ايجاد التطرف و الارهاب التخلف و الفقر في المجتمع، كما ان التخلف فيه يفتح الابواب امام دخول الاجانب في البلاد الاسلامية و نشر افكارهم المضللة و ثقافتهم المبتذلة بذرائع مختلفة تارة بذريعة ان الدين الاسلامي يروج التطرف و الارهاب رغم انه دين
سلم و عدل و اخرى بذريعة نشر الحرية و الديمقراطية و ثالثة ان المسلمين غير قادرين على ازالة التطرف و الارهاب عن بلادهم منشأ ذلك كله عدم وحدة الكلمة بين المسلمين و قادتهم السياسيين هذا من ناحية و من ناحية اخرى ان مسئولية قادة المسلمين و رؤسائهم السياسيين امام الله تعالى و امام شعوبهم المسلمة تتطلب منهم بذل اقصى الطاقات في اتاحة الفرصة للقادة الدينيين لنشر الافكار الاسلامية و ثقافتها الاجتماعية و العائلية و الفردية بكافة الوسائل الممكنة و المتاحة و المنع البات عن نشر الافكار المضللة المتطرفة التي تضر بالاسلام و المسلمين و وحدتهم لان الثقافة الاسلامية تزود الانسان بالملكات الفاضلة و الاخلاق السامية و تجهزه بالايمان الراسخ و تهذب سلوكه في الخارج و تمنعه من السلوكيات المنحرفة الأخلاقية كما ان عليهم السعي الجاد في تطبيق القوانين الاسلامية في بلادها بدل القوانين الوضعية الشرقية و الغربية فانهم بذلك يحافظون على كيان المسلمين و استقلالياتهم و عزتهم و كرامتهم و شرفهم لان قوة الاسلام و ثقافته الانسانية ترغب الاعداء و تنتشر يوما بعد يوم في الشرق و الغرب رغم المعارضة الشديدة باساليب متنوعة و ذرائع مختلفه. و في الختام ناسف جدا ان قادة المسلمين السياسيين غالبا من الذين كانوا مهتمين بالكرسي كهدف لا كوسيلة و لا يهتمون بمصالح البلاد العامة و شعوبها و تطورها اجتماعيا و اقتصاديا و تقنيا بقدر ما كانوا يهتمون بالكرسي. ندعوا الباري عز و جل التوفيق و العناية التامة للجميع و رص الصفوف و توحيد الكلمة و نبذ الفرقة و الله هو الموفق و المعين. 3 و في ضوء ذلك يجوز تعامل الناس مع البنوك و المؤسسات المالية في جميع اقسامها الخدمية المشار إليها آنفا غير قسم التعامل بالقروض الربوية كما مر، فيجوز ان يكون الشخص محاسبا في تلك المؤسسات بان تكون وظيفته تشغيل الاجهزة و برامج الحاسوب الآلي في العصر الحالي، و لا مانع من تشغيلها لحساب الفوائد الربوية و غيرها من البرامج و لا يكون ذلك محرما فان المحرم فيها كما عرفت انما هو عملية الاقراض و الاقتراض و تسجيل ذلك دون غيرها من الخدمات التي لا تتعلق بها و هي كثيرة جدا بحيث لا تتجاوز نسبة عملية القرض عن كل الخدمات المتوفرة في هذه المؤسسات عن 5 % بنسبة تقريبية، و يجوز ان يكون الشخص مفتشا او مراقبا فيها او محافظا او كاتبا فيما عدا كتابة القروض الربوية. و كذلك الحال في الشركات المالية التجارية و الزراعية الصناعية و غيرها في ما عدا المعاملات المحرمة
كالتعامل بالربا و الخمور و لحوم الميتة و الخنزير و نحو ذلك، فان التوظيف فيها غير جائز شرعا هذا من ناحية و من ناحية أخرى ان القروض الربوية حيث انها من اهم خدمات البنوك و المصارف و اكثرها انتشارا فلذلك جعلنا لها في هذا الكتاب بدائل شرعية و سوف نشير اليها، و لكن تطبيق تلك البدائل عمليا عوضا عن المعاملات الربوية المحرمة في الشريعة المقدسة ليس بايدي العلماء، نعم ان عليهم ارشاد المسلمين ككل الى عملية التطبيق لان عملية التطبيق وظيفة المسلمين كافة بحكم اعتقادهم بالاسلام و مسئوليتهم امام الله تعالى و عدم خروجهم عن دائرة الشريعة الاسلامية، و ان هذه العملية لا تقلل من دور البنوك و المصارف في طبيعة الحياة الاقتصادية و نشاطاتها في الحركات التجارية و فوائدها و انها تدل على اصالة المسلمين و استقلالهم في تشريعاتهم المستمدة من الكتاب و السنة.
بسم الله الرحمن الرحيم فائدة دينية فائدة دنيوية في إيداع الأموال في البنوك الإسلامية اللاربوية
مقدمة: المبالغ التي يودعها أصحابها في البنوك و المصارف، هل هي ودائع بالمعنى الفقهي، أو أنها قروض ربوية تملكها البنوك و المصارف على وجه الضمان بالمثل ؟ و الجواب: أنه لا بد لنا من ملاحظة مفهوم الوديعة بالمعنى الفقهي و حدوده سعة و ضيقاً، فنقول أن الوديعة بالمعنى الفقهي عبارة عن إيداع مال عند الأمين المسمى بالودعي بغاية الحفاظ عليه مع بقاء عينه في ملك مالكه، و هي بهذا المفهوم المحدد لا تنطبق على الأموال المودعة لدى البنوك، على أساس أن البنوك مسموحة من قبل أصحابها بالتصرف بها ما شاءت و تبديلها بأعيان أخرى، و هذا لا ينسجم مع مفهوم الوديعة بالمعنى الفقهي. و من هنا ذكر بعض الأعلام إن الودائع المصرفية لا يمكن تصوير كونها ودائع حقيقية، بحيث تخرج فوائدها عن كونها فوائد ربوية على القرض، و ذلك لأن المالك يأذن للبنك بالتصرف فيها، و لا يراد بهذا الأذن السماح للبنك بالتصرف مع بقاء الوديعة في ملك صاحبها، و الا لزم حينئذ أن يعود الثمن و الربح إلى المالك بقانون المعاوضة لا إلى البنك، بل يراد بالإذن المذكور السماح للبنك بتملك الوديعة على وجه الضمان بالمثل، و هو معنى القرض، و عليه فتكون الفوائد التي يدفعها البنك إلى المودع فوائد على القرض، و بكلمة إن إباحة التصرف للبنك في الأموال المودعة عنده من قبل أصحابها، إنما هي إباحة في تملك تلك الأموال بضمان مثلها، فإن صاحب المال إذا أذن للأمين و سمح له بالتصرف فيه تصرفا ناقلا، كان معناه الإذن منه بتملك المال على وجه الضمان بالمثل. ثمّ إن تملك البنك للأموال المودعة عنده يكون بأحد الطريقين التاليين: الأول: إن المودع من البداية كان يقصد إقراض البنك للوديعة، أي: تمليكها له على وجه الضمان بالمثل، و هذا المعنى هو المرتكز في أذهان كل مودع أودع ماله في البنك، لأن الدافع من ورائه تضمينه بالمثل لا بقاء عينه في ملكه. الثاني: إن المودع بما أنه قد أذن للبنك بالتصرف في الوديعة حتى التصرف الناقل، فلا محالة يكون مرده إلى الإذن و السماح له بالتملك على وجه الضمان بالمثل لا مجاناً.
إن الودائع المصرفية جميعا أي: سواء أ كانت من الودائع المتحركة أم الثابتة، فهي ليست بودائع حقيقية، بل هي قروض ربوية للبنك فيملكها البنك على وجه الضمان، و إطلاق الودائع عليها إنما هو بالعناية و بدافع إغراء الناس في إيداع أموالهم فيه حفظاً لها من التلف و تعويدا لهم على الادخار. نعم، يمكن تصوير أن هذه الودائع، ودائع بالمعنى الفقهي ثبوتاً و باقية في ملك أصحابها، و إن الإذن بالتصرف فيها إنما هو مع الاحتفاظ بملكية المودع للوديعة من طريق ضمان البنك الودائع، لا بالقرض لكي تخرج عن ملك أصحابها، و لا بمعنى النقل من ذمة إلى ذمة، فإنه لا يتصور إلا في الدين، بل بمعنى تعهد البنك و جعلها في مسئوليته مع بقائها على ملك المودع، و هذا نحو من الضمان المعاملي: فإنه على نحوين: أحدهما: مختص بباب الديون، و يعبر عنه بنقل الدين من ذمة إلى ذمة. و ثانيهما: لا يختص بها، بل يشمل الأعيان الخارجية أيضاً، و هو التعهد بشيء و جعله في عهدة الشخص، و في المقام يقوم البنك بإنشاء التعهد و تعاقده مع المودعين على ذلك، فإذا قام البنك بذلك تصبح الودائع في عهدته و مسئوليته مع بقائها على ملك المودعين، و نتيجة هذا التعهد هي أن خسارتها على ذمة البنك لو تلفت. و لكن هذا التصوير لا ينسجم مع النظام التقليدي الربوي في البنوك و المصارف، فإن مقتضى ذلك النظام إن الودائع المتوفرة لديها جميعا قروض ربوية، و خارجة عن ملك المودعين و داخلة في ملك البنوك على وجه الضمان بالمثل، و لا يمكن أن تكون ودائع حقيقة و بالمعنى الفقهي، إذ لازم كونها ودائع حقيقة أن يعود ثمنها و ربحها إلى المودع لا إلى البنك، فإن عوده إلى البنك مع بقاء نفسها في ملك المودع بحاجة إلى عناية زائدة، و هي وقوع شرط في ضمن عقد الضمان أو أي عقد أخر بين البنك و المودع، بأن يشترط البنك في ضمنه على المودع أن يكون الثمن ملكاً له بنحو شرط النتيجة، بمعنى أنه ينتقل إليه في طول انتقاله إلى المودع، لا بمعنى أنه ينتقل إليه ابتداء، فإنه باطل و مخالف لقانون المعاوضة، و أيضاً لا بد على هذا من استثناء المبلغ الذي دفعه البنك إلى المودع بمعنى: أنه يشترط عليه أن يكون مالكاً لما يزيد على المبلغ المذكور. فالنتيجة: إن افتراض تطبيق هذا التصوير و النظرية يستدعي تبديل النظام البنكي التقليدي بنظام جديد، إذ مع فرض بقاء ذلك النظام في البنوك لا يمكن تطبيق هذه النظرية.
