مولفات سماحة مرجع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 3
جلد
3
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 3
جلد
3
عنوان الكتاب : تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی
نام ناشر : محلاتي
الجزء : 3
عدد الصفحات: 494
كتاب الصلاة
مقدمة:
في فضل الصلاة اليومية و أنها أفضل الأعمال الدينية اعلم أن الصلاة أحب الأعمال إلى اللّه تعالى و هي آخر وصايا الأنبياء عليهم السّلام،و هي عمود الدين إذا قبلت قبل ما سواها و إن ردت رد ما سواها،و هي أول ما ينظر فيه من عمل ابن آدم فإن صحت نظر في عمله و إن لم تصح لم ينظر في بقية عمله،و مثلها كمثل النهر الجاري فكما أن من اغتسل فيه في كل يوم خمس مرات لم يبق في بدنه شيء من الدرن كذلك كلما صلى صلاة كفر ما بينهما من الذنوب،و ليس ما بين المسلم و بين أن يكفر إلا أن يترك الصلاة،و إذا كان يوم القيامة يدعى بالعبد فأول شيء يسأل عنه الصلاة فإذا جاء بها تامة و إلا زخّ في النار.
و في الصحيح قال مولانا الصادق عليه السّلام:«ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من هذه الصلاة ألا ترى إلى العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السّلام قال:
وَ أَوْصٰانِي بِالصَّلاٰةِ وَ الزَّكٰاةِ مٰا دُمْتُ حَيًّا
1
و روى الشيخ في حديث عنه عليه السّلام:قال:«و صلاة فريضة تعدّ عند اللّه ألف حجة و ألف عمرة مبرورات متقبلات». 2
و قد استفاضت الروايات في الحث على المحافظة عليها في أوائل
الأوقات و أن من استخف بها كان في حكم التارك لها،قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله:
«و ليس مني من استخف بصلاته» 1،و قال:«لا ينال شفاعتي من استخف بصلاته» 2و قال:«لا تضيعوا صلاتكم فإن من ضيع صلاته حشر مع قارون و هامان و كان حقا على اللّه أن يدخله النار مع المنافقين» 3و ورد:بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلى فلم يتم ركوعه و لا سجوده فقال عليه السّلام:«نقر كنقر الغرب لئن مات هذا و هكذا صلاته ليموتن على غير ديني» 4و عن أبي بصير قال:دخلت على أم حميدة أعزيها بأبي عبد اللّه عليه السّلام فبكت و بكيت لبكائها ثم قالت:يا أبا محمد لو رأيت أبا عبد اللّه عند الموت لرأيت عجبا فتح عينيه ثم قال:«اجمعوا كل من بيني و بينه قرابة».
قالت:فما تركنا أحدا إلا جمعناه فنظر إليهم ثم قال:«إن شفاعتنا لا تنال مستخفا بالصلاة» 5و بالجملة ما ورد من النصوص في فضلها أكثر من أن يحصى،و للّه در صاحب الدرة حيث قال:
تنهى عن المنكر و الفحشاء
أقصر فهذا منتهى الثناء
فصل في أعداد الفرائض و نوافلها الصلوات الواجبة ستة:اليومية و منها الجمعة،و الآيات،و الطواف الواجب،و الملتزم بنذر أو عهد أو يمين أو إجارة،و صلاة الوالدين على الولد الأكبر(1)،و صلاة الأموات.
أما اليومية فخمس فرائض:الظهر أربع ركعات،و العصر كذلك، و المغرب ثلاث ركعات،و العشاء أربع ركعات،و الصبح ركعتان،و تسقط في السفر من الرباعيات ركعتان،كما أن صلاة الجمعة أيضا ركعتان.
و أما النوافل فكثيرة،آكدها الرواتب اليومية،و هي في غير يوم الجمعة أربع و ثلاثون ركعة:ثمان ركعات قبل الظهر،و ثمان ركعات قبل العصر،و أربع ركعات بعد المغرب،و ركعتان بعد العشاء من جلوس تعدان بركعه و يجوز فيهما القيام بل هو الأفضل و إن كان الجلوس أحوط(2)
هذا هو الصحيح على تفصيل يأتي في محلّه إن شاء الله تعالى.
