مولفات سماحة مرجع الديني الشيخ الفيّــاض

تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 2
جلد
2
تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی – ج 2
جلد
2
عنوان الكتاب : تعاليق مبسوطة علی العروة الوثقی
نام ناشر : محلاتي
الجزء : 2
عدد الصفحات: 382
فصل في الأغسال و الواجب منها سبعة:غسل الجنابة،و الحيض،و النفاس، و الاستحاضة،و مس الميت،و غسل الأموات،و الغسل الذي وجب بنذر و نحوه كأن نذر غسل الجمعة أو غسل الزيارة أو الزيارة مع الغسل،و الفرق بينهما أن في الأول إذا أراد الزيارة يجب أن يكون مع الغسل و لكن يجوز أن لا يزور أصلا و في الثاني يجب الزيارة فلا يجوز تركها،و كذا إذا نذر الغسل لسائر الأعمال التي يستحب الغسل لها.
[640]مسألة 1:النذر المتعلق بغسل الزيارة و نحوها يتصور على وجوه:
الأول:أن ينذر الزيارة مع الغسل،فيجب عليه الغسل و الزيارة،و إذا ترك أحدهما وجبت الكفارة.
الثاني:أن ينذر الغسل للزيارة بمعنى أنه إذا أراد أن يزور لا يزور إلا مع الغسل،فإذا ترك الزيارة لا كفارة عليه،و إذا زار بلا غسل وجبت عليه.
الثالث:أن ينذر غسل الزيارة منجزا،و حينئذ يجب عليه الزيارة أيضا و إن لم يكن منذورا مستقلا بل وجوبها من باب المقدمة،فلو تركها وجبت كفارة واحدة،و كذا لو ترك أحدهما،و لا يكفي في سقوطها الغسل فقط و إن كان من عزمه حينه أن يزور،فلو تركها وجبت،لأنه إذا لم تقع الزيارة بعده لم يكن غسل الزيارة.
الرابع:أن ينذر الغسل و الزيارة،فلو تركهما و جبت عليه كفارتان،و لو
ترك أحدهما فعليه كفارة واحدة.
الخامس:أن ينذر الغسل الذي بعده الزيارة و الزيارة مع الغسل،و عليه لو تركهما وجبت كفارتان،و لو ترك أحدهما فكذلك،لأن المفروض تقيد كل بالآخر،و كذا الحال في نذر الغسل لسائر الأعمال.
فصل في غسل الجنابة
و هي تحصل بأمرين:
الأول:خروج المني و لو في حال النوم أو الاضطرار و إن كان بمقدار رأس إبرة،سواء كان بالوطء أو بغيره مع الشهوة أو بدونها(1)جامعا للصفات أو فاقدا لها مع العلم بكونه منيا،و في حكمه الرطوبة المشتبهة الخارجة بعد الغسل مع عدم الاستبراء بالبول،و لا فرق بين خروجه من المخرج المعتاد أو غيره،و المعتبر خروجه إلى خارج البدن،فلو تحرك من محله و لم يخرج لم
هذا في الرجل و أما في المرأة فان خرج الماء منها و هي لم تكن في حالة تهيج و شهوة ففي وجوب الغسل عليها اشكال،و لا يبعد عدم وجوبه،و هذا هو مقتضى الجمع بين الروايات،فان طائفة منها تدل على وجوب الغسل عليها بخروج الماء منها مطلقا،و طائفة منها تدل على عدم الوجوب مطلقا،و طائفة ثالثة تدل على وجوبه عليها اذا كان خروجه منها بشهوة،و على هذا فالطائفتان الاوليان اما أن تسقطان من جهة المعارضة،أو ترجيح الطائفة الثانية على الأولى بملاك أنها أصرح دلالة منها،و على كلا التقديرين فالمتعين هو الأخذ بالطائفة الثالثة،و لكن مع ذلك اذا علمت المرأه بخروج المني منها و هي ليست في حالة شهوة و تهيج فعليها الغسل على الأحوط،و ان كانت محدثة بالأصغر قبل الغسل وجب عليها الجمع بين الوضوء و الغسل.
يوجب الجنابة،و أن يكون منه فلو خرج من المرأة مني الرجل لا يوجب جنابتها إلا مع العلم باختلاطه بمنيها،و إذا شك في خارج أنه مني أم لا اختبر بالصفات من الدفق و الفتور و الشهوة،فمع اجتماع هذه الصفات يحكم بكونه منيا و إن لم يعلم بذلك،و مع عدم اجتماعها و لو بفقد واحد منها لا يحكم به إلا إذا حصل العلم،و في المرأة و المريض يكفي اجتماع صفتين و هما الشهوة و الفتور(1).
الثاني:الجماع و إن لم ينزل و لو بإدخال الحشفة أو مقدارها من مقطوعها(2)في القبل أو الدبر(3)من غير فرق بين الواطئ و الموطوء و الرجل
الظاهر أن الفتور ملازم للشهوة و ليس علامة مستقلة،فلو كان علامة مستقلة لم يكن معتبرا لا في المرأة و لا في المريض،أما في المرأة فقد مرّ اناطة وجوب الغسل عليها بخروج الماء منها بشهوة فحسب،و أما المريض فلا دليل على اعتباره فيه زائدا على الشهوة.
بل لا يبعد كفاية مجرد الادخال و الايلاج منه و إن لم يكن بمقدار الحشفة لأن مقطوع الحشفة لا يكون مشمولا لروايات التقاء الختانين الا بدعوى أنها ناظرة الى تحديد الادخال و الايلاج بذلك و لا موضوعية لها،و لكنها بحاجة الى قرينة،و الا فظاهرها الموضوعية،و عليه فبطبيعة الحال تكون تلك الروايات مقيدة لإطلاق روايات الايلاج و الادخال بغيره،و اما مقطوع الحشفة فهو لا يزال باقيا تحت اطلاق تلك الروايات و مقتضاه كفاية صدق الايلاج و الادخال و ان لم يكن مقدارها،كما إذا كان الباقي بمقدارها أو أقل.
في الحكم بعدم الفرق بينهما اشكال،فان وجوب الغسل على الواطئ أو الموطوء اذا كان الوطء في الدبر مبني على الاحتياط و إن كان الموطوء امرأة،و على هذا فان كانا محدثين بالأصغر وجب عليهما الجمع بين الغسل و الوضوء،و بذلك
و الامرأة و الصغير و الكبير و الحي و الميت و الاختيار و الاضطرار في النوم أو اليقظة حتى لو أدخلت حشفة طفل رضيع فإنهما يجنبان،و كذا لو أدخل ذكر ميت أو أدخل في ميت،و الأحوط في وطء البهائم من غير إنزال الجمع بين الغسل و الوضوء إن كان سابقا محدثا بالأصغر،و الوطء في دبر الخنثى موجب للجنابة دون قبلها إلا مع الإنزال فيجب الغسل عليه دونها إلا أن تنزل هي أيضا،و لو أدخلت الخنثى في الرجل أو الأنثى مع عدم الإنزال لا يجب الغسل على الواطئ و لا على الموطوء،و إذا دخل الرجل بالخنثى و الخنثى بالأنثى وجب الغسل على الخنثى دون الرجل و الأنثى.
[641]مسألة 1:إذا رأى في ثوبه منيا و علم أنه منه و لم يغتسل بعده وجب عليه الغسل و قضاء ما تيقن من الصلوات التي صلاها بعد خروجه،و أما الصلوات التي يحتمل سبق الخروج عليها فلا يجب قضاؤها،و إذا شك في أن هذا المني منه أو من غيره لا يجب عليه الغسل و إن كان أحوط خصوصا إذا كان الثوب مختصا به،و إذا علم أنه منه و لكن لم يعلم أنه من جنابة سابقة اغتسل منها أو جنابة أخرى لم يغتسل لها لا يجب عليه الغسل أيضا،لكنه أحوط(1).
[642]مسألة 2:إذا علم بجنابة و غسل و لم يعلم السابق منهما وجب عليه
بل هو الأقوى لمعارضة استصحاب بقاء الجنابة الحاصلة بخروج هذا المني المشاهد باستصحاب بقاء الطهارة فيسقطان،فالمرجع قاعدة الاشتغال،و اذا كان محدثا بالأصغر بعد الغسل وجب الجمع بينه و بين الوضوء.
الغسل(1)إلا إذا علم زمان الغسل دون الجنابة فيمكن استصحاب الطهارة حينئذ(2).
[643]مسألة 3:في الجنابة الدائرة بين شخصين لا يجب الغسل على واحد منهما(3)،و الظن كالشك و إن كان الأحوط فيه مراعاة الاحتياط،فلو ظن أحدهما أنه الجنب دون الآخر اغتسل و توضأ إن كان مسبوقا بالأصغر.
[644]مسألة 4:إذا دارت الجنابة بين شخصين لا يجوز لأحدهما الاقتداء بالآخر للعلم الإجمالي بجنابته أو جنابة إمامه،و لو دارت بين ثلاثة يجوز لواحد أو الاثنين منهم الاقتداء بالثالث لعدم العلم حينئذ(4)،و لا يجوز لثالث علم إجمالا بجنابة أحد الاثنين أو أحد الثلاثة الاقتداء بواحد منهما أو منهم
لقاعدة الاشتغال بعد تعارض استصحاب بقاء الجنابة باستصحاب بقاء الطهارة و سقوطهما من جهة المعارضة،هذا اذا لم يصدر منه الحدث الأصغر و الا فلا بد من ضم الوضوء اليه أيضا.
هذا مبني على أن الاستصحاب يجري في المعلوم تاريخه دون المجهول، و لكن قد ذكرنا في الأصول انه لا فرق بينهما الاّ في كون المستصحب في المعلوم شخصيا و في المجهول كليا،و هذا لا يصلح أن يكون فارقا بينهما من هذه الناحية.
هذا اذا لم تكن جنابة احدهما موضوعا لحكم متوجه إلى الآخر و الا وجب الغسل عليه،و اذا كان محدثا بالأصغر وجب ضم الوضوء اليه أيضا.
فيه انه و ان لم يعلم بجنابة أحدهما الا أنه يعلم اما بجنابة نفسه أو جنابة أحدهما و لازم ذلك انه يعلم بعدم جواز الاقتداء باحدهما اما لبطلان صلاة نفسه أو صلاة أمامه.و مقتضى هذا العلم الإجمالي عدم جوازه لا بكليهما و لا بأحدهما، و ليس ملاك عدم جوازه علم المأموم بجنابة أحدهما أو أحدهم اذ لا فرق بينه و بين علمه بجنابة نفسه أو جنابة أحدهما في عدم جواز الاقتداء.
إذا كانا أو كانوا محل الابتلاء له و كانوا عدولا عنده،و إلا فلا مانع،و المناط علم المقتدى بجنابة أحدهما لا علمهما،فلو اعتقد كل منهما عدم جنابته و كون الجنب هو الآخر أو لا جنابة لواحد منهما و كان المقتدي عالما كفى في عدم الجواز،كما أنه لو لم يعلم المقتدي إجمالا بجنابة أحدهما و كانا عالمين بذلك لا يضر باقتدائه.
[645]مسألة 5:إذا خرج المني بصورة الدم وجب الغسل أيضا بعد العلم بكونه منيا.
[646]مسألة 6:المرأة تحتلم كالرجل،و لو خرج منها المني حينئذ وجب عليها الغسل(1)،و القول بعدم احتلامهن ضعيف.
[647]مسألة 7:إذا تحرك المني في النوم عن محله بالاحتلام و لم يخرج إلى خارج لا يجب الغسل كما مرّ،فإذا كان بعد دخول الوقت و لم يكن عنده ماء للغسل هل يجب عليه حبسه عن الخروج أولا الأقوى عدم الوجوب(2)، و إن لم يتضرر به،بل مع التضرر يحرم ذلك(3)،فبعد خروجه يتيمم للصلاة،
في اطلاقه اشكال بل منع لما مر من ان وجوب الغسل عليها فيما اذا خرج الماء منها في حالة شهوة و تهيج،و اما اذا خرج منها بدون شهوة فان علمت بكون الخارج منها منيا وجب عليها الجمع بين الغسل و الوضوء إن كانت محدثة بالأصغر قبل خروجه منها أو بعده،و الا فعليها الغسل على الأحوط.
الظاهر الوجوب لأن المكلف اذا كان متمكنا من الصلاة مع الطهارة المائية بعد دخول الوقت لم يجز له تفويتها،و في المقام يكون المكلف متمكنا منها في الوقت لتمكنه من حبسه و المنع عن خروجه،و في مثل ذلك يجب عليه الحبس.
هذا مبني على حرمة الاضرار بالنفس مطلقا،و أما بناء على ما هو الصحيح
نعم لو توقف إتيان الصلاة في الوقت على حبسه بأن لم يتمكن من الغسل و لم يكن عنده ما يتيمم به و كان على وضوء بأن كان تحرك المني في حال اليقظة و لم يكن في حبسه ضرر عليه لا يبعد وجوبه(1)،فإنه على التقادير المفروضة لو لم يحبسه لم يتمكن من الصلاة في الوقت و لو حبسه يكون متمكنا.
[648]مسألة 8:يجوز للشخص إجناب نفسه(2)،و لو لم يقدر على الغسل و كان بعد دخول الوقت،نعم إذا لم يتمكن من التيمم أيضا لا يجوز ذلك،و أما في الوضوء فلا يجوز لمن كان متوضئا و لم يتمكن من الوضوء لو أحدث أن يبطل وضوءه إذا كان بعد دخول الوقت،ففرق في ذلك بين الجنابة و الحدث الأصغر،و الفارق النص.
[649]مسألة 9:إذا شك في أنه هل حصل الدخول أم لا؟لم يجب عليه الغسل،و كذا لو شك في أن المدخول فرج أو دبر أو غيرهما،فإنه لا يجب عليه الغسل.
[650]مسألة 10:لا فرق في كون إدخال تمام الذكر أو الحشفة موجبا
بل لا شبهة في وجوبه اذا كان بعد دخول الوقت،لأنه لو لم يحبس المني و خرج منه لأدى ذلك إلى عدم تمكنه من الصلاة فيه و تفويتها حتى مع الطهارة الترابية و هو غير جائز جزما،بل لا يبعد وجوبه قبل دخول الوقت اذا علم بأنه يؤدي الى تفويتها في الوقت كذلك لأنه تفويت للملاك الملزم في ظرفه.
في الجواز مطلقا اشكال بل منع،لأن مقتضى القاعدة عدم الجواز لاستلزامه تفويت الواجب الفعلي و هو الصلاة مع الطهارة المائية.نعم ورد النص على الجواز في خصوص الاتيان بالأهل و لكن لا بد من الاقتصار عليه.
للجنابة بين أن يكون مجردا أو ملفوفا بوصلة أو غيرها،إلا أن يكون بمقدار لا يصدق عليه الجماع.
[651]مسألة 11:في الموارد التي يكون الاحتياط في الجمع بين الغسل و الوضوء الأولى أن ينقض الغسل بناقض من مثل البول و نحوه ثم يتوضأ،لأن الوضوء مع غسل الجنابة غير جائز(1)،و المفروض احتمال كون غسله غسل الجنابة.
فيه ان حرمة الوضوء مع غسل الجنابة حرمة تشريعية فلا تنافي الاحتياط اصلا،و عليه فلا يخفى ما في الأولوية.
فصل في ما يتوقف على الغسل من الجنابة و هى أمور:
الأول:الصلاة،واجبة أو مستحبة اداء و قضاء لها و لأجزائها المنسية، و صلاة الاحتياط،بل و كذا سجدتا السهو على الأحوط،نعم لا يجب في صلاة الأموات و لا في سجدة الشكر و التلاوة.
الثاني:الطواف الواجب دون المندوب،لكن يحرم على الجنب دخول مسجد الحرام،فتظهر الثمرة فيما لو دخله سهوا و طاف،فإن طوافه محكوم بالصحة،نعم يشترط في صلاة الطواف الغسل و لو كان الطواف مندوبا.