نعم، تصلح هذه النظرية أن تكون بديلة عن النظام التقليدي الربوي في البنوك و المصارف، و على هذا فبإمكاننا تبديل النظام البنكي التقليدي ببدائل جديدة مطابقة للشرع و هي متمثلة في الصيغ التالية: 1 عقد المضاربة. 2 عقد المشاركة. 3 عقد المرابحة. 4 عقد الوكالة. 5 عقد السلم. 6 بيع الأوراق النقدية الشخصية بمثلها الكلي في الذمة و غيرها، و يأتي شرح الجميع في ضمن البحوث القادمة. يتلخص من ذلك أن البنوك و المصارف بنظامها التقليدي الربوي تملك الأموال المودعة عندها على نحو الضمان.
و قد تسأل أن البنك إذا كان حكوميا فيرتبط تملكه للمال بتملك الحكومة، على أساس أنه فرع من فروعها، و المفروض أن الحكومة لا تملك و لا نقول بتملك الحكومة .
و الجواب: إن البنك جهة مالية ذات شخصية مستقلة، فيملك المال بنفسه و باسمه لا بعنوان الوكالة عن غيره أو الولاية عليه، لكي يتوقف نفوذ تصرفه و تملكه على إثبات الوكالة أو الولاية، و على هذا فلا يتوقف تملك البنك للمال على أي مقدمة، و بكلمة: إن البنك في نفسه قابل لأن يتملك شيئا، سواء أ كان بالتمليك أم بالاستيلاء و بذل الجهد، و لا يكون ذلك مشروطا بشيء ، و لا هناك مانع يمنع عنه. و هذا بخلاف الحكومة فإنها شخصية آلية تعمل بعنوان الوكالة عن الملة و الرعية و الممثلة لهم، أو بعنوان الولاية عليهم اذا كانت الحكومة شرعية و هي الحكومة القائمة على اساس مبدأ المالكية لله وحده لا شريك له و على الأول تتوقف شرعيتها على الاذن من الملة أو أوليائها و الا فلا تكون شرعية و الخلاصة أن نفوذ تصرفات الحكومة و تملكها للمال سواء أ كان بالتمليك من قبل الغير، أم بالاستيلاء بسبب الأحياء، أو الحيازة أو نحوهما يتوقف على توفر أحد هذين العنصرين فيها:أما الوكالة أو الولاية، و حيث أن شيئا منهما غير متوفر في الحكومات الحاضرة في البلاد الإسلامية فعلا، فلا تكون تصرفاتها نافذة، سواء أ كانت في الميادين الاقتصادية كإحياء الأراضي و انشأ السدود لحيازة المياه و استخراج المعادن الطبيعية من الظاهرية و الباطنية و حيازة الثروات الطبيعية و إنشاء المعامل و المصانع و غيرهما، أم كانت في الميادين الإدارية، كاستخدام الأشخاص و استئجارهم في مختلف مرافق الحكومة، فإن نفوذ تلك التصرفات وضعا و تكليفا منوط أما بالوكالة عنهم جميعا أو بالولاية عليهم كذلك، و إلا فلا قيمة لها من وجهة النظر الشرعية. نعم إذا كانت الحكومة حكومة إسلامية شرعية بأن تكون قائمة على اساس مبدأ الدين و يكون على رأسها الولي الفقيه في زمن الغيبة الجامع للشروط التي منها الأعلمية، كانت تصرفاتها في حدود دائرة الشرع، التي قد حددت من قبل الولي الفقيه، على أساس الخطوط العامة للإسلام المستمدة من الكتاب و السنة نافذة مطلقا، اي: وضعا و تكليفا. فالنتيجة: ان البنك جهة مالية مستقلة و ملحوظ كالمعنى الاسمي، بينما الحكومة جهة آلية غير
مستقلة و ملحوظة كالمعنى الحرفي، بنكتة إنها تدعى تمثيلها من قبل الشعب، و هي أما بالوكالة أو الولاية، و على هذا فلا شبهة في أن البنوك و المصارف تملك الودائع المودعة عندها على وجه الضمان بالمثل و هو معنى القرض، و لها حرية التصرف فيها بالاقراض و المنحة و غيرها، و يترتب على ذلك أن المال المأخوذ من البنك قرضا كان أو منحة ليس من المال المجهول مالكه، بل ملك للآخذ بتمليك البنك أما على وجه الضمان كما في القرض أو مجانا كما في المنحة، و لا يترتب عليه أحكام مجهول المالك، و بكلمة أن ترتيب أحكام مجهول المالك عليه منوط بكون الودائع عنده ودائع حقيقيه و باقية في ملك أصحابها، و قد مر أنه لا يمكن تصوير ذلك على ضوء النظام البنكي التقليدي في البنوك و المصارف. نعم، تكون أموال البنك مختلطة بالحرام من ناحية أخرى، و هي أن الفوائد التي أخذها البنك على القروض، فإنها باقية في ملك أصحابها، و عليه فتكون أمواله مختلطة بها، و حيث أن نسبة تلك الفوائد إلى رءوس الأموال قليلة، فتكون نتيجة ذلك أن المال المأخوذ من البنك إن كان قرضا، فإن علم المقترض بوجود الحرام فيه بطل القرض بالنسبة إليه فحسب، و على المقترض حينئذ أن يعامل معه معاملة المجهول مالكه، فإن كان غنيا تصدق به على الفقراء، و إن كان فقيرا فله أن يقبله صدقة من قبل صاحبه، و إن لم يعلم بوجود الحرام فيه صح القرض في كله و لا شيء عليه، و إن كان منحة، فإن علم بوجود الحرام فيها تصدق به إن كان غنيا، و إلا قبله صدقة، و إن لم يعلم بوجود الحرام فيه فلا شيء عليه، و هذا يختلف بإختلاف الموارد و ليس لذلك ضابط كلي.
البدائل الشرعية للمعاملات الربوية نظرة سريعة و معمقة في أحكام البنوك و المصارف على ضوء التخريجات الفقهية الإسلامية: لا ريب في أن البنوك و المصارف النقدية من أهم و أكبر المؤسسات المالية في العالم ككل، و لها دور أساسي في تدعيم الحركات التجارية و تصويرها شكلا و عمقا في الأسواق المالية كافة، و في تنمية الحياة الاقتصادية بكل أشكالها من التجارية و الصناعية و الزراعية و المهنية و الحرفية و غيرها، و تقديم خدمات و تسهيلات لعملائها بكافة الوانها و أشكالها و تطور تلك الخدمات و التسهيلات يوما بعد يوم كل ذلك لتحقيق أهدافها الرئيسية المادية، و حيث أن مجموعة من خدماتها الاقتصادية لا تتفق مع طبيعة الشريعة الإسلامية و احكامها، فلذلك نحاول بشكل جاد إيجاد البدائل لها التي تتفق مع الشريعة من ناحية، و تخريج خدماتها فقهيا من وجهة النظر الشرعية من ناحية اخرى، هذا من دون أن يقلل من شانها في نشاطاتها الاقتصادية و تنميتها و حركاتها التجارية و تحقيق أهدافها المطلوبة.
النوع الأول: تقديم البنوك القروض الربوية لعملائها بمختلف اشكالها و ألوانها، و هي من أكبر خدماتها و أكثرها انتشارا في العالم اليوم. النوع الثاني: تقديمها خدمات تسهيلية لعملائها و المستثمرين في مختلف الميادين الاقتصادية، و الاستثمارات التجارية أو الصناعية أو الزراعية أو الإنشائية أو غيرها، و منها الخدمات المصرفية المساعدة مثل الحوالات و الشيكات السياحية و المحاسبات الداخلية أو الخارجية، و فتح الاعتمادات و إصدار بطاقات الائتمان و غيرها. و هذه الرسالة وضعت لتقديم البدائل الشرعية للنوع الاول من الخدمات التي تمارسها البنوك و هي القروض الربوية التي هي محرمة في الشريعة المقدسة بالكتاب و السنة و محذورة فيها المعيقة للقيم و المثل الدينية. أما النوع الثاني من الخدمات التي تمارسها البنوك فهي بكافة أنواعها جائزة شرعا و قد تقدمت
الإشارة إلى تلك الخدمات بأسمائها الخاصة و عناوينها المخصوصة و ستأتي أحكامها تفصيلا في ضمن البحوث القادمة.