بل هو الأقوى،و ذلك لأن مقتضى صحيحة الحارث بن المغيرة و موثقة سليمان بن خالد و إن كان التخيير فيهما بين القيام و الجلوس،إلاّ أن في صحيحة الحجال ما يكون قرينة على حمل الركعتين فيهما على غير الوتيرة باعتبار أنها تدلّ على أن أبا عبد الله عليه السّلام يصلّي ركعتين بعد العشاء يقرأ فيهما بمائة آية و لا
و تسمى بالوتيرة،و ركعتان قبل صلاة الفجر،و إحدى عشر ركعة صلاة الليل و هي ثمان ركعات و الشفع ركعتان و الوتر ركعة واحدة،و أما في يوم الجمعة فيزاد على الست عشرة أربع ركعات(1)،فعدد الفرائض سبع عشرة ركعة،و عدد النوافل ضعفها بعد عدّ الوتيرة ركعة،و عدد مجموع الفرائض و النوافل إحدى و خمسون،هذا و يسقط في السفر(2)نوافل الظهرين
فيه:أن نوافل يوم الجمعة تختلف كمّا و كيفا،ففي صحيحة سعد بن سعد الأشعري إنها اثنان و عشرون ركعة بكيفيّة خاصّة،و في صحيحة البزنطي أنها عشرون ركعة بكيفيّة ثانية،و في صحيحة سعيد الأعرج أنها ستّ عشرة ركعة بكيفيّة ثالثة،و مقتضى الجمع بينها هو التخيير.
قد يقال بعدم سقوطها في السفر لوجهين:
الأول:أنها ليست نافلة العشاء بل هي بدل الوتر،فلا تكون حينئذ مشمولة لما دلّ على سقوط نوافل الصلوات المقصورة في السفر.
الثاني:قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:(لا تصلّ قبل الركعتين و لا بعد هما شيئا نهارا) 1بدعوى أن التقييد بالنهار يدلّ على أن الساقط إنما هو النوافل النهارية،و إلاّ لكان التقييد به لغوا.
و لكن كلا الوجهين لا يتمّ.
أما الأول؛فلأن قوله عليه السّلام في صحيحة فضيل ابن يسار:(منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدّ بركعة مكان الوتر…) 2لا يدلّ إلاّ على أنها شرّعت مكان الوتر، و واضح أنه لا ملازمة بين تشريعها مكان الوتر و عدم كونها نافلة العشاء،إذ لا منافاة
و الوتيرة على الاقوى.
[1176]مسألة 1:يجب الإتيان بالنوافل ركعتين ركعتين إلا الوتر فإنها ركعة،و يستحب في جميعها القنوت حتى الشفع على الأقوى في الركعة الثانية،و كذا يستحب في مفردة الوتر.
[1177]مسألة 2:الأقوى استحباب الغفيلة(1)و هي ركعتان بين المغرب و العشاء،و لكنها ليست من الرواتب،يقرأ فيها في الركعة الأولى بعد الحمد وَ ذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغٰاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنٰادىٰ فِي الظُّلُمٰاتِ أَنْ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ أَنْتَ سُبْحٰانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّٰالِمِينَ فَاسْتَجَبْنٰا لَهُ وَ نَجَّيْنٰاهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذٰلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ (الأنبياء 21:87)و في الثانية بعد الحمد وَ عِنْدَهُ مَفٰاتِحُ الْغَيْبِ لاٰ يَعْلَمُهٰا إِلاّٰ هُوَ وَ يَعْلَمُ مٰا فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ وَ مٰا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّٰ يَعْلَمُهٰا وَ لاٰ حَبَّةٍ فِي ظُلُمٰاتِ الْأَرْضِ وَ لاٰ رَطْبٍ وَ لاٰ يٰابِسٍ إِلاّٰ فِي كِتٰابٍ مُبِينٍ (الأنعام 6:59)،و يستحب أيضا بين المغرب و العشاء صلاة
في القوّة إشكال بل منع،إلاّ بناء على تماميّة قاعدة التسامح في أدلّة السنن،حيث أن الروايات التي استدلّ بها على استحبابها بأجمعها ضعيفة فلا يمكن الاعتماد عليها.
الوصية(1)،و هي أيضا ركعتان يقرأ في اولاهما بعد الحمد ثلاث عشرة مرة سورة إذا زلزلت الأرض،و في الثانية بعد الحمد سورة التوحيد خمس عشرة مرة.