الثالث:صوم شهر رمضان و قضائه(1)،بمعنى أنه لا يصح إذا أصبح جنبا متعمدا أو ناسيا(2)للجنابة،و أما سائر الصيام ما عدا رمضان و قضائه فلا
فيه ان قضاء شهر رمضان يختلف عن صومه،فان صحة قضائه مشروطة بعدم البقاء على الجنابة الى الفجر مطلقا،فلو بقي عليها بطل و إن لم يكن متعمدا و لا متساهلا.
فيه ان صحة الصوم كما انها مشروطة بعدم تعمد البقاء على الجنابة الى الفجر و بعدم نسيان غسلها كذلك انها مشروطة بعدم التسامح في البقاء عليها الى الصبح و ان كان في النومة الأولى،كما اذا نام مع علمه بأن عادته ليست على الاستيقاظ من النوم قبل الفجر بمقدار يتمكن من الغسل،و لكن قد يتفق،ففي مثل ذلك اذا لم
يبطل بالإصباح جنبا و إن كانت واجبة،نعم الأحوط في الواجبة منها ترك تعمد الإصباح جنبا(1)،نعم الجنابة العمدية في أثناء النهار تبطل جميع الصيام حتى المندوبة منها،و أما الاحتلام فلا يضر بشيء منها حتى صوم رمضان.
فصل في ما يحرم على الجنب و هى أيضا أمور:
الأول:مس خط المصحف على التفصيل الذي مرّ في الوضوء،و كذا مس اسم اللّه تعالى و سائر أسمائه و صفاته المختصة(2)،و كذا مس أسماء الأنبياء و الأئمة(عليهم السلام)على الأحوط.
الثاني:دخول مسجد الحرام و مسجد النبي صلّى اللّه عليه و آله و إن كان بنحو المرور.
الثالث:المكث في سائر المساجد بل مطلق الدخول فيها على غير وجه
لا بأس بتركه و لا منشأ له.
على الأحوط فيها لاختصاص الدليل باسم الجلالة و عدم الدليل على الحرمة في غيره من الاسماء و الصفات.
المرور،و أما المرور فيها بأن يدخل من باب و يخرج من آخر فلا بأس به،و كذا الدخول بقصد أخذ شيء منها فإنه لا بأس به،و المشاهد كالمساجد في حرمة المكث فيها(1).
الرابع:الدخول في المساجد بقصد وضع شيء فيها بل مطلق الوضع فيها و إن كان من الخارج أو في حال العبور.
الخامس:قراءة سور العزائم،و هي سورة اقرأ و النجم و الم تنزيل و حم السجدة و إن كان بعض واحدة منها بل البسملة أو بعضها بقصد إحداها على الأحوط،لكن الأقوى اختصاص الحرمة بقراءة آيات السجدة منها.
[652]مسألة 1:من نام في أحد المسجدين و احتلم أو أجنب فيهما أو في الخارج و دخل فيهما عمدا أو سهوا أو جهلا وجب عليه التيمم للخروج،إلا أن يكون زمان الخروج أقصر من المكث للتيمم فيخرج من غير تيمم(2)أو كان زمان الغسل فيهما مساويا أو أقل من زمان التيمم فيغتسل حينئذ،و كذا حال الحائض و النفساء(3).
[653]مسألة 2:لا فرق في حرمة دخول الجنب في المساجد بين المعمور
على الأحوط.
بل الأمر كذلك اذا كان زمان الخروج مساويا لزمان المكث للتيمم إذ حينئذ لا موجب له فانه وظيفة المضطر و لا يكون المكلف مضطرا اليه حينئذ،و مع عدم الاضطرار لا دليل على مشروعيته.
الظاهر ان مراده(قده)من الحاق الحائض و النفساء بالجنب في هذا الحكم انما هو بعد انقطاع الدم،و اما قبل الانقطاع فلا يكون التيمم مشروعا في حقهما.
منها و الخراب و إن لم يصلّ فيه أحد و لم يبق آثار مسجديته،نعم في مساجد الأراضي المفتوحة عنوة إذا ذهب آثار المسجدية بالمرة يمكن القول بخروجها عنها(1)،لأنها تابعة لآثارها و بنائها.
[654]مسألة 3:إذا عين الشخص في بيته مكانا للصلاة و جعله مصلّى له لا يجري عليه حكم المسجد.
[655]مسألة 4:كل ما شك في كونه جزءا من المسجد من صحنه و الحجرات التي فيه و منارته و حيطانه و نحو ذلك لا يجري عليه الحكم،و إن كان الأحوط الإجراء إلا إذا علم خروجه منه.
[656]مسألة 5:الجنب إذا قرأ دعاء كميل الأولى و الأحوط أن لا يقرأ منه (أَ فَمَنْ كٰانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كٰانَ فٰاسِقاً لاٰ يَسْتَوُونَ) (السجدة 32:18)لأنه جزء من سورة حم السجدة،و كذا الحائض،و الأقوى جوازه لما مر من أن المحرم قراءة آيات السجدة لا بقية السورة.
هذا مبني على القول بأن الأرض المفتوحة عنوة قد ظلت في ملك الأمة و ان عملية الاحياء لم تؤثر فيها و انما تخلق الشروط و الفرص فيها للمحيى،فما دامت تلك الفرص و الشروط المتاحة له موجودة فيها فله حق الاستفادة منها و ليس لآخر ان يزاحمه فيه،و اما اذا زالت فلا حق له في الرقبة،و لكن على هذا القول لا يصح وقفها مسجدا من الأول لأن معنى المسجدية التحرير و الخروج عن الملك أو الحق و لا موضوع له على هذا القول.
و اما على القول بأن عملية الاحياء تمنحه الحق فيها او الملك الذي لا يزول بزوال الآثار و الشروط التي تخلقها العملية فلا مانع من جعلها مسجدا،و ليست مسجديتها حينئذ تابعة لآثارها و بنائها.
[657]مسألة 6:الأحوط عدم إدخال الجنب في المسجد(1)و إن كان صبيا أو مجنونا أو جاهلا بجنابة نفسه.
[658]مسألة 7:لا يجوز أن يستأجر الجنب لكنس المسجد في حال جنابته،بل الإجارة فاسدة(2)و لا يستحق أجرة،نعم لو استأجره مطلقا لكنه كنس في حال جنابته و كان جاهلا بأنه جنب أو ناسيا استحق الأجرة،بخلاف ما إذا كنس عالما فانه لا يستحق لكونه حراما(3)و لا يجوز أخذ الأجرة على
لا بأس بتركه اما بالنسبة الى الصبي و المجنون فان الدخول في المسجد لا يكون محرما عليهما في الواقع لكي يكون التسبيب اليه تسبيبا الى الحرام.نعم لو كان الحرام مما يعلم باهتمام الشارع بعدم ايجاده في الخارج مطلقا حتى من الصبي و المجنون و لو كان بالتسبيب كقتل النفس المحترمة و الزنا و اللواط و شرب الخمر و ما شاكل ذلك لم يجز،و لكنه في المسألة ليس كذلك.
و أما بالنسبة إلى الجاهل بجنابة نفسه فالدخول فيه و ان كان محرما عليه في الواقع الاّ أنه لا دليل على حرمة التسبيب اليه لأن الحرام في المقام ليس مما يعلم باهتمام الشارع بعدم ايجاده في الخارج مطلقا.
هذا فيما إذا كان الأجير عالما بجنابة نفسه،و اما اذا كان جاهلا بها فلا مانع من الاجارة وضعا و تكليفا و ان كان المستأجر عالما بجنابته لما مر من عدم حرمة التسبيب.
بل يستحق لأن العمل المتأخر عليه و هو الكنس ليس بحرام و انما الحرام مقدمته و هي الدخول و المكث،و قد صرح قدّس سرّه بذلك بعد سطرين بقوله:«لأن متعلق الاجارة و هو الكنس لا يكون حراما و انما الحرام الدخول و المكث…»،فاذن قوله:
«لكونه حراما»إن أراد من حرمته حرمته من جهة حرمة مقدمته لا في نفسه،فهي لا تمنع عن استحقاق الاجرة،و إن اراد حرمته في نفسه فقد صرح(قده)انه ليس بحرام
العمل المحرم،و كذا الكلام في الحائض و النفساء،و لو كان الأجير جاهلا أو كلاهما جاهلين في الصورة الاولى أيضا يستحق الأجرة،لأن متعلق الإجارة و هو الكنس لا يكون حراما،و إنما الحرام الدخول و المكث،فلا يكون من باب أخذ الأجرة على المحرم،نعم لو استأجره على الدخول أو المكث كانت الإجارة فاسدة و لا يستحق الأجرة و لو كانا جاهلين،لأنهما محرمان و لا يستحق الأجرة على الحرام(1)،و من ذلك ظهر أنه لو استأجر الجنب أو الحائض أو النفساء للطواف المستحب كانت الإجارة فاسدة و لو مع الجهل، و كذا لو استأجره لقراءة العزائم،فإن المتعلق فيهما هو نفس الفعل المحرم، بخلاف الإجارة للكنس فانه ليس حراما،و إنما المحرم شيء آخر و هو الدخول و المكث،فليس نفس المتعلق حراما.
[659]مسألة 8:إذا كان جنبا و كان الماء في المسجد يجب عليه أن يتيمم و يدخل المسجد لأخذ الماء(2)أو الاغتسال فيه،و لا يبطل تيممه لوجدان
في الحكم بعدم استحقاق الاجرة في المقام اشكال بل منع،فان المعتبر في صحة الاجارة تمكن الأجير من تسليم العمل عقلا و شرعا و بما انه متمكن من ذلك في المقام من جهة جهله بالحرمة و اعتقاده بالاباحة فلا مانع من صحة الاجارة و استحقاقه الاجرة عليه،و لعل نظر الماتن(قده)في الحكم بالبطلان الى ما ورد من:
«أن اللّه تعالى اذا حرّم شيئا حرم ثمنه»و لكن لم يثبت.نعم إذا كانت حرمة العمل مساوقة لعدم ماليته عند الشارع لم تصح الاجارة عليه مطلقا حتى في حال الجهل بحرمته.و بذلك يظهر حال ما بعده.
تقدم ان دخول الجنب في المسجد بغاية أخذ شيء جائز و لا يتوقف
هذا الماء إلا بعد الخروج أو بعد الاغتسال،و لكن لا يباح بهذا التيمم إلا دخول المسجد و اللبث فيه بمقدار الحاجة،فلا يجوز له مس كتابة القرآن و لا قراءة العزائم إلا إذا كانا واجبين فورا.
[660]مسألة 9:إذا علم اجمالا جنابة أحد الشخصين لا يجوز له استئجارهما و لا استئجار أحدهما(1)لقراءة العزائم أو دخول المساجد أو
في اطلاق ذلك اشكال بل منع،فان الشخصين المذكورين لا يخلوان من أن يعلما بجنابة احدهما اجمالا،او يعلم احدهما بجنابة نفسه دون الآخر،فعلى الأول:اما ان يكون لهذا العلم الإجمالي أثر كما اذا كان كل منهما جديرا بالاقتداء به أو لا يكون له أثر،فهنا صور:
الأولى:أن يكون لذلك العلم الإجمالي أثر،ففي مثل ذلك لا يصح استئجارهما و لا لأحدهما،لأن كلا منهما يعلم أما أنه يحرم عليه قراءة العزائم أو دخول المساجد أو الاقتداء بالآخر،و معه لا يقدر على تسليم العمل،و أما تكليفا فلا موضوع للتسبيب فيها لأنه انما يتصور بالنسبة الى الجاهل بالواقع دون العالم به.
الثانية:أن لا يكون له أثر،ففي مثل ذلك يجوز استئجار كل منهما لقراءة العزائم أو دخول المساجد أو نحو ذلك وضعا و تكليفا،أمّا وضعا فلأن كل واحد منهما بمقتضى تكليف نفسه قادر على تسليم العمل عقلا و شرعا،و اما تكليفا فقد مرّ أن التسبيب في مثل المقام لا مانع منه و لا دليل على حرمته.
نحو ذلك مما يحرم على الجنب.
[661]مسألة 10:مع الشك في الجنابة لا يحرم شيء من المحرمات المذكورة إلا إذا كانت حالته السابقة هي الجنابة.
فصل في ما يكره على الجنب و هي أمور:
الأول:الأكل،و الشرب،و يرتفع كراهتهما بالوضوء أو غسل اليدين و المضمضة و الاستنشاق أو غسل اليدين فقط.
الثاني:قراءة ما زاد على سبع آيات من القرآن ما عدا العزائم،و قراءة ما زاد على السبعين أشد كراهة.
الثالث:مس ما عدا خط المصحف من الجلد و الأوراق و الحواشي و ما بين السطور.
الرابع:النوم،إلا أن يتوضأ أو يتيمم إن لم يكن له الماء بدلا عن الغسل.
الخامس:الخضاب،رجلا كان أو امرأة،و كذا يكره للمختضب قبل أن يأخذ اللون إجناب نفسه.
السادس:التدهين.
السابع:الجماع إذا كان جنابته بالاحتلام.
الثامن:حمل المصحف.
التاسع:تعليق المصحف.
فصل في كيفية الغسل و أحكامه غسل الجنابة مستحب نفسي و واجب غيري للغايات الواجبة و مستحب غيري للغايات المستحبة،و القول بوجوبه النفسي ضعيف،و لا يجب فيه قصد الوجوب و الندب،بل لو قصد الخلاف لا يبطل إذا كان مع الجهل بل مع العلم إذا لم يكن بقصد التشريع(1)و تحقق منه قصد القربة،فلو كان قبل الوقت و اعتقد دخوله فقصد الوجوب لا يكون باطلا(2)،و كذا العكس،و مع الشك في دخوله يكفي الإتيان به بقصد القربة للاستحباب النفسي أو بقصد إحدى غاياته المندوبة أو بقصد ما في الواقع من الأمر الوجوبي أو الندبي.
و الواجب فيه بعد النية غسل ظاهر تمام البدن دون البواطن منه،فلا
هذا مجرد افتراض لا واقع موضوعي له اذ لا يتصور مع العلم بالخلاف غير التشريع،فاذا علم بان الوضوء مستحب و مع ذلك اذا أتى به بقصد الوجوب مع علمه بعدمه فهو تشريع و من اظهر افراده.
هذا مبني على وجوب المقدمة اما مطلقا،أو خصوص الموصلة و اما بناء على عدم وجوبها-كما هو الصحيح-فلا يتصف الغسل بالوجوب الغيري.
يجب غسل باطن العين و الأنف و الأذن و الفم و نحوها،و لا يجب غسل الشعر مثل اللحية،بل يجب غسل ما تحته من البشرة و لا يجزئ غسله عن غسلها، نعم يجب غسل الشعور الدقاق الصغار المحسوبة جزءا من البدن مع البشرة، و الثقبة التي في الأذن أو الأنف للحلقة إن كانت ضيقة لا يرى باطنها لا يجب غسلها،و إن كانت واسعة بحيث تعد من الظاهر وجب غسلها.
و له كيفيتان:
الاولى:الترتيب،و هو أن يغسل الرأس و الرقبة أولا ثم الطرف الأيمن من البدن ثم الطرف الأيسر(1)،و الأحوط أن يغسل النصف الأيمن من الرقبة ثانيا مع الأيمن و النصف الأيسر مع الأيسر،و السرّة و العورة يغسل نصفهما الأيمن مع الأيمن و نصفهما الأيسر مع الأيسر،و الأولى أن يغسل تمامهما مع كل من الطرفين،و الترتيب المذكور شرط واقعي،فلو عكس و لو جهلا أو سهوا بطل،و لا يجب البدأة بالأعلى في كل عضو و لا الأعلى فالأعلى و لا الموالاة العرفية بمعنى التتابع و لا بمعنى عدم الجفاف،فلو غسل رأسه و رقبته في أول النهار و الأيمن في وسطه و الأيسر في آخره صح،و كذا لا يجب الموالاة في أجزاء عضو واحد،و لو تذكر بعد الغسل ترك جزء من أحد الأعضاء رجع و غسل ذلك الجزء،فإن كان في الأيسر كفاه ذلك،و إن كان في الرأس أو الأيمن وجب غسل الباقي على الترتيب،و لو اشتبه ذلك الجزء وجب غسل تمام المحتملات(2)مع مراعاة الترتيب.