و حيث أن ذلك محرم شرعا في الإسلام فلذلك اتجهت أنظار فقهاء الإسلام منذ زمن إلى إيجاد بدائل مطابقة للشرع في البنوك و المصارف التقليدية عن النظام التقليدي الربوي المخالف للشرع، و بإمكاننا تبديل هذا النظام التقليدي الربوي في البنوك و المصارف في البلاد الإسلامية بمجموعة من البدائل الموافقة للشرع بالتخريج الإسلامي و هي كما يلي:
“
و هو أول ما اتجهت إليه أنظار علماء المسلمين في بحوثهم عن وجود بدائل للنظام التقليدي الربوي في البنوك و المصارف، و قد نقل إن هذه الفكرة قد تلقت نجاحا كبيرا في بعض البنوك الإسلامية.
فإنهما يقومان بإنشاء عقد تجارة يكون رأس مالها من الاول و العمل من الثاني بشروط، و يحددان حصة كل منهما من الربح بنسبة مئوية، و غالبا يكون إنشاء هذا العقد بين المالك و العامل مباشرة، و قد يكون بواسطة ثالث و هو وسيط بينهما، و وكيل عن المالك في إنشاء هذا العقد بينه و بين العامل، و في المقام يكون البنك هو الوسيط، فإنه وكيل عن المودع في تقديم أمواله للعملاء لعقد المضاربة بينهم و بين المودع بشروط، و تعيين حصة كل منهما من الربح بنسبة مئوية.
بوصف كونه بديلا عن النظام التقليدي الربوي في تنمية الحياة الاقتصادية و الصناعية و الزراعية و غيرها مرتبط بتعزيز عنصر الثقة و الامانة بين الأعضاء الثلاثة: المالك، و العامل، و الوسيط،و تذليل العقبات و العوائق دون تطبيقها،و هو مرتبط بفرض شروط ائتمانية بين الأعضاء الثلاثة.
و لا يتجاهل في تهيئة الفرص المتاحة له لإنشاء تلك العقود و ايجادها، و لا يتسامح في تأخير استثمار الأموال المودعة عنده.
بإبرام عقد المضاربة في الأسواق المالية داخل البلد و خارجه و البورصات العالمية مع عملائه بأنواع من المعاملات التجارية كلا أو بعضا حسب مؤشرات السوق عالميا أو محليا إلى التحسن و النمو الاقتصادي العالمي أو المحلي و التحرك في الاسواق المالية.
و تحسن أوضاعها في المستقبل في انشأ العقود معهم.
و إلا فمن كان يضمنه ضد الخيانة في التجارة و الغش و التزوير و التقصير و التعدي و إخفاء الأرباح، فإن القوانين وحدها لا تكفي ما لم تتوفر فيه حدود معقولة من الأخلاق و الأمانة و الوثاقة التي تحافظ على اموال الغير كمحافظتها على أمواله.
تصديرا و استيرادا، و دراسة أوضاع السوق في العرض و الطلب و المؤشرات التي تشير إلى تحسن أوضاعها، و على العامل المضارب أن يتبادل مع البنك ما لديه من الخبرة في أوضاع السوق، و أن يخضع لما يملي البنك عليه من الشروط و القيود لكي تكون باستطاعة البنك تقدير نتائجها و السيطرة عليها للتجنب من المخاطر فيها.
لكي يتيح له الفرصة لتقديمها للمضاربة مع رجل عمل، و تلعب دورها في الاستثمار.
بأن لا تتجاوز المصارف و الأجور عن حد معين و معقول يتم الاتفاق عليه، و إلا فعليه ضمان الزائد.
من ساعة تنفيذها إلى ساعة شراء البضائع و المادة، و عن حدود سعرها وقت الشراء و التفاوت بين السعرين و كميتها إلى انتهاء مدة عقود المضاربة، و بإمكان البنك المحافظة على هذه المعلومات و السيطرة عليها بالوسائل الآلية الحديثة المتوفرة لديه من ناحية، و على أوضاع السوق في هذه المدة صعودا و نزولا إقليميا و عالميا من ناحية أخرى، و للبنك أن يزيد في الشروط إذا رأى مصلحة .
و بعد ذلك يقوم بعقد المضاربة من مجموع الودائع، و حينئذ فيكون رأس المال في كل عقد مضاربة مشتركا بين مجموعة من الأطراف، و هذا يعزز ثقة المودعين بنجاح المضاربة و تقليل مخاطرها، على أساس ان احتمال الخسران في تمام هذه العقود غير محتمل عادة، و بكلمة ان وديعة كل مودع و إن كانت تظل محتفظة بملكية صاحبها لها، و لا تنتقل ملكيتها إلى البنك كما هو الحال في البنوك الربوية، إلا انها لا تبقى منعزلة عن ودائع الآخرين، بل البنك بمقتضى وكالته عن أصحابها ككل يقوم بالاجراء الشرعي، و هو جعل مجموع الودائع ملكا مشاعا لمجموع المودعين، و عليه فتكون حصة كل مودع من هذا المجموع بنسبة وديعته، و نتيجة ذلك إن رأس مال كل مضاربة مشترك بين الجميع بنسبة وديعته.
على أساس أن الودائع التي تحصل عليها تلك البنوك ليست في الحقيقة ودائع بالمعنى الفقهي، و إنما هي قروض، فإذا كانت كذلك فهي مضمونة بمثلها في الذمة، و لهذا تصبح المبالغ التي يتقاضاها المودعون عليها فوائد على القرض، و أما في البنوك اللاربوية فبما أنها ودائع بالمعنى الفقهي و باقية في ملك أصحابها، فلا تكون مضمونة من هذه الناحية، و لكن للبنك و لأجل تعزيز ثقة المودعين بنظامه الإسلامي، أن يقوم بضمان الوديعة بقيمتها الكاملة للمودع في حالة خسارة رأس مال المشروع، و لا مانع من قيام البنك بذلك، باعتبار أنه يلعب دور الوسيط لا دور العامل لكي يقال بعدم جواز ضمان العامل رأس المال في عقد المضاربة، و نقصد بهذا الضمان تعهد البنك للمودع بقيمة الوديعة عند وقوع الخسارة عليها في عقد المضاربة، أو تلفت بدون تفريط من العامل و تقصيره. و بكلمة: إن الضمان المعاملي يتصور على نحوين: أحدهما: نقل الدين من ذمة إلى ذمة و هذا هو المشهور بين الفقهاء و المرتكز في الأذهان، و مورده الدين خاصة، و الآخر التعهد بشيء و جعله في مسئولية الشخص، و مرده في نهاية المطاف إلى اشتغال ذمته ببدله على تقدير التلف من المثل أو القيمة، و هذا معنى آخر للضمان عرفا، و هو يتصور في الديون و الأعيان معا.
أما في الأولى: فليس معناه نقل الدين من ذمة المدين إلى ذمة الضامن و لا ضم ذمة إلى ذمة، فانه باطل شرعا، بل معناه التعهد بأداء الدين مع بقائه في ذمة المدين، و من هذا القبيل قبول البنك للشيكات، فإنه لا يقصد به نقل الدين من ذمة المدين إلى ذمته، و لا الضم لأنه باطل، بل يقصد به معنى آخر للضمان و هو تعهده بأداء الدين إلى الدائن خارجا مع بقائه في ذمة المدين و عدم انتقاله إلى ذمته، و نتيجة هذا التعهد ان للدائن أن يرجع إلى البنك إذا أمتنع المدين عن الاداء و مطالبته بذلك على أساس تعهده به. و أما في الثانية فلأن معناه تعهد الشخص بتكفل الخسارة للعين و تداركها في حالة وقوعها عليها، لأن مقتضى القاعدة كون تلف المال يعتبر خسارة على المالك لا على غيره، و لكن إذا تعهد غيره بتكفل خسارته و تداركها إذا وقعت، كانت عليه لا على مالكه، و ما نحن فيه من هذا القبيل، فإن البنك يتعهد للمودع بتكفل خسارة وديعته في حال وقوعها و بدلها في حال تلفه من دون تقصير من العامل، فإذا تعهد البنك الوسيط لذلك فقد عززت ثقة المودع، بأن وديعته مضمونة و لا ترد الخسارة عليه في حال تلفها. هذا نظير الضمان في باب الغصب، فإن الغاصب ملزم شرعا بأداء نفس العين المغصوبة إلى مالكها ما دامت موجودة، و بدلها من المثل أو القيمة في حال تلفها، غاية الأمر أن الضمان في باب الغصب يكون على القاعدة، و في المقام يكون بالجعل و الشرط لا على القاعدة.