[1178]مسألة 3:الظاهر أن الصلاة الوسطى التي تتأكد المحافظة عليها هي الظهر،فلو نذر أن يأتي بالصلاة الوسطى في المسجد أو في أول وقتها مثلا أتى بالظهر.
[1179]مسألة 4:النوافل المرتبة و غيرها يجوز إتيانها جالسا و لو في حال الاختيار،و الأولى حينئذ عدّ كل ركعتين بركعة فيأتي بنافلة الظهر مثلا ست عشرة ركعة،و هكذا في نافلة العصر،و على هذا يأتي بالوتر مرتين كل مرة ركعة.
في استحبابها إشكال بل منع،إلاّ بناء على قاعدة التسامح في أدلّة السنن،باعتبار أن ما دلّ عليه من الرواية ضعيف.
وقت الظهرين ما بين الزوال و المغرب(1)و يختص بالظهر بأوله مقدار أدائها بحسب حاله،و يختص العصر بآخره كذلك،و ما بين المغرب و نصف الليل وقت للمغرب و العشاء،و يختص المغرب بأوله بمقدار أدائه، و العشاء بآخره كذلك،هذا للمختار،و اما المضطر لنوم أو نسيان أو حيض أو نحو ذلك من أحوال الاضطرار فيمتد وقتهما إلى طلوع الفجر،و يختص العشاء من آخره بمقدار أدائها دون المغرب من أوله أي ما بعد نصف الليل،و الأقوى أن العامد في التأخير إلى نصف الليل أيضا كذلك(2)أي
بل ما بين الزوال و غروب الشمس،أي سقوط قرص الشمس على ما نصّ به في الروايات،لا بينه و بين المغرب،فإن كلمة المغرب متى ما أطلقت كان المقصود منها ذهاب الحمرة التي نراها في طرف المشرق،و من المعلوم أن وقت الظهرين لا يمتدّ الى ذهاب تلك الحمرة.
في القوّة إشكال بل منع،لأن مقتضى الآية الشريفة و الروايات أن وقت العشاءين يمتدّ الى نصف الليل و هو الفترة الواقعة بين غروب قرص الشمس و طلوع الفجر،و بانتهاء تلك الفترة ينتهي نصف الليل،و قد خرج من إطلاق هذه الأدلّة الناسي و النائم و الحائض للنصوص الخاصّة و مورد تلك النصوص و إن كان هذه الثلاثة إلاّ أن العرف لا يفهم خصوصيّة لها،فمن أجل ذلك لا مانع من التعدّي
يمتد وقته إلى الفجر و إن كان آثما بالتأخير،لكن الأحوط أن لا ينوي الأداء و القضاء،بل الأولى ذلك في المضطر أيضا،و ما بين طلوع الفجر الصادق إلى طلوع الشمس وقت الصبح،و وقت الجمعة من الزوال إلى أن يصير الظل مثل الشاخص(1)،فإن أخرها عن ذلك مضى وقته و وجب عليه الإتيان بالظهر.
و وقت فضيلة الظهر من الزوال إلى بلوغ الظل الحادث(2)بعد الانعدام
في امتداد وقت صلاة الجمعة الى هذا الحدّ إشكال بل منع،إذ لم يرد ذلك التحديد،أي تحديد وقت الجمعة من الزوال الى ذلك الحدّ في شيء من الروايات.نعم قد ورد في بعضها أن وقتها يبدأ من أول الظهر الى أن تمضي ساعة، و لا يبعد أن يكون ذلك كناية عن أن وقتها متّسع بمقدار يتمكّن المكلّف من الاتيان بها دون الأكثر،و هذا يعني أن على الناس أن يؤدّوها قبل انتهاء الوقت المفضّل لصلاة الظهر،و أما تحديده بحدّ معين فلا يمكن إثباته.
هذا هو نهاية الوقت المفضّل لصلاة الظهر،فإنه يبدأ من حين الزوال الى أن ينتهي الى ظلّ الشاخص في جانب المشرق بقدر ارتفاع ذلك الشاخص، فإن ذلك هو مقتضى الجمع بين الروايات الكثيرة الواردة في هذا الموضوع بمختلف الألسنة،قد حدّد بعضها الوقت المفضّل لها بقدم،و بعضها الآخر بقدمين،و بتعبير آخر بذراع،و الثالث بقامة،و الرابع ببلوغ ظلّ الشىء مثله في جانب المشرق.و المستفاد من هذه الروايات المختلفة أمران:
أو بعد الانتهاء مثل الشاخص،و وقت فضيلة العصر من المثل إلى المثلين على المشهور،و لكن لا يبعد أن يكون من الزوال إليهما،و وقت فضيلة المغرب من المغرب إلى ذهاب الشفق أي الحمرة المغربية،و وقت فضيلة العشاء من ذهاب الشفق إلى ثلث الليل،فيكون لها وقتا إجزاء قبل ذهاب الشفق و بعد الثلث إلى النصف،و وقت فضيلة الصبح من طلوع الفجر إلى حدوث الحمرة في المشرق(1).