على الأحوط الأولى.
هذا فيما اذا كان الجزء المحتمل تركه في عضو واحد فحينئذ مقتضى العلم الإجمالي وجوب غسل تمام الاطراف المحتملة،و اما اذا كان بين عضوين
الثانية:الارتماس،و هو غمس تمام البدن في الماء دفعة واحدة عرفية(1)،و اللازم أن يكون تمام البدن تحت الماء في آن واحد،و إن كان غمسه على التدريج،فلو خرج بعض بدنه قبل أن ينغمس البعض الآخر لم يكف،كما إذا خرجت رجله أو دخلت في الطين قبل أن يدخل رأسه في الماء،أو بالعكس بأن خرج رأسه من الماء قبل أن تدخل رجله،و لا يلزم أن يكون تمام بدنه أو معظمه خارج الماء بل لو كان بعضه خارجا فارتمس كفى، بل لو كان تمام بدنه تحت الماء فنوى الغسل و حرك بدنه كفى على الأقوى(2)،
بل حقيقية،فان المأمور به و هو غمس تمام البدن في الماء و ستره فيه يتحقق في آن واحد حقيقة و هو آن غمس الجزء الأخير منه و ستره فيه،اذ ما دام الجزء اليسير من البدن خارج الماء لم يتحقق الارتماس و هو غمس تمام البدن في الماء،فان تحققه إنما هو بتغطية الجزء الأخير منه فيه،و هي آنية الحصول فتحصل في آن واحد.
في الكفاية اشكال بل منع لما مرّ من أن المأمور به هو تغطية تمام البدن في الماء و ستره كذلك فيه و هي ظاهرة في احداثها فلا تعم ابقائها،فلو ارتمس في الماء و غطى تمام بدنه فيه ثم نوى تحت الماء الغسل الارتماسي لم يصدق عليه لأنه ابقاء للارتماس لا انه ارتماس،و مع الاغماض عن ذلك و تسليم ان المأمور به أعم من الارتماس الحدوثي و البقائي،الا أنه حينئذ لا حاجة إلى تحريك بدنه فيه،فان الغسل متقوم بوصول الماء الى البشرة و استيلائه عليها من دون اعتبار شيء زائد على ذلك
و لو تيقن بعد الغسل عدم انغسال جزء من بدنه و جبت الإعادة و لا يكفي غسل ذلك الجزء فقط،و يجب تخليل الشعر إذا شك في وصول الماء إلى البشرة التي تحته،و لا فرق في كيفية الغسل بأحد النحوين بين غسل الجنابة و غيره من سائر الأغسال الواجبة و المندوبة.نعم في غسل الجنابة لا يجب الوضوء بل لا يشرع،بخلاف سائر الأغسال كما سيأتي إن شاء اللّه.
[662]مسألة 1:الغسل الترتيب أفضل من الارتماسي(1).
[663]مسألة 2:قد يتعين الارتماسي كما إذا ضاق الوقت عن الترتيبي(2)، و قد يتعين الترتيبي كما في يوم الصوم الواجب و حال الإحرام،و كذا إذا كان الماء للغير و لم يرض بالارتماس فيه.
[664]مسألة 3:يجوز في الترتيبي أن يغسل كل عضو من أعضائه الثلاثة بنحو الارتماس،بل لو ارتمس في الماء ثلاث مرات:مرة بقصد غسل الرأس و مرة بقصد غسل الأيمن و مرة بقصد الأيسر كفى،و كذا لو حرك بدنه تحت الماء ثلاث مرات(3)أو قصد بالارتماس غسل الرأس و حرك بدنه تحت الماء
في الافضلية اشكال و ان كان أحوط.
فان الغسل الارتماسي و ان كان متعينا في هذه الصورة الا أن المكلف اذا خالف و أتى بالترتيبي صح لأنه ليس مبغوضا في نفسه و انما يستلزم المبغوض و هو تفويت الصلاة في الوقت،و هذا بخلاف الصورة الثانية فانه اذا خالف و أتى بالارتماسي بطل لأنه في نفسه مبغوض.
تقدم ان المأمور به هو احداث الغسل في الارتماسي و الترتيبي دون الأعم
بقصد الأيمن و خرج بقصد الأيسر،و يجوز غسل واحد من الأعضاء بالارتماس و البقية بالترتيب،بل يجوز غسل بعض كل عضو بالارتماس و بعضه الآخر بإمرار اليد.
[665]مسألة 4:الغسل الارتماسي يتصور على وجهين(1):
أحدهما:أن يقصد الغسل بأول جزء دخل في الماء و هكذا إلى الآخر فيكون حاصلا على وجه التدريج.
و الثاني:أن يقصد الغسل حين استيعاب الماء تمام بدنه و حينئذ يكون آنيّا،و كلاهما صحيح،و يختلف باعتبار القصد،و لو لم يقصد أحد الوجهين صح أيضا و انصرف إلى التدريجي.
[666]مسألة 5:يشترط في كل عضو أن يكون طاهرا حين غسله فلو كان
تقدم ان للغسل الارتماسي مفهوما واحدا و هو تغطية تمام البدن في الماء و ستره فيه،و هو يتحقق حين استيلاء الماء على الجزء الأخير من البدن و ستره فيه لا قبله،اذ ما دام جزء يسير منه خارج الماء لم يتحقق ذلك المفهوم،و عليه فيكون تحققه آنيا لا تدريجيا،و اما ارتماس البدن في الماء من جزئه الأول إلى أن يصل الى جزئه الأخير و ان كان تدريجيا إلاّ أنه ليس جزء المأمور به بل هو مقدمة لتحققه،فان المأمور به هو ارتماس تمام البدن في الماء و هو يحصل في آن واحد حقيقة و لا يعقل فيه التدريج.
نجسا طهره أولا،و لا يكفي غسل واحد،لرفع الخبث و الحدث(1)كما مر في الوضوء،و لا يلزم طهارة جميع الأعضاء قبل الشروع في الغسل و إن كان أحوط.
[667]مسألة 6:يجب اليقين بوصول الماء إلى جميع الأعضاء،فلو كان حائل وجب رفعه،و يجب اليقين بزواله مع سبق وجوده(2)،و مع عدم سبق وجوده يكفي الاطمئنان بعدمه بعد الفحص.
[668]مسألة 7:إذا شك في شيء أنه من الظاهر أو الباطن يجب غسله، على خلاف ما مر في غسل النجاسات حيث قلنا بعدم وجوب غسله،و الفرق أن هناك الشك يرجع إلى الشك في تنجسه بخلافه هنا حيث إن التكليف بالغسل معلوم فيجب تحصيل اليقين بالفراغ(3)،نعم لو كان ذلك الشيء باطنا
الظاهر الكفاية حتى فيما إذا كان بالماء القليل لعدم الدليل على اعتبار طهارته الا دعوى أنه لو كان نجسا لأدى الى تنجس الماء بالملاقاة و الماء المتنجس لا يصلح ان يكون رافعا للحدث،و أما بناء على ما قويناه من عدم انفعال الماء القليل بملاقاة المتنجس الخالي عن عين النجس،أو على القول بعدم انفعاله بها في مقام التطهير فيكفي غسل واحد لرفع كليهما معا و لا يلزم ان يكون العضو طاهرا قبل غسله.
بل يكفي الاطمئنان به،و لا فرق بينه و بين الصورة الثانية.
فيه ان تعليل ذلك بقاعدة الاشتغال في غير مورده مطلقا حتى فيما اذا كانت الشبهة مفهومية،فان المستثنى من عموم أدلة الغسل عنوان الباطن،فاذا شك في شيء انه من الباطن أو لا فان كان منشأ الشك في مفهوم الباطن سعة و ضيقا فالمرجع هو عموم العام لإجمال المخصص و الاقتصار فيه على المتيقن،و نتيجة ذلك وجوب غسل ذلك الشيء المشكوك فيه،فاذن لا يكون وجوب غسله مستندا
سابقا و شك في أنه صار ظاهرا أم لا فلسبقه بعدم الوجوب لا يجب غسله عملا بالاستصحاب.
[669]مسألة 8:ما مر من أنه لا يعتبر الموالاة في الغسل الترتيبي إنما هو فيما عدا غسل المستحاضة و المسلوس و المبطون(1)،فإنه يجب فيه المبادرة
هذا فيما اذا كانت لهما فترة تسع للصلاة مع الطهارة،فعندئذ تجب عليهما
إليه و إلى الصلاة بعده من جهة خوف خروج الحدث.
[670]مسألة 9:يجوز الغسل تحت المطر و تحت الميزاب ترتيبا لا ارتماسا،نعم إذا كان نهر كبير جاريا من فوق على نحو الميزاب لا يبعد جواز الارتماس تحته أيضا إذا استوعب الماء جميع بدنه على نحو كونه تحت الماء.
[671]مسألة 10:يجوز العدول عن الترتيب إلى الارتماس في الأثناء و بالعكس(1)،لكن بمعنى رفع اليد عنه و الاستئناف على النحو الآخر.
[672]مسألة 11:إذا كان حوض أقل من الكر يجوز الاغتسال فيه بالارتماس مع طهارة البدن،لكن بعده يكون من المستعمل في رفع الحدث الأكبر،فبناء على الإشكال فيه يشكل الوضوء و الغسل منه بعد ذلك،و كذا إذا قام فيه و اغتسل بنحو الترتيب بحيث رجع ماء الغسل فيه(2)،و أما إذا كان كرا
بل لا موضوع للعدول من الارتماسي الى الترتيبي لما مرّ من أن الغسل الارتماسي آنىّ الحصول فإن حصل فلا مجال للعدول،و إن لم يحصل لم يكن عدولا من الارتماسي الى الترتيبى.
هذا لا يكفي في صدق الماء المستعمل على الحوض لأنه اسم للماء الذي يغتسل فيه الجنب،و أما الماء الذي لا يغتسل فيه الجنب لكنه امتزج مع ماء غسله فلا يصدق عليه الماء المستعمل لكي يترتّب عليه حكمه فإنه مركّب و مخلوط من الماء المستعمل و غيره إلاّ أن يكون غيره مستهلكا فيه.
أو أزيد فليس كذلك،نعم لا يبعد صدق المستعمل عليه إذا كان بقدر الكر لا أزيد(1)و اغتسل فيه مرارا عديدة،لكن الأقوى كما مر جواز الاغتسال و الوضوء من المستعمل.
[673]مسألة 12:يشترط في صحة الغسل ما مر من الشرائط في الوضوء من النية و استدامتها إلى الفراغ و إطلاق الماء و طهارته و عدم كونه ماء الغسالة(2)،و عدم الضرر في استعماله(3)و إباحاته و إباحته ظرفه(4)و عدم كونه من الذهب و الفضة(5)و إباحة مكان الغسل(6)و مصب مائه و طهارة
فيه:إنه ليس للتقييد بعدم الزيادة معنى محصّل،فإنه إن أريد به أنه ينقص عن الكرّ بالاغتسال فيه كفى فيه اغتسال واحد فلا يتوقّف على الاغتسال فيه مرارا، و إن أريد به أن الماء إذا كان أزيد من الكرّ لم يجر عليه حكم المستعمل و إن اغتسل الجنب فيه مرارا،و إن كان بقدر الكرّ دون الأزيد جرى عليه حكم المستعمل،فيردّه إن المستفاد من النصّ أن الماء العاصم إذا كان مستعملا لم يجر عليه حكمه.
تقدّم أنه إذا كان محكوما بالطهارة لا مانع من استعماله في رفع الحدث من الأكبر و الأصغر.
هذا إذا بلغ الضرر مرتبة الحرمة و إلاّ فلا يضرّ بصحّة الغسل.
هذا إذا كان الغسل فيه بنحو الارتماس،و أما إذا كان بأخذ الماء منه غرفة غرفة فلا تكون إباحته شرطا في صحّته كما مرّ في الوضوء.
تقدّم عدم اشتراط ذلك في صحّة الوضوء و الغسل على الأظهر و اختصاص حرمة استعمالهما في خصوص الأكل و الشرب.
قد مرّ في الوضوء أنها ليست شرطا في صحّته،و منه يظهر حال إباحة المصب.
البدن(1)و عدم ضيق الوقت(2)و الترتيب في الترتيبي و عدم حرمة الارتماسي في الارتماسي منه كيوم الصوم و في حال الإحرام و المباشرة في حال الاختيار،و ما عدا الإباحة و عدم كون الظرف من الذهب و الفضة و عدم حرمة الارتماس من الشرائط واقعي(3)لا فرق فيها بين العمد و العلم و الجهل و النسيان،بخلاف المذكورات فإن شرطيتها مقصورة على حال العمد و العلم(4).
[674]مسألة 13:إذا خرج من بيته بقصد الحمام و الغسل فيه فاغتسل بالداعي الأول لكن كان بحيث لو قيل له حين الغمس في الماء:ما تفعل؟
تكفي مقارنتها للغسل.
في شرطيّة ذلك إشكال بل منع،فإن المكلّف إذا اغتسل بداعي استحبابه النفسى،أو لأجل غاية أخرى،أو بداعي أمره الغيري من قبل الصلاة التي ضاق وقتها جاهلا بالحال صحّ.نعم إذا اغتسل بانيا على أن الصلاة التي ضاق وقتها يوجب عليه الغسل و لا تسمح له بالتيمّم مع أنه يعلم بأنها تفرض عليه التيمّم شرعا بطل من أجل التشريع لا من جهة انتفاء شرطه،و على تقدير شرطيّته فهي في حال العلم بالضيق، و أما في حال اعتقاد المكلّف بالسعة و عدم الضيق فالغسل صحيح.
مرّ أن شرطيّة عدم ضيق الوقت على تقدير ثبوتها ليست واقعيّة،فإنه في حال الجهل المركّب و هو الاعتقاد بالسعة و حال النسيان ليس بشرط،و كذلك شرطيّة عدم الضرر،فإن الوضوء يصحّ مع الاعتقاد بعدمه أو نسيانه.
فيه:أن إباحة الماء و عدم حرمة الارتماس كليهما شرط في حال الجهل أيضا و إن كان الجاهل معذورا فيه،فإن الحرام الواقعي لا يمكن أن يقع مصداقا للواجب.نعم إذا كان جاهلا مركّبا أو ناسيا لم يكن شرطا.و أما غيره من الشروط التي لا يكون الواجب فيها متّحدا مع الحرام فالأمر فيه كما في المتن.
يقول:أغتسل فغسله صحيح(1)،و أما إذا كان غافلا بالمرة بحيث لو قيل له:ما تفعل؟يبقى متحيرا فغسله ليس بصحيح.
[675]مسألة 14:إذا ذهب إلى الحمام ليغتسل و بعد ما خرج شك في أنه اغتسل أم لا يبني على العدم،و لو علم أنه اغتسل لكن شك في أنه على الوجه الصحيح أم لا يبني على الصحة.
[676]مسألة 15:إذا اغتسل باعتقاد سعة الوقت فتبين ضيقه و أن وظيفته كانت هي التيمم فإن كان على وجه الداعي يكون صحيحا،و إن كان على وجه التقييد يكون باطلا(2)،و لو تيمم باعتقاد الضيق فتبين سعته ففي صحته و صحة صلاته إشكال(3).
العبرة في صحّته إنما هي بنيّة القربة التي هي الداعية إليه،و يتحقق في الخارج بها و لا يلزم أن تكون تفصيليّة بل يكفي كونها ارتكازيّة في النفس بدرجة تكون حركة المكلّف نحوه منبعثة منها،و عليه فما ذكره الماتن(قده)أمارة عليها في الغالب لا أن الصحّة تدور مداره كما إنها لو لم تكن موجودة في النفس كذلك بأن تكون مغفولا عنها فيها فالغسل باطل لأنه فاقد لنيّة القربة التي هي معتبرة في صحّته.