بدرجة أكبر عن الفوائد التي تتقاضاها البنوك الربوية على قروض عملائها، و لا سيما إذا كانت الظروف الاقتصادية العالمية أو المحلية في نمو و تحسن مستمر و من الطبيعي ان ذلك من العوامل المهمة، في جلب الناس و أرباب الأعمال لإيداع أموالهم في البنوك اللاربوية هذا مضافا إلى العامل الديني النفسي. و قد يناقش في ذلك بالفرق بين عقود المضاربة في البنوك الاسلامية و بين القروض الربوية في البنوك التقليدية لأن الفائدة على القروض الربوية في البنوك التقليدية مضمونة مائة بالمائة بينما الفائدة على عقود المضاربة في البنوك الاسلامية غير مضمونة مائة في المائة على أساس انه لا يمكن دفع احتمال الخسارة في العقود المذكورة نهائيا مهما كانت مؤشرات أوضاع السوق في صالح تلك العقود لأنها لا تدفع احتمال الخسارة باسباب غير متوقعة و لهذا السبب لا يرغب الناس و رجال
الاعمال بايداع أموالهم في البنوك الاسلامية اللاربوية بينما كانوا يرغبون لإيداعها في البنوك التقليدية الربوية ؟ و الجواب: ان بامكان البنك اللاربوي تقليل احتمال الخسارة في عقوده الاستثمارية الى حد الصفر بحساب الاحتمالات على اساس انه لا يقوم بابرام عقد المضاربة بحساب كل عميل من عملائه بنحو مستقل بماله الخاص بل هو يقوم بعقود تجارية متعددة في مختلف أنواع التجارات الاستثمارية براس مال مشترك بين كل كتلة من عملائه لا يقل عددها عن مائة فرد مثلا و على هذا فجميع اعضاء الكتلة مشتركون في رأس مال كل عقد من هذه العقود التجارية بنسبة خاصة و في ضوء ذلك يكون احتمال الخسارة في جميع هذه العقود غير محتمل على حساب الاحتمالات و أما احتمالها في بعضها دون بعضها الآخر و ان كان موجودا الا انه ضعيف على ضوء المواصفات و الشروط التي تقع هذه العقود عليها فاذن اصل الفائدة مضمون مائة بالمائة بل قد تكون الفائدة اكبر بكثير من الفائدة على القروض الربوية في البنوك التقليدية و لا سيما اذا كانت اوضاع السوق في تحسن و نمو مستمر عالميا و اقليميا الى هنا قد تبين ان الفائدة كما انها مضمونة في البنوك التقليدية الربوية كذلك هي مضمونة في البنوك الاسلامية اللاربوية بل قد تكون الفائدة في البنوك الاسلامية اكبر بمراتب من الفائدة في البنوك التقليدية و لهذا قلنا ان دور البنوك الاسلامية لا يقل عن دور البنوك التقليدية في نمو الحياة الاقتصادية و نشاطاتها الحيوية في الحركات التجارية الاستثمارية في الاسواق المالية الدولية و الاقليمية هذا كله بالنظر الى العامل المادي، و أما العامل الديني الاسلامي فهو الاهم لأنه يتطلب عملا جادا من المسلمين ككل بحكم اعتقادهم بالاسلام و مسئوليتهم امام الله تعالى و الحفاظ على اصالتهم و استقلالهم في تشريعاتهم المستمدة من الكتاب و السنة ان يقوموا بايداع اموالهم في البنوك الاسلامية اللاربوية و الابتعاد عن ايداعها في البنوك التقليدية الربوية التي هي محرمة بالكتاب و السنة المعيقة عن القيم و المثل الدينية و الاخلاقية.
تقسم الأرباح بين المالك و العامل بمقتضى عقد المضاربة بنسبة مئوية، و أما البنك فحيث أنه ليس طرفا للعقد، فلا يتطلب العقد اشتراكه في الأرباح، و لكن بما أن قيامه بعملية المضاربة بين المالك و العامل و انجازها و الاشراف عليها إلى نهايتها عمل محترم فمن حقه أن يأخذ عمولة لقاء هذا العمل و يمكن تخريج ذلك فقهيا بوجوه: الأول: أن يكون ذلك على أساس عقد الجعالة، فان المودع يطلب من البنك قيامه بعملية المضاربة لودائعه و انجازها و الاشراف عليها لقاء جعل محدد و لا مانع من ذلك، و حينئذ فان كان الجعل من ماله الخارجي المملوك له بالفعل فلا إشكال فيه، و إن كان حصة من الربح فقد يشكل فيه تارة بأنه مجهول و أخرى بأنه معدوم فعلا، و لكن كلا الاشكالين لا أثر له في المقام. أما الأول فلان كون الجعل مجهول القدر و لا يضر بصحة عقد الجعالة، إذ لا يعتبر فيها كون الجعل معلوم القدر. نعم، يعتبر أن لا يكون أصل وجوده مجهولا، كما يعتبر أن لا يكون من المجهول المطلق كالشيء . و أما الثاني: فلا يعتبر في صحة عقد الجعالة أن يكون الجعل قابلا للتمليك حين العقد، اما ان يكون شيئا موجودا في الخارج و مملوكا للجاعل بالفعل فيملكه المجعول له بالجعالة أو يكون شيئا ثابتا في الذمة لأن المجعول له لا يملك الجعل بنفس عقد الجعالة من الجاعل، و إنما يملك بعد إنجاز العمل المأمور به خارجا، و في هذا الظرف لا بد ان يكون الجعل قابلا للتمليك من الجاعل و إن لم يكن قابلا له حين العقد، و المفروض في المقام أن المودع كان يجعل للبنك حصة من الربح إذا انجز المضاربة و واصل الاشراف عليها إلى انتهاء مدتها، و في هذا الظرف تكون الحصة من الربح موجودة في الخارج و مملوكه للجاعل فعلا و قابلة للتمليك كذلك. و قد تسأل:ان الربح لا يكون مضمونا، فإنه قد يتحقق و قد لا يتحقق، فلا يصح للمودع أن يجعل حصة منه جعلا في عقد الجعالة ؟ و الجواب: ان الربح بالنسبة إلى كل مضاربة مستقلة و ان كان مشكوكا و غير مضمون، إلا أنه بالنسبة إلى مجموع عقود المضاربة التي قام البنك بانجازها كان مضمونا عادة و قد تسال هل يمكن جعل حصة من الربح للبنك على أساس عقد المضاربة و لا ؟ و الجواب:أنه لا يمكن، لأن عقد المضاربة إنما هو بين المودع و العامل و البنك ليس طرفا له، و إنما
هو وسيط بينهما في إنجازه و الأشراف عليه، و حينئذ فمن الطبيعي يكون مفاده اشتراك العامل مع المودع في الربح بنسبة مئوية دون غيره، كالبنك الذي هو خارج عن طرفي العقد، و افتراض عقد مضاربة جديدة بينه و بين المودع خلف. الثاني: أن يكون ذلك على اساس الاجارة فيستأجر المودع البنك للقيام بعملية المضاربة لأمواله و الاشراف عليها إلى نهايتها لقاء اجرة معينة، و لكن هذا التخريج إنما يتم إذا جعل المودع الأجرة من المال القابل للتمليك حين عقد الاجارة، بأن يكون شيئا خارجيا مملوكا له بالفعل، أو شيئا ثابتا في ذمته، و لا يتم هذا التخريج إذا جعل الأجرة حصة من الربح لسببين: الأول: أن الحصة من الربح بنسبة مئوية مجهولة و يعتبر في صحة الإجارة أن تكون الأجرة فيها معلومة . الثاني: ان الأجرة لا بد أن تكون قابلة للتمليك من قبل المودع حين العقد، على أساس أن الأجير أنما يملك الأجرة بنفس العقد، و المفروض أن الربح غير موجود حين العقد حتى يملكه المودع للأجير، فالاجرة لا بد أما أن تكون شيئا ثابتا في الخارج المملوك للمودع بالفعل، أو شيئا ثابتا في الذمة، و إلا فلا تصلح أجرة في عقد الإجارة. الثالث: أن يكون ذلك على أساس شرط النتيجة، فيشترط البنك على المودع في عقد ما أن يكون مالكا لحصة معينة من الربح إذا ظهر، و لا بأس بهذا الشرط، لأن معناه ليس دخول الحصة من الربح في ملكه في ظرف ظهوره ابتداء لكي يقال أنه غير معقول و خلاف قانون المعاوضة، بل معناه دخولها في ملكه في طول دخولها في ملك المودع بمقتضى الشرط و لا مانع من ذلك. الرابع: ان يكون ذلك على أساس شرط الفعل، فيشترط البنك على المودع أن يعطي مبلغا معينا من الربح إزاء ما قام له من الخدمات، و هي قيامه بعقد المضاربة على أمواله و انجازها و الاشراف عليها. الخامس: أن يكون ذلك على أساس أجرة المثل التي يتقاضاها الاجراء للقيام بمثل هذا العمل. ثمّ ان من حق البنك أن يطلب من العامل المضارب أيضا عمولة لقاء ما قدمه له من الخدمة، و هي تقديم الأموال له للمضاربة و الاستثمار و إتاحة الفرصة و توفير المناخ المناسب لنجاحها، و تقديم المعلومات له عن أوضاع السوق و مؤشراته، و يمكن تخريج ذلك فقهيا أيضا بأحد الوجوه المتقدمة،
و هناك جوانب أخرى في المسألة: (منها) تعيين الوقت لعقد المضاربة مع عملائه و تحديده في كل أسبوع أو شهر مثلا مرة حسب الظروف المالية و الودائع المجمعة عنده، و اعلان ذلك لعملائه، و طلب حضورهم فيه بشروط محددة. (و منها) تحديد أرباح المضاربات التي تمت بواسطته في نهاية مدتها و معرفتها. (و منها) كيفية توزيعها على نسبة رءوس الأموال للمضاربة بين أصحابها. (و منها) غير ذلك. و أما تطبيق هذه الجوانب و غيرها عمليا في الخارج، فهو بيد أهل الفن و الخبرة في هذه الأمور، و حينئذ فبإمكان البنك اللاربوي استخدام هيئة فنية في تطبيق تلك الجوانب من عقود المضاربة و تقسيم أرباحها بين جميع المشتركين في رأس مال المضاربة بنسب معينة و يصل لكل منهم من الأرباح بنسبة حصته من رأس المال، كما أن بإمكانه استخدام هيئة فنية من أهل الخبرة للمراقبة بالوسائل الحديثة المتوفرة عنده. هذه فكرة كبروية سريعة عن عقد المضاربة في البنوك و المصارف التقليدية بديلا عن القروض الربوية المحرمة شرعا.