[1180]مسألة 1:يعرف الزوال بحدوث ظل الشاخص المنصوب معتدلا في أرض مسطحة بعد انعدامه كما في البلدان التي تمرّ الشمس على سمت الرأس كمكة في بعض الأوقات،أو زيادته بعد انتهاء نقصانه كما في غالب البلدان و مكة في غالب الأوقات،و يعرف أيضا بميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمن واجه نقطة الجنوب،و هذا التحديد تقريبي كما لا يخفى،و يعرف أيضا بالدائرة الهندية و هي أضبط و أمتن،و يعرف المغرب
بل الى تجلّل السماء و تنوّره،فإن كان ملازما لحدوث الحمرة فهو،و إلاّ فالعبرة إنما هي بذلك،و الظاهر أن تجلّل السماء قبل حدوث الحمرة.
بذهاب الحمرة المشرقية عن سمت الرأس(1)،و الأحوط زوالها من تمام ربع الفلك من طرف المشرق،و يعرف نصف الليل بالنجوم الطالعة أول الغروب إذا مالت عن دائرة نصف النهار إلى طرف المغرب،و على هذا فيكون المناط نصف ما بين غروب الشمس و طلوعها،لكنه لا يخلو عن اشكال لاحتمال أن يكون نصف ما بين الغروب و طلوع الفجر(2)كما عليه
تقدّم أن وقت الظهرين ينتهي باستتار قرص الشمس و غروبه،و إذا صلاّهما بعد ذلك لا بدّ أن تكون بنيّة القضاء،و لا يمتدّ وقتهما الى ذهاب تلك الحمرة.
و أما وقت العشاءين فمقتضى نصّ مجموعة من الروايات المعتبرة أنه يبدأ من حين غروب الشمس أي استتار قرصها،و أما تحديد مبدأ وقتهما بالمغرب الذي يقصد به ذهاب الحمرة عن طرف المشرق بعد اختفاء الشمس عن الأفق و استتارها عن الأنظار فهو و إن كان معروفا إلاّ أن إثباته بالدليل لا يخلو عن إشكال، هذا إضافة الى أن ما استدلّ به عليه لا يصلح أن يقاوم الروايات المذكورة الناصّة بأن وقتهما يبدأ من حين انتهاء وقت الظهرين و هو غروب الشمس و استتارها عن الأنظار،نعم لا بأس بالاحتياط،بل لا يترك.
الظاهر أن هذا الاحتمال هو المتعيّن،و ذلك لأنّ كلمة الغسق الواردة في الآية الشريفة المفسّرة بنصف الليل في الروايات بمعنى ظلمة الليل لا بمعنى شدّة ظلمته و قصواها لكي تكون قرينة على أن المراد من نصف الليل هو النصف ما بين غروب الشمس و طلوعها،و لو لا تلك الروايات المفسّرة لم تكن كلمة الغسق ظاهرة في انتصاف الليل،بل هي ظاهرة في ظلمة الليل،و عليه فتدلّ الآية الشريفة على أن وقتهما يمتدّ الى ظلمة الليل.
ثم إن الليل يطلق في مقابل اليوم لا في مقابل النهار،فإن النهار اسم لما بين
جماعة،و الأحوط مراعاة الاحتياط هنا و في صلاة الليل التي أول وقتها بعد نصف الليل،و يعرف طلوع الفجر باعتراض البياض الحادث في الأفق المتصاعد في السماء الذي يشابه ذنب السرحان و يسمى بالفجر الكاذب و انتشاره على الأفق و صيرورته كالقبطية البيضاء و كنهر سوراء بحيث كلما زدته نظرا أصدقك بزيادة حسنه،و بعبارة أخرى انتشار البياض على الأفق بعد كونه متصاعدا في السماء.