فيه:أن التقييد بمعنى التضييق و الحصّة غير معقول هنا لأن الغسل الصادر من المكلّف في الخارج غير قابل للتقييد بهذا المعنى،و أما التقييد بمعنى التعليق و الداعي بأن يأتي به بملاك كونه مقدّمة للصلاة و واجبا غيريّا فهو يرجع الى التخلّف في الداعى،و هذا التخلّف لا يضرّ بصحّة الغسل فإنه محبوب في نفسه،فإذا أتى به بداعي وجوبه الغيري صحّ و إن لم يكن واجبا بوجوب غيري في الواقع،لأن الاتيان بذلك الداعي محقّق لإضافته الى المولى سبحانه.
بل لا اشكال في عدم صحته و صحة صلاته لأنه مأمور بالصلاة مع الطهارة المائية في الواقع من جهة سعة وقتها غاية الامر ان المكلف اعتقد ضيق
[677]مسألة 16:إذا كان من قصده عدم إعطاء الأجرة للحمامي فغسله باطل(1)،و كذا إذا كان بناؤه على النسيئة من غير إحراز رضا الحمامي بذلك
في البطلان إشكال بل منع،فإن الاغتسال في الحمام لقاء أجرة لا يدخل تحت الاجارة،لأن الشروط المعتبرة في صحّة الاجارة غير متوفّرة هنا حيث أن الاغتسال في الحمّام ليس على نحو واحد من حيث الزمان و صرف الماء و ما شاكل ذلك،بل هو يختلف من هذه الجهة باختلاف الأشخاص و الحالات،فإذن لا ينطبق عليه ضابط الاجارة بأن يكون من يقوم بالاغتسال يملك التصرّف في الحمّام و الحمّامىّ يملك الأجرة المسمّاة في ذمّته.بل الظاهر منه بمناسبة الحكم و الموضوع الارتكازية أنه داخل في المعاملة الاباحيّة و هي أن المالك أباح التصرّف في ماله لقاء أجر معيّن،و ما نحن فيه من هذا القبيل،فإن الحمّامىّ أباح الدخول في الحمّام و الاغتسال فيه لكلّ فرد لقاء أجرة معيّنة فإذا دخل فيه و اغتسل فقد ضمن الأجرة، فالمعاملة الاباحيّة متقوّمة بضمان الأجرة المسمّاة لقاء تصرّف خاص و الالتزام بإعطاء الأجرة خارجا ليس من مقوّماتها،فإن المعاملة إنما هي بين الاغتسال في الحمّام و الأجرة المعيّنة في الذمّة لأن الاغتسال فيه إن كان بدون إذن الحمّامىّ و إباحته فالمتصرّف يضمن أجرة المثل و إن كان بإذنه و إباحته يعوّض لا مجّانا يضمن العوض المسمّى،و على هذا فعدم التزام شخص بإعطاء الأجرة في الخارج لا يضرّ بصحّة غسله،و هذه المعاملة معاملة عقلائيّة قد ثبت ببناء العقلاء عليها حيث أن للمالك أن يبيح التصرّف في ماله مجّانا،و له أن يبيح التصرّف فيه مع العوض.و على ضوء ذلك فمن بنى على عدم إعطاء الأجرة خارجا لدى الخروج فغسله صحيح و لا يكون باطلا.نعم لو كان مرجع إباحة الحمّامىّ الدخول في حمّامه و الاغتسال فيه الى
و إن استرضاه بعد الغسل،و لو كان بناؤهما على النسيئة و لكن كان بانيا على عدم إعطاء الأجرة أو على إعطاء الفلوس الحرام ففي صحته إشكال(1).
[678]مسألة 17:إذا كان ماء الحكام مباحا لكن سخن بالحطب المغصوب لا مانع من الغسل فيه،لأن صاحب الحطب يستحق عوض حطبه و لا يصير شريكا في الماء و لا صاحب حق فيه.
[679]مسألة 18:الغسل في حوض المدرسة لغير أهله مشكل بل غير صحيح(2)،بل و كذا لأهله إلا إذا علم عموم الوقفية أو الإباحة.
الأظهر هو الصحّة و يظهر وجهه ممّا مرّ.
لكن الأظهر الصحّة،و الضابط العام لذلك هو أن في كلّ مورد شكّ في سعة وقف و ضيقه و أنه عامّ أو خاصّ،كما إذا شكّ في أن حوض المدرسة-مثلا- وقف عامّ أو خاصّ لخصوص الساكنين فيها،ففي مثل ذلك يعلم أن المال الموقوف قد خرج عن ملك الواقف و لكن يشكّ في أنه دخل في ملك جماعة خاصّة أو لا، فمقتضى الأصل عدم دخوله في ملك هؤلاء الجماعة و يترتّب عليه جواز تصرّف غير هؤلاء فيه،فإن المانع عنه إنما هو دخوله في ملكهم فإذا ثبت شرعا بمقتضى الأصل العملي أنه غير داخل فيه فلا مانع من تصرّف غيرهم فيه فلا يتوقّف جوازه على إثبات عموم الوقف و إطلاقه،هذا مضافا الى ما حقّقناه في محلّه من أن التقابل
[680]مسألة 19:الماء الذي يسبلونه يشكل الوضوء و الغسل منه(1)إلا مع العلم بعموم الإذن.
[681]مسألة 20:الغسل بالمئزر الغصبي باطل(2).
[682]مسألة 21:ماء غسل المرأة من الجنابة و الحيض و النفاس و كذا أجرة تسخينه إذا احتاج إليه على زوجها على الأظهر لأنه يعدّ جزءا من نفقتها(3).
[683]مسألة 22:إذا اغتسل المجنب في شهر رمضان أو صوم غيره أو في حال الإحرام ارتماسا نسيانا لا يبطل صومه و لا غسله،و إن كان متعمدا بطلا معا(4)و لكن لا يبطل إحرامه و إن كان آثما،و ربما يقال لو نوى الغسل حال
يظهر حال هذه المسألة ممّا تقدّم،فإن المالك قد أباح التصرّف فيه، و الشكّ إنما هو في تقييد الاباحة باستعماله الخاصّ و هو الشرب-مثلا-فمقتضى الأصل عدم هذا التقييد،و يترتّب عليه جواز استعماله في غيره أيضا.
لا وجه للبطلان فإن الحرام غير متّحد مع الواجب حتى يكون باطلا،لأن الواجب هو إيصال الماء الى البشرة و استيلاؤه عليها و هو و إن استلزم التصرّف في المغصوب إلاّ أنه ليس مصداقا له.
في كون ذلك جزءا من النفقة الواجبة إشكال بل منع،فإن نفقة الزوجة الواجبة على الزوج على ما هو منصوص عليها في الروايات عبارة عن السكنى و ما يقيم صلب الزوجة و كسوتها اللائقة بحالها،و عليه فما في المتن بما أنه غير داخل فيما يقيم صلبها فلا يكون جزءا منها.
هذا في الصوم الواجب المعيّن بالذات كصوم شهر رمضان أو بالعرض كالنذر المعيّن الذي لا يجوز نقضه،و أما الصوم غير المعيّن فلا مانع من الافطار فيه
الخروج من الماء صح غسله(1)،و هو في صوم رمضان مشكل لحرمة إتيان المفطر فيه بعد البطلان أيضا فخروجه من الماء أيضا حرام كمكثه تحت الماء،بل يمكن أن يقال:إن الارتماس فعل واحد مركب من الغمس و الخروج فكله حرام،و عليه يشكل في غير شهر رمضان أيضا،نعم لو تاب ثم خرج بقصد الغسل صح(2).
فصل في مستحبات غسل الجنابة و هي أمور:
أحدها:الاستبراء من المني بالبول قبل الغسل.
الثاني:غسل اليدين ثلاثا إلى المرفقين أو إلى نصف الذراع أو إلى الزندين من غير فرق بين الارتماس و الترتيب.
الثالث:المضمضة و الاستنشاق بعد غسل اليدين ثلاث مرات،و يكفي مرة أيضا.
تقدّم أنه لا يصحّ و لا يكون مصداقا للمأمور به،لأن المأمور به هو إحداث الغسل لا الأعمّ منه و من الابقاء.
قد مرّ أن المأمور به هو إحداث الغسل لا الابقاء و لا الأعمّ منه و من الاحداث،هذا إضافة الى أن أثر التوبة رفع استحقاق العقوبة لا رفع الحرمة و المبغوضيّة.
الرابع:أن يكون ماؤه في الترتيبي بمقدار صاع،و هو ستمائة و أربعة عشر مثقالا و ربع مثقال.
الخامس:إمرار اليد على الأعضاء لزيادة الاستظهار.
السادس:تخليل الحاجب الغير المانع لزيادة الاستظهار.
السابع:غسل كل من الأعضاء الثلاثة ثلاثا.
الثامن:التسمية بان يقول:(بسم اللّه)،و الاولى أن يقول:(بسم اللّه الرحمن الرحيم).
التاسع:الدعاء الماثور في حال الاشتغال،و هو«اللهم طهر قلبي و تقبل سعيي و اجعل ما عندك خيرا لي،اللهم اجعلني من التوابين و اجعلني من المتطهرين»أو يقول:«اللهم طهر قلبي و اشرح صدري و أجر على لساني مدحتك و الثناء عليك،اللهم اجعله لي طهورا و شفاء و نورا،إنك على كل شيء قدير»،و لو قرأ هذا الدعاء بعد الفراغ أيضا كان أولى.
العاشر:الموالاة و الابتداء بالأعلى في كل من الأعضاء في الترتيبي.
[684]مسألة 1:يكره الاستعانة بالغير في المقدمات القريبة على ما مر في الوضوء.
[685]مسألة 2:الاستبراء بالبول قبل الغسل ليس شرطا في صحته،و إنما فائدته عدم وجوب الغسل إذا خرج منه رطوبة مشتبهة بالمني،فلو لم يستبرئ و اغتسل و صلى ثم خرج منه المني أو الرطوبة المشتبهة لا تبطل صلاته و يجب عليه الغسل لما سيأتي.
[686]مسألة 3:إذا اغتسل بعد الجنابة بالإنزال ثم خرج منه رطوبة مشتبهة بين البول و المني فمع عدم الاستبراء قبل الغسل بالبول يحكم عليها بأنها مني فيجب الغسل،و مع الاستبراء بالبول و عدم الاستبراء بالخرطات بعده يحكم
بأنه بول فيوجب الوضوء،و مع عدم الأمرين يجب الاحتياط بالجمع بين الغسل و الوضوء(1)إن لم يحتمل غيرهما،و إن احتمل كونها مذيا مثلا بأن يدور الأمر بين البول و المني و المذي فلا يجب عليه شيء،و كذا حال الرطوبة الخارجة بدوا من غير سبق جنابة،فإنها مع دورانها بين المني و البول يجب الاحتياط بالوضوء و الغسل،و مع دورانها بين الثلاثة أو بين كونها منيا أو مذيا أو بولا أو مذيا لا شيء عليه.
[687]مسألة 4:إذا خرجت منه رطوبة مشتبهة بعد الغسل و شك في أنه استبرأ بالبول أم لا بنى على عدمه فيجب عليه الغسل،و الأحوط ضم الوضوء أيضا(2).
[688]مسألة 5:لا فرق في جريان حكم الرطوبة المشتبهة بين أن يكون الاشتباه بعد الفحص و الاختبار أو لأجل عدم إمكان الاختبار من جهة العمى أو الظلمة أو نحو ذلك.
[689]مسألة 6:الرطوبة المشتبهة الخارجة من المرأة لا حكم لها و إن كانت قبل استبرائها فيحكم عليها بعدم الناقضية و عدم النجاسة إلا إذا علم أنها إما بول أو مني(3).
هذا إذا كان متطهّرا قبل خروج الرطوبة المشتبهة منه و إلاّ لم يجب الجمع،و بذلك يظهر حال ما بعده.
هذا فيما إذا احتمل كونها بولا أو كان محدثا بالأصغر قبل خروجها منه، و إن لم يحتمل كونها بولا،و إلاّ فلا منشأ للاحتياط المذكور.
تقدّم أن خروج المنىّ من المرأة إذا كان في حالة شهوة و تهيّج يوجب الغسل و إلاّ فهو مبنىّ على الاحتياط،و إذا كانت محدثة بالأصغر وجب عليها ضمّ
[690]مسألة 7:لا فرق في ناقضية الرطوبة المشتبهة الخارجة قبل البول بين أن يكون مستبرئا بالخرطات أم لا،و ربما يقال إذا لم يمكنه البول تقوم الخرطات مقامه،و هو ضعيف.
[691]مسألة 8:إذا احدث بالأصغر في أثناء غسل الجنابة الأقوى عدم بطلانه،نعم يجب عليه الوضوء بعده،لكن الأحوط إعادة الغسل بعد إتمامه و الوضوء بعده أو الاستئناف و الوضوء بعده،و كذا إذا أحدث في سائر الأغسال،و لا فرق بين أن يكون الغسل ترتيبيا أو ارتماسيا إذا كان على وجه التدريج(1)،و أما إذا كان على وجه الآنيّة فلا يتصور فيه حدوث الحدث في أثنائه.
[692]مسألة 9:إذا أحدث بالأكبر في أثناء الغسل فإن كان مماثلا للحدث السابق كالجنابة في أثناء غسلها أو المس في أثناء غسله فلا إشكال في وجوب الاستئناف،و إن كان مخالفا له فالأقوى عدم بطلانه فيتمه و يأتي بالآخر(2)،
تقدّم أن الغسل الارتماسي آنىّ الحصول و ليس حاصلا بالتدريج لكي يتصوّر صدور الحدث في أثنائه.
على الأحوط الأولى بلحاظ احتمال كفاية إتمام هذا الغسل في الواقع، أما أنه لا أثر للحدث المتخلّل،أو أنه يرتفع به،و بلحاظ احتمال أنه يوجب بطلانه أو أنه لا يكفي إلاّ لرفع الحدث السابق دون اللاحق،و إلاّ فلا داعي لا تمام الغسل الأول و الاتيان بالآخر إذ يكفي الاقتصار على الثاني فإنه يغني عن الأول و إن كان جنابة لما ثبت من إغناء كلّ غسل عن غسل آخر و إن لم ينوّه،بل كان غافلا عنه،بلا فرق فيه بين
و يجوز الاستئناف بغسل واحد لهما(1)،و يجب الوضوء بعده إن كانا غير الجنابة(2)أو كان السابق هو الجنابة،حتى لو استأنف و جمعهما بنية واحدة على الأحوط،و إن كان اللاحق جنابة فلا حاجة إلى الوضوء سواء أتمّه و أتى للجنابة بعده أو استأنف و جمعهما بنية واحدة.
[693]مسألة 10:الحدث الأصغر في أثناء الأغسال المستحبة أيضا لا يكون مبطلا لها،نعم في الأغسال المستحبة لإتيان فعل كغسل الزيارة و الإحرام لا يبعد البطلان،كما أن حدوثه بعده و قبل الإتيان بذلك الفعل كذلك كما سيأتي.
[694]مسألة 11:إذا شك في غسل عضو من الأعضاء الثلاثة أو في شرطه
هذا في الغسل الارتماسي باعتبار أنه يجوز للمكلّف رفع اليد عن الترتيبي و العدول منه الى الارتماسي ناويا به كلا الحدثين،و أما في الغسل الترتيبي فلا يمكن ذلك إلاّ تشريعا بلحاظ أن الاتيان بالجزء الذي أتى به من الغسل بنيّة الحدث الأول مرّة ثانية بداعي الأمر و بنيّة ذلك الحدث لا يمكن إلاّ تشريعا.