البنك بصفة كونه وكيلا عن المودعين في التصرف في أموالهم المودعة عنده حسب ما يراه فيه من المصلحة، فله بدلا عن أن يقرض عميله من الودائع بفائدة ربوية يقدم إليه أموالا، و يوكله في شراء متطلباته الشخصية أو التجارية أو الصناعية أو الزراعية أو غيرها من قبله، و بعد الشراء و القبض يبيعها وكالة منه على نفسه بثمن مؤجل يتضمن ربحا لا يقل عن سعر الفائدة في القرض الربوي.
أو هناك طرف ثالث يضمن رأس المال.
عالميا أو إقليميا و مؤشرات تحسنه بالنسبة إلى السلع الذي أراد العميل أن يشتريه من الأسواق .
و حينئذ فاما أن يكون شراؤه بنظره أو هو يقوم بالشراء لمتطلباته من الأجناس و البضائع من قبل البنك، ثمّ يبيعها عليه بربح مؤجل.
مما يراه البنك دخيلا في تعزيز الثقة و الأمانة.
و هو أن البنك بدلا عن أن يقرض عملاءه بفائدة ربوية لكي يقوموا بشراء حاجياتهم الشخصية أو التجارية، يقوم البنك بنفسه بشراء تلك الحاجيات نقداً ثمّ يبيعها عليهم بثمن مؤجل يتضمن ربحا، و تطبيق هذه العملية لا يتطلب أن تكون للبنك مخازن و مستودعات تفي بكافة متطلبات عملائه من المواد الشخصية و التجارية أو الإنشائية أو المهنية أو الصناعية أو غيرها، و ذلك لأن البنك لا يقوم بشرائها إلا بعد مطالبة العميل بذلك، و حينئذ فاذا لم يرغب العميل في إتمام الشراء من البنك، فله أن يبيع البضاعة إلى طرف ثالث، و إذا خسر في هذا البيع، فهل الخسارة على العميل أولا ؟ و الجواب:ان الشراء حيث كان بأمره و طلبه كانت الخسارة على ذمته، و بذلك تتفادى مشكلة تراجع العملاء عن الوفاء بعهودهم مع البنك، فان وعد الشراء منه و ان كان غير ملزم لهم إذا لم يكن شرطا في ضمن عقد لازم، إلا أن قيام البنك بشراء السلعة و البضاعة لما كان بأمر منهم و طلبهم كان موجبا للضمان، فان الأمر بالعمل الذي له قيمة مالية في نفسه، سواء أ كان بالأمر الخاص أم العام موجب للضمان، لأنه ملاك الضمان في باب الجعالة، باعتبار أن الضمان فيه ضمان الغرامة لا ضمان المعاوضة، و على هذا فاذا أمر العميل البنك بشراء السلع و البضائع متعهدا على نفسه شراءها منه بفائدة نسبية محددة، و حينئذ فان امتنع عن الشراء لسبب ما و خسر البنك في ذلك, كان العميل ضامنا للخسارة بموجب امره, يمكن تخريج الضمان في المقام فقهيا على اساس الجعالة بلحاظ ان حقيقة الجعالة تنحل الى جزءين: أحدهما: الامر بالعمل الذي له قيمة مالية, و الآخر: تعيين الأجرة بازاء ذلك العمل و تحديدها, و في المقام يشكل امر العميل البنك بشراء السلع الجزء الاول من الجعالة, و تعهده بشرائها منه بربح نسبي يشكل الجزء الثاني منها, فمن أجل ذلك اذا تراجع العميل عن الشراء منه, ضمن اجرة مثل عمله من ناحية, و الخسارة على تقدير وقوعها من ناحية أخرى, و الاول بموجب عقد الجعلة و الثاني بموجب أمره, و بكلمة ان بامكان البنك بدلا عن تلبية العملاء بالأقراض الربوية, تلبيتهم بشراء الاغراض الشخصية و الاجتماعية من السلع المطلوبة كالسيارات و البيوت السكنية
و الاثاث المنزلي و الادوات الانشائية و غيرها, فانهم اذا كانوا بحاجة اليها طلبوا من البنك شراءها لنفسه نقدا, ثمّ يبيعها عليهم بنفس تكليفها مع اضافة ربح لا يقل عن سعر الفائدة, و بذلك يصلح ان يكون بيع المرابحة بديلا عن القروض الربوية في كثير من الموارد.
و هو عقد بيع يعجل فيه الثمن, و يؤجل فيه تسليم المبيع الى اجل محدود, و على هذا فبدلا عن ان يقرض البنك عملاءه بفائدة ربوية لشراء السلع بغاية الاستثمار و الاتجار او لحاجة شخصية سلما, يقوم البنك بشرائها كذلك, و بعد نهاية المدة و قبض السلع يبيعها عليهم بثمن التكليف مؤجلا مع اضافة ربح محدد يقوم مقام سعر الفائدة, و من هنا يقوم عقد السلم مقام القرض الربوي كوسيلة لتوفير التمويل للشركات التجارية أو المؤسسات الصناعية او الزراعية او الانشائية عن طريق قيام البنك بشراء منتجات تلك الشركات و المؤسسات سلما, و دفع الثمن اليها نقدا لتمويلها بدلا عن اقراضها ربويا, فاذا نتجت الشركات قام اصحابها ببيع منتجاتها لعملائها وكالة عن البنك, و يدفع ثمنها اليه, و بذلك يكون شراء البنك منتجاتها من اصحابها بثمن نقدي سلما, بديلا عن القروض الربوية.
و هي عقد بين شخصين او اكثر, و مقتضاه ان يساهم كل منهم في مشروع معين تجاري أو صناعي أو زراعي, بتقديم حصة من المال لاستثمارها بهدف الربح و الفائدة, و الشركة بدلا عن ان تقترض من البنك بفائدة ربوية تطلب منه تمويل الشركة بحصة من المال, و تمثل هذه الحصة مساهمة منه في المشاركة, فيكون البنك من احد الشركاء, و على هذا فيتكون رأس مال الشركة من مجموع حصة من البنك و العميل, و تحدد حصة كل من الشركاء بنسبة مئوية, و تقسم الارباح عليهم بهذه النسبة, و من الطبيعي ان الفائدة التي يحصل عليها البنك من المساهمة و المشاركة في الشركات التجارية او الصناعية او الزراعية او غيرها, لا تقل من الفائدة التي يحصل عليها من تقديم القروض الربوية لعملائه, على اساس ان البنك لا يقدم على المشاركة و المساهمة في الشركات الاستثمارية اعتباطا, و انما يقدم عليها بعد دراسة حدود نجاحها و معرفة المساهمين فيها, و انهم من ذوي سمعة جيدة
في المجالات التجارية او الصناعية او غيرها, و بامكان البنك عندئذ ان يجعل نفس العميل وكيلا عنه في ادارة الشركة, او يجعل شخصا آخر وكيلا عنه في ادارتها مع العميل, و في كلتا الحالتين لا يكون الوكيل مسئولا و ضامنا للخسارة إلا مع التعدي و التفريط.
و هو ان يقوم البنك بدلا عن ان يقرض مائة دينار مثلا لعميله بمائة و عشرة دنانير الى ستة اشهر, يبيع المائة عليه بمائة و عشرة الى ستة اشهر, و لا يكون في ذلك ربا. بيان ذلك: ان الاوراق النقدية المالية بما انها لا تكون من الذهب و الفضة, و لا انها نائبة عنهما لكي تكون محكومة بحكمهما, و لا من المكيل و الموزون, فلذلك لا تعتبر المساواة بين الثمن و المثمن منها مع انها معتبرة في بيع الذهب بالذهب و الفضة بالفضة, كما انها معتبرة في بيع المكيل بالمكيل و الموزون بالموزون, و على هذا فلا مانع من بيع تلك الاوراق نقدا بازيد منها في الذمة مؤجلا , كما اذا اشترى شخص عشرين دينارا خارجيا مثلا بخمسة و عشرين دينارا كليا في الذمة الى ثلاثة أشهر. هذا، و هنا اشكالان: احدهما: انه قرض واقعا و لكنه البس ثوب البيع ؛ لان المعتبر في البيع المغايرة بين الثمن و المثمن و لا مغايرة بينهما في المقام, على اساس ان الثمن ج و هو الكلي في الذمة ج ينطبق على المثمن في الخارج.