[1181]مسألة 2:المراد باختصاص اول الوقت بالظهر و آخره بالعصر و هكذا في المغرب و العشاء عدم صحة الشريكة في ذلك الوقت مع عدم اداء صاحبته،فلا مانع من إتيان غير الشريكة فيه كما إذا أتى بقضاء الصبح أو غيره من الفوائت في أول الزوال أو في آخر الوقت،و كذا لا مانع من إتيان الشريكة إذا أدّى صاحبة الوقت،فلو صلى الظهر قبل الزوال بظن دخول الوقت فدخل الوقت في أثنائها و لو قبل السلام حيث إن صلاته
صحيحة(1)لا مانع من إتيان العصر أول الزوال،و كذا إذا قدّم العصر على الظهر سهوا و بقي من الوقت مقدار أربع ركعات لا مانع من إتيان الظهر في ذلك الوقت و لا تكون قضاء،و إن كان الأحوط عدم التعرض للأداء و القضاء،بل عدم التعرض لكون ما يأتي به ظهرا أو عصرا لاحتمال احتساب العصر المقدم ظهرا و كون هذه الصلاة عصرا.
[1182]مسألة 3:يجب تأخير العصر عن الظهر و العشاء عن المغرب،فلو قدّم إحداهما على سابقتها عمدا بطلت سواء كان في الوقت المختص أو المشترك،و لو قدّم سهوا فالمشهور على أنه إن كان في الوقت المختص بطلت،و إن كان في الوقت المشترك فإن كان التذكر بعد الفراغ صحت،و إن كان في الأثناء عدل بنيته إلى السابقة إذا بقي محل العدول،و إلا كما إذا دخل في ركوع الركعة الرابعة من العشاء بطلت،و إن كان الأحوط الإتمام و الإعادة بعد الإتيان بالمغرب،و عندي فيما ذكروه إشكال،بل الأظهر في
في صحّة الصلاة في مفروض المسألة إشكال بل منع،فإن الصحّة مبتنية على شمول حديث من أدرك لها،و الظاهر أنه لم يشملها،فإن مورده صلاة الغداة،و قد ذكرنا في محلّه أن التعدّي عنه الى سائر الصلوات بحاجة الى قرينة حيث أن الحكم في مورده يكون على خلاف القاعدة.و دعوى القطع بعدم الفرق و وحدة الملاك لا يمكن بعد ما لم يكن لنا طريق الى احراز ملاكات الاحكام في الواقع و احتمال اختصاص ملاك هذا الحكم بصلاة الغداة موجود،و مع الاغماض عن ذلك و تسليم أنه يعمّ سائر الصلوات أيضا إلاّ أنه لا يشمل المقام،فإن مورده ما إذا أدرك ركعة من أول الصلاة في الوقت و لا يعمّ ما إذا أدرك ركعة منها من آخرها و لا سيّما إذا كان دخول الوقت قبل التسليمة فحسب.
العصر المقدم على الظهر سهوا صحتها و احتسابها ظهرا إن كان التذكر بعد الفراغ لقوله عليه السّلام:«إنما هي أربع مكان أربع»في النص الصحيح،لكن الأحوط الإتيان بأربع ركعات بقصد ما في الذمة من دون تعيين أنها ظهر أو عصر،و إن كان في الأثناء عدل،من غير فرق في الصورتين بين كونه في الوقت المشترك أو المختص،و كذا في العشاء إن كان بعد الفراغ صحت، و إن كان في الأثناء عدل مع بقاء محل العدول على ما ذكروه لكن من غير فرق بين الوقت المختص و المشترك أيضا،و على ما ذكرنا يظهر فائدة الاختصاص فيما إذا مضى من أول الوقت مقدار أربع ركعات فحاضت المرأة،فإن اللازم حينئذ قضاء خصوص الظهر،و كذا إذا طهرت من الحيض و لم يبق من الوقت إلا مقدار أربع ركعات،فإن اللازم حينئذ إتيان العصر فقط،و كذا إذا بلغ الصبي و لم يبق إلا مقدار أربع ركعات،فإن الواجب عليه خصوص العصر فقط،و أما إذا فرضنا عدم زيادة الوقت المشترك عن أربع ركعات فلا يختص بإحداهما(1)بل يمكن أن يقال
بل الظاهر هو اختصاص ذلك الوقت المشترك بالأولى و ذلك لأن الوقت بالذات مشترك بين الصلاتين من المبدأ الى المنتهى،إلاّ أن الدليل قد دلّ على أن صلاة الظهر قبل العصر،و صلاة المغرب قبل العشاء،يعني أن صحّة الاتيان بالثانية في وقتها مشروطة بالاتيان بالأولى شريطة أن يكون الوقت متّسعا لكلتا الصلاتين،و أما إذا لم يبق من الوقت إلاّ مقدار أربع ركعات فهو مختصّ بالثانية و يسقط حينئذ اشتراط صحّتها بالأولى.