و على هذا فإذا استأنف الغسل فإن كان ذلك الغسل ارتماسيّا فله أن ينوي به الجنابة،أو مسّ الميّت،أو كلا الأمرين معا،و أما إذا كان ترتيبيّا فلا بدّ إما أن ينوي به الأعمّ من التمام و الاتمام،أو فراغ الذمّة بعد ما لا يمكن أن ينوي به كلا الأمرين.
في إطلاق الوجوب إشكال بل منع،فإنه مبنىّ على عدم إجزاء غير غسل الجنابة عن الوضوء،و أما على القول بالاجزاء فهو غير واجب،هذا إذا كان الحدثان غير الجنابة،و أما إذا كان السابق منهما الجنابة و استأنف بغسل واحد لهما فإن كان ذلك الغسل ارتماسيّا لم يكن الوضوء بعده مشروعا بملاك أنه بعد غسل الجنابة،و إن كان ترتيبيّا و كان بقصد الأعمّ من التمام و الاتمام فالظاهر وجوب الوضوء بعده كما مرّ، فإذن لا وجه لاحتياط الماتن(قده)في هذا الفرض على كلا التقديرين.
قبل الدخول في العضو الآخر رجع و أتى به(1)،و إن كان بعد الدخول فيه لم يعتن به و يبني على الإتيان على الأقوى و إن كان الأحوط الاعتناء ما دام في الأثناء و لم يفرغ من الغسل كما في الوضوء نعم لو شك في غسل الأيسر أتى به(2)و إن طال الزمان لعدم تحقق الفراغ حينئذ لعدم اعتبار الموالاة فيه،و إن كان يحتمل عدم الاعتناء إذا كان معتاد الموالاة.
[695]مسألة 12:إذا ارتمس في الماء بعنوان الغسل ثم شك في أنه كان ناويا للغسل الارتماسي حتى يكون فارغا أو لغسل الرأس و الرقبة في الترتيبي حتى يكون في الأثناء و يجب عليه الإتيان بالطرفين يجب عليه الاستئناف، نعم يكفيه غسل الطرفين بقصد الترتيبي لأنه إن كان بارتماسه قاصدا للغسل الارتماسي فقد فرغ و إن كان قاصدا للرأس و الرقبة فبإتيان غسل الطرفين يتم الغسل الترتيبي.
[696]مسألة 13:إذا انغمس في الماء بقصد الغسل الارتماسي ثم تبين له بقاء جزء من بدنه غير منغسل يجب عليه الإعادة ترتيبا أو ارتماسا،و لا يكفيه جعل ذلك الارتماس للرأس و الرقبة(3)إن كان الجزء الغير المنغسل في
هذا إذا كان الشكّ في أصل وجود غسل العضو،و أما إذا كان الشكّ في صحّة غسله فلا مانع من الرجوع الى قاعدة الفراغ كما إذا كان الشكّ في شرط من شرائطها.
هذا مبنىّ على اعتبار الترتيب بينه و بين الأيمن،و إلاّ فلا خصوصيّة للشكّ فيه.
بل الأظهر كفايته،فإن نيّة الارتماس و الترتيب غير معتبرة،و على هذا فلو ارتمس في الماء فقد اغتسل رأسه و رقبته ضمنا و سقط الأمر الضمني المتعلّق
الطرفين فيأتي بالطرفين الآخرين لأنه قصد به تمام الغسل ارتماسا لا خصوص الرأس و الرقبة و لا يكفي نيتهما في ضمن المجموع.
[697]مسألة 14:إذا صلى ثم شك في أنه اغتسل للجنابة أم لا يبني على صحة صلاته و لكن يجب عليه الغسل للأعمال الآتية(1)،و لو كان الشك في
هذا فيما إذا لم يصدر منه الحدث الأصغر بعد الصلاة و قبل الغسل للأعمال الآتية و إلاّ فوظيفته الجمع بين الوضوء و الغسل لها و إعادة الصلاة السابقة للعلم الإجمالي إما ببطلان الصلاة الأولى و بقاء الجنابة أو وجوب الوضوء للصلوات الآتية،فإذن تقع المعارضة بين قاعدة الفراغ فيها و بين استصحاب بقاء الجنابة الى زمان الصلاة الثانية فتسقطان من جهة المعارضة فتجب حينئذ إعادة الصلاة و وجوب الوضوء و الغسل للصلاة الآتية،هذا إذا كان في الوقت و أما إذا كان ذلك في خارج الوقت،فعندئذ و إن سقطت قاعدة الفراغ في الصلاة السابقة بالمعارضة باستصحاب بقاء الجنابة إلاّ أنه لا يمكن إعادتها و الاتيان بها بداعي أمرها لسقوطه جزما إما للإتيان بها في وقتها أو لخروج الوقت،فإذن يشكّ في وجوب قضائها خارج الوقت،و بما أنه يكون بأمر جديد و مشكوك بالشكّ البدوي فالمرجع فيه أصالة البراءة.و دعوى:
أن العلم الإجمالي إما بوجوب قضائها أو وجوب الوضوء للصلاة الآتية يقتضي وجوب الجمع بينهما إذ لا يمكن إجراء أصالة البراءة عن كليهما معا لاستلزامه المخالفة القطعيّة العمليّة-مدفوعة:بأن العلم الإجمالي إنما يكون مؤثّرا فيما إذا كان الأصل المؤمن جاريا في كل من الطرفين في نفسه،و أما إذا لم يجر الأصل المؤمن في أحدهما في نفسه فلا مانع من جريانه في الطرف الآخر،و به ينحلّ العلم
أثناء الصلاة بطلت لكن الأحوط إتمامها ثم الإعادة.
[698]مسألة 15:إذا اجتمع عليه أغسال متعددة فإما أن يكون جميعها واجبا أو يكون جميعها مستحبا أو يكون بعضها واجبا و بعضها مستحبا،ثم إما أن ينوي الجميع أو البعض،فإن نوى الجميع بغسل واحد صح في الجميع و حصل امتثال أمر الجميع،و كذا إن نوى رفع الحدث أو الاستباحة إذا كان جميعها أو بعضها لرفع الحدث و الاستباحة،و كذا لو نوى القربة،و حينئذ فإن كان فيها غسل الجنابة لا حاجة إلى الوضوء بعده أو قبله و إلا وجب الوضوء(1)،و إن نوى واحدا منها و كان واجبا كفى عن الجميع أيضا على الأقوى و إن كان ذلك الواجب غير غسل الجنابة و كان من جملتها،لكن على
هذا مبنىّ على أن غير غسل الجنابة لا يجزي عن الوضوء و سيأتي الكلام فيه.
هذا يكون امتثالا بالنسبة إلى ما نوى و أداء بالنسبة إلى البقية،و لا حاجة إلى الوضوء إذا كان فيها الجنابة،و إن كان الأحوط مع كون أحدها الجنابة أن ينوي غسل الجنابة،و إن نوى بعض المستحبات كفى أيضا عن غيره من المستحبات،و أما كفايته عن الواجب ففيه إشكال و إن كان غير بعيد لكن لا يترك الاحتياط.
[699]مسألة 16:الأقوى صحة غسل الجمعة من الجنب و الحائض،بل لا يبعد إجزاؤه عن غسل الجنابة بل عن غسل الحيض إذا كان بعد انقطاع الدم.
[700]مسألة 17:إذا كان يعلم إجمالا أن عليه أغسالا لكن لا يعلم بعضها بعينه يكفيه أن يقصد جميع ما عليه،كما يكفيه أن يقصد البعض المعين و يكفي عن غير المعين،بل إذا نوى غسلا معينا،و لا يعلم و لو إجمالا غيره و كان عليه في الواقع كفى عنه أيضا و إن لم يحصل امتثال أمره،نعم إذا نوى بعض الأغسال و نوى عدم تحقق الآخر ففي كفايته عنه إشكال(1)بل صحته أيضا لا تخلو عن إشكال،بعد كون حقيقة الأغسال واحدة،و من هذا يشكل البناء على عدم التداخل بأن يأتي بأغسال متعددة كل واحد بنية واحد منها لكن لا إشكال إذا أتى فيما عدا الأول برجاء الصحة و المطلوبية.
بل الاقوى الكفاية و لا تضر نيّة عدم تحقق الاخر،فانّ اجزاء غسل عن غيره و اغنائه عنه انّما هو بحكم الشارع و لا فرق فيه بين ان ينوى عدم الاخر او لا ينوى،كما أنّه لا فرق بين أن تكون الاغسال حقائق متعددة أو حقيقة واحدة.و من هنا يظهر أنّه لا وجه للإشكال في صحة هذا الغسل بعد فرض أن المكلّف قد أتى به بقصد القربة و ان قلنا بأنّ حقيقة الاغسال واحدة لأن نيّة عدم تحقق الاخر لغو بنظر الشرع حيث أنّه حكم بالاجزاء و الاغناء.
فصل في الحيض و هو دم خلقه اللّه تعالى في الرحم لمصالح،و في الغالب أسود أو أحمر غليظ طريّ حار يخرج بقوة و حرقة،كما أن دم الاستحاضة بعكس ذلك، و يشترط أن يكون بعد البلوغ و قبل اليأس فما كان قبل البلوغ أو بعد اليأس ليس بحيض و إن كان بصفاته،و البلوغ يحصل بإكمال تسع سنين،و اليأس ببلوغ ستين سنة(1)في القرشية و خمسين في غيرها،و القرشية من انتسب إلى نضر بن كنانة،و من شك في كونها قرشية يلحقها حكم غيرها،و المشكوك البلوغ محكوم بعدمه،و المشكوك يأسها كذلك.
[701]مسألة 1:إذا خرج ممن شك في بلوغها دم و كان بصفات الحيض يحكم بكونه حيضا(2)و يجعل علامة على البلوغ،بخلاف ما إذا كان بصفات
لكن الأظهر أن اليأس ببلوغ ستّين سنة حتى في غير القرشية،فإن رواية القول بالتفصيل ضعيفة من جهة الارسال،و بما أن روايات تحديد اليأس مختلفة حيث أن بعضها قد حدّده ببلوغ ستّين سنة و بعضها الآخر ببلوغ خمسين،فتقع المعارضة بينهما فيما بين الحدّين فتسقطان،فالمرجع حينئذ إطلاقات أدلّة الحيض الدالّة على أن ما تراه المرأة من الدم إذا كان واجدا للصفات أو كان في أيام عادتها و إن لم يكن واجدا لها فهو حيض بين الخمسين و الستين.
الحكم بكونه حيضا مع الشكّ في البلوغ مشكل لما دلّ من أن البنت ما لم
الحيض و خرج ممن علم عدم بلوغها فإنه لا يحكم بحيضيته،و هذا هو المراد من شرطية البلوغ.
[702]مسألة 2:لا فرق في كون اليأس بالستين أو الخمسين بين الحرة و الأمة و حار المزاح و بارده و أهل مكان و مكان.
[703]مسألة 3:لا إشكال في أن الحيض يجتمع مع الإرضاع،و في اجتماعه مع الحمل قولان الأقوى أنه يجتمع معه سواء كان قبل الاستنابة أو بعدها و سواء كان في العادة أو قبلها أو بعدها،نعم فيما كان بعد العادة بعشرين يوما الأحوط الجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة(1).
[704]مسألة 4:إذا انصبّ الدم من الرحم إلى فضاء الفرج و خرج منه شيء في الخارج و لو بمقدار رأس إبرة لا إشكال في جريان أحكام الحيض،و أما إذا انصب و لم يخرج بعد-و إن كان يمكن إخراجه بإدخال قطنة أو إصبع-ففي جريان أحكام الحيض إشكال(2)فلا يترك الاحتياط بالجمع بين أحكام
الأقوى أنها تعمل أعمال المستحاضة فيما إذا مضى عشرون يوما من الوقت كما هو مقتضى صحيحة الصحّاف.
الظاهر أنه لا يجري عليه حكم من أحكام الحيض و إن طال به أمد المكث،و إذا خرج الدم في البداية كفى ذلك في تحقّق حكم الحيض و إن ظلّ بعد ذلك في فضاء الفرج.نعم تختلف بداية الحيض عن نهايته حيث لا يعتبر في نهايته أن يظلّ الدم في الخارج بل يكفي وجوده في فضاء الفرج،و الفارق هو النصّ،فإن روايات الاستبراء تدلّ على بقاء حكم الحيض ما دام الدم في فضاء الفرج و إن لم
الطاهر و الحائض،و لا فرق بين أن يخرج من المخرج الأصلي أو العارضي.
[705]مسألة 5:إذا شك في أن الخارج دم أو غير دم أو رأت دما في ثوبها و شكت في أنه من الرحم أو من غيره لا تجري أحكام الحيض،و إن علمت بكونه دما و اشتبه عليها فإما أن يشتبه بدم الاستحاضة أو بدم البكارة أو بدم القرحة فإن اشتبه بدم الاستحاضة يرجع إلى الصفات(1)فإن كان بصفة الحيض يحكم بأنه حيض،و إلا فإن كان في أيام العادة فكذلك،و إلا فيحكم بأنه استحاضة،و إن اشتبه بدم البكارة يختبر بإدخال قطنة في الفرج و الصبر قليلا ثم إخراجها فإن كانت مطوّقة بالدم فهو بكارة و إن كانت منغمسة به فهو حيض،و الاختبار المذكور واجب(2)فلو صلّت بدونه بطلت و إن تبين بعد
و هنا طريق آخر في هذه الحالة يمكن للمرأة استعماله و هو الاحتياط بالجمع بين الأشياء التي تكون الحائض ملزمة بتركها و الأعمال التي تكون المستحاضة ملزمة بالاتيان بها،كما أن لها في تلك الحالة استعمال الصفات أو العادة في مقام التمييز على تفصيل يأتي في ضمن المسائل الآتية.
و هذا الوجوب ليس وجوبا نفسيّا و لا شرطيّا بأن يكون شرطا في صحّة الصلاة واقعا بل هو وجوب طريقي يدلّ على أن احتمال كون الدم المذكور حيضا منجز ما لم يزل،و زواله إنما هو بعمليّة الاختبار بالطريقة المذكورة في الروايات، فإنها معيّنة لكونه دم حيض أو بكارة،كما أن مقتضى وجوبه سقوط استصحاب عدم كونه حيضا و إلاّ لم يبق مورد للرواية.نعم إذا كانت حالتها السابقة في مورد حيضا حدوثا و في البقاء يشكّ في أن هذا الدم دم حيض أو بكارة فلا مانع من استصحاب بقاء الحيض لخروج هذا الفرض عن مورد الرواية.
ذلك عدم كونه حيضا إلا إذا حصل منها قصد القربة بأن كانت جاهلة أو عالمة أيضا إذا فرض حصول قصد القربة مع العلم أيضا،و إذا تعذر الاختبار ترجع إلى الحالة السابقة من طهر أو حيض و إلا فتبني على الطهارة(1)لكن مراعاة الاحتياط أولى،و لا يلحق بالبكارة في الحكم المذكور غيرها كالقرحة المحيطة بأطراف الفرج،و إن اشتبه بدم القرحة فالمشهور أن الدم إن كان يخرج من الطرف الأيسر فحيض و إلا فمن القرحة إلا أن يعلم أن القرحة في الطرف الأيسر،لكن الحكم المذكور مشكل فلا يترك الاحتياط بالجمع بين أعمال الطاهرة و الحائض(2)،و لو اشتبه بدم آخر حكم عليه بعدم الحيضية إلا
بل عليها الاحتياط بالجمع بأن تفعل ما تفعله الطاهرة و تترك ما تتركه الحائض،فتصلّي و تصوم و لا تمكث في المساجد و لا تجتاز في المسجدين الحرمين و لا تمسّ كتابة المصحف و هكذا باعتبار أن وجوب الاختبار وجوب طريقي يدلّ على أن احتمال كون الدم حيضا منجز،فإذا تعذّر فلا بدّ من الاحتياط و لا يمكن الرجوع الى الأصل المؤمن كأصالة عدم كونه حيضا بالأصل في العدم الأزلي أو نحوها،فحال المقام من هذه الجهة حال الشبهة الحكميّة قبل الفحص فإنه إذا تعذّر الفحص فيها و لم يتمكّن فلا بدّ من الاحتياط،و من هنا يظهر أن حالتها السابقة إذا كانت الطهارة لم يجر الاستصحاب فإن حاله حال الاستصحاب المؤمن في الشبهات الحكمية قبل الفحص،فكما أنه لا يجري فيها فكذلك لا يجري في المقام، و أما إذا كانت حالتها السابقة الحيض فلا مانع من جريان بقائه و ترتيب آثاره عليه.