و الجواب: انه يكفي في صدق البيع عرفا المغايرة الناشئة من كون المثمن عينا خارجية و الثمن امرا كليا في الذمة, و مجرد كون الثمن منطبقا على المثمن في الخارج, لا ينافي المغايرة بينهما الناشئة من كون احدهما كليا في الذمة و الآخر عينا خارجية, و المفروض في المقام ان الثمن هو الكلي الثابت في الذمة, لا خصوص الحصة المنطبقة منه على المثمن في الخارج, لكي يقال انه لا مغايرة بينهما, و من هنا لا اشكال عرفا في صدق البيع على بيع الشيء القيمي الخارجي بجنسه الكلي في الذمة بزيادة, كبيع فرس معين خارجا بفرسين في الذمة الى اجل محدد فانه منصوص, و هذا يدل على ان هذا المقدار من المغايرة يكفي في صدق البيع. و بكلمة: ان مفهوم البيع غير مفهوم القرض ؛ فان مفهوم البيع متمثل في تمليك مال بعوض, و لهذا
يعتبر في صدقه ان يكون العوض غير المعوض و الثمن غير المثمن, و مفهوم القرض متمثل في تمليك مال خارجي على وجه الضمان بمثله بدون النظر الى المبادلة و المعاوضة بينهما, و مجرد كون مآلهما واحدا في المقام لا يجعل البيع قرضا ؛ لان المعيار في صدق البيع انما هو بانشاء مفهومه عن جد و ان كان قد يفيد فائدة القرض, و من هنا يكون الصلح عقدا مستقلا باعتبار ان مفهومه مغاير لمفهوم البيع، و مفهوم القرض، مع انه قد يفيد فائدة البيع، و قد يفيد فائدة القرض. ثانيهما: ان القرض بمقتضى الارتكاز العقلائي تبديل المال المثلي الخارجي بمثله في الذمة, فيصدق عنوان القرض عرفا على كل معاملة تتكفل لهذا التبديل و لو كان المنشأ فيها عنوان التمليك بعوض, و لا يريد العرف من كلمة القرض الا المعاملة التي تؤدي الى ذلك النحو من التبديل.
و الجواب: الظاهر ان الامر ليس كذلك, لان المرتكز لدى العرف العام, ان صدق عنوان البيع او القرض او غيره من المعاملات منوط بكون المنشأ فيه مفهومه عن جد, فان كان مفهوم البيع كان بيعا و ليس بقرض و لا غيره, و ان كان مفهوم القرض فهو قرض و ليس ببيع و لا غيره, و هكذا. و بكلمة: ان مفهوم القرض يتوقف على كون المال المقترض مثليا خارجيا, فانه اذا كان كذلك و قصد تضمينه بمثله في الذمة من دون لحاظ كون احدهما ثمنا و الآخر مثمنا فهو قرض, و مفهوم البيع لا يتوقف على ذلك ؛ فانه عبارة عن تمليك عين بعوض و ان لم تكن العين او العوض موجودة في الخارج, فاذا قصد تمليك مائة دينار خارجي مثلا بمائة و عشرة دنانير كلية في الذمة الى ستة اشهر بجعل احدهما ثمنا و الآخر مثمنا كان بيعا, و لا يصدق عليه عنوان القرض. يتلخص: انه لا مانع من صحة بيع الاوراق النقدية الشخصية بالكلي منها في الذمة, كبيع الف دينار مثلا نقدا بالف و خمسين دينارا في الذمة الى أجل معين, و بيع ثمانية دنانير مثلا بعشرة في الذمة الى ثلاثة اشهر و هكذا, فانه لا يصدق على ذلك عنوان القرض, على اساس انه لوحظ احدهما ثمنا و الآخر مثمنا و قصد المعاوضة بينهما, و لا يصدق على هذا الا عنوان البيع, و مفهومه دون مفهوم القرض. و على هذا فبإمكان كل من البنك و العميل تحويل القرض في البنوك إلى البيع, فيخرج بذلك عن النظام التقليدي الربوي.
و لو سلمنا ان تبديل القرض بالبيع لا يمكن في عملة واحدة على النحو الذي عرفته, باعتبار انه قرض في الواقع بصورة البيع, الا انه لا مانع منه بين عملتين كالدينار و التومان و الدينار و الدولار و نحوهما, بان يبيع ثمانين دينارا مثلا بألفي تومان مؤجلا بدلا عن ان بيع الثمانين بمائة دينار كذلك, على اساس ان احكام بيع الصرف لا تجري على بيع النقود الورقية, فلا يجب فيه التقابض في المجلس, بل يجوز ان يكون الثمن مؤجلا, و حينئذ ففي نهاية الاجل يمكن للبائع ان يتقاضى من المشتري الفي تومان او ما يساوي ذلك من الدنانير العراقية و هو مائة دينار من باب وفاء الدين بغير جنسه, و بذلك تحصل نفس النتيجة المطلوبة لمن يريد ان يقترض من البنك ربويا. و بكلمة: ان البنك بدلا عن ان يبيع اربعين ديناراً مثلاً بخمسين ديناراً مؤجلاً الى ثلاثة اشهر, يبيع الاربعين بالف تومان مؤجلا الى نفس المدة, و لو قيل في بيع اربعين دينارا بخمسين انه قرض واقعاً و ان البس ثوب البيع صورة, فلا يقال هذا في بيع اربعين ديناراً بألف تومان، لعدم المماثلة بين الثمن و المثمن فيه, و كذلك العميل, فانه بدلاً عن يبيع اربعين ديناراً مثلاً من البنك بخمسين ديناراً مؤجلاً, يبيع الاربعين بالف تومان, و في نهاية المدة يمكن له ان يتقاضى من البنك الف تومان او ما يساوي ذلك من الدنانير و هو خمسون ديناراً مثلاً. و دعوى: ان النظر العرفي في باب النقود انما هو الى ماليتها دون خصوصياتها, فالمنظور اليه عرفا من بيع اربعين دينارا بالف تومان, هو تبديل مالية بمالية, فاذا كان النظر العرفي الى مالية الدنانير و التوامين التي وقعت ثمناً و مثمنا, فلا تغاير بين الثمن و المثمن حينئذٍ الا في كون احدهما امراً خارجياً و الآخر امراً ذميّاً, و هذا معنى تبديل الشيء الى مثله الذي هو معنى القرض. مدفوعة: بان المنظور اليه في باب النقود و ان كان المالية, الا انه المالية الخاصة, فان النظر العرفي الى مالية الدينار إنما هو في ضمن الدينار لا مطلقاً, و الى مالية التومان إنما هو في ضمن التومان و إلى مالية الدولار إنما هو في ضمن الدولار و هكذا, و على هذا ففي بيع الدينار بالتومان يكون النظر العرفي الى تبديل مالية الدينار بمالية التومان, لا الى تبديل مالية بمالية من دون خصوصية للدينار و التومان , فاذن يكون الثمن مغايراً للمثمن و لا مماثلة بينهما. و قد يقال: ان هذا البديل لا يحقق كل فوائد القرض الربوي المحرم شرعاً, و ذلك لان الشخص اذا أخذ عشرين ديناراً مثلاً من البنك مؤجلاً الى شهرين, فان كان اخذها على اساس
القرض الربوي, فان وفى خلال الشهرين فهو, و إلا كان البنك يلزمه بفائدة جديدة عن التأخير, و ان كان اخذها على اساس البيع, لم يجز له الزامه بفائدة جديدة مقابل التأخير. و ان شئت قلت: ان تأخر المدين عن السداد في البنوك التقليدية لا يمثل معضلة كبرى, طالما ان الضمانات كافية لسداد قيمة الدين, و كلما تأخر المدين عن السداد و الوفاء اضيفت فوائد التأخير إلى مديونيته و تكرار التأخير يتضاعف الفائدة على رأس المال, و اما في البنوك غير الربوية فلا يجوز الزام المدين بفائدة جديدة مقابل التأخير لأنه ربا.
و الجواب:ان بامكاننا علاج هذه المعضلة بالتقريب التالي, و هو ان يشترط البنك على عميله المشتري في عقد البيع ان يدفع ديناراً مثلاً عن كل شهر اذا لم يسدد الدين في موعده, و لا يكون هذا ربا, فانّ الزام البنك المدين انما يكون بحكم الشرط في ضمن البيع لا في ضمن القرض حتى يكون ربا. نعم, لو اشترط أن يكون له الدينار في كل شهر في مقابل التأجيل و التأخير لكان من اشتراط الربا. و بكلمة كما أن بإمكان البائع أن يشترط على المشتري في ضمن البيع أن يخيط له في كل شهر ثوبا إلى سنة أو اكثر، أو أن يهب له في كل شهر دينارا إلى ستة أشهر مثلا، كذلك بإمكانه أن يشترط عليه في عقد البيع أن يدفع دينارا في كل شهر يتأخر فيه عن دفع الثمن المقرر من حين حلول موعده، و حيث أن الزام المدين هنا بدفع الدينار يكون بحكم البيع لا بحكم عقد القرض، و لا في مقابل الأجل، فلا يكون من اشتراط الربا. و هناك بدائل أخرى غيرها إذ بإمكان البنك اللاربوي القيام بكل معاملة مشروعة مع عملائه حسب ما يراه فيها من المصلحة و الفائدة للطرفين. الخلاصة: استعرضنا الآن البدائل التي يمكن تطبيقها عمليا في البنوك و المصارف بديلا عن النظام التقليدي الربوي، و لا يقل دور مجموع هذه البدائل و تطبيقها عمليا في تنمية الاقتصاد و الحركة التجارية أو الصناعية أو الزراعية أو غيرها عن دور القروض الربوية فيها، و من هنا قد ألغى الإسلام بشكل جاد و قاطع النظام الربوي عن الاقتصاد الإسلامي نصا و روحا، هذا من ناحية، و من ناحية أخرى إن الإسلام بقدر ما يؤكد في نظامه الاقتصادي على الجانب المادي نصا و روحا يؤكد على الجانب المعنوي أيضا، على أساس إن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يزود الإنسان بطاقات نفسية و ملكات
فاضلة و أخلاق سامية لمعالجة مشاكل الإنسان الكبرى المعقدة في مختلف مجالات الحياة الفردية و العائلية و الاجتماعية، و هو يرتبط بين الدوافع الذاتية و الميول الطبيعية الذاتية للإنسان و المصالح الكبرى، و هي العدالة الاجتماعية التي قد أهتم الإسلام بإيجادها و إيجاد المجتمع الفاضل، فلذلك يكون الدين الإسلامي هو الوسيلة الوحيدة لحل التناقضات بين الدوافع الذاتية لمصالح شخصية و بين المصالح النوعية، و هو يجهز الإنسان بطاقات غريزة الدين و دوافعه المتمثلة في الإيمان بالله العظيم، و بذلك تصبح المصالح العامة للمجتمع الإنساني على طبق الميول الطبيعية و الدوافع الذاتية، و من هنا يكون الإنسان المسلم بحكم غريزة الدين التي أصبحت ميولا ذاتية له يقدم بأقصى درجة الحب و الميل و الرغبة على بذل أعز ما لديه، و هذا معنى حل الدين الإسلامي مشكلة الإنسان الكبرى. و تطبيق هذه البدائل عمليا مرتبط بعدة عوامل: الأول: العامل النفسي و هو ان المسلمين بحكم ضرورة تبعيتهم للدين الإسلامي و مسئوليتهم أمام الله تعالى ملزمون باستخدام هذه البدائل في طريق التعامل المصرفي بديلا عن النظام التقليدي الربوي المحرم بالضرورة من الشرع. الثاني: إن تطبيق تلك البدائل عمليا المتمثلة في النظام اللاربوي بديلا عن النظام التقليدي الربوي في البنوك و المصارف، يدل على أصالة المسلمين الفكرية و شخصيتهم التشريعية المستقلة المستمدة من الكتاب و السنة من ناحية، و على النظام الاقتصادي الإسلامي في حدود دائرة الشرع من ناحية أخرى. الثالث: إن دور هذه البدائل في الحركات التجارية الصناعية و الزراعية و غيرها لا يقل عن دور القروض الربوية.
معالجة الديون الميتة: و هي الديون التي تظل من دون سداد من المدين في البنك
لما تقدم من أن البنك لا يقدم على اعمال البدائل في البنوك و المصارف عوضا عن النظام العملي الربوي فيها، إلا بعد توفر عنصر الثقة و الأمانة الكاملة لديه في العملاء المستثمرين و خبرويتهم المسبقة في الأمور التجارية، و تزويدهم بكافة المعلومات عن أوضاع السوق و تقلباته و مؤشراته و الاشراف عليها، و من الطبيعي ان التأكيد على ذلك كفيل عادة على عدم ضياع رأس المال و الضمان له.
فإن أتى بالكفيل و المؤمن فهو المطلوب، و إلا فله الامتناع عن التقديم، و على هذا فبإمكان البنك أن يقوم بنفسه بالتأمين لقاء عمولة معينة، كما أن له أن يطلب منه بضمان من شركة التأمين، فإذا أمّنت الشركة و قبلت التأمين، قدم البنك له المبلغ المقرر، و عليه أن يدفع أجور التأمين، و ان كان الشركة فعليه أن يدفع أجوره لها، فإذا وقعت خسارة عندئذ في رءوس الأموال لسبب أو آخر أو تلفت، فهي على المؤمن سواء أ كان البنك أم الشركة.
فان البنك يقدر على أساس احصاءات سابقة و الظروف المالية الاقتصادية، ان نسبة معينة من الديون تظل دون وفاء، فيعوض عنها بذلك و يمكن تخريج ذلك فقهيا بما يلي: إن من حق البنك أن يأخذ أجرة على كتابة الدين و شراء أدوات الكتابة و ضبط الحسابات و هكذا، فإن له الامتناع عن ذلك مجانا، كما أن بإمكان الدائن ان يمتنع عن تحمل هذه الاجرة، فيتحملها المدين توصلا إلى أخذ المبلغ.
إلى هنا قد تبين أن بإمكان البنك التخلص من الديون الميتة و الوقوع في خسارتها باختيار أحد هذه الوجوه.
عقد التأمين يشتمل على أركان أربعة: 1) الإيجاب من طالب التأمين. 2) القبول من المؤمن (الشركة أو البنك). 3) المؤمن عليه (النفس أو المال أو عير ذلك). 4) مبلغ التأمين. فالتعاقد بين طالب التأمين و المؤمن و هو الشركة، أما أن يكون بنحو من الضمان المعاملي، بمعنى أن الشركة قد انشأت تعهدا بتحمل الخسارة أو تداركها على تقدير وقوعها بشروط، فإذا قبل طالب التأمين ذلك تحقق عقد الضمان بينهما، أو يكون من الهبة المعوضة، بمعنى أن طالب التأمين و هو العميل في المقام يهب مبلغا محددا في رأس كل شهر للمؤمن و هو الشركة أو البنك مشروطا، بأن يتحمل الخسارة في رءوس الأموال على تقدير وقوعها بسبب من الأسباب، فإذا قبل المؤمن المبلغ الموهوب مشروطا بذلك تحقق الهبة المعوضة، أو يكون عقدا مستقلا بين طالب التأمين و الشركة أو البنك، فلا يكون داخلا لا في الهبة المعوضة و لا في الضمان العقدي، و لا ينطبق عليه عنوان آخر من عناوين المعاملات الخاصة.
و دعوى أنه على هذا لا يمكن الحكم بصحته، مدفوعة بأنه و إن لم يكن مشمولا لإطلاق الأدلة الخاصة التي تدل على صحة المعاملات و امضائها بأسمائها المخصوصة، إلا أنه يكفي في الحكم بصحته عموم قوله تعالى: ((إِلاّٰ أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ)) فإنه مشمول له، و سيأتي شرح عقد التأمين بصورة أوسع و أشمل في ضمن البحوث الآتية.
تحصيل قيمة الشيكات يقوم البنك بتحصيل قيمة الشيكات لمصلحة المستفيد بالطرق التالية:
و في هذه الحالة تواجه البنك المدين في تحصيل قيمة الشيك حوالة واحدة من محرر الشيك لدائنه المستفيد، فالدائن المستفيد بموجب هذه الحوالة يملك قيمة الشيك في ذمة البنك المحول عليه، و على هذا فبإمكان المستفيد أن يبيع قيمة الشيك في ذمة البنك من شخص نقدا، و يكون هذا من بيع الدين بنقد و لا مانع منه شرعا، حتى فيما إذا كان الثمن و المثمن من عملة واحدة لما مر من أنه يكفي في صدق البيع وجود المغايرة بينهما الناجمة من كون احدهما شخصياً خارجيا و الآخر كليا في الذمة، و يرجع المشتري حينئذ إلى البنك و يطلب منه تقييد قيمة الشيك في حسابه أو تسليمها إليه نقدا. نعم، إذا اشترط البنك المدين على عملائه الدائنين من الأول في ضمن عقد ما بعدم الحوالة عليه، فعندئذ كان من حقه ان لا يقبل الحوالة بدون اذنه المسبق كما ان له في هذا الفرض المطالبة بالعمولة لقاء قبولها. هذا إذا كان البنك مدينا لصاحب الشيك، و أما إذا لم يكن مدينا له، فتدخل الحوالة عليه من الحوالة على البري، و صحة هذه الحوالة مرتبطة بقبولها، فان قبل صحت و أصبح البنك مدينا للدائن المستفيد، و إلا بطلت، كما أن له في هذه الحالة أن لا يقبل الحوالة إلا لقاء عمولة.
و في هذه الحالة لا توجد ايضا إلا حوالة واحدة، على أساس أن للبنك ذمة واحدة في كافة فروعه في أنحاء البلاد، مثال ذلك البنك المركزي في بغداد أو طهران مثلا، و له فروع في جميع أنحاء العراق أو إيران، و تلك الفروع كلها وكلاء للجهة العامة التي تملك البنك، و كل فرع منه في أي مكان و بلد كان، فهو وكيل لتلك الجهة العامة، و كل مال مودع في فرع من فروعه، فهو في الحقيقة دين على تلك الجهة العامة، فإذا سحب العميل شيكا على فرع من فروعه لصالح دائنه فقد حول في الحقيقة دائنه عليها، فلذلك كانت الحوالة حوالة واحدة لوحدة المدين و هو الجهة العامة، و على هذا فإذا كان الفرع المسحوب عليه الشيك في النجف الأشرف و الفرع المطالب بتحصيل قيمة الشيك في البصرة مثلا، فهل بامكان الفرع في البصرة أن يطالب عمولة على تحصيل قيمة الشيك و تسديدها أو لا ؟
و الجواب:ان المدين لصاحب الشيك و إن كان نفس البنك من دون فرق بين فرع و فرع منه في جميع أنحاء البلاد، فإذا أودع ماله في فرع منه كان المدين له نفس البنك، إلا أنه غير ملزم بدفع الدين إلى الدائن المستفيد إلا في المكان الذي وقع عقد القرض فيه. و بكلمة ان البنك هو المدين و كل فرع من فروعه وكيل عنه، و لكنه غير ملزم بتسديد الدين للدائن في غير مكانه، فان كان مكانه النجف الأشرف مثلا كان عليه تسديده فيه دون مكان آخر كالحلة أو بغداد أو البصرة مثلا، و على هذا فإذا كان للعميل حساب جاري مع فرع النجف و لكنه أصدر شيكا لصالح دائنه على فرع البصرة، ففي مثل ذلك لا يكون فرع البصرة ملزما بعنوان أنه وكيل عن البنك بتحصيل قيمة الشيك و تسديدها فيها، لأن مكان وقوع القرض هو الأصل في مكان الوفاء، و عليه فيكون من حق البنك أن يطالب المستفيد بعمولة لقاء قيامه بتسديد الدين في مكان آخر غير مكان القرض، و كذلك الحال إذا أصدر العميل شيكا لدائنه المستفيد على نفس المركز، فإنه غير ملزم بتسديد الدين في غير مكان عقد الدين، و من هذا القبيل ما إذا سلم شخص مبلغا في فرع منه في مكان كالنجف الأشرف مثلا و يطلب منه الحوالة على فرعه في البصرة أو مكان آخر داخل العراق، فانه غير ملزم بقبول الحوالة مجانا، و بإمكانه في هذه الحالة أن يطالب لقاء ذلك عمولة.
و تقدم الدائن المستفيد بالشيك إلى البنك الأول ليقوم بتحصيل قيمة الشيك من البنك الثاني و تقييدها في رصيده، ففي هذه الحالة فقد حول العميل دائنه على البنك المسحوب عليه الشيك كبنك التجارة مثلا، و بموجب هذه الحوالة صار البنك المذكور مدينا للمستفيد، و لكن المستفيد بسبب أو آخر يرجع إلى البنك الأول كبنك الزراعة مثلا، و يطالب منه تحصيل قيمة الشيك، و على هذا فان كان بين البنك الأول و البنك الثاني قرار و معاهدة على أن بإمكان دائن كل منهما أن يرجع إلى الآخر للوفاء بدينه و تسديده، كان رجوعه إلى البنك الاول حوالة ثانية من البنك الثاني فهنا حوالتان: الاولى: حوالة العميل دائنه المستفيد على البنك الثاني. الثانية: حوالة البنك الثاني دائنه على البنك الأول، و لا فرق في صحة الحوالة الثانية بين أن يكون البنك الاول مدينا للبنك الثاني أو لا، لأن صحتها مرتبطة بالمعاهدة بينهما
على ذلك، لا بكون البنك المحول عليه مدينا له، و أما إذا لم تكن معاهدة بينهما كذلك، فلا يكون رجوع الدائن المستفيد إلى البنك الاول حوالة من البنك الثاني، بل رجوعه إليه يقوم بتحصيل قيمة الشيك و لو عن طريق اتصاله بالبنك المسحوب عليه بعد التأكد من صحة الشيك، و في هذه الحالة بإمكان المستفيد بدلا عن الرجوع إلى البنك الأول لتحصيل قيمة الشيك أن يقوم ببيع ما ملكه بموجب الحوالة في ذمة البنك الثاني على البنك الأول نقدا، و لا مانع من هذا لأنه من بيع الدين بالنقد. ثمّ أنه هل يجوز للبنك الأول (المحصل) أن يطالب عمولة من المستفيد لقاء قيامه بتحصيل قيمة الشيك من البنك الثاني المسحوب عليه، باعتبار أن ذلك عمل محترم، فيجوز له أخذ الأجرة عليه أو لا ؟ و الجواب:ان في ذلك تفصيلا، فانه ان كانت بينهما معاهدة على ان بامكان دائن كل منهما أن يرجع إلى الآخر لاستيفاء حقه منه، لم يجز للبنك المحصل أن يطالب عمولة لقاء ذلك، على أساس أنه ملزم بالقيام بهذه الخدمة بموجب المعاهدة بينهما، و لا فرق في ذلك بين أن يكون البنك المحصل مدينا للبنك الثاني أو لا، و إن لم تكن معاهدة بينهما كذلك كان من حقه أن يطالب منه عمولة لقاء قيامه بهذا العمل، و لا فرق في ذلك بين أن يكون البنك المحصل مدينا للبنك الثاني أو لا، باعتبار أن رجوعه إلى البنك المحصل ليس بموجب حوالة البنك الثاني عليه، بل من جهة أنه كان يعلم بأنه إذا رجع إليه و هو يقوم بتحصيل قيمة الشيك من البنك المسحوب عليه، و له حينئذ أن يطالبه بعمولة لقاء هذه الخدمة.
و لكن المستفيد يطلب من البنك دفع قيمة الشيك في خارج البلد بعملة أجنبية، كما إذا فرض أن المستفيد يسافر إلى البلد لسبب أو آخر و يحتاج إلى عملة أجنبية، مثال ذلك: شخص مريض أراد أن يسافر إلى لندن مثلا للعلاج، و عنده شيك يتضمن مبلغا من المال على بنك في داخل البلد، يراجع البنك و يطلب منه تحويل المبلغ بعملة أجنبية بسعر الصرف في البلد إلى الخارج كلندن،
و بذلك يصبح البنك مدينا للمستفيد بعملة أجنبية بديلا عن العملة الداخلية، ثمّ يقوم البنك بتزويد الدائن بالحوالة على خارج
البلاد من طريق ممثله ان كان له فرع فيه، و إلا فعلى بنك آخر هناك، و لكن هذا الوجه غير صحيح شرعا، لأنه من بيع الدين بالدين و هو باطل.
فإذا تسلم القيمة باعها منه بعملة أجنبية على ذمته، و بذلك يصبح البنك مدينا للمستفيد بعملة أجنبية، و حينئذ فان أشترط المستفيد على البنك في عقد البيع تزويده بالحوالة بتلك العملة الأجنبية في الخارج فعليه ذلك، و على هذا فان كان له فرع فيه أصدر خطابا إليه بتسديد دين دائنه المستفيد، و حيث أنه لا ذمة للفرع في مقابل الأصل، فلا يصبح مديونا للمستفيد، لما مر من ان فروع البنك جميعا وكلاء له، فلا ذمة لهم في مقابل الأصل، و ان لم يكن له فرع ممثل له في الخارج فعليه أن يزوده بالحوالة على بنك آخر هناك، فإذا احاله عليه أصبح البنك مدينا للمستفيد بموجب الحوالة، و عندئذ فإذا سدد دينه في الخارج قيد المبلغ المسدد في حساب البنك المحول، هذا إذا كان للبنك المحول رصيد مالي عنده، و أما إذا لم يكن فهو من الحوالة على البري فان قبلها صحت و اصبح مدينا للمستفيد، و إلا بطلت. نعم له أن يطالب عمولة لقاء قبوله الحوالة و لا مانع شرعا من اخذ العمولة لقاء ذلك لأن المال المأخوذ إنما هو بإزاء قبول الدين لا على الدين، و الممنوع إنما هو الثاني، لأنه ربا دون الأول، و أما إذا لم يشترط المستفيد على البنك الحوالة على بلد آخر في ضمن البيع، فلا يجب على البنك قبول الحوالة منه مجانا، و له أن يتقاضى منه عمولة في هذا التحويل لقاء قبوله بالدفع في مكان آخر.
يريد المستفيد أن يسافر إليها بسبب أو آخر أو يستورد السلع منها أو غير ذلك، فإذا وافق البنك بتنفيذ طلبه و زوده بالحوالة بها هناك، أصبح المستفيد مدينا للبنك بعملة اجنبية و البنك مدين له بعملة داخلية، فلذلك لا يسقط الدين بالتهاتر، لعدم التماثل بينهما، و لكن بإمكان كل منهما إسقاط ماله عن ذمة الآخر، غاية الأمر إذا كانت مالية أحدهما أزيد من الآخر طولب بالزائد. و بكلمة: أنه لا مانع من هذه الحوالة شرعا، سواء أ كانت على على فرع له هناك أم
كانت على بنك آخر على تفصيل قد مر، و يمكن للبنك حينئذ أن يتقاضى عمولة من المستفيد لقاء قبوله الحوالة هناك، على أساس أنه لا يجب عليه تسديد الدين في غير المكان الذي وقع فيه عقد القرض ما لم يشترط ذلك في عقد ما، و يمكن تخريج ذلك فقهيا بأحد وجوه: الاول: أن ذلك يكون في باب الجعالة، فان الدائن يقول للبنك: إذا سددت قيمة الشيك بعملة أجنبية في خارج البلد فلك كذا مبلغا من المال، و حينئذ فاذا قام البنك بالعملية و سدد قيمته بها في الخارج استحق الجعل. الثاني: أن يكون ذلك بعقد الاجارة، بأن يقوم الدائن المستفيد باستئجار البنك على القيام بهذا العمل ، و هو تزويده بالحوالة على خارج البلد بعملة أجنبية لقاء أجرة محددة، فإذا قبل ذلك و تحقق العقد بينهما أستحق الأجرة. الثالث: أن يكون ذلك من باب أجرة المثل التي يتقاضاها الاجراء للقيام بمثل هذا العمل بدون تحديدها بعقد الجعالة أو الإجارة.
شخص في بلد كالنجف الأشرف مثلا مدين لشخص في بلد آخر كالبصرة و أراد أن يسدد دينه في بلده المقيم فيه فلذلك طرق: الأول: ان الشخص المدين قد أصدر خطابا إلى البنك مباشرة، و يتضمن أمره بدفع مبلغ معين لدائنه المستفيد في بلده المقيم فيه، و حينئذ فان كان للبنك المدين للعميل الآمر فرع ممثل له في بلده أتصل به و أمره بدفع قيمة الدين له، و إن لم يكن له فرع في بلده، فله أن يتصل ببنك آخر هناك و يأمره بدفع قيمة الدين للمستفيد، فإذا دفعها له هناك ضمن البنك الآمر ما دفعه من قيمة الدين بموجب أمره بالدفع، و في هذه الحالة إذا كان للبنك الآمر رصيد مالي عند البنك المأمور، جاز للبنك المأمور أن يدفع قيمة الدين من رصيد البنك الآمر، على أساس أن امره للبنك هناك بدفع قيمة الدين للمستفيد في بلده إقامته، يدل على إذنه و سماحه له بدفعها من رصيده عنده.