و على هذا فإذا فرضنا أن الوقت لا يسع للمكلّف من المبدأ الى المنتهى إلاّ بمقدار أربع ركعات فقد يقال أنه ملحق بمقدار أربع ركعات من آخر الوقت فيختصّ
بالتخيير بينهما،كما إذا أفاق المجنون الا دواري في الوقت المشترك مقدار
أربع ركعات أو بلغ الصبي في الوقت المشترك ثم جنّ أو مات بعد مضي مقدار أربع ركعات و نحو ذلك.
[1183]مسألة 4:إذا بقي مقدار خمس ركعات إلى الغروب قدّم الظهر(1)،و إذا بقي أربع ركعات أو أقل قدم العصر،و في السفر إذا بقي ثلاث ركعات قدم الظهر،و إذا بقي ركعتان قدم العصر،و إذا بقي إلى نصف الليل خمس ركعات قدم المغرب،و إذا بقي أربع أو أقل قدم العشاء،و في السفر إذا بقي أربع ركعات قدم المغرب،و إذا بقي أقل قدم العشاء،و يجب المبادرة إلى المغرب بعد تقديم العشاء إذا بقي بعدها ركعة أو أزيد، و الظاهر أنها حينئذ أداء و إن كان الأحوط عدم نية الأداء و القضاء.
[1184]مسألة 5:لا يجوز العدول من السابقة إلى اللاحقة،و يجوز العكس،فلو دخل في الصلاة بنية الظهر ثم تبين له في الأثناء أنه صلاها لا يجوز له العدول إلى العصر بل يقطع و يشرع في العصر،بخلاف ما إذا تخيل أنه صلى الظهر فدخل في العصر ثم تذكر أنه ما صلى الظهر فإنه
في التقديم إشكال،و لا يبعد عدم جوازه لاستلزامه تفويت العصر في وقته المختصّ،و مقتضى معتبرة أبي بصير الآنفة الذكر أنه إذا خاف فوتها فليبدأ بها،و بما أن تقديم الظهر عليها يوجب فوتها فلا بدّ من العكس.
و أما حديث:من أدرك…فقد مرّ المناقشة في شموله لمثل المقام،هذا إضافة الى أن الاتيان بصلاة الظهر في ذلك الوقت إتيان بها في وقتها تماما،لا أن مقدار منها في وقتها و مقدار منها خارج وقتها لتكون مشمولا لحديث من أدرك.
فالنتيجة:أن الأظهر في المسألة هو الاتيان بصلاة العصر،ثم الاتيان بصلاة الظهر،و بذلك يظهر حال ما بعده.
يعدل إليها.
[1185]مسألة 6:إذا كان مسافرا و قد بقي من الوقت أربع ركعات فدخل في الظهر بنية القصر ثم بدا له الإقامة فنوى الإقامة بطلت صلاته و لا يجوز له العدول إلى العصر فيقطعها و يصلي العصر،و إذا كان في الفرض ناويا للإقامة فشرع بنية العصر لوجوب تقديمها حينئذ ثم بدا له فعزم على عدم الإقامة فالظاهر أنه يعدل بها إلى الظهر قصرا(1).
[1186]مسألة 7:يستحب التفريق بين الصلاتين المشتركتين في الوقت(2)كالظهرين و العشاءين،و يكفي مسماه،و في الاكتفاء به بمجرد فعل النافلة وجه إلا أنه لا يخلو عن إشكال.