بل الظاهر تعيّن أعمال الطاهرة من وجوب الصلاة و الصيام و جواز المكث في المساجد و مسّ كتابة المصحف و نحوها لاستصحاب عدم كون الدم المذكور دم حيض،هذا إذا لم تكن الحالة السابقة الطهارة أو الحيض،و إلاّ فيتعيّن العمل بها.
أن يكون الحالة السابقة هي الحيضية.
[706]مسألة 6:أقل الحيض ثلاثة أيام و أكثره عشرة فإذا رأت يوما أو يومين أو ثلاثة إلا ساعة مثلا لا يكون حيضا،كما أن أقل الطهر عشرة أيام(1)
في اعتبار أن فترة الطهر لا تكون أقلّ من عشرة أيام إشكال،و لا يترك الاحتياط فيما إذا كانت فترة الطهر و السلامة من دم الحيض التي مرّت بالمرأة أقلّ من عشرة أيام.
مثال ذلك:إذا رأت ذات العادة دما في أيام عادتها و نقت بعد انقضائها ستة أيام، ثم رأت دما آخر أربعة أيام بصفة الحيض،و في مثل ذلك يجب عليها أن تحتاط في الدم الثاني بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة،و السبب فيه أن صحيحة محمد بن مسلم تنصّ على أن فترة الطهر التي هي شرط لحيضيّة الدم الثاني لا تقلّ عن عشرة أيام،فإذا كانت أقلّ لم تكن شرطا لها،و في مقابلها موثقة يونس بن يعقوب فإنها تنصّ على كفاية الأقلّ فيها و حينئذ تقع المعارضة بينهما في فترة طهر تقلّ عن عشرة أيام،فإنها مورد الالتقاء بينهما و بما أنه لا ترجيح في البين من موافقة الكتاب و مخالفة العامّة فتسقطان معا من جهة المعارضة فيرجع الى العامّ الفوقي و هو إطلاق أدلّة الصفات،فإن مقتضاه أن ما رأته المرأة من الدم إذا كان مع صفة الحيض فهو حيض و إن لم تمرّ بها فترة طهر لا تقلّ عن عشرة أيام.
محاولتان:
الأولى:حمل المرأة في الموثقة على المضطربة التي اختلطت عليها أيامها، و حمل الأمر بالصلاة في فترة النقاء و النهي عنها في فترة الدم على الاحتياط،و عليه فلا تصلح أن تعارض الصحيحة.
و الجواب:أوّلا:إن ذلك التصرّف في الموثقة و حملها على ذلك بحاجة الى قرينة تدلّ عليه و لا قرينة على ذلك لا في نفس الموثقة و لا في الصحيحة إذ ليس فيها
و ليس لأكثره حد،و يكفي الثلاثة الملفّقة(1)فإذا رأت في وسط اليوم الأول و استمر إلى وسط اليوم الرابع يكفي في الحكم بكونه حيضا،و المشهور
في الكفاية إشكال،و لا يترك الاحتياط بالجمع بين الوظيفتين،و السبب فيه:أن حمل الروايات التي تؤكّد و تنص على أن أقلّ الحيض ثلاثة أيام و أقصاه عشرة لا يمكن على الطريقيّة الصرفة و هي المقدار الممتد من الزمن الذي يمكن تحديده بالساعات من دون خصوصيّة للأيام أصلا فإنه بحاجة الى قرينة و لا قرينة على ذلك لا في نفس الروايات و لا من الخارج.
و أما حملها على الأعمّ من الأيام التامّة و الملفقة فهو و إن كان ممكنا و ليس كالأول إلاّ أن إرادته من الروايات بحاجة الى قرينة و لو كانت القرينة مناسبة الحكم و الموضوع الارتكازيّة باعتبار أن الأيام في نفسها ظاهرة في التامّة،و إرادة الأعمّ منها و من الملفقة في مورد تتوقّف على توفّر قرينة فيه.
و دعوى:أن القرينة على إرادة الأعمّ موجودة في المسألة و هي غلبة رؤية المرأة دم الحيض في ساعات النهار،إذ قلّما تتّفق أن تكون من مبدأ النهار..
مدفوعة:بأن الروايات إذا كانت ظاهرة في ثلاثة أيام تامّة فالغلبة المذكورة لا تمنع عن هذا الظهور العرفي بأن تكون بمثابة القرينة المتّصلة و لا أقلّ من الشكّ،إذ يمكن أن تكون تلك الساعات من النهار خارجة عن حساب الأيام،و أنها تبدأ من بداية اليوم الآتى..
فالنتيجة:إن الانسان لا يكون واثقا بكفاية الملفقة و لو على أساس تلك الغلبة فمن أجل ذلك لا يترك الاحتياط فيها،كما إذا رأت المرأة دما بصفة الحيض ثلاثة أيام ملفقة لا تامّة و نقت بعد ذلك.
اعتبروا التوالي في الأيام الثلاثة(1)،نعم بعد توالي الثلاثة في الأول لا يلزم التوالي في البقيّة،فلو رأت ثلاثة متفرقة في ضمن العشرة لا يكفي،و هو محل إشكال فلا يترك الاحتياط بالجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض فيها،و كذا اعتبروا استمرار الدم في الثلاثة و لو في فضاء الفرج(2)،و الأقوى كفاية الاستمرار العرفي و عدم مضرية الفترات اليسيرة في البين بشرط أن لا ينقص من ثلاثة بأن كان بين أول الدم و آخره ثلاثة أيام و لو ملفّقة فلو لم تر في الأول مقدار نصف ساعة من أول النهار و مقدار نصف ساعة في آخر اليوم الثالث لا يحكم بحيضيته لأنه يصير ثلاثة إلا ساعة مثلا،و الليالي المتوسطة داخلة فيعتبر الاستمرار العرفي فيها أيضا بخلاف ليلة اليوم الأول و ليلة اليوم الرابع فلو رأت من أول نهار اليوم الأول إلى آخر نهار اليوم الثالث كفى.
[707]مسألة 7:قد عرفت أن أقل الطهر عشرة،فلو رأت الدم يوم التاسع أو
هذا و إن كان غير بعيد،و لكن مع ذلك لا يترك الاحتياط في المتفرّقات بالجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض،باعتبار أن كلمة(ثلاثة أيام)لا تكون في نفسها ظاهرة في الأيام المتوالية إلاّ إذا كانت هناك قرينة على ذلك،و لا يبعد أن يكون إسناد الحيض الى الثلاثة في الروايات بقوله عليه السّلام:(أدناه ثلاثة أيام…) قرينة على ظهورها في التوالي بملاك أن الدم إذا خرج من الرحم و سال فهو بطبعه يدوم ما دامت له مادة،فمن أجل ذلك اعتباره غير بعيد،و به يظهر حال ما بعده.
تقدّم أن المعتبر في تحقّق الحيض خروج الدم في البداية،و أما في البقاء فلا يعتبر ذلك،بل يكفي في ترتيب أحكام الحيض عليه استمراره في فضاء الفرج و إن لم ينصبّ الى الخارج.
العاشر بعد الحيض السابق لا يحكم عليها بالحيضية(1)،و أما إذا رأت يوم
في إطلاقه إشكال بل منع،فإن ذلك إنما يتمّ إذا كان الدم الأول في أيام العادة،إذ حينئذ لا يمكن الحكم بأن الدم الثاني حيض على المشهور بين الأصحاب ما لم تمرّ بالمرأة فترة طهر و سلامة من دم الحيض لا تكون أقلّ من عشرة أيام،و إذا كان الدم الثاني في أيام العادة كان كاشفا عن أن الدم الأول ليس بحيض ما لم تمرّ بالمرأة فترة طهر بين الدمين.
و أما إذا لم يكن شيء من الدمين في أيام العادة،فإن كان أحدهما بصفة الحيض دون الآخر كان ما بالصفة حيضا و الآخر استحاضة،و إذا كان كلاهما بصفة الحيض فعلى المشهور من أنه لا بدّ أن تمرّ بالمرأة فترة طهر لا تكون أقلّ من عشرة أيام،و بما أنها لم تمرّ بها بين هذين الدمين فلا يمكن أن يكون كلاهما حيضا،فإذن يكون الحكم بأن الدم الأول حيض دون الثاني بحاجة الى وجود مرجّح ككون الدم الأول في أيام العادة و الفرض عدم وجوده،و مجرّد السبق الزمني لا يصلح أن يكون مرجّحا،فمقتضى القاعدة حينئذ أن تحتاط المرأة في كلا الدمين بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة من جهة العلم الإجمالي بأن أحدهما حيض.
و أما بناء على ما ذكرناه من الاشكال في هذا الشرط العام للحيض لدى المشهور فاحتمال أن يكون كلا الدمين حيضا متوفّر.و على كلا التقديرين فإذا رأت المرأة الدم الثاني بصفة الحيض علمت بأن أحدهما حيض جزما،أما الدم الأول أو الثانى،و حينئذ يجب عليها الاحتياط فيهما بالجمع بين أن تقضي ما تركته من الصلاة و الصيام في أيام الدم الأول و أن تأتي بهما في أيام الدم الثاني و الامتناع عمّا كانت الحائض ممتنعة عنه.
فالنتيجة:إنه لا مناص للمرأة من الاحتياط في كلا الدمين و لا يحقّ لها أن تعتبر الدم الأول حيضا دون الثانى.
الحادي عشر بعد الحيض السابق فيحكم بحيضيته إذا لم يكن مانع آخر، و المشهور على اعتبار هذا الشرط-أي مضي عشرة من الحيض السابق-في
حيضية الدم اللاحق مطلقا،و لذا قالوا:لو رأت ثلاثة مثلا ثم انقطع يوما أو أزيد ثم رأت و انقطع على العشرة إن الطهر المتوسط أيضا حيض و إلا لزم كون الطهر أقل من عشرة،و ما ذكروه محل إشكال بل المسلم أنه لا يكون بين الحيضين أقل من عشرة،و أما بين أيام الحيض الواحد فلا فالأحوط مراعاة الاحتياط بالجمع في الطهر بين أيام الحيض الواحد(1)كما في الفرض
بل لا يبعد أن تكون فترة النقاء بينهما طهرا و إن كانت رعاية الاحتياط بالجمع بين تروك الحائض و أعمال الطاهر أولى و أجدر،و ذلك لأن كون فترة النقاء بين دمين من حيضة واحدة حيضا و أن كان مشهورا بين الأصحاب إلاّ أن ذلك بحاجة الى دليل.
و قد يستدلّ عليه بوجهين:أحدهما:قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:
(إذا رأت المرأة الدم فإن كان قبل العشرة فهو من الحيضة الأولى،و إن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة) 1بتقريب أن قوله عليه السّلام في الصحيحة:(فهو من الحيضة الأولى)ظاهر عرفا في بقاء الحيض الأول و اتّصاله بالدم الثانى،و الاتّصال مساوق للوحدة،و من المعلوم أن هذا مبنىّ على أن فترة النقاء حيض حتى يكون متّصلا بالأول فلو كانت طهرا لكان الدم الثاني منفصلا عن الدم الأول بها و الانفصال مساوق للتعدّد.
و الجواب:أن المتفاهم العرفي من قوله عليه السّلام في الشرطيّة الأولى هو إنه في مقام بيان ضابط كلّي و هو أن المرأة إذا رأت الدم و كان في ضمن العشرة من بداية حيضها فهو منه و إن كان بعد فترة الانقطاع شريطة أن لا يقلّ الدم الأول عن ثلاثة أيام و أن يكون الدم الثاني بصفة الحيض إذا لم يكن في أيام العادة،هذا في مقابل ما إذا رأته بعد العشرة فإنه حيض جديد غير الأول مع توفّر شروطه،و لا يدلّ على أن فترة الانقطاع حيض.و إن شئت قلت:إن قوله عليه السّلام في تلك الشرطيّة ينصّ على أن الدم في
المذكور.
[708]مسألة 8:الحائض إما ذات العادة أو غيرها،و الأولى إما وقتية و عددية أو وقتية فقط أو عددية فقط،و الثانية إما مبتدئة و هي التي لم تر الدم سابقا و هذا الدم أول ما رأت،و إما مضطربة و هي التي رأت الدم مكررا لكن لم تستقر لها عادة،و إما ناسية و هي التي نسيت عادتها و يطلق عليها المتحيرة أيضا،و قد يطلق عليها المضطربة و يطلق المبتدئة على الأعم ممن لم تر الدم سابقا و من لم تستقر لها عادة اي المضطربة بالمعنى الأول
[709]مسألة 9:تتحقق العادة برؤية الدم مرتين متماثلين فإن كانتا متماثلتين في الوقت و العدد فهي ذات العادة الوقتية و العددية كأن رأت في أول شهر خمسة أيام و في أول الشهر الآخر أيضا خمسة أيام،و إن كانتا متماثلتين في الوقت دون العدد فهي ذات العادة الوقتية كما إذا رأت في أول شهر خمسة و في أول الشهر الآخر ستة أو سبعة مثلا،و إن كانتا متماثلتين في العدد فقط فهي ذات العادة العددية كما إذا رأت في أول شهر خمسة و بعد عشرة أيام أو أزيد رأت خمسة أخرى(1).
في ثبوت العادة بتكرّر الحيض مرتين متماثلتين عددا في شهر واحد
……….
[710]مسألة 10:صاحبة العادة إذا رأت الدم مرتين متماثلتين على خلاف العادة الاولى تنقلب عادتها إلى الثانية(1)و إن رأت مرتين على خلاف الاولى
في الانقلاب إشكال و لا يترك الاحتياط في المسألة،لأن عمدة ما يستدلّ عليه أمران:
أحدهما:أن العادة الثانية تصبح عادة لها فعلا و تكون مشمولة لمعتبرة يونس الطويلة و موثقة عمّار على أساس أنهما ظاهرتان في العادة الفعليّة،و أما العادة السابقة فبما أنها قد زالت بها و انتفت فلا تكون مشمولة لهما بقاء.
فالنتيجة:أن العادة الفعليّة هي العادة المتّصلة بالدم دون المنفصلة.
و الجواب:إن هذا الدليل بما أنه لا يتكفّل ما يبرهن كون العادة الثانية فعليّة و الأولى زائلة فهو لا يخرج عن مجرّد الدعوى في المسألة،هذا من ناحية.
و من ناحية أخرى إن هذه العادة بما أنها عادة تعبديّة لا واقعيّة فثبوتها يدور
لكن غير متماثلتين يبقى حكم الاولى(1)،نعم لو رأت على خلاف العادة
في إطلاقه إشكال بل منع،لأن العادة الأولى إن استقرّت فيها و أصبحت عادة عرفيّة لها لاستمرارها طيلة الشهور المتعدّدة لم تزل برؤية الدم على خلافها مرتين غير متماثلتين،بل بمرتين متماثلتين أيضا كما مرّ،و إن لم تستقرّ و كانت في بداية عمرها كما إذا رأت دما مرتين في بداية الشهر متوافقتين عددا أو وقتا فإن العادة تحصل بذلك بمقتضى النصّ،و حينئذ فإذا حاضت على خلاف الأولى مرتين غير متوافقتين عددا أو وقتا فإنه لا يبعد أن يكون كاشفا عن عدم حصول العادة لها و كونها مضطربة و اختلطت عليها أيامها و مشمولة لقوله عليه السّلام في معتبرة يونس:(فإن اختلطت عليها أيامها و تقدّمت و تأخّرت…).و النكتة فيه ما مرّ من أن حكم الشارع بتحقّق العادة برؤية الدم مرتين متماثلتين عددا أو وقتا بما أنه لا يمكن أن يكون جزافا فلا محالة يكون مبنيّا على ملاك مبرّر له و هو أماريّتها غالبا لاستمرار هذه الحالة لها في المستقبل،و يدلّ عليه قوله عليه السّلام في المعتبرة:(و تعمل عليه و تدع ما
الاولى مرات عديدة مختلفة تبطل عادتها و تلحق بالمضطربة.
[711]مسألة 11:لا يبعد تحقق العادة المركبة كما إذا رأت في الشهر الأول ثلاثة و في الثاني أربعة(1)و في الثالث ثلاثة و في الرابع أربعة أو رأت شهرين
في التحقّق إشكال بل منع،و ذلك لما مرّ من أن حصول العادة للحائض بتكرّر حيضها مرتين متماثلتين عددا أو وقتا في بداية الشهر إنما هو بالتعبّد على أساس النصّ الخاص في المسألة و هو موثقة عمّار و معتبرة يونس الطويله،لا على القاعدة،أما الموثقة فلا تصلح أن تكون دليلا على المسألة حيث أن موردها العادة العدديّة البسيطة،و تدلّ على أنها تحقّقت برؤية الدم في شهرين متّصلين متوافقين عددا و لا يمكن تطبيق ذلك على العادة المركّبة باعتبار أن الدم فيها في الشهر الثاني لا يكون مماثلا للدم في الشهر الأول عددا،و الدليل الآخر غير موجود.نعم إذا استمرّت هذه الحالة بانتظام للمرأة طيلة الشهور الآتية و اطمأنّت باستقرارها و وثقت بأنها أصبحت عادة عرفيّة لها تترتّب عليها آثار العادة،فإذا رأت فيها دما اعتبرته حيضا و إن كان صفرة،و إن زاد دمها عن العشرة اعتبرت ما فيها حيضا و الزائد استحاضة.
و أما المعتبرة فهي أيضا أجنبيّة عن الدلالة على المسألة فإن موردها العادة الوقتيّة البسيطة فلا تعمّ العادة الوقتية المركّبة و هي ما إذا رأت المرأة دما في الشهر الأول من اليوم العاشر مثلا و في الشهر الثاني من اليوم العشرين،و في الثالث في نفس الموعد من الشهر الأول و في الرابع في نفس الموعد من الشهر الثانى،و كذلك إذا انقطع دمها في الشهر الأول في اليوم الثامن،و في الثاني في اليوم العاشر،و في
متواليين ثلاثة و شهرين متواليين أربعة ثم شهرين متواليين ثلاثة و شهرين متواليين أربعة فتكون ذات عادة على النحو المزبور،لكن لا يخلو عن إشكال خصوصا في مثل الفرض الثاني حيث يمكن أن يقال:إن الشهرين المتواليين على خلاف السابقين يكونان ناسخين للعادة الأولى،فالعمل بالاحتياط أولى(1)،نعم إذا تكررت الكيفية المذكورة مرارا عديدة بحيث يصدق في العرف أن هذه الكيفية عادتها و أيامها لا إشكال في اعتبارها،فالإشكال إنما هو في ثبوت العادة الشرعية بذلك و هي الرؤية كذلك مرتين.
[712]مسألة 12:قد تحصل العادة بالتمييز(2)،كما في المرأة المستمرة
بل هو المتعيّن لما تقدّم آنفا في المسألة(10)من أن الانقلاب و النسخ و إن كان معروفا بين الأصحاب إلاّ أن إثباته بالدليل لا يمكن،و من هنا كان الأجدر و الأحوط وجوبا أن تجمع المرأة بين الوظيفتين فيما إذا رأت دما في الشهر الخامس في نفس الموعد في الشهرين الأولين أو الأخيرين.نعم إذا استمرّت هذه الحالة لها بانتظام مدة تطمئنّ باستقرارها كعادة طبيعيّة فعليها أن تعمل بها و تترتّب عليها آثارها،باعتبار أنها تصبح حينئذ ذات عادة منتظمة.
في حصولها بالتمييز إشكال بل منع،فإن حصولها برؤية الدم في أيام معيّنة في الشهرين المتواليين إنما هو بتعبّد من الشارع و هو النصّ،و إلاّ فالعادة التي هي بمثابة سجيّة للإنسان لا تحصل بذلك و قد جعلها الشارع أمارة على أن ما تراه المرأة بعد ذلك في نفس الموعد حيض و إن لم يكن بصفاته،كما أن الشارع جعل
الدم إذا رأت خمسة أيام مثلا بصفات الحيض في أول الشهر الأول ثم رأت
بصفات الاستحاضة و كذلك رأت في أول الشهر الثاني خمسة أيام بصفات الحيض ثم رأت بصفات الاستحاضة فحينئذ تصير ذات عادة عددية وقتية، و إذا رأت في أول الشهر الأول خمسة بصفات الحيض و في أول الشهر الثاني ستة أو سبعة مثلا فتصير حينئذ ذات عادة وقتية،و إذا رأت في أول الشهر الأول خمسة مثلا و في العاشر من الشهر الثاني مثلا خمسة بصفات الحيض فتصير ذات عادة عددية.
[713]مسألة 13:إذا رأت حيضين متواليين متماثلين مشتملين على النقاء في البين،فهل العادة أيام الدم فقط أو مع أيام النقاء أو خصوص ما قبل النقاء؟ الأظهر الأول(1)،مثلا إذا رأت أربعة أيام ثم طهرت في اليوم الخامس ثم رأت في السادس كذلك في الشهر الأول و الثاني فعادتها خمسة أيام لا ستة و لا أربعة،فإذا تجاوز دمها رجعت إلى خمسة متوالية و تجعلها حيضا لا ستة و لا بأن تجعل اليوم الخامس يوم النقاء و السادس أيضا حيضا و لا إلى الأربعة.
[714]مسألة 14:يعتبر في تحقق العادة العددية تساوي الحيضين و عدم زيادة إحداهما على الأخرى و لو بنصف يوم أو أقل،فلو رأت خمسة في الشهر الأول و خمسة و ثلث أو ربع يوم في الشهر الثاني لا تتحقق العادة من حيث العدد،نعم لو كانت الزيادة يسيرة لا تضر،و كذا في العادة الوقتية تفاوت
فيه:أن ما بنى عليه قدّس سرّه في هذه المسألة من استظهار أن فترة النقاء و السلامة من دم الحيض بين أيام حيضة واحدة طهر،ينافي ما ذكره قدّس سرّه في المسألة (7)من الاشكال في طهرها و الاحتياط بالجمع بين أعمال الطاهر و تروك الحائض في تلك الفترة،هذا،و لكن ذكرنا هناك أنه لا يبعد أن تكون محكومة بالطهر و إن كان الأجدر و الأحوط هو الجمع بينهما،و على هذا فعادتها خمسة أيام في المقام لا ستة.
الوقت و لو بثلث أو ربع يوم يضر و أما التفاوت اليسير فلا يضر،لكن المسألة لا تخلو عن إشكال(1)فالأولى مراعاة الاحتياط.
[715]مسألة 15:صاحبة العادة الوقتية سواء كانت عددية أيضا أم لا تترك العبادة بمجرد رؤية الدم في العادة أو مع تقدمه أو تأخره يوما أو يومين(2)أو
الظاهر أنه لا إشكال فيها،فإن العادة الوقتية من حيث المبدأ أو المنتهى لا تتحقّق إلاّ إذا كان حيض المرأة في الشهر الثاني في نفس الموعد في الشهر الأول في البداية أو النهاية،فعلى الأول تتحقّق العادة الوقتيّة بحسب المبدأ،و على الثاني بحسب المنتهى.و أما إذا كان حيضها في الشهر الثاني متقدّما على الموعد بنصف يوم أو ثلثه أو ربعه،أو متأخّرا عنه كذلك فلا تتحقّق العادة لعدم صدق أنها حاضت في البداية في نفس الموعد أو انقطع في النهاية فيه،و لا يكون مشمولا حينئذ لقوله عليه السّلام في المعتبرة:(فإن انقطع الدم لوقته في الشهر الأول سواء…)فإنه ناصّ على انقطاع دم حيضها في الشهر الثاني في وقت انقطاعه في الشهر الأول،و بطبيعة الحال يكون الأمر كذلك بالنسبة الى بداية العادة،و مع ذلك لا يضرّ زيادة يسيرة كخمس دقائق أو أكثر بحيث لا يقدح بصدق التساوي لا في المبدأ و لا في المنتهى،و كذلك الحال بالنسبة الى العادة العدديّة لأن قوله عليه السّلام في موثقة سماعة:(فإذا اتّفق الشهران عدّة أيام سواء فتلك أيامها)ظاهر عرفا في التساوي العرفي و لا يضرّ في صدقه التفاوت اليسير.
في إطلاق ذلك إشكال بل منع،فإن المرأة إذا رأت الدم قبل العادة بيوم أو يومين فهو حيض و أما إذا رأته بعدها كذلك فهو ليس بحيض إلاّ إذا كان بصفة الحيض و لم يتجاوز العشرة لاختصاص الدليل بالأول و عدمه في الثاني غير دعوى الاجماع و هي غير تامّة.
أزيد على وجه يصدق عليه تقدم العادة(1)أو تأخرها و لو لم يكن الدم
في إطلاق ذلك منع،فإن ما تراه المرأة قبل العادة بأكثر من يومين كثلاثة أيام أو أزيد و استمرّ الى تمام أيام العادة فهو منذ يومين قبل وقت العادة حيض و إن كان صفرة بمقتضى إطلاق موثقة أبي بصير و مضمرة معاوية بن الحكيم،و ما كان منه قبل ذلك إن كان بصفة الحيض فهو حيض و إلاّ فالأظهر أنه ليس بحيض و إن كان مقتضى إطلاق موثقة سماعة أنه حيض إلاّ أنه معارض بإطلاق صحيحة محمد بن مسلم التي تحدّد أن ما تراه المرأة من الدم الأصفر في غير أيام العادة فليس بحيض، فتقع المعارضة بينهما في مورد الالتقاء و هو ما تراه المرأة من الصفرة قبل عادتها بثلاثة أيام،فيسقطان من جهة المعارضة و يرجع في مورد الالتقاء الى روايات الصفات و مقتضى إطلاقها أنه ليس بحيض على أساس أنه لا يكفي في الحكم بحيضيّة دم توفّر الشروط العامّة للحيض فيه،بل على المرأة أن تلجأ في إثبات الحيض الى تطبيق احدى قاعدتين شرعيّتين؛الأولى:العادة،و الثانية:الصفات،فإذا رأت دما في أيام عادتها اعتبرته حيضا و إن كان أصفر اللون،و إذا رأت دما في غير أيام العادة أو أنه لا عادة لها،فإن كان بصفة الحيض اعتبرته حيضا،و إن لم يكن بصفة الحيض اعتبرته استحاضة،و لا يمكن الحكم بأنه حيض و إن كان واجدا للشروط العامّة للحيض إلاّ بناء على ثبوت قاعدة الامكان كقاعدة شرعيّة،فإنه عندئذ تلجأ المرأة إليها في مورد الالتقاء لإثبات أنه حيض و لا تنافي بينها و بين قاعدة الصفات، فإن قاعدة الصفات تثبت أن الدم حيض إذا كان واجدا للصفة،و أما إذا كان فاقدا لها فهي تدلّ على أنه ليس بحيض من جهة الصفة لا مطلقا،فلا مانع من كونه حيضا من جهة أخرى كقاعدة الامكان شريطة توفّر الشروط العامّة للحيض فيه.
و أما أدلّة الاستحاضة فبما أن موردها أعمّ من مورد قاعدة الامكان فهي تقيّد إطلاق أدلّتها بغير موردها فلا بأس بهذه القاعدة من هذه الناحية،و لكن لا يمكن
بالصفات و ترتّب عليه جميع أحكام الحيض،فإن علمت بعد ذلك عدم كونه حيضا لانقطاعه قبل تمام ثلاثة أيام تقضي ما تركته من العبادات،و أما غير ذات العادة المذكورة-كذات العادة العددية فقط و المبتدئة و المضطربة
و الناسية-فإنها تترك العبادة و ترتّب أحكام الحيض بمجرد رؤيته إذا كان بالصفات(1)و أما مع عدمها
في الحكم بترك العبادة مطلقا بمجرّد رؤية الدم بصفة الحيض إشكال بل منع،لأن المرأة إذا رأت دما و كان بصفة الحيض فإن كانت واثقة و متأكّدة بأنه يستمرّ ثلاثة أيام اعتبرته حيضا على أساس قاعدة الصفات دون قاعدة الامكان لما مرّ من أنها لم تثبت كقاعدة شرعيّة،و إن كانت واثقة متأكّدة من أنه ينقطع بعد يوم أو يومين و لم يدم ثلاثة أيام اعتبرته استحاضة،و إن لم تكن واثقة لا بالاستمرار و لا بالانقطاع فبإمكانها حينئذ أن يتمسّك باستصحاب بقاء استمراره الى الثلاثة بناء على القول بجريانه في الأمور الاستقباليّة كما هو الصحيح و ترتيب أحكام الحيض عليه ظاهرا.
نعم بناء على القول بعدم جريانه فيها فعليها الاحتياط بالجمع بين الامتناع عن الأشياء التي كانت الحائض ملزمة بالامتناع عنها،و الاتيان بالأعمال التي كانت المستحاضة ملزمة بالاتيان بها.
و دعوى:إن مقتضى إطلاق مجموعة من الروايات أن المرأة إذا رأت الدم بصفة الحيض فهو حيض و إن لم تعلم باستمراره ثلاثة أيام،و معه لا مجال للاحتياط، كما أنه لا مجال للاستصحاب خاطئة؛و ذلك لأن موضوع الحكم بالحيض هو الدم في ثلاثة أيام متوالية على أساس الروايات التي تؤكّد على أن أدنى حدّ الحيض لا يقلّ عن ثلاثة أيام،فإذا كان الأقلّ فهو ليس بحيض،و هي تقيّد إطلاق الروايات المذكورة بما إذا كان الدم مستمرّا الى الثلاثة،بل هي حاكمة عليها و مبيّنة للمراد من الدم فيها، و على هذا فيكون موضوعها حصّة خاصّة من الدم و هي الحصّة المستمرّة واقعا ثلاثة أيام،فإذا شكّ في تحقّق هذا الموضوع،كما إذا رأت المرأة دما بصفة الحيض و شكّت في استمراره واقعا الى الثلاثة فليس بإمكانها التمسّك بإطلاق تلك الروايات،لأنه من التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة،نظير ما إذا شكّ في حيضيّة
فتحتاط بالجمع(1)بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة إلى ثلاثة أيام
في الاحتياط بالجمع مطلقا إشكال بل منع،فإن المرأة إذا كانت ذات عادة عدديّة فقط،بأن تكون مستقيمة العدد و مضطربة الوقت،فما تراه من الدم حيض إذا كان بصفات الحيض و إلاّ فهو استحاضة،و إن كانت مبتدئة فترى الدم لأول مرّة فإن كان بصفة الحيض فهو حيض و إلاّ فهو استحاضة،و لا فرق بينهما و بين ذات العادة العدديّة فحسب من هذه الناحية.نعم فرق بينهما من ناحية أخرى و هي أن ذات العادة العدديّة إذا حاضت و تجاوز دمها عشرة أيام جعلت الحيض أيام عادتها من بداية الرؤية و الباقي استحاضة،و أما المبتدئة فإذا حاضت و تجاوز دمها عشرة أيام فإن كان الدم طيلة المدة بصفة الحيض فعليها أن ترجع الى عادة أقاربها فتجعل الحيض بعدد عادتهنّ و الباقي استحاضة،هذا إذا كان لها أقارب و اتّفقن في عادتهنّ و إلاّ فترجع الى العدد على تفصيل يأتى.و إن كان بعضه بصفة الحيض دون بعضه الآخر تجعل ما كان بصفة الحيض حيضا،و ما لا يكون بصفته استحاضة،و إن كانت مضطربة و هي التي لا تستقيم لها عادة لا وقتا و لا عددا فما تراه من الدم إن كان بصفة الحيض فهو حيض
فإن رأت ثلاثة أو أزيد تجعلها حيضا(1)،نعم لو علمت أنه يستمر إلى ثلاثة أيام تركت العبادة بمجرد الرؤية،و إن تبين الخلاف تقضي ما تركته.
[716]مسألة 16:صاحبة العادة المستقرة في الوقت و العدد إذا رأت العدد في غير وقتها و لم تره في الوقت تجعله حيضا(2)سواء كان قبل الوقت أو بعده.
[717]مسألة 17:إذا رأت قبل العادة و فيها و لم يتجاوز المجموع عن العشرة جعلت المجموع حيضا(3)،و كذا إذا رأت في العادة و بعدها و لم يتجاوز عن العشرة أو رأت قبلها و فيها و بعدها،و إن تجاوز العشرة في الصور المذكورة فالحيض أيام العادة فقط و البقية استحاضة.
[718]مسألة 18:إذا رأت ثلاثة أيام متواليات و انقطع ثم رأت ثلاثة أيام أو أزيد فإن كان مجموع الدمين و النقاء المتخلل لا يزيد عن عشرة كان الطرفان
بل تجعلها استحاضة،فإن جعلها حيضا مبنىّ على مجموعة من الروايات الدالّة على أن المرأة إذا رأت الدم و استمرّ الى ثلاثة أيام أو أكثر فهو حيض، و إن لم يستمرّ انكشف أنه ليس بحيض،و لكنها ليست في مقام البيان من جهة أخرى و هي أنه واجد للصفات أو لا،و على تقدير أنها ناظرة إليها فلا بدّ من تقييدها بما دلّ على أن ما تراه المرأة من الصفرة فهو ليس بحيض إلاّ إذا كان في أيام العادة.
هذا فيما إذا كان واجدا للصفات و إلاّ فهو استحاضة لما مرّ من أن الدم في غير أيام العادة استحاضة إذا لم يكن بصفات الحيض.
هذا فيما إذا رأت الدم قبل الوقت بيوم أو يومين دون الأزيد،أو كان الزائد بصفة الحيض.
حيضا و في النقاء المتخلل تحتاط(1)بالجمع بين تروك الحائض و أعمال المستحاضة،و إن تجاوز المجموع عن العشرة فإن كان أحدهما في أيام العادة دون الآخر جعلت ما في العادة حيضا(2)،و إن لم يكن واحد منهما في العادة فتجعل الحيض ما كان منهما واجدا للصفات و إن كانا متساويين في الصفات فالأحوط جعل أوّلهما حيضا و إن كان الأقوى التخيير(3)،و إن كان
تقدّم أنه لا يبعد أن تكون فترة النقاء بين أيام حيضة واحدة طهرا،و إن كان الأجدر و الأحوط الجمع بين أعمال الطاهر و تروك الحائض.
هذا إذا كان الدم الخارج من العادة بصفة واحدة سواء أ كان بصفة الحيض أم كان بصفة الاستحاضة،و أما إذا كان مقدار منه بصفة الحيض و كان ذلك المقدار بضميمة ما في العادة و النقاء المتخلّل لم يتجاوز عن العشرة فحينئذ يكون المجموع حيضا على أساس ما مرّ من الضابط العام لكون الدم حيضا.
في القوّة إشكال بل منع،فالأحوط وجوبا الجمع بين أعمال المستحاضة و تروك الحائض في كلّ من الدمين الواجدين للصفات،فإذا رأت المرأة دما بصفة الحيض ستة أيام ثم تحوّل الدم الى الصفرة خمسة أيام و عاد بصفة الحيض ستة أيام أخرى فهي حينما يتجاوز دمها العشرة تحتاط بفعل ما تفعله المستحاضة و ترك ما تتركه الحائض بأن تصلّي و تصوم و لا تمكث في المساجد و لا تمسّ كتابة القرآن و تقضي ما تركته من صلاة و صيام في الأيام الستة الأولى للعلم الإجمالي بأن أحد الدمين حيض دون الآخر و أدلّة أماريّة الصفات قد سقطت من جهة العلم الإجمالي بناء على المشهور من أن فتره الطهر لا تقلّ عن عشرة أيام.
فإذن لا تكون الصفة أمارة لا على حيضيّة الدم الأول و لا على الثانى،كما أنه لا دليل من الخارج على أن الأول حيض دون الثاني و لا العكس،نعم لازم كون الأول حيضا و إن كان عدم حيضيّة الثانى،إلاّ أن الكلام في إثبات ذلك،و لا طريق الى إثباته.
بعض أحدهما في العادة دون الآخر جعلت ما بعضه في العادة حيضا(1)،
في إطلاقه إشكال بل منع،فإن للمرأة في المسألة حالتين:
الأولى:إذا رأت ثلاثة أيام من الدم الأول في العادة و نقت بعد ذلك ثم رأت الدم الثاني تماما بعد العادة أو بالعكس،مثال ذلك:امرأة كان موعد عادتها أول الشهر و عدد عادتها سبعة أيام و رأت الدم قبل الشهر بأربعة أيام و استمرّ الى نهاية اليوم الثالث من الشهر و نقت بعد ذلك أربعة أيام،ثم رأت دما جديدا سبعة أيام،أو رأت دما سبعة أيام قبل دخول الشهر ثم نقت أربعة أيام و رأت دما آخر سبعة أيام أخرى،فعلى الأول وقعت ثلاثة أيام من الدم الأول في العادة،و على الثاني ثلاثة أيام من الدم الثاني.
الثانية:إذا رأت يومين من الدم الأول في العادة ثم نقت بضعة أيام و بعد ذلك رأت دما آخر بعد انتهاء العادة أو بالعكس.
و إن كان بعض كل واحد منهما في العادة فإن كان ما في الطرف الأول من العادة ثلاثة أيام أو أزيد جعلت الطرفين من العادة حيضا و تحتاط في النّقاء المتخلل(1)و ما قبل الطرف الأول و ما بعد الطرف الثاني استحاضة،و إن كان
تقدّم أنه لا يبعد أن تكون فترة النقاء بين دمين من حيضة واحدة طهرا
في العادة في الطرف الأول أقل من ثلاثة تحتاط في جميع أيام الدمين و النقاء(1)بالجمع بين الوظيفتين.
فيه:إنه كان على الماتن قدّس سرّه أن يحتاط بالجمع بين الوظيفتين في الفرع المتقدّم قبل أسطر أيضا،مع أنه قد حكم هناك بالتخيير،حيث أنه لا فرق بين الفرعين،إذ كما أن العلم الإجمالي بحيضيّة أحد الدمين يقتضي وجوب الاحتياط في
[719]مسألة 19:إذا تعارض الوقت و العدد في ذات العادة الوقتية و العددية يقدم الوقت(1)،كما إذا رأت في أيام العادة أقل أو أكثر من عدد
في التعارض إشكال بل منع،و لا وجه لما ذكره الماتن قدّس سرّه من الاحتياط بين الدمين بالجمع بين الوظيفتين إذا كان الدم المطابق للعدد متقدّما على الدم في الوقت غير المطابق للعدد و ذلك لما مرّ من أن العادة العدديّة لا تكون بنفسها أمارة على الحيض إلاّ بناء على القول بقاعدة الامكان كقاعدة شرعيّة،و لكن قد تقدّم أن القاعدة غير ثابتة و على ذلك،فإذا كانت المرأة ذات عادة عدديّة فحسب و رأت دما بعدد عادتها فإن كان بصفة الحيض فهو حيض و إن لم يكن بصفة الحيض فهو استحاضة،فالعبرة إنما هي بالصفات،و قد سبق أن المرأة تلجأ في إثبات أن ما رأته من الدم حيض الى تطبيق إحدى قاعدتين شرعيّتين هما العادة الوقتيّة و الصفات، شريطة توفّر الشروط العامة للحيض فيه،فإذن تكون المعارضة في الحقيقة بين الوقت و الصفات،لا بينه و بين العدد.
مثال ذلك:امرأة كان موعد عادتها أول الشهر و عدد عادتها سبعة أيام،فرأت الدم أول الشهر خمسة أيام ثم انقطع أربعة أيام و بعد ذلك عاد الدم مرة أخرى سبعة أيام،أو رأت دما اسبوعا قبل الشهر ثم نقت أربعة أيام و بعد ذلك رأت دما في موعد عادتها خمسة أيام و في مثل ذلك فما رأته في موعد عادتها فهو حيض و إن كان صفرة و كان أقلّ من عدد عادتها على أساس إطلاق الروايات التي تنصّ على أن ما تراه المرأة من الدم في وقت عادتها حيض و إن لم يكن بلون الحيض،فإنها
العادة و دما آخر في غير أيام العادة بعددها،فتجعل ما في أيام العادة حيضا و إن كان متأخرا،و ربما يرجح الأسبق،فالأولى فيما إذا كان الأسبق العدد في غير أيام العادة الاحتياط في الدمين بالجمع(1)بين الوظيفتين.
الاحتياط و إن كان استحبابيّا إلاّ أنه لا منشأ له،فإن العادة العدديّة كما عرفت لا تكون أمارة على الحيض،فإذا رأت ذات العادة المذكورة دما أصفر بمقدار أيام عادتها لم تجعله حيضا إلاّ إذا كان بصفة الحيض،نعم إذا رأت الدم بصفة الحيض و تجاوز العشرة جعلت مقدار عادتها حيضا و الزائد استحاضة،فالصفة إنما تكون أمارة على الحيض في غير ذات العادة الوقتيّة،و أما فيها فالعادة أمارة على الحيض و إن لم يكن بصفته.
و على هذا فإذا رأت دما في أيام عادتها فهو حيض و إن لم يكن بصفاته سواء رأت قبل أيام العادة مستمرّا الى أيامها أم لا فإنه مقتضى دليل العادة،و أما إذا لم تكن
[720]مسألة 20:ذات العادة العددية إذا رأت أزيد من العدد و لم يتجاوز العشرة فالمجموع حيض(1)،و كذا ذات الوقت إذا رأت أزيد من الوقت(2).
[721]مسألة 21:إذا كانت عادتها في كل شهر مرة فرأت في شهر مرتين مع فصل أقل الطهر و كانا بصفة الحيض فكلاهما حيض،سواء كانت ذات عادة
قد مرّ أنه لا أثر للعادة العدديّة،فالدم في أيامها إذا كان واجدا للصفات فهو حيض سواء أ كان زائدا على عدد أيامها أم لا،و إلاّ فلا.
في إطلاق ذلك إشكال بل منع،فإن الزائد على الوقت إن كان قبله بيوم أو يومين فهو حيض و إن لم يكن بصفته،و إن كان أزيد من يومين فالمقدار الزائد إن كان واجدا للصفات فهو حيض أيضا و إلاّ فلا،و إن كان بعده فإن كان واجدا للصفة فهو حيض و إلاّ فاستحاضة.
وقتا أو عددا أو لا،و سواء كانا موافقين للعدد و الوقت(1)أو يكون أحدهما مخالفا.
[722]مسألة 22:إذا كانت عادتها في كل شهر مرة فرأت في الشهر مرتين مع فصل أقل الطهر فإن كانت إحداهما في العادة و الأخرى في غير وقت العادة و لم تكن الثانية بصفة الحيض تجعل ما في الوقت و إن لم يكن بصفة الحيض حيضا و تحتاط في الأخرى(2)،و إن كانتا معا في غير الوقت فمع كونهما واجدتين كلتاهما حيض،و مع كون إحداهما واجدة تجعلها حيضا و تحتاط في الأخرى،و مع كونهما فاقدتين تجعل إحداهما حيضا-و الأحوط كونها الأولى-و تحتاط في الاخرى.
[723]مسألة 23:إذا انقطع الدم قبل العشرة فإن علمت بالنقاء و عدم وجود الدم في الباطن اغتسلت و صلّت،و لا حاجة إلى الاستبراء،و إن احتملت بقاءه في الباطن وجب عليها الاستبراء و استعلام الحال(3)بإدخال قطنة
الظاهر أنه لا يمكن توافقهما وقتا في مفروض المسألة إلاّ أن يكون مراده توافقهما في رؤية الدم في بداية العقد الأول و الثالث للشهر كما إذا رأت الدم من بداية الشهر الى اليوم الخامس-مثلا-ثم انقطع الى نهاية ليلة العشرين،ثم رأت من بدايته الى اليوم الخامس و العشرين بانتظام و بفاصل زمني معيّن.
الاحتياط ضعيف،و الأقوى أنها ليست بحيض كما سيظهر وجهه ممّا مرّ.و بذلك يتّضح حال المسألة بتمام شقوقها على أساس ما تقدّم من الضابط العام للحيض.
في وجوب الاستبراء إشكال بل منع،لأن وجوبه نفسيّا غير محتمل، مضافا الى أنه لا دليل عليه،و أما وجوبه شرطيّا بمعنى أن يكون الاختبار و الاستبراء
……….
1
و الأخرى:قوله عليه السّلام في صحيحة محمد بن مسلم:(فإذا أرادت الحائض أن تغتسل تستدخل قطنة فإن خرج فيها شيء من الدم فلا تغتسل و إن لم تر شيئا فلتغتسل).
2
أما الرواية الأولى فالظاهر منها أن الغرض من الأمر فيها بعملية الاختبار و الاستبراء إنما هو لمعرفة حالها و أنها طهرت أو بعد حائض،فلا تدلّ على وجوب هذه العملية لا نفسيّا و لا شرطيّا.
و إخراجها بعد الصبر هنيئة،فإن خرجت نقية اغتسلت وصلت و إن خرجت
ملطّخة و لو بصفرة صبرت حتى تنقى(1)أو تنقضي عشرة أيام إن لم تكن ذات عادة أو كانت عادتها عشرة،و إن كانت ذات عادة أقل من عشرة فكذلك مع علمها بعدم التجاوز عن العشرة،و أما إذا احتملت التجاوز فعليها الاستظهار بترك العبادة(2)
في الحكم بحيضيّة الدم الخارج مع القطنة مطلقا إشكال بل منع،لأنه إن كان في أيام العادة فهو حيض و إن كان صفرة،و إن كان في غير أيام العادة أو لم تكن المرأة ذات عادة شهريّة فإن كان الدم بلون الحيض فحيض،و إن لم يكن بلونه فاستحاضة لما مرّ من أن قاعدة الامكان كقاعدة شرعيّة غير ثابتة،فالمرجع في الدم الخارج من المرأة الواجد للشروط العامة للحيض إحدى قاعدتين:إما العادة إن كان الدم فيها،أو الصفات إن كان في غير أيامها.
في إطلاق ذلك إشكال بل منع،لان موضوع الكلام في هذه المسألة هو ما إذا كانت عادة المرأة أقلّ من عشرة أيام و تجاوز دمها عن العادة،فإن كانت واثقة بانقطاعه قبل العشرة فهو حيض إن كان واجدا للصفة،و إلاّ فاستحاضة،و إن كانت واثقة و متأكّدة بالتجاوز عن العشرة اعتبرت ما في عادتها حيضا و الزائد عليها استحاضة و إن كان بلون الحيض،و إن لم تكن واثقة بالانقطاع و لا بعدمه فإن كان الدم بلون الاستحاضة كان استحاضة،و إن كان بلون الحيض فعندئذ يقع الكلام في وجوب الاستظهار عليها بيوم أو يومين أو ثلاثة أيام أو الى تمام العشرة،و قد دلّت على ذلك روايات كثيرة تبلغ درجة التواتر الإجمالي و لكنها مختلفة الألسنة و الجهات،و تتمثّل هذه الاختلافات في نقطتين أساسيّتين:
الأولى:في التقدير الكمّى،و هي تصنّف الى أصناف:
الأول:قد حدّد مدّة الاستظهار بيوم واحد.
الثانى:بيومين.