[1187]مسألة 8:قد عرفت أن للعشاء وقت فضيلة و هو من ذهاب الشفق
بل الظاهر فيها عدم صحّة العدول،لأن ما دلّ على العدول لا يشمل المقام فإنه مختصّ بما إذا دخل في صلاة العصر غفلة أو نسيانا لصلاة الظهر،أو معتقدا الاتيان بها،ثم بان له أو تذكّر أنه لم يأت بها وجب عليه العدول إليها و يتمّها بنيّة الظهر،و أما إذا نوى الاقامة في مكان فشرع في صلاة العصر عالما بأنها وظيفته الفعلية باعتبار أنه لم يبق من الوقت إلاّ بمقدار أربع ركعات ثم بدا له فعدل عن الاقامة،فعندئذ لا يجوز له العدول الى الظهر،فإن دليل العدول قاصر عن شمول ذلك،و عليه فتكون وظيفته قطع ما بيده و الاتيان بالظهر،ثم بالعصر إذا بقي من الوقت مقدار أربع ركعات،و إن لم يبق إلاّ بمقدار ركعتين قطع و أتى بالعصر.
في الاستحباب إشكال بل منع،حيث يظهر من الروايات أن التفريق لمكان الاتيان بالنافلة لا من جهة أنه في نفسه أمر مستحبّ،فمن لا يأتي بالنافلة فلا يستحبّ له التفريق.
إلى ثلث الليل و وقتا إجزاء من الطرفين،و ذكروا أن العصر أيضا كذلك،فله وقت فضيلة و هو من المثل إلى المثلين و وقتا إجزاء من الطرفين،لكن عرفت نفي البعد في كون ابتداء وقت فضيلته هو الزوال.
نعم الأحوط(1)في إدراك الفضيلة الصبر إلى المثل.
[1188]مسألة 9:يستحب التعجيل في الصلاة في وقت الفضيلة و في وقت الإجزاء،بل كل ما هو أقرب إلى الأول يكون أفضل إلا إذا كان هناك معارض كانتظار الجماعة أو نحوه.
[1189]مسألة 10:يستحب الغلس بصلاة الصبح أي الإتيان بها قبل الإسفار في حال الظلمة.
[1190]مسألة 11:كل صلاة أدرك من وقتها في آخره مقدار ركعة فهو أداء(2)و يجب الإتيان به،فإن من ادرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت، لكن لا يجوز التعمد في التأخير إلى ذلك.
في الاحتياط إشكال بل منع،لما مرّ من أن وقت الفضيلة من الزوال الى قدم في صلاة الظهر،و الى قدمين في صلاة العصر،ثم دونهما في الفضيلة الذراع و الذراعان،ثم المثل و المثلان،غاية الأمر أن من أتى بالنافلة فالوقت المفضّل له القدم و القدمان و هكذا،و من لم يأت بها فالوقت المفضّل له يبدأ من الزوال،لما دلّ من الروايات على أفضليّة أول الوقت لكل صلاة.
هذا مبنىّ على عموم حديث(من أدرك..)لسائر الصلوات أيضا و عدم اختصاصه بمورده،و أما بناء على ما قوّيناه من الاختصاص فهو أداء شرعا في مورده دون سائر الموارد.
فصل في أوقات الرواتب
[1191]مسألة 1:وقت نافلة الظهر من الزوال إلى الذراع،و العصر إلى الذراعين أي سبعي الشاخص و أربعة أسباعه بل إلى آخر وقت إجزاء الفريضتين على الأقوى،و إن كان الأولى بعد الذراع تقديم الظهر و بعد الذراعين تقديم العصر و الإتيان بالنافلتين بعد الفريضتين،فالحدان الأولان للأفضلية،و مع ذلك الأحوط بعد الذراغ و الذراعين عدم التعرض لنية الأداء و القضاء في النافلتين.
[1192]مسألة 2:المشهور عدم جواز تقديم نافلتي الظهر و العصر في غير يوم الجمعة على الزوال و اعلم بعدم التمكن من إتيانهما بعده،لكن الأقوى جوازه فيهما خصوصا في الصورة المذكورة(1).
[1193]مسألة 3:نافلة يوم الجمعة عشرون ركعة(2)،و الأولى تفريقها بأن
في القوّة إشكال بل منع،و الأظهر هو التخصيص بما إذا لم يتمكّن من الاتيان بهما بعد الزوال لسبب من الأسباب،و ذلك لأن صحيحة محمد بن عذافر فإن كانت مطلقة و مقتضى إطلاقها جواز الاتيان بهما مطلقا قبل الزوال و إن كان متمكّنا من الاتيان بهما بعده.و لكن لا بدّ من تقييده بصحيحة اسماعيل بن جابر الظاهرة في تقييد الجواز بعدم التمكّن منه بعده.
تقدّم في فصل أعداد الفرائض و نوافلها أن تحديدها بذلك